أنا مسلم من مواليد 1965م من بلاد الشام ، وواحد من عامّة المسلمين لا من خاصّتهم ، وأحد فقراء هؤلاء العامّة لا من أغنيائهم - والحمد لله على ذلك كله حمداً كثيراً طيّباً مباركاً فيه - 0
بدأتُ قصّتي مع الإلتزام بالإسلام بشكل واضح قولاً وعملاً قبل عشرين عاماً تقريباً ، وكنتُ خلال هذه السنوات أتابع بشغف ما يجري على الساحة الإسلامية من أحداث مؤلمة وعصيبة ، فيسوؤني كثيراً حال المسلمين المزري للغاية ، وأشفق على أمّة الإسلام وأرثي لحالها وأدعوا لها الله أن يفرّج عنها ويؤيّدها بنصر قريب عاجل من عنده إنه سميع مجيب ، وكثيراً ما كنتُ أحدّث نفسي بأنه لا بدّ لي من فعل شيء ما إزاء ما يجري لأمّتي ، وبدأتُ أنظر حولي وأُجرّب ما يمكن فعله من خلال بعض الفرَق والجماعات الإسلامية المتواجدة على الساحة الإسلامية ، إلى أن صُدمت بواقع هذه الفرَق والجماعات المزري للغاية أيضاً ، وانتهى الأمر بي أن بدأتُ منذ خمس سنوات تقريباً بالبحث الجادّ في كتاب الله وسنّة رسوله صلى الله عليه وسلم عن مخرج لأمّة الإسلام ممّا هي فيه ، واستعنتُ بالله على أمري هذا وقد أصبح شغلي الشاغل وهمّي الوحيد ،وقويت علاقتي بربي إلى حدّ بعيد ، وأشعرني بتأييده لي بقوة طيلة هذه السنوات ، بما يسّره لي من أمر في هذا الطريق ورزقني من حيث لا أحتسب ، رغم ضعف قوّتي وقلّة حيلتي وشبه انقطاع الأسباب وجفاء الأهل والأصحاب ، وبما أكرمني به في منامي من رؤى صالحة ومبشّرات قوّت من عزيمتي لمواصلة السير في هذا الطريق ، والحمد لله الذي له الأمر كله من قبل ومن بعد 0
وبعد أن وصلتُ إلى نهاية طريق البحث والدراسة وبداية طريق العمل والتنفيذ ، ترددتُ قليلاً فالأمر جدّ خطير والأمانة عظيمة والطريق موحش وطويل ، ثمّ لم ألبث طويلاً - وقد استعنتُ بالله العظيم وتوكلتُ عليه وحده - حتى يسّر الله لي أمر البدء في هذا الطريق في شهر ” رمضان “الفائت لسنة 1430 هجرية ، إذ قمتُ بفتح مدوّنة لي على ” الإنترنت “أبيّن فيها حقيقة دعوتي إلى الله ، وقد باشرتُ بالفعل البدء بهذه الدعوة إلى الله على ” الإنترنت “ ، من خلال المشاركة في العديد من المنتديات الإسلامية الطيّبة المباركة إن شاء الله
وعلى الله قصد السبيل
* * *
العبد الفقير إلى الله تعالى
بشير بن عبدالله الكسجي
الأول من محرّم لسنة 1431 للهجرة
بسم الله الرحمن الرحيم
الغاية العظمى والمقصد العظيم
- الهداية إلى الصراط المستقيم والإيمان بـ ” لا إله إلاّ الله ” -
لقد أنزل الله سبحانه وتعالى القرآن الكريم على عبده ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم من أجل هداية الناس جميعاً إلى صراط الله العزيز الحميد ، وإخراج الناس كافّة من ظلمات الشرك وعبادة الطاغوتإلى نور الإيمان بـ ” لا إله إلاّ الله ” وعبادة الله وحده لا شريكله 0
ومن أجل هذه الغاية العظمى بعَث الله نبيّنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم رحمةً للعالمين وأرسله للناس كافّة بشيراً ونذيرا 0
فحين فهم المسلمون الأوائل هذا المقصد العظيم من رسالة الإسلام ، وأنّ هذا بعينه هو المقصد العظيم من خلقهم بشَراً وأُناسا ، نزَلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة ، وغمَرت قلوبهم الهداية وعمَرها الإيمان ، ولهَجت ألسنتهم بالشكر والإمتنان للملك الديّان ، وفاضت أعينهم من الدمع ممّا عرَفوا من الحقّ ، وتسامَت نفوسهم على نفوس سائر البشَر بهَوان الدنيا عليهم وبَيعها بدين الله العظيم وبذل المُهَج والأرواح في سبيل نُصرته في العالمين 0
وانطلقوا بهذا الذي في صدورهم في الأرض فاتحين لنشر دين ربّهم وهداية الناس أجمعين إلى الصراط المستقيم ، فأعزّهم الله تعالى ونصرهم في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد ، كما حصل مع الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه الغرّ الميامين الكرام وتابعيهم بإحسان على مرّ عصور أمّة الإسلام 0
ولكن حين زاغ المسلمون اليوم واستَعصى عليهم الفهم لهذا المقصد العظيم من رسالة الإسلام ومن القرآن الكريم ، أزاغ الله قلوبهم وصرَفها إلى مقاصد شتّى ما أنزل الله بها من سلطان ، فهجروا كتاب ربّهم العظيم وإن تعاهدوه ، وتنكّبوه ولم يتدبّروه وإن رتّلوه ، وعطّلوا العمل بأحكامه وتشريعاته وإن عظّموه ، فأذلّهم الله تعالى ومزّقهم كلّ مُمزّق وسلّط عليهم أعداءهم
من كلّ حدَب ينسلون ، ولعذاب الآخرة أكبر لو كانوا يعلمون 0
فهذه كانت مقارنة بسيطة بين المسلمين الأوائل وبين المسلمين هذه الأيام ، من حيث فهم كلٍّ منهما للغاية العظمى التي من أجلها كانت البعثة النبوية الشريفة وكان القرآن الكريم وكان الإنسان المسلم وكانت رسالة الإسلام 0 فشتّان بين من باعوا دنياهم بدينهم مقابل جَنّة عرضها السماوات والأرض أُعدّت للمتقين وبين من باعوا دينهم بدنياهم بل بدنيا غيرهم مقابل شهوات الغيّ في بطونهم ومُضلاّت الهوى والمُجون ، وشتّان ما بين المقصد العظيم الذي فهموه آنذاك وبين ما نحن عليه الآن من فهمٍ سقيمٍ عقيم لديننا الحنيف وقرآننا الخالد ورسالتنا السامية ، حين طفق إسلاميّونا قبل علمانيّونا اليوم يستوردون لنا الأفهام الجاهزة والمُعلّبة لديننا وقرآننا ورسالتنا من سلّة العلوم والمعارف اللادينية الأجنبية مدّعين أنها عَين الغاية العظمى والمقصد العظيم من دين الإسلام والقرآن الكريم 0
ولا عجَب أن يستَورد المسلمون اليوم فهمهم لدينهم وقرآنهم ورسالتهم من النصارى الغربيين واليهود الغاصبين كما يستَوردون منهم سائر أنواع الأجهزة والمُعدّات والأطعمة والملبوسات وغيرها ما داموا يتّبعونهم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جُحر ضبّ لتبعوهم فيه كما أخبر بذلك الصادق المصدوق نبيّنا المعصوم محمد صلوات الله وسلامه عليه في الحديث النبوي الشريف ( فعَن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : لتتّبعن سنَن من كان قبلكم شبراً شبراً وذراعاً ذراعاً ، حتى لو دخلوا جُحر ضبّ تبعتموهم 0 قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى 0 قال : فمَن)- أي فمَن غيرهم - رواه الشيخان0 فلا عجَب إذاً ممّا نراه اليوم من تقسيم العالم الإسلامي إلى كيانات علمانية هشّة هزيلة لا تمُتّ إلى دين الإسلام والقرآن الكريم بصِلة وتابعة للغرب النصراني والغاصب اليهودي قلباً وقالباً 0
ولا عجَب أن يُقسّم كلّ مجتمع في كلّ كيان من هذه الكيانات العلمانية الهشّة والهزيلة إلى مسلمين إسلاميين ومسلمين علمانيين ، ولا عجَب أن يُقسّم كلٌّ من الإسلاميين والعلمانيين إلى فرَق وطوائف وفصائل وأحزاب متعدّدة وكثيرة ذات أفهام سقيمة وتطلّعات عقيمة ، ومتنازعة ومتناحرة فيما بينها
فهذا - للأسف الشديد - هو غَيض من فَيض الواقع المأساوي والمُزري للغاية لحال المسلمين وأمّة الإسلام اليوم 0
فماذا أعدّ المسلمون اليوم لإنقاذ أنفسهم وأمّتهم من هذا الفساد والدّمار والخراب في الحياة الدنيا وللنجاة من عذاب النار الأليم والفوز برضوان ربّ العالمين في الآخرة ؟!!!
فهَلاّ رجع المسلمون اليوم إلى فهم المسلمين الأوائل للغاية العظمى والمقصد العظيم من دينهم الحنيف ورسالتهم الخالدة وقرآنهم الكريم ؟!!!
- أي إلى الهداية إلى الصراط المستقيم والإيمان بـ ” لا إله إلاّ الله ” -
فهذه الغاية العظمى وهذا المقصد العظيم - إذا هم اليوم وعوه وتفهّموه -هو سرّ فلاحهم ومفتاح نجاحهم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ، ولمثل هذا فلْيعمل العاملون 0
ذلك من قبل أن يلقوا ربّهم يوم الجزاء فلا يملكوا حينئذٍ إلاّ أن يقولوا : ” لو كنّا نسمع أو نعقل ما كنّا في أصحاب السّعير “ 0
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق