الخميس، 27 فبراير 2014

الحرم الإبراهيمي.. عشرون عامًا تمر على دماء لم تجف

عشرون عامًا تمر على مذبحة الحرم الابراهيمي
 
عشرون عاما على ذكرى
عشرون عاما على ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي
اليوم تمر عشرون عاما على ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي التي راحت ضحيتها دماء زكية ساجدة لربها فجر يوم من أيام رمضان على يد أحد متطرفي الكيان الإسرائيلي. هذا الكيان الذي ما انفك يدعي الديمقراطية ويتشدق بحقوق الإنسان يسقط في قاع الخسة والنذالة.
في تلك الذكرى يصبح الاقتراب من ذلك المجتمع لسبر غور ماهية وآليات إفراز أمثال جولشتاين أمرا بالغ الأهمية خاصة بعد أن أعلن الكنيست نيته بحث مشروع قرار خاص بفرض السيادة الإسرائيلية على المسجد الأقصى، الأسبوع المقبل.
حيث تقدم عدد من الحاخامات ورؤساء المدارس الدينية بطلب بفرض السيادة الإسرائيلية على جبل الهيكل "باحة الحرم القدسي" من خلال التماس تقدموا به للكنيست مطلع الأسبوع الجاري.
من هنا يصبح مستقبل فلسطينيو 48 مرهونا بالمزاج العام لمجتمع تبزغ نبتة الكراهية من أراضيه سواء الثقافية أو الاجتماعية أو حتي التنظيمية، يصبح تكرر مثل هذا الحادث أمرا عاديا.

*الادب كمحرض علي العنف

لم يسلم أدب الطفل
لم يسلم أدب الطفل من عملية بث أفكار عنصرية تجاه العرب
كان للأدب دور بارز في تبرير نشأة الدولة بشكل غير مسبوق تاريخيا بدرجة لم يقم بها أدب غيره من قبل من عملية تزوير للحقائق التاريخية والجغرافية والتضليل. جاء ذلك عبر تعبئة اليهودي بكل مشاعر الحقد والاحتقار للآخرين غير اليهود باعتبارهم من جنس أقل.
ويظهر هذا أيضا عبر تزوير التاريخ والمشاعر ونشر الخرافات والأساطير، حيث يستحيل إجراء تحليل نقدي لأي قطعة أدبية عبرية دون ملاحظات درجة تشابكها مع البناء الأيديولوجي الصهيوني أو إحدى الظواهر الاجتماعية الواقعة تحت سيطرته و قدراته علي الضبط.
لقد قام الأدب العبري الذي استمد معطيات وجوده ومقوماته من أساليب وموضوعات مشتقة من الفكر الصهيوني، وتمثلت أداته في الحركة الصهيونية التي ظهرت على يد كتاب مثل هرتزل وجابوتنسكي، هذا الأدب قام بمهمته على أكمل وجه، فكان رأس الحربة في معركة طويلة بدأت منذ عقود، وما زالت مستمرة تحارب على جبهات متعددة تنطوي على متناقضات لا سبيل لحصرها.
والغريب أنها قامت على أكاذيب تحولت مع الزمن إلى أمر واقع، رغم الفراغ الكلي الذي اكتنف جميع المقولات والمفاهيم التي تشكلت على أساسها قاعدة الادعاءات اليهودية الصهيونية. فأدى ذلك إلى نتائج في منتهى الخطورة كان من أهمها عملية غسل دماغ جماعي في كثير من دول العالم، ما برر أفعال عدوانية مثل حادث الحرم الإبراهيمي وغيرها الكثير، راح ضحيتها المئات والآلاف من المسلمين والعرب، نتيجة للتقسيم العنصري للجنس البشري.
أهم هذه الأكاذيب نظرية الاختيار الإلهي التي أسفرت عن تكوين صورة سلبية للآخر غير اليهودي "الأغيار" تصل في قمتها التعبير عن الرغبة في دماره وإبادته "اقتل العربي فدمه يقربك من الرب"، "احرص على أن تطهر أرض آبائك بإخراج العرب الأنجاس"، تحقيقا للخلاص الإلهي الذي وعد به الرب تابعيه، وتدمير شامل لأعداء الرب وهم العرب والمسلمون.
في لحظة تاريخية انتقل الفكر الصهيوني بأكاذيبه إلى الأدب اليهودي بجميع أشكاله، سواء شعر أو قصة أو رواية أو مسرحية، من أجل الهجرة إلى فلسطين، واعتبار الحرب وقتل العرب عملاً مقدسا إلى حد التعامل مع شخصيات مثل جولدشتاين باعتبارهم قديسين وتمجيدهم في أعمال أدبية.
أيضا لم يسلم أدب الطفل من عملية بث أفكار عنصرية تجاه العرب، فقد حمل كل ملامح التحريض ضد العرب، ثم تناول صورة خاصة بالبطل الصهيوني وحصر شخصية العربي في مواقف تتسم بالعنصرية والعرقية، حتى بعد اتفاقيات السلام.
فقد صيغت الأفكار العنصرية العدائية في الكتب المدرسية، سواء في الأدب أو مواد التاريخ ومن أهم تلك القصص المحرضة على العرب قصة "الأمير والقمر"، وهي من قصص الأطفال للقاص "يوري إيفانز"، حيث تعرض لفتاة تسأل عمن سرق القمر فيجيبها البطل أن العرب سرقوا القمر وعلقوه زينة على حوائط بيوتهم، وعندما سألته عما يفعله اليهود بالقمر أجاب: نحن نحوله إلى مصابيح صغيرة تضيء أرض إسرائيل كلها، ومنذ ذلك الوقت والصغيرة تحلم بالقمر وتكره العرب سارقي الحلم.
هناك أيضا العديد من القصص التي تدرس للأطفال في سنوات الدراسة الأولى، ما يصبح ظهور أمثال جولدشتاين أمرا طبيعيا، مثل قصة "فتيان بريوحاي" و"قيثارة داوود"، حيث يقول الكاتب عن العرب "إنهم قتلة سفاحون وحيوانات مفترسة".
 *جولدشتاين الطبيب قاتل العرب
كان يوم الـ25 من
كان يوم الـ25 من فبراير 1994، اليوم الفصل في حياة جولدشتاين، حيث تحول في المنظور الصهيوني إلى قديس
"هناك وقت للفحص والعلاج بالعيادة وهناك وقت للقتل"، هذا ما أمن به الطبيب باروخ جولدشتاين المتخصص في العلاج الطبيعي، والذي ولد بالولايات المتحدة الأمريكية في ديسمبر 1956 لأسرة يهودية أرثوذكسية متشددة، درس الطب بمعهد "ألبرت أينشتاين" التابع لجامعة يشيفا، وهي جامعة يهودية خاصة.
كان جولدشتاين متعاطفًا مع التيار المتشدد للصهيونية الدينية، وكان عضوا في رابطة الدفاع اليهودية التي أسسها الحاخام "مائير كاهانا" بالولايات المتحدة الأمريكية، وظل جولدشتاين مرتبطا بكاهانا حتى بعد هجرتهما لإسرائيل حيث أسس كاهانا حركة "كاخ" المتشددة وانضم جولدشتاين، تلميذ كاهانا، إلى الجيش الإسرائيلي، حيث اشتهر برفضه تطبيب غير اليهود، حتى هؤلاء العاملين بالجيش، الأمر الذي عرضه للمحاكمة العسكرية، فجاءت أقواله لتؤكد أنه لا يؤمن إلا بالسلطتين الدينيتين "مائير كاهانا" و"موشيه بن ميمون"، واستقر في مستوطنة "كريات إربع" بعد إنهائه خدمته العسكرية وعمل طبيبا.
و"كاخ" اسم جماعة صهيونية سياسية إرهابية شعارها "يد تمسك بالتوراة وأخرى بالسيف" وكتب تحتها كلمة "كاخ" بالعبرية، ما يعنى أن العنف المسلح هو السبيل لتحقيق الآمال الصهيونية الدينية، وكان توجهها السياسي "مشيحاني" يؤمن بأن "خلاص الشعب اليهودي المقدَّس وشيك ولكنه لن يتحقق إلا بضم المناطق المحتلة وإزالة كل عبادة غريبة من جبل الهيكل (الحرم الإبراهيمي والمسجد الأقصى) وإجلاء جميع أعداء اليهود عن أرض فلسطين".
فكاخ ترى أن اليهودية "دين بطش وقوة"، وكان كاهانا يرى أن الجيش الإسرائيلي أخطأ في عام 1967 عندما لم يهدم مسجدي قبة الصخرة، والأقصى، حيث اعتبرت كاخ وتابعيها أن المسلمين هم الأعداء الأُوّل لليهود.
كان يوم الـ25 من فبراير 1994، اليوم الفصل في حياة جولدشتاين، حيث تحول في المنظور الصهيوني إلى قديس، صادف ذلك اليوم عيد "هابوريم" اليهودي، وقرر جولدشتاين أن يحتفل بالعيد على طريقته الخاصة، ففبراير 1994 كان يقابل شهر رمضان، وبينما تسابق المسلمون لصلاة الفجر بالمسجد الأقصى الشريف، كان جولدشتين يتأهب للاحتفال بعيده مخضبا طقوسه بدماء المسلمين تقربا منه إلى الرب، كما يعتقد المتشددون اليهود.
وانتظر حتى استقام المصلون في صفوف صلاتهم وما أن بدؤوا سجدتهم الأولى، فتح جولدشتاين رشاشه الآلي على المصلين ليحصد نحو ستين روحا متقربا بها لربه مؤمنا خاضعا متمنيا رضاه، ويصيب أكثر من مئة، وظل جولدشتين منتشيا بصوت الطلقات المجلجلة مع صمت الفجر، حتى نفدت ذخيرته ليفيق على هجوم من بقوا في المسجد ينهالون عليه ضربا بطفايات الحريق حتى لقي مصرعه.
كان جولدشتاين قبل ذلك بأيام قد صرح قائلا "إننا نغش أنفسنا عندما نفكر بإمكانية التعايش مع العرب"، وحذرت زوجته عبر الصحف من نيته الإقدام على الجريمة"، إلا أن أحدا لم ينصت للزوج ولم يستعد لكبح القاتل المؤمن، حتى إنه ومع سماع الشرطة والجيش الإسرائيليين والذين يخضعان الحرم القدسي بحراسة مشددة لم تعترض جولدشتاين ورشاشه، ولم تتدخل لإيقافه، بل وكشفت تحقيقات الحادث تورط جنود الأمن في الحادث من خلال موافقتهم الصامتة بعدم تدخلهم وعدم منعه، و الأنكى من ذلك أنه كان مرتبطا بعمل رجال الإسعاف الذين رفضوا إسعاف المصابين، ما زاد من عدد القتلى، كما قالت منظمة "أطباء بلا حدود".
أصبح جولدشتاين قديسا إثر عملية القتل المقدسة ضد المسلمين، وأصبح قبره مزارا دينيا يقصده اليهود للتبرك، فلقد كان عيد "هابوريم" يرمز كما يعتقد اليهود إلى انتقام أمتهم من أعدائهم الانتقام الأعظم، وها هو جولدشتاين قد فعل، وجلب السعادة لقلوب كل المؤمنين.
كانت جنازة القديس جولدشتاين جنازة مهيبة، حيث أشرفت الحكومة الإسرائيلية على تنظيمها وإتمامها، وتحت الإدارة المباشرة لرئيس إسرائيل آنذاك "عزرا وايزمان" إكراما له ولفعلته المقدسة الجليلة، حيث شيع الجنازة أكثر من ألف شخص من الصهاينة المعجبين المتحمسين بفعلته، مرددين "يا له من بطل"، "يا له من رجل صالح"، "لقد فعل ذلك نيابة عنا جميعًا"، وأشعل أحدهم الهتاف "الشهيد باروخ هو شفيعنا في الفردوس"، كما رددوا أن "لن يرث اليهود أرضهم الموعودة من خلال السلام، ولكن فقط بإراقة دماء أعدائنا"، شهد هذه الهتافات الجيش والشرطة، والشرطة السرية الذين شيعوا جولدشتاين معهم حاملين خطاهم، فلقد فعلها المدني لا العسكري، فلا شك أنه الأتقى والأكثر إيمانا، ويتمتع قبر جولدشتاين بحرس شرف حيث أصبح مكانا يحج إليه.
 *الصحف الاسرائيلية تمجد جولدشتاين
جولدشتاين لم يتوقع
جولدشتاين لم يتوقع ان يخلد اسمه في التاريخ اليهودي
عندما أقدم جولدشتاين عام 1994 على الدخول إلى مسجد الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل أثناء صلاة الفجر وقام بإطلاق النار على المصلين، وسقط يومها 29 شهيداً وأكثر من 100 جريح لم يكن يتوقع ان يخلد اسمه في التاريخ اليهودي.
وهو ما حدث حيث أثارت هذه المذبحة الرأي العام العالمي، مما جعل إسرائيل تسارع لدرء التهمة والتذرع بأنه كان "مختل عقليا" وقدمت تعويضات لأهالي الضحايا. واستطاعت إسرائيل أن تطوي صفحة هذه الحادثة بذكاء وسرعة، وساعدها في أن باقي المصلين انقضوا على السفاح وفتكوا به.
في أعقاب المذبحة، اعتلت صور "جولدشتاين" حوائط أحياء القدس الغربية، حيث يسكن اليهود المتشددين دينيا، هذه الصور وصفت جولدشتاين "بالقديس " و"بعضها تشكى من عدم قتله المزيد من العرب" بينما أطفال المستوطنين الذين جاؤوا للتظاهر في القدس حملوا لافتات كتب عليها: "الدكتور جولدشتاين عالج مرض إسرائيل" قاصدين قتلى العرب.
كما أقيمت العديد من الحفلات الغنائية تضامنا مع السفاح وأفعاله، ودعمه الإعلام الإسرائيلي عالمياً بشكل أو بآخر، حيث لم يتم التشهير بمثل هذه الأفعال، كما لم يعترض السياسيون الإسرائيليون عليها.
حتى إن رئيس إسرائيل وقتها "عزرا وايزمان" وقف بجانب مطالب المستوطنين في مستوطنة "كريات عربة" - حيث كان يعيش "جولدشتاين" - بعمل جنازة تليق بهذا "البطل" و"الرجل القديس" بحسب وصفهم. كما تم وضع تمثال من حرس الشرف علي قبره كالحرس على قبور الجنود المجهولين أو الشخصيات الكبيرة، وتحول قبره إلى مزار لكثير من المتشددين اليهود.
وعن جنازته، قالت صحيفة "يديعوت أحرونوت" وقتها أن جنازته، التي حضرها الآلاف من اليهود من كل أنحاء إسرائيل، تحولت لتظاهرة منددة بكل من اعترض على أفعال "جولدشتاين" وكل من أدان هذه المذبحة، وأوردت بعض الهتافات التي ترددت وقتها مثل "الموت للعرب".
أيضا خطب التأبين التي ألقاها العديد من الحاخامات، من بينهم الحاخام "إسرائيل أريل" والتي قال فيها أن " اليهود لن يرثوا الأرض باتفاقيات السلام ولكن بإراقة الدماء".
وبرغم مرور عقدين على مقتل السفاح، إلا أن الأفكار مازالت مترسخة في الوجدان الإسرائيلي، فقد نشرت صحيفة "هآرتس" تقريراً عن تزايد ظاهرة الاعتداء على المواطنين العرب من قبل حركة "تاج ماحير" أو "دفع الثمن" العنصرية، حيث اتخذت تلك الجماعة من "جولدشتاين" أيقونة لهم لمواصلة أعمال العنف ضد العرب.
أضفت الصحافة الإسرائيلية علي السفاح "جولدشتاين" صفة البطولة، فيما منحته الأوساط الدينية صفة "القدسية"، التفوا علي الحقيقة زاعمين انه عاني من اضطرابات نفسية كي لا يلصقوا تلك المجزرة بتاريخهم الطويل من القتل والطغيان، وقام حاخامات إسرائيل بمتجيده، آملين أن يصنعوا من بعده المئات ، بل الآلاف، من "جولدشتاين" حتي يبيدوا الفلسطينيين من ديارهم.

*الصحف الإسرائيلية اليوم: العرب ينكرون أفضال الدولة اليهودية عليهم

ذكرى مذبحة الحرم
ذكرى مذبحة الحرم الإبراهيمي
اعتبرت صحيفة "يديعوت آحرونوت" أن تناول الإعلام الفلسطيني والعربي للذكرى العشرين على مذبحة الحرم القدسي التي قام بها "باروخ جولدشتاين" إنكار لأفضال إسرائيل عليهم، حيث قال الكاتب الصحفي "الياكيم هاتسني"، محامي سابق وناشط يهودي ومستوطن بمستوطنة "كريات اربع" التي ينتمي إليها كل من القاتل جولدشتاين ومعلمه الحاخام "مائير كاهانا": إن العرب يهاجمون الإسرائيليين بالخليل ويحرقون ممتلكاتهم ثم يعلنون الإضرابات ويشعلون الانتفاضات.
وقال المستوطن الناشط دينيا: إن رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" وهب السلطة الفلسطينية 90% من الخليل، واحتفظ بـ10% حيث تقع مستوطنة "كريات اربع"، بشرقي الخليل، تاركًا السلطة المدنية والبلدية للسلطة الفلسطينية، والأمنية للجيش الإسرائيلي.
وادعى هاتسني في مقالة بالصحيفة الإسرائيلية أن عشرات الفلسطينيين يزورون نواب الكنيست مطالبين بعقد لقاء مع نتنياهو ليطلبوا منه عدم تسليم الخليل للسلطة الفلسطينية بسبب معاملة سلطة فتح الغاشمة.
وأشار الى التقارير الأخيرة حول اضطرابات الخليل والتي أثبتت مشاركة نشطاء من خارج الخليل، وتساءل الكاتب عن هوية هؤلاء الغرباء ولحساب من يعملون؟ وما هي القوى المعادية التي يخدمونها؟ والسؤال الرئيسي هو كم عدد نشطاء الخليل الذين تسببوا في الاضطرابات؟.
ثم أشار الى العمال الفلسطينيين الذين يتحصلون أرزاقهم من العمل بمستوطنة كريات اربع، والمستوطنات اليهودية الأخرى القريبة من بلداتهم، متسائلاً إن كان منهم مشارك في اضطرابات الخليل؟
واعتبر هاتسني أن العرب شفافون لدرجة أن اليهود لا يرونهم أو يحسون بوجودهم، ونعاملهم كأنهم منا، مضيفًا أن من يطالبون بدولة يأكلون من أُكفنا ثم يعضونها، فالفلسطينيون يستمدون الماء والغاز والكهرباء والعمل والعلم الفني والتقني وخدمات الموانئ والخدمة الطبية والحماية والأمن، هذا بالإضافة الى أنهم محتاجون للشركات الإسرائيلية لبناء مدينة روابي.

*الحرم الإبراهيمي في العقيدة الصهيونية

الحاخام اليهودي مائير
الحاخام اليهودي مائير كاهانا
"من بين اللهب والرماد، برزت الدولة اليهودية، ليس لأننا تسببنا في ذلك، لكن لأن الرب قرر أن يوزع غضبه وعقابه على العالم الذي احتقر الرب، فإسرائيل ليست كيانا سياسيا، بل خلقت دينية، وليس هناك قوة في العالم تستطيع الوقوف بوجه هذه الدولة أو تدميرها، لأن ذلك سيكون بداية لغضب الرب ومدعاة لانتقامه من شعوب الأمم التي تجاهلت وجوده واحتقرته"، هذا ما قاله الحاخام "مائير كاهانا" بكتابه "أربعون عامًا " مشددا على ضرورة يهودية الدولة القائمة على التوراة، ويحكمها الحاخامات، فهناك قانون وحيد هو قانون التوراة".
مائير كاهانا هو الأب الروحي ومعلم القاتل الارهابي "باروخ جولدشتاين" والذي يعتبر في اوساط اسرائيلية عريضة بطل مجزرة "الحرم الإبراهيمي" 25 فبراير1994 والتي بسببها اعتبر قديسا، وأصبح قبره مزارا دينيا للتبرك.
استهدفت عملية جولدشتاين مصلي فجر رمضان الذي صادف عيد "هابوريم" اليهودي، ليكلل لليهود عيدهم بدماء المسلمين التي سالت على "جبل الهيكل الذي احتله المسلمون ليبنوا عليه مساجدهم لتدنيس مكان هيكل سليمان"، هذا ما يعتقد أتباع اليهودية الأرثوذكسية المتطرفة، بل وما يعتقد أيضا اتباع المسيحية الصهيونية المتطرفة، فلقد مثلت عملية جولدشتاين في الوعي الصهيوني العام شكلًا من اشكال المقاومة اليهودية ضد الاحتلال الاسلامي لموقع مقدساتهم.
وعملية جولدشتاين لم تكن آخر عمليات القتل اليهودي المقدس، كما أنها لم تكن الأولى، فلقد أقام الحاخام الأكبر "شلومو بن غوريون" شعائر أول صلاة لليهود أمام حائط المبكى "حائط البراق"، معلنا في ختامها ان "حلم الاجيال اليهودية قد تحقق فالقدس لليهود ولن يتراجعوا عنها وانها عاصمتهم الأبدية"، كان ذلك يوم 8 يونيو1967، أي بعد ثلاث أيام من الهجوم الإسرائيلي المعروف بـ"النكسة" واحتلال شرق القدس .
في أعقاب ذلك ولدت منظمات صهيونية معلنة ان هدفها هو العمل على "إعادة بناء الهيكل، بعد هدم المسجد الأقصى"، كان أبرزها جماعة " أمناء جبل الهيكل"، والتي يتزعمها "غرشون سلومون"، استاذ الدراسات الشرق أوسطية وتاريخ الحركة القومية الكردية، ومقر الجماعة الرئيسي بالقدس، ولها فرعاً بالولايات المتحدة الأمريكية، يقدم من خلاله اتباع الصهيونية مسيحيون ويهود الدعم المالي .
أقسم أعضاء الجماعة عند تأسيسها على "شنّ الحرب المقدسة لتحرير جبل الهيكل، وبناء الهيكل الثالث مكان المقدسات الإسلامية، يقصد مسجدي الأقصى وقبة الصخرة والحرم الإبراهيمي، بعد تفكيك احجارها وإعادتها لمكّة"، كما انهم يؤمنون استنادا للعهد القديم بضرورة عودة كل يهود العالم لإسرائيل، وقيام دولة اسرائيل على كامل الأرض التي وعدها الرب لإبراهيم واسحاق ويعقوب، و بناء الهيكل الثالث، تمهيدا لمجيء المسيح بن داود وخلاص شعب إسرائيل .
تعتبر الجماعة أن إعلان قيام دولة إسرائيل هو أحد الشروط التي تحققت، وأن عليهم السعي لتحقيق بناء الهيكل الثالث من "تحرير جبل الهيكل من الاحتلال العربي الإسلامي، لإعادة تشييد الهيكل، وإقامة إسرائيل التوراتية "من الفرات إلى النيل".
جدير بالذكر أن الصهيونية المسيحية سابقة على الصهيونية اليهودية، وكانت معظم الجماعات التي قامت بهدف بناء الهيكل الثالث على الحرم الإبراهيمي مدعومة من جماعات مسيحية صهيونية امريكية، والتي تفوق تطلعاتها الى بناء الهيكل تطلعات اليهود انفسهم.
فلقد تقدمت مؤسسة ماسونية أمريكية بطلب للمحكمة الشرعية الإسلامية للموافقة على بناء الهيكل بمنطقة الحرم بكلفة مئة مليون دولار، جاء ذلك متزامنا مع عرض المواطن الأمريكي "غرايدي تيدي" للمجلس البلدي بالقدس، لجمع مئة مليون دولار من أمريكا لبناء هيكل سليمان إلى جانب مسجد قبة الصخرة.
وفي العام 1983 أعلنت كل من إسرائيل وأمريكا عن حركة "كيرن هار هابايت" ومهمتها إعادة بناء الهيكل في موقع المسجد الأقصى المبارك، بالتزامن مع حملة لليهود الأمريكيين لتمويل البناء الهيكل.
وإلى جانب "كيرن هارهابايت" توجد منظمات أمريكية عديدة تعمل من أجل بناء الهيكل، مثل "المخلصون للهيكل"، و"حركة مخلصي الهيكل" التي لها فروع بأمريكا وإسرائيل عملت على انشاء تصاميم افتراضية كاملة للهيكل الثالث وتنهال عليها التبرعات لتنفيذ المشروع، وهناك أيضا "مؤسسة جبل الهيكل" والتي أنشأها "تيري ريزينهوفر" 1996 بواشنطن والتي أعلنت أنها جمعت ما يكفي لتحقيق النبوءة التوراتية بناء الهيكل الثالث.
وذكرت صحيفة دافار الإسرائيلية أن "مؤسسة جبل الهيكل المسيحية الأمريكية جمعت عشرة ملايين دولار لبناء المستوطنات وشراء الأراضي من الأوقاف الإسلامية، وكان ريزنهوفر مشاركا في تنظيم حملة 1983 للاحتجاج على القبض على المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في مؤامرة ضد المسجد الأقصى، وتبرع بتكاليف الدفاع عنهم، ويعمل الثري ريزينهوفر بتجارة الأراضي وحقول النفط، الأمر الذي جعله يتبرع بمبالغ ضخمة لـ"منظمة الهيكل المقدس اليهودية".
في هذا السياق العنصري المقدس لا تكون الهجمات الصهيونية على المقدسات الاسلامية في الحرم القدسي مجرمة إلا من طرف العرب المحتلين، أو المسلمين الإرهابيين، ففي العام 1969 أحرق الاسترالي "مايكل روهان" المسجد الأقصى، وفي 1983 حاول الفرنسي البروتستانتي "دان بيري" نسف المسجد الأقصى، معلنا اصراره على انه سينفذ هدفه يوما ما، ومشددا على مقولة "مائير كاهانا" مؤسس حركة كاخ اليمينية الصهيونية المتشددة، أن "الجيش الإسرائيلي أخطأ عندما لم يهدم المقدسات الإسلامية على جبل الهيكل في العام 1967، وتسليم حجارتها لمكة".
وحذر "أمنون ريمون" الباحث بمعهد القدس للدراسات من قيام جماعات مسيحية متطرفة بمحاولات هدم المسجد الأقصى في ذكرى الألفية الثانية لميلاد المسيح، موضحا "إنهم يؤمنون بأن شروط عودة المسيح، هي إقامة مملكة يهودا وبناء الهيكل، لذا فهم على استعداد لمساعدة الشعب اليهودي على هدم المساجد في الحرم القدسي".
ويعتبر أعضاء تلك الجماعات انهم متلقو وحي الرب وارادته، فيقول "آشير كوفمان" أستاذ فيزياء أنه أعد مخططا متكاملا لبناء الهيكل من دون المس بالمساجد، وعندما سئل عن كيفية تحقيق ذلك، قال إن "المشروع قابل للتنفيذ لأن هذه إرادة الرب"، كما قال "دوجلاس كرايجر" زعيم "مؤسسة الهيكل" الأمريكية "إن عودة اليهود لجبل الهيكل جزء من مخطط إلهي لن يستطيع المسلمون مقاومته أبدًا".
ولكن لا تقتصر هذه الأهداف على الجماعات والمنظمات الدينية المتطرفة، ففي العام 1993 أقرت محكمة العدل العليا الإسرائيلية اعتبار الحرم الإبراهيمي جزءا من مساحة دولة إسرائيل تسري عليه الأحكام والتشريعات الإسرائيلية، كما اعتبرته المحكمة مكانا مقدسا للشعب اليهودي، وصرح النائب آنذاك "بنيامين نتنياهو" بضرورة "ترتيب صلاة لليهود على جبل الهيكل، خاصة وأننا نسمح بحرية العبادة لكل الديانات بالقدس"، كما طالب أحد القضاة بتقسيم الحرم الإبراهيمي، فأصدرت محكمة العدل العليا يوليو2001، حكما يقضي بالسماح لـ"أمناء جبل الهيكل" على وضع حجر الأساس لبناء الهيكل الثالث في القدس المحتلة على أن لا يكون البناء في الحرم القدسي الشريف، الأمر الذي فجر غضبا فلسطينيا عارماً أجبر الجماعة المتطرفة على العودة بحجرها عن الحرم الإبراهيمي، وبعد ذلك بشهور قليلة سمحت المحكمة ذاتها للجماعة المتطرفة بإقامة احتفال رمزي لوضع حجر الأساس وقامت شرطة العدو الاسرائيلي بإغلاق القدس على أهلها لإقامة الاحتفال من دون وضع الحجر بشكل فعلي.
 *دولة الكيان الصهيوني خادمة للجيش
الجيش الاسرائيلي
الجيش الاسرائيلي
تساءلت صحيفة "يسرائيل هايوم" حول الجدلية المزمنة التي تطفو إلى السطح دوما حول ما اذا كنت اسرائيل دولة لها جيش أم جيش له دولة.
فبينما يقول البعض بسيطرة الجيش الكاملة في إسرائيل وأن القرارات والخطوات على أصحاب القرار حتى تلك المتعلقة بميزانيته، ويدير القرارات التكتيكية والاستراتيجية، وبأن الجيش هو المسئول عن أراضي إسرائيل وهو الذي يوفر "شبكة أمان" من الضباط الذين يؤدون أدوارًا مركزية في الصناعات الأمنية للاقتصاد الإسرائيلي، كما أنه يؤثر أجهزة التعليم والسياسة، فللجيش تأثير هائل، لدرجة أنه يتم استغلاله لخدمة التطرف السياسي واستخدام القوة حتى عندما تكون هناك بدائل أفضل.
يقول آخرون خاصة الضباط السابقون، إنه على الرغم من التحديات الأمنية الجسيمة التي تواجهها إسرائيل إلا إنها تتمتع بديمقراطية نموذجية، وأن أعضاء الحكومة بالكنيست من الذين يتخذون القرارات، والجيش ينفذ القرارات حتى لو كان الجيش يوصي ببدائل، ويقولون إن السياسيين هم من يقررون قيادة الجيش حتى لو كان دون المستوى، وهم الذين يصيغون السياسة الأمنية وفي كثير من الأحيان تكون قراراتهم الأمنية مخالفة لتوصية الجيش.
ويستمر العسكريون السابقون يقولون، إن الجيش دائمًا ما يتحفظ على الخطوات العسكرية للقيادة المدنية، ويشار دومًا إلى إسرائيل كدولتين ديمقراطيتين يتمتع فيهما الجيش بمكان مركزي، وعلى الرغم من ذلك فليس هناك أي احتمال في أي منهما لوقوع انقلاب عسكري.
وقالت الصحيفة، إن إسرائيل بالتأكيد ليست دولة بوليسية، كما إنها ليست دولة جيش فنحن لسنا جيشًا له دولة، لكنها تراجعت قائلة لا يمكن الاكتفاء بالقول إن إسرائيل "دولة ديمقراطية ينفذ الجيش فيها قرارات الحكومة"، فببساطة هذا التوصيف ليس دقيقًا، كما إنه يصعب القبول بالادعاء العابث بأن الدولة يسيطر عليها الجيش، أو بدعوة "دعوا الجيش ينتصر"، فالحديث يدور عن شبكة علاقات حساسة جدًا تحتاج إلى معالجة دائمة، وتنبع من الأمنية العتيقة لأفلاطون "من يحرس الحراس".
كشفت صحيفة معاريف أن وحدة الشاباك جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، تعمل على تجنيد نشطاء من اليمين الديني المتشدد من الأرثوذكس خاصة بالقدس والضفة الغربية، للعمل معها في العديد من القضايا السياسية والأمنية الداخلية، خاصة تلك العمليات التي يطلق عليها عمليات "شارة الثمن" ضد الفلسطينيين، واليسار الإسرائيلي.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق