الاثنين، 10 فبراير 2014


كاتب أمريكي يربط بين الحروب الحالية لبلاده وابادة الهنود الحمر







يربط مؤرخ أمريكي بين سلوك مكتشفي الامريكتين في حق السكان الاصليين والحروب الدفاعية الوقائية الحالية لبلاده مشددا على أن حروب أمريكا "العنصرية" على ما تعتبره إرهابا مجرد كذبة تتجاهل حقيقة أن الحرب نفسها ارهاب.

وقال هوارد زن ان عام 1492 الذي شهد وصول كريستوفر كولومبس الى الشواطئ الامريكية هو بداية "الغزو والعبودية والموت" كما وصف غزو أمريكا لفيتنام والعراق بحجة انقاذ الحضارة الغربية بأنه "كذبة".

وأضاف في كتابه (التاريخ الشعبي للولاي ات المتحدة) أن قيادة أمريكا لما تعتبره حربا على الارهاب "كذبة تتجاهل حقيقة مهمة وهي أن الحرب نفسها ارهاب وأن مداهمة بيوت الناس واعتقالهم واخضاعهم للتعذيب ارهاب وأن غزو البلاد الاخرى وقصفها لا يوفر لنا (الامريكيين) أمنا كاملا بل أمنا أقل".

وشنت الولايات المتحدة الحرب على العراق يوم 19 مارس 2003 وأسقطت نظام الرئيس السابق صدام حسين حين سقطت بغداد في التاسع من ابريل من العام نفسه.

وحمل الكتاب عنوانا فرعيا هو (من 1492 الى الان) وترجمه أستاذ اللغة الانجليزية بجامعة حلوان بالقاهرة شعبان مكاوي وصدر في مجلدين عن المجلس الاعلى للثقافة بمصر ، ويبلغ نحو 1000 صفحة من القطع الكبير.

وقال زن انه "بات واضحا الان وعلى نحو سريع أن العراق بعد التدخل الامريكي ليس بلدا محررا ، لقد أصبح بلدا محتلا ، صحيح أننا حررنا العراق من صدام حسين ولكن لم نحرره من أنفسنا تماما كما حدث في 1898 عندما قمنا بتحرير كوبا حيث حررناها من الاحتلال الاسباني ولكن لم نحررها من أنفسنا".

وتابع أن بلاده كانت تقرر "نوع الدستور الذي يجب أن يحكم كوبا تماما كما تقوم حكومتنا الان بوضع دستور جديد للعراق. ان هذا ليس تحريرا ، انه احتلال ، احتلال بغيض.

"عندما قامت المخابرات المركزية الامريكية بتدبير انقلاب في ايران للاطاحة بحكومة مصدق في 1953 فانها جسدت حقيقة مؤداها أن الهيمنة على بترول الشرق الاوسط كانت نصرا أساسيا بالنسبة للسياسة الامريكية في ذلك الجزء من العالم".

وتحت عنوان (فيتنام.. النصر المستحيل) استعرض المؤلف غزو بلاده لفيتنام ابتداء من عام 1964 حتى اندحار الغزو الامريكي عام 1972 مشددا على أنه "قامت أعتى وأقوى دولة في التاريخ ببذل أكبر جهد عسكري لم تنقصه سوى القنابل النووية لكي تهزم حركة ثورية قومية في بلد زراعي صغير وفشلت".

ومضى موضحا أنه "عندما حاربت الولايات المتحدة الامريكية في فيتنام كانت تمثل التكنولوجيا الحديثة المنظمة في مقابل البشر المنظمين وانتصر البشر".

وأشار زن في الصفحة الاخيرة من المجلد الثاني الى أنه بعيدا عن التاريخ الرسمي أراد بكتابه أن يوقظ "وعيا أكبر بالصراع الطبقي والظلم العرقي وعدم المساواة الجنسية والغطرسة القومية في الولايات المتحدة ، مشكلة العنصرية ماتزال قائمة".

وفي مقدمة الجزء الاول قال مكاوي مترجم الكتاب ان الثقافة الامريكية تتأسس على عدد من الافكار والاساطير التي يصعب بدونه ا فهم هذه الثقافة خاصة فيما يتعلق بالسياسة الخارجية أو التدخلات العسكرية أو الاقتصادية وفي مقدمة هذه الاساطير مقولتان هما "القدر الواضح" و"مدينة فوق التل".

وأوضح أن الاسطورة الاولى تتمثل في قيام أمريكا بدور "المسيح السياسي الذي جاء لانقاذ العالم وأن المستعمرين البيض هم أناس اختارتهم السماء كي يحتلوا العالم الجديد ويقوموا بمهمة خاصة هي نشر النور للانجيل في كافة أرجاء العالم. هذه الاسطورة حددت باختصار ارادة الله ومجرى التاريخ ومصير شعب مختار".

وأضاف أن أسطورة (مدينة فوق التل) تعود الى منتصف القرن السابع عشر "عندما أخبر (أول حاكم لمستعمرة ماساتشوستس) جون وينثروب مجموعة من البيوريتانيين (المتطهرين) الذين كان يقودهم بأنهم في رحلة لم يباركها الرب فحسب بل انه يشارك فيها. وقال.. سوف نجد رب اسرائيل بيننا ، لابد أن نضع في اعتبارنا أننا سنكون كمدينة فوق تل تتطلع اليها عيون الناس جميعا".

وقال مكاوي الذي توفي يوم 11 مايو ايار الماضي انه وفقا للاسطورة وظلالها فان المعادين للادارة الامريكية يصيرون "أعداء ليس للحرية والديمقراطية والفضيلة فحسب وانما هم أعداء الرب أيضا".

واستشهد بقول الروائي الامري كي الشهير هيرمان ميلفيل (1819 - 1891) "نحن الامريكيين متفردون وشعب مختار. اننا اسرائيل زماننا نحمل سفينة حريات العالم ، ولطالما ساورنا سؤال عما اذا كان المسيح السياسي قد جاء ولكني الان أقول انه جاء متمثلا فينا ولا يبقى سوى أن نعلن خبر مجيئه".




وتوقف المؤلف الامريكي طويلا أمام التاريخ الذي وصفه بأنه غير رسمي لبلاده منذ وصل كولومبس باحثا عن الذهب في اسيا فوصل الى شواطئ جزر الباهاما يوم 12 أكتوبر 1492 حيث قابلهم الهنود الحمر من قبيلة أراواك الذين لم يكونوا يختلفون "عن أي هنود اخرين في العالم الجديد فكلهم معروفون بالكرم والايمان بمشاركة ما يمتلكون مع الاخرين".

وقال ان كولومبس أبحر بعد ذلك الى كوبا ثم الى هيسبانيولا وهي الجزيرة التي تشمل اليوم كلا من هايتي وجمهورية الدومنيكان ثم كتب تقريرا الى ممولي رحلته ملك وملكة اسبانيا قائلا ان "الرب الخالد يمنح النصر للذين يسلكون طريقه مهما كانت الصعاب" ثم بدأت ابادة السكان الاصليين حيث كان يتم "اختطاف النساء والاطفال كعبيد وكوسيلة لتحقيق المتعة الجنسية وتلبية الحاجة للايدي العاملة".

وأضاف أن هايتي كا نت قاعدة لاصطياد الهنود الذين ملئت بهم سفن عائدة الى اسبانيا حيث كانوا يعرضون "للبيع في مزاد أشرف عليه الشمامسة ، وكتب كولومبس ، دعونا باسم الثالوث المقدس نستمر في ارسال ما نستطيع بيعه من العبيد".

وأشار زن الى أنه "خلال عامين مات حوالي نصف سكان الهنود في هايتي وعددهم الاصلي 250 ألف نسمة اما عن طريق القتل أو الانتحار ، كان يتم تسخيرهم بوحشية في ضياع شاسعة. وبحلول عام 1650 لم يعد على الجزيرة أحد من هنود أراواك الاصليين" بعد أن كانوا عددهم ربع مليون نسمة.

وأشار المؤرخ الامريكي الى أنه حصل على معلوماته عما حدث في جزر الكاريبي بعد وصول كولومبس مما كتبه لاس كاساس وهو قس شاب شارك في غزو كوبا ثم تخلى عن مزرعة له كان يعمل فيها عبيد هنود "وأصبح ناقدا حادا للوحشية الاسبانية ، هو المصدر الوحيد بشأن أمور كثيرة. وبدأ وهو في الخمسينيات من عمره في كتابة مؤلفه ذي المجلدات العديدة (تاريخ الجزر الهندية)".

ونقل المؤلف عن كاساس وصفه لكولومبس انه "كان متهورا الى حد العمى وكذلك من أتوا بعده. لقد كان همه أن يسعد الملك (في اسبانيا) فارتكب ما لا يغتفر من الجرائم في حق الهنود... كانوا (الاسبان) يرفضون السير على أق دامهم حتى لو لمسافات قصيرة فيتخذون من ظهور الهنود مطايا أو يجلسون على محفات يتناوب الهنود حملها وكان على نفر من الهنود أن يحملوا فروعا من الشجر كثيفة الاوراق يحمون بها راكبي المحفات من لفح الشمس بينما كان على اخرين أن يتخذوا من أجنحة الاوز مراوح تلطف الجو للراكبين.

"لم يهتز للاسبان طرف وهم يطعنون عشرات الهنود ولم تهتز ضمائرهم وهم يقتطعون من أجساد الهنود شرائح كي يختبروا بها مدى حدة نصالهم... تقابل ولدان من الذين يسمون أنفسهم مسيحيين مع ولدين هنديين يحمل كل منهما ببغاء فما كان من الولدين المسيحيين الا أن أخذا الببغاءين لنفسيهما وعلى سبيل التسرية والمزاح قاما بضرب عنقي الولدين الهنديين".

وسخر زن من سذاجة الفكرة القائلة ان ارتكاب "الفظائع" ضرورة وثمن كان لابد من دفعه من أجل التقدم.

وقال ان البريطانيين أيضا قرروا ابادة الهنود حين عجزوا عن استعبادهم أو العيش معهم منذ العام الاول لوجود الرجل الابيض في فرجينيا (1607).

وأضاف أنهم استوطنوا جنوبي ما يعرف الان بولاية كونيتيكت وكانوا يتفننون في وسائل ابعاد الهنود حتى لو ارتكبوا المذابح أو حرقوهم في أكواخهم وذات مرة كان نصيب من هربوا من النيرا ن هو القتل بالسيف حتى صار بعضهم مجرد أشلاء ، ووصف معاصر لتلك المذبحة أن "النصر بدا كفداء جميل وتم تقديم الشكر الى الرب الذي كان عونا عظيما ورائعا... وكما جاء في مذكرات عالم اللاهوت البيوريتاني الدكتور كوتون ماثر (أنه) يفترض أن عدد من ذهبوا الى نار جهنم في ذلك اليوم لا يقل عن ستمئة".

وذكر المؤلف أن عدد الهنود الحمر عام 1492 بلغ 75 مليونا منهم 25 مليونا تقريبا في أمريكا الشمالية وأنه "قبل مجيء المسيح بألف عام وفي الوقت الذي كانت فيه مصر تشيد فنا ومعمارا عظيمين كان هنود نيو مكسيكو يشيدون القرى والمباني. وبمجيء زمن يوليوس قيصر والمسيح قامت في منطقة وادي أوهايو حضارة من أطلق عليهم بناة الروابي ، بلغ ارتفاع احدى الروابي مئة قدم وتكبر قاعدتها المثلثة عن قاعدة هرم مصر الاكبر".

وانتهى المؤلف الى أن "كولومبس وأتباعه لم ينزلوا أرضا خالية لكنهم نزلوا عالما تساوي الكثافة السكانية في بعض مناطقه مثيلتها في أوروبا وهبطوا عالما ذا ثقافة مركبة حيث العلاقات الانسانية أكثر مساواة من أوروبا".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق