الاثنين، 25 نوفمبر 2013

هل "الإخوان المسلمون" ضحايا المؤسسة العسكرية في مصر؟

هل "الإخوان المسلمون" ضحايا المؤسسة العسكرية في مصر؟

نشر قيادي إخواني سابق خبرا عن نية "الإخوان المسلمون" إطلاق حملة ضد الجيش المصري اسمها "عسكر كاذبون" مشابهة لحملة حملت نفس الاسم إبان الحكم العسكري بعد الثورة المصرية. السياسيون المصريون أبدوا غضبهم من هذه الخطوة واتهموا الإخوان بالتلاعب بالشعب، فما هي أهداف جماعة "الإخوان" من هذه الحملة؟ ولماذا تحول موقفهم تجاه الجيش من النقيض للنقيض؟

 (نص)
 
 أثار خبر عن نية "الإخوان المسلمون" إطلاق حملة "عسكر كاذبون" والذي نشره القيادي السابق بالجماعة ثروت الخرباوي، على صفحته الخاصة في فيس بوك، ونشره موقع جريدة "الكرامة برس"، دهشة كبيرة في أوساط القوى السياسية المصرية التي رأت فيها استخفافا بعقول الشعب المصري الذي لم ينس حتى الآن موقف التيار الديني من القوات المسلحة المصرية المشجع والحامي والمبرر في أوقات كثيرة للانتهاكات التي ارتكبت من قبل الجيش قبل وصول الإسلاميين للسلطة في 30 يونيو/حزيران 2012.

فبعد تخلي الرئيس المصري السابق حسني مبارك عن السلطة في 11 فبراير/شباط 2011 أمسك المجلس العسكري بزمام السلطة تحت رئاسة المشير حسين طنطاوي رغم وجود إمكانية لحدوث سيناريوهات بديلة (رئيس المحكمة الدستورية هو من يتولى الرئاسة). في البداية قوبلت خطوة تولي الجيش زمام الأمور بترحاب كبير من الشارع المصري الذي أطلق شعار "الشعب والجيش يد واحدة". بيد أن توالي الأحداث بعد ذلك ومحاولة الجيش قمع كل محاولة للتغيير بدعوى أن دوره هو الحفاظ على السلطة في الفترة الانتقالية وتسليمها لحكومة جديدة أحبط كل الآمال التي عقدها عليه الشعب، إضافة لتورطه في إراقة دماء الكثير من المصريين (مذبحة ماسبيرو، أحداث محمد محمود وغيرها) وقمعه للمظاهرات المطالبة بالحرية والعدالة الاجتماعية.
سيطر المجلس العسكري على كل مفاصل الدولة بما فيها وسائل الإعلام الرسمية والتعتيم الشديد الذي فرضه المجلس على الأخبار دفع عددا من الناشطين إلى إطلاق حملة شعبية تحت اسم "عسكر كاذبون" كانت مهمتها الأساسية هي نشر الفيديوهات التي صورها أشخاص كانوا في قلب المظاهرات والاشتباكات التي وقعت مع قوات الجيش، والتي لا تستطيع أن تجد طريقها إلى وسائل الإعلام الرسمية، وعرضها على شاشات عملاقة في شوارع القاهرة والمدن الأخرى كوسيلة لتشكيل إعلام بديل وكشف الحقائق أمام الرأي العام.
ووجهت الحملة بشراسة من قبل الجيش، لكن المفاجأة كانت وقوف "الإخوان المسلمون" والتيارات الإسلامية في وجه هذه الحملة، وشن قادتهم وصحفهم ومنتدياتهم هجوما شديدا على مسؤولي الحملة
القيادي بالإخوان المسلمون عصام العريان يرفض شعار "يسقط يسقط حكم العسكر"

واتهموهم بالتخطيط لضرب الاستقرار والوقيعة بين الجيش والشعب. وهو ما زاد من هوة الاختلاف بين رفقاء الكفاح ضد نظام مبارك. واتهمت القوى السياسية المناوئة للجيش جماعة "الإخوان المسلمون" بعقد صفقة مع الجيش للاستحواذ على السلطة بعدما أعلن داعية من الإخوان أنهم لن يفتحوا ملفات فساد الجيش مقابل استلامهم السلطة
الداعية بالإخوان المسلمون صفوت حجازي يعرض على الجيش تسليم السلطة مقابل إغلاق ملفات فساد قادته


وخاصة أيضا أن الإسلاميين في هذا الوقت كانوا يسيطرون على مجلس الشعب وقاموا حتى بمعاقبة النواب الذين اعترضوا على انتهاكات الجيش
القيادي بالإخوان المسلمون ورئيس مجلس الشعب الكتاتني يطلب من النائب زياد العليمي الاعتذار لطنطاوي


حتى وأن بعضهم طالب في مرات كثيرة قوات الجيش والشرطة بفض المظاهرات والاعتصامات المناوئة للجيش
القيادي بالإخوان المسلمون عصام العريان يحيي الجيش لفضه اعتصام التحرير بالقوة


ورغم ذلك فقد لاقت الحملة نجاحا كبيرا واستطاعت الوصول إلى قلب المناطق الشعبية في القاهرة ومواطنيها الذين ينأون عادة عن المشاركة السياسية.
وبعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي – أول رئيس منتخب والعضو بجماعة "الإخوان المسلمون" – انقلبت الآية تماما وانهالت اللعنات من الجماعة وحلفائها من أحزاب الجماعات الإسلامية الأخرى على الجيش واتهموه بإفساد الحياة السياسية في البلاد. بيد أن الناشط السياسي ومؤسس حركة "كفاية" جورج إسحق لا يتفق مع هذا الرأي وقال لفرانس 24: "إن الجيش المصري مؤسسة وطنية خالصة وأن قيادته اختارت الوقوف بجانب الشعب والانصياع لإرادته في إبعاد محمد مرسي وجماعته عن الحكم بعد عام من المآسي وبعد خروجه بالملايين في الشوارع" وأضاف إسحق "على جماعة الإخوان التذكر جيدا من كان أول من باع الثورة وترك الميدان في 11 فبراير/شباط 2011 وذهب للتفاوض مع نظام مبارك ومن بعده مع المجلس العسكري بقيادة طنطاوي وعنان اللذين لقيا جزاءهما الذي يستحقان وهو الطرد على يد الرئيس مرسي بعد أن استولت الجماعة على السلطة"
الخبير في جماعات الإسلام السياسي، الباحث المغربي منتصر حمادة، يعتقد أن إعلان الإخوان عن إطلاق "عسكر كاذبون" هو نوع من الابتزاز للجيش، فالأخبار تأتي تباعا عن وجود مفاوضات سرية بين الطرفين للخروج من الأزمة وبالتالي فإن ذلك يعد ورقة مهمة في التفاوض والحصول على مكاسب وهو أمر نراه كثيرا في تاريخ الجماعة.
جورج إسحق شدد على أن الجيش المصري هو الدولة وليس النظام وأنه هو حجر الأساس للحفاظ على مصر ولهذا يجب وضع هذا الاختلاف في الاعتبار، وحمّل الانتهاكات التي قام بها الجيش قبل ذلك للقيادات القديمة وحيا موقف القيادات الجديدة في اتخاذها موقفا مساندا للشعب.
إلا أن حمادة يرى أن الإخوان المسلمون ارتكبوا أخطاء قاتلة ولم يتعلموا من النموذج النهضوي في تونس ولا من حكمة راشد الغنوشي، فالإخوان في مصر حاولوا تطبيق مشروع "التمكين" وحاولوا السيطرة على مفاصل الدولة عن طريق "أخونتها" ما استعدى عليهم عددا من القوى الإقليمية كدول الخليج التي رأت في نجاح العلاقة الإستراتيجية بين "الإخوان" والولايات المتحدة خطرا مستقبليا على استقرار عروشها، كما استعدى أيضا الجيش المصري والقوى الأمنية عليها فاستغلت الهبة الشعبية في التخلص من "الإخوان المسلمون".
أحد النشطاء في حركة "عسكر كاذبون" ، محمد نشأت، أبدى في مدونته استياءه من استغلال الإخوان لاسم الحركة في صراعها السياسي مع الجيش ووجه رسالة قوية لأفراد الجماعة قائلا: "بصدق .. عندما تنطقها (يسقط حكم العسكر) أجده امتهانا لكلمة مات هاتفا بها الشيخ عماد عفت وعلاء عبد الهادي [ضحايا سقطوا في المواجهات مع الجيش- فريق التحرير] وانتهك في سبيلها عرض فتيات مصر، فقل غيرها .. ناد بالشرعية أو بما شئت .. لكن لا تنطقها فهي أشرف منك. وعندما تطلق اليوم على معارضيك أنهم عبيد البيادة فلا عجب .. فأفصح ما تكون العاهرة إن تحدثت عن الشرف. فاختفِ من وجهي .. رجاء"

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق