الأحد، 9 فبراير 2014

«هيكل» فى صالون «السناوى»: أرى بلداً ينتحر بدعوى الحرية.. و«السيسى» مرشح ورئيس «ضرورة»

لا أضع برنامج «السيسى».. وتأخره فى إعلان ترشّحه لأنه يفكر كثيراً فيما يستطيع أن يفعل.. لأنه مُقبل على ميدان لم يتأهل له ومن الوهم الحديث عن «بطل منقذ»
كتب : الوطنالأحد 09-02-2014 00:29
هيكل والسناوى قبل بدء الحوارهيكل والسناوى قبل بدء الحوار
العيش والكرامة مطالب صحيحة لكنها لا تُوصِّف الأوضاع التى نعيشها ولا يمكن الحديث عن دور إقليمى لمصر بينما الوجود المصرى موضع مساءلة
كثيرون يرفضون تولى مناصب حالية بالدولة عندما تُعرض عليهم لأن مصر ليست على طريق المستقبل ولا أحد يعرف أين نتجه
«طاهر»: الإخوان انتقلوا من السيطرة على المجتمع إلى السيطرة على الدولة المدنية.. ومتفائل لأن مجتمعنا متمرس على مواجهة التحديات
«القعيد»: المصريون يبحثون عن «بطل» منذ وفاة «عبدالناصر».. و«الأستاذ» يرد: المصريون يبحثون عن «أمل» ولا يجب أن يرد احتمال الفشل على بال أحد فى المرحلة المقبلة
«حجازى»: الدولة المصرية على المستوى المؤسسى لديها عقول لكن ليس لها عقل.. ولدينا إشكاليات حول تحديد معنى الوطن والمجتمع والدولة
«رزق»: الشعب وجد البطل فى 3 يوليو 2013.. والمشير شخصية مبشرة ويملك رؤى للإنقاذ.. والشعب حدد المستقبل فى «العيش والحرية والعدالة والكرامة والاستقلال»
«علام»: السياسة الخارجية امتداد للسياسة الداخلية والصدق مع الناس هو أولى خطوات صناعة المستقبل.. والغرب يريد صنع عازل بين إرادة الشعب وقائده المنتظر
«جاد»: نحتاج مصارحة فى الملفات التى لا تحتمل التأجيل.. والتحدى الرئيسى هو استغناء مصر عن المساعدات وآن الأوان لإنصاف الفقراء
بين «سؤال المستقبل» ومشكلات مصر الآنية، وآمال شعبها ورئيسها المنتظر، دارت نقاشات «صالون التحرير»، الذى يديره الكاتب الصحفى عبدالله السناوى، وبُثت أولى حلقاته ليلة أمس السبت، وكان بطلها الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، و7 من الشخصيات العامة. وكان ضيوف الصالون: الدكتور مصطفى حجازى، المستشار السياسى والاستراتيجى لرئيس الجمهورية. عميد الروائيين العرب، بهاء طاهر. الروائى الكبير يوسف القعيد. الزميل ياسر رزق، رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم. الدكتور عماد جاد، نائب مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية. الكاتبة الصحفية فريدة الشوباشى. الزميل محمد عبدالهادى علام، رئيس تحرير جريدة الأهرام.
واعتبر «هيكل» أن مصر تواجه ثلاث مشكلات رئيسية لا يمكن لها التقدم خطوة واحدة نحو طريق المستقبل قبل أن تجد لكل منها حلاً، وهى مشكلات المياه والطاقة والغذاء. وشدد على ضرورة تشكيل جبهة وطنية جامعة، لكل الأحزاب والقوى السياسية، المؤمنة بموجتى 25 يناير و30 يونيو، لتعمل معاً لمواجهة تحديات الأزمة المحدقة بالوطن.
ضيوف صالون «السناوى» فى أولى حلقاته مع «الأستاذ»
وفيما وصف «الأستاذ»، المشير عبدالفتاح السيسى بأنه «مرشح ورئيس الضرورة»، إلا أنه قال إنه بصدد مهمة «شبه مستحيلة». ورداً على سؤال لمدير الصالون، عبدالله السناوى، حول رؤيته للتوفيق بين طرفى معادلة «الأمن والحرية»، قال هيكل إنه يرى وطناً «ينتحر باسم الحرية» على حد تعبيره.
افتتح الكاتب عبدالله السناوى الصالون بتذكير الأستاذ هيكل بمحاضرته التى ألقاها بمناسبة العيد الخمسينى لثورة يوليو 1952 فى عام 2002 فى الجامعة الأمريكية أثناء الموسم الثقافى لها بعنوان «المستقبل الآن» وتحدث خلالها عن مستقبل نظام الحكم بعد مبارك وقال إنه «ليس مهماً الانتقال من نظام إلى نظام بل الانتقال من عصر إلى عصر»، وأشار السناوى إلى أن المحاضرة اخترقت «المحظور»، حينذاك، وهو الحديث عن سيناريو التوريث، إذ لم يكن يجرؤ أحد وقتها على الكلام فى هذا «المحظور» سوى كتيبة من الصحفيين فى جريدة «العربى»، كانوا يخوضون «حرب عصابات» فجاء تدخل الأستاذ هيكل فى الموضوع ذاته كقنبلة نووية قصفت مواقع النظام، مما أسفر عن منع إعادة إذاعة المحاضرة على إحدى الفضائيات.
وتابع «السناوى»: فى عام 2012، وبعد عشر سنوات من المحاضرة الأولى، عقدت الجامعة الأمريكية محاضرة ثانية لهيكل بعنوان «سؤال المستقبل»، لكن لم تتسنَّ إذاعتها لوجود اضطرابات فى ذلك الوقت أمام محيط الجامعة. وأعاد طرح «سؤال المستقبل» على «الأستاذ»، قائلا: «فى ظل ظروف جديدة وأوضاع مختلفة تشهد حرباً على الإرهاب وعقب الانتهاء من الاستحقاق الدستورى وقرب حسم الاستحقاق الرئاسى فى مصر. البلد الآن قلق على مستقبله، يريد أن يعرف موطئاً لأقدامه ويبحث عن أمل، مشاكله تطرح نفسها بقسوة على الرئاسة المقبلة وسط ألغام كثيرة، فكيف يفكر الأستاذ هيكل الآن فى المستقبل، ما هى ملفاته الملغمة وما السؤال الرئيسى الذى يطرح نفسه بقوة على مصر الآن؟
أجاب الأستاذ: فيما يتعلق بالمستقبل لا بد أن أقول شيئاً مهماً جداً، لأنه قبل الحديث عن المستقبل لا بد أن تكون متأكداً أنك على طريق المستقبل، أعتقد أننا بعيدون جداً عن طريق المستقبل، وأول خطوة لا بد أن تفعلها هو أن تتأكد أنك بالفعل على طريق المستقبل لكنك بعيد جداً. لابد أن تضع نفسك على طريق مستقبل، فلا يمكن أن نتكلم عن مستقبل وليس أمامنا طريق، فى هذه اللحظة تقريباً نحن فى حالة تيه فى الصحراء، ولديك ثلاث قضايا تمنعك من أن تفكر، فلابد أن تحلها لكى تكون لديك صورة معقولة.
أنت أمام أزمة مياه طاحنة ستقابلك وأزمة طاقة فظيعة جداً سوف تؤثر عليك وأمام أزمة غذاء.. أنت رجل ليس لديك ما يكفيك من الطعام ولابد أن تحل هذه المشكلات الثلاث لتضع نفسك على طريق المستقبل.
أستطيع القول إنه فى الفترة الماضية بشكل أو بآخر وفى فترة ما من تاريخ هذا البلد ليس بعيداً، أنت (السلطة) اخترت طريقاً أعتقد أنه مخالف لكل أصول أى استراتيجية مصرية فأخذت هذا البلد عن غير طريقه إلى طريق آخر وإلى تيه آخر.
مصر تشبه «سيارة».. بدأت تتلف مع «السادات» وتعطلت مع «مبارك».. و«مرسى» حولها إلى «توك توك».. وعلى الرئيس المقبل مواجهة الشعب بالحقائق
خطوط الاستراتيجية المصرية باستمرار كانت أنك تحاول بناء قاعدة اقتصادية فى هذا البلد، وأن لك عمقاً وبعداً عربياً، والأمر الثالث أن لك مكانة فى العالم، كل هذا فى لحظة من اللحظات تغيرت خرائطك كلها ودخلت إلى طريق مجهول تقريباً، كأنك كنت سائراً والشعب المصرى كله ونحن جميعاً فى سيارة كبيرة جداً تتجه إلى المستقبل لكن بشكل ما وعند لحظة معينة سارت السيارة فى الصحراء لفترة طويلة وتاهت وبدأت تتلف الإطارات منها وغير ذلك.
عند اغتيال الرئيس السادات، الله يرحمه، بدأت السيارة الكبيرة فى التلف وفقدت أحد إطاراتها وجاء بعده الرئيس مبارك وتصوّر بخبرته كطيار أن السيارة الكبيرة «طائرة»، فبدأ إصلاحها على أنها كذلك، لكنه لم ينجح لأنه كان يفعل شيئاً ضد طبيعة السيارة ولأنها ليست طائرة، وظلت السيارة فى طريقها معطلة والطريق إلى المستقبل معطلاً مع تراكم المشاكل وتزايد مشكلات الأعطال، حتى جاء المجلس العسكرى بعد 25 يناير 2011 ووقف أمام السيارة ولم يعرف كيفية إصلاحها ثم جاء الرئيس السابق الدكتور محمد مرسى فرأى السيارة تعانى من عدة أعطال فاعتبرها «توك توك» وبدأ يقودها على أنها كذلك وصعد معه فى السيارة الأهل والعشيرة وأقفاص الدجاج لكنها لم تمضِ بهم أيضاً على الطريق إلى أن وصلنا إلى المرحلة الراهنة التى يقف فيها كل أصحاب السيارة وهى سيارة الوطن أمام أعطالها وهى تسير بطريقة خاطئة فتجد «العواجيز اللى زيى يقولون: يا جماعة ليس بهذه الطريقة، فى حين يواصل الشباب الدفع بالسيارة من الخلف فى مشهد غريب جداً، وأظن أن أول خطوة لا بد أن نفعلها هو محاولة إيجاد طريقة للوقوف على طريق المستقبل، وقبل أن تقف على طريق المستقبل لا يجب أن نتحدث أو نسأل عن اتجاه المسيرة.
أنهى «الأستاذ» إجابته ثم توجه بحديثه للمشاركين فى الصالون بالقول: أخبرونا أين نحن الآن.. لسنا على طريق المستقبل، وحتى هذه اللحظة نواجه ثلاث مشاكل، الأولى: مشكلة مياه مذهلة وأنا خائف جداً منها، والثانية: قضية طاقة مزمنة ولا أعرف كيف يمكن حلها، والثالثة قضية الغذاء، فإذا تم حل هذه المشكلات الثلاث نستطيع أن نقول إننا على بداية طريق المستقبل وإذا لم نفعل فلن يتجاوز نشاطنا مجرد الكلام.
سؤال السيارة الخربة التى اعتبرها مبارك طائرة وهى ليست كذلك ورآها مرسى «توك توك» وهى ليست كذلك أيضاً، توجه به السناوى أيضاً إلى الدكتور مصطفى حجازى، فأجاب:
ما أشار إليه الأستاذ هيكل من ملفات ملتهبة ومشاكل حقيقية، تمثل حالة من حالات التيه فى المجتمع حيث ننتقل من نظام إلى نظام وانتقال من عصر إلى عصر وهذا توصيف دقيق جداً، وهذا جزء من الأزمة التى نعانيها كمصريين ونحن ننتقل من عصر إلى عصر، من عصر الصناعة إلى ما بعدها وإلى المعلوماتية وما بعدها.
«هيكل» بين «القعيد وجاد وعلام ورزق»
ونحن كبشر نعيد تعريف القيم، فالبشر فى أوروبا حين يحتلون «وول ستريت» و«فرانكفورت» يسألون أنفسهم: هل طريق المستقبل الذى نسير عليه صحيح أم لا، لكن الفارق بيننا وبينهم هو فكرة وجود صاحب لكل الملف، ووضوح الإجابة عن سؤال من يملك هذا الملف، مثل: من يتحدث عن مشكلة المياه فى مصر ومن أين نبدأ الحديث عنها، من باب التشخيص أم من باب تحديد المسئوليات، من باب تحديد الخبرات الواجبة للحديث عن هذا المشروع أو ذاك مثل ملف الطاقة أو ملف الشباب أم ماذا.
فكرة توصيف همّ الوطن ذاته، حيث يوجد لدينا قبل الآن والآن بشكل أو بآخر عقول مصرية كثيرة أستطيع أن أقول بصدق إن مصر بلا عقل، نحن دولة على المستوى المؤسسى يوجد لديها عقول لكن ليس لها عقل.
لذا يلزم فى مرحلة كالتى نحن فيها أن تكون البداية الحقيقية قبل توصيف ملفات وإيجاد طريق المستقبل والحديث فعلاً عن السيارة الخربة جداً أن نوجد هذا العقل المؤسسى الذى يستطيع أن يجمع طاقة الشباب الذى يحاول على طريقته أن يدفع السيارة للأمام وطاقة الخبراء الذين يرون السيارة الآن فى عصر ما بعد الصناعة.
وقد لا تكون سيارة لكن حافلة أخرى ستأخذنا إلى المستقبل لها توصيف جديد، نحتاج إلى أن نحدد موقع الخبراء الجدد وأن يكون المجتمع مؤهلاً لأن يقبل بالتوصيف الجديد فى لحظة نحتاج فيها أن نقول إنها كانت أوتوبيساً ثم تحولت لتوك توك لكن لا الأوتوبيس ولا التوك توك سيأخذنا إلى المستقبل، وقد نكون بحاجة إلى حافلة فضاء وبالتالى فالتكنولوجيا المجتمعية والسياسية والفكرية التى تتعامل مع أوتوبيس عصر الصناعة والخمسينات وغيره تختلف عن الوقت المقبل.
وتابع «حجازى»: عندنا 3 إشكاليات أخرى أضيفها للإشكاليات التى قالها الأستاذ هيكل وهى إشكاليات على تحديد معنى الوطن والمجتمع والدولة، بمعنى أن الوطن هو لأى بنى آدم عبارة عن «حلم» و«تحقق»، حلم لنفسه وللوطن وتحقق ذاتى، الحلم بالنسبة للوطن كان سُرق فى وقت مبارك تماماً ولما عاد الحلم فى يد المواطن العادى بعد 25 يناير، وجدنا أنفسنا فى حالة مراوغة الحلم.
ثم تطرق فى حديثه عن الدولة قائلاً: على مستوى الدولة لدينا ملامح ما بقى من دولة مصرية سابقة وهى البيروقراطية، فهى ليست أدوات عمل ولوائح وإنما فلسفة الحياة لمؤسسة الدولة المصرية ولذلك فالأم غائبة حتى هذه اللحظة.
فلسفة المؤسسات الأخرى نفسها غائبة، فلا أحد لديه إجابة عن سبب وجود مؤسسة الأمن المصرى، ولا عن فلسفة التعليم المصرى، وأضاف: «ما دامت كل هذه الأسئلة مفتوحة فسنبقى فى التيه الذى أشير إليه».
عاد السناوى لطرح سؤال آخر: أعتقد أن سيارة البلد الخربة أو المعطلة أو التوك توك فى آخر أحوالها تواجه مطبات على الطريق، أتصور أن الوقفة الأولى فى سؤال المستقبل هو الأمن والحرية أريد أن أطرح عليكم سؤالاً أعتقد أنه معادلة صعبة؛ كيف نحفظ الأمن وندعمه دون التغول على الحريات العامة للمواطنين؟ وهذا سؤال جوهرى يتعلق بمستقبل البلد سواء على مستوى الأمن بأن تكون لدينا دولة مستقرة وقوية وحاضرة لكن أيضاً تحتفظ بكفاءتها فى اكتساب عقول وقلوب الأجيال الجديدة وشبابها وتبرز حيويتها؟ وأتوجه مباشرة للأستاذ الروائى الكبير بهاء طاهر: كتبت مقالاً أوردته فى «أبناء رفاعة»، وكنت نشرته فى جريدة «العربى» عام 2005: «كيف وصلنا للإخوان؟»، وحضرتك صغت سؤالاً مفاده أننا ذاهبون لحكم الإخوان، بعد كل ما حدث فى 30 يونيو وما بعده والإخوان الآن فى وضع مختلف، هل تعتقد أن الأسباب التى دعتك للقول بأننا على وشك أو قد وصلنا للإخوان قد انتفت أم أن الأخطار الجوهرية فى بنية المجتمع ما زالت موجودة؟
طاهر: الحقيقة أنها ما زالت موجودة لكن نوعية الخطر هى التى اختلفت، والفكرة الأساسية أننا نقول: لماذا وصلنا للإخوان؟ لأنهم كانوا يسيطرون على كل النقابات وكل الهيئات المفروض أنها مستقلة بشكل أو بآخر. والنقلة من السيطرة على المجتمع للسيطرة على الدولة نقلة بسيطة جداً جداً.
الفكرة الأساسية كانت أن ما أدى إلى ذلك هو تحطيم أسس الدولة المدنية التى قضينا قرنين من الزمان من أجل تثبيتها وتأسيسها فى مواجهة هذا التدمير لأسس الدولة المدنية الذى ما زال قائماً بقوة الدفع الذاتى.
أدعو لجبهة وطنية لوضع مصر على طريق المستقبل.. وأزمات نقص المياه والغذاء والطاقة وصلت لمستويات فظيعة
التدمير بدأ من منتصف السبعينات وما زال قائماً حتى الآن، ما جعل الإخوان المسلمين يسيطرون على النقابات أنه كانت الدولة المدنية ضعفت ولم تعد قوة الدفع الذاتى متوفرة لها منذ محمد عبده وعبدالله النديم إلخ وأصبحت هناك قوة مضادة تعمل على تدمير أسس الدولة المدنية وأن تستبدل بها لا أريد أن أقول الدولة الدينية كانت على الإطلاق بل الدولة الكهنوتية.
السناوى: يعنى السيارة ما زالت خربة؟
طاهر (ضاحكاً): بناء على التشبيه الجميل بتاع الأستاذ هيكل..
هيكل لـ(طاهر): محدش يقدر يعمل تشبيهات وأنت موجود.
السناوى: يبدو أن البلد محتاجة ميكانيكية بدلاً من سياسيين
هيكل: نحتاج إلى أن تكون لدينا مركبة إلى المستقبل، سمّها الدولة، سمّها المجتمع، أو ما تريده، المشكلة أنه ليس لديك هذه المركبة.
طاهر: أنا متفائل لسبب أنه مررنا فى تاريخنا بظروف أشد سوءًا من التى نجابهها الآن واستطاعت القوة المصرية التى تحدث عنها «توينبى» مواجهة التحدى، فالاستجابة السليمة للتحدى هى التى جعلت المصريين يستطيعون ترويض نهر النيل فى ظروف صعبة جداً بينما شعوب مجاورة لم تستطع ترويض مصدر المياه ولذلك نهضت مصر كدولة زراعية بينما المناطق الصحراوية ظلت كما هى.
السيارة كانت خربة جداً وكانت تجرها أحصنة مريضة لكن استطاع المصرى بهذه القدرة الهائلة على قبول التحدى أن يسير بها، ونستطيع ضرب أمثلة عديدة جداً من التاريخ مثل نكسة 1967 وكيف تمكن الشعب من التغلب عليها ونضرب مثالاً آخر بحكاية حكم الإخوان الذى كاد يدمر هذا الوطن واستطاع الناس فى 30 يونيو وغيره أن يتغلبوا عليه، أنا شديد التفاؤل بقدرة المصريين على الاستجابة للتحدى وهزيمته.
السناوى: نعود للسؤال فى الوقفة الأولى أو المطب الأول: الحرية والأمن لأنه حين نتحدث عن الحرية والأمن لدىّ إشكاليات كثيرة جداً، أولاً لا بد أن أعرف كيف وصلت «القاعدة» إلى مصر، وثانياً: الناس تريد أن تطمئن إلى قدرة الدولة على مواجهة الإرهاب، وثالثاً: الناس تريد أن تطمئن إلى أن الظهير الشعبى وراء الدولة يظل قوياً ومتماسكاً والناس تريد أن تعرف أيضاً حدود الأزمة مع الأجيال الجديدة، لو سألت الأستاذ هيكل عن مطب الحرية والأمن، ما هو تصورك للصياغة الأساسية لهذه الإشكالية؟
هيكل: إذا رجعنا للتشبيه الذى نتحدث به بالتأكيد فالمشكلة الأساسية ليست قضية مستقبل بمقدار ما هى قضية وجود، أعتقد أنه لأول مرة فى التاريخ المصرى الحديث على الأقل أنت أمام مشكلة أن توجد أو لا، فى وقت تحول المحيط الذى من حولك والذى كان باستمرار «أفقاً تتحرك فيه»، تحوّل إلى محيط ضاغط عليك. انظر إلى خريطة الإقليم حيثما نظرت وفى أى اتجاه ستجد أن كل ما كان مجالاً مفتوحاً أمامى للحركة أصبحت عليه الآن أخطار داهمة.
الشرق عندى فيه سوريا تقع العراق تقع فلسطين تضيع وليبيا فى الناحية الثانية فوضى، وأسلحة تأتى إليك من هنا ومن هنا.. وبالنظر للسؤال عن «القاعدة»، فلم تعد هناك سياسة بل أصبح هناك فراغ فظيع جداً يستدعى كل ما حوله والنتيجة أنك فى مشكلة حقيقية.
العالم الخارجى الذى كنت تمارس فيه دوراً، أين هذا الدور الذى كان بيديك، أين الصين والهند وأوروبا وأفريقيا منك.. نتحدث عن مياه النيل: قل لى كيف أدرت ملف النيل، قبل أن تسألنى عن الحرية، تمارس الحرية حقيقة ويكون لها معنى حين تكون قادراً على مسئوليتها.
وهنا أنا ألح على ملف المياه لأننى أعتقد أنه فى ظرف ثلاث أو أربع سنوات إذا لم تجد حلاً حقيقياً فأنت أمام حالة جوع مائى، لا تقل لى إن أحداً لديه جوع مائى ولا يجد مايروى أرضه ولا ما يشرب به ثم تكلمنى عن حاجة ثانية، تركنا ملف المياه لخبراء وزارة الرى ووزراء الرى وهذا موضوع كان يجب أن يعالج على مستوى السياسة فى إطار أفريقى حقيقى وأنت ليس لديك هذه الأطر، أنت أمام مشاكل وجودية عليك أن تحلها قبل أن تقول إذا واجهت عطشاً ولا توجد مياه، لو بدأ سد إثيوبيا يحجز المياه وسيستغرق 7 سنوات لكى يمتلئ فأنت لديك مشكلة حقيقية.
أنا لست واقفاً على طريق المستقبل، ضعنى أولاً على هذا الطريق. وإذا لم تجب عن هذه المخاطر الوجودية التى تهدد هذا البلد فما تطرحه يظل مجرد كلام.
السناوى: من الذى يجيب عن هذه المخاطر؟
هيكل: الشعب المصرى هو وحده القادر. لكن الناس كلها مترددة وكلما دعوت أحداً للمشاركة فى المسئولية وتولى أى من المناصب تجده يرفض، حتى المشير السيسى متردد حتى هذه اللحظة، كل الناس مترددة، لا أحد اليوم يقبل بالمسئولية والكل يقف أمام احتمال المسئولية متردداً وخائفاً لأنك أنت ببساطة لست على طريق المستقبل، هل يعقل أن تدعونى للسفر وليس معنا تذاكر ولا حجز ولا فيزا. لو عدنا إلى مثل «السيارة الخربة»، فـ«الكاوتش مفرقع» وليس لدينا بنزين ولا زيت، ثم تدعونى للقيادة، كيف وأين سنذهب؟
المهمة التى تنتظر أى رئيس مقبل هى: من فضلك ضعنى على طريق المستقبل، اسأل نفسك لماذا تعرض المنصب الوزارى وتعرض الرئاسة وتعرض كل حاجة فى هذا البلد على كل من تتوسم فيه خيراً ولا أحد يجيب، أنت عندك مشكلة حقيقية حلها لى.
ياسر رزق مخاطباً هيكل: أستاذنا حضرتك تحدثت عن المستقبل والطريق إليه، والمستقبل حدده الشعب فى ثورتين فى كلمات بسيطة جداً: المعيشة الكريمة والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة والاستقلال الوطنى، الطريق إليها يحتاج بوصلة اتعودنا أن حضرتك تنظر وترى وفيه كثيرون ينظرون ولا يرون، اعتدنا أن فى يدك البوصلة، بوصلة وطن وأمة.
الحقيقة وفى أوقات كثيرة جداً فى جيلى وجيل قبلى وبعدى كانت تبدو الصورة مظلمة وكنا نستلهم من كتاباتك ومن رؤيتك الطريق حتى لو كان فيه ضباب، ليست قصة سيارة خربة، فى الآخر نعرف ماشيين فى الطريق السليم، أم لا، فقد نهدر كل وقتنا فى دفع سيارة خربة فى حين الأسهل أن نمضى سيراً على الأقدام.
تتحدث عن مخاطر تهدد الوجود المصرى، النيل والغذاء وقضية الطاقة، لكن فى الحقيقة نحن خارجون من ثورتين، آخرهما ثورة أطاحت بنظام حكم كان سيقضى على الوجود المصرى تماماً.
لدينا أمل ونحتاج إلى قيادة ونحتاج إلى خبرة حضرتك وتخبرنا ببوصلتك وأن تقول لنا من هنا نبدأ، ثم قيادة تقود هذه المسيرة مع كل هذا الزخم الشعبى وكل الأمل الذى يعتمل فى صدور المصريين ونمضى دون أن نمشى على هذا الطريق، طريق التنمية وطريق القوة الشاملة للدولة، لأنه فى الحقيقة دون زيادة هذه القدرات الشاملة للدولة لن نستطيع توفير مياه النيل ولا الغذاء ولا ضمان أسانيد الوجود المصرى أو دعائم وجود الدولة المصرية، هل ترى نقطة البدء فى التصدى للمخاطر وتحويلها من مخاطر داهمة إلى تحديات يمكن تجاوزها فيما يتعلق بالنيل والطاقة والغذاء والعيش الكريم للمصريين، هل نقطة البدء بالعدالة الاجتماعية بأن تكسب عشرات الملايين من المصريين الذين يشعر بعضهم أن مسألة الوطن بالنسبة له محل نقاش لأنه لا يجد مكاناً له تحت شمس. أو مسألة إحساس الطبقة الوسطى التى تآكلت فى عصر مبارك وبدأت تنهض فى ثورة 25 يناير.. من أين نبدأ؟
هيكل: يجب أن نعرف الحقيقة وكيفية مواجهتها.. لسنا على طريق المستقبل، عندما نحدد ماذا نريد، الحرية والعيش والكرامة، هذا صحيح لكن لم توصّف الأوضاع التى أنت فيها كما ينبغى وكلها لا توصلك للمستقبل ولا تفكر فى ضوء ما ينبغى أن تعرف من حقائق، عليك أن تعرف أين أنت وكيف تتحرك نحو المستقبل ثم متى تبدأ، ليست أمامك خطوة واحدة، أمامك عدة خطوات، متمثلة فى معرفة الحقيقة ومواجهتها وحل هذه المشكلة الوجودية.
أزمة النيل تهددنا بـ«العطش» خلال 4 سنوات.. ونحتاج لـ«قيصر سياسى» لإنقاذنا.. والأمير حمد قال لى «لو أن مصر فى موقعها الحقيقى ما هاجمها أحد»
عشنا سنوات طويلة جداً بعيدين عن الهدف وعن أى رؤية، وعشنا سنوات طويلة من الجمود والتجريف فى مصر، وقد قرأت تقريراً عن مصر يتحدث عن «الإفلاس» فى 2004 و2005 وتم التغطية على ذلك بكل الوسائل.
بلد لا يعرف حقائق ما عندك ولا كيف وصلت للوضع الراهن، أبسط شىء أن تعرف الحقيقة ثم تحدد مرحلتين فى الحركة؛ أن تعرف طريق للمستقبل وترسم خريطة له ثم أحدد بدايتها وأتحرك لكن لا تستطيع أن تقفز إلى المستقبل دون أن تكون على طريق هذا المستقبل.
السناوى: يبدو أننا تصورنا أن الإجابة عن سؤال المستقبل ستكون بسيطة لكن يبدو أننا أمام وضع معقد وملغم أكثر مما نتصور.. وهنا أسأل الأستاذ محمد عبدالهادى علام رئيس تحرير جريدة الأهرام: أمام هذا الوضع الجديد عربة معطلة ما حولها فى الإقليم مزعج، كيف تنظر من موقعك وقد عملت محرراً دبلوماسياً لسنوات، للتغيرات الدولية وتأثيرها علينا فى كل الملفات؟
علام: حين دعوتنى لهذا الصالون رجعت لكتاب الأستاذ هيكل: «قصة السويس آخر المعارك فى عصر العمالقة»، لأننى أرى فيه تشابهاً كبيراً من قراءة تاريخ مصر من تحديات وآمال كثيرة فى الداخل والخارج، المعيار الرئيسى الذى ظهر فى قصة السويس وفى 30 يونيو 2013 هو الإرادة الشعبية التى تريد أن تضع البلاد على طريق المستقبل وكان فى 1956 قيادة استجابت لإرادة الجماهير وحققت آمالها وتطلعاتها ووضعتها على طريق المستقبل، وفى 30 يونيو نلاحظ الأمر نفسه لكن أمريكا وبريطانيا وألمانيا تريد أن تضع فاصلاً ما بين إرادة الشعب وقائد منتظر استجاب لمطالبها فى 30 يونيو لتخليص البلاد من الدخول فى عصر الظلام، فضلاً عن الدور الإقليمى الذى تلعبه قطر وتركيا ضد مصر، لأن موقع مصر مع وجود قائد وطموحات شعب يريد تحدى الصعاب دائماً ستكون هناك مؤامرة.
السناوى: ما هو التحدى الرئيسى إذن؟ أنت فى وضع داخلى صعب وقاس؟
علام: السياسة الخارجية فى أحد تعريفاتها هى امتداد للسياسة الداخلية والصدق مع الناس هو أولى الخطوات نحو صناعة المستقبل، وحينما نعرف الحقائق بكل شفافية هو أول الطريق إلى المستقبل.
لم يكد «علام» ينهى إجابته حتى توجه للأستاذ هيكل بسؤال جاء فيه: لماذا تأجيل لحظة مواجهة الحقيقة؟
هيكل: لو أردنا الحديث عن الحقيقة فأولى المشاكل التى تواجهنا أن العدل الاجتماعى غائب عن المجتمع المصرى وهناك خلل كبير جداً وهذه أبرز المشكلات وأنت تتكلم عن مواجهة الحقيقة عليك أن تعلم من يتحمل العبء كما أنه ليست هناك سياسة خارجية إذا لم تكن واقفاً على قاعدة لها قيمة وهى تبدأ من الداخل، فالدكتور محمود فوزى (وزير خارجية مصر الأسبق) كان يقول باستمرار: أنا كوزير خارجية أريد وزير التعليم والصحة والزراعة ليتفاوضوا.. المشكلة الكبيرة الآن أن كل ما يحيط بمصر تحول إلى ثغرات.
لا أحد يتحدث عن القدرة على الوصول لأى مستقبل لأنك أمام أزمة بقاء، والبداية يبنغى أن تكون من هذا البلد وبإرادة شعبه ولن تتحرك إلا إذا عرف الناس الحقيقة، لأن ما يخلص الشعوب هو معرفتها بالحقيقة، ولا يمكن أن نتحدث عن دور إقليمى لمصر والوجود المصرى نفسه موضع مساءلة، وعلى الرئيس المقبل والنظام الجديد أن يواجها مع الشعب حقائق لا بد من مواجهتها، كما أن مصر لا يمكن أن تعيش على المساعدات، والناس تعبت بالفعل لأننا تركنا أساسيات الوجود فى حد ذاتها وتحدثنا كثيراً فى التفاصيل.
أنهى الأستاذ هيكل حديثه ثم طلب من الكاتبين الكبيرين بهاء طاهر ويوسف القعيد الحديث، فداعب «طاهر» «القعيد» ودعاه للمبادرة بالحديث أولاً قائلاً له «علشان أغش منك»، فتحدث القعيد قائلاً: أتمنى لو يشاهد الناس بعد هذا اللقاء الذى نشارك فيه لقاء الدكتور طه حسين مع المثقفين المصريين فى منتصف ستينات القرن الماضى حتى يعرفوا أين كانت مصر وأين صارت، ثم توجه للأستاذ هيكل بالحديث وقال: حين يصمت هيكل (وأنت طبعاً أكبر من الألقاب) الناس فى الشارع يوقفوننى ويسألوننى: هيكل ساكت ليه؟ كلامه يشيع جواً من الاطمئنان ويساعد الناس ومهم جداً أنه يتكلم.
والحديث عن السيارة الخربة جعلنى أتذكر مسرحية سعد الدين وهبة واسمها «سكة السلامة» لناس راكبين أوتوبيس تاه بهم فى الصحراء وهم ما بين سكة السلامة وسكة الندامة وسكة اللى يروح ميرجعشى.
المصريون يبحثون عن بطل منذ وفاة الزعيم جمال عبدالناصر، ففى أثناء حكم عبدالناصر كانت طلائع المصريين من العمال والفلاحين والنخبة، وأيام السادات كانت الطلائع من الانفتاحيين أما أيام مبارك فكانت الطلائع من لصوص زواج السلطة بالمال، فمن هم طلائع الرئيس المقبل ليكونوا جيشه المدنى الذى من الممكن أن تتحقق معه أحلام مصر.
هيكل: الشعب المصرى لا يبحث عن بطل لكنه يبحث عن أمل، والشعب المصرى قاسى طوال العصور الماضية وهو يبحث عن أمل، وهناك مسألة مهمة جداً وهى أنه لا يجب أن يرد احتمال الفشل على بال أحد فى المرحلة المقبلة، لأن الفشل فى المرحلة الراهنة معناه نتائج كارثية، والشعب المصرى تحمل أكثر مما يستطيع أن يتصوّره أحد، كما أن الأوضاع الحالية لا يمكن أن تستمر، وطريق الندامة لا ينبعى أن يكون وارداً، لأننا وصلنا إلى حالة أن تكون أو لا تكون، ومن وهنا يجب أن نبدأ.
توقف الأستاذ وخاطب الكاتبة الصحفية والإعلامية فريدة الشوباشى قائلاً: إزاى أنتِ سايباهم يتكلموا وقاعدة ساكتة،.
فقالت الشوباشى: أريد أن أقول انطباعات عندى، فكما تحدث الأستاذ هيكل بأننا إما نكون أو لا نكون فنحن حين خرجنا فى 30 يونيو فقد حققنا إرادتنا وانتزعنا وطننا من براثن الخيانة وأمريكا تحاربنا على كل الأصعدة حتى فى المياه منذ أيام السد العالى كما أنها متخبطة إزاء الموقف من مصر.
عند هذه النقطة توجه السناوى إلى الدكتور عماد جاد قائلا: أريد الاستفادة من وجود الدكتور عماد جاد كباحث سياسى مرموق، من أين نبدأ، التقاط شىء من الأمل، هناك مطبات كبيرة موجودة خاصة فى ملف العدالة الاجتماعية، المواطن محتاج يحس بحاجة، فلوس، خدمات أكثر.. فما هى الملفات الضاغطة على أى رئيس جمهورية مقبل؟
د. عماد جاد: شايف مصر أشبه بمريض يعتمد على محاليل علاجية أطراف خارجية هى اللى بتعمل لنا المحاليل على أن تستمر لغاية ما يقوم على رجليه وممكن يحصل إنجاز كبير لو قام هذا المريض، ورغم إدراكى لأهمية المحاليل والتغذية التى تتم خلال الوريد بقدر الألم الذى يعترينى حين أشاهد نظرات من يمنحون المحاليل للمريض فالمسألة قاسية علينا لأننا لا نملك من أمورنا شيئاً.
عندنا حالة من حالات الحماس لكن ممكن يوصلنا نلعب مباراة كرة قدم لكن ليس أمام البرازيل، ونحتاج إلى مصارحة ووضوح أكثر لملفات لا تحتمل التأجيل، والتحدى الرئيسى أمام الرئيس المقبل هو استغناء مصر عن المساعدات، وقد آن الأوان لإنصاف الفقراء لأنهم أكثر فئات المجتمع المصرى التى تعرضت للظلم منذ السبعينات، وعلى المترفين ومن راكموا الثروات منذ السبعينات أن يدفعوا الثمن وأن يسهموا فى الاهتمام بالفئات الضعيفة.
وتوجه جاد للأستاذ هيكل بسؤال: ما الأجندة التى تقولها لمن يتولى المسئولية فى المرحلة المقبلة؟ فأجاب: أدرك تماماً ضرورية العدل الاجتماعى والتعليم، لكن علينا أن نواجه الحقيقة، فوفق الدستور الجديد فنفقات التعليم نصف أو ثلاثة أرباع الدخل القومى، واستمرار العشوائيات ونسبة الأمية كما هى تعد إهانة، لكن ليس لدينا الموارد التى تمكننا من تنفيذ مطالب التعليم والصحة والعدل الاجتماعى، وتوزيع الثروة فى مصر لم يكن فى يوم من الأيام بمثل البذاءة التى عليها الآن ولا فائدة من برامج تطرح دون وجود موارد، وأنا لدىّ ثقة فى الإنسان المصرى، والرئيس عدلى منصور يعد نموذجاً، فهذا الرجل لم يكن معداً لأى شىء فقد كان قاضياً جليلاً وصل لقمة الوظيفة دون أن يكون مهتماً بالسياسة وكان يستغرب كل ما حوله بعد توليه الرئاسة مباشرة وكان قليل الكلام لكن خلال ستة أشهر من المسئولية نضج بصورة كبيرة، وهذه ليست مجاملة، فالرجل لن يأتى رئيساً مثلاً، كما أننى أقول إن الإنسان المصرى تحمل كثيراً ويحلم بـ«أمل» وليس بـ«بطل»، ويجب أن ندرك أن الأحلام تتحقق حين تمسك الفرصة بيدك، وليس بـ«المجد التليد» و«نحن الألى شادوا الهرم».
ووجهت الشوباشى سؤالا لهيكل: هل 30 يونيو ضربة ولطمة للسياسية الأمريكية أم لا؟ وتدخل السناوى فزاد: هل هناك ارتباك فى الموقف الأمريكى أم أننا أمام استراتيجية واضحة؟ فأجاب الأستاذ قائلا: الموقف الأمريكى وكل موقف فى الدنيا من مصر يتوقف على الوضع بداخلها، وأنا كنت بتخانق مع الشيخ حمد (أمير قطر السابق) وقال لى (وأنا اتكسفت) قال لى لو أن مصر فى موقعها الحقيقى ما كان فى مقدور أحد مهاجمتها، وتابع هيكل: أليس مصيبة أن تشكو مصر من قطر؟! أمريكا إيه وقطر إيه.
الدور الأمريكى مؤثر فى مصر مع الأسف الشديد بحيث أصبح قادراً على أن يقول لك لأ فتسمعى، وعلينا البحث عن أسباب تنامى نفوذه.
انتقل عبدالله السناوى من «سؤال المستقبل» إلى «سؤال اللحظة»، ودار الحديث حول المشير عبدالفتاح السيسى باعتباره «مرشح ورئيس الضرورة» بتعبير الأستاذ هيكل.
وقال حجازى: مصر عاشت خلال الثلاثين عاماً الماضية ثنائية القهر والفوضى، وأرى ترشح السيسى فى سياق البحث عن أمل وليس البحث عن بطل، من يكون قادراً على استشراف الحقائق ومن يستطيع أن يكون قادراً على معرفة الحقائق للتعريف بها ثم تحمل مؤنة قيادة مشهد ليس بالضرورة من يعرف حقائقه القائم عليه وحده، مشهد يكون «مايسترو» كما قال الأستاذ هيكل عن خوان كارلوس «أشارجى المرور» بأن يسمح لكل الحركة فى المجتمع سياسياً وفكرياً واجتماعياً أن تتحرك دون تصادم وتتحرك بمصر للمستقبل. السؤال الحقيقى الملح بالنسبة لأى مرشح وللسيسى أن يكون مؤهلاً لنفسه وعلى بداية طريق الحقيقة وبقدر كبير من تمهله يبحث عن الأمر من هذه الزاوية.
وقالت الشوباشى إن المشير السيسى أكثر شخص عليه إجماع مصرى، فى حين قال الكاتب الصحفى ورئيس مجلس إدارة الأخبار ياسر رزق إن الشعب المصرى وجد البطل فى 3 يوليو 2013 فى إشارة للمشير السيسى.
وأضاف: يوم 3/7 والأمل بالنسبة للشعب يلوح كان يبحث عن قائد لسيارة الوطن، حتى إصلاح السيارة ليس كافياً، القائد الذى يستطيع أن يمر بها فى طريق المستقبل وأن يجتاز المطبات دون أن تنقلب بمن عليها، فى البحث عن قائد أرى أن المشير السيسى شخصية مبشرة منذ البداية وعنده رؤى لا أروج له لأنه سيطرح عبدالفتاح سعيد السيسى نفسه وليس المشير السيسى عندما يعلن خطاب ترشحه وأظنه من الضرورى أن الخطاب سيحمل خطوطاً عريضة لما ينتوى فعله فى برنامجه الانتخابى لكن الحقيقة أرى بعض التشابه بين البحث عن قائد لبلوغ الأمل بعد ثورة 1952 واللحظة التى ظهرت بقوة فى 9 سبتمبر 52 حين صدر قانون الإصلاح الزراعى والذى كان وراءه شاب اسمه جمال عبدالناصر كان عمره 34 عاماً أحد أعظم من أنجب هذا البلد والعالم.
وسأل رزق هيكل: هل ترى أن فى هذه اللحظة التاريخ يعود إلى دورة كاملة حتى لو كانت هناك آمال حبيسة هى نفس التى كانت تراوده فى الخمسينات والستينات؟
هيكل: فرق كبير بين ظروف 52 وبين اللى انت شايفه الآن أنا معرفش كنت فين فى 52 بس أنا كنت موجود قريب من جمال عبدالناصر وشايف اللى حاصل خطوة بخطوة.. الدورة الكاملة تبقى فى حلقة مفرغة.. قيمة تجربة عبدالناصر أو أى أحد أن تكون نموذجاً تدرسه وتستفيد منه لكن لا تكرره، الظرف الإقليمى والعالمى مختلف والظرف الوطنى مختلف، أنا أعتقد أن السيسى مرشح ضرورة كنت أتمنى أن يكون هناك مرشحون آخرون لو مكنش حصل التجريف اللى حصل فى مصر وكل هذا القحط اللى حصل فى الأفكار وفى البشر والمشروعات والطموحات.. أليس غريباً بعد سنين طويلة من نهضة أو يقظة هذا البلد أن نسأل الآن عن سؤال وجودى نكون أو لا نكون.
وأضاف هيكل: أنا قلق على المشير السيسى لأن جمال عبدالناصر اشتغل فى السياسة و«مكنش ظابط كويس أوى لايمكن يكون كان ظابط بيفكر فى السياسة مولود سياسى وراح شاف الإخوان وشاف الشيوعيين»، أما عبدالفتاح السيسى ضابط فى المؤسسة العسكرية ولم يكن له دخل فى السياسة وجزء من تردده الكبير جدا انت بتقول لى بشوفه قليل وانت عارف مش كتير وبيتقال انى بعمل له برنامج أنا ساعات بقرا حاجات بتتقال وأبقى مذهول والله وأنا بسمعها.
السناوى (مقاطعاً): قلت إنها خزعبلات
هيكل: قالوا إنى بكتب البرنامج هل يمكن لأى حد... اكتب إنشاء زى ما انت عايز المفروض يضع البرنامج هو نفسه وأعتقد أن جزءاً كبيراً جداً من تأخيره إعلان نفسه أن يفكر فيما يستطيع أن يفعل، أتصور نعم مرشح ورئيس ضرورة لكن علىّ أن أعلم أن المهام المقبلة تختلف عن المهام التى قام بها حتى الآن جربناه فى معارك دفاعية هو والمؤسسة اللى معاه أنقذوا ثورة 25 يناير ومنعوا ضربها و30 يونيو جاءوا صححوا خطأ هم وقعوا فيه الحقيقة يعنى والناس كانت ماشية فى هذا متصورة أن الحل هنا. حتى هذه اللحظة نحن رأينا المشير السيسى فى معارك دفاعية ونراه اليوم يتقدم إلى معارك هجومية فى ميدان هو لم يتأهل له وهنا وهو مرشح ضرورة يحتاج إلى كل البلد وإذا تصور أحد أننا بنتكلم عن بطل منقذ فنحن نتكلم عن وهم، أنت تريد رجلاً قادراً على اتخاذ قرار مستقبل وحركة نحو المستقبل وعليه أن يدرك أن كل البلد لا بد أن تكون حاضرة ولا يغيب فيها طرف.
أتصور أن هناك رئيساً مقبلاً وأنا أريد أن أمنحه كل الفرص يشوف الحقيقة ويصارح الناس بها والشعب كله يبقى حاضر بطريقة الوعى وليس بطريقة الانفعال وأنه الإحساس بوقر المسئولية وليس بالجموح ونفسى جداً يقدر يحكم بجبهة وطنية، وأرجع لاقتراح كنت بقوله زمان لما قلت مجلس أمناء دولة ودستور فى محاولة من المحاولات لإيجاد طريقة للانتقال بين مبارك وما بعده طرحتها ومبارك موجود، لا بد من مجلس أمناء للدولة والدستور مع الفريق السيسى وأتصور أن الفريق السيسى معندوش الظهير وراه.
هنا قاطع الحاضرون الأستاذ مذكرين إياه بالترقية الأخيرة للسيسى بكلمة: المشير
فرد ضاحكاً: لسه محتاج آخد على حكاية المشير لأنى مش متحمس أوى لها، وهو عبدالفتاح السيسى، ومش هيستخدم ألقاب بعد شوية، إن شاء الله، لو نجح هيبقى الرئيس عبدالفتاح السيسى.. ولو إنى عارف إنها جت كده من الهوا وهو مالوش دعوة بيها الراجل.
أتصور مجلس أمناء الدولة والدستور بمشاركة كل رؤساء الأحزاب فى مصر وممثلى كل القوى شبه جبهة وطنية منظمة والرئيس عدلى منصور صعبان علىّ، أول أن التفتح لدى هذا الرجل، لا بد أن يوجد وأن يستمر، مش عايز حد يقصى، السيسى عنده تأييد شعبى لكن ليس له ظهير سياسى لا ينوى أن يؤلف حزباً ولا أتصور ذلك، فكرة البطل المنقذ شيلها من دماغك أنا عايز رجل يجىء إلى المسئولية وهو متحسب للمسئولية وعارف هو يقدر يعمل إيه بالبلد وبالناس وبأفكار كل الناس.
عايز معه مجلس لأمناء الدولة عايز جبهة وطنية تدرك أن أمامها 4 أو 5 سنين تصلح العربية وتضعها على طريق المستقبل بحيث يوجد فيها كل الأحزاب المعترف بها وكل من يوافق على مجموعة الأفكار الأساسية التى من الممكن أن يطرحها السيسى على أساس الدستور الجديد.
السناوى: وما الحل لمشكلة الأجيال الجديدة؟
هيكل: أعتقد أنها مظلومة فهى لا تعرف حقائق العالم، وبعيدة، هذا الشباب جزء كبير من جموحه أن محدش بيكلمه سايبه بيكلم نفسه، معنديش حساب فى تويتر ولا فيس بوك بتفرج على المناقشات بفضول مضطرين يكلموا بعض لأن محدش بيكلمهم لا فيه قيادة ولا حكم ولا أحزاب ولا جماعات ولا مثقفين بيكلموهم كل واحد بيكلم نفسه.
طاهر: تجنب الضياع فى رأيى يستوجب تنافسية لتكون هناك طبقة سياسية
هيكل: حزب العمال والأحرار كانوا موجودين فى وزارة تنافسية فى وقت الحرب فى بريطانيا، تشرشل كان يحارب عن إمبراطورية، قال ليس عندى سوى العرق والدم والدموع دفاعاً عن إمبراطورية.. أنت تدافع عن وجود، ليتنافس على الرئاسة من يشاء نحتاج لجبهة وطنية لأن هذا بلد محتاج لأنه ملىء بالجراح.
جاد: السياسة مليئة بالألغام.. آلمنى بشكل شخصى عودة أصحاب الطبل والزمر، ممكن تعمل له عازل، وأنا لا أشك فى أخلاقه ولا نزاهته، وبعضهم تحول من مبارك لمرسى ثم للسيسى.
هيكل: نتكلم فى هذا الجو، البلد أن تكون أو لا تكون، قريبة من دراسة المشاكل وقريبة من المشورة، كل اللى عاوزه كيف يجتاز البلد المرحلة بين سيارة معطلة لا تتحرك وبين بداية أن تذهب لطريق المستقبل، الظروف أثبتت أن الشعب قادر وصبر كثيراً، إذا قلت له ستضحى بكذا وستحصل على كذا وأحس فيك الصدق فأنت فى أمان، وفى مرحلة التيه نحتاج إلى تحديد والناس تقبل إذا رأت أملاً وإذا أحست صدقاً.
المشير السيسى مهيأ لأنه مفيش غيره على فرض الناس انتخبوه، لكن نفترض مجازاً أنه انتخب.. عرفناه فى مناصب إدارية وهو مدير المخابرات العسكرية بيقدر يشوف معلومات لكنها مش قضية فى حد ذاتها، كيف تحول المعلومات إلى سياسة، كيف تحول السياسة إلى قرار، وتحول القرار إلى قدرة إقناع، داخل فى مهمة أخرى تانية، نعطيه فرصة، وأن نساعد البلد تبقى موجودة، حضور البلد هو الفيصل بين نجاحه وفشله، إذا حد بيتكلم للبلد مش هينفع لكن مع البلد ممكن تنفع، لا بد أن تتكلم مع الناس.

  • 1
    بواسطة : هشام بدر
    الأحد 09-02-2014 18:34
    سياده المشير السيسى --- طلب من مواطن بسيط جدا ابتعد من المثقفين - ابتعد عن دكاتره الجامعات - ابتعد عن من يسمون نفسهم ثوار 25 او 30 - ابتعد عن المتحزلقين والمنافقين - بكده انشاء الله تبقا على طريق السلامه رئيسا لمصر ... ولو سعادتك فاضى اقولك ليه 1-المثقفين --- عملوا ايه مع الشعب واين اثر ثقافتهم فى المجتمع ؟؟؟؟-2-دكاتره الجامعات طبعا انت اعلم الناس بما تخرجه الجامعات من معاقين زهنيا وانا واحد منهم 3-ثوار 25او30 اقولك حاجه واحده بس بدل العيش والحريه والكرامه حد فيهم يعرف احنا مبنزرعش احتياجاتنا من القمح ليه حد فيهم يعرف احنا معمرناش سينا ليه حد فيهم يعرف لازم ناخد السلاح من امريكا ليه .... يعنى لما نقدر نعمل كل الحاجات دى الاول ابقى قولى حريه وعيش وكرامه ؟؟؟؟؟ياريت ميبقاش كلامى تقيل على اى حد بس دى الحقيقه ... اسف
  • 2
    بواسطة : جمال محمود الصادق
    الأحد 09-02-2014 18:34
    صالون السناوى .. منذ زمن عبد الناصر لم اجد الا اليوم الندو السياسية الثقافية الدسمة قى وجود الاستاذ العظيم هيكل اطال الله فى عمرة والمجموعة التى بالصالون كانت اروع ما تكون من توليفة وعقلية متزنة عن الفترات السايقة منذ عهد الزعيم الراحل عبدالناصر وحتى وصولنا الى ثورتى 25 يناير 30يونية انا سعيد بالافكار التى انحرمنا منها منذ عهد المقالات العظيمة ( بصراحة)ان جميع الافكار التى طرحت فى جميعها تصف لنا حالة مصر والحلول الصادمة والصعبة المنال والكل يتمنى ان نبدأ بداية اول الطريق اقول لكم كلمة قالها لى ابنى الشهيد اسلام جمال بعد عزل المعزول قلت له سؤال اسلام ادخل ضمن اى حزب علشان تبدأ حياتك من حزب جماهيرى رد على سؤالى قال لى تعرف ان مصر غالية جوانا وبنشعر بها عند الخطر ومصر يابا هى الحزب الذى يبدأ منه المصريين الذين نزلوا يطالبوا عودة مصر للشعب ومن هنا اقول ان مصر بدايتها ان يلتف الشعب حول قائد وان يقوم الجميع بالعمل هذة هى بداية العلاج واعلموا مصر لا تمرض ولا تموت اقدم دولة وشعب ومنذ عهد الفراعنة والمطبات كثيرة وتقوم مصر ولكن ان المطب والتحدى الاكبر كان وجود الاخوان بالسلطة واستطاع الشعب ان يستعيد ما فعلة الشعب الذى نصب شرعية خطأ استعادها هو بنفسة ولكن التحدى الاكبر انت تقف مصر شامخة القرار والوضوح وونادى كلنا بصوت واحد قوم يا مصرى مصر دايما بتناديك ... تحيا مصر ...تحيا مصر ... تحيامصر
  • 3
    بواسطة : عماد محمد
    الأحد 09-02-2014 18:34
    كل ما قيل كلام مهم إلا اننى ارى بداية اهتمام الرئيس القادم يجب أن تكون تحسين الخدمات المقدمة للمواطن من أمن جنائى ورغيف الخبز والنظافة وغيرها من الخدمات اليومية وكذلك محاربة الفساد المالى والادارى
  • 4
    بواسطة : Reem
    الأحد 09-02-2014 18:34
    كفاية بقى تنظير و تنطيط ............... الجزيرةفى انتظارك ارحم مصر انت واليساريين واليمين المتطرف حقا صالون يسنخدم كآداةمن أدوات القوى الناعمة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق