الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

ملفات السعودية

ملفات السعودية
الجزء الثالث من تاريخ آل سعود للشهيد ناصر سعيد
الجزء الثالث من تاريخ آل سعود للشهيد ناصر سعيد
وبموجب هذه القصيدة اغتيل حميدان الشويعر.. اغتاله محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود.. لكن هذه القصيدة بقيت كشاهد اثبات على جرائم اليهود الذين تلبسوا الإسلام لتدميره.. وفي الوقت نفيسه بقيت هذه القصيدة للتشهد بعض كفاح شعبنا كله للدعوة السعودية الوهابية منذ بدأ قيامها الباطل وكانت قبائلنا مع الحضر تقاتل بشدة آل سعود ودعوتهم الخبيثة وكان في طليعة القبائل التي قاومت آل سعود ودينهم الباطل قبائل العجمان وبني خالد وعتيبة وشمر وقحطان والدواسر وبني يام ومطير وحرب وبني مره وبني خالد وبني هاجر وغيرهم.
آل سعود يقطعون الرؤوس البشرية
ويقدمونها مع الطعام
وقد روى حافظ وهبه المستشار السعودي في كتابه (جزيرة العرب) عن الطاغية الملك عبد العزيز الأخير المتوفى سنة 1953 فقال: (قال عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود “لقد قاومت دعوتنا كل القبائل أثناء قيامها وكان جدي سعود الأول قد سجن عدداً من شيوخ قبيلة مطير فجاءه عدد آخر من القبيلة يتوسطون بإطلاقهم ولكن سعود الأول قد أمر بقطع رؤوس السجناء ثم أحضر العداء ووضع الرؤوس فوق الاكل وطلب من أبناء عمهم الذين جاؤوا للشفاعة لهم أن يأكلون من هذه المائدة التي وضعت عليها رؤوس أبناء عمهم و.. لما رفضوا الاكل أمر سعود الأول بقتلهم!.)

ويقول حافظ وهبه في كتابه جزيرة العرب في القرن العشرين (لقد قص هذه القصة الملك عبد العزيز على شيوخ قبيلة مطير الذين جاؤوا للاستشفاع في زعيمهم فيصل الدويش قبل ان يقتله عبد العزيز ليبين لهم أن عبد العزيز سيقتلهم أيضاً إذا لم يمتنعوا عن طلب الشفاعة لزعيمهم فيصل الدويش).. بعد هذه المقدمة الدالة على أصله اليهودي ووحشيته أمر الملك الطاغية عبد العزيز ـ بقتل فيصل الدويش ـ وتوضأ بدمه ثم قام لاداء الصلاة!.
لماذا؟.. لأن فيصل الدويش قد استيقظ ضميره أخيرا وانقلب عليه بعد أن رأى الدويش أن الملك الطاغية عبد العزيز كان لا يركع الا لأوامر الانكليز، واستيقظ الدويش بعد أن وقع عبد العزيز للإنكليز بإعطاء فلسطين لليهود في مؤتمر العقير عام 1922 مما سيأتي اثباته تاليا.. بهذا الاسلوب سارت الدعوة السعودية الوهابية من أول قيامها لا أهداف لها الا النهب والسلب والسرقة والكذب والدجل والفجور والفسوق كل ذلك باسم الدين، ولكني كما قلت عن شعبنا، انّه لم يقف منها موقف المتفرج، فقد قاومها في كل مكان.
ثورة أبناء يام
… ثورة أهل نجران والعجمان وبني خالد
ففي عام 1178 هـ ـ 1765 م اتفق (أبناء يام) من أهال نجران وقبيلتي العجمان وبني خالد وتحالفوا على مقاومة الاحتلال السعودي، تحالفوا على سحق محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب في جحورهما، تحالف بني يام بأن يسيروا من نجران بقيادة السيد (حسن بن هبة الله) ويسير بني خالد والعجمان من الاحساء بقيادة حاكم الاحساء آنذاك (عرعر الخالدي) وتواعد الجميع على الزحف على الدرعية من نجران والاحساء للقضاء على محمد بن سعود اليهودي وابن عمه محمد بن عبد الوهاب وحصد دعوتهما في مهدها الدرعية، وبالفعل سارت جموع بني يام من نجران والاحساء ولكن السيد حسن هبة الله قد وصل بأهالي نجران إلى ضواحي الدرعية قبل وصول العجمان وبني خالد وتمكن أهالي نجران وحدهم من سحق الجند السعودي الوهابي الباطل شرّ سحقة وأسروا الاحياء منهم واختفى محمد بن سعود وكاد ينتهي أظلم وأقذر حكم دخيل في جزيرة العرب على أيدي أهالي نجران الابطال.
لو لم يلجأ محمد بن عبد الوهاب للمكر والخداع..
محمد بن عبد الوهاب يشهد ببطلان دعوته في وثيقة وقعها امام أهالي نجران والعجمان

لقد كاد يقضى على حكم الدخلاء لو لم يخرج محمد بن عبد الوهاب رافعا راية الصلح على (أن يقف أهالي نجران عند حدهم ويمتنعوا من دخول الدرعية وأن يسلموا ما تحت أيديهم من الاسرى السعوديين ويتعهد كل من محمد بن عبد الوهاب ومحمد بن سعود بدفع عشرة آلاف جنيه ذهب كتعويض لاهالي نجران عن رحلتهم هذه وأن لا يتعدى محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب حدود الدرعية وأن لا يرفعا راية هذه الدعوة السعودية الباطلة مرة أخرى وقد شهد محمد بن عبد الوهاب ببطلان دعوته أمام أهالي نجران) وهكذا جرى الاتفاق حرفيا بين أبناء يام ومحمد بن عبد الوهاب معترفا في آخر جملة من الاتفاقية ببطلان دعوته أمام أهالي نجران.. اتفق محمد بن عبد الوهاب نيابة عن محمد بن سعود مع أهل نجران الشجعان على ذلك. وما أن وصلت جموع قبائل العجمان وبني خالد من الاحساء بقيادة عرعر الخالدي حتّى فوجئوا بهذا الصلح غير المرضي للعجمان وبني خالد لكنهم اضطروا لقبوله تمشيا مع ما اتخذه ابناء عمهم من بني يام من نجران.
وهكذا فشلت أول خطة ثورية رمزت إلى قوة الاتحاد بين جنوب الجزيرة وشرقها، ولم يكن سبب فشلها الا التصرفات الفردية للشيخ حسين بن هبة الله!.
ولولا ذلك لقضي على الوجود السعودي الوهابي.
حدثت هذه الخطة الثورية في سنة 1178 هـ الموافق 1765 م رغم ما أحدثه محمد بن سعود ومحمد بن عبد الوهاب من رعب في قلوب المواطنين حيث لم يتمكنا من الخروج لمبارزة أهالي نجران والعجمان وبني خالد الذين أوقعوا الرعب في قلب اليهودي محمد بن سعود وأصيب باسهال ومرض مرضا شديدا من جراء ما انتابه من رعب شديد حينما شاهد (أبناء يام) يحاصرون الدرعية بعد سحقهم للجند السعودي.
وقد تسبب ذلك في وفاة محمد بن سعود من جراء المرض الذي أصابه من هذا الحادث ومات لسبعة أشهر من ذلك الحادث وذلك في عام 1179 هـ ـ 1766 م وهكذا توفي (الامام) محمد بن سعود المؤسس الثاني لدولة آل سعود الخبيثة، وكان المؤسس الأول مردخاي ـ أو مرخان كما قلنا، وبقي الطرف الثاني والشريك محمد بن عبد الوهاب، يدير شركتهما المحدودة وحيدا لتقتيل الآمنين باسم الدين، ولكن أكبر أولاد ـ محمد بن سعود ـ وهو عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ قد تمكن من تولي منصب والده محمد بن سعود والسير في (خطة أبيه الأول) في عدم فسخ الشراكة وتأييد فتاوى محمد بن عبد الوهاب شيخ الدعوة الباطلة للشعوذة والحكم الوراثي رافعين راية الباطل لقتل المؤمنين “باسم الله” والله منهم ومن دعوتهم براء، وكان عبد العزيز بن محمد بن سعود قد تزوج ابنة محمد بن عبد الوهاب، وامتزج النسب الباطل ببعضه أكثر من ذي قبل..
وما ان ازداد محمد بن عبد الوهاب قوة حتّى قام بالاتصال بيهود نجران طالبا دعمه ماليا ثم أثارهم ضد الشعب في نجران.. ثم أمر محمد بن عبد الوهاب جده بمواصلة غزواتهم على البلدان المجاورة في نجد وأخذ شعبنا يقاوم ببسالة هذه الدعوة الباطلة، لكن الباطل السعودي كان أقوى على حق الشعب المغلوب ويرجع ذلك لسببين:
الياهو كوهين يدعم محمد بن عبد الوهاب
السبب الأول : هو دعم اليهود في العراق عن طريق تاجر يهودي يدعى الياهو كوهين ساسون ـ لمحمد بن عبد الوهاب وشركاه آل سعود.

والسبب الثاني : هو تفكك الشعب.. فاحتلوا القصيم ومعظم أقطار نجد، ثم احتلوا الاحساء في عام 1208 هـ بعد مقامة طويلة من شعبنا، فقتل آل سعود و محمد بن عبد الوهاب عدداً من شيوخ بني خالد والعجمان، وفي الاحساء المطلة على شواطئ الخليج العربي اجتمع عبد العزيز بن محمد بن سعود و محمد بن عبد الوهاب باثنين من رسل المخابرات الانكليز عاقدين الاتفاق معهم ضد شعبنا، واستمر دعم الانكليز لمحمد بن عبد الوهاب ونسيبه عبد العزيز بن محمد بن سعود وكانت زوجة عبد العزيز بن محمد بن سعود قد ولدت طفلا من ابنة خاله محمد بن عبد الوهاب…
وباسم هذا الطفل واصل محمد بن عبد الوهاب زحفه إلى العراق بقيادة “ابن ابنته” واسمه “سعود بن عبد العزيز بن محمد بن سعود” فاحتلوا كربلاء في عام 1216 هـ وهدموا مساجدها ومآذنها وهدموا قبة الحسين.
وصادروا أموال المواطنين واعتدوا على نسائهم وأخذوهن سبايا وبقروا بطون الحوامل منهن ـ وهي طريقة سعودية معتادة ـ ثم عادوا إلى الحجاز فاحتلوا مكة وجدة في 17 محرم 1218 هـ وكانوا قبلها قد احتلوا جدة والمدينة المنورة، ولكن أبناء الحجاز ما لبثوا استعادوا الحجاز وطهروه من رجس الوهابية اليهودية السعودية، وفي 10 رجب 1218 هـ قام أحد الابطال ويدعى محمد بن ناجي اليامي بقتل (الامام) عبد العزيز بن محمد بن سعود بعدة طعنات من خنجره أودت بحياة عبد العزيز، وقد أشاع آل سعود بعد ذلك (أن أحد الأجانب الكفرة المشركين من كربلاء هو الذي اغتال عبد العزيز وهو في الصلاة انتقاما)..
هكذا قال محمد بن عبد الوهاب … ولا نعلم كيف يبيح محمد بن عبد الوهاب وشركاه الاعتداء على الشعب في كربلاء ما دامت كربلاء أجنبية ولا يبيح الطغاة لابناء كربلاء رد العدوان بالقصاص؟.
ان آل سعود لم يقفوا عند هدم قبة قبر النبي محمد بن عبد الله في المدينة وإنما أوقفوا بالقوة. لقد قتل عبد العزيز الأول لانه لا يقل اجراما عن حفيده الاخير الملك الطاغية عبد العزيز جرما وبطشا بالآمنين ودجلا باسم الدين والدين منهم براء. وبعد مقتل (الامام) عبد العزيز بن محمد بن سعود تولى من بعده ابنه سعود الأول (ابن بنت محمد بن عبد الوهاب ) ولكن الشعب أبى أن (يبايع سعود) وقاومه الشعب في العراق حتّى تحررت منه الاجزاء التي استولى عليها من العراق.

الشهيد ناصر السعيد
وبقي يدعمه جده محمد بن عبد الوهاب بالفتاوى الباطلة وأموال اليهود والإنكليز واستمر حكمه الطاغي احدى عشر سنة من عام 1218 إلى 1299 هـ سار خلالها لاحتلال الحجاز مرة أخرى ثم سار لاحتلال الشام والعراق ورأس الخيمة في عمان ولكنه دحر في الشام والعراق وعمان ثم سار لاحتلال اليمن ووصل إلى زبيد ولكن شعبنا المكافح في اليمن دحره وقتل الكثير من جنده الفاسد وهرب مذعورا رغم دعم الانكليز واليهود له، وكانت عقلية سعود الأول سخيفة لا تشابهها إلاّ عقلية بعض أخلافه، لقد كان مغرورا بخيوله.. كان يحب الحريم والرقيق والخيول كان يدعمه الانكليز واليهود، كان لكل ولد من أولاده حرس خياله قدرهم (200) يضاف إلى ذلك عدد من الابل والحريم التي يختطفهن ويسلبهن من ذويهن ظلما وزورا.. وبهذه الطريقة احتل الحجاز مرة أخرى عام 1220 بعد مقاومة قاسية من أبناء الحجاز وراح يهدم في الاماكن المقدسة بحجة (أنه يخشى أن يعبدها الناس)!… وفرض على أبناء الحجاز أن يدرسوا رسائل جده محمد بن عبد الوهاب والكتب السخيفة التي وضعها آل الشيخ أي آل عبد الوهاب والوهابيين وبقي هذا الحكم السعودي يسوم الحجاز من عام 1220 حتّى عام 1228 هـ
والاماكن المقدسة تلاقي من سعود وآله وتجار دينهم في السابق ما تلاقيه الآن من آل سعود وتجار دينهم الباطل..
جيش العروبة في معركة تحرير الجزيرة العربية
وفي سنة 1220 هـ قام (سعود الأول) بعد أن احتل الحجاز بتعاون مع العثمانيين وارتكب أنواع الجرائم في الحجاز غير عابئ بقدسيتها، قام هذا المخبول بأعمال منكرة جدا، الا أنها مضحكة جدا، فقد منع على المصريين والسوريين والعراقيين أن يحجوا، بحجة أنه يخشى منهم وانه لا يعجبه اسلامهم.
ففي سنة 1220 هـ قال الامير سعود الأول بن عبد العزيز بن محمد بن سعود ـ لاميري الحج المصري والشامي: (ما هذه العويدات التي تأتون بها وتعظمونها؟) “ويقصد بذلك المحمل المصري والمحمل الشامي” فأبلغه بقولهما: “ان هذه العويدات هي المحمل المصري والشامي! وهي قديمة جارية اتخذت لتجميع الناس والحجاج حولها متكتلين متحدين ضد قطاع الطرق ولصد العدوان”..
فأبلغ سعود أهالي مصر والشام قائلا: “انكم يا أهالي مصر والشام إذا فعلتم ذلك عبد هذا العام فاني أكسر المحمل الشامي والمصري، وأقتل جميع الحجاج، وكذلك شروط أخرى عليكم يا أهالي مصر والشام،
أولا ـ أن لا تلحقوا لحاكم
ثانيا ـ أن لا تذكروا الله بأصوات عالية، أو تنادوا بقولكم “يا محمد
ثالثا ـ أن يدفع كل حاج منكم جزيه قدرها عشرة جنيهات من الذهب لجيبي الخاص
رابعاً ـ أن يدفع أمير الحج المصري والسوري كل منهم عشر جواري وعشرة غلمان لون أبيض كل سنة”. انها شروط قاسية ومضحكة قصد بها ابعاد الحجاج.
ويقول السيد دحلان في تاريخه: (ان سعود قد أحرق المحمل المصري والمحمل الشامي وأمر مناديا ينادي بالناس في الحج بأن لا يأتي أي إنسان للحج في العام الاتي من أي جهة من العالم وهو حليق اللحية).
فراح الحجاج المصريون في عام 1220 هـ غاضبين ولكنهم غير آبهين بطلبات سعود الأول المجنونة، وفي عام 1221 هـ كتب سعود الأول إلى أمير الحج الشامي وكان أمير الحج قد وصل بالحجاج إلى قرب المدينة المنورة، يقول له: (لا تدخل الحجاز الا على الشروط التي شرطناها في العالم الماضي)
فرجع حجاج الشام تلك السنة من غير حج، أما حجاج مصر فقد امتنعوا من أنفسهم ولم يحجوا تلك السنة وهم على مضض، مما جعلهم يتضجرون غيظا على الحكم السعودي المتوحش.

ويقول العلامة ابن بشر في تاريخه عن جرائم 1221 هـ السعودية : (ان سعودا حشد جيوشا عظيمة قرب المدينة المنورة وأمرهم أن يمنعوا الحجاج الآتين من مصر والشام فرجع المحمل الشامي إلى وطنه وكان أميره عبد الله باشا العظم، ثم بعد ذلك قام سعود بابعاد آلاف العرب من مكة وأعظمهم من أبناء الحجاز نفسها واليمن والعراق وكذلك سافر إلى المدينة وفعل فيها مثلما فعل في مكة، وقد هاجر عدد لا يحصى من أبناء الحجاز إلى مصر والشام واليمن والسودان وتركيا وأماكن شتى من العالم فأسرعوا في كشف فضائح الوحوش السعوديين، في القوت الذي كان فيه سعود الأول يتبادل هدايا الجواهر والجواري والغلمان مع شاه إيران بهلوي الأول ويأخذ الاموال من اليهود (كاعانة له على خدمة الحرمين) كما يزعم وقد أغضب هذا الفعل السعودي أهالي نجد وعلماء نجد الصالحين من غير آل الشيخ طبعا ـ أي من غير أسرة محمد بن عبد الوهاب ) ..
وما فعله سعود الأول بالحجاج يذكرنا بما تفعله بقية الأسرة السعودية بالحجاج أيضاً فقد أعادت الحجاج السوريين على زمن الوحدة بين مصر وسوريا عام 1959 وأعادوا كسوة الكعبة المصنوعة في مصر ورفض آل سعود أن يحج أهالي مصر ما لم يدفعوا عملة صعبة! أما جنيهات استرلينية أو دولارات أمريكية، وما فعله آل سعود مع أبناء مصر فعلوه مع أبناء اليمن فقد منعوهم من الحج حين قامت الثورة ضد حكم الامام المتأخر أحمد بن يحيى الدين، اما أهالي الحجاز فقد مقتوا الحكم السعودي الاجرامي منذ بدايته، وامتنع الكثير من الحجاج العرب في بداية الحكم السعودي عن أداء فريضة الحج ست سنوات مقسمين (أن لا يحجوا حتّى يطهروا قبلتهم من الرجس)،
أما أهالي مصر والشام واليمن فقد امتنعوا عن الحج كليا طيلة ست سنوات، وفي سنة 1226 هـ بدأت حملات التحرير العسكرية من مصر إلى الحجاز بعد أن ضغط أهل مصر على حكامهم الاتراك فاستولت الحملة على ينبع وحررتها في نفس السنة 1226 هـ وبما أن مصر نفسها كانت محتلة للعثمانيين آنذاك فقد أصدر السلطان سليم الامر إلى محمد علي باشا حيث بعث محمد علي بطوسون على رأس حملة التحرير العسكرية المصرية، لكن قادة الحملة العثمانية تآمروا مع سعود الأول بعد أن تبادل معهم الهدايا وأقنعهم أنه سوف ينفذ أوامر خلافتهم على الحرمين كما يريدون على شرط (أن لا يمكنوا أعداء آل سعود المصريين والاشوام من التدخل والانتصار عليه)
فتراجع القائد طوسون وادعى أنه انكسر أمام الجيوش السعودية ولكن هذه الفعلة النكراء أثارت العرب والمسلمين في اليمن وقلب الجزيرة العربية وفي الشام ومصر بوجه خاص فبدأ الضغط العربي على الاتراك من جهة واقتنع محمد علي حاكم مصر من جهة أخرى بأنه لا عزة لهذه المنطقة كلها ما لم تجتث العائلة السعودية والعائلة الوهابية من جذورهما، فجمع قادته في القاهرة ومن بينهم ابنه إبراهيم باشا وطلب منهم إعطاء الرأي بالطريقة التي يرونها للتخلص من الاسرتين الشريرتين.. فأخذ كل واحد يبدي رأيه.. فقام محمد علي وأحضر تفاحة وضعها في وسط سجادة كبيرة مفروشة في مجلسه ثم طلب من كل واحد من الحاضرين أن يأخذ التفاحة دون أن تطأ قدمه على السجادة، فاحتار الجميع الا أن ابنه إبراهيم باشا لم يعجزه الحل فطوى السجادة من طرفها بيديه دون أن تطأ رجليه السجادة حتّى وصل إلى التفاحة فأخذها وأكلها.. فوقف له والده احتراما ثم قال:

حقائق القهر السعودي

(أردت بذلك أن أختبر ذكائك بهذه الطريقة لأقول لك بعد هذا أنت الذي سيكون لك شرف تخليص العرب والجزيرة العربية والمسلمين والديار المقدسة من هذه النكبة بهاتين الاسرتين الوهابية والسعودية) فانطلق إبراهيم باشا يطوي طغاة الجزيرة العربية واحدا تلو الاخر مثلما طوى تلك السجادة التي طواها في القاهرة. وفي سنة 1228 هـ تمكن العرب بقيادة إبراهيم باشا من تحرير مكة والمدينة المنورة والطائف من رجس السعودية (اليهودية)، ويقول السيد دحلان في تاريخه
(لقد حاول سعود هذه المرة أن يخادع العرب وأن يفعل مع العثمانيين ما فعله في المرة الاولى معهم تبادل الهدايا والخضوع لسلطانهم، فأرسل إلى السلطان محمد علي باشا طالبا الصلح وأن يفتدي بالمال عثمان المضايفي عامله السعودي على الطائف، ولكن مساعي الصلح السعودية لم تتم حيث اشترط العرب على رسول سعود الشروط التالية:
أولا ـ أن يقوم سعود بدفع كل المصاريف التي اتفقت على الحملة العسكرية
ثانياً ـ أن يقوم سعود برد كل المجوهرات والأموال التي كانت بالحجرة النبوية
ثالثا ـ أن يكون سعود بدفع الدية لابناء الحجاز وأبناء مصر الذين قتلهم
 رابعا ـ أن يحضر سعود بنفسه لتسليم نفسه للقيادة ليحاكم على ما ارتكبه من جرائم بحق العرب والمسلمين، وبالطبع لم يفعل هذا سعود وانما بقي في الدرعية لا يخرج منها ويحشد جنده للدفاع عن نفسه لانه أمن أنه لا محالة له من الموت وأن العرب قد عزموا على تحرير بلادهم من جرائم ظلمه وما أن تحررت الحجاز وبدأ الزحف العربي المقدس أصيب سعود باسهال شديد وحمى وهو نفس المرض الذي أصيب به جده محمد بن سعود حينما حاصره أهالي نجران في الدرعية عام 1178 هـ 1765 م فمات سعود قبل وصول حملة التحرير العسكرية العربية إلى الدرعية في 7 ربيع الثاني سنة 1229 هـ الموافق 1814 م). توفي سعود ـ من شدة الخوف والهلع ـ بالدرعية على اثر الاسهال وحمى الخوف التي أصيب بها من حملة التحرير العربية رغم ما قاله أصحاب التواريخ عن عظمة هذا “السعود” وقوة شخصيته وجبروته وصلابته، التي هي صلابة الطواغيت والجبناء في عهد الرخاء ضد المغلوبين على أمرهم والضعفاء.. وقبل وصول حملة التحرير العربية، استولى ابنه عبد الله بن سعود على الحكم في الدرعية ووقف إلى جانبه شركاؤهم في الباطل ـ أنفسهم ـ آل الشيخ.
أي آل محمد بن عبد الوهاب غير أن الصالحين من علماء نجد لم يوافقوا على ذلك كعادتهم فوقفوا إلى جانب الشعب والعرب والدين الصحيح لا الدين السعودي اليهودي وحاول ملك اليمن الاسبق أن يتعاون مع آل سعود ويخرج أبناء اليمن لضرب مؤخرة جيش التحرير العربي الا أن أبناء اليمن أبوا ذلك ووقفوا بعيدا ثم عادوا بعد أن انضم عدد كبير من جيش اليمن إلى جيش تحرير الجزيرة العربية، ثم ثار أبناء عمان وقتلوا والي آل سعود وساروا مع جيش التحرير العربي، ووقف علماء الدين الصالحين في القصيم ونجد يعلنون براءتهم من جرائم آل سعود وآل الشيخ عبد الوهاب ويحملون هاتين الاسرتين تبعة كل الجرائم قائلين في المساجد (لن يظهر دين الحق ما لم نطهر هذا الدين من هاتين العائلتين الفاسدتين بالدين والدنيا ورقاب العرب والمسلمين) أما آل الشيخ فقد وقفوا يدافعون عن أنفسهم الضالة بدفع هذه التهمة عنهم ويشتمون علماء نجد والقصيم ويتهمونهم بموالاة المصريين وينسبون كل ما وقع من جرائم وفتن ومحن إلى “ذنوب المواطنين والتقصير في دين الله ولهذا ابتلاهم الله بشتى المحن!!..” وكذلك يزعمون..
أما حملة تحرير الجزيرة فقد سارت ولم توقفها فتاوى اليهود حتّى وصلت الدرعية والقي القبض على عبد الله بن سعود وابعد إلى مصر في عام 1234 هـ وقتل عدد من آل الشيخ الذين أجرموا بحق شعبنا.. وبذلك انتهت الفتنة السعودية انّما إلى حين، لأن هذه الشجرة السعودية الخبيثة لم تستأصل من جذورها بعد، فقد تركت بعض الجذور ونمت من جديد بعد أن عاد جيش مصر إلى بلاده تاركا الجزيرة العربية، فجاء مشاري بن سعود إلى الدرعية في جمادي الأول سنة 1235 هـ وانتزع الحكم، لكنه لم يدم طويلا فقد قتله شعبنا في نجد، الا أنه بعد شهر من قتله خرج من بعده تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود في عام 1235 هـ فقتل عددا من أبناء نجد، وأنشأ الدولة الثالثة لسلالة آل سعود وذلك في سنة 1235 هـ فحاصره أهالي نجد ليقتلوه لكنه هرب من الرياض وذهب ليتفق مع العثمانيين على أن يساعدوه لانشاء حكم سعودي يكون فيه خادمهم المطيع فأعاده بنو عثمان، وبقي حتّى عام 1249 هـ حيث قتله أبناء نجد فجاء من بعده مشاري بن عبد الرحمن بن سعود فانخدع به بعض السذج حيث أعلن عن نفسه “بأنه أميرا مؤمنا حرا”، .. كما يعلن الآن بعض الامراء عن أنفسهم، فحاول فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي كان في مدينة القطيف حينما اغتيل والده تركي ـ حاول أن يستولي على الحكم في الرياض، لكنه فشل لانه لم يجد من يناصره من شعبنا الذي تململ من الحكم السعودي وأدرك أي مواطن انّه حينما يقاتل من أجل آل سعود فانما يقاتل من أجل الشيطان لا من أجل وطنه، الا أن فيصل بن تركي بن عبد الله عاد إلى الضحك على العقول الساذجة من جديد فراح يتظاهر بالتقى والصلاح “والايمان بحق الرعية وحق الله” كما يتظاهر أمثاله الآن من بعض الامراء السعوديين، ومع هذا فلم ينخدع به أحد، إلا عبد الله ابن الرشيد، ففي عام 1250 هـ1835 م جاء إليه عبد الله بن الرشيد لرفع مستواه وتحكيمه ف البلاد.
وجاء عبد الله آل رشيد ليعين الظالم على ظلمه

وعبد الله آل رشيد هو مؤسس عائلة آل الرشيد في حائل فعرض فيصل ابن تركي آل سعود على عبد الله بن الرشيد (ان يعينه على قتل ابن عمه السعودي مشاري بن عبد الرحمن ويستولي على الرياض. وسيمنحه ما يريد) فرد عبد الله بن الرشيد على (ابن سعود) بقوله: (انني سأقتل لك ابن عمك مشاري آل سعود وسأقوم بتنصيبك مكانه على الرياض بشرط أن اجعل من الرياض منطلقا لتخليص بلدي حائل من آل علي) فوافق فيصل بن تركي آل سعود على طلب عبد الله بن الرشيد وسار عبد الله بن الرشيد ومعه حارسه الخاص كما زوده فيصل بن تركي بثمانين مقاتلا الا أن الجميع قد تراجعوا في الطريق، ولم يصل مع ابن الرشيد من القطيف إلى الرياض الا حارسه الخاص، فدخلها ليلا واتصل بحارس القصر حيث كانت لعبد الله آل رشيد به معرفة (وهو من بلدة جلاجل) فوضع “راعي جلاجل” لصاحبه السلم الخشبي فصعد ابن الرشيد إلى قصر مشاري آل سعود فوصف له صديقه الحارس مكان نومه مع زوجته ولكنه حذره من “عبده” حارسه الخاص (حمزة) الذي يرابط أمام حجرة نوم سيده مشاري وهو من أشد المقاتلين، فصعد ابن الرشيد ومعه حارسه الخاص إلى حيث يرقد مشاري آل سعود وإذا به أمام العبد السعودي الحارس وجها لوجه وكان المكان مظلما حالك الظلمة فتماسك الاثنان عبد الله بن الرشيد والعبد السعودي وطال التماسك والعراك بينهما في حلكة الظلام الدامس وكان بيد العبد السعودي خنجرا أخذ يضرب به يدي عبد الله ابن الرشيد وكاد أن يسقط ابن الرشيد وكان ظلام المكان الدامس قد جعل حارس ابن الرشيد لا يميز بين عمه وبين العبد السعودي ليساعد عمه على قتل هذا العبد وينقذ حياته من سطوة هذا العبد القوي، فكان حراس ابن الرشيد دائما ما يمسك بقطعة من جسم عمه ابن الرشيد محاولا طعنه ثم يسأل: (هل أقطع هذه اللحمة؟. هل هي من جسمك يا عمي أم من جسم العبد؟) فيصيح به عبد الله الرشيد بقوله (لا تقطعها انها مني)!.. فيذهب الحارس ليمسك بلحمة أخرى وهو يسأل من جديد هل أقطعها؟. هل هي منك؟. فيجب ابن الرشيد لا تقطعها انها مني.. وهكذا مرت الساعات متثاقلة على تماسك العبد وابن الرشيد حتّى كاد يغمى على ابن الرشيد ويسقط، وفي النهاية.. بل في الرمق الاخير!.. سأل حارس ابن الرشيد صاحبه: هل هذه اللحمة منك يا عمي أم من العبد، وهنا أجابه ابن الرشيد قائلا: (إذا كان بيدك لحمة فاقطعها!).. فقطعها الحارس وسقط العبد السعودي ودخل عبد الله الرشيد إلى حجرة نوم مشاري بن عبد الرحمن آل سعود فقتله، وحينئذ صعد عبد الله الرشيد إلى سطح القصر السعودي وأعلن مناديا بالناس (أنا عبد الله آل رشيد تحملت قتل مشاري آل سعود وآتيتكم بفيصل بن تركي آل سعود لحكمكم) وهكذا كان عبد الله الرشيد وفياً بوعده رغم أنه كان بامكانه أن يعلن نفسه حاكما في الرياض ويطرد فيصل بن تركي آل سعود الذي كان يترقب خائفا من بعيد ليهرب في حال فشل عبد الله آل رشيد الذي غامر بحياته من أجل اعادة الحكم السعودي!..، ولكن عبد الله الرشيد لم يخلف الوعد كما يفعل آل سعود بل نادى بفيصل بن تركي آل سعود ليسلمه زمام حكم الرياض. (أسوق هذه الحادثة المعروفة لادحض ما زوره كتاب التاريخ عن تاريخ آل سعود بقولهم أن آل سعود عادوا إلى ملك آبائهم وأجدادهم وأنهم هم الذين عينوا آل الرشيد وغيرهم من الحكام!)… وجاء فيصل بن تركي آل سعود، وحكم الرياض ولم ينكر لابن الرشيد “صنيعه” من اجله، فقد سأله فيصل بعد ذلك مستغربا قائلا: (كيف يا عبد الله بن رشيد لم تغدر بي وتحكم الرياض بدلا مني وأنت الذي فعلت كل ذلك باحثا عن الحكم في حائل وكان بإمكانك أن تحكم الرياض وحائل معا؟) فأجابه ابن الرشيد قائلا: (الغدر ليس من شيم العرب) فسار ابن الرشيد إلى حائل وقتل (ابن علي) حاكمها وأعلن نفسه حاكما عليها. فأيدته حائل وقبائل شمر ولمع نجمه وقوي مركزه، أما فيصل بن تركي آل سعود فقد حكم الرياض بل أعلن نفسه “اماما” وحاكما على نجد فحكم أربع سنوات من عام 1250 إلى عام 1254 حيث استنجد عرب نجد بعرب مصر مرة أخرى لمعاونتهم على اجتثاث حكم المجرمين، فسار جيش مصر العربي ليدك معالم آل سعود وألقى القبض على الامام السعودي فيصل بن تركي آل سعود وشركاءه آل الشيخ (أي الاسرة الوهابية) فأخذوه إلى مصر هو وولديه عبد الله ومحمد وأخيه جلوي ـ والد عائلة آل جلوي الخبيثة ـ وعدد من آل الشيخ فبقي في مصر من سنة 1254 إلى سنة 1259 هـ حيث تمكن فيصل ابن تركي آل سعود من الافلات من رباطه والخروج من مصر مرة ثانية بمساعدة عباس باشا الأول العثماني بعد أن تعهد للاتراك بالولاء والطاعة وحسن التبعية والسير في ركبهم العثماني.. فعاد الشر السعودي إلى حكم نجد من جديد ـ دون أن تكون لهم سيطرة على حائل التي كان يحكمها ابن الرشيد والحجاز التي كان يحكمها الاشراف ـ وقد ساعدت على ذلك أمرين الأول: هو انسحاب الجيوش المصرية من البلاد العربية وذلك نتيجة لمعاهدة لندن سنة 1840 م التي اقتضت أن تعود جيوش مصر إلى مصر استعدادا لبدء الاستعمار الانكليزي بالحلول في بلاد العرب محل الاتراك، والثاني: هو تعهد فيصل بن تركي آل سعود للسير في ركاب آل عثمان واطلاق اسمهم وحكمهم على البلاد. وهكذا عاد الحكم السعودي إلى البلاد، وأصبح الحكم للعبيد والجواري والجواسيس الذين كان يقودهم ابنه عبد الله بن فيصل والعبد “محبوب” (عتيق تركي والد فيصل) وهكذا عاد عودة أخرى ـ حكم أسرة الكهنوت والشعوذة الوهابية بقيادة الشيخ عبد اللطيف ـ الأول ـ حفيد الشيخ محمد عبد الوهاب، وعادت الفوضى والجرائم بقيادة هاتين الاسرتين بعد أن تعمقت تبعيتهما للسلطات التركية مستعينتين بها في ضرب التحركات القبلية والشعبية.

ولم يكتف هذا الامام فيصل بن تركي
بسيادة السلطنة التركية بل رأى أن يلعب على الحبلين، فذهب سنة 1862 م إلى مفاوضة المستر بيلي المقيم السياسي في “بوشهر” باسم الحكومة البريطانية لعقد معاهدة حماية على البلاد عارضا عليه دعم النفوذ السعودي وتوسيعه في كافة أنحاء الجزيرة العربية على ان يرتبط هذا النفوذ السعودي بالاستعمار البريطاني فوافق المستر بيلي على هذا الاقتراح السعودي وبدأ دعم بريطانيا للاسرة السعودية التي أخذت تنشر الموت في ربوع البلاد بعد تعاملها مع الانكليز، وتحرك فيصل بن تركي للاستيلاء على حائل مرار لكنه لم يتمكن، ورغم فشله إلا أن ما فعله من خطط تدل على أنه ماكر غادر..
فقد أصيب حاكم حائل الامير طلال بن عبد الله الرشيد بانهيار عام نتيجة ارهاق جسمه في عمله المتواصل لتوطيد حكمه طيلة 20 سنة واستطاع خلالها كبح جماح أعدائه وجمع المزيد من أصدقائه بحسن سياسته التي ما سلكها من قبله أحد من حكام آل الرشيد وما سار بعده عليها حكم آل رشيد مثلما سار عليها طلال وشقيقه محمد بن عبد الله الرشيد الذي استولى على حائل بعد ذلك… ونظرا لمكر فيصل بن تركي آل سعود أو بالاصح مكر الانكليز الذي بدأ يتعامل معهم، فانه حينما علم الامام فيصل بن تركي بمرض طلال آل رشيد أخبر الانكليز بذلك عندما كان لديهم في “بوشهر” ، فقدموا له “فارسي” عميل للانكليز يدّعي مهنة الطب واسمه المعروف (محمود زيدان) ليكون في تصرف “الامام” فيصل ابن تركي آل سعود.. فقال له فيصل: (ان لي خدمة تتعلق بمهنتك ان أديتها دفعت لك مائة جنيه ذهب، وان فشلت فليس لك شيئا عندي) فسر الفارسي سرورا عظيماً مبديا كل خدماته!. فقال فيصل (أريدك أن تذهب إلى حائل وتتصل بالامير طلال آل رشيد لتعرض عليه خدماتك زاعما له أنك طبيب جئت من أجله عندما سمعت بمرضه وتعطيه هذا الدواء المسموم ليقتله فتهرب وتعود اليّ لأدفع لك المبلغ) فذهب الفارسي ووصل إلى حائل وقدم خدماته للامير طلال ونال ثفته!.
إلا أن الامير طلال لم يستعمل كل وصفاته لكثرة ما استعمل من أدوية جعلته في حالة يأس من شفائه لا يثق بعدها بأي دواء.. وكان الفارسي على علم بأن الامير لا يستعمل أدويته مما دفعه ذات ليلة إلى تخويف الامير بالجنون قائلا: (أنك لو لم تستعمل هذه الادوية فسوف تصاب بالجنونّ.) دون أن يعلم الفارسي ما كان لهذه الكلمة من وقع سئ في نفس الامير الذي صرخ باعلى صوته قائلا: (أتقصد أنني أنا طلال بن عبد الله الرشيد سأصبح مجنونا بعد كل ما مضى لي من عز وما نلته من سمعة حسنة وما حققته لقومي من كرامة ومجد؟!.. لا .. الموت ولا الجنون!) فأمسك بندقيته وصوبها إلى رأسه وقتل نفسه!.. وهكذا تحققت أمنية فيصل بن تركي بما لم يأخذ له حسبان!.. فعاد الفارسي إلى فيصل ليبلغه بالامر فلم يدفع له أكثر من خمسة جنيهات قائلا له (ان الاتفاق كان على تسميم الامير طلال!.. أما وان الامير قد قتل نفسه بنفسه فان لك بعض المبلغ بصفتك قد تسببت في ذلك!).. وقال للفارسي (انني سأقتلك لو لم تقبل بهذا المبلغ كما أحذرك انك لو عدت إلى حائل مرة أخرى فسوف تقتل أيضاً).. ومع ذلك فقد اغتال ذلك الفارسي!.. أما ما حدث بعد انتحار طلال آل رشيد، فقد أسندت امارة حائل إلى أخيه متعب الذي استمر في مقاومة الحكم السعودي، وفي 2 ربيع الثاني عام 1285 هـ، 23 تموز 1868 م أقدم كل من بندر وبدر آل رشيد على قتل عمهما متعب.. فأديا بذلك خدمة للحكم السعودي الانكليزي.. فتولي الحكم أحدهما وهو بندر. وفي عام 1286 هـ 1871 قام عمه محمد العبد الله آل رشيد (شقيق طلال) بقتل بندر والاستيلاء على الحكم ودام المشهور بالحكمة حتّى 3 رجب 1315 هـ 15 كانون أول 1987 م حيث مات موتا طبيعيا لحكم دام 30 سنة وذلك ما يعتبر معجزة لعدم موته قتلا من أقاربه، كما فعل معظم آل الرشيد..
نعود بعد أن أقحمنا هذا الفصل من حياة الرشيد ـ في سياق الحدي عن الامام فيصل بن تركي آل سعود ـ لنواصل الحديث عن فيصل بن تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود الذي توفي سنة 1282 هـ الموافق 1866 م وسرت كل نجد بموته كثيرا، وقد جرت بعد ذلك محاولات كثيرة للقضاء على نفوذ هذه الأسرة السعودية الشريرة غير أنها لم تنجح، وبموته خلف وراءه ولدين هما عبد الله وسعود بن فيصل ولكن هذين الولدين اختلفا كما يختلف الآن امراء الاسرة السعودية الفاسدة على الغنيمة “والغنيمة هي الشعب وممتلكاته” وراح كل واحد من هذين الاميرين عبد الله وسعود يجمع حوله الدلاديل والذيول كما يفعل بعض الامراء الآن تماما، لكن كل شعب نجد ثار ـ في حينه ـ على جور هذه الاسرة اليهودية ولم يبق مع آل سعود الا المرتزقة، فثارت قبلية العجمان بقيادة زعيمها العظيم راكان بن حثلين تناصرهم قبائل آل مرة. فتقدموا إلى الهفوف عاصمة الاحساء وكان فيها أحمد السديري حاكما من قبل عبد الله بن فيصل فحاصروه فيها، واستولوا عليها وحرر العجمان والاحساء من الرجس السعودي، وحاول عبد الله بن فيصل آل سعود أن ينتقم فأرسل عددا من أذنابه لاحراق عدد من بساتين الاحساء ودور الفلاحين ففعلوا وأحرقوا الكثير منها وهرب العديد من الفلاحين إلى العراق، ولكن ما فعله آل سعود قد زاد النقمة وحقد المواطنون عليهم، ثم لم يكتف عبد الله بن فيصل بذلك، بل أرسل الماء المسمى (جودة) حيث كان يقيم عليها العجمان بني مرة بقيادة راكان ابن حثلين، وطلب عبد الله بن فيصل آل سعود من جنده أن يأخذوا العجمان على غرة قبيل طلوع الشمس فيقتلونهم، ولكن العجمان وبني مرة تنبهوا لهذه الخطة الغادرة فدحروا الجند السعودي وقتلوا منهم 2700 مقاتل سعودي مأجور، فسارع سعود وأتباعه (وهو شقيق عبد الله) باحتلال الرياض وطرد أخيه عبد الله منها وذلك سنة 1287 هـ الموافق 1870 م فأعلن سعود الثاني نفسه اماما على نجد، وهكذا يتخاصم أمراء آل سعود الذين زعموا أنهم “أحراراً” على الشعب لسلب قوته والتسلط عليه وقتله، فحاول عبد الله بن فيصل أن يغتال شقيقه ولكنه لم ينجح وبعد ذلك حمل ما سرقه من أرزاق الشعب من ذهب وفضة ونفائس على مائة بعير وراح يتنقل من مكان إلى آخر لعله يجد من ينصره من المرتزقة، ولكنه لم يجد أحداً سوى التافهين المرتزقة والمنتفعين الذين أغراهم بما سرقه من أموال الشعب فأرادوا الانتفاع بها، ولما رأى عبد الله بن فيصل عدم جدوى التافهين في اعادة السلطة السعودية إليه من أخيه، توجه عبد الله بن فيصل إلى زامل السليم حاكم مدينة عنيزة في لواء القصيم ولكن شعبنا المؤمن في عنيزة طلب من عبد الله آل سعود أن يغادرها حالا لأنه لا يمكن للشعب أن يناصر أميرا سعوديا على أخيه ليستولي هذا الامير على الحكم بينما جميع آل سعود ضد مصلحة الشعب وجميع الشعب يريد الخلاص من حكم آل سعود جميعا فاخرج أيها الامير فكل العرب يريدون النجاة من شرور الاسرة السعودية الخبيثة. فغادر الامير السعودي عبد الله بن فيصل عنيزة إلى حائل فاتصل بحاكمها محمد العبد الله الرشيد غير أنه لم يجد صدرا رحبا مه وكان موقف شعبنا في حائل بوجه عبد الله بن فيصل السعودي لا يختلف عن موقف شعبنا في عنيزة، وهو (عدم مناصرة أي أمير سعودي وجميع الناس يريدون التخلص من جرثومة العائلة السعودية كلها)، فرحل عبد الله بن فيصل آل سعود من حائل إلى سلطان الدويش (والد فيصل الدويش) زعيم قبيلة مطير الذي قتله الطاغية الاخير عبد العزيز كما سبق لسعود الأول أن قطع رؤوس شيوخ هذه القبيلة ووضع رؤوسهم على مائدة الاكل وطلب من أبناء مطير الذين جاءوا يطالبون باطلاق شيوخهم أن يأكلوا من مائدة وضعها فوق رؤوس أبنائهم واخوانهم أبناء قبيلة مطير، ولكن مع كل هذا فقد التجأ عبد الله بن فيصل آل سعود آل قبلية مطير واتصل بشيوخها سلطان الدويش والد فيصل الدويش كما اتصل مع عساف أبو اثنين رئيس قبيلة سبيع يستنصرهم على أخيه سعود لمعرفته بأن شيوخ هذه القبائل يكوهون أخاه سعود، ولكن سلطان الدويش وعساف أبو اثنين ابلغا عبد الله آل سعود بأنهما وشيوخ القبيلة يكرهون الحكم السعودي كله لانهم ذاقوا العذاب على أيدي كل آل سعود الدخلاء وانهم سيعملون على تحطيم العائلة السعودية كلها، ولم ينجح عبد الله آل سعود بما حمله معه من ذهب مسروق من الشعب أن يغري به شيوخ مطير وسبيه، حيث رأى أنه لا حياة لآل سعود ما لم يعتمدوا على المستعمرين والاجانب فأرسل صديقه عبد العزيز بن بطبين إلى مدحت باشا العثماني منصوب السلطات التركية في بغداد آنذاك ليستمد منه المعونة لقتل أخيه سعود وتسليم البلاد.
وبهذا الاتصال السعودي القذر وجد مدحت باشا الفرصة سانحة للاستيلاء على الاحساء وسائر البلاد التي لم تخضع لتركيا قبل وجود آل سعود فسار الاتراك يساعدهم ناصر باشا السعدون رئيس قبيلة المنتفق وعبد الله بن صباح حاكم الكويت بجندهما واحتلت القوة التركية الاحساء وأطلقوا عليها اسم (ولاية نجد) وبعد ذلك طرد الاتراك عبد الله بن السعود. هذا ما أوردته كتب التاريخ، كما ورد هذا في كتاب المستشار السعودي حافظ وهبة في صفحة 229 من كتابه (جزيرة العرب في القرن العشرين) الذي صدر بموافقة الطاغية الملك عبد العزيز (الاخير) وأمر له بنفقات طبعه، وحافظ وهبة هو مستشار الملك عبد العزيز والعضو البارز سابقا في (مجلس الربع) الذي كان يرأسه جون فيلبي خالق هذا العرش الاخير. من هذا يتضح حتّى لسذج الناس أن العائلة السعودية الدخيلة لم يقم حكمها في بلادنا ـ قديما وحديثا ـ الا على أعمدة أجنبية يهودية أولا ثم عثمانية انكليزية وأمريكية، ومن ذلك يتضح: أن الامير السعودي كان يقتل أخاه في سبيل ملذاته وشهواته للحكم، وفي سبيل محافظته على هذه الشهوات التي يوفرها له الحكم يبيع آل سعود بلادنا للشيطان الرجيم، وفي هذا العصر يحاول بعض أمراء الاسرة السعودية الفاسدة اعادة نفس التاريخ السعودي القديم بقتل الالاف من شعبنا وقتل حتّى بعض أفراد الاسرة ممن حاولوا شهر نفس السلاح، سلاح (الدين المزيف) بوجه الاسرة فقتل أفراد الاسرة بعضهم، كما حصل للامير خالد بن مساعد بن عبد العزيز آل سعود الذي قتله أعمامه آل فعهد (فهد وسلطان وسلمان بتهمة أن عدداً من أبناء الشعب حاولوا دفعه لمعارضة فساد أسرته).. وذلك عام 1964.
عودة إلى ماضي الاسرة السعودية…….
وثيقة الملك فيصل للرئيس جونسون تكشف نوايا آل سعود تجاه الدول العربية المقاومة قبل حرب 1967
كشفت رسالة وجهها ملك السعودية الأسبق فيصل بن عبد العزيز إلى رئيس الولايات المتحدة الأميركية في عهده ليندون جونسون قبل حرب 1967، عن نوايا نظام آل سعود وأهدافه الشريرة المبيتة تجاه بعض الدول العربية منذ ذلك الحين، فقد طلب فيصل في الرسالة من الرئيس الاميركي توجيه ضربة الى مصر وتأديب سوريا وإنشاء دولة للاكراد بالعراق لتقسيم هذا البلد.
وفيما يلي نص الرسالة المنشورة فى كتاب ( عقود من الخيبات ) للكاتب حمدان حمدان الطبعة الأولى 1995 عن دار بيسان على الصفحات من 489- 491:
تقول الرسالة التى بعثها الملك فيصل إلى الرئيس جونسون ( وهى وثيقة حملت تاريخ 27 ديسمبر 1966 الموافق 15 رمضان 1386 ، كما حملت رقم 342 من أرقام وثائق مجلس الوزراء السعودي ) ما يلى:-
من كل ما تقدم يا فخامة الرئيس ، ومما عرضناه بإيجاز يتبين لكم أن مصر هي العدو الأكبر لنا جميعا ، وأن هذا العدو إن ترك يحرض ويدعم الأعداء عسكريا وإعلاميا ، فلن يأتي عام 1970 – كما قال الخبير في إدارتكم السيد كيرميت روزفلت – وعرشنا ومصالحنا فى الوجود، لذلك فأنني أبارك ، ما سبق للخبراء الأمريكان في مملكتنا ، أن اقترحوه ، لأتقدم بالاقتراحات التالية : -
- أن تقوم أمريكا بدعم إسرائيل بهجوم خاطف على مصر تستولي به على أهم الأماكن حيوية في مصر، لتضطرها بذلك ، لا إلى سحب جيشها صاغرة من اليمن فقط ، بل لإشغال مصر بإسرائيل عنا مدة طويلة لن يرفع بعدها أي مصري رأسه خلف القناة ، ليحاول إعادة مطامع محمد علي وعبد الناصر في وحدة عربية.
بذلك نعطي لأنفسنا مهلة طويلة لتصفية أجساد المبادئ الهدامة، لا في مملكتنا فحسب ، بل وفي البلاد العربية ومن ثم بعدها ، لا مانع لدينا من إعطاء المعونات لمصر وشبيهاتها من الدول العربية إقتداء بالقول ( أرحموا شرير قوم ذل ) وكذلك لإتقاء أصواتهم الكريهة في الإعلام.
- سوريا هي الثانية التي يجب ألا تسلم من هذا الهجوم ، مع إقتطاع جزء من أراضيها ، كيلا تتفرغ هي الأخرى فتندفع لسد الفراغ بعد سقوط مصر.
- لا بد أيضا من الاستيلاء على الضفة الغربية وقطاع غزة ، كيلا يبقى للفلسطينيين أي مجال للتحرك ، وحتى لا تستغلهم أية دولة عربية بحجة تحرير فلسطين ، وحينها ينقطع أمل الخارجين منهم بالعودة ، كما يسهل توطين الباقي في الدول العربية.
- نرى ضرورة تقوية الملا مصطفى البرازاني شمال العراق ، بغرض إقامة حكومة كردية مهمتها إشغال أي حكم في بغداد يريد أن ينادي بالوحدة العربية شمال مملكتنا في أرض العراق سواء في الحاضر أو المستقبل،
علما بأننا بدأنا منذ العام الماضي (1965) بإمداد البرازاني بالمال و السلاح من داخل العراق ، أو عن طريق تركيا و إيران.
يا فخامة الرئيس
إنكم ونحن متضامنين جميعا سنضمن لمصالحنا المشتركة و لمصيرنا المعلق ، بتنفيذ هذه المقترحات أو عدم تنفيذها ، دوام البقاء أو عدمه.
أخيرا
أنتهز هذه الفرصة لأجدد الإعراب لفخامتكم عما أرجوه لكم من عزة ، و للولايات المتحدة من نصر وسؤدد ولمستقبل علاقتنا ببعض من نمو و ارتباط أوثق و ازدهار
المخلص : فيصل بن عبد العزيز
ملك المملكة العربية السعودية
المسيح الدجال ، الفتنة العوراء: الخطر القادم في ضوء القرآن و السنة !
المسيح الدجال ، الفتنة العوراء: الخطر القادم في ضوء القرآن و السنة 
الحمد لله الذي يمحو الزلل و يصفح ، و يغفر الخطأ و يمسح ، سبحانه سبحانه سبحانه ، كل من لاذ به نجح ، و كل من عامله و تاجره يربح ، سبحانه سبحانه ، تشبيهه بخلقه قبيح ، و نكران وجوده أقبح ، سبحانه جل جلاله ، رفع السماء بغير عمد فتأمل و المح ، و أنزل القطر فإذا الزرع في الماء يسبح ، و أقام الورق على الورق تشكر و تمدح ، سبحانه سبحانه سبحانه ، جل جلاله ، أغنى و افقر ، و الفقر في الغالب أصلح ، هذا قارون ، ملك الكثير و بالقليل لم يسمح ، ليم فلم ينفع لومه ، إذ قال له قومه لا تفرح 
أحمده سبحانه ، ما أمسى الزمان و اصبح ، و أصلي و أسلم على النبي محمد و آله ، الذي أنزل عليه ألم نشرح ، و على ابي بكر صاحبه في الدار و في الغار لم يبرح ، و على عمر الذي لم يزل في تقوية الدين يكدح ، و على عثمان ، و لا أذكر ما أقول و ما أشرح ، أتته الشهادة فلم يجزع و لم يقرح ، و على علي الذي كان يغسل رجليه في الوضوء و لا يمسح ، رضي الله عن الصحابة و التابعين ، و الآل و الأزواج و التابعين ، اللهم و عمنا معهم بجودك و كرمك أنت أكرم الأكرمين …
أحبتي في الله ، نقول و بالله التوفيق ، و منه السداد
يا حريصا على الدنيا ، مضى عمرك في غير شيء ، انقشع غمام السماء لا عن هلال الهدى ، ما لذت لذة الدنيا إلا لكافر ، أو قليل العقل لا يعلم مقياس الآخرة ، الدنيا خراب ن و أخرب منها قلب من يعمرها !
الله تعالى يعامل بالعدل ، و إذا عاملك بالعدل ، أحصى عليك الذرة ! اللهم عاملنا بفضلك و كرمك !
حينما كنت أبحث في كتب المفسرين ، و اقوال الأئمة حول هذه الفتنة ، و أثناء استماعي لشرائط مشايخنا الكرام ، ذهلت من العلامات الصغرى التي ذكرت قبل تطرقهم لهذا الموضوع ، باعتبارها ، مبشرات له ، و مقدمات لفتنته ، كمياه يجرفها التيار ليذهب بها إلى مصب شلال عملاق ! و قد أحصى العلماء و الفقهاء ، 57 علامة ، ذكرها النبي صلى الله عليه و سلم ، تسبق خروج العلامات الكبرى ، كلها تحققت ، و على العيان ن لكل من أراد أن يشاهد ، و اسمحوا لي ايها الأحبة أن أسرد لكم هذه العلامات لنكون على يقين أننا نعيش في الزمان الذي يظله الأعور قبل أن نخوض في تعريفه ، و ذكر أوصافه ، لأن هذه العلامات من الأهمية بمكان ، و منها سنعرف النقاط الكبرى لهذه الفتنة الكبيرة !
1. بعتة النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، و قد كانت بعثة النبي محمد صلى الله عليه و سلم ، بداية للنهاية ، حيث قال صلى الله عليه و سلم ، بعثت في نسم الساعة ، و هي الريح التتي تسبق العاصفة ، و سبحان الله ، قالها قبل أكثر من 1400 سنة ، فماذا سنقول نحن و الله المستعان !
2. موت النبي صلى الله عليه و سلم ، و كان موته صلى الله عليه و سلم ، أكبر مصيبة أصابت العالم و البشرية ، فبموته ، انقطع الوحي من السماء !
3. فتح بيت المقدس ، و قد حصل في عهد الفاروق عمر ابن الخطاب رضي الله عنه و أرضاه ، و فيه مكمن الأسرار ، و مكاشف الأنوار التي سنتكلم عنها بروية في أحداث هذا التقرير ! القدس هو المكان الوحيد في هذا العالم الذي لم و لن يعرف السلام إلا بنزول روح الله ثانية إلى الأرض صلى الله عليه و سلم ، فعلى مرور الأزمان ، كانت هذه المنطقة مركزا لصراعات العالم و فيها ستقوم الملاحم ، و فيها سيقتل بطل تقريرنا ، عليه من الله ما يستحق
4. طاعون عمواس ، و هو الطاعون الذي قضى فيه الكثير من صحابة رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و قد اخبر به بأبي هو و أمي في حياته في حديثه :
– أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك ، وهو في قبة من أدم ، فقال : ( اعدد ستا بين يدي الساعة : موتي ، ثم فتح بيت المقدس ، ثم موتان يأخذ فيكم كقعاص الغنم ، ثم استفاضة المال حتى يعطى الرجل مائة دينار فيظل ساخطا ، ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلا دخلته ، ثم هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر ، فيغدرون فيأتونكم تحت ثمانين غاية ، تحت كل غاية اثنا عشر ألفا ) . 
الراوي: عوف بن مالك الأشجعي المحدث: البخاري – المصدر: صحيح البخاري – الصفحة أو الرقم: 3176
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
5. استفاضة المال ، و الإستغناء عن الصدقة ، و هي علامة وقعت في عهد الخليفة عمر ابن عبد العزيز رضي الله عنه ، حتى أنه أمر أن تقضى ديون أهل الكتاب في عهده ، من فرط كثرة المال في عهده ، و الكفاف الذي كان فيه المسلمون يعيشون
6. ظهور الفتن ، و هي علامة لا تحتاج إلى تعليق ! 
((إذا فعلت أمتي خمس عشرة خصلة حل بها البلاء، قيل: وما هي يا رسول الله؟ قال: إذا كان المغنم دولا والأمانة مغنما والزكاة مغرما، وأطاع الرجل زوجته، وعقّ أمه، وبرّ صديقه وجفا أباه، وارتفعت الأصوات في المساجد، وكان زعيم القوم أرذلهم، وأكرم الرجل مخافة شره، وشرب الخمر، ولبس الحرير، واتخذت القينات والمعازف، ولعن آخر هذه الأمة أولها، فليرتقبوا عند ذلك ريحا حمراء أوخسفا و مسخا)) 
و لا أعلم زمانا كثرت فيه الفتن كهذا الزمان الذي فيه نعيش ، و قد ساعد الفتن على مختلف ألوانها التقدم التكنولوجي في تقدمها و انتشارها ، و دخولها لجل الدور و البيوت إلا من رحم الله
7. ظهور مدعي النبوة ، و هي علامة وقعت و تقع إلى اليوم ، و آخرها على ما أعتقد ، ممن اشتهروا قضية الدكتور المصري مدعي النبوة ، الذي كان يعيش بالولايات المتحدة الأمريكية ، و افلت شهرته عليه من الله ما يستحق ، و هم دجاجلة ، تابعون للدجال الأكبر عليه و عليهم من الله ما يستحقون 
((لا تقوم الساعة حتى يخرج ثلاثون كذابا دجالا كلهم يزعم أنه رسول الله))
8. انتشار الأمن ، و هنا وجب التنويه ، أن علامات الاعة الصغرى تنوعت ، بين آثم آتيها ، و أخرى ذكرت فقط كعلامات صغرى ، و لم ير العلماء على آتيها إثما ، و انتشار الأمن أصبح من البديهيات اليوم ، و قد كانت الطرق على عهد النبي صلى الله عليه و سلم و في الجاهلية تعج بقطاع الطرق ، فاختلف الأمر الآن .
9.ظهور نار الحجاز ، و قد ظهرت النار في المدينة بفعل براكين ، و أضائت لها السماء و الافق بالشام من فرط كبرها نسال الله العافية
10. قتال الترك
11 . قتال العجم
12. ضياع الأمانة ، و أنا و الله ما رايت زمانا أضيع للأمانة من زماننا الذي فيه نعيش ، و لعلكم ترون ما يقع ، فتتذكرون هذه العلامة و لا حول و لا قوة إلا بالله !
13 . قبض العلم ، و فشو الجهل ، و هي علامة ظهرت بشكل مريع ، يرعب القلوب ، و ليس المقصود هاهنا العلم الدنيوي ، فهو في تقدم ، و سيكون هو سبب رجوع الدنيا إلى البدائية ، و سنذكر ذلك بالتفصيل ، بل المقصود هنا ، ذهاب العلم الشرعي ، و ذهاب العلماء بقبضهم ، فيتخذ الناس رؤوسا جهالا فيفتونهم بما لا يعلمون ، فيضلونهم و يضلون ، و أظن أن كل ذي بصيرة منكم ، يستطيع أن يميز ظهور هذه العلامة في زماننا !
14 . كثرة الشرطة و أعوان الظلمة ، و هي علامة أخبر عنها الرسول صلى الله عليه و سلم في حديث بهذا اللفظ :
صنفان من أهل النار لم أرهما . قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس . ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات . رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة . لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها . وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا 
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 2128
خلاصة حكم المحدث: صحيح
و هذه العلامة تحققت في زماننا بشكل كثير ، فترى أعوان الظلمة ن يعذبون ، و يضربون الناس ، و قد توعدهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالنار يوم القيامة ، و وجب الذكر هنا ايضا أن العمل بالشرطة ليس في حد ذاته محرما ، بل المقصود في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و حسب تفسير العلماء هم الذين يظلمون الناس ، و يعينون على ظلمهم ، كالذين يأكلون أموال الناس بالباطل ، و يضربون الناس بدون وجه حق ، و يختطفونهم … هؤلاء لهم وعيد شدي في الحديث الذي ذكرناه أعلاه
15. انتشار الزنا
16 . انتشار الربا
17 . ظهور المعازف و الموسيقى ، و استحلال ذلك ، و سنتكلم في هذا التقرير عنه أيضا
18. كثرة شرب الخمر و استحلالها
19 . زخرفة المساجد و التباهي بها
20. أن ترى الحفاة العراة أصحاب الشاة يتطاولون في البنيان ، و هي علامة ظاهرة جلية ، لكل ذي عين و فهم ، فنظرة بسيطة إلى دول الخليج تعلمك كيف أن أناسا كانوا يسرحون الشياه ، اصبحوا من اغنى أغنياء العالم ، و منهم و العياذ بالله يتفتق المبذرون ، الذين يرمون المال رميا ، و هنا وجب التنويه ، بعدم التعميم !
21. أن تلد الأمة ربتها ، و هذه العلامة منتشرة في هذا الزمان انتشارا شديدا ن حتى أنها ألفت بشكل مريع ، و قد فسرها العلماء أن الإبن أو البنت ، يعامل أحد ابويه أو كلاهما بعجرفة ، و يأمرهما ، كأنهما عبدين له ، و هنا نشير إلى أولائك الذين تخدمهم أمهاتهم ، خاصة أولائك الذين يحتجون بالدراسة و التحصيل و الله المستعان ! و هذه العلامة ، هي مدخل للعقوق و العياذ بالله
22. كثرة القتل
23 . تقارب الزمان ، و أترك لحضراتكم التعليق حول هذه العلامة ، و فيها قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :
لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان, فتكون السنة كالشهر, ويكون الشهر كالجمعة, وتكون الجمعة كاليوم, ويكون اليوم كالساعة, وتكون الساعة كاحتراق السعفة, الخوصة . 
الراوي: أبو هريرة المحدث: الوادعي – المصدر: الصحيح المسند – الصفحة أو الرقم: 1460
خلاصة حكم المحدث: حسن
24 . تقارب الأسواق ، فمع التقدم التكنولوجي ، أصبح التجار ، يقضون مآربهم التجارية ، في سرعة و ضمان ، بفضل التكنولوجيا المعلوماتية ، و الشبكة العنكبوتية الإنترنت
25 . ظهور الشرك في هذه الأمة
26 . ظهور الفحش ، و قطيعة الرحم ، و سوء الجوار و جولة صغيرة في أحيائنا ، تسمعك ما لذ و طاب من فحش الكلام !
27 . تشبب المشيخة ، و هي حينما يلجأ العجائز إلى صباغة شعرهم ، باللون الاسود ، في محاولة للظهور بمظهر الشباب
28 . كثرة الشح
29 . فشو التجارة
30 . كثرة الزلازل
31 . ظهور المسخ و الخسف و القذف ، و كلها وقعت ، و تقع في أيامنا هذه
32 . ذهاب الصالحين ( 1420 هجرية مات فيها 20 شيخا من أكابر العلماء )
33 . ارتفاع الأسافل : و هي أن يرتفع من لا امانة و لا شأن لهم و العياذ بالله فيصبحون الآمرين الناهين في المجتمعات
34. أن تكون التحية للمعرفة
35 . التماس العلم عند الأصاغر
36 . ظهور الكاسيات العاريات و هن في قول رسول الله صلى الله عليه و سلم :
صنفان من أهل النار لم أرهما . قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس . ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات . رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة . لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها . وإن ريحها لتوجد من مسيرة كذا وكذا 
الراوي: أبو هريرة المحدث: مسلم – المصدر: صحيح مسلم – الصفحة أو الرقم: 2128
خلاصة حكم المحدث: صحيح
37 . صدق رؤيا المؤمن ، حينما يرى المؤمن رؤيا و تتحقق ، فهذه ايضا من علامات الساعة الصغرى التي تحققت !
38 .كثرة الكتابة ، و انتشار القلم
39 . التهاون في السنن التي رغب فيها الإسلام
40 . انتتفاخ الأهلة ، و هل من العلامات التي أرعبتني شخصيا ، كني لم اسمع بها من قبل ، و كنت اسائل نفسي خلال أعوام ، لماذا حينما أراقب الهلال ثاني يوم الشهر القمري أراه منتفخا ، كما لو أنه هلال اليوم الرابع ، فجاءت المفاجأة ، أنها علامة من علامات الساعة الصغرى
41 . كثرة الكذب ، و عدم التثبت في نقل الأخبار
42 . كثرة شهادة الزور ، و كتمان شهادة الحق من جراء الخوف
43 .كثرة النساء و قلة الرجال
44. كثرة موت الفجأة
45. وقوع التناكر بين الناس ، فتجد أن فلانا يعرف فلانا ، ثم إذا سئل عنه ، أنكره و قال لا أعرفه
46. كثرة المطر ، و قلة النبات
47 . عودة أرض العرب مروجا و أنهارا ، و هو حاصل اليوم في صحراء الخليج ، في منطقة دبي ، و سيحصل بالتوالي في منطقة المملكة العربية السعودية كما أخبر صلى الله عليه و سلم
48.كلام السباع و الحيوانات و الجمادات للإنس ، و فيها ما وقع ، حينما كلم الذئب الراعي على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم ، و حينما سبح الحجر و سمع تسبيحه في يديه صلى الله عليه و سلم
49 . تمني الموت من شدة البلاء
50 . كثرة الروم
51. فتح القسطنطينية
هذه العلامات التي سردت على حضراتكم الآن وقعت ، و تم رصدها ، و تبقى علامات ، صغرى نعم ، لكنها تحدث مباشرة قبل خروج العلامات الكبرى ، و منها انحسار الفرات عن جبل من ذهب حقيقي ، و إن كنت قرأت شخصيا ، أن الأقمار الصناعية ، استطاعت رصد هذا الجبل في جزء نهر الفرات في جزئه العراقي بالتحديد ، و هو ما يفسر دخول الأمريكان ، و حلفائهم إلى أرض العراق مدججين بالأسلحة ، و منها أيضا ، خروج المهدي ، مهدي الارض و السماء محمد ابن عبد الله المهدي و الذي ذكر في حديث رسول الله صلى الله عليه و سلم
 " لو لم يبق من الدنيا إلا يوم ، لطول الله ذلك اليوم ، حتى يخرج فيه رجل مني ، أو من أهل بيتي ، يواطئ اسمه اسمي ، واسم أبيه اسم أبي ، يملأ الأرض قسطا وعدلا ، كما ملئت جورا وظلما " 
الراوي : عبدالله بن مسعود المحدث: ابن تيمية – المصدر: منهاج السنة – الصفحة أو الرقم: 8/255
خلاصة حكم المحدث: صحيح

و بعده تكون الفتوحات ، و هي ايضا من علامات الساعة الصغرى ، و قتال الروم ، ثم أن هناك من العلامات الصغرى ، ما سيظهر بعد ظهور بعض العلامات الكبرى ، كالريح الطيبة التي تقبض ارواح المؤمنين ، و هدم الكعبة حفظها الله من كل سوء ، غير أن هذه العلامة ستكون في وقت تكون فيه الأرض خالية تماما من ذكر الله ، ثم هناك رفع القرآن و خلو المصاحف و صدور الرجال منه ، و كلها علامات صغرى ستقع كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم 

العجيب من كل ما ذكرته أعلاه حول العلامات الصغرى للساعة ، أنها وقعت كما أخبر النبي صلى الله عليه و سلم ، إلا أن الناس تعيش حياة طبيعية ، حياة عادية ، و تعقد الأمل في العيش لسنوات عديدة قادمة ، و كأنهم وثقوا بهذا الأمن ، و هذه الفترة البينية ، التي يسود فيها الأمن بشكل نسبي في العالم ، و بين شعوبه ، لذلك ، فالشيء الذي برع فيه الدجال ، الذي سنعرفه بع قليل في الفقرة التالية ، أن جعل الناس تغوص في بحار خضرة الدنيا ، حتى أغرقهم ، فأعمى أبصارهم عن ما هو آت ، و ما هو جلي في الأفق ، أشياء لا يراها إلا كل من طرح الأسئلة تلو الأخرى أمامه ، و حاول الإجابة عنها ، ثم عرضها على مرآة الواقع ، فرأى ما لم يراه الناس !

لهذا كانت سياسة الدجال أقرب إلى الجريمة الكاملة ن التي ترى فقط في الأفلام الهوليودية ، جريمة ، حاول و يحاول أن يحبك فصولها ، حتى لا يتمكن القطيع النائم ، و المتمثل في سكان الكوكب المائي من حل لغزها ، و حتى إن حاول بعضهم إيقاظهم من سباتهم ، وصفوه بالأحمق و المجنون ، لأن نظام الدجال نجح في ترسيخ تلك الفكرة في عقول أكثر البشر ، أن هذه الأشياء التي نعيشها ، و هذه الحياة التي نراها بأعيننا المجردة ، هي الحياة الحقيقية ، و أن لا مجال لممارسة الشك و التساؤل ، و للأسف نجح إلى ابعد الحدود ، و نجح أيضا في إقناع الألباب ، أن ما يدعو إليه أمثالي من الكتاب ، و أولائك الذين تطلعوا على جزء من الحقيقة يمكنهم من دق ناقوس الخطر ، ما هو إلا هلاوس ، و خرافات لا معنى لها ، و أن لا وجود لهذا المخلوق المسمى بالدجال ، و أن العالم لن يشهد تغييرا شاملا ، على الأقل في السنوات المائة القادمة ، إحساس بالأمان رسخه نظام الدجال ، طريقة عمله ، تشابه تماما عمل اليهود تحت المسجد الأقصى ، يحفرون في صمت ، لا يبالي بهم أحد ، حتى إذا وقعت الواقعة ، ذهل أغلب الناس ، و لم يجدوا أمامهم سوى الإنصياع ، لأن من تلطخ بنظام الدجال ، ووصل هذا النظام إلى قلبه ، فسيكون من الراكعين لا محالة ، و هذا هو الخطر بعينه ، الدجال اللعين و نظامه ، يستخدمان أبشع الأساليب النفسية ، و المتمثلة في اللعب بالمتناقضات ، و إيجاد محل و نقطة التوازن فيها ، لجمع أكبر عدد ممكن من الضحايا !

علامات الساعة الصغرى كما قلنا ، ممهدات أخبرنا بها الله تعالى على لسان نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، رأفة بنا لينير دربنا على المآمرة ، المآمرة التي يستنكر البعض علينا الخوض فيها ، و الحق أن ربنا قال في كتابه ، إنهم يكيدون كيدا ، و أكيد كيدا ! هكذا أخبرنا الله تعالى ، و الله تعالى حينما يخبر بشيء ، فهو العليم الخبير بما خلق ن نعم غنهم يكيدون ، و يتآمرون ، و المسلمون ، منقسمون إلى ثلاث فرق ، لا رابع لها ، فرقة مفرطة في هذه الناحية ، و تقول ، أن لا مآمرة ، و أن هذه الأشياء خرافات بعينها ، لا محل لها في عالم الحضارة ، و هذا الذي يريده الدجال و مريدوه ، فالذي لا يؤمن إلا بما يرى ، سهل عليه أن يركع حينما يرى الخوارق تخرج سراعا من بين أصابع الدجال !!
الفرقة الثانية ، فرقة ، علمت أن هناك مآمرة ، غير أنها وقعت في التفريط ، فانشغلوا بها فحسب ، و لم يعلموا أنهم بذلك ، يخدمون نظام الدجال ، الشبيه بمنشار ذو حدين ، يقطع في كل الجهات ، فالخائف المرعوب ، الذي يعطي الأمر أكثر من حجمه ، يسقط في فخ تقديس الشيء المرعوب منه ، سهل عليه هو أيضا أن يركع ، و أن يتلاعب الشيطان و الدجال به !!
الفرقة الثالثة ، و هي الفرقة التي نقبت ، بحثت ، فوجدت ، ثم حذرت ، لكنها لم تنس أن الدجال في آخر المطاف مخلوق ، لفتنة الناس و ابتلائهم في غيمانهم ، و أنه مهما كاد للبشرية ، فنهايته مكتوبة بسيف روح الله بباب لد الشرقي ! و هؤلاء هم هدف أجهزة الدجال ، هم هدفهم الحقيقي ، لأن الذي يكتف مآمرة تحاك ضده ، ثم يستخدم عقله ، و يفكر ، ثم يعمل ، و لا يرتعب ، و يعلم أن الله أكبر منه و من الدجال و نظامه ، و ان نهايته مكتوبة مقدرة ، و إذا جاءت على يد الدجال أو أتباعه ، فمرحبا بها ، نسأل الله حسن الخاتمة و الإخلاص !

قد يستغرب البعض ، كيف لي ان أتكلم بهذه الثقة ، قد يسال القارئ ، كيف لي أن أجزم أن الدجال يعيش بيننا في كوكبنا المائي ، فأقول بالله التوفيق ، أنا لا أجزم بوجوده ، غير اني أعلم ، اكثر من أن اسمي مهدي يعقوب ، أن الماسونية ، و الموساد ، و اليهود بشكل عام ، مبشرات له ، بل اسسوا نظاما قويا ، ينتظر و يستعجل خروجه و ظهوره ! نظام ، أقل ما يقال عنه ، أنه قوي ، غير أن لكل نظام نقطة ضعف ، باستثناء دين رب العالمين ، و نقطة ضعف نظام الدجال العالمي هو : الغرور ! نعم ، الغرور ، و هذه الكلمة الصغيرة ، كفيلة بشل اركان أنظمة بأكملها إذا تمكنت من السيطرة عليه ، و نظام الدجال ، حُبك ، بسيطرة شديدة ، و إتقان إحترافي ، حتى دخله سوس الغرور ، فأصبح مكشوفا للعيان ، و لمن يستخدمون عقولهم في الإتجاه الصحيح !
من رحمة الله تعالى على الإنسان أن جعل له علامات يستدل بها على قرب وقوع الأحداث ، و هي علامات بادية للعيان ، غير أن العقل يجب أن يعمل ! تماما ، كعدم ذكر الله تعالى للدجال بشكل صريح و مباشر في القرآن الكريم ، و خاصة في سورة الكهف ! من أجل أن نتدبر ، من أجل أن نتابع العلامة تلو العلامة ، ثم نربطها بعضها بعضا ، من أجل أن نحصل في الأخير على رسمة مشوهة ، اسمها : المسيح الدجال !

منظومة الدجال… ممهدات الدجال ونظامه العالمي قبل خروجه الظاهر كملك يدعي الربوبية

الدجال كشخص يدّعي الربوبية له زمان قدره أربعون يوم في الأرض كما قال النبي صلى الله عليه وسلم
روى مسلم في صحيحه عن النواس بن سمعان قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال إلى أن قال قلنا يا رسول الله وما لبثه في الأرض قال (أربعون يوما يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم).
هذا زمن لبث الدجال في الأرض مدعيا الربوبية وحاكما لأتباعه الأشرار من عبدته وعبدة الشيطان وأتباعه انقيادا واغترارا بخوارقه وقدراته. يخرجُ بعد فتح الروم من طرف الامام المهدي عليه السلام.
لكنّ الدجال كمنظومة ونظام ممهّد لخروج الدجال .. هو ما نعيشه اليوم من هذا التلبيس العظيم، والغزو الفكري والثقافي والفضائي .. والعلمنة والهيمنة الصهيوأمريكية على العالم سياسيا وإعلاميا واقتصاديا وعسكريا ..
أرأيت إلى عيون الشاشات : شاشة التلفاز ، وشاشة جهاز الكمبيوتر عبر النت ، وشاشة المحمول .. لاحظها فهي ذات عين واحدة تتجمع على شبكات مراقبه واحدة…فهذه تسمى الممهدات لدولة الدجال ورسل الدجال قبل خروجه ..
فالدجال لا يستطيع الخروج ، حتى ينشر فكره وثقافته وسمومه بين الناس، وخصوصا في أمّة الاسلام ..ولم يكن للدجال صولة وسلطان على النفوس والعقول والقلوب .. بقدر ما كان له ذلك في زمننا ، زمن التكنولوجيا وزمن الفضائيات والانترنت والشاشات التي انتشرت في كل دار وفي كل ركن وزاوية..يستغلّها الماسونيون وعصابة الدجال التي تسعى في الأرض فسادا، وتوجّه الشعوب والنفوس كالدمى، بالقدرات الخارقة للتكنولوجيا .. اضافه الى مدى عناية هؤلاء الماسونيين بالدعايات على القنوات الفضائية، والشعارات واللقطات والافلام .. يدسّون فيها رسائل بالصوت والصورة ..الى اللاشعور والعقل الباطن في الانسان .. يغرسون في الاجيال روح القابلية لفكر الدجال وثقافة الدجال .. وفكر الانحلال ، والتميع والتمرد على كل القيم والأخلاق… كل ذلك بعناية فائقة .. وبصبر كبير يساعدهم الزمان والوقت الذي يعمل في صالحهم ، في ظلّ غفلة عامة وكبيرة من المسلمين ..
إضافة الى نظام العلمنة والعولمة الذي أسسوه وصار لهم به هيمنة شبه كاملة على السياسات والاقتصاد والإعلام وحتى العسكرة فهم المهيمنون في الحقيقة وما من دولة إلاّ وتخشى أمريكا وحلفاءها..وضرب حتى اساسيات الدين بالتطرف والتناحر والبعد عن منهجه السوي ..
قد لا نبالغ اذا قلنا أنّ الدجال وأتباعه الماسونيين يعملون منذ قرون لبلورة العقول، وإعداد المناخ لقدوم دجالهم .. وزعيمهم الموعود الذي ينتظرون بفارغ الصبر حكمه وهيمنته على الارض جمعاء .. وادّعاءه الربوبية فيها ..
ويفعلون ذلك تمهيداً لقيام دولة الدجّال الإبليسية، لأنّ الله جعل قطبين في الحياة، قطب خير وقطب شرّ، قطب الخير هو ما انتمى للجمال الإلهي والقِيَم الإنسانية وعالم التقديس حيث جاء الأنبياء عليهم السلام، وحيثُ يقيمُ الصالحون من عباد الله ويسعون للإقامة في ذلك العالم المثالي الجميل الصالح القائم على كلّ معاني الخير والطيبة والنّقاء والعدل والحقّ.
والقطب الثاني هو قطب الشرّ قطب إبليس زعيم الشياطين الذي توعّد بني البشر أن يُضلّهم ويفتنهم حسداً وانتقاماَ مذ اصطفى الله أباهم سيدنا آدم عليه السلام بالحقيقة الإلهية المودعة فيه. التي أسجد لهُ بسببها الملائكة. ويَحملُ راية الأبالسَة والشياطين والكفر والتمرّد عن القيم السماوية العُليا في العالم الكثيف والواقع الإنساني الدجّال ، فهو أكبرُ حليفٍ لإبليس والشياطين وهم أكبرُ حلفاء له، لأنّ رايتهم وغايتهم واحدة.
فقلنا أنّهم يفعلون ذلك عنادا وكفرا وتخطيطاً .. يضلّون الناس على علم ختم الله على قلوبهم وسمعهم وأبصارهم .. يحقّقون وعد الشيطان الذي أقسم أن يضلّ الانسان ويفتنه عن دينه ومعرفة ربّه سبحانه.
ولذلك فهناك المؤمن الذي يرى بنور الله ويرى مخططات هؤلاء الدجاجلة اتباع الدجال .. يرى ذلك بنور الله سبحانه وبعلم الله سبحانه .. ويميّز دجل الدجال وسمومه الثي يبثّها، ويعلم أنّ هذه الآلة الاعلامية الكبرى وهذه الفضائيات والانترنت فيها كثير من سمومه وشروره ويعلمُ أنّها من عين الدجال .. قبل أن يخرج الدجال المسخ ليحكم الارض. خصوصا في زمننا الذي اختلطت فيه الحقائق، وكثرت الشبه والشعارات .. وحاول الأعداء واتباع الدجال أن يقسّموا الأمة فرقا وشيعا، وينشرون بينها العداوة والفرقة ، بل ويؤسسون جماعات كل جماعة تظنّ أنّها على الحق .. (يؤسّسون بفعلٍ وعملٍ دؤوب استمرّ دهور بين تحريفٍ ودسّ واخفاء لتراث النّصوص الأصيلة) .. حتى إنّ المسلم ليتيهُ من كثرة الفرق والجماعات حيرةً أن يعرف راية الحقّ، ويرى كل فرقة تتهم الأخرى، وتزعم أنّها حاملة راية الحق وغيرها هالك .. كلّ هذا من فعل الدجال واتباعه للتشويش على الحقّ وتضييع بوصلته في نفوس المسلمين …
والحكام العرب منذ عقود ليسوا سوى دمى وعرائس أراجوز في يد هؤلاء المهيمنين … يفرضون عليهم شروطهم، ويجعلونهم خدما لهم، فانظر الى البلدان العربية .. ما استطاعت دولة منهم أن تتقدّم برغم ملكهم للثروات والمعادن والخيرات والكنوز .. لكنّهم بقوا في جملة الدول المتخلّفة عقود من الزمن .. في حين دولة كألمانيا خرجت من الحرب العالمية الثانية فقط وأصبحت دولة مصنّعة ومتطورة .. ومثلها اليابان .. برغم فارق الامكانيات والثروات بين البلدان العربية وهذه الاخيرة.
حكامنا كان معظمهم عملاء للغرب والماسون اما بارادتهم واما باللعب بهم وترويضهم، مقابل أن تبقى لهم عروشهم ومصالحهم الخاصة يمنعون الشعوب والبلدان العربية ان تتطوّر وتقفز الى عالم التصنيع والتكنولوجيا والتحرّر من التبعيّة .. كلّ أنواع التبعيات.
حتى التلاعب بحاجات الشعوب واستخدامها في ثورات لاسقاط حلفاء قدماء انتهت مهامهم وخلق مناخ من اعداء ظاهريين ولكنهم حلفاء باطنيين لتكملة المراحل النهائية من المخطط…. وصنع معارضات عميلة جديدة تتبنى التغيير وتسرق جهود الشعوب وثوراتها .. ونعود الى نقطة الصفر وهي التبعية لهؤلاء الأعداء ..
وفي أحسن الظروف .. لو علموا أنّ الأمور قد تفلتُ منهم في بلد ما .. ويخرج الحكم من ايديهم وأيدي عملائهم، فسوف يسعون الى قلب البلدان المسلمة الى فوضى وعداوات وتناحرات.. كلّ ذلك شرّ وتربّص بهذه الأمّة.
وكلّ هذا من أتباع ابليس والدجال .. وإبليس عالم بسياسات الانسان وخبير في الكيد والسيطرة .. بل ما قلناه عن الهيمنة الاعلامية الدجالية من ضمن اهدافها معرفة تفكير هذه الشعوب وصياغة الأجيال على نمط معيّن يتفاعل مع جملة مخطّطاتٍ يسعون اليها وهم يمهّدون لدولة الدجّال الذي يريدُ إقامة دولته برعاية ابليس وشياطينه ليخرج في ثوب الربوبية "ادّعاءً" والسحر والقدرة الخارقة .. فيكونَ أكبر فتنةٍ .. وهو أكبرُ فتنةٍ للعقول والنّفوس الضعيفة والقلوب الخالية من حقائق اليقين. لأنّه ينقضُ دلائلَ النبوّة، التي كانتْ نقطة قوّة يتأيّدُ بها الأنبياءُ عليهم السلام فتقعُ بها لهم المعجزات ليلفتوا النّاس إلى حقائق أكبر وسلطانٍ اقوى من الطبيعة والعوائد، فينتبهَ العقلُ وينفتحَ القلبُ لتلقّي الهداية والإرشاد من هؤلاء الأنبياء عليهم السلام.
قلنا فالدجّال يكسْرُ هذه الدّلائل ويستعملُها ضدّ الحقائق وضدّ الهداية الى الله ليفتنَ بها البشر ويزعمَ فيهم أنّه ربّ قادر خارقٌ … فكان أكبر فتنةٍ في تاريخ بني الإنسان. وما تحقّق لهُ هذا السلطان على العقول والقلوب إلاّ بما ذكرناهُ من تمهيدٍ دامَ عقودا وعقوداً من الهيمنة العالمية والعولمة الصهيوأمريكية والغربية.
فالحاصل .. أنّ الأمّة أغلبها غافلون عن كيد هؤلاء الأعداء، وتربّصهم بنا ..
والكائدون هم الماسون وعصاباتها المنتشرة في العالم التي تتحكّم في السياسات والعالم .. وإذا اضطرت أن تدمّر أكثر العالم لتحقّق أغراضها فسوف تقوم بذلك.
ومهمّتها اذا عجزت أن تسيطر على توجيه الشعوب والبلدان أن تنشر الفوضى والقتل والدمار والفتنة.
ولكنّ الله لهم بالمرصاد، ولذلك قامَت القطبية الثنائية بين الخير والشرّ ليُحقّ الله في الأخير دولة الحقّ وخلافة العدل والإسلام على كامل الأرض وينسف الباطل ويُزهقه ، قال تعالى (وَقُلْ جَاء الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً) .
لذلك سوف يقلب الله عليهم الطاولة ويديرُ عليهم الداوئر كما قال سبحانه :
(وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ)
وقال تعالى (إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً، وَأَكِيدُ كَيْداً، فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)
وقال تعالى (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ اللّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَى جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ.) الأنفال : 36
فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ
قَالَ صلى الله عليه وسلم « هي هَرَبٌ وَحَرْبٌ ثُمَّ فِتْنَةُ السَّرَّاءِ دَخَنُهَا مِنْ تَحْتِ قَدَمَيْ رَجُلٍ مِنْ أَهْلِ بَيْتِي يَزْعُمُ أَنَّهُ مِنِّي وَلَيْسَ مِنِّي وَانَّمَا أَوْلِيَائِيَ الْمُتَّقُونَ ثُمَّ يَصْطَلِحُ النَّاسُ عَلَى رَجُلٍ كَوَرِكٍ عَلَى ضِلَعٍ ثُمَّ فِتْنَةُ الدُّهَيْمَاءِ لاَ تَدَعُ أَحَدًا مِنْ هَذِهِ الأُمَّةِ الاَّ لَطَمَتْهُ لَطْمَةً فَاذَا قِيلَ انْقَضَتْ تَمَادَتْ يُصْبِحُ الرَّجُلُ فِيهَا مُؤْمِنًا وَيُمْسِى كَافِرًا حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ الَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ ايمَانٍ لاَ نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ ايمَانَ فِيهِ فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ» .  رواه أبو داود وأحمد والحاكم وقال : صحيح الإسناد .
ومن غريب الحديث :
الأحلاس : جمع حلس وهو كساء يلى ظهر البعير يفرش تحت القتب .
هرب : أى يفر بعضهم من بعض لما بينهم من العداوة والمحاربة ،
حرب : الحرب بالتحريك نهب مال الإنسان وتركه لا شيء له وقيل : الحرب ذهاب المال والأهل ،
السراء : النعماء التى تسر الناس من الصحة والرخاء والعافية من البلاء والوباء ،
دخنها: ظهورها وإثارتها ،
رجل كورك على ضلع : هو مثل ومعناه الأمر الذى لا يثبت ولا يستقيم وذلك أن الضلع لا يقوم بالورك ،
الدهيماء : أى السوداء والمراد بها الفتنة المظلمة .
فدعونا نفهم حقيقة فتنة الدجال .. ولماذا كانت فتنة الدجال أكبر فتنة في الأرض منذ عهد سيدنا آدم عليه السلام .. هل لمجرّد خروج الدجال في فترة يكون فيها عدد العرب قليل وسكان الأرض نقص عددهم بنسبة ثلثين أو ثلاث أرباع أو أكثر ؟؟؟
أم أنّ فتنة الدجال الحقيقية هي تمهيدات أتباعه وأعوانه الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون؟؟؟
هذا الحديث الشريف الذي بين أيدينا لو قرأناه بتأنٍّ فإنّنا سنفهم أنّ الدجال يخرج بعد وجود جوّ ومناخ … فما هو هذا الجوّ والمناخ الذي وضّحه الحديث هنا قبل أن يقول النبي صلى الله عليه وسلّم : "فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ"
هذا ما سنحاول قراءته …الحديث يتكلّم عن فتن كثيرة .. وما يهمّنا هنا الجوّ والمناخ الذي يسود قبل خروج الدجال.
فتن تعمّ لا تدع أحداً من الناس إلاّ لطمته وأصابته .. حتى يصبح النّاسُ من شدّة الفتن ورقّة الدين وفساد الايمان وضعفه وارتياب اليقين بين فتنة يصبح فيها الرجل مؤمنا ويمسي كافرا .. يتقلّبُ بين الايمان والكفر ..
فهذا حالٌ عظيم .. يدلّ على انفراط عرى الإيمان وعقد الدين وانتشار الجهل مقابل العلم الصحيح .. واستهتار الناس بحقيقة دينهم ايمانهم فيغدون بين ايمان وكفر .. يبيع المرء دينه بعرض من الدنيا قليل .
قال صلى الله عليه وسلم " ويل للعرب من شر قد اقترب فتن كقطع الليل المظلم يصبح المرء مؤمنا ويمسي كافرا يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل فالمتماسك على دينه كالقابض على الجمر "
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " بادروا بالأعمال فتناً كقطع الليل المظلم ، يصبح المرء مؤمناً ، ويمسي كافراً ، ويمسي مؤمناً ويصبح كافراً ، يبيع أحدكم دينه بعرض قليل من الدنيا " رواه أحمد ومسلم والترمذي
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن بين يدي الساعة أياماً ينزل فيها الجهل ، ويرفع العلم ، ويكثر الهرج ، والهرج : القتل " أخرجه البخاري ومسلم
وعن أنس ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم ، ويكثر الجهل ، ويكثر الزنا ، ويكثر شرب الخمر ، ويقل الرجال ، ويكثر النساء ، حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد " وفي رواية : " يقل العلم ، ويظهر الجهل " متفق عليه
عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن بين يدي الساعة الهرج ، قالوا : وما الهرج ؟ قال : القتل ، إنه ليس بقتلكم المشركين ، ولكن قتل بعضكم بعضاً ، [ حتى يقتل الرجل جاره ، ويقتل أخاه ، ويقتل عمه ، ويقتل ابن عمه ]، قالوا : ومعنا عقولنا يومئذ ؟ قال : إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ، ويخلف له هباء من الناس ؟ يحسب أكثرهم أنهم على شيء ، وليسوا على شيء " رواه أحمد بإسناد صحيح
فأحاديث النبي صلى الله عليه وسلّم تبيّن لنا جوّا ومناخا يعمّ الناس وفتنة الدهيماء : التي معناها السوداء .. المظلمة كقطع الليل المظلم تدع الحليم حيران.
ويصيب الناس جهل عظيم وهم يحسبون أنّهم على شيء وهم ليسوا على شيء .. أي أغلبهم وأكثرهم .. هذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ، وصدقوني فنحن في هذا الزمان الذي يحسب فيه الناس أنّهم على شيء .. وهم ليسوا على شيء.
الكلّ يسعى في أثر نفسه وأناه وحظه .. ولو أن يقال عنه فلان أو علان أو ينال حظا من المدح أو الدنيا قليل .. مقابل تفريطه أن يأخذ الحق، ويطلب الصدق ، ويعقل الأمور على حقيقتها ..
الناس تبيع دينها وتبيع صدقها مع الله وطلبها للحقّ مقابل عرض من الدنيا قليل ..
الناس فرق وأحزاب وجماعات وأفكار وعلوم تسعى في ظاهر الدنيا وأكثرهم عن الآخرة هم غافلون ..
قال سبحانه : (يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الْآَخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ ) (7) سورة الروم
حتى الذين يزعمون الانتساب للدين ، يتسترون بتديّنهم وانتسابهم ولكنّهم عن العبودية الصادقة غافلون ..
عن ذكر الله ، عن محبّة الله ، عن محبّة نبيّه صلّى الله عليه وسلّم …
قال الله تعالى : ( قل إن كنتم تحبّون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم )  سورة آل عمران 13
فتن كبرى كقطع الليل المظلم .. والجهل عن الدين وروح الدين وحقيقة الدين .. ذلك الدين الذي يحيي القلب ، ويزكي النفس ، ويطيّب الأخلاق .. ويعرّف الانسان بربّه ويقربّه منه، ومن نبيّه ورسوله صلّى الله عليه وسلّم …
قال الله تعالى (يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ * وَاتَّقُوا فِتْنَةً لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ) الانفال 24/25
وكلّ هذه الفتن والظلمات تسبق الدجال .. وتمهّدُ له : حَتَّى يَصِيرَ النَّاسُ الَى فُسْطَاطَيْنِ فُسْطَاطِ ايمَانٍ لاَ نِفَاقَ فِيهِ وَفُسْطَاطِ نِفَاقٍ لاَ ايمَانَ فِيهِ فَاذَا كَانَ ذَاكُمْ فَانْتَظِرُوا الدَّجَّالَ مِنْ يَوْمِهِ أَوْ مِنْ غَدِهِ
حينها .. يكون الدجّالُ قد أعدّ دولته ليخرج فيها .. وحينها يكونُ اغلب الناس قد أشربوا شرّه وسمّه الذي سعى في نشره أتباعه وأعوانه الذين سعوا عقودا وعقودا من أجل ذلك ..
فاسقاط الخلافة الاسلامية ، وتفريق الأمّة الى دويلات ، والى أحزاب وجماعات ، وفرق متناحرة متحاقدة .. ونشر كل أنواع المجون والفسوق والشذوذ والتميّع في العالم والامة والاجيال .. وغرس روح الفسوق وروح التمرّد وبذرة التفلّت يمسي الرجل مؤمنا ويمسي كافرا .. يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل .. كلّ ذلك مراد الدجال وأعوانه حتى تعلو دولته ويخرج ويجد من يتلقّاه بالورود والقبول ..
يخرج على الناس فيزعم فيهم الربوبية فيصدّقونه .. شرّ فتنة ..
ولكن متى صدّقوه ؟؟؟
لقد صدّقوه يوم أن اشربوا فتنه وصاروا الى الجهل وباعوا دينهم بعرض من الدنيا قليل .. هناك قد أعلنوا استعدادهم لقبول دعواه وشرّه فيهم.
فالحقيقة ان آخر الزمان .. وهو زماننا اليوم
زمان غريب مختلف .. فيه كل المتناقضات .. وتلك المتناقضات من ورائها تتجسّدُ حقائق صراع الحقّ والباطل، وصراع النّفس بين عالم النّور وعالم الظلمة، وعالم الرّوح وعامل المادّة، وبين الطين الجاذب الى الأرض والروح الدافعة الى أعلى .. سنحاول أن نلقي الضوء على بعض هذه المتناقضات في زماننا …
فزماننا يجمع المتناقضات :
أوّلاً : زمانٌ فيه التطور والتكنولوجيا والحضارة المادية التي ما زالت تبهرنا يوما بعد يوم .. وتشدّ العقول والقلوب اليها وتسحر النفوس بجمالها وقدرتها على تطويع الحياة وتقريب المسافات وتسهيل الصعوبات .. خوارق من العلوم وقفزات نوعية في عالم الاختراع والتطوّر والعلوم الدقيقة والتقنيّة .. تكنولوجيا النانو التي فتحت التطّور والتسخير على مصراعيه .. والتسلح العسكري والنووي الرهيب ..ونهم إنسانيّ ورغبة في اقتحام المجهول وتسخير العالم وكلّ ما هو كائن وموجود تسخيرا عظيما ..
والله اعلم ماذا يصلنا نحنُ المسلمين والعرب من عالم التطوّر والتكنولوجيا ؟؟؟
وهل كلّ ما يكتشفه هؤلاء الغربيون يعمّمونه على العالم ؟ أم أنّهم يحتفظون ببعض الاكتشافات التي يستعملونها في الجوسسة علينا كشعوب وأمم ؟ أو أسلحة تدميرية من نوع مباشر وغير مباشر مختلف ممنوعة ؟ يستعملونها في تحقيق بعض الاغراض ؟؟
في الحقيقة شرحنا بعض ما تم تسريبه منها ولكن هذا يعني انها طورت بصورة رهيبة عما هو معلوم..
وما نحن سوى امّعات واتباع لما يقدّمه لنا هذا الغرب في التطوّر والتكنولوجيا والسلاح .. علماً أنّهم يستعملون عقولَ العرب لأنّ بلداننا العربية والمسلمة آثرت التخلّف وقمع شعوبها والتبعيّة للأعداء .. عقول عربيّة وعباقرة عرب يهاجرون من بلدانهم المتخلّفة التي لا تقدّرُ عقول أبنائها وتقهر طاقاتهم قهراً، إلى الحضن الكبير، إلى العدوّ الخبير ..
ثانياً : زمانٌ رغم هذا التطوّر العجيب العرب فيه من آخر الامم تخلّفا وتدهورا ولائستقراراً وفوضى .. سياسيا واقتصاديا واعلاميا واجتماعيا .. وفي كل المجالات تقريبا العرب متخلّفون ولزيادة فجوة التخلّف اختاروا لنا خانة : العالم الثالث .. حتى أنّهم جعلوا بيننا وبينهم خانة فارغة لتعرف كيد هؤلاء الاعداء .. ومعرفتهم بنقاط ضعف النفس لإشعارنا بالهزيمة النفسية والتخلّف .. فهم العالم الأول .. ونحن العالم الثالث .. والعالم الثاني غير موجود .. يريدون القول أنّنا لن ندرك العالم الأوّل حتى في أحلامنا ..
… ثالثاً : أهمّ شيء أوجد الله من أجله الحياة والدنيا : هو الدين
الدين لا أثر له اطلاقا في حياتنا .. الدين غائب عن سلوكياتنا وأخلاقنا وشوارعنا .. بل غائب عن نفوسنا …ليس بالاباحية والالحادية فقط ولكن الاخطر هو ضرب الدين ذاته في مقتل بالتطرف والتجارة به بحسب الاهواء والمصالح وتضليل الناس بلغة الدين ..
قال الله تعالى : ( وما خلقتُ الجن والإنس إلا ليعبدون) قال ابن عباس : ليعبدون أي ليعرفون .
فما أقمنا حقيقة وجودنا ولا عبدنا الله ولا عرفناه حقّ المعرفة … ولا حكّمنا الدين في حياتنا ولا في أحوالنا.
فتجد من يعتلون أئمة الدين يصبح غالبيتهم مغيّبٌ عن الفهم الصّحيح للدّين .. وما أدراك ما الدّين ؟ الدّين الذي جاء يحملُ روح الأنبياء عليهم السلام، وميراثهم وأخلاقهم وفهمهم وعقلهم وحكمتهم
(هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ ). يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة .. هذا هو الدين : إيمان وآيات وتزكية نفوس وعلم من الكتاب وحكمة.
هناك ضياع لحقيقة الدين في نفوس الكثير من المتديّنين .. فتجدُ آلاف خطب الجمعة بل ملايين تعمر الأرض ولكنّها لا تؤثرّ على عشرات الملايين الذين يذهبون للمساجد ويصلون الجمعات وقلوبهم خاوية من روح الدين، وطلب الصدق والبحث عن العبودية لله ..
هناك انفصام واضح بين الدين والشعوب في زماننا .. هذا الانفصام موجود على عدّة مستويات :
أ) – إمّا بالروح العلمانية والبعد عن الطاعات والعبادات والوقوع في المعاصي وتتبّع الشهوات والغفلة .. وهذا تجده في عموم الناس الغافلة عن دينها والغارقة في الماديات والدنيا بلا التفات الى الدين .. وربما المنجرفة الى المعاصي الكبيرة واكل المال الحرام والغرق في الموبقات ..
ب) – وإمّا بجفاف الروح في المتديّنين والواقفين على الطاعات والعبادات لكنّ عباداتهم وطاعاتهم بعيدة عن روح العبودية وبعيدة عن الصّدق ، وقلوبهم تجدها مريضة مملوءة بالامراض والعلل التي ذكرناها .. فتجده يصلي ويصوم وربما يكثر العبادات ظاهرا ولكنّه مريض بالرياء والحسد والعجب وربّما الكبر والغرور … وهو غافل عن تزكية نفسه والله تعالى يقول ( قد أفلح من زكّاها وقد خاب من دسّاها)
ج) – وبما ذكرناهُ من غياب الفهم الصحيح والفكر القويم والأساس الذي جاء من أجله الدّين، الذي تبدأُ قصّته من سيّدنا آدم وقصّة الاستخلاف والخلافة في الأرض.
بغير فهم معنى الخلافة وقصّة الاستخلاف، وفهم ماهية الأسماء وعلومها التي بها استخلف الله سيّدنا آدم عليه السّلام أنّى يكونُ دين؟ أو يقومُ فهم صحيح للدين ؟
عبثٌ ما هو موجود في كثير من طوائف المسلمين وجماعاتهم التي تحتكرُ الدين .. أو تتناقل النّصوص وتفهمها بعاميّة وسطحيّة، ويأخذ الدّين من هبّ ودبّ من العوام والغير مؤهّلين للفقه والفهم والتزكية.
ولذا فهدم صحيح الدين والايمان والوعي في الامم هو اكبر مطوع لقدوم منظومة الدجال وسيطرتها برغم كل تقنياتهم وقوتهم واسلحتهم..ذلك هو التمهيد الحقيقي لمملكته وسيطرته
الحسناء السورية والوحش .. الأساطير تهاجم الأساطير بالسواطير التلمودية

الحسناء السورية والوحش .. الأساطير تهاجم الأساطير بالسواطير التلمودية
عندما أمرّ على صحف العرب وكتّاب العرب أعرف ماذا يعني أن الأمم الفقيرة بالنخب لاتستطيع خوض المواجهات الفكرية الطاحنة مع الأمم الأخرى ..المواجهات الفكرية تحتاج الى عقول لاتمسك بها العواطف ..وعقول لاتمارس العناد الفكري ..وعقول لاترى امتطاء الحقائق لجياد العقل الجامحة اهانة لها لاتقبلها عزة نفسها فتصرّ على نبذ الحقائق .. ويصل الأمر ببعض الكتّاب أنهم ماعادوا يكتبون عن الواقع بل صاروا يكتبون بطريقة رواية الاساطير ومبالغاتها وقسوتها ومفاجآتها … انفصل المثقفون العرب عن الواقع تماما وأصابهم الربيع العربي بلوثة "التأسطر" .. وصارت قراءة بعض كتابات مثقفي العرب مغامرة لأنها عملية مواجهة بين العقل والأسطورة ..والمشكلة الكبرى أن عددا من القراء العرب أيضا يميلون لتصديق الأسطورة ..لأن العاطفة لا العقل من يعمل ..ولأن العناد يحل محل العاطفة عندما تتنحى للعقل .. فالأسطورة تنتشر لأن الاسطورة يقرأها عشاق الأسطورة والحكايات ..
 لاأدري من أين جاءت الأساطير وكيف ألهم كتّاب الأساطير القديمة فكانت الاسطورة الاغريقية عن حروب وصراعات الآلهة مثل بوسيدون اله البحار وهيرا الهة الزواج وديميتر اله الزراعة والخصب وأريس اله الحرب والانتقام وأفروديت الهة الحب والجمال ووو.. ولاأدري ان كانت قصص الاغريق القدماء هي قصص عن أناس حقيقيين لكن ألبست لبوس الأسطورة عندما حدثت لدى الاغريق "ثورة" .. أو "ربيع" اغريقي وظهر كتاب ثورجيون اغريق فكتبوا الأحداث بلغتهم… لكن ماأعرفه ان ميثولوجيا الاغريق كتبها كتّاب عقلاء نبلاء لتخليص العقل من سطوة الأسطورة المجنونة ولتعليم العامة القيم والأخلاق .. أما كتّاب العرب فيكتبون الأسطورة للسطو على العقل ولتخليص العامة من الأخلاق وزرع الشر والغباء .. وتتميز أساطيرهم بسيلان لعاب برنار هنري ليفي اللزج على كل سطورها ..ووجوه أبطالها .. ولاأملك الا أن أهنئ برنار هنري ليفي على هذه العبقرية في ابتكار أسطورة من الهواء سيسجلها له التاريخ وستجعل هنري كيسنجر تلميذا صغيرا لديه…
كيسنجر كان يعرف هشاشة المجتمع العربي ويصفه أنه مجموعة خيام وفي كل خيمة شيخ ..ونصح بأن يتفق الغرب مع شيخ الخيمة وينسى شعب الخيمة .. فالشيخ هو كل شيء …لكن برنار هنري ليفي أثبت أنه يعرف أكثر من كيسنجر ..فهو يعرف النخبة العربية وأهل الخيمة بحذق ويعرف شقوقها وهشاشتها ويعرف كيف يحول مزاجها ويركبه …ومن يعرف النخب يركب على شعوب النخب … فصمم لهم ليفي أسطورة الربيع العربي  لتأكل أساطير المقاومين العرب من الرئيس عبد الناصر الذي هدم ثورجيو ليبيا نصبه وتمثاله بعدما جرجروا العقيد الجريح كالوعل الجريح وفتكوا به كالضباع الهائجة .. وتمكن برنار هنري ليفي بعبقرية توجيه الاسطورة المجنونة التي صممها ليصدم بها أسطورة عظيمة هي أسطورة المقاومة وأسطورة تحالف الشرق بين الرئيس بشار الأسد والرئيس أحمدي نجاد والسيد حسن نصرالله .. فلحقت بأسطورته غوغاء المثقفين العرب .. تغني للأسطورة .. كي تسحق الأسطورة ..
ان كل مايكتب عن الربيع العربي لايستحق أن يقرأ لأن فيه القليل القليل من العقل والحكمة وفيه الكثير الكثير من "فوضى الحواس" وهياج العاطفة .. ولايستحق أن يرمى بنظرة أو التفاتة .. انها الرثاثة والعبث … انها الكتابة العمياء ..وكتابة الأميين … ويحتاج القارئ الى أن يتوضأ وأن يبسمل ويتعوذ من الشيطان الرجيم بعد كل قراءة عن ربيع العرب والثورة السورية لما فيها من أساطير ووحوش لاوجود لها الا في مخيلات البلهاء وعشاق الأساطير .. فحتى هذه اللحظة كتب الكثيرون عن وحشية الجيش السوري ووحشية الفرقة الرابعة قصصا لم يكتبها قبلهم أي كاتب أساطير .. وكتبوا عن صراخ المدنيين وعن مذابح وقصف مدفعي وبالدبابات وبالسلاح الكيماوي وعن انشقاقات عشرات آلاف الجنود وعن الدولة التي قتلت الجميع وعن تفجيرات نسبوها للدولة التي تفجر مقراتها الأمنية ومدنها وتنسف اقتصادها وعن الدولة المجنونة التي تريد اشعال حرب طائفية لتحمي نفسها وعن مقاتلين لحزب الله يموتون في شوارع الزبداني وعن الآلاف من حرس ثوري ايراني يقاتلون الشعب البائس .. انها فن كتابة الأسطورة المجنونة بكل مافيها من خيال لكنه الخيال القاتل الذي يكتب أسطورة الشيطان .
كي تفهم الأحداث السورية لايستطيع عقلك الذي تعلم الرياضيات والهندسة والجبر والأدب والأخلاق والشعر والتاريخ طوال عقدين على الأقل أن يفهم شيئا من الحدث السوري لخلطه بالأساطير وسيحتاج عقلك الى حرق طن أو طنين من وقود المنطق وأن يكون قد قرأ شيئا كثيرا عن تفكيك الاسطورة كي يعرف التعامل مع هذا الطوفان من الأساطير الذي يجعل كتّابا في مصر مثلا يجلسون في مكاتبهم – بعد انجاز الثورة المصرية – ويستعيدون أمجاد حرب أكتوبر بتوجيه الضربة الجوية "الأولى" على "النظام السوري" بدل اسرائيل وهم لايتزحزحون عن مقاعدهم ولايأتون الى سوريا (لأن سوريا تأتي اليهم عبر الجزيرة وبعض الكذابين المعارضين) ولايعرفون عن الحدث السوري الا كما يعرف منصف المرزوقي (رئيس تونس) عن تقطيع زينب الحصني التي ظهرت حية ترزق بعد أن انفعل وبكى عليها الشيخ المرزوقي بطريقة مخجلة على منصة الجزيرة وهو يتهم الأمن السوري بتقطيعها .. دون أن يعتذر عن تلك التهمة كأي عاقل يحترم نفسه ليصير بعدها رئيسا لجمهورية كما يحدث في الأساطير التي تحكي عن البلهاء الذين صاروا فرسانا ..
عندما نستمع لفنانين أو لنخب مثقفة مثل حمدي قنديل وعبد الحليم قنديل وفهمي هويدي وغيرهم نعرف أن النخب المثقفة العربية لديها ماء.. لكن ماءها ضحل وطيني وعكر .. ليس له عمق فكري ولامنسوب .. وفكرها راكد تعيش فيه الضفادع النقاقة .. وأن أغلبهم يكتب دون أن يفكر ودون حتى أن يغامر بالبحث عن الحقيقة .. فيكتب لجمهوره الاسطورة دون أن يدري..ويحشو عقول قرائه بالماورائيات الثورية.. فقلمه مربوط بحصان عاطفته الذي يجري بعيدا عن حصان عقله.
فهمي هويدي مثلا كتب منذ أيام يعتذر للشعب السوري الذي يذبحه النظام ولايفعل العرب له شيئا .. وكلامه بالطبع فتوى للجهاد ليس لما تضمنه من الأكاذيب والأضاليل بل لما افتقده من الموضوعية والأمانة وزخر به من الدموع .. فهمي هويدي تحول مثل غيره الى راو للأسطورة والى كاتم صوت في أسلحة الثورجيين ..هم يطلقون الرصاص وهو يكتم صوت الرصاص .. بل اجتهد كاتم الرصاص هويدي وطور نفسه ليكتم قلمه صوت انبجاس الدم السوري البريء من الأعناق بسكاكين المكبرين الثورجيين .. وأصيب هويدي بعمى الألوان فالدم الذي يسفكه الأمن السوري أحمر قان لزج ساخن طاهر لاينسى …أما الدم الي سفكه الثورجيون بجنون والذي لو سكب في نهر النيل لتغير اسمه الى نهر "الأحمر" فان فهمي هويدي لايراه لأن دم الأغيار (الغوييم) ماء شفاف يتبخر أو أنه نفط خفيف سريع الاحتراق في الاعلام الخليجي الذي يتأرجح فيه هويدي وينام في سريره قرير العين ..انها نفس طريقة الكتابة الاسطورية للتلمود اليهودي عن الغوييم والشعب المختار ..الثورجيون صاروا الشعب المختار .. وباقي الشعب السوري هو "غوييم" فهمي هويدي ..الذي صرنا نقرأ اسمه فهمي يهودي …انها الاسطورة الجديدة يكتبها لنا برنار هنري ليفي بأقلامنا العمياء …والله أكبر …يا أمة الاسلام..
كتّاب التلموديات الهويدية الذين كتبوا لنا عن الربيع العربي والجيش السوري كانوا في رواياتهم كأنما يكتبون عن اليهود عندما دخلوا أرض كنعان .. فمثلا ذكر سفر يوشع "انهم قتلوا بحد السيف جميع من في المدينة من بشر وحيوانات ثم زحفوا الى مدينة «عاي» الكنعانية فقتل يوشع وقومه كل من في المدينة البالغ عددهم حوالي 12 ألف نسمة"….
لن أتوقع من هويدي أن يعتذر للسيد حسن نصر الله على حملة التزوير والتضليل والافتراء على شخصه والحاق الاهانة به واتهامه بالقتل والاعتداء على انجازات المقاومة .. والعمل المتواصل لقتل اسطورة هذا البطل ..فهمي هويدي الذي بكى بكاء مرا على خذلان الشعب السوري لم يبك على خذلان حلم السيد حسن نصرالله بقهر اسرائيل في عقر دارها..وقد كان قاب قوسين أو أدنى ..فأنقذها ربيع العرب وكتّاب أساطيرهم..
يخطئ من يعتقد أننا نريد من السيد هويدي وأمثاله  أن يعتذروا منا لكننا نطلب منه أن يعتذر من أستاذ اللغة العربية وأستاذ التاريخ وأستاذ الجغرافيا ومدرسي الأخلاق الذين درسوه ..وأن يعيد امتحانات الثانوية عله يعرف شيئا عن المنطق الذي يبدو ان بهجت الأباصيري ومرسي الزناتي هما من يعلّمان المنطق في مدرسة فهمي هويدي الأخلاقية .. ألا تستحق دمعة واحدة من أم شهيد سوري "غوييم" ذبح بيد المسلحين الأشاوس أن يريق عليها هويدي ومثقفو "شعب الله المختار في بابا عمرو" من كتّاب الأساطير حرفا ؟؟ ألا يستحق جدّ رسول الله هاشم الذي يرى هويدي قبره يغرق في الظلام وتنقطع عنه الكهرباء في غزة ولاتستطيع كل جحافل الاسلاميين العرب المنتصرين في شمال افريقيا وعلى تخوم غزة أن تنير عتمته .. ولم تستطع ايقاد شمعة واحدة في غزة ..فيما الثورجيون يشعلون كل النار في محيط اسرائيل .. ويشعلون الجحيم في المشاعر
كنت دائما أقول ان النخب هي التي تقود قاطرة الصراعات ..وأن مايحدث من صراع بين الشرق والغرب هو صراعات النخب مع النخب .. فالنخب هي التي تستطيع بناء المجتمع السليم ..وكنت دائما منحازا الى النخب العربية التي أصغيت لها وهي تشتكي وتثرثرعلى مدى عقود عن الديكتاتوريات لأنها حطمت انسانية الفرد في المجتمع المقهور ولأنها تبني عبودية المواطن المريض نفسيا فيما تحاول هذه النخب اعادة بنائه وشفاءه ..وصفقت لها أكثر مما كان يصفق جمهور أم كلثوم لمقاطع أغانيها وكنت أقول: هذه النخب هي من تستحق أن يقال لها "عظمة على عظمة ياست" وهي تنشد نشيدها المزمن بأن "بلدا لاينعم فيه المواطن بالحرية لايستطيع أن يتحرر من احتلال" ….
لكن ماحدث هو أن هذه النخب كلها كانت نخبا هشة والاستماع لأم كلثوم فيه فائدة أكثر وراحة ضمير .. فقد سقطت هذه النخب في امتحان مواجهة الأمم وتبين أنها نخب لشرب الأنخاب والخطابات وأنها هي السبب في المأساة وأنها مصنع الديكتاتوريات والفشل في الانتقال الديمقراطي وأن شكواها من القمع كانت لأنها تريد هي أن تمارس القمع على طريقتها كما تفعل الآن .. حجم الهزيمة الثقافية المجلجلة هائل واستسلام جنرالات الثقافة العربية بالجملة لهذه الحملة الفكرية الثقافية في الربيع العربي مهين وشائن ومروع ويشبه هؤلاء الجنرالات جنرالات الجيش العراقي الذين كانوا يستسلمون بعد سقوط بغداد دون قتال … لمجرد رؤية تمثال سقط ..
هناك حالة من الطفولة والصبيانية وقلة الوعي من النخب في التعامل مع الربيع العربي ومع الحدث السوري تحديدا .. فهناك نوع من المساهمة ببناء الأساطير ونوع من التكرار لمقولات العامة والرعاع بل وخشية من رفع الصوت بكلمة منصفة …وهناك تحرير لمشاعر الانحطاط ودفع نحو "حيونة الانسان" ..
نعم هناك عملية مقصودة لاطلاق لمشاعر البهيمية .. أنا لاأصدق مثلا كيف أن كل عتاولة الثقافة العربية ومثقفي المجلس السوري الوطني والمثقفين العرب لم يتنبهوا الى خطورة اطلاق مشاعر العامة بتبني لغة الاسطورة ولغة الصورة .. ولغة اليوتيوب ..وباشاعة الأساطير عن تناطح الهلال الشيعي مع السنّة وتوزيع صور الموت والدم حتى على الأطفال وترويجها في مواقع الثورجيين وموبايلات الشباب والمراهقين بحجة فضح نظام قمعي .. بعض فعاليات الثورة كان يباهي بنشره صورا كثيرة لمشاهد الموت البطيء المعذب وللجثث المعذبة دون دليل أو تحقيق عن صحتها … نعم انك بالصورة قد تشنّع على نظام وتدينه لكنها ستحول مشاعر الناس لدى جمهورك نفسه الى غرائز وانفعالات غير منضبطة .. وللأسف دفعت بمؤيدي الدولة في سوريا من منطق الرد بالمثل والصورة بالصورة والدفاع عن النفس الى اطلاق ألبوم مخيف عن صور العنف والفظائع التي يمارسها الثورجيون …
لو كانت الثورة تعنى بشعبها ولديها عقول تفكر لما سمحت على مواقعها وفضائياتها بنشر ثقافة الصورة المرعبة الدموية في مجتمعاتها ولحاولن جهدها ابعاد العنف وثقافته .. فمثلا هل رأيتم صورة واحدة لجثث أو ضحايا تفحمت في أحداث سبتمبر في أميريكا أو بعد تفجيرات لندن أو مدريد لتحرض الغرائز على العرب؟؟ لم تسمح النخب الثقافية الغربية بنشر صور الرعب والموت في مجتمعاتها رغم انها كانت ستزيد من منسوب الكراهية للعرب والمسلمين واكتفت النخب هناك بالحديث المطوّل عن الدمار والموت وصور الغبار وثقافة حكم الشريعة وقطع الرؤوس .. ومافعله الثوار العرب أنهم جعلوا ثقافة صورة الموت والدم جزءا من النفسية الجديدة للجيل الجديد وتم بناء جيل سيكون غير سوي نفسيا وانحرافا نحو العنف والجريمة السهلة لأن التراشق بالصور العنيفة بين الطرفين كان منصة لانشاء الاعتيادية على مشاهد العنف والقبول بها والاستسلام لها كأمر طبيعي بعد أن كانت محط استهجان واستغراب ولاتصديق ان تحدث في سوريا ..

فعلى هؤلاء المثقفين أن يتوقعوا نهوض مجتمع عنيف اعتاد لغة العنف .. وبدأ ياكل نفسه وأبطاله ..ولن تضبطه عملية ديمقراطية ولاحريات السوربون ورومانسيات سمر يزبك ورزان زيتونة .. وهذا الأمر بالطبع لن يلقى عناية أعضاء مجلس استانبول لأن أبناءهم لن يعيشوا في سوريا مهما حدث بل سيبقون مثل أبناء المعارضين العراقيين الذين بقوا في الغرب ورفعوا دعاوى ضد ترحيلهم بعد سقوط صدام حسين لأنهم يعرفون أي مجتمع أطلقته الحريات المجنونة والتحرير بتفجير المشاعر الانسانية ..
صارت الأسطورة الطليقة المجنونة تأكل الاساطير الحقيقية وتأكل كل أعداء اسرائيل واحدا واحدا .. فثورجيو ليبيا هدموا نصب أسطورة عربية جميلة هي تمثال عبد الناصر ..فيما بدأ ثورجيو سوريا تمردهم من أجل قانون الطوارئ والمادة الثامنة في الدستور وانتهوا الى احراق صور أسطورة عربية هي حسن نصر الله وبدؤوا يذبحون من يخالفهم رأيهم حتى لو كان مؤمنا تقيا مثل الشيخ أحمد صادق خطيب جامع أنس بن مالك في دمشق ..لأن من يشرف على الثورة ليس مؤهلا لقيادة جمهور ولامدرسة ابتدائية ..ولأن النخب التي تكتب للثورة من المحيط الى الخليج نخب جوفاء لاتعرف الفرق بين الكتابة والخطابة والعزف على الربابة
وعمل الحجابة.. ولعل الأهم أن كاتب الأسطورة الحقيقي هو مرشح الرئاسة الاسرائيلي .. برنار هنري ليفي
مافعله كتّاب أساطير الثورة ببعض الناس لايغتفر وستأتي بهم كتب التاريخ للمحاكمة لأنهم حولوا الناس الى وحوش آدمية ..هذه الصور المروعة التي كان الثوار يروجونها والمقالات المنحازة الى دم دون آخر التي كانوا ينشرونها بحجة التشنيع على النظام كثير منها كان مفبركا وكثير منها تم بيد الثورجيين أنفسهم بل ان الانحطاط بلغ حدا أن بعضها كان مسروقا بوقاحة من جرائم صبرا وشاتيلا ودير ياسين الفلسطينية وصارت اسرائيل تلقي بارثها الدامي علينا لتنظفه لها ثوراتنا وتنسب صور جرائمها لنظام الرئيس الأسد حتى تجرأ الثورجيون وقالوا ان الجيش السوري لايساوي رباط حذاء جندي اسرائيلي .. فدارت عنفة العنف ..وكل طرف يلوم الآخر …ولكن ماحدث أن مايسمى "الثورة" ولغياب القيادة الرشيدة والنخب الواعية ولاختراقها من قبل المخابرات الغربية لم تعر بالا الى هذه العملية في بث الأساطير التي تخلق وحوشا لايمكن ضبطها والسيطرة عليها…
والغرب نفسه طبعا يشارك في هذه العملية الهوليوودية الضخمة في صناعة الاسطورة الهوجاء العربية .. ومن الأمثلة الصارخة على تغليف الحدث السوري بالأسطورة هو مقالة صحيفة التايم البريطانية عن "زوجة الطاغية" .. فالصحف الغربية تعرف أن قراءها لاتجذبهم أخبار العالم الخارجي الا اذا تمت صياغتها بطريقة تجعل عين القارئ لاتترك المقال قبل أن تتركه ..ولايوجد مقال عن سوريا لايطعّم بنكهة الأسطورة والعجائبية .. فمن يقرأ مقالة "زوجة الطاغية" يحس أن الصحيفة تعرف أن الحكايات والميثولوجيا هي التي تجذب الناس أكثر من لغة التقارير الرسمية .. ومن يقرأ تلك المقالة يحس أنه يقرأ حكاية "الحسناء والوحش" الشهيرة انما تتلاعب بالقصة وتنزع صفات النبل عن وحش سوريا وتجعله طاغية يكرهه القارئ .. فزوجة الطاغية وهي السيدة أسماء الاسد تقدمها الصحيفة على أنها وديعة رقيقة كالحرير نشأت في بيئة وديعة وتنسمت هواء الحرية والديمقراطية وسط ملائكة المجتمع البريطاني الى أن تزوجت طاغية قاسي القلب ومصاص دماء قلب حياتها وهي الآن تعاني وتكتم في نفسها وتبكي في سرها على حمص ولاتجرؤ على البوح .. ومن يقرأ المقال لايجد الا عبارات غامضة ورواة مجهولين لنقل التفاصيل من مثل "ويقول مقربون منها" ويقول بعض الجيران ..ويقول صديق لايمكن التصريح باسمه الحقيقي  .. رواية عاطفية سخيفة ستقرؤها كل ربات البيوت الانكليزية لانها مسلية ..لكننا نعرف ان الوحش الاسطوري الذي تتحدث عنه التايم هو انسان راق ..وشفاف ..ومتنور ..ويحمل قلبا نقيا …ومع هذا فهو يقاتل بشراسة هكطور الطروادي ..عندما يواجه عدوه أغاممنون المتكبر المغرور…
وأما من يقرأ تقرير صحيفة الايكونوميست البريطانية عن سورية فيعتقد أنه يقرأ من مذكرات جبهات القتال في الحرب العالمية الأولى والثانية حيث فرق الجيوش تسحق المدنيين المسلحين تسليحا خفيفا وتهرسهم الدبابات..أساطير في أساطير في أساطير ….
ولمن يعشق قراءة الأساطير سنحكي له قصصا بابلية عظيمة وكنعانية مليئة بالخير ….سيكتب كتاب الأساطير الحقيقية يوما عن صراع دار بين شعب هدد (أو حدد) .. وهو اله العواصف والأمطار عند السوريين القدماء الذي كان يتجول على عربات السماء ويجلد الغيوم لتمطر ويزمجر فيقصف صوت الرعد ..(وكان معبده القديم في دمشق في مكان الجامع الأموي بالضبط .. وأما معبده الكبير في حلب فكان على أعلى مكان فيها وهو النجد الذي نهضت عليه قلعة حلب الحالية) …هذا الشعب هاجمه هبل (اله الزيت والنفط ) .. وتداعى الى المعركة لنصرة هبل آلهات كثيرات مثل آلهة الخيانة والغدر "غطر"  وآلهة الحقد "بندر" وآلهة الكذب وآلهة الدم .. وآلهة الغاز وآلهة المال وآلهة الفضائيات ..وكان يقودهم يهوه وآلهة الغرب وآلهة الشرق وآلهة بان كيمون …
لكن الاله "أنو" اله السماء السومري والاله آشور والاله انليل (اله الربيع والهواء) .. وعشتار آلهة الحب والجمال ..وآلهة الكوثر ..واله الثلج والبرد القارس السيبيري .. واله اللون الأصفر وأسوار الهيمالايا .. كلهم أطفؤوا الحرائق التي نفخها من فمه اله الزيت والنفط والغاز والدولار … وقامت عشتار بنشر الحب حيثما وقع لهيب النفط والزيت والدم … وكان "انليل" ينظف الربيع الأخضر من الربيع الأسود المتسخ برائحة الدم يساعده اله الثلج والبرد القارس … وكان انليل ينفخ على الغبار والهباب والدخان ويعيد الربيع الأخضر … ظل ينفخ حتى جاء آذار … نعم في آذار.. ستتزوج عشتار .. من اله الرعد والأمطار ..
الحرب العالمية النووية و الجرثومية

الحرب العالمية النووية و الجرثومية

نتكلم عن نظرية الحرب العالمية القادمة ، حسب تصور الكثير من المسؤولين ، في المجال الحربي العالمي ، و الذين يرون سباق الناس المحموم إلى التسلح في الكثير من دول العالم لا ينبئ بالخير

يرى الخبراء ، أنه في حالة نشوب حرب عالمية ، و في ظل التسلح الخطير للعالم ، و الذي تعدى الأسلحة الأوتوماتيكية ، إلى الأسلحة النووية و الجرثومية ، سيباد ما لا يقل عن مائتا مليون نسمة خلال الساعات الأولى من الحرب ، و يهلك الملايين من رؤوس الماشية ، و النباتات ، مع حدوث تغيير على مستوى المحيطات و الحار ، و انتشار الإشعاعات القاتلة ، و السامة ، و يحدث عن الإنفجارات النووية ، تلاطم للأمواج يؤدي إلى تسونامي خطير ، يذهب بحياة الكثير من المخلوقات البشرية و الحيوانية على الأرض ، مع العلم أن انفجارا بقوة 10 آلاف ميغا طن ، أي ما يعادل قوة انفجار 10000 مليار كيلوغرام من المادة الناسفة تي إن تي ، سيؤدي إلى إزالة 30 إلى 70 في المائة من غاز الأوزون في النصف الشمالي من الكرة الأرضية ، حيث ترجح أن تقع هذه الإنفجارات ، و 20 إلى 30 بالمائة من الغاز ذاته في النصف الآخر من الأرض ، و سيحتاج الأمر إلى عشر سنوات على الأقل لتتعافى الأرض من هذه الضربة ، و خلالها ، ستعرف الأرض هجوما قوية لأشعة الشمص الضارة ، فيحدث اختلال أرضي ، فتكثر الفيضانات و التصحر ، و قلة الأمطار …

و لنعط مثالا أيها الإخوة لانفجارات نووية حدثث بالفعل ، و لننظر في قوتها و ما أنتجته من طاقة ، لنرى ماذا يمكن للحرب النووية أن تفعله في هذا الكوكب من دمار !

ففي 28 شباط 1958 فجرت الولايات المتحدة في جزر بيكيني المرجانية قنبلة نووية قوتها 8 ميغاطن ، أي ما يعادل انفجار 8 مليار كيلوغرام من مادة التي إن تي ، غير أن الذي أدهش الجميع ، أن القوة التي أنتجتها القنبلة فاقت ذلك بكثير ، فأنتجت قوة تعادل 15 مليار كيلوغرام من مادة التي إن تي ، و هو رقم مخيف ، فنبلة واحدة ، أنتجت كل هذه القوة ، فما بلك بحرب نووية ! و بعد ساعة من الإنفجار ، ظهر بعض الرماد الناعم على سفينة يابانية التي كانت تبعد بحوالي 150 كيلومتر عن مكان الإنفجار ، و أصابت الغدد الدرقية للبحارة الذين كانوا على متنها ، و لوثث القنبلة مساحة تقدر ب 8000 ميل مربع من المياه المحيطة لمكان الإنفجار !
و كما لا يجب أن يخفى عليك ، ففرضا ، لو أن الإنسان في حالة حرب نووية ، نجا من الإنفجارات ، فإن الإشعاعات المنبعثة ، تؤدي إلى الهلاك التالي :
ــ تكاثر الكريات البيضاء في الدم ، سرطان الغدد الدرقية ، و الأجهزة التنفسية
ــ ولادات غير طبيعية
ــ تشوهات في المواليد ، و إعاقات ذهنية بالجملة
و هذا ما لاحظناه على المواليد في بلاد العراق ، إبان حربي الخليج الأولى و الثانية ، فقد استعملت قوى العالم ، أسلحة نووية حرارية ، و تكون هذه الحروب ، مناسبات للدول العظمى من أجل تجريب أسلحتها النووية ، و معرفة آثارها التدميرية فعليا على أبناء البلد المحتل ، من أجل توقع الدمار الشامل الذي يمكن حدوثه ، في حال استخدام هذه القنابل بشكل رئيسي في حرب عالمية قادمة !

فكرة شريرة أخرى ، تلك التي أصبحت الدول المسلحة تقتحمها ، و هي استخدام أعماق البحار ، للتمركز ، و ملئها بالصاريخ النووية ، القادرة على عبور القارات ، فالآن تستطيع أبراج بأكملها الرسو في قاع البحر ، مجهزة بصواريخ نووية ، قادرة على تدمير مساحة 20000 كيلومتر مربع ، على بعد مسافة 4000 كيلومتر ، كل هذا تحت الأعماق ، مما يجعل إمكانية اختلاق أمواج المد البحري التسونامي قائمة ، خاصة إذا انفجرت القنبلة الذرية في مكان قريب من البلد المزمع ضربه ! لم تكن الحرب البيولوجية حديثة العهد بل كانت مستخدمة في العصور القديمة. لقد كان الرومان في حروبهم يقوموم بتسميم الأنهار وآبار المياه وقد تم استخدام أسلحة بيولوجية في العصر الحديث في أيام الحرب العالمية الأولى وتتكون الأسلحة البيولوجية من مكونات بكتيرية سامة أو سموم بكتيرية وتعتبر خطورتها في انتشارها وتعتبر اخطرها هي الجدري والجمرة الخبيثة وغيرها من الأمراض ..
قد تستهدف الأسلحة البيولوجية الكائنات الحية أو البيئة المحيطة كالتأثير على نتيجة الصراع للسيطرة . هؤلاء يتضمنون الناس, كل الجنود و الغير مقاتلون, المحاصيل و الحيوانات التي يربيها الانسان, المصدر المائي, التربة, الهواء . كائن الشّيء, علىكل حال, الهدف الحقيقي من استخدام هذه الاسلحة اضعف العدو,و اثارة الرعب لدرجة التي تجعله يرضخ لمطالب المهاجم .
…………………..قائمة باسماء بعض الفايروسات التي تستخدم في الحروب الجرثومية …………….

V1 . فيروس تشيكنجنيا
V2 . فيروس حمى هيمورهاجيك كونجو-كريمين
V3 . فيروس حمى الضنك
V4 . فيروس التهاب الدماغ الخيل الشرقي
V5 . فيروس إيبولا
V6 . فيروس هانتاان
V7 . فيروس جانين
V8 . فيروس حمى لاسا
V9 . فيروس التشوريومينينجيتيس المتعلّق بالكريات اللّنفاوية
V10 . فيروس ماتشبو
V11 . فيروس ماربرج
V12 . فيروس جدري القرد
V13 . فيروس حمى الوادي
V14 . فيروس التهاب الدماغ
V15 . فيروس الجدري
عافانا الله منها ……………….

…………………….. اخطر هذه الفايروسات والتي يستخدم في الاسلحة البيولوجية ……..
هو فايروس الجدري والذي ين البعض انه انقرض وانتهى الا انهم يطورونه ليصبح اقوى 
وهناك ما هو اشد منه فتكا في العالم ولكن هذا الاكثر استخدام والاكثر تخزين في العالم .
…………………. تجربة ناجحة للاستفا
يعني كما نرى يمكن استخدم هذه الفايروسات بتحويل الحيوانات الى ادة للتدمير ولكن لاتحولها الى وحوش .
تاريخ إستخدام الأسلحة الكيماوية والجرثومية

تاريخ استخدام هذا النوع من السلاح يرجع إلى القرن السادس قبل الميلاد حين سمّم الآشوريون آبار عدوهم بمرض أرغوت الجاودار rye ergot، ثم في نفس القرن استخدم "سولون" -من أثينا- عشب الخربق المسهّل لتسميم مياه عدوّه المحاصر. أما في عام 1346 فقد أصيب بعض جنود جيش التتار بمرض الطاعون أثناء محاصرتهم لمدينة "كافا"؛ فما كان من الجيش التتري إلا أن ألقى بجثث هؤلاء الجنود داخل أسوار المدينة المحاصرة؛ وهو ما أدى إلى تفشي المرض داخل المدينة، وبالتالي استسلام المحاصرين.
ويُعتقد أن خروج بعض المصابين خارج أسوار "كافا" كان سبب تفشي الطاعون الذي عُرف بـ"الموت الأسود" عبر القارة الأوروبية في ذلك الوقت.
كما حاول القائد الفرنسي "نابليون" تسميم سكان مدينة "مانتوا" الإيطالية المحاصرة بمرض حمّى المستنقعات.
أما في التاريخ المعاصر، فقد أدى استخدام الغازات السامة أثناء الحرب العالمية الأولى إلى قتل ما يقرب من 100 ألف جندي، بالإضافة إلى ملايين المصابين. وفي عام 1915 عمد طبيب (ألماني-أمريكي) إلى تحضير ما يقرب من لتر محلول به مرض الجمرة anthrax والرعام glanders في معمل أنشأه داخل منزله بمدينة واشنطن الأمريكية بعد تسلّمه للمواد اللازمة لذلك من الحكومة الألمانية. قام الطبيب بالتالي: بتسليم ذلك المحلول إلى بعض العمال في ميناء بالتيمور، والذين قاموا بحقنه في 3000 من الماشية (خيل وبغال وبقر) المتجهة إلى قوات التحالف في أوروبا، وقد قيل: إن مئات الجنود قد أُصيبوا أيضا بسبب هذه العملية البيولوجية.
في الفترة ما بين عام 1972-1983 تمكن مكتب التحقيقات الفيدرالية الأمريكية من إلقاء القبض على عدة مجموعات محلّية تمكنت من تحضير أنواع مختلفة من الأسلحة البيولوجية لاستخدامها في بعض المدن الأمريكية. ثم حدث في عام 1984 أن تمكنت مجموعة دينية محليّة بالفعل -تُسمّى راجنيش- من تسميم "بوفيهات" السلاطة بعدة مطاعم في ولاية أوريجون الأمريكية بمرض التيفويد؛ وهو ما أدى إلى مرض نحو 750 مواطنا أمريكيا.
استخدم الجيش العراقي الأسلحة الكيماوية أثناء حربها مع إيران، كما استخدمها ضد الأكراد، كما استخدمت مجموعة "آوم شنركيو" اليابانية عام 1995 غاز "سارين" السام في مترو أنفاق مدينة طوكيو؛ وهو ما أدى إلى وفاة 12 وإصابة الآلاف.
يُذكر أن الحكومة الكوبية طالبت الأمم المتحدة عام 1997 بالقيام بالتحقيق حول مزاعمها بأن طائرة تابعة للحكومة الأمريكية قد رشّت محاصيلها من النخل بمرض يسمى thrips palmi إلا أن الحكومة الأمريكية نفت قيامها بذلك.
الأسلحة الكيماوية
تقسّم الأسلحة الكيماوية إلى أسلحة تعمل على الأعصاب، وأخرى من شأنها إحداث تبثرات. أشهر الأسلحة الكيماوية العصبية هي "السارين" و"في إكس" VX. تعمل تلك المواد من خلال تعطيل الأنزيمات الموجودة داخل الجسم، والمعروفة بالاستريزس esterases، والتي تمثل "الأسيتيل كولين استريز" أهمها. هذا الأنزيم يتواجد عند نقاط الاشتباك بين الأعصاب؛ ليحلل الأسيتيل كولين ليتمكن من نقل الإشارة العصبية من عصب إلى آخر. في حالة الإصابة بالغازات السامة الكيماوية العصبية يتراكم "الأسيتيل كولين" عند نقاط الاشتباك بدلا من نقل الإشارات من عصب إلى آخر مؤديا إلى حدوث مجموعة من الأعراض، والتي تبدأ بظهور صداع ورشح بالأنف وغثيان وتعتيم في النظر. ثم في حالة الإصابة بكمية كبيرة من الغاز تتوالى الأعراض ليحدث قيء، وعرق غزير، وعدم قدرة على التحكم في البول والبراز، وصعوبة في التنفس، وآلام بمنطقة البطن، وزيادة في إفرازات القصب الهوائي. قد يفقد المصاب وعيَه، ويصاب بتشنجات عامة في جسمه، وتدريجيا يتوقف التنفس وتحدث الوفاة. وقد لا تتطور الحالة إلى الوفاة في حالة الإصابة بكمية غير قاتلة من الغاز السام. هناك العديد من المواد المضادة للسموم، والتي من شأنها إيقاف تطور الحالة مثل الأوكسيم، والتي تتفاعل مع الأسيتيل كولين إستريز المعطلة؛ لتزيل مجموعة الفوسفونيل القادمة من المادة السامة من أجل إعادة تنشيط الأنزيم مرة أخرى. كما أن مادة الأتروبين أيضا من شأنها انعكاس أعراض الغاز على الجسم بالإضافة إلى استخدام المواد المضادة للتشنجات.
أشهر الكيماويات التبثرية هو غاز الخردل. التعرض لقطيرات أيروسولية من هذا الغاز لا تُحدث أية أعراض إلا بعد حوالي 4 ساعات من التعرض، والتي تظهر على هيئة هرش والتهاب في الأنسجة مع إحساس بالاحتراق، ثم تظهر بعد حوالي 24 ساعة بثرات في الجلد ممتلئة بسائل مصفرّ. قد يحدث تحلل ملحوظ داخل الأنسجة، وتستغرق عملية الشفاء من كل ذلك عدة شهور. استنشاق غاز الخردل يؤدي إلى نفس النتيجة داخل الرئة. لا توجد مادة مضادة لغاز الخردل، ولا يملك الطبيب إلا معالجة البثرات باستخدام المضادات الحيوية والقيام بالتنظيف المستمر للمناطق الملتهبة.
الأسلحة البيولوجية
في حين أن الأسلحة الكيماوية من شأنها عمل أضرار جسيمة في المنطقة التي تطلق فيها، إلا أن الأسلحة البيولوجية تُعتبر أكثر ضررا وأشد فتكا؛ فبينما يقل مفعول الأسلحة الكيماوية مع الزمن، يزداد مفعول الأسلحة البيولوجية، كما أن أقل كميات من الميكروب المضر قد تُحدث أضرارا بالغة؛ فعلى سبيل المثال يُعتبر "توكسين البوتيولينوم" فعالا بمقدار 3 ملايين مرة عن غاز "السارين"، كما أنه يقتل قتلا بطيئا عن طريق إماتة خلايا عضلات التنفس. أما في حالة مرض الجمرة، فيعاني المصاب لمدة ثلاثة أيام كاملة حتى يتمكن الميكروب من تدمير رئتيْه وأمعائه. وبإمكان الأسلحة البيولوجية أن تنتشر بسرعة في حالة وجود ظروف بيئية ملائمة، كما أنه بإمكانها تطوير نفسها سريعا لتقاوم الأدوية المعهودة.
أنواع الأسلحة البيولوجية كثيرة قد تُعتبر أهمها الجمرة والحمى المتموّجة brucellosis والكوليرا والطاعون في فئة البكتريا والجدري في فئة الفيروسات والبوتيولينوم والريسين في فئة التوكسينات. تتميز الأسلحة البيولوجية بأنها سهلة الإحراز ورخيصة الثمن في الإنتاج، وتنتشر على مساحة جغرافية واسعة، بالإضافة إلى تسببها في حالة ذعر وسط المواطنين بسبب كثرة حالات المرض والوفاة، كما أن المستشفيات سرعان ما تُصاب بعجز إمكانياتها في مواجهة الأزمة. هذا بالإضافة إلى سهولة هروب مرتكبي الجريمة بسبب عدم ظهور الأعراض إلا بعد أيام.
الحماية من تلك الأسلحة صعبة المنال؛ حيث تحتاج إلى أقنعة وملابس خاصة واقية، والتي لا توفر الأمان إلا لمدة محددة من الزمن. كما أن توفيرها خارج نطاق الجيش بكميات كبيرة صعبة المنال. هذا، مع العلم بأن بكتريا الجمرة مثلا يمكن أن تظل نشطة وقاتلة لما يقرب من 40 عاما؛ وهو ما يظهر قلة الجدوى من الملابس الواقية. أما عن العلاج، ففي حالة عدم التمكن من معرفة نوع السلاح المستخدم بالتحديد، فلا حلّ سوى إعطاء المصابين كميات ضخمة من المضادات الحيوية على أمل أن تؤثر على الميكروب.
تقرير الدكتورة نادية العوضي
شيء آخر ، يجب علي التنبيه له ، أن الدول التي تسعى إلى التسلح ، لا تعرف الرحمة لقلبها طريقا ، خصوصا ، تجار السلاح الكبار ، و الذين هم في الغالب من اليهود ، لذلك ، سعى الكثير منهم إلى تطوير الأسلحة الجرثومية ، و يسعى هؤلاء ، إلى إفناء المحاصيل الزراعية ، و الشبكة الحيوانية ، من أجل إحداث اختلال في المنظومة البيئية و دورتها الطبيعية في الأرض ، و ستستعمل في الحرب البيولوجية ، في حال استخدامها منابع العدوى ، و نظرية نشر الأوبئة ، و يمكن أن تقذف هذه القنابل الجرثومية ، بواسطة صواريخ موجهة آليا أو بطائرات بدون طيار ، كما يمكن أن تحملها حيانات مصابة بالعدوى ، تلقى بالمظلات ، أو توضع في الأرياف بواسطة أناس لهم مناعة ضد هذه الجراثيم ، و التي غالبا ما تكون مركبة بشكل معقد جدا ، و من طرف عباقرة ، سخروا أنفسهم للشر ، و أبسط مثال على ذلك ، داء فقدان المناعة المكتسب الإيدز ! زد على ذلك أيها الحبيب ، أن تكلفة القنابل الجرثومية ، غير مكلفة ، كالقنابل النووية ، و قدرته على التدمير ، تفوق مائة مليون مرة ، قوة المتفجرات التي استخدمت خلال الحربين الأولى و الثانية ! و يكفي أن تعلم أخي الحبيب ن أنه من الناحية النظرية ، تكفي 15 طنا من هذه المواد ، لإبادة جميع أشكال الحياة على وجه الأرض !
بهذا نكون قد انتهينا أحبائي من الشطر الأول من هذا التقرير ، و بقي أن نتكلم عن العلامات الفعلية للمسيح الدجال في الأرض في البلدان العربية ، و هنا أكرر أني سأتحدث عن بعض المظاهر السلبية ، و عن علامات الدجال في بعض الدول العربية ، فلا يجب أخذ ذلك على محمل التعصب ، أو أن الكاتب يهاجم دولة دون أخرى ، بالعكس ، اراضي المسلمين كلها ارضي و عليها أغار

إنتكاسة الدجال وما وراء هدم المقدسات…الأسرار الخفية للسعي لهدم المسجد الأقصى (الجزء الثاني)
 NOVEMBRE 5, 2013 PAR JUSTSOURIRE

إنتكاسة الدجال وما وراء هدم المقدسات…الأسرار الخفية للسعي لهدم المسجد الأقصى (الجزء الثاني)

عملات الملك سليمان عليه السلام مجرد أحد الأسباب الهامة وراء الدفع لهدم المسجد الأقصى… ولكن ليس ذلك بكل شيء.. فهناك أسباب أخرى غاية في الأهمية من قبل الزمرة الدجالية… وهي ما تم "دفنه" عمداً من مخطوطات تم تزييفها مسبقاً وبحرفية شديدة يمتلكون أساليبها التقنية… وتم دفنها في أماكن خاصة خلال عمليات الترميم التي تتم تحت الأقصى… مع الترويج عبر سنوات لمزاعم خاطئة تفيد أنه تم دفن كم كبير من الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالغيبيات وغيرها من المخطوطات الأثرية تحت المسجد الأقصى لحمايتها… ومنها ما تم نسجه وتزييفه بطرق حرفية بالاستعانة بعلوم الجن الكافر وما يلقنوه.. ونسبه للرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة والرواة الثقات… كجزء من مؤامرة كبرى تنسج منذ سنوات لخداع المسلمين وهدم الدين من الداخل… كما فُعل من قبل في "الجفر" الحالي والذي نُسب كذباً وبهتاناً إلى "علي بن أبي طالب" كرّم الله وجهه… واخفاء جفره الأصلي الذي يتناول بالاساس التفسير والربط بين السنة الصحيحة والقرآن الكريم… وتم الترويج لهذا الجفر الزائف من قبل من تم تجنيدهم بالأساس لإضلال المسلمين… وادعاء معرفة الغيبيات وتوقيتاتها والتي وُضعت سلفاً وفقا لما يخططه الدجال… والمضحك أنه لم يعد يستطيع تحقيقه وفق مخططه وتوقيتاته وموعد خروجه بالسنوات.. والذي تم إفشاله لأجل غير مسمى….
والسبب الثالث للدفع لهدم الأقصى… هو اللعب بأحلام اليهود ذاتهم… حيث تم دفن نسخة مزورة بنفس الطريقة الشيطانية بعلوم الجن الكافر من كتاب "النبوءات التوراتية" والمسمى بعض ما تم ترويجه من مخطوطات نسبت اليه "نبوءات يوحنا أورشليم" وهي لا تخص يوحنا اللاهوتي صاحب الرؤية المذكورة في العهد الجديد.. وإنما تنسب إلى يوحنا بن شلومح بن يوشع بن نون… والذي لم يكن سوى رجل صالح نسبت إليه كذباً وبهتاناً نبوءات ومواعيد وتوقيتات وتفاصيل عديدة لكيفية بناء الهيكل وكيفية تحقيق مملكة صهيون الكبرى!!!!

وكما تم مع "الجفر" المزيف.. تم كذلك الترويج عبر عقود لنبوءات يوحنا أورشليم والتي هي بالأساس من فعل الشياطين ومن تم تجنيدهم من البشر لخدمة الشيطان… وكما تم كذلك للترويج لكل ما تم الخداع به في الفترة السابقة من "صحابي مصر" و"أخنس مصر" و"الأبقع" و"جيش السفياني" والأحاديث الموضوعة ببراعة وما روي من أكاذيب عن "تابوت العهد" و"خاتم سليمان" وغيره من الصناعات "الدجالية" البحته….
وسبب آخر كذلك وراء الدفع لهدم الأقصى… وهو تقديم دليل لليهود يمكنهم من نسيان موقع الهيكل الأول الذي يسعى وراؤه المتنورون… لا لشيء إلا لتنصيب معبودهم إبليس تحت مسمى "لوسيفر" به بعد إقامة نظامهم العالمي الجديد الواهم تحت ملك الدجال ونكاية في عبادة الله… حيث كان ذلك دأب عبدة الشيطان منذ القدم وإقامة معابدهم فوق بيوت عبادة الله بعد تدميرها… وذلك من خلال وضع مخطوطة تم أيضا تزييفها لتنسب للملك سليمان عليه السلام… وتتحدث عن بناء الهيكل في هذا الموقع وما كان يتم من صلوات وطقوس توراتية… ونبوءات تخص وعد الله لهم بالملك في آخر الزمان مع ملكهم المسيح القادم في آخر الزمان بعد بناء الهيكل والتضحية بالبقرة الحمراء… والتي تتوافق مع ما تم ترويجه في مخطوطاتهم القديمة.. ومعها ختم زائف نسب لسليمان يحوى النجمة السداسية… بينما ختمه الحقيقي والذي هو معلوم تمام العلم لدى المتنورين عبارة عن نجمة خماسية بداخل دائرة… وفي وسطها رمز الهيكل وفي زواياها اسم الله الواحد "أبروفيم" وخمس علامات لرموز مملكته الممتدة…

ذلك جزء فقط من أسباب الدفع لهدم المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين… ناهينا بالطبع عن تدمير أهم المقدسات الإسلامية بينما نحن غافلون… نتطاحن فيما بيننا ونهلك أنفسنا بأنفسنا… وندعي أننا ننصر الإسلام؟؟؟؟؟… لا يا سادة… الإسلام لا ينتصر بأقاويلنا ومظاهرنا وعدائنا وصراعنا مع بعضنا البعض… بينما اعدائنا يعملون بلا هوادة… ويخططون بلا رحمة…

ومع ذلك يقدم لنا الله عطاياه ورحماته بالرغم من خطايانا وغفلتنا… ليذكرنا بالعودة إلى صراطه المستقيم وتدارك ما يتم من مخططات شيطانية تستهدفنا وتستهدف البشرية كلها… وينتكس الدجال مرة تلو الأخرى لنتذكر أن قوة وإرادة الله فوق كل شيء… وقبل أن يتشدق أي منا بالحديث عما جاء به الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام.. فليطهر قلبه أولا ويخلص نيته لله ولنصرة دينه حقاً… وفي مقامنا هذا لنستمع لما قاله نبي الإسلام مجمد صلى الله علية وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"… وقوله:"منْ أَهَلَّ بِحَجَّة أوْ عُمْرَة من المسجد الأقصى إِلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر" … وقوله : "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة"

وهو المسجد الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بالبقاء قربه روى أحمد في مسنده عن ذِي الأصَأبِعِ قَال: قلت يا رسول الله، إِنِ أبْتُلِينَا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: عليك ببيت المقدس فلعله أن ينشأ لك ذرية يعدون إلى ذلك المسجد ويروحون"… نفعنا الله وإياكم…
 إنتكاسة الدجال وما وراء هدم المقدسات…الأسرار الخفية للسعي لهدم المسجد الأقصى (الجزء الأول)


إنتكاسة الدجال وما وراء هدم المقدسات…الأسرار الخفية للسعي لهدم المسجد الأقصى (الجزء الأول)

 إنتكاسة الدجال وما وراء هدم المقدسات…الأسرار الخفية للسعي لهدم المسجد الأقصى (الجزء الأول)

رجاء القراءة للنهاية…

أحبابي في الله… ربما يتذكر غالبيتنا ما نكرره دائماً وقبل الخوض في مخططات الدجال وزمرته وبكل ما امتلكوه من مقدرات وأسرار وتقنيات… ساعدهم بها عدة عوامل كالعمر المديد للدجال ومن يقف على صناعته ودعمه لتقديمه بأوهامهم كملك يحكم الأرض تحت عبادة الشيطان… ومنها ما استطاعوا عبر عصور طويلة من سرقته من علوم الحضارات القديمة وطمس معالمها وتشفيرها والاحتفاظ بها ومنعها عن المؤمنين الموحدين لله…ومنها الاستعانة بعلوم الجن الكافر لخدمة المخطط الشيطاني واضلال البشر… ومنها الحرص على إبقاء منطقتنا في حالة لانهائية من الصراع الدائم والإنهاك وعدم القدرة على السيطرة على مقدراتنا واستغلالها للنهوض بأنفسنا وأمتنا… حتى تبقى العلوم والثروات والقدرة التصنيعية وأسس الإقتصاد وصناعة السلاح والإعلام والثقافة .. بل وحتى استخدام العقل والتحليل المنطقي بيد زمرة القطب السالب… وهو في الأساس أهم معالم حتمية انهيارها… فبرغم كل ذلك فإن قدرة وقوة الله الواحد القهار وجنده فوق أيديهم… ولا يمكن في أي حال من الأحوال تحقيق أية أهداف إلا بمشيئة لله وإرادته وتوقيتاته أياً من كان ورائها…

وعلينا أن نعلم أن الدجال ليس بهذه القوة والسيطرة و"إنما ذلكم الشيطان يخوف أولياؤه فلا تخافوهم وخافون"..والدليل على ذلك أنه برغم كل ما يمتلك يلاقى بالفشل الذريع مراراً وتكراراً وبأسباب الله وحده بعدما هيء له أن مخططه يسري بكل ما تم حشده له.. فقد وعى الناس لما تم من احباط لإيقاد فتيل الحرب المزعومة في الوقت الحالي وبتحريك الكتل المتطرفة لتتحول لحرب ضروس بين المسلمين وبعضهم البعض.. وتتحول لمنطقة صراع يدمر بها مواقع مقدسة تم التخطيط مسبقا لاستهدافها … ومنها المسجد الأقصى والكعبة المشرفة… والأهم.. أنه قد يعتقد البعض أن تدمير الحرمين هو أمر متعلق بتدمير الإسلام ومقدساته فقط.. وهذا أمر بعيد عن الحقيقة… فتدمير الكعبة والمسجد الأقصى وراؤه أمور أبعد من ذلك بكثير … وإن كان سيطول شرحها فتعالوا بنا نتعرف على بعض الملامح الخفية لما وراء السعي لتدمير المسجد الأقصى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

فالحقيقة والتي أكدتها من قبل.. أن الدجال ونخبته يعلمون تمام العلم أن ما دعي بالهيكل الأول الخاص بنبي الله سليمان عليه السلام وبني لعبادة الله… وليس كما تم وضعه عمداً في معتقدت اليهود وملكهم آخر الزمان… غير موجود على الإطلاق في أرض فلسطين بل في سيناء.. أما الهيكل الثاني وبني لعبادة الله أيضاً وتقديم النذور فقد شيد في مدينة حيفا.. وما تبقى منه يعرف بمقام سليمان… أما الهيكل الثالث فهو المسجد الأقصى والذي أعيد بناؤه مراراً وتكراراً عبر عصور في نفس الموقع بعد تدميره بعد عصر سليمان عليه السلام في البقعة التي باركها الله… ولعل من أهم أسباب بركتها أنها موقع نزول الملائكة بصحف ابراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام… كما أنها موقع صلاة أنبياء الله ومرسليه عبر عصور متعاقبة وموقع جمعهم وصلاتهم بأمر الله خلف خاتم المرسلين المبعوث للعالمين محمد عليه صلوات الله وسلامه قبل رحلة المعراج للسماء…

وقداسة هذه البقعة لم تكن لنبي من الأنبياء ولا لأمة من الأمم… فقد أختارها الله منذ خلق الخلق لعبادته أن تكون بيتاً للعبادة للمؤمنين الموحدين… ويدل على قدم التقديس ما جاء في حديث أبو ذر أنها ثاني موضع أختاره الله للعبادة.. وقول الله تعالى في قصة إبراهيم وهجرته إلى فلسطين (ونجيناه ولوطاً إلى الأرض التي باركنا فيها للعالمين)… ومعنى هذا أن البركة كانت فيها قبل إبراهيم عليه السلام ، كما أن قوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا .. } ، يدل على أن الله تعالى باركه منذ الأزل… وأن الله تعالى أسرى بعبده إليه ليجدد تذكير الناس ببركته وتقديسه… ولم يُعلم بشكل دقيق تاريخ أول بناء للمسجد الأقصى، ولكن ورد في أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام بأن بناؤه كان بعد بناء الكعبة بـ 40 عاماً…
وبالعودة لموضوعنا… ومن أحد أهم الأسرار التي تم إخفائها ببراعة والمتعلقة بالمسجد الأقصى بعد عصر سليمان عليه السلام والذي دُعي بهيكل سليمان الثالث… أنه قد تم دفن العملات الذهبية الخاصة بالملك سليمان عليه السلام من قبل بعض اليهود والتي قد نجت وقت تدمير القدس والسبي البابلي وطرد اليهود… فهذه العملات قد تم دفنها وإبقائها حيز السرية في حجيرة تحت ضريح النبي داود عليه السلام والذي كان في الركن الشرقي من الهيكل قبل تدميره… وقبل نقل الضريح من موقعه بعد ذلك بعقود طويلة في زمن الفتح الإسلامي تحت خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه…

فبعد وفاة سليمان انقسمت دولة بني إسرائيل إلى "مملكة إسرائيل" في الشمال و"مملكة يهوذا" في الجنوب ومعها القدس… وما لبثت أن هاجمها البابليون وأحرقوا المسجد الأقصى… وسبوا اليهود إلى بابل فيما عٌرف بالسبي البابلي…و بعد ذلك هزم الفرس البابليين وسمح الملك الفارسي قورش الكبير عام 538 ق.م لمن أراد من أسرى اليهود في بابل بالعودة إلى القدس وإعادة بناء الهيكل المهدم… فعاد عدد من اليهود إلى القدس وشرعوا ببناء الهيكل وانتهوا من العمل به سنة 516 ق.م. في عهد الملك الفارسي دارا الأول… وعُرف فيما بعد بمعبد حيرود تيمنًا بملك اليهود حيرود الكبير الذي قام بتوسيعه… ثم احتل الإغريق فلسطين وخضعت للإسكندر المقدوني حوالي عام 332 ق.م ثم لخلفائه البطالمة… ثم للسلوقيين… ولم تلبث المدينة حتى خضعت لحكم الإمبراطورية الرومانية… وكان من أوائل وأبرز الحكام الذين عينهم الرومان لحكم القدس هيرودس حوالي عام 37 ق.م…
وظلت تلك العملات منذ إخفائها سراً وحتى عصر الرومان ودخولهم القدس… حيث تم التوصل لسر تلك العملات عن طريق الوشاية من بعض اليهود رغبة في التقرب من الرومان وإيصالهم لحكم مملكة يهوذا… لكن الرومان قاموا بقتل من يعلم بهذا الأمر وقاموا بسرقة جزء منها بعد نجاحهم جزئيا وبمعاونة اليهود الواشين في السطو على ضريح داود عليه السلام… ونُقلت تلك العملات سراً إلى روما وأخفيت في قبو كبير تحت كنيسة الفاتيكان الحالية.. والذي كان في حقيقة الأمر موقعاً لمذبح ماسوني قبل مجيء المسيحية وبناء كنيسة الفاتيكان في نفس المكان حيث ظل القبو كما هو وفي نطاق السرية التامة كحالته قبل بناء الكنيسة من فوقه!!!!

وبه بعض أهم ما تم النجاح في السطو عليه.. سواء كم من العملات الخاصة بالملك سليمان وجزء من دروسه التوراتية… لكن الأهم… كتاب "اللاهوت الأعظم" والذي تم استخدامه بشكل خاطيء وشيطاني بعكس الجمل المكتوبة وترتيب الكلمات حيث أصبحت تشكل طلاسم اتخذت كمرجعية للسحر الأسود والرصد السفلي للكنوز والثروات وكذلك فك الرصد عنها!!!!

ومن المهم جداااااا أن نعلم أن خطورة تلك العملات ليس في قيمتها الذهبية والأثرية… وإنما لأسباب أهم من ذلك بكثير.. وهي أنها تُقدم كجزء من قرابين أساسية عند فتح الكنوز التي تم "رصدها" عبر التاريخ.. وعند الكشف عن الثروات المخفية بالاستعانة بالجن الكافر القادر على الكشف والاختراق… وكذلك عند فتح البوابات البُعدية "النجمية" التي قام بإغلاقها ورصدها الملك سليمان ذاته… لغلق بوابات التعاون بين البشر وعُتاة الجن من الأبعاد الأخرى واستجلابهم وتجنيدهم على وجه الأرض!!!!

ولذا يعد الحصول على بقية تلك العملات من أحد الأهداف الأساسية لهدم الأقصى… فغالبية تلك العملات ظلت في مكانها في الحجيرة تحت ضريح داود عليه السلام حيث لم يستطع الرومان في ذلك الوقت اخراجها دون المساس بالضريح والذي كان سيحدث غضبة بين أتباع الديانة اليهودية في ذلك الوقت والذي كان به علاقة متوترة وثورات على الحكم الروماني وحرق الهيكل وإعادة تشييده أكثر من مرة… وأقامة الرومان مكان الهيكل اليهودي هيكلاً وثنيًّا باسم "جوبيتر"…وبخاصة مع مواجهة الرومان لخطر الزحف الفارسي من ناحية.. ومن ناحية أخرى حالة عدم الإستقرار في حكمهم للقدس مع بدء الديانة المسيحية وانتشارها وسعيهم لوأدها في مهدها وانتشار العداوات ضدهم بعد بدء عصر الإضطهاد المسيحي وتزعزع سطوتهم وقوتهم…

وعزم من علم بأمر تلك العملات من الرومان على العودة للسطو على بقية تلك العملات االذهبية بعد استقرار سيطرتهم على القدس التي طردوا منها على يد عمانويل بن برسيس ابن الملك برسيس ملك القسطنطينية وحتى تولى الإمبراطور "قسطنطين" والذي اعتنق المسيحية وهدم الهيكل الوثني الذي أقامه الرومان بدلاً من هيكل اليهود…

وقام الرومان "برصد" قبو العملات وبطرق سفلية وبالإستعانة بكتاب اللاهوت الأعظم بعد قلب عباراته واستخدامها كطلاسم أساسية للرصد السفلي قبل بداية تلك الإضطرابات وخروجهم من بيت المقدس… حيث ظلت تلك الحجيرة في مكانها وحتى بعد نقل ضريح داود بعد الفتح الإسلامي وتوالي عمليات تشييد وتوسعة وتجديد المسجد الأقصى أكثر من مرة… دون مقدرة على رؤية القبو السفلي والذي ظل سراً يحتفظ به المتنورين ونخبتهم ويستخدمون ما توفر لهم منها في فتح رصد البوابات النجمية المنتشرة على الأرض والتي اغلقها من قبل نبي الله الملك سليمان… كما يستخدمونها والطلاسم في ايجاد الكنوز القديمة المخفية وفك رصدها وفي إخفاء ورصد ثروات أخرى عديدة منتشرة حول العالم…يتبع…

إنتكاسة الدجال وما وراء هدم المقدسات…الأسرار الخفية للسعي لهدم المسجد الأقصى (الجزء الثاني)

إنتكاسة الدجال وما وراء هدم المقدسات…الأسرار الخفية للسعي لهدم المسجد الأقصى (الجزء الثاني)

عملات الملك سليمان عليه السلام مجرد أحد الأسباب الهامة وراء الدفع لهدم المسجد الأقصى… ولكن ليس ذلك بكل شيء.. فهناك أسباب أخرى غاية في الأهمية من قبل الزمرة الدجالية… وهي ما تم "دفنه" عمداً من مخطوطات تم تزييفها مسبقاً وبحرفية شديدة يمتلكون أساليبها التقنية… وتم دفنها في أماكن خاصة خلال عمليات الترميم التي تتم تحت الأقصى… مع الترويج عبر سنوات لمزاعم خاطئة تفيد أنه تم دفن كم كبير من الأحاديث النبوية الشريفة المتعلقة بالغيبيات وغيرها من المخطوطات الأثرية تحت المسجد الأقصى لحمايتها… ومنها ما تم نسجه وتزييفه بطرق حرفية بالاستعانة بعلوم الجن الكافر وما يلقنوه.. ونسبه للرسول عليه الصلاة والسلام والصحابة والرواة الثقات… كجزء من مؤامرة كبرى تنسج منذ سنوات لخداع المسلمين وهدم الدين من الداخل… كما فُعل من قبل في "الجفر" الحالي والذي نُسب كذباً وبهتاناً إلى "علي بن أبي طالب" كرّم الله وجهه… واخفاء جفره الأصلي الذي يتناول بالاساس التفسير والربط بين السنة الصحيحة والقرآن الكريم… وتم الترويج لهذا الجفر الزائف من قبل من تم تجنيدهم بالأساس لإضلال المسلمين… وادعاء معرفة الغيبيات وتوقيتاتها والتي وُضعت سلفاً وفقا لما يخططه الدجال… والمضحك أنه لم يعد يستطيع تحقيقه وفق مخططه وتوقيتاته وموعد خروجه بالسنوات.. والذي تم إفشاله لأجل غير مسمى….
والسبب الثالث للدفع لهدم الأقصى… هو اللعب بأحلام اليهود ذاتهم… حيث تم دفن نسخة مزورة بنفس الطريقة الشيطانية بعلوم الجن الكافر من كتاب "النبوءات التوراتية" والمسمى بعض ما تم ترويجه من مخطوطات نسبت اليه "نبوءات يوحنا أورشليم" وهي لا تخص يوحنا اللاهوتي صاحب الرؤية المذكورة في العهد الجديد.. وإنما تنسب إلى يوحنا بن شلومح بن يوشع بن نون… والذي لم يكن سوى رجل صالح نسبت إليه كذباً وبهتاناً نبوءات ومواعيد وتوقيتات وتفاصيل عديدة لكيفية بناء الهيكل وكيفية تحقيق مملكة صهيون الكبرى!!!!

وكما تم مع "الجفر" المزيف.. تم كذلك الترويج عبر عقود لنبوءات يوحنا أورشليم والتي هي بالأساس من فعل الشياطين ومن تم تجنيدهم من البشر لخدمة الشيطان… وكما تم كذلك للترويج لكل ما تم الخداع به في الفترة السابقة من "صحابي مصر" و"أخنس مصر" و"الأبقع" و"جيش السفياني" والأحاديث الموضوعة ببراعة وما روي من أكاذيب عن "تابوت العهد" و"خاتم سليمان" وغيره من الصناعات "الدجالية" البحته….
وسبب آخر كذلك وراء الدفع لهدم الأقصى… وهو تقديم دليل لليهود يمكنهم من نسيان موقع الهيكل الأول الذي يسعى وراؤه المتنورون… لا لشيء إلا لتنصيب معبودهم إبليس تحت مسمى "لوسيفر" به بعد إقامة نظامهم العالمي الجديد الواهم تحت ملك الدجال ونكاية في عبادة الله… حيث كان ذلك دأب عبدة الشيطان منذ القدم وإقامة معابدهم فوق بيوت عبادة الله بعد تدميرها… وذلك من خلال وضع مخطوطة تم أيضا تزييفها لتنسب للملك سليمان عليه السلام… وتتحدث عن بناء الهيكل في هذا الموقع وما كان يتم من صلوات وطقوس توراتية… ونبوءات تخص وعد الله لهم بالملك في آخر الزمان مع ملكهم المسيح القادم في آخر الزمان بعد بناء الهيكل والتضحية بالبقرة الحمراء… والتي تتوافق مع ما تم ترويجه في مخطوطاتهم القديمة.. ومعها ختم زائف نسب لسليمان يحوى النجمة السداسية… بينما ختمه الحقيقي والذي هو معلوم تمام العلم لدى المتنورين عبارة عن نجمة خماسية بداخل دائرة… وفي وسطها رمز الهيكل وفي زواياها اسم الله الواحد "أبروفيم" وخمس علامات لرموز مملكته الممتدة…

ذلك جزء فقط من أسباب الدفع لهدم المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين… ناهينا بالطبع عن تدمير أهم المقدسات الإسلامية بينما نحن غافلون… نتطاحن فيما بيننا ونهلك أنفسنا بأنفسنا… وندعي أننا ننصر الإسلام؟؟؟؟؟… لا يا سادة… الإسلام لا ينتصر بأقاويلنا ومظاهرنا وعدائنا وصراعنا مع بعضنا البعض… بينما اعدائنا يعملون بلا هوادة… ويخططون بلا رحمة…

ومع ذلك يقدم لنا الله عطاياه ورحماته بالرغم من خطايانا وغفلتنا… ليذكرنا بالعودة إلى صراطه المستقيم وتدارك ما يتم من مخططات شيطانية تستهدفنا وتستهدف البشرية كلها… وينتكس الدجال مرة تلو الأخرى لنتذكر أن قوة وإرادة الله فوق كل شيء… وقبل أن يتشدق أي منا بالحديث عما جاء به الإسلام ورسوله عليه الصلاة والسلام.. فليطهر قلبه أولا ويخلص نيته لله ولنصرة دينه حقاً… وفي مقامنا هذا لنستمع لما قاله نبي الإسلام مجمد صلى الله علية وسلم: "لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى"… وقوله:"منْ أَهَلَّ بِحَجَّة أوْ عُمْرَة من المسجد الأقصى إِلى المسجد الحرام غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر" … وقوله : "الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة، والصلاة في مسجدي بألف صلاة، والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة"

وهو المسجد الذي أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بالبقاء قربه روى أحمد في مسنده عن ذِي الأصَأبِعِ قَال: قلت يا رسول الله، إِنِ أبْتُلِينَا بعدك بالبقاء أين تأمرنا؟ قال: عليك ببيت المقدس فلعله أن ينشأ لك ذرية يعدون إلى ذلك المسجد ويروحون"… نفعنا الله وإياكم…

تفخيخ الاسلام بصكوك الغفران .. القرضاوي وأوهام ظل الاله

تفخيخ الاسلام بصكوك الغفران .. القرضاوي وأوهام ظل الاله

أعتقد ان من المغالطات المطروحة هذه الأيام هي سؤال مامدى تأثير الاسلام في اتجاه الربيع العربي.. لأن أكثر الأسئلة التي تطرح نفسها الآن هي في اتجاه مغاير تماما ألا وهو: ماتأثير الربيع العربي على الاسلام نفسه؟ وماهو دور يوسف القرضاوي وأمثاله في الأزمة الاسلامية التي بدأت تطل على الاسلاميين وقد لاتنتهي؟ .. فالاسلام كعقيدة كبيرة لايمكن أن يبقى بمنأى عن التأثيرات السلبية للربيع العربي التي سيكون التيار الاسلامي أول ضحاياها وقتلاها
سأحاول في هذا المقال الابتعاد ماأمكنني عن التعقيدات العلمية لكن من الضروري الاطلاع على الفكر الناهض والأبحاث الجديدة كي نفهم البعد الفكري في أزماتنا الاجتماعية .. أريد أن نذهب جميعا في هذه المقالة في قراءة واعية لعمق الأزمة التي تسبب بها اسلاميو الثورات العربية وقادتهم الذين قادوا جمهورهم الى السلطة في بعض الدول ويحاولون ذلك جاهدين في سورية .. لكن هذه القيادات الحالية أيضا تقود العقيدة الاسلامية كلها في درب الانتحار الذاتي اذا لم تنهض حركة اصلاحية ضمن هذه التيارات الاسلامية الكبرى لتعلن ثورة على توجه القيادات الدينية المنتشرة في الساحة …لأن من يحتاج الى اصلاح جذري وربيع هو التيار الاسلامي نفسه .. قبل اصلاح الأنظمة السياسية ..
هذا القلق المشروع هو ماتفرضه علينا نظرية ومصطلح “الميمي” أي (وحدة المعلومات الثقافية) التي وضع أسسها عام 1976 الباحث البريطاني الشهير “كلينتون ريتشارد دوكينز” .. وقبل الانعطاف نحو الأزمة الاسلامية الكبرى دعونا نمر بسرعة على آراء دوكينز المثيرة..رغم مافي العرض من لغة علمية سنحاول تبسيطها ماأمكن ..

يعتقد دوكينز أن نظرية تشارلز دارون في تطور الأنواع والاصطفاء الطبيعي ليست مقتصرة على الأحياء البيولوجية بل ان الأفكار والمعتقدات تخضع في تطورها الى نفس عملية التطور والارتقاء باعتماد فكرة التنوع والاصطفاء والانتخاب الطبيعي والتنافس وتطوير الأنواع .. وبحسب دوكينز فان الأفكار والمعتقدات والفنون وطرق اللباس وانشاء الأبنية والتصميم العمراني كلها مثل الكائنات الحية يمكن أن تنقرض أو يمكن أن تنمو وتتطور وتنجو وتحيا .. أي قد تتعرض لطفرات اما نحو الأسوأ او نحو الأفضل .. وفيما تكون الطفرات في عالم الأحياء في المورثات (الجينات) نتيجة تعرض لحدث بيولوجي أو كيميائي كبير، فان الطفرات على الأفكار والعقائد تنتج عند التعرض للأحداث الاجتماعية والسياسية الكبيرة .. فعندها اما أن تنجو الأفكار وتنهض وتقفز نحو مرحلة جديدة ولون جديد وفروع فكرية جديدة أو تعاني النكوص والتراجع والاندحار مخلية السبيل لأفكار أخرى مغايرة ..انه قانون الانتخاب الطبيعي واصطفاء
الأفكار.. الميمي
ومن المدهش أنه في كل خلية بيولوجية حية هناك برنامج وراثي يشرف على الانتحار الذاتي للخلية عند مرحلة عمرية معينة.. يشبه هذا البرنامج الديناميت أوالقنبلة الموقوتة البيولوجية فتنطلق بسببه عملية الشيخوخة البشرية أو تصفرّ أوراق الشجرفي الخريف وتسقط (تسمى عملية الانتحار الخلوي الابوتوسيز وتشرف عليها مايسمى الميتوكوندريات) ..
وكذلك فان الثقافات تخضع لنفس مصير البيولوجيا الخلوية .. أي أن في كل فكرة اجتماعية أو دين أو عقيدة أوعرف أو ايديولوجيا، هناك قنبلة موقوتة ولغم تتسبب ملامسته بانفجار الفكرة والعقيدة مالم يتمكن العقلاء والمفكرون من ابطال مفعول القنبلة الايديولوجية فتزدهر الحياة في العقيدة أو الدين أو الفكرة ..وهكذا تتوالى الثقافات وتتنوع وتتهجن .. أو تنقرض
الامثلة على ذلك واسعة جدا لكن ربما كان خير مثال على ذلك الحدث والهزة الفكرية التي تنتج الطفرة الفكرية هي اهتزاز الكنيسة الكاثوليكية بسبب قضية صكوك الغفران التي أثارت المصلح الديني “مارتن لوثير” وأنصاره على سلطة الكنيسة وسلطة البابا ليون العاشر .. فتسبب ذلك في انفجار القنبلة الموقوتة الايديولجية التي نسفت جانبا من العقلية المسيحية الكاثوليكية وأدت لظهور نوع عقائدي مسيحي جديد ..هو البروتستانتية..

وانفجار الفتنة الاسلامية بعيد وفاة الرسول الكريم بثلاثة عقود بسبب نزاع على الخلافة يمثل انفجارا وطفرة في العقيدة الاسلامية أنتجت التشيع والفرق الكبرى دون أن تقتل الدين الجديد .. وكذلك كان النكوص والانحدار التطوري من نصيب النظرية الشيوعية التي لم تطور نفسها فتعرضت لعوامل الانقراض مثل الديناصورات..فيما لاتزال الرأسمالية قادرة على التأقلم والتعامل مع متغيرات التطور البشري بسبب تطويرها الذاتي لأفكارها وتنقلها واصطفائها للقيم التي تفيد بقاءها ..بما فيها الأفكار الاشتراكية ..
اذا ماعرضنا الوضع السوري على نظرية “الميمي” فاننا نرى أن حزب البعث قد امتنع عن عملية التطور واطلاق الطفرات الايجابية فسقط من الدستور السوري أمام أول هزة .. لكن مؤسسة الحكم في سورية لم تسقط .. أما الثورة السورية فانها وحسب المصطلح الميمي لم تتمكن من النجاة بعد أقل من عام على اقلاعها وهي في مرحلتها الجنينية وتعرضت لنكسات كثيرة وتفكك وانخلاع الأشرعة والسبب هو تفعيل برنامج الانتحار الذاتي الذي انطلق صاعقه لغياب قيادة قوية وعاقلة للثورة تمنع أي عبث بآليات التفجير الذاتي التي تفضي الى الانتحار والانقراض ..رغم وجود برهان غليون كباحث اجتماعي يعرف ويسمع بنظرية دوكينز .. حتما

لكن القضية الأكثر اثارة للجدل هي مصير كل الربيع الاسلامي والاسلام السياسي بعد تلكؤه في سورية .. فسيكون من الغباء أن تعتقد التيارات الاسلامية أنها انتصرت وأن المرحلة القادمة قد استتبت لها وأن الألغام العقائدية لن تمس .. بل ستتحمل القيادات الاخوانية والدينية الرئيسية مسؤولية التصدع والفالق الفكري في الجسم الاسلامي – الاسلامي الذي بدأنا نرى شقوقه ان لم تحاول تشخيص المشكلة ومعالجتها لأن انكشاف أطر المشروع الاسلامي الاخواني وأفكاره بسرعة في الربيع العربي ومدى تشابكه مع المؤسسات الغربية وتساقط شعاراته الجهادية كلها دفعة واحدة في سبيل السلطة لاستبدالها بجهاد من نوع التناحر الداخلي (في مصر وسورية وليبيا وتونس) تسبب في أزمة ايديولوجية عويصة وصدمة كهربائية عنيفة .. قد تطلق عملية الانتحار الذاتي للفكر الاسلامي السياسي وهو يواجه الأعاصير الفكرية الكبرى في العالم .. أو أنه سيلقى مصير الكنيسة الكاثوليكية بظهور البروتستانية الاسلامية المتمردة عليه.. الانشطار سيكون أفقيا وسيصيب كل المذاهب الاسلامية بلا استثناء وان بدرجات مختلفة لكن المذهب “السني” سيكون الأكثر تعرضا للاهتزاز في الربيع الاسلامي الناهض ..

كان لتعثر الربيع الاسلامي في مرحلته السورية السبب في اصطدامه بمواجهة أخلاقية صاخبة مع ذاته ودافعا لطرح أزمة اسلامية داخلية مرتدة بدأت تفرض على الفكر الاسلامي مواجهة حادة مع نفسه على غير العادة وعلى غير مايتوقعه أحد .. وستكون هذه المواجهة سببا في اتجاهه نحو انتاج طفرة اسلامية مختلفة تساهم في عملية الانشطار الفكري الاسلامي والاصطفاء الطبيعي للاسلاميات المتصارعة .. التي ستفرز اما اسلاما مريضا يتآكل ويتغير لونه وملامحه فيهرم ويشيخ ويجلس على كرسي متحرك اذا ماهيمن عليه الاسلام النفطي ، وما يترتب على ذلك من النكوص الفكري النهائي للتيار الاسلامي ونهاية المرحلة السياسية الاسلامية بسرعة غير متوقعة .. أو أن الصراع الداخلي العقائدي داخل الايديولوجيات الاسلامية السياسية بفعل تخبطات اسلاميي الربيع العربي سيتمكن من اطلاق طفرة ايجابية نابضة بالتجدد والحياة فتتخلص من عملية النكوص العقلي والتردي نحو الانتحار الذاتي .. بالتخلص من قيادات ومفكري هذه المرحلة وتجاوزهم..
بداية الأزمة الاسلامية العميقة كان من المفترض أن تتسبب بها أحداث سبتمبر .. لكن يبدو أن أحداث سبتمبر العاصفة قد طغى غبارها على الأزمة الاسلامية الحقيقية فبدت القضية أزمة اسلامية غربية .. لكن أحداث سبتمبر بذرت البذرة لتلك الأزمة الاسلامية – الاسلامية وجاء وقت الوضع في مابعد حصاد موسم الربيع العربي ..

مايحدث في العالم العربي ليس أمرا هينا بل سيكون أشبه بمرحلة انكسار الكنيسة في أوروبة ومرحلة صكوك الغفران .. فالجسم العربي المحموم والمتعرق في فراش التعب والحمى منذ عدة سنوات دخل في مرحلة من الاضطراب الجسدي والنفسي وعانى من تقيؤ المراحل السابقة ..القيء خالطه الدم ..ثم وجدنا أن هذا العالم العربي نهض ليسير على قدميه وهو محموم ويهذي بالربيع العربي الاسلامي الأخضر ..
من ينظر الى المرحلة الحالية يعتقد ان الموجة الاسلامية طاغية وانها لن تتوقف .. لكن الانعراج في المسار الذي تحقق بتماسك المرحلة السورية قد تسبب بحادث اصطدام لهذا الربيع العربي مع قوة نابذة جعلت عملية الاصلاح السياسي أقل ضرورة بكثير من عملية الاصلاح الديني .. وكان لاندفاعة الاسلاميين الشرسة نحو السلطة في الربيع العربي وتجاه الحكم في سورية سببا في انكشاف عيوب هائلة وثغرات مفجعة خطرة جدا على التيار الاسلامي نفسه .. هذا التيار الذي يرزح تحت وطاة المغالاة الاسلامية والذي انتهكه كل عابر دين .. وتحول الى معمل لانتاج الفتاوى غير الطبيعية والاسلاميات “الاسرائيلية” المعلّبة بمواصفات تجارية .. فعبرت اليه كل الفتاوى القاتلة ..

العقدة السورية تسببت في ظهور حاجة ملحّة داخل اسلامية للاصلاح الديني وبشكل عاجل قبل الاصلاح السياسي .. والتردد في عملية الاصلاح الديني سيخرب على أي خطوة نحو الاصلاح السياسي ..ولايبدو حصيفا التركيز على اصلاح دستور والغاء مواد واضافة مواد واطلاق انتخابات حرة وممارسة ديمقراطية ..ولن يفيد تغيير نظام حكم هنا أو هناك مالم يتم ايقاف القوة الطافرة في دم وجينات القوى الاسلامية التي ستتسبب في كوارث قد لاتنتهي الا بعد قرن من الزمان باسلام لايشبه شيئا ..
الحديث مع الاسلاميين العقلاء بدأ ياخذ طابعا آخر وهو القلق المتزايد من الرحلة الاسلامية الجديدة وقادتها المغامرين وظهور مايشبه مامرت به أوروبة ابان فترة البابا ليون العاشر وقضية صكوك الغفران .. صكوك الغفران التي دشن عهدها الشيخ يوسف القرضاوي وتبعه لفيف من الاسلاميين الذين انتشروا في مساجد السعودية ومصر وتونس وليبيا حيث تسابق العريفي مع اللحيدان مع العرعور مع شيخ الأزهر ومرشد الاخوان في الافتاء بالشأن السوري بل ووصل الامر بمعظمهم الى اهدار دم الرئيس الأسد .. حتى أن عمرو خالد الوديع الذي كان محسوبا على المعتدلين واسلام ذوي الياقات البيضاء وربطات العنق والاتيكيت ولم يقل كلمة سوء بحق الاسرائيليين ولا بحق رسوم كاريكاتير النبي ..عمرو خالد الذي دعا الى الحوار مع الأعداء والخصوم وسافر الى الدانمارك للقاء المعتدين وحوارهم .. هذا الوديع انضم الى الجوقة الدينية وافتتح دعوة حثيثة للدعاء لنصرة “ثوار” سورية وللدعاء باهلاك الرئيس بشار الأسد للانتقام منه دون تبين ودون أن يكلف نفسه عناء السفر الى سورية والبحث عن مدى صحة الادعاءات بمسؤولية الرئيس عن قتل الأبرياء مثلما تجشم عناء السفر الى الدانمارك لحوار الرسامين الدانماركيين في الفنادق الفخمة .. واجتهد لتبرئة نواياهم !!

مايطلقه رجال الدين في هذه المرحلة بزعامة القرضاوي وفريق الاسلاميين “الفضائيين” الجدد فاق مايسمى بقضية صكوك الغفران المسيحية لأن القرضاوي ومجموعته المتطرفة صارت تتصرف وكأنها تقف على أبواب السماء وبوابات الجنة والجحيم لتعطي صكوك الغفران لمن يقتل الزعيم القذافي أو من يقتل الرئيس الأسد أو من يواليه .. وتعطي أحكام الموت من بعيد ودون محاكمات على مجموعات بشرية كاملة .. وتصدر صكوك الموت ..
سيخطئ كثيرا من يعتقد أن القضية ستنتهي هنا لأن هذا الاستيلاء على عملية منح الموت والحياة والجنة والنار بعملية الافتاء واصدار الصكوك القاتلة أوالغافرة (باسم فتوى) لم يعد مجرد خلاف في الرأي والاجتهاد بل صار تراكما للأزمات المحشوة بالمتفجرات الاجتماعية ..فاعادة تأسيس فتاوى القتل بهذه الغزارة سيؤسس لسهولة انفراط العقد الاجتماعي في المجتمعات الاسلامية .. وسيؤسس لمرحلة التراشق بالفتاوى والتكفير والموت والتحصن بصكوك الغفران .. وبدل ان يحاط الملوك والأمراء بأجهزة استخبارات لحمايتهم وللتآمر على خصومهم من حكام الجوار سيكون لكل واحد مجموعة افتاء ضاربة تصدر أحكام الاعدام الشرعي على المواطنين المعارضين وعلى الخصوم .. وستتكاثر المجموعات التي تصدر الفتاوى المضادة بحيث يتحول المجتمع كله الى مجموعات كل منها يمسك بصكوك غفرانه ويمارس العنف وهو مرتاح أنه آمن من غضب الله ..

مانراه اليوم من تسابق على اهدار الدماء والحث على الموت سيطلق حركة داخلية من قلب الموجات الاسلامية تطالب اما بالمزيد من العنف لتطهير المجتمعات الاسلامية من كل “الشرور” لأن هذه المجموعات الهائجة التي أطلقها القرضاوي لايمكن اعادتها الى الحظائر .. واما أن تطالب مجموعات أخرى بالرحمة بهذه المجتمعات وتتذمر من أن يمسك أشخاص بشر يخطئون ويصيبون بقضية الحياة والموت مهما علت مراتبهم العلمية والروحية .. خاصة أن كل من يصدر الفتاوى ويشن الهجمات المتواصلة على الموقف السوري الرسمي يتسبب بالحرج لكل من يسمعه بسبب ثغرة أخلاقية هائلة لايمكن معها اعلان البراءة من المذاق السياسي الدنيوي لصاحب الفتوى .. الثغرات الأخلاقية لم يعد التغاضي عنها سهلا وميسورا وسهل الهضم ..

فالقرضاوي لم يتفوه بكلمة ذات شأن بشأن قاعدة العيديد ولابشأن فساد الأسر الحاكمة الأميرية والملكية في الخليج والسعودية .. ولو كان تعرض بصراحة الى أي من هذه الأشياء لكان لفتاواه قيمة دينية محصنة بالنزاهة واللامجاملة .. وعلاوة على ذلك صارت عمليات وثقافة الافتاء التي ينشرها مزواجة مطلاقة تتكاثر بلا ضوابط وقد ضلت الطريق وصارت مهنة من لامهنة له .. ولم تعد لها ايقاعات قرآنية بل اسرائيلية بلا نقاش .. ولاتخضع أية فتوى لمراجعة من قبل خبراء شرعيين للاجماع عليها أو من قبل برلمان شرعي منتخب يقرها بعد اخضاعها لنقاش مديد مطول مسنود بأسانيد الفقه .. كما أن توجيه الخطاب الديني العائم الى مجموعات دينية بسيطة تحمل السلاح هو ذروة اللامبالاة …فالقرضاوي أو غيره يلقي الفتوى فتتلقفها مجموعات هائجة بلا ضوابط .. لتنتج لنا مشهدا مقززا ومنفرا مثل مشهد اعتقال الرئيس القذافي وتعذيبه واعدامه (حتى ولو كان بتعليمات أمريكية) ومشاهد العنف في العراق سابقا وفي سوريا حاليا .. يحدث ذلك دون كلمة نصيحة واحدة من المراجع الدينية الاسلامية .. باحترام الأسير وبالرحمة في الموت ..
نفس الخطيئة ارتكبتها المراجع “الشيعية” بعدم ادانة توقيت اعدام الرئيس العراقي يوم العيد وهمجية تصويره لحظة موته وبعد موته .. موقف تشف دفعت ثمنه هذه المراجع وطوائفها في نمو شعور طافر متوتر لدى بعض الجمهور “السني” بكراهية مفرطة “للشيعة”.. كراهية بنت عليها القوى الغربية كل استثمارها في الربيع العربي والاسلامي لانشاء “هلال سن”ي لمواجهة ايران تحديدا نيابة عن الغرب ..تجلى ذلك بوضوح في الأزمة السورية التي دأب قادة الثورة فيها على تطمين اسرائيل واطلاق الوعيد والتهديد ضد ايران وحزب الله مستندين الى جمهور يرى في تبديل العدو ارضاء لغرائزه الطافرة حديثا ..
والغريب أن عملية اعدام وقتل النفس هي اسهل عملية في الفكر الاسلامي الجديد “الفضائي” الذي أنتجه الربيع العربي و”القرضاوية” بدل أن تكون هي أصعب عملية بعد الانتصار “الثوري” على استهتار الانظمة القمعية بأرواح الناس ..وكان أهم درس يجب تلقينه للجمهور هو أن القتل الذي عانى منه المجتمع في ظل الديكتاتوريات عمل رهيب لايجوز الا في اطار قانون ومحاكمات عادلة ويجب فيه الخشوع والرحمة .. ومايؤلم أنه ربما يخضع قانون مروري أو رفع سعر سلعة غذائية لنقاشات المختصين والبرلمانيين والاقتصاديين العرب أو تحظى المداولات حول محتويات مائدة عشاء في قمة خليجية لنقاشات أطول من أية فتوى لها علاقة بأرواح آخرين وحياة أفراد ومجموعات بشرية .. وهذه الطريقة في الافتاء بدت محاولة للسطو على كرسي الرسول نفسه الذي كان يقرر قضايا كبيرة جدا مستندا الى موقعه الروحي الديني القيادي للاسلام والى أنه “لاينطق عن الهوى ..ان هو الا وحي يوحى” .. حتى عندما قال بحق ثلاثة من المشركين عند دخول مكة ” اقتلوهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة” ..
وانفراد القرضاوي واللحيدان والعريفي وعمرو خالد وغيرهم بقيادة الفتاوى واستيلادها هو استيلاء على كرسي الرسول ومافوضه الله كما صار يتردد في كثير من المواقع الاسلامية التي بدأت تطل برأسها ..لأن مايقوله هؤلاء لايمكن أن يكون “وحيا يوحى” ..حتى لايناقش..في زمن لم يعد وعاظ السلاطين يقتصر وعظهم على جمهور قليل لايناقش بل تنال مواعظهم أسماع عشرات الملايين في لحظات وهم يرقبون الفضاء..

وتتبلور بشكل جلي موجات تتنامى بسرعة لتعلن مرحلة التمرد .. بدأت هذه الموجات بالرد على القرضاوي وفريقه وبعضها أخذ شكلا متميزا وثوريا متمردا في تصريحات الشيخ صلاح الدين أبو عرفة من المسجد الأقصى الذي لم يتردد في تسمية القرضاوي بمسيلمة الكذاب .. وبعضها بدأ يتململ ويطلب بتهذيب من القرضاوي التراجع أو اعادة النظر فيما يقول .. وهذه الدعوات تمهد لولادة تيار اصلاحي قوي ينتظر ظهور مارتن لوثير “مسلم” يرد على احتكار المرجعيات الاسلامية لقضايا الافتاء وطريقة “القرضاوي رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين” الذي يوقع على صكوك الغفران للقتلة .. تذمر بدأ يعلن تمرده على المدارس التقليدية الاسلامية التي همشته .. وربما يتسبب في ظهور حركة اسلامية كبرى تطيح بالمراجع الاسلامية الكبرى من الأزهر الضعيف الى الحرم المكي المغيب ..
الربيع العربي انطلق كمشروع سياسي لكن ماتبين أنه بحاجة ماسة للاصلاح هو التيار الديني الاسلامي السياسي الذي لم يتمكن من تجنب الفوضى العقائدية ولم يتكمن من ادانة نفسه عندما يخطئ ..وهذا تيار قدم الثقافة الاسلامية على أنها ثقافة عنف وأن مواليه هم مجموعات من القتلة المحترفين والانتحاريين المجانين ..لم تصدر أية فتوى ولا أي موقف من تفجيرات دمشق وحلب التي يفترض انها تعيش مخاض ثورة وتحرير ..وبرغم ادعاءات المعارضة السورية ودون أي دليل تورط النظام الحاكم، فانه لم توجد مؤسسة دينية اسلامية من مؤسسات الربيع العربي من اتحاد علماء المسلمين الى الأزهر الى الحرم المكي قالت مرة واحدة ان هذه العمليات التي تصيب المدنيين ومن أية جهة لاتنتمي الى الاسلام ولا الى الثورة ..وتركت الجميع يعتقد أن الدولة فعلتها …ولكن لماذا لاتدينها هذه المؤسسات وتوصي بحرمتها ان لم تكن متعاطفة وراعية ومؤيدة لها؟

الثورة البروتستانية أو الطفرة الفكرية التطورية بحسب دوكينز استغرقت سنوات في زمنها لتنتشر لكن في زمن كهذا فان الطفرة الفكرية الاسلامية قد تندلع بسرعة وتنتشر ويكون لانتشارها ثمن باهظ يتمثل في صراع اسلامي- اسلامي وربما داخل الطوائف ذاتها .. لأن الاسلام الذي تولته “القرضاوية” والدعاة الفضائيون الجدد لن يرضي تيارا ناهضا لايبارك هذه المجموعة .. والفضل في ذلك يرجع الى ماظهر من عار لحق بالاسلاميين في الربيع العربي وبالذات الفضيحة التي ظهرت في “ثورة” سورية …فضيحة مجلجلة جعلت الجميع يتساءل …من يستحق الاصلاح؟ ..الانظمة السياسية أم التيارات الاسلامية؟ …أم قادة الحركات الدينية وعملية الافتاء بالموت والقتل الرهيبة؟!! ..
أخيرا أنوّه الى أن آخر ماكتبه دوكينز هو كتاب شهير اسمه “وهم الاله” .. أحدث ضجة كبيرة واعتراضات كثيرة وهو كتاب الحادي بامتياز وتوّجه صاحبه بحملة في العالم وعلى جدران وباصات لندن بشعار “لاتقلق ..حتما لاوجود للاله” ..اضطر لتعديله بعد الانتقادات ليصبح ” لاتقلق ..غالبا لاوجود للاله” .. سيضاهيه كتاب قادم من رحم الربيع العربي سيكتبه اصلاحيون اسلاميون ثائرون اسمه “وهم الاسلام السياسي” ..وسيعلقون المناشير على حيطان الرياض وجدة والأزهر وقصر القرضاوي في قطر .. وجدران مكتب الأبله منصف المرزوقي .. وجدران مكتب مصطفى عبد الجليل .. المناشير ستقول “لاتقلق .. حتما لاوجود للاسلام السياسي” .. ولن يطالب بتعديله أحد ..لأن مايحدث هو تفخيخ الاسلام .. بصكوك الغفران..

دمار القارة الأمريكية الوشيك ومركز امبراطورية الباطل وحقيقة المسرحية الحالية

دمار القارة الأمريكية الوشيك ومركز امبراطورية الباطل وحقيقة المسرحية الحالية

رجاء القراءة للنهاية لأهمية الموضوع….
بات من المهم جدا أن نعلم إن ما يجرى أمامنا اليوم على الصعيد العالمي ما هو إلا مسرحية تم اعدادها منذ سنوات للعلم المسبق بدمار القارة الأمريكية الشمالية الوشيك بمشيئة الله وحده… لكن حدث بالسيناريو الأساسي عقبة هامة جداااااا لم يعد هناك أي وقت لتداركها… وهو عرقلة مخطط الحرب الكبرى بالشرق الأوسط والذي خرج عن حسابات توقيت الإدارة الشيطانية وسبلها المتراكبة…

فنهاية دولة مقر "القطب السالب" هي قانون إلهي حتمي… لم ولن تستطيع أي جهة مهما بلغت من قوة ومال وعلم إيقافه… وهي أمر نافذ يعلمه أتباع الدجال وحكامه الأخفياء الذين يضعون أياديهم الآثمة على العالم منذ وقت طويل… لما لديهم من قدرات سخروا بها العلم لخدمة مخططهم الشيطاني…
ومن أهمها "الكشف المستقبلي" والذي يتم بعدة طرق وضحناها تفصيلياً في مواضيعنا السابقة… منها ما هو عن طريق علوم الجن الكافر والإختراق واستراق السمع قرب منطقة الرجم التي وضحناها… ومعرفة الأمر عند نزول مسبباته من الإدارة الإلهية العليا للسماء الدنيا… ومنها ما هو "تقني" عن طريق امكانية السفر والإنتقال للمستقبل عبر البوابات البعدية "أو ما يطلق عليه البوابات النجمية وشرحناها كذلك في السابق" وهو أمر يبرع به الدجال وجنوده المقربين ويستخدمونه منذ زمن بعيد…
ومنها استخدام "الأيزوتروب" ووضحناه كذلك في مواضيعنا السابقة… وهو أحد التقنيات المستمده من خلال التعاون مع أجناس جوف الأرض ذات الأصول الفضائية من جنس الرماديين Grays ..وهو عبارة عن آلة في شكل كرسي يتم التدريب على استخدامه من قبل متخصصين لنقل الوعي للمستقبل وامكانية تحديد الوقت المطلوب الانتقال له… وهناك عدة مشاريع قائمة بالفعل وموثقة على هذا الأمر… وتتولى الاشراف عليها مؤسسات رسمية كبرى مثل وكالة المشاريع المتقدمة للبنتاجون والشهيرة باسم داربا DARPA وأيضا وكالة ناسا لأبحاث الفضاء.. وكذلك مركز العلوم الفائقة على الحدود السويسرية المعروف باسم "سيرن"… والمتعاون مع داربا وناسا وعدة مراكز بحثية تابعة لهما…

ومشاريع كبرى قائمة منذ عقود كمشروع "بيجاسوس" الشهير وتجاربه الموثقة لنقل الوعي للمستقبل… ومشروع "اوبرا" وتجارب السفر عبر الزمن القائم عليه مركز "سيرن" بالتعاون مع ناسا وغيرهم من التجارب الموثقة… وبالطبع هذا لا يعدو إلا نسبة ضئيلة من التجارب السرية طي الكتمان…

ولكن لأهم قبل ذلك تجارب "كامب هيرو" منذ ثلاثينيات القرن الماضي والتجربة الشهيرة المعروفة باسم "تجربة فيلادلفيا" والتي شارك بها نخبة من كبار العلماء مثل أينشتاين ونيكولا تسلا وفولفان وسيزورن وغيرهم تحت اشراف المخابرات الأمريكية… والتي تم بها تسليط حقول مغناطيسية أحادية على السفينة فيلادلفيا التابعة للبحرية الأمريكية بهدف إجراء تجارب "إخفاء" وإذا بها تختفي وتعود بعد سنوات ليقص من نجى من طاقمها حقيقة انتقالهم في قفزة للمستقبل… والأهم تأكيدهم على انقسام القارة الأمريكية الشمالية وتغير وجه العالم الحالي (التجربة موثقة ونشرناها في السابق ووثائقها وفيديوهات اعترافات طاقمها متاحة على الانترنت)… وبعد ذلك وخلال جميع الاعوام السابقة تمت تجارب متعددة لتبيان السبب ومحاولة تلافيه دون جدوى!!!!!

وكما أنهم يعلمون التوقيت بالتقريب… إلا أنهم يعلمون أيضا أن الأحداث المستقبلية والتي يتم الاطلاع عليها قابلة للتغيير… لكنهم لا يعلمون السبب الحقيقي… ورافضون للقضاء الإلهي الحتمي!!!!

وكان ذلك وراء كل الترويج لإشاعات متعددة مثل رتطام كوكب نيبرو واصطفاف المجرة وغيره من امور لا حقيقة لها… لأنهم لا يعلمون السبب وراء رؤيتهم مراراً وتكراراً الدمار القادم لأمريكا وانشقاق القارة.. ولا يستطيعون تفاديه!!!!

ولذلك عملت زمرة الدجال على نقل "رؤوس الأموال الحقيقية" في صورة "ذهب" خارج أمريكا… وفي مستودعات محصنة تحت سطح الأرض… كما عملوا على الإسراع بالحرب في منطقة الشرق الأوسط واللعب بالنبوءات الدينية… ومن سلطوهم من فئات عميلة ودجاجلة كُثر تم تجنيدهم لترسيخ ضرورة الاسراع بالحرب والخراب ووضع أكثر من فتيل لها… لنقل قياداتهم الرئيسية لمنطقة الشرق الأوسط…

كما عملوا على تنفيذ مسرحية الانهيار التام للدولار بعدة سينريوهات خادعة للطمس على الانتقال الحقيقي الذي حدث لرؤوس الأموال تبعاً لما هو شبه مؤكد لديهم من دمار امريكا الوشيك!!!!

وبالطبع من ضمن ذلك ضرب الإستثمارات العربية وأموال النفط العربي والذي كان عائدهم مجرد سندات دولارية في بنوكهم ستسقط بسقوط أمريكا وعملتها!!!!!

والأهم من كل ذلك هو نقل أهم مقر للإدارة المالية الدجالية التي يتحكمون منها باقتصاد العالم أجمع والكائنة داخل "وال ستريت- نيويورك" إلى تركيا في مدينة "اسطنبول" التركية من خلال مركز الادارة المالية الذي تمت إقامته منذ سنوات تحت مسمى "البنك الدولي الشرق أوسطي"..

وتم نقل كل المستندات والأصول المالية الهامة له خلال الفترة السابقة… ونقل الذهب للمستودعات المحصنة في مدينة "الآستانه" في كازاخستان… لمعرفة أنها المدينة التي يرجح بالكشف المستقبلي عدم تأثرها بأية كوارث طبيعية ولا عواقب من الحرب الكبرى التي يعدونها!!!!

وتم ربط مستودعات الآستانه بالإدارة في اسطنبول عن طريق نفق سفلي يعلوه على السطح مشروع خط قطار "مرمرة" السريع الذي تم الإسراع بإنشاؤه مع الإدارة التركية بشراكة أمريكية وعدد من الدول الكبرى ليربط بين آسيا وأوروبا ويمر بمضيق بحر ايجة ومدينة اسطنبول لهدف الرئيسي!!!!
وكان معداً أن يتولى الحكم في تركيا "أردوغان" خلفاً ل"أوغلو" …حيث أن أردوغان هو أحد عناصرهم الفاعلة في الشرق الأوسط وهم من كان وراء تصعيده من الأساس وحزبه للحكم!!!!

وكان ذلك النقل لرؤوس الأموال الحقيقية في صورة ذهب وللأوراق والأصول المالية يتم منذ سبعة سنوات وحتى وقت قريب… والإعداد لمسرحية الانهيار المدوي للدولار وكل ذلك لعلمهم بقرب "دمار أمريكا"… وفشلهم في ايقاد نار الحرب في الشرق الأوسط والذي كان معداً أن تبدأ في 2008 ثم تأجلت ل 2010 ثم إلى 2012 وفشلت مخططاتهم مرات متعددة وخرج التوقيت من حساباتهم…
ولم يدرك أي منهم أن إرادة الله فوق إرادتهم… وأن دمار مركز القطب الواحد المهيمن على العالم قانون إلهي بحت… ولابد من توازن أقطاب القوى في الأرض… وأن ما بنوه من مخططات ليست فوق القرار الإلهي… وان ما سيحدث من دمار أمريكا الوشيك ماهو إلا مجرد آية إلهية خارقة لقواهم ولقدراتهم… وليست آية واحدة ولكن ستتبعها آيات متتالية بمشيئة الله تعالى وحده!!!!!!!

?????????????????????????????????????????????????????\
الجزء الثامن والأخير من تاريخ آل سعود للشهيد ناصر سعيد
 OCTOBRE 15, 2013 PAR JUSTSOURIRE

الجزء الثامن والأخير من تاريخ آل سعود للشهيد ناصر سعيد

كيف مات الطاغوت؟


لقد مات هذا الطاغية بأتفه الأسباب المضحكة… مات بقرصة من “جعل” عضه بين خصيتيه!.
والجعل هو “ابن عم الخنفساء!”.. مات بعد أن بذل جهده الجهيد في ممارسة جنسية ارتكبها في سطح قصره وكان الوقت صيفا فأدركه التعب ونام على ظهره بقاذوراته كاشفا عورته للهواء الطلق.
فحامت حول شرجه جماعة من الجعلان، لدغه بعضها بين الخصيتين فهّب يصرخ ويستصرخ العبيد… وورمت خصيته في الحال وتقيحت في اليوم التالي واستدعي إليه عدد من المشايخ “ومحضري الجن”!…
لتلاوة التعاويذ حول شرجه وخصيتيه والدعاء لها بالشفاء… وحينما لم ينفع الدعاء… إستدعي طبيب امريكي من البحرين اسمه (الدكتور ديم) وبعد فحصه له قال الطبيب: (ان سموه مصاب بارتفاع شديد ومزمن في مرض السكر وان عضّة الجعل لخصيان سمّوه هذه قد تحولت إلى “غرغرينا” وأنه لابد من بتر خصيتي وقضيب سموه على عجل وإلا تآكل لحم جسمه كله)!..
فرفض الملك عبد العزيز كما رفض المصاب نفسه عبد الله بن جلوي ان يقطع الطبيب “هيبة الحكم” فالحكم السعودي قائم على الاعضاء التناسلية… واستمر علاج مشايخ الدين السعودي لشرج الطاغية بالتفال والتعاويذ!… واستمرت “الغرغرينا” تفتك في شرجه واسفله لتثأر لعشرات الآلاف ممن قطع الطاغية أيديهم وأرجلهم ورؤوسهم وأوصالهم… ومات الطاغية… وكاد الجعل يقدس لهذا الفعل الجليل..
إذ بدأ دعاء الناس المظلومين يتعالى بالهتاف “للجعل” أطال الله عمر الجعل الحقير الذي فعل ما عجز عن فعله البشر السوي، البشر الذي لم يكن وقتها يصّدق ان مثل هذا الطاغية المسمّى بشيخ الظلمة عبد الله بن جلوي يموت بقرصة من شيخ الخنافس ـ الجعل ـ …
حتّى الطاغية الاكبر عبد العزيز آل سعود لم يصدق ما حدث لأبن عمه حينما أبلغ بما حدث إلا بعد أن كشف بنفسه على شرج ابن عمه عبد الله بن جلوي فأمر بدفنه…
لكن عبد العزيز لم يتعظ بمصير الطغاة فاقتطع مناطق الاحساء والقطيف والجبيل والمناطق البترولية لجلاد أقذر منه تعلّم فنون البطش والرذيلة في أحضان والده شهيد الجعلان… انّه الطاغية سعود بن عبد العزيز الجلوي… والجميع من عائلة آل سعود… فأخذ الابن عن والده سيرته القذرة، بل أقذر، إذ أصبح الخلف أشر من السلف..
بحيث لا يمكن للقلم بهذه السرعة أن يحصي مآسيه وآثامه، وانما أردت بذلك التنويه عن بعضها فقط فهي لا حصر لها ولا عدد و”مشروعاته في فن الاجرام كثيرة…
أول تلك المشروعات اصداره الاوامر بقتل 82 “عبدا” من عبيد والده، عشرة منهم قتلهم بتهمة التآمر على حياته…
أما القسم الاخر فلا تهمة لهم، إلا أن احدى جواري الجلاد الجديد سعود الجلوي الصقت بأحدهم تهمة معاشرتها… وبدأت القصة كما يلي:
لقد حملت احدى الجواري من ابنه عبد العزيز (شهيد الخمّارة ـ الذي قتله الجزائري عام 1963 في الخمارة الفرنسية بباريس عندما ذهب لباريس برفقة الملك سعود) فسأل سعود الجلوي ـ الجارية ـ عن مصدر ذلك الجنين ولم تجرؤ أن تعترف بأن ابنه عبد العزيز قد اغتصبها وهددها بالقتل فيما لو أخبرت والده.
فادعت الجارية (انها كانت نائمة فهجم عليها واحد من العبيد في ظلمة الليل وكتم أنفاسها وصوب مسدسه إلى رأسها وبهذه الطريقة اغتصبها ولم تجرؤ ساعتها أن تخبر سعود لخشيتها منه أن يفسر الامر على أنه حدث بموافقتها)!…
فسألها سعود الجلوي هل تعرفين العبد؟… قالت: “لا أعرفه لقد تم كل شئ في الظلام”…
قال اذن فلينفذ هذا التشريع: (تقتل المرأة وجنينها، ثم يسجن كل العبيد الذين يسكنون القصر في سجن الاحساء “الدباب” ويتركون بلا طعام ولا ماء حتّى يموتون جوعا وظمأ).. وبموجب هذا التشريع السعودي ألقي القبض على 82 انسانا ممن جعل منهم الظلم والطغيان والتشاريع الطاغوتية “عبيداً” فزج بهم في السجن وماتوا بهذه الطريقة الفاحشة الوحشية…
وفي هذا الاثناء: اتفق عدد من العبيد الذين لم يعتقلوا بعد على القيام بثورة على هذا الطاغوت وقتله هو وعائلته وقالوا: ان نجحنا فقد نلنا شرف قتل هؤلاء الاشرار وان قُتلنا فقد نلنا شرف الاستشهاد وما هذه الحياة الا عبودية لنا وعار عليها…
وكان يقودهم ـ يماني ـ مستعبد أطلقوا عليه اسم “مريزيق” ولكن الطاغية سعود الجلوي اكتشف الخطة قبل نجاحها وأحضر الارقاء وعددهم عشرون واحدا وطلب منهم أن يقتل كل واحد منهم الاخر حتّى يفني بعضهم بعضا.. وكان منظراً بطوليا مؤثرا حيث رفض العبيد أن يقتل بعضهم بعضا…
وأدخل هؤلاء الابطال إلى سجن الاحساء مقيدين بأثقال الحديد ومنعوا عنهم الطعام والماء ثم أحرقوهم بالنارأحياء…
واستشهد الابطال الذين يسمونهم عبيدا… بينما بقي العبيد آل سعود والسعوديين الاحياء… ومن ذلك الوقت سمي سجن الاحساء باسم “سجن العبيد” وهو عبارة عن مقبرة للاحياء تحت الأرض تضم عظام البشر وقد قتل فيه معظم الزعماء الثائرين بهذه الطريقة، ويضرب أبناء الشعب المثل المعروف في هذا السجن بقولهم (داخله مفقود وخارجه مولود)…
ومن تشاريع هذا الطاغية (سعود بن الطاغية عبد الله الجلوي) التشاريع الاتية:
ألقى سعود الجلوي القبض على عامل يدعى جربوع الجبيلي بتهمة عدم اطاعة اوامر (السيكيورتي) في الوقوف.
و”السيكيورتي” هو بوليس الامن الامريكي بشركة أرأمكو، وزج بالعامل جربوع في السجن، ومن سوء حظ جربوع الجبيلي انّه وجد إلى جانبه في السجن شخصاً آخراً يشاركه في الاسم الأول أيضاً ويدعى جربوع السبيعي، وقد اتهم الاخير بطعن أحد الامريكان بخنجره..
فأمر سعود الجلوي بقطع يد جربوع السبيعي الذي طعن الامريكي غير أن “عبده” الجزار المدعو (خسارة) أساء الفهم فقطع يد جربوع الجبيلي الذي رفض اطاعة أمر الامريكي، وما أن عاد العبد إلى سيده حتّى أمره بأن يعود ثانية ليقوم بجلد جربوع الجبيلي المتهم بمعصية أوامر بوليس الامن الامريكي، ولما أخبره “عبده” خسارة: بأنه قد قطع يد المذكور…
رد عليه سيده سعود الجلوي بكل برود: (هذا هو ما كتبه الله لهذا الجربوع ـ اذن اذهب يا خسارة واقطع يد الثاني جربوع السبيعي..)
فنفذ العبد الجلوي خسارة أمر سيده وبذلك قطعت ـ يدا ـ الجربوعين ـ جربوع الجبيلي وجربوع السبيعي… ان هذه القصة من قصص الاحتلال السعودي وأمنه المزعوم الذي يتشدق به بعض المأجورين من كتاب وشعراء زيفوا تاريخ شعبنا العربي الثائر وليقرأ الذين زيفوا تاريخنا قصة أخرى من قصص احتلال السعوديين وتاريخهم الملعون:
جاء إلى سعود بن جلوي أحد المواطنين يخبره (أنه عثر على كيس من البن في صحراء الدهناء وان الكيس لا يزال هناك موجودا في صحراءه فأحببت اطلاعكم عليه يا أمير حتّى تتمكنوا من انتشاله قبل أن تدفنه الرمال) فسأله سعود بن جلوي عن الوسيلة التي جعلته يعرف بها انّه كيسا من البن أو غيره؟.
فأجابه المواطن البدوي الشريف أنه لمس الكيس بقدمه.
فقال ابن جلوي: أي قدم هذه لمست بها كيس البن؟ قال البدوي: لمسته بقدمي اليمنى..، فأمر ابن جلوي بقطع قدمه اليمنى.. والغريب ليس هذا!.. بل الغريب في الامر أن هذا المواطن الشريف كان يضحك أثناء عملية قطع رجله اليمنى وهو يردد باستمرار “الحمد لله الحمد لله ما دفع الله كان أعظم!”..
ولما سئل المواطن عن سبب هذا التحميد الزائد والضحك بينما العبيد يقطعون رجله قال المواطن: (انني أضحك على شر البلية .. وشر البلية ما يضحك، أضحك
أولا ـ على هذا الحكم المضحك السعودي وأقول أن هذا العمل هو عمل اليهود بعينه وليس من فعل العرب والاسلام أبدا… واضحك
ثانيا ـ على الناس الذين يظلمون “قراقوش” عندما يتندرون بحكمه ولا يتندرون بحكم آل سعود بدلا من حكم قراقوش، وأحمد الله أيضاً.. أحمده على قطع رجلي فقط… لاني لم أغلط وأقل لابن جلوي بأنني لمست كيس القهوة برأسي لكيلا يقطع رأسي… ولكنه عمل اليهود)…
وقصة أخرى نسقوها لشعراء المديح ومزيفي التاريخ، وكذلك نسوقها لذوي الضمائر الحية والميتة:
فقد أحد الامريكان قلمه فاتهم به عامل يدعى محمد العتيبي فاقتادته شركة أرامكو الاستعمارية إلى ابن جلوي وقطعوا يده في الحال مع نفيه عن المنطقة حيث مات في الطريق وفي اليوم التالي وجد الامريكي المجرم قلمه في جيب قميصه الثاني…
وكانت تلك المهزلة واحدة من تسالي الامريكان المضحكة حول أكواب الويسكي المتجاوبة مع هزات رقصة الروك اندرول في “امريكان سيتي” (المستعمرة الامريكية) وواحدة من مهازل الامن السعودي الامريكي المزعوم…
وهذه حكاية أخرى تفضح مزاعم الدجالين عن الامن السعودي المزعوم… اسمعوا الحكاية.. الغصة:
وجد راع من أبناء ـ قبيلة المرة ـ عند مرعى غنمه لوحا مركوزا من قبل رسل شركة ارامكو في أرضنا العربية عن البترول العربي فأخذه الراعي العربي ليهش به على غنمه، فقابله أحد الامريكان وعرف أن اللوح الذي لا يزيد طوله عن أربعة أقدام فقط، هو من العلامات الكثيرة التي تركزها شركة أرامكو وتملأ بها أرضنا كعلامات مميزة لملكية شركة أرامكو الاستعمارية لارضنا الشاسعة الواسعة، فاقتاد الامريكي الراعي العربي إلى أقرب مركز للشرطة السعودية حيث كتبوا إلى ابن جلوي على قطعة من روق اللف أسموها معاملة كتبوا عليها كلمة تقول”بأن الراعي سرق اللوح من شركة أرامكو”، فجاء الرد الجلوي في الحال “لاجراء اللازم حسب النظام، اقطعوا يد السارق، مع تغريمه خمسمائة ريال كثمن للورق وخدمة للمعاملة وأتعاب لعبدنا الذي قطع يده ورد اعتبار لشكة أرامكو وضيوفنا الامريكان”…
أيها الناس: هكذا نعيش في حكم الاحتلال السعودي، هكذا يعيش الفرد مجردا من أبسط الحقوق الانسانية، حيث لا توجد قوانين تشكل ضمانا لحماية حقوق الوطن والمواطنين وصون الكرامة والقيم الإنسانية المهدورة، طغيان بلا أنظمة إلا القرآن الكريم الذي جنوا عليه هو الآخر مثلما جنوا على شعبنا وحرفوا آياته الكريمة تحريفا واضحا عن حقيقتها الإنسانية التي نادى بها محمد كهدي للناس ونذيرا للطغاة الظالمين وحربا شعواء على الملوك وبني صهيون أينما كانوا حيث أخذوا يحرفون القرآن الكريم لصالح فسقهم وفسادهم رغم أن القرآن الكريم يصرخ في وجوه الطغاة قائلا:
(السارق والسارقة فاقطعوا أيديهما جزاء من الله نكالا بما كسبا) وهذه الآية القرآنية الكريمة لا تعني أن تقطع أيدي أبناء الشعب الكريمة وانما يعني أن تقطع أيدي الملوك والامراء وأيدي الحكام الخونة الذين يسرقون الملايين من أفواه الملايين…
يسرقون الشعب كله وحرياته كلها ويعتدون على كل حرماته، وهذا ما جعل النبي محمد عليه السلام يرفض وساطة من توسطوا لاحدى الاميرات والامراء الاغنياء عندما سرق الامير قائلا عليه السلام (والله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها فاقطعوا يدا هذا النبيل) وقال ما معناه (لقد كان من سبقكم من الكفار يتركون أيدي النبلاء تسرق ويقطعوا أيدي الفقراء).
كما شرع عمر بن الخطاب بقطع يد أحد النبلاء حينما جاءه يشكو إليه أن عاملا عنده قد سرق بعيره فقال عمر (أطعموا عمالكم مما تطعمون لو لم يكونوا جياعا لما سرقوا).
ومع ذلك فهناك شئ ربما يخفى على الناس.
وهو أن عصابة الاحتلال السعودي تعتبر عضو في الجامعة العربية وعضو في الامم المتحدة ولها مكتب دائم لدى هيئة الامم ينفق عليه 50 مليون دولار سنويا ولها مندوب في هيئة الامم يتقاضى 50 ألف دولار صافية مهمته الصراخ في أمريكا بالدعاية للاستعمار السعودي.
وما سبق ذكره أمثلة فقط على ما حدث ويحدث في الاحساء العاصمة وفي القطيف والجبيل ودارين وبقية أجزاء المنطقة الشرقية وكل أنحاء البلاد التي انخدع بعض كبارها آنذاك بالدخول في جنة آل سعود الموعودة، التي كان يعدهم ويمنيهم بها وما يعدهم الشيطان إلا غرورا…
ولكنهم قبلوا الدخول تحت حكم ابن السعود لانهم ظنوا أن حكمه سيكون كما وعد به وعاهدهم عليه “أصلح” حكما ممن كانوا يحكمونهم من أمراء ومشايخ وعثمانيين يسلبون أرزاقهم ويعتدون على حرياتهم، كما رأوا أن هذه المناطق القريبة من الساحل قد أصبحت عرضة لانواع من القراصنة والغزاة وظنوا أنهم بانضمامهم لابن السعود سيكون لهم دولة كبيرة قوية تقدمية موحدة يعيشون في رحابها في بحبوحة من العيش الكريم محافظين على حرياتهم ومعتقداتهم بعد أن أرسل لهم ابن السعود من يفاوضهم على هذا باسمه ويقسم لهم أغلظ الايمان…
وكان الانكليز حتّى تلك الايام لم يروا جدوى الكشف عن وجوههم كثيرا خوفا من (جيش الاخوان) الذي لقنه تجار الدين السعودي الوعاظ بأمر من الانكليز أنفسهم (بأن جميع حكام وشعب الجزيرة العربية والبلاد العربية الاخرى كفارا) وكما هو معروف، كان اتصال الانكليز بعبد العزيز بن السعود يجري بواسطة جون فيلبي ورجال بعثته الذين أصبحوا من رجال الدين والقضاء السعودي بعد أن أطلقوا ذقونهم وأشهروا اسلامهم زيفا وأخذوا يصلون أكثر من الحد المعقول، وأحيانا يجري الاتصال الانكليزي بواسطة أعضاء (مجلس الربع) ذوي الالسنة والسحن العربية والضمائر الميتة الانكليزية، أمثال حافظ وهبة ويوسف يس، ولكنه ما أن بقيت سواحل الخليج العربي مفتوحة بعد التسلط السعودي على مناطق الاحساء والقطيف والجبيل ودارين حتّى رأى الانكليز أنه لا داع للاختفاء كثيرا بل يجب الوقوف علانية لحماية هذه العصابة السعودية واعطاءها (صفة الدولة) بعد أن خرج الاتراك حتّى لا يعودوا وخاصة بعد أن رأى الانكليز أن الاتراك قد شنوا حملة على عميلهم عبد العزيز من ميناء العقير فخشي الانكليز أن يعاود الاتراك حملتهم بقوة أقوى، لهذا لابد من ردع الاتراك، فأرسلوا عددا من البواخر الحربية الانكليزية إلى ميناء العقير والجبيل وسواحل القطيف والاحساء ودارين وانزل عدد من الانكليز في المراكز الحساسة وأكد الانكليز للاتراك أنهم سيحمون ابن السعود بأي شكل من الاشكال.
وساعد على صد الاتراك اندلاع الحرب العالمية الاولى عام 1914 م وزج الاتراك بأنفسهم يخوضون غمارها مع الالمان حيث أنهكت قوى الاتراك.
ولكن الانكليز رأوا أن مجرد المناصبة العادية مهما كان حجمها الكبير لا يجدي وانما لابد من اعلان الحماية لآل سعود بصفة رسمية أمام العالم ليبقى لهم حق الحماية “المشروعة” وانجاح هذا الذلول…
فتوجه الكولونيل السير برسي كوكس المعتمد البريطاني في سواحل الخليج العربي سنة 1915 حيث قابل الامير عبد العزيز بن السعود في مخيم العقير لاول مرة .
ويقول الكولونيل برسي كوكس (لقد كانت أول مرة لي أقابل فيها أميرنا عبد العزيز بن السعود، ولقد أعجبت به ولم يخب ظن أحدنا بالآخر وقلت له: انك شخصية قوية يا عبد العزيز.
فرد عبد العزيز بقوله: أنتم الذين كونتم لي هذه الشخصية وهذا الجاه ولولا بريطانيا العظمى لم يكن يعرف أحد أن هناك شيئاً اسمه عبد العزيز آل سعود، لولاكم كنت أقيم لاجئا في الكويت، انني بكم وصلت إلى لقب الامير عبد العزيز بن سعود وسوف لن أنسى لكم هذا الفضل مدى حياتي وسأبقى لكم خادما مطيعا منفذا لما تريدون) ويقول جون فيلبي الذي حضر هذا الاجتماع: ورد السير برسي كوكس قائلا: (نحن لم نمنحك لقب ـ أمير ـ فقد كنت أميرا بطبيعتك أما اللقب الذي سأقلدك وسامه الآن باسم بريطانيا العظمى فهو لقب ـ السلطان عبد العزيز سلطان نجد والاحساء والقطيف والجبيل)…
فقلده وسام السلطنة البريطانية ـ وقال: وفي المستقبل القريب سنقلدك وسام سلطنة حائل بعد القضاء على خصومنا ثم سلطنة الحجاز ونجد لتصبح سلطان نجد والحجاز وملحقاتهما ثم نجعل منك ملكا بعد تسليمك عسير وبعض الامارات الاخرى لنطلق عليها اسمكم فتصبح (المملكة السعودية) ـ وهنا استفسر عبد العزيز وهو يقبل جبين الكولونيل كوكس ويده اليمنى ترتعش من شدة الفرح ويردد: ـ (الله يقدرنا على خدمتكم الله يقدرنا على خدمة بريطانيا ـ ماذا تعني بالامارات يا سيدنا برسي)؟…
فتكلم المستشار عبد الله الدملوجي مسابقا الكولونيل بقوله: ان الكولونيل ـ يعني بالامارات الاخرى مثل البحرين والكويت وقطر والشام وفلسطين والعراق واليمن ـ فقاطعه السير برسي كوكس بكلمة حاول فيها اخفاء ملامح الغضب من وجهه بابتسامة استخفاف قائلا: كلا…. كلا… انّما أقصد: نجد وحائل والحجاز والاحساء والجوف، لاننا لا نضمن وقوف آل رشيد أو استمرار الحسين بن علي معنا، ولذلك سننقل الحسين بن علي لتعيينه إذا أراد وأولاده ملوكا على العراق وسوريا، ولكننا نعتقد أن الحسين سيرفض الاستجابة لتعيينه في منصب أصغر مما يتخيله في عقله وحينها سنضطر إلى نفيه بعيدا، أما أولاده فنتوقع موافقتهم، أما امام اليمن فنحن نمده الآن لمحاربة الاتراك في اليمن وسنضع حدودا لكل من ممالككم ونحن نحارب توحيد البلاد العربية تحت حكم رجل واحد حتّى ولو كان ملكا لأن هذا ليس في صالح بريطانيا، فالتوحيد سينتج عنه ذوبان الاقاليم وتلاشي التبعيات وبذلك يصبح العرب قوة كبرى تقف في وجه مصالحنا المشتركة، كما أن وضع البلاد العربية تحت حكم شخص واحد سيضعف هذا الشخص في يوم من الايام فتحدث بعد ذلك ثورات قد تؤدي إلى قيام جمهورية عربية واحدة، ثم أن عندنا الان مشكلة اليهود وفلسطين، اننا نريد حسمها لنمكن اليهود من العيش بسلام في وطن لهم بعد هذا التشرد الطويل، ونريد أن يساعدنا ملوك العرب بصفتهم يمثلون الشعوب العربية التي ستعارض فكرة اعطاء اليهود أرضا في فلسطين، فما هو رأي السلطان عبد العزيز؟…
فاستفسر عبد العزيز عن رأي السير كوكس بقوله: (ماذا تعني بهذا الكلام؟…)
فخشي السير كوكس من أن يكون عبد العزيز بسؤاله هذا قد استاء من موضوع ايجاد اليهود في فلسطين، فرأى أن يمهد لما يريد من عبد العزيز اجابة عليه، فقال السير كوكس: (انني واثق منك يا عبد العزيز بأنك سوف لا ترد لنا طلبا وان الحياة كلها مصالح مشتركة، فلولا مصالح بريطانيا لا يمكن لنا أن نساعدك يا عبد العزيز.
ولو لم تكن أيها السلطان موضع ثقة منا لما دعمناك وحاربنا من أجلك والذي أريد أن أقوله هو هل يمكن فيما لو طلبنا منك أن تعترف لنا بجعل فلسطين وطنا قوميا لليهود أن نطمع بالموافقة؟، أعتقد أن في هذا ضمانة لبقائك كما هو من صالح بريطانيا أن يكون لليهود كيان ووطن، وما هو صالح لبريطانيا لاشك في صالحك..
ويتابع جون فيلبي قوله: فضحك عبد العزيز ساخرا من هذا الطلب.. وألقيت نظرة فاحصة على وجه الكولونيل كوكس وإذا به قد امتعض… لا شك أنه خشي مثلما خشيت أنا أيضاً أن تكون ضحكة السلطان عبد العزيز الساخرة بداية للخروج عن الطاعة ورفض الطلب الذي لم يسبق للسير كوكس أن تفوه به لاحد قبل عبد العزيز بل لا يمكن أن يتفوه به السير كوكس لو لم يكن مكلف في بحثه في دائرة المخابرات العامة في لندن وبذلك توقعنا تلك اللحظة أن نخسر عبد العزيز ويخسر هو نفسه ويكون لورنس قد انتصر في اصراره على رأيه القائل بأن ـ الحسين بن علي ـ كان أصلح لبريطانيا من عبد العزيز ابن السعود…
ولكن سرعان ما تبددت أوهامنا وتحقق صواب رأيي في صاحبي العزيز عبد العزيز الذي طالما دافعت عنه.. قال السير كوكس بسخرية: لماذا تضحك من قولنا يا عظمة السلطان عبد العزيز؟!
فرد عظمته قائلا: شئ مضحك فعلا!. شئ مضحك ان تطلبون مني أن أوافق على اقامة وطن لليهود في فلسطين ـ بينما اليهود موجودين في فلسطين فعلا والانكليز يحكمون فلسطين فعلا وبامكان الانكليز اعطاء اليهود ما يشاؤون من هذه الأرض التي يحكمونها، هذا ما يضحكني ويضحكني أيضاً أن ينشئ الانكليز ممالك وملوك وسلاطين ومع ذلك يطلبون أخذ الموافقة ممن أقاموهم بأيديهم من هؤلاء السلاطين والملوك، ثم أضحك أيضاً مماذا يستفيد الانكليز من موافقة واحد مثلي يرجو عون الانكليز ويمد اليهم يده كل شهر ليتقاضى معاشه من الانكليز ويستطيع الانكليز رفع مرتبه أو تخفيضه أو قطعه واسقاطه شخصياً أو انجاحه؟!.. قال كوكس: ان ما تقوله يا عظمة السلطان كله صحيح، ونحن لم نمنحكم ألقاب السلاطين والملوك ونمدكم بالعون والنجاح الا لتكونوا ممثلين للشعوب العربية وبذلك يكون لاعترافكم قيمة وشرعية فأنتم محسوبون من الانكليز ووجود الانكليز أو إسرائيل في فلسطين أو أي بلد عربي يعتبر انتهاكا لحرمة هذا البلد، هذا ما يقال وما هو واقع اليس كذلك يا عظمة السلطان؟…
فرد عبد العزيز قائلا: نعم… لا شك… وإذا كان لاعترافي هذه الاهمية عندكم فأنا أعترف ألف مرة باعطاء اليهود وطنا في فلسطين أو غير فلسطين، وهذا حق وواقع… وهنا دس عبد العزيز يده وأخرج ورقة صغيرة كانت في جيبه المتدلي من أعلى صدره إلى أسفل بطنه وكتب السلطان بخط يده يقول (أنا السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود أقر وأعترف للسير برسي كوكس مندوب بريطانيا العظمى لا مانع عندي من اعطاء فلسطين لليهود أو غيرهم كما ترى بريطانيا التي لا أخرج عن رأيها حتّى تصيح الساعة)!…
وصياح الساعة معناه: قيام الساعة… أي القيامة.. ولو كان عبد العزيز يؤمن بقيام القيامة ما قام بهذا العمل.. لكنه السلطان عبد العزيز… صديق بريطانيا الأول…
وقال فيلبي: بعد انفضاض هذا الاجتماع أخذت أمازح عبد العزيز متسائلا وقلت: كيف تبصم يا عظمة السلطان بهذا الشكل؟.
 ا تتوقع أن يغضب العرب على عظمتكم فيما لو عثروا على هذه الوريقة؟ فقال باستهزاء: العرب؟!… العرب، وين العرب؟… نحن سلاطين العرب يا حاج فيلبي… لورنس اسمه ملك العرب… وفيلبي اسمه شيخ العرب… ولو انتظرنا رأي العرب ما أصبحنا سلاطين كما ترى… وما دامت بريطانيا راضية فلا يهم ان غضب العرب أو رضوا…. وما دام هذه الورقة عند كوكس فهي في مأمن.
قلت للسلطان: ربما يسبب هذا التوقيع تشريد شعب فلسطين بكامله من فلسطين… فرد عبد العزيز علي بقوله وهو يضحك بصوت مرتفع: “ألا ترى أننا قد شردنا من جزيرة العرب الكثير من أهلها وسنشرد الكثير أيضاً وتعلم أننا كفّرنا العرب المسلمين وهم ليسوا كفارا ارضاء لبريطانيا فهل تريد أن اغضب بريطانيا لأن عدداً من أهل فلسطين سيشرد؟… أهل فلسطين لا يستطيعون حمايتي إذا لم تحميني بريطانيا من الاعداء ولتحترق فلسطين بعد هذا… من يعرف أن في نجد شيئاً اسمه السلطان ابن سعود لو رفضت التوقيع أو عارضت أوامر سيدنا كوكس… أنت تمزح والا صادق يا فيلبي؟…” قلت وأنا أبتسم: لا يا عظمة السلطان انني أمزح لأرى ما تقول… وبعد ذلك قرر السير برسي كوكس رفع مرتب السلطان عبد العزيز بعد أن تظلم السلطان من ضآلة مرتبه عن مرتبته، ورفعه من /500/ جنيه استرليني في الشهر إلى/5000/ ومن ثم وضعنا معاهدة للحماية وقعها كل من كوكس وعبد العزيز وهذا نصها:
بسم الله الرحمن الرحيم !
هذه معاهدة بين الحكومة البريطانية من جهة، وبين عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود أمير نجد والاحساء والقطيف وجبيل وجميع المدن والمرافئ التابعة لهذه المقاطعات من جهة أخرى.
الحكومة البريطانية باسمها وعبد العزيز باسمه وباسم ورثته وأخلافه ورجال عشيرته، عينت الحكومة البريطانية الكولونيل السير برسي كوكس معتمدها في سواحل خليج العجم مفوضا لاجل أن يعقد معاهدة مع عبد العزيز ابن عبد الرحمن الفيصل آل سعود ضمن المقصد الاتي.
توطيد وتوكيد الصداقة الموجودة بين الطرفين منذ زمن طويل وتأييد منافعهما المتقابلة: ان الكولونيل السير برسي كوكس، وعبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود ـ المعروف بابن السعود ـ اتفقا وتعاقدا على المواد الآتية: ـ
أولا ـ ان الحكومة البريطانية تعترف وتقبل بأن نجدا والاحساء والقطيف وجبيل وملحقاتها، التي تعين هنا، والمرافئ التابعة على سواحل خليج العجم ـ كل هذه المقاطعات هي تابعة للامير سعود وآبائه من قبل، وهي تعترف بابن سعود حاكما مستقلا على هذه الاراضي، ورئيسا مطلقا على جميع القبائل الموجودة فيها، وتعترف لاولاده وأعقابه الوارثين من بعده، على أن يكون خليفته منتخبا من قبل الامير الحاكم.
وأن لا يكون مخاصما لانكلترا بوجه من الوجوه، أي أنه يجب أن لا يكون ضد المبادئ التي قبلت في هذه المعاهدة.
ثانيا ـ إذا تجاوزت احدى الدول على أراضي ابن سعود أو أعقابه من بعده دون اعلام الحكومة البريطانية ودون أن تمنح الوقت المناسب للمخابرة مع ابن سعود لاجل تسوية الخلاف فالحكومة البريطانية تعاون ابن سعود ضد هذه الحكومة، وفي مثل هذه الظروف يمكن للحكومة البريطانية بمساعدة ابن سعود أن تتخذ تدابير شديدة لاجل محافظة وحماية منافعه.
ثالثا ـ يتعهد ابن سعود أن يمتنع عن كل مخابرة أو اتفاق أو معاهدة مع أية حكومة أو دولة أجنبية، وعلاوة على ذلك فانه يتعهد باعلام الحكومة البريطانية عن كل تعرض أو تجاوز يقع من قبل حكومة أخرى على الاراضي التي ذكرت آنفا.
رابعا ـ يتعهد ابن سعود ـ بصورة قطعية ـ أن لا يتخلى ولا يبيع ولا يرهن ولا بصورة من الصور ولا يقبل بترك قطعة أو التخلي عن الاراضي التي ذكرت آنفا، ولا يمنح امتياز في تلك الاراضي لدولة أجنبية أو لتبعية دولة أجنبية دون رضا الحكومة البريطانية، وأنه يتبع نصائحها التي لا تضر بمصالحه.
خامسا ـ يتعهد ابن سعود بأن يبقى الطرق المؤدية إلى الاماكن المقدسة مفتوحة، وأن يحافظ على الحجاج أثناء ذهابهم إلى الاماكن المقدسة ورجوعهم منها.
سادسا ـ يتعهد ابن سعود كما تعهد والده من قبل بأن يمتنع عن كل تجاوز وتداخل في أرض الكويت والبحرين وأراضي مشايخ قطر وعمان وسواحلها وكل المشايخ الموجودين تحت حماية انكلترا والذين لهم معاهدات معها.
سابعا ـ الحكومة البريطانية وابن سعود يتفقان فيما بعد بمعاهدة على التفصيلات التي تتعلق بهذه المعاهدة.
3 يناير سنة 1915
التوقيع الكولونيل السير برسي كوكس
معتمد بريطانيا في ساحل خليج العجم
التوقيع
السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن
آل فيصل سعود خادم الدين والدولة
وبعد.. ليست هذه الادلة والوثائق الدامغة بالمستغربة على الاسرة السعودية وسلالتها عبد العزيز… الذي وصفه خونة المؤرخين بأنه بطل الابطال والموحد الاكبر، وصقر الجزيرة… وتجرأ الشعراء الاجراء إلى تشبيهه بعمر بن الخطاب وخالد بن الوليد…
ثورة العجمان وتأييد الانكليز المطلق لعبد العزيز
أما شعبنا الذي “منحته” بريطانيا لآل سعود بهذه المعاهدة ـ والذي غلب على أمره فانه لم يسكت فقد أصبح الوجه السعودي العميل يتكشف له على مر الايام، واتضح لابناء البادية الاحرار ما يبيته الاستعمار الانكليزي السعودي لهم، فثارت قبيلة العجمان في الاحساء ـ كرد فعل لهذه المعاهدة ـ سنة 1915 ضد الانكليز ومطيتهم عبد العزيز وكالعادة أخذ الخونة السعوديون والانكليز يتهمون قبيلة العجمان الطيبة بالزندقة والكفر والسرقة ولكن الانكليز تغلبوا بقوتهم على العجمان، فالتجأ ثوار العجمان إلى الكويت وبما أن النفوذ التركي كان لا زال آنذاك أقوى من النفوذ الانكليزي فقد وجد الانكليز أن الفرصة مواتية لدفع عبد العزيز بن سعود لمحاربة الكويت دون الاستيلاء عليها…
حتّى يتمكن الانكليز من دفع الكويت إلى أحضانهم، ولكن موت الشيخ مبارك الصباح أخر هذا الهجوم بانتظار ما يفعله جابر بن مبارك الذي تسلم مكان والده فأمر السير برسي كوكس عبد العزيز بن سعود بأن يستغل هذه الفرصة ويتوجه إلى الكويت معزيا الشيخ جابر في والده ومهنئا اياه في منصبه الجديد وموطدا عرى الصداقة وفي الوقت نفسه يفاتح الشيخ جابر بتجنب الاتراك وبالتقرب إلى الانكليز، فأعطى الانكليز باخرة خاصة لعبد العزيز تقله اسمها (جيمو) حيث وصل الكويت بتاريخ 19 نوفمبر 1916 وفي اليوم التالي دعا عبد العزيز إلى اجتماع كبير في الكويت بناء على طلب الانكليز حضره الشيخ جابر الصباح والشيخ خزعل والسير برسي كوكس وعدد من الانكليز والمشايخ ورؤساء العشائر الموالين لبريطانيا.
ووقف عبد العزيز خطيبا في هذا الاجتماع يقول بلهجته (ان الاتراك كفرة مشركين ملاحدة وكل من يتعاون معهم على أنفسهم بالعزلة عن المسلمين لسوء معاملتهم للشعوب وعدم معاملتنا بالانصاف وعملوا دائما على اضعاف العرب وتفريقهم.
أما الانكليز فهم يعملون دائما على جمع كلمة العرب والمسلمين ومساعدتهم على النهوض وواجب كل عربي وكل مسلم أن يتعاون مع أصدقاءنا الانكليز ويحارب أعداءنا الاتراك) الخ… وكان لهذا الخطاب أسوأ الاثر في نفوس أهل الكويت على هذه المقارنة غير الحكيمة وعرف أهل الكويت بلسان من يتكلم هذا الببغاء، وعاد سوء التفاهم من جديد، فأرسل الانكليز مجموعة من قوات عبد العزيز لمهاجمة الكويت فوقعت معركة (حمض) سنة 1337 ـ 1919 فنهبوا من الابل والاغنام والذخائر الانكليز.
ولم يكتفوا بذلك بل عادوا سنة 1338 هـ 1920 م وهاجموا الكويت وقتلوا عدداً من الآمنين من أبناء الكويت وعرفت هذه المعركة بمعركة (الجهرة) حيث حاصر الجيش الانكلو سعودي الشيخ سالم الصباح وكادوا يأسرونه لو لم ينجده ابن طوالة بقوة من قبائل شمر وكذلك العجمان وبعض القبائل وينهزم جيش الانكليز السعودي، وتوفى الشيخ سالم الصباح عام 1921 وتقهفر الاتراك من الكويت وعاد الصفاء بين بريطانيا وحاكم الكويت الجديد وتوقفت هجمات السعوديين بأمر أسيادهم الانكليز الذين عززوا جون فيلبي بمساعدين له لتوجيه عبد العزيز، وهذان المساعدان هما الميجر كنليف اوين،
والميجر هاملتون ـ (اللورد بلهافن) وكانوا جميعا وعلى رأسهم فيلبي وكوكس يؤيدون عبد العزيز دون غيره من الحكام… حتّى أن كوكس عندما عقد المؤتمر العام لرجال المخابرات البريطانية في الشرق الأوسط، وحضره كوكس نيابة عن مكاتب الخليج التابعة لحكومة بريطانيا في الهند وقد انعقد المؤتمر في القاهرة بتاريخ 23 مارس 1918، بدائره مكتب المخابرات في القاهرة المسمى “المكتب العربي” تحت رئاسة السير ريجنلد ونجت المندوب السامي في مصر وحضور الجنرال كليتون والكومودور هو جارت والميجر كورنوالس، بحضور الكولونيل سيريل ولسون ممثل الحكومة البريطانية لدى الشريف في الحجاز..
وقف السير ولسون ممثل الحكومة البريطانية بشدة وحدة بقوله: (مستحيل أن تجد بريطانيا من تستطيع أن تقوده أو تسوقه أو توقفه متى شاءت أو تحركه طوع ارادتها فيتحرك خلاف عبد العزيز بن سعود مهما كثر عملاء بريطانيا…
انّه أخلص المخلصين لنا… ولهذا يجب أن ننهي الشريف حسين من الحجاز.
وأن لا مجال مقارنة بين الشريف حسين وعبد العزيز آل سعود.
وإذا طلب منا الشريف حسين معرفة رأي بريطانيا عن تجاهلنا له فيجب أن نصارحه بالامر الواقع، أما إذا لم يطلب فسنتركه حتّى يتولى مكانه ابن سعود.


والمهم ان نمكن عبد العزيز ماليا وعسكريا لاحتلال حائل فهي الخطر الصامد امامنا بقبائلها قبائل شمر المقاتلة القوية ونقضي على آل رشيد) فرد الكولونيل سيريل ولسون على السير كوكس مؤيدا الابقاء على الشريف مع الانتفاع بالاثنين ـ الشريف وابن السعود ـ ومما قاله: (أنك قد تعلم يا سيد كوكس أن مشيك على قدم واحدة في الجزيرة العربية يتعبك جدا) فرد السير كوكس عليه قائلا: (كلا … أننا سنمشي على قدمين مع أن الإنسان قد يستغني عن واحدة إذا أصيبت بداء فيقطعها.. انني أكدت لكم أن ابن السعود أصلح لنا من الشريف حسين الذي رفض التوقيع أو الموافقة لاقرار وضع اليهود في فلسطين ولهذا نريد أن نرسل ابن السعود لتأديب الشريف حسين واخضاعه لنا، وإذا لم يخضع فسيرى الجميع آنذاك أن استئصاله أصلح لنا مع الاستفادة من أبناءه في أماكن غير الحجاز وتسليم الحجاز لابن السعود)!..
كان هذا هو رأي السير كوكس في ابن السعود، إلا أن الاغلبية من رجال المخابرات البريطانية الذين حضروا هذا المؤتمر رأوا “تأجيل موضوع ارسال ابن السعود لتأديب الحسين إلى بضعة أشهر حتّى يعاودوا الاتصال مع الحسين لعله يوافق على موضوع حق اليهود في فلسطين”…
ولكنهم عادوا من جديد ونفذوا رأي كوكس (وكوكس ـ يهودي صهيوني) فأخذوا يعدون العدة… وعرف الحسين بن علي بالامر فأخذ يعد هو الآخر عدته لصد العدوان السعودي، فأعد جيشا قوامه 40 ألفا بقيادة ابنه عبد الله، وهكذا رأت بريطانيا التي كانت تمشي على قدمين في الجزيرة العربية أن تركل الهاشميين من الحجاز بقدمها الثانية ـ ابن السعود ـ فأمرته بالزحف على الحجاز وكان جيش الحسين بن علي قد زحف هو الآخر وعسكر في “تربة والخرمة” وهي واحة تقع بين الحجاز ونجد…
وفي ليلة 25 شعبان سنة 1337 هـ ـ 1919 م كانت (مجزرة تربة) الشهيرة… وكانت غدراً أكثر منها شجاعة، فقد وضع الانكليز خطة من أسهل الخطط للقضاء على الـ 40 ألف جندي من جنود الشريف ونجحت الخطة…
والمعروف أن قبيلة عتيبة تنقسم إلى قسمين قسم يعيش في الحجاز ويؤيد بعضه الأشراف والقسم الاخر يعيش في نجد ويؤيد بعضه آل سعود وقائد هذا القسم كان فيصل الدويش، فخطط جون فيلبي لذلك الهجوم وأرسل جنديين من جنود عتيبة نجد ليندسا بين صفوف أبناء عمهم من جنود الشريف حسين من عتيبة الحجاز وأمر أحد الجنديين أن يقف في ميمنة الجيش الهاشمي وان يقف الآخر في الميسرة ويطلق كل واحد منهما النار صوب الآخر، في ظلام الليل تم يصرخ الايمن في الجند الهاشمي النائم ليلا قائلا بأعلى صوته (ارمو… ارمو… جند ابن السعود هجم من اليسار) ويصرح الايسر بالقول نفسه (ارمو… جند ابن السعود هجم من اليمن) فيباغت الجيش الهاشمي ويذبح بعضه بعضا… كما ارسل الانكليز والسعوديون عدداً من الجواسيس السعوديين للتسلل إلى داخل صفوف جيش عبد الله بن الحسين ليبثوا فيه الرعب والتخاذل بل واستطاعوا أن يرسلوا بعض الجواسيس للتسلل إلى المدافع والرشاشات وافسادها وجعلها غير صالحة للاطلاق…
أضعف إلى ذلك أن عبد الله بن الحسين لم يكن هو نفسه صالحا لقيادة الجيوش، لقد كان مترفا مغرورا مستهترا عابثا ولم يعد للامر عدته من التدبير والحنكة… فأغضب كثيرا من القبائل الموالية لابيه وفي مقدمتها عتيبة في الحجاز.. كما أغضب بعض الاشراف من أبناء عمومته وفي مقدمتهم الشريف خالد بن لؤي… واستطاع الانكليز المؤيدين لابن سعود أن يستغلوا هذا الخلاف ويستميلوا الاشراف الغاضبين إلى صف آل سعود كما استمالوا القبائل الغاضبة من الشريف للصف السعودي..
أما عبد الله بن الحسين فقد جعل كل اعتماده على الجيش النظامي المزود بكل المدافع والاسلحة التي اكتسبها أبوه من تركيا بالاضافة إلى ما كان لديه من بقايا الاسلحة الانكليزية التي كان قد تزود بها عند ثورته على الاتراك “فكبسته” ثلة من البدو الذين “سعدنهم” الانكليز وخططوا لهم وعلى رأسهم الشريف خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد فهب الجيش من نومه مذعورا وأخذ يصوب أسلحته إلى نفسه بدون وعي في ظلمة الليل فكان رصاص البنادق وطعنات الخناجر تصيبه نفسه بنفسه وتحصده…
وكان جيش ابن السعود ـ بقيادة جون فيلبي ـ يكمن له من خلف التلال والجبال المحيطة بالوادي الفسيح… وما أن أسفر الفجر حتّى رأى الجيش الهاشمي نفسه يضرب بعضه بعضا!.
وقبل أن يفيق من هول الصدمة فاجأه الجيش السعودي بالضربة القاضية ولم ينج عبد الله بن الحسين من المعركة المهولة الا بالهرب هو وحرسه الخاص!… واستولى الجيش الانكلو سعودي على كل ما تركه الجيش الهاشمي من سلاح وخيام وأموال وغير ذلك.
ولكن الغدر الانكليزي السعودي لم يقف عند حد الانتصار على عبد الله وجيشه بل ابى الا أن يهجم على القريتين الكبيرتين ـ الخرمة وتربة ـ ويقتل السكان المدنيين العزل نساء وشيوخا وأطفالا.
ولم يكتف بذلك بل نهب الماشية وأحرق النخيل والمزارع واعتدى على الأعراض.
لقد كانت “تربة” واحة خصبة وكان فيها أكثر من مليون نخلة.
وأصبحت بعد هذه الواقعة مشوهة من كل جانب!…. فما ذنب الابرياء حتّى يقتلهم ابن السعود العميل!.
وما ذنب النخيل والمزارع حتّى يحرقها ابن السعود الاستعماري ولكنها تلك عادة اليهود في جميع حروبهم..
لقد أحصوا أنفسهم من قتلوهم من الاطفال والنساء والرجال والشيوخ في “تربة” من السكان المدنيين فقط بما يزيد على ثلاثة آلاف نفس، أزهقوا أرواحهم، وذلك خلاف جيش الشريف عبد الله بن الحسين البالغ (40 ألفا) قتلوا جميعا ولم ينج منهم الا ما يقارب الخمسمائة الذين هربوا مع عبد الله!…
والشئ المضحك أن يتدخل الانكليز بعد أن أخبرهم الحسين بما صنعه السعوديون في جيشه وفي السكان المدنيين من مجازر! فبعث معتمد بريطانيا في جدة “ولسن باشا” رسولا!.. هو المستر “جون فيلبي” إياه!… أرسله إلى صاحبه ابن السعود يطلب منه التوقف عند هذا الحد والقفول إلى نجد!.
ولم يسع ابن السعود الا أن يأتمر بأمر سيده وعاد من حيث أتى.. ولكن بعد خراب تربة.. أي بعد أن حقق الهدف الانكليزي.. وكان قفوله إلى نجد في 15 رمضان سنة 1337 هـ … لكن ذلك لم يزد الشريف حسين الا تعنتا ضد الانكليز الذي قال عنهم أمام رسولهم لديه لورنس (لعنة الله على الانكليز الذين ليس لهم من صديق سوى شهواتهم)!.
فحاول لورنس اقناع الشريف حسين بالتوقيع على مطلب الانكليز باعطاء فلسطين وطنا لليهود ليستطيع لورنس اخلاف ظن البعض من الانكليز واقناع المخابرات البريطانية له بذلك ليحطم فكرة من يقفون خلف ابن السعود ويؤيدون صلاحيته.
وقال لورنس للحسين (ان المسألة هي توقيع فقط وبهذا التوقيع بالموافقة على تقسيم البلاد العربية واعطاء فلسطين لليهود ـ تستطيع أن تلعب على الانكليز.
لقد فعل ابن السعود ذلك فافعل مثله)!… ولكن الحسين لم يقبل!، وما كان من الانكليز الا أن أمروا لورنس بالانسحاب من الحجاز لانهم صمموا على انهاء الحسين.. فانسحب لورنس.. بل اغتاله أعضاء المكتب الهندي البريطاني لتأييده الشريف وحينها أرسل الحسين رسالة لابن الرشيد يطلب عقد اتفاقية تعاون عسكرية بينهما.
فرأى الانكليز أن في هذا التحالف خطراً عليهم وعلى عميلهم ابن السعود، فعندما يعقد الحسين في الحجاز وابن الرشيد في شمال نجد اتفاقية تحالف فمعنى ذلك انهما قد كونا قوة كبيرة في وجه الانكليز… واكتشف الانكليز ذلك، فرأوا تطمين الحسين إلى حين، فهو لم يعد يشكل أي قوة في وجوههم، وعلى الانكليز ان يبدأوا بالأهم، وهو: اسقاط حائل عاصمة قبيلة شمر وابن الرشيد… فعملوا ما بوسعهم لاسقاط حائل فأسقطوها كما ذكرنا… ولهذا موضوع منفصل بالتفصيل.
ما أن بلغ الملك حسين بن علي خبر سقوط حائل في براثن الاحتلال الانكلو سعودي في اليوم الثاني لسقوطها حتّى صاح بأسى لمن حوله في مجلسه وعض على يده قائلا: (بسقوط حائل انتهى أكبر حائل بيننا وبين الملعونين السعوديين.
انتهى الحائل بين الحجاز وأشرار الوهابية والآن يجب أن نستعد لملاقات العدو.. لعنة الله على الانكليز فليس لهم صديق إلا مصالحهم أينما وجدت ومع أي شخص كان) وبالفعل، فقد أعلن السير برسي كوكس وجماعته عن منح الحجاز لابن السعود بدلاً من الحسين…وقرر كوكس ارسال “الاخوان” بقيادة “خالد بن لؤي” هذه المرة فهو من “أشراف الخرمة” وابن عم الشريف حسين ابن علي فقد اتصلت المخابرات الانكليزية وفيلبي بالذات مع ابن لؤي واقنعته بالمجئ للانضمام لابن السعود وافتعال حادثة بينه وبين الشريف، وهكذا افتعل ابن لؤي حادثة مع ابن عمه عبد الله بن الحسين فغضب عليه ابن لؤي وأقسم “أنه سيقود ابن السعود إلى مكة”… وهكذا ذهب ابن لؤي لبيع مكة…
واجتمع بعبد العزيز في مخيمه بين حائل والقصيم وقص له القصة وكان رد عبد العزيز عليه قوله: (بارك الله في الأسباب التي عرفتنا فيك) والتفت عبد العزيز هامسا باذن المستشار الانكليزي فيلبي آخذا رأيه فكان جوابه: (لا أقول أكثر من انها صفقة رابحة من يد متاجر غشيم) وهكذا اتفقوا مع ابن لؤي ليعاونهم ووعدوه بأن يجعلوا منه اميرا حاكما على مكة والحجاز!… فوافق ابن لؤي على كل ما يريدون… وقرروا أن تكون (الطائف) مسرح الجريمة… واتجهوا نحو الطائف ومعهم خالد بن لؤي “والاخوان” واصطدموا بأول سرية استطلاعية في ضواحي الطائف قتلوها عن آخرها…
وكان الوقت عصرا من يوم الخميس واستمروا في زحفهم حتّى حاصروا البلد وتمت المحاصرة إلى عصر يوم الجمعة حيث دخلوا البلد، والحقيقة أنه لم يكن في الطائف من قوة تذكر، بل كانت الطائف غاصة بالمصطافين من أهل مكة الآمنين وكان ظن الشريف حسين أن يأتي السعوديون من مكان آخر خلاف الطائف… ولكنها ارادة جون فيلبي الذي أراد أن يبيد “المصطافين” ويبطش بسكان الطائف الآمنين “ليُسمع صوت الدم لجارات الطائف” فيوقع في قلوب الاخرين الرعب والمضحك أن الانكليز ومطاياهم من عبد العزيز وغيره كانوا يطلقون على هذا الجند السعودي الفاجر اسم “المسلمين” أما غيرهم فيطلقون عليهم اسم “الكافرين” والايام التي تسبق احتلالهم لأي بلد يسمونها “أيام الجاهلية” أما أيام ما بعد الاحتلال السعودي فيسمونها “عصر الإسلام”.
وقبل أن أصف ما حدث من وحشية نكراء أود أن أورد فقرات من رسالة سعودية سخيفة لعلها تلقي ضوءاً على فداحة المظالم الهمجية…
بعث بهذه الرسالة الطاغية العميل الاستعماري عبد العزيز آل سعود إلى احد مستشاريه من أعضاء “مجلس الربع” واسمه حافظ وهبة بتاريخ 22 صفر سنة 1341 نشرها حافظ في كتابه (خمسون عاما في جزيرة العرب) يقول فيها عبد العزيز: (احتل جماعتنا الطائف وكل من وجدوا من المشركين قتلوه حتّى ضحى نهار يوم السبت ونادى منادي المسلمين: من أراد السلامة والاسلام فليقبل ويلق سلاحه فأقبل الاهالي وظهروا من أماكنهم، وكل منهم حامل ما عنده من قوت وسلاح واستولى المسلمون على البلد وعلى جميع ما فيها.
وبعد أن أطمأن المسلمون وطهروا البلد من المشركين رتبوا أناسا منهم لجمع الغنائم واحصائها واقتضى نظر الاخوان والمشايخ تنصيب خالد بن منصور في البلد للنظر في أحوالها واستقبال القبائل من الاشراف وغيرهم الذين يطلبون الدخول في الإسلام وحوزة المسلمين والاستيلاء على ما عندهم من قوت وأسلحة وأموال) إلى أن قال عبد العزيز في رسالته لحافظ وهبة: (أما الحسين فقد توجه إلى جدة وغالب الكفار من أهالي مكة أخلوها من الرعب والباقون بها مرجف بهم ـ أما المسلمون فلم يستشهد منهم سوى سبعة عشر وكلهم من عامة الناس ما فيهم المسمى غير هويل بن جبرين وتواب الدحاوي ورحمهم الله رحمة واسعة..)!.
هكذا ترون كيف يوضح هذا الفاجر الكاذب أن جنده القتلة المعتدون هم “المسلمين” وهم “الشهداء” أما أبناء الشعب المغدور بهم وأبناء مكة فهم “كفرة” وأنه هو “النبي” الذي جاء بالاسلام والايمان على يد كوكس وجون فيلبي، وأنه نهب كل ما عند الشعب وماله وما لديه من قوت…
نفس الطريقة التي اتبعها ويتبعها الصهاينة… ونفس الطريقة التي اتبعها أجداده بالاشتراك مع الافاق محمد بن عبد الوهاب الذي زعم أنه جاء بالدين هاديا، وقاتل الشعب في نجد والحجاز ليعيده “بعد كفره” كما يزعم إلى “الإسلام والايمان بالله! حيث كان الشعب يعبد الجبال والاشجار قبل خروج رسول الله! محمد الوهابي” كما يزعم كذبا وزورا…
فكانوا يتهمون أبناء الشعب في الحجاز بعبادة “منيف” وغير ذلك من آلهة التي أباحوا بموجبها دماء شعب لا عرب الجزيرة وحدهم بل كل العرب… ومن ذلك تهمتهم للنساء العوانس بأنهم يذهبن إلى “فحل النخل” ويدعونه بقولهم “يا فحل الفحول اريد زوجا قبل الحول” وهكذا يتخذ آل سعود من الكذب وسيلة لتقتيل المؤمنين المسلمين باسم الدين وهم افجر الفاجرين وأكفر الكافرين بروح الدين.
ولهذا فعلوا ما فعلوه من جرائم في العرب وشعب الجزيرة العربية… وارتكبوا ما ارتكبوه من موبقات وخساسات وفجور في الطائف وغيرها… ان ما فعلوه في الطائف لا يختلف أبدا عما فعله أبناء عمهم اليهود في فلسطين بل أخرى…
من المعروف أنه عندما تقوم أية فئة أو حكومة بانقلاب أو ثورة على أخرى فأول ما تقوم به هو الاستيلاء على مراكز الفئة أو الحكومة السابقة فقط، وقد تقوم الاخيرة بقتل حراس هذه المراكز من المُعادين، أما أن تقتل كل المواطنين الابرياء وتنهب حتّى أرزاقهم وتعتدي على أعراضهم فهذا لا يقدم عليه الا عدو لدود لا يحمل في جوفه مثقال ذرة من ايمان أو أخلاق أو شرف أو كرامة…
ولكن من أين تأتي الاخلاق والكرامة والشرف لسلالة بني صهيون… لقد استولوا على مراكز الشريف حسين، وانتهى كل شئ لهم، ولكنهم لم يكتفوا بهذا بل بعد هذا هجموا على المنازل واعتدوا على أعراض النساء أمام أزواجهن وقتلوا الازواج أمام نساءهم وطلبوا من النساء أن يجردن رجالهن القتلى من ثيابهن ويغسلن هذه الثياب من الدم ويسلمنا لهم، ليرتديها جنود ابن السعود وقد باعها بعضهم على بعض النساء اللائي عروهن من ثيابهن… وكان منظرا وقحا ومضحكا عندما هجموا على البيوت ونهبوا مصاغات النساء ولبسوا هذه المصاغات والخواتم والخلاخيل بأيديهم وارجلهم ورقابهم، ولم يكتفوا بهذا.
بل مع هذا استولوا على عدد كبير من المواطنين بحجة أنهم سبايا و”عبيد” فباعوهم في نجد، ثم سجنوا الآلاف من النساء والاطفال والرجال عراة في سجن جماعي تحت وهج الشمس بلا ماء ولا طعام ولم يفرجوا عنهم الا بعد مدة طويلة بكفالة شخص موثوق يثبت للسعوديين ان أهل مكة والطائف: أسلموا بعد كفرهم!..
وكانوا يذبحون الرجال ذبح النعاج ويضعون رقابهم في صهريج الماء “الحنفية” ليختلط الماء بالدم فيفتحون الحنفيات ليتوضؤوا بهذا الدم ويصلون!…
بعض أسماء الشهداء في الحجاز
وحتى يتضح أنه ليس لآل سعود وأتباعهم من هدف ديني صحيح أو اجتماعي أو اصلاحي، ولكي تتجلى صهيونية آل سعود نورد بعض أسماء الذين قتلوهم من رجال الدين المؤمنين وغيرهم من الشهداء: ـ
الشيخ عبد الله مرداد قاضي مكة المكرمة وعالمها الكبير وسنه (70 سنة)
الشيخ عبد الله الزواوي مفتي الشافعية بمكة
الشيخ يوسف زواوي شقيق المفتي
الشيخ عمر أحمد كمال من قضاة الحجاز وعلمائها الاعلام
الشيخ عبد القادر الشيبي وشقيقه سادن الحرم المكي
الشيخ علي صقر من علماء الحجاز الكبار
الشيخ عبد الله فريد من وجهاء مكة
الشيخ عبد الله عطار وشقيقه أحمد عطار
الشيخ عبد القادر بن إبراهيم رمل عمدة محلة الشامية بمكة
السيد شيخ… الخ.. ومثل السعوديون بستة شبان من اسرة قطب بمكة… كما مثلوا بطفلين وامرأة وثلاثة رجال من أسرة آل الطيب وشخصين من أسرة الشالي، والشيخ حسن مكاوي وقاضي الطائف الشيخ سليمان مراد، والشيخ عبد اللطيف السكوتي وسراج زمزمي، والشيخ عبد الرحمن قاضي جدة ـ وعثمان قاضي مدير البريد والبرق، وأبو حمامة وعبد الله محمد فريد…
هذه عينة فقط من أسماء الشهداء…
وفيما يلي عينة أخرى من أسماء الذين زج بهم صهاينة آل سعود في السجن واستشهدوا في سجنهم جميعا ـ ومنهم:
الشيخ حسين الدباغ ومسعود الدباغ والشريف حسن بن زيد والشيخ عبد الله بن النفيس.
وفيما يلي عينة أخرى من أسماء الآلاف الذين شردهم صهاينة آل سعود ومنهم العالم الكبير
الشيخ حبيب الله الشنقيطي ـ مات بمصر، والعالم زيدان الشنقيطي مات في اليمن
والعالم الشيخ خضر الشنقيطي وقاضي قضاة الحجاز ـ مات بالاردن ـ شيخ العلويين السيد أحمد سقاف ـ مات في جاوه ـ الطيار عبد الله المنديل ـ مات بمصر ـ الزعيم أحمد الداغستاني،
الشيخ محمد الشرقاوي.
الشيخ حسين صبيان من كبار ادباء الحجاز ـ مات بمصر ـ
الطيار حسن شيبه
والشيخ مرزوق قراره ـ مات بمصر ـ
الشيخ عبد العزيز يماني…
وغيرهم الكثير ممن شردوا إلى انحاء آسيا وافريقيا والذين لا تعرف أماكن لاقامتهم…
ولكي نؤكد أن آل سعود إلا صهاينة تلبسوا بلباس العروبة والدين.
نوضح هنا بعض اعمالهم الاجرامية ضد العروبة والدين وشعائر الدين، حينما دمروا أول إمكان نشأت فيها الدعوة الإنسانية ولم يتركوها حتّى ولو من باب وأنها آثارا عربية، ومنطلق كفاح خالد وملاجئ لمحمد حينما كان يطارده الاعداء ويكافح كفاح المؤمنين الصديقين الابطال لا نجاح رسالته مقسما ذلك القسم التاريخي العظيم عندما اشتدت عليه وطأة الظلم: (والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في شمالي لن أرجع عن هذه الدعوة حتّى تنجح أو اموت في سبيلها)
ولكن كيف يرجى من صهاينة آل سعود الذين أمروا جندهم المخدوع بهدم كل أثر من آثار تاريخ أجدادنا العظام ورسالتنا الخالدة… تصورا ماذا فعل هؤلاء السعوديون اليهود…
هدم الاماكن الخالدة والاسلامية والتاريخية
1 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه النبي العربي محمد بن عبد الله بشعب الهواشم بمكة.
2 ـ هدم آل سعود بيت السيدة خديجة بنت خويلد، زوجة النبي أول امرأة آمنت برسالته الإنسانية.
3 ـ هدم آل سعود بيت ابي بكر الصديق ويقع بمحلة المسفلة بمكة.
4 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولدت فيه فاطمة بنت محمد، وهو في زقاق الحجر بمكة.
5 ـ هدم آل سعود بيت حمزة بن عبد المطلب عم النبي وأول شهيد في الإسلام قال عنه النبي محبذا باستشهاده استشهاد كل من يحارب الطغيان: (أول شهيد في الإسلام حمزة وثاني شهيد من حارب حاكم ظالم وأمره ونهاه فقتله) ويقع بيته في المسفلة بمكة.
6 ـ هدم آل سعود بيت الارقم أول بيت تكونت فيه الخلايا الثورية المحمدية وكان يجتمع فيه الرسول سرا مع أصحابه حيث قامت الدعوة من هذا البيت، وفي هذا البيت تمت أول مقابلة تاريخية بعد عداء شرس بين محمد وعمر حينما أعلن عمر بن الخطاب في هذا البيت ايمانه برسالة محمد وانتصرت بذلك الثورة المحمدية انتصارها الاول، وصعقت الرأسمالية القرشية حينما خرج “بلال” ليؤذن بالثورة بأمر من عمر الذي قال له: “أذن يا بلال ان الدين جهرا”…
كما تمت في هذا البيت أول مقابلة لمحمد مع ـ الاشتراكي العظيم ـ خامس واحد في الإسلام ـ ابي ذر الغفاري ـ الذي شهد له النبي العربي محمد بقوله: “ما حملت الغبراء ولا أظّلت السماء ذو لهجة صادقة مثل ابي ذر الغفاري” ويقع هذا البيت بجوار الصفا بمكة… أما الآن فقد شيّد في مكانه قصر أعطى لتاجر الفتاوى السعودية الباطلة عبد الملك بن إبراهيم ليتاجر به وذريته ويفسدون…
7 ـ هدم آل سعود قبور الشهداء الواقعة في المعلى بأعلى صوته مكة وبعثروا رفاتهم .
8 ـ هدم آل سعود قبور الشهداء في بدر وكذلك هدموا مكان العريش “التاريخي” الذي نصب للنبي العربي القائد الاعظم وهو يشرف ويقود معركة الفقراء المسحوقين ضد اغنياء اليهود وقريش!…
9 ـ هدم آل سعود البيت الذي ولد فيه علي بن أبي طالب والحسن والحسين…
10 ـ سرق آل سعود الذهب الموجود في القبة الخضراء ووضعوه سيوفا وخناجر وأحزمة تربط في اسفلها أغطية ذهبية لفروج حريمهم، وقباقيب ذهبية وأحذية وخواتم وخلاخيل وأساور…
11 ـ دمر آل سعود بقيع الغرقد في المدينة المنورة حيث يرقد المهاجرون والانصار من صحابة محمد وبعثروا رفاتهم… ولقد هّم بنو القينقاع آل سعود بتدمير القبة التي تظلل وتضم جثمان صاحب الرسالة محمد بن عبد الله ونبشوا ضريحه، لكنهم توقفوا حينما وقف الشعب وبعض العلماء الصالحين من شعبنا ومن كافة البلاد الإسلامية.
وحدثت ضجة كبرى ضدهم… فارتدوا على أعقابهم خاسئين…
كل ذلك بقصد أن لا يبقى أثر واحد من آثار اولئك المؤمنين الابطال أجدادنا الذين سحقوا أجدادهم بني القينقاع وبني النضير وقريضة وأمثالهم من اليهود ومن معهم ممن حاربوا رسالة محمد بالمال وشراء أشباه الرجال…
ولقد أراد آل سعود بذلك أن لا يبقى ايّ ذكر لتاريخنا، وأن لا يبقى للعرب من تاريخهم إلا الاسم السعودي المزيف المهين…
ولكن ما فعلوه من خراب قد عكس وكشف ما قصدوه من ازالة للتاريخ العربي وابطاله واثبت انهم من اليهود الحاقدين على شعبنا مهما وضعوا لانفسهم من “اشجار عائلية” تزعم انهم من أصل النبي محمد!…
بل ان تزويرهم لمثل هذه “الاشجار” العائلية يتمثل به قول الشاعر:
(كاد المريب أن يقول خذوني)…
أي ان هذا التزييف نفسه يكشف انهم من أصل يهودي، وإلا ما معنى وضع هذه الشجرة العائلية السعودية؟… ان الشعور بالجريمة، ومعرفتهم لاصلهم الحاقد هو الذي جعلهم يدفعون 35 الف جنيه مصري للمؤرخ ـ مزيف الاشجار ـ محمد التميمي ليزور هذه الشجرة…
انّه ما من أحد من الناس الشرفاء وغير الشرفاء يهمه أن يعرف عن أصله أكثر من أربعة إلى اربعة عشر من أجداده!.
مهما كان أصله وفصله… بل ان النبي العربي لم يحسب له من الاجداد مثل هذا العدد الهائل الذي لفقه آل سعود، ولم يفاخر بحسبه ونسبه وانما كان يزجر كل من يفاخر بهذه الاحساب والانساب فيقول: (ان من يفاخرون بانسباهم ليسوا منا بل هم أحقر عندنا من رائحة الجعلان) ولم يتمكن الحسّابون ان يحسبوا لمحمد بن عبد الله اكثر من(21) جدا…
فكيف استطاع المزور محمد أمين التميمي أن يحسب أكثر من (470 جدا) لهذه العائلة السعودية و(470 جدا) للعائلة الوهابية ويجعل العائلة الوهابية والعائلة السعودية متقاربة الاصول مع بعضها ومرتبطتين بنسب النبي محمد!…
فينسب العائلة السعودية اليهودية إلى (نزار) الجد الثامن عشر للنبي محمد بن عبد الله، وينسب لعائلة محمد بن عبد الله، وينسب العائلة الوهابية الواردة من تركيا إلى (الياس) الجد السابع عشر إلا بجّدين اثنين فقط!..
لكيلا يبتعد بهاتين الاسرتين بعيدا عن اصول النبي محمد!… ولم يكن هذا المزور وحده، فقد زور قبله وبعده آخرون، لكنه هو واضع الشجرة التي وصل بها اسم “مرد خاي” الذي اطلق عليه اسم (مرخان بن إبراهيم ابن موسى اليهودي) فوصله بأسماء كثيرة لا علاقة لآل سعود بها، منها: ربيعة، ومانع، والمسيب، والمقلد، وبدران، ومالك، وسالم، وغسان، وربيعة، والحارث، وسعد، وهمام، ومرة، وذهل، وثعلبة، وعكاية، وصعب وبكر، ووائل…
(ووائل هذا هو الذي يدّعي المزورون أنه يجمع آل سعود بقبيلة عنزة)…
ثم بعد ذلك: قاسط، وهنب، ودعمي، وجديلة، واسد وربيعة، ثم (نزار) الجد الثامن عشر للنبي محمد ! وحفيد عدنان.. وهكذا سلكت العائلة الوهابية نفس المسلك في الشجرة السعودية المزورة إذ قال المزّور نفسه (انها تلتقي مع آل سعود في نسب النبي محمد من خلال جد النبي السادس عشر المزعوم: (الياس بن مضر بن نزار) بل ان العائلة الوهابية قد سبقت آل سعود بجدين اثنين نحو النبي محمد! حسبما جاء بالتاريخ المزيف…
ولنترك الاثباتات والدلائل قليلا لنسأل القارئ الكريم عن اسم: “مردخاي” أو “مرخان” لا فرق، … أليس هو اسم يهودي؟ هل سمع بتاريخ الاسماء العربية كلها باسم كهذا؟…
ثم يليه اسم: جدة إبراهيم وموشى… واسم (مرخان ـ مرد خاي) قد فات على من زورا شجرة آل سعود حذف ـ اسم مرد خاي ـ من الشجرة؟..
ثم دع الاسماء جانبا وانظر إلى وجوههم وانوفهم… اليست هي وجوه اليهود وانوفهم؟… وان كنت لست من ذوي الخبرة في وجوه وانوف اليهود فتتبع أفعالهم… تتبع أعمال آل سعود الاجرامية وتسببهم بقتل/ 16000 / مصري في اليمن وقتل أكثر من/150000/ من أبناء اليمن منذ قيام الثورة اليمانية….
واستعانتهم بجنود الصهاينة اليهود في المخابرات الامريكية إلى بلادنا وتعاونهم مع إسرائيل بالتعاون مع أمريكا لقتل شعب اليمن ومرور جنود اليهود الذين ارسلتهم لتدريب المتسللين في الجزيرة العربية إلى اليمن عام 1962، وقد القي القبض على اثنين منهم بعد قيام الثورة اليمانية واعترفا بذلك… اعترافاً كاملاً، وقال: (انهما يعملان في الجيش الاسرائيلي وأنهما أرسلا ضمن مجموعة من اليهود اليمانيين الذين هاجروا إلى “إسرائيل” في عهد الامام أحمد وتدربوا في الجيش الاسرائيلي..
وأرسلوا بمهمة ـ كخبراء ـ لدخول اليمن تحت اشراف المخابرات الامريكية في “السعودية”.
والمعروف أن العرش السعودي جمع نحو ستة الاف مرتزق من بعض القبائل السورية والاردنية والسعودية بإشراف المخابرات الامريكية يقودهم ضباط من اليهود المذكورين الذين كانوا من أصل يماني لمعرفتهم بالارض اليمانية بالاشتراك مع ضباط من جيش العرش السعودي والملكي الاردني…. لكمنهم ما أن وصولا إلى حرض ـ بغية احتلال اليمن ـ حتّى طوقتهم القوات العربية المصرية واليمنية وأمطرتهم الطائرات العربية المصرية برصاص الرحمة فابيدوا إلا قليلا منهم…
هذه أمثلة قليلة تثبت “أصالة” آل سعود… ثم انظروا أيها الناس إلى ما ترتكبه العائلة السعودية نفسها بنفسها جنسيا بقربى ولا إلى أية رابطة عائلية كريمة… ان بعضهم يلوط بعضا … ان الاخ يزني باخته والابن يزني بزوجة والده أو امه أو بنت خالته أو خاله .. ويقدم مالا يعرفه تاريخ العرب، وهو ما يعرفه شعبنا عن آل سعود وعاداتهم اليهودية ودعارتهم وتصرفاتهم اللا أخلاقية والتي لا يمكن لعربي يفاخر بأنسابه أن يرتكبها… انهم لا يعملون ذلك إلا ليدمروا سمعة العرب خارج البلاد العربية وداخلها، انهم يفعلون ذلك لاذلال العرب… بحجة انهم قادة العرب… فيبيعوا الإسلام لأمريكا والصهاينة: بحجة أنهم وكلاء لله وحماة الحرمين… ليسخر العالم بالعروبة ما دامت هكذا، وتنفر البشرية من اسلام كهذا… وهذا ما يريده يهود آل سعود…
مكتبات من أثمن المكتبات في العالم
أحرقتها الهمجية السعودية بمكة والمدينة
وحالما دخل جند الاحتلال السعودي مكة شاهرين السيوف والبنادق، اتجهوا لتدمير كل ما هو ورق… وكل ما هو كتب، وكل ما هو وثائق وصور، وكل ما هو تاريخي… من ذلك على سبيل المثل ما ارتكبوه “بالمكتبة العربية” التاريخية ـ العلمية التي احرقوها، وهي التي تعد من أثمن المكتبات في العالم قيمة تاريخية، إذ لا تقدّر بالمال أبدا، ولا بمليارات العملات أيضاً.. لقد كان بهذه المكتبة (60.000) من الكتب ـ النادرة الوجود ـ الجامعة لمختلف المناهل العلمية والتاريخية… وفيها (40.000) مخطوطة نادرة الوجود من مخطوطات “جاهلية” خطت كمعاهدات بين طغاة قريش واليهود.
تكشف الغدر اليهودي وعدم ارتباط اليهود بالدين والوطن من قديم الزمان وتكشف مؤمرات اليهود على ـ محمد ـ وفيها وثائق خطت قبل الثورة المحمدية بمئات السنين وفيها ما أعطى فكرة ممتازة عن تلك الحضارات العربية القديمة… وفي هذه المكتبة وغيرها من مكتبات المدينة بعض المخطوطات المحمدية التي كتبت بخط النبي محمد في أيام كفاحه السري، وهناك ما هو بخط علي بن أبي طالب وأبي بكر وعمر وخالد بن الوليد وطارق بن زياد وعدد من الصحابة، ومن هذه المخطوطات ما يسجل العديد من الخطط الحربية التي أرسلها خالد بن الوليد لعمر بن الخطاب والتي أرسلها ـ عمر ـ لخالد والتي يظهر بعضها بعض الخلاف الاجتهادي في وجهات النظر…
ومن تلك المخطوطات ما هو مخطوط على جلود الغزلان، وعلى فرش من الحجارة وألوح من عظام فخوذ الابل وغيرها من الوسائل القابلة للكتابة كالالواح الخشبية والفخارية والطين المصهور بالافران… والمكتبة العربية التاريخية في مكة بالاضافة إلى كونها مكتبة نادرة فهي متحف ـ أيضاً ـ يحتوي على مجموعة من آثار ما قبل الإسلام وبعده، وأنواع من أسلحة النبي محمد وفيها آخر الاصنام المعبودة التي حطمتها الثورة المحمدية، مثل: اللات، والعزى، ومناة، وهبل…
وغيرها… ويحدثنا أحد المشايخ المؤرخين المعاصرين “ونمتنع عن ذكر اسمه خشية عليه من جهنم آل سعود” فيقول (كنت أزور هذه المكتبة مع والدي قبل الاحتلال السعودي وكان يرودها العديد من الدارسين، فتقدم بعضهم بشكوى إلى الحسين بن علي يطلبون منه “احراق بعض المخطوطات النادرة لأن فيها كفريات”.
فقال لهم الحسين: “انني معكم قد لا اؤيد هذه “الكفريات” وبعض هذه المخطوطات إنّما ليس من حقي أو حقكم أو حق أي كائن من البشر احراق التاريخ”!… وقال: ان في هذه المكتبة وثائق تكشف أصل آل سعود بأنهم من اليهود الذين أسلموا، وان فيها مخطوطات بأقلام مجموعة من الصحابة ومنهم عبد الله بن مسعود سجلوا فيها عداً من الايات القرآنية الكريمة التي دار الصراع عليها، وقال التجار انها “منسوخة” وقال الفقراء في اللجنة أنها غير “منسوخة” من القرآن الكريم، وفي تلك المخطوطات اتهام واضح لعثمان بن عفان في محاولاته حذف آيات من القرآن الكريم ويرى عدم تسجيلها في المصحف الذي شكلت لجنة لتحقيقه الذي أمر بجمعه ـ في عهده ـ من افواه وصدور الرواة من حفظة القرآن ومن السجلات الجلدية وغيرها وقال المؤرخ: ان من هذه الايات التي رأى عثمان عدم اثباتها في القرآن واعتبارها آيات منسوخه تلك الايات التي تقطع في اعطاء الفقراء حقوقهم ودعوتهم للقتال من أجلها، وكذلك مساواة النساء بالرجال ومساواة الناس اجمعين ودعوة المغلوبين على أمرهم لأخذ حقوقهم والشر والسراء والضراء، وان ملكية الاشياء والارض مشاعة وان الملوك بغاة….
إلى غير ذلك… وقال: ان بعض من هذه المخطوطات كانت بخط الصحابي الجليل عبد الله بن سعود، وهو من أوائل الذين رافقوا النبي محمد ومن المسؤولين عن “لجنة” أو جماعة الاشراف التي تشكلت في عهد عثمان لجمع القرآن في كتاب موحد، وكان ابن مسعود ممن يعربون عن رأي محمد وعلي والكادحين لكونه من رعاة الاغنام فشهر ابن مسعود سيفه بوجه “يمين” اللجنة وبحضور عثمان وقال ما معناه: والله لا أعيدن سيفي إلى غمده حتّى تعيدون للقرآن أية ـ الكنز التي تأمر بحرق أصحاب الاموال بالنار….
(والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرّهم بعذاب اليم يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم.
هذا ما كنزتم لانفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون)…
مقارنة بين تحالف الشريف حسين وعمالة آل سعود للإنكليز
كل من يتتبع مواقف الانكليز المفضوحة ودعمهم المطلق لمطيتهم “عبد العزيز” واهمالهم “لحليفهم” الأول الشريف حسين، يدرك أنه لو وجدت المخابرات الانكليزية سبيلاً لتمرير مشاريعها عن طريق الملك حسين في تقسيم الوطن العربي واعطاء فلسطين للهيود، لما اهملت الحسين واستعملت ابن السعود….
اليس بامكان الحسين ان يكون ـ كبعض ذريته ـ عميلا طول حياته للانكليز؟… اليس للشريف حسين من الدعاية آنذاك في البلاد العربية والاسلامية ما يفوق سواه وما يجعله يسير بالطريق الانكليزي المبسّط المبلط بالذهب والمذهب والدين والعتاد والذي لا يكلف الانكليز ـ ربع ما أنفقوه ـ على “عبد العزيز” من مبالغ هائلة طائلة بلطوا بها طريقه الوعرة الجديدة؟…
حتّى أعادوه فيها البلاد عام /1901/ وهو المنبوذ منها؟
لقد قام الانكليز باشهار “عبد العزيز بن السعود” يوم أن كان لا شهرة له ولا تاريخ ولا أمارة ولا سلطة ولا مشيخة ودربوه يوم أن كان عمره 25 سنة وكان يلجأ للكويت مع والده…
وخلقه الانكليز من لا شئ إلى ملك اسمه “عبد العزيز” وسموا بلادنا بإسم عائلته “السعودية” لاول مرة في التاريخ وما قبل التاريخ، حيث لم يسبق لجزيرة العرب طيلة وجودها في الكوكب الارضي أن سميت بمثل هذا الاسم السعودي النجس…
ولكثرة المعلومات عن جرائم هذا العميل وذريته تدفعنا المعلومات في كل مناسبة لإعطاء لمحة عنه وعما فعله الانكليز “بسلطان الانكليز” عبد العزيز ـ خاصة ـ بعد مجزرة الطائف:
خالد بن لؤي وعمالته لآل سعود
رأى آل سعود ـ أن يبروا بوعدهم ـ إلى حين ـ لمن قادهم إلى ـ مسقط رأسه الحجاز، وكان اسمه “الشريف” خالد بن لؤي، فنصبوه حاكما لمكة “المكرمة” بعد تلك المجزرة ـ مجزرة الطائف…
ثم وضعوا إلى جانبه ثلاثة من أعضاء (مجلس الربع) هم جون فيلبي وحافظ وهبة وعبد الله الدملوجي، وزعموا له أن هؤلاء من “مستشاريه”… فسّر الجاهل بما جرى…
لكنه سرعان ما أكلته خيانته، ولم يدم سروره… حينما سرّح سراحا ذليلا.. لأنه أصبح (كويفر) بعد استعماله… أي أنه دخل في حساب “الكفّار” بعد ان صحا ضميره الميت على هول ما جرى ويجري من مذابح وانتهاكات يستيقظ لفظاعتها وجورها ضمير الحيوان الصامت البليد…
ولم يكن للشرف علاقة بصحوة ضمير “الشريف” خالد بن لؤي، بل للصحوة علاقة بازاحته عن منصبه الذي ظن أنه سيبقى به خليفة للحسين كأمير على “الحجاز” على الاقل….
شهادة من رئيس المخابرات السعودية تدين العمالة السعودية
انها شهادة من سعيد الكردي الرئيس الاسبق للمخابرات السعودية في عهد سعود أدلى بها في لحظة ألم داخلي لهول ما عرفه عن جرائم آل سعود في الحجاز وغير الحجاز حينما استشاره الوزير الاسبق للدفاع السعودي الامير مشعل بن عبد العزيز في مجلسه في جده ـ اثناء الحديث عن الحجاز ـ وقال مشعل: (ليس لأحد من هذا الشعب علينا منة ولا معروف.
لقد أخذناكم ـ يا لحجازيين ـ بالسيف مثلما أخذنا نجد وغيرها)…
حينما استشاط سعيد كردي بسخرية وهو يبتسم: (لا يا طويل العمر!… لقد كنت انا من قادة جنود الشريف حسين بن علي الذين حاربوكم في الطائف، وكنت من قادة جيش الشريف علي بن الحسين الذين حاربوكم في الرغامة في جدة.
وانا الآن رئيس استخباراتكم ولدي من المعلومات سابقا وحاليا الشئ الكثير… والله لو اعتمدتم على جمالكم وسيوفكم العتيقة لما دخلتم الحجاز وحكمتموه لحظة واحدة، ولكنها مدافع الأنكليز وبواخرهم واسلحتهم الهائلة وارادتهم المصرة على تسليمكم عرش الحجاز بعد ان رفض الحسين مطلب الانكليز بتقسيم الوطن العربي إلى دويلات ورفض اعطاء فلسطين لليهود ووافق والدكم على ما رفضه الحسين، هذا هو السبب الأول، والسبب الثاني هو أن الانكليز استطاعوا اغراء “الشريف” خالد بن لؤي ضد ابناء عمه الحسين وأولاده فقادكم ابن لؤي إلى بلاده، وأما أنا، فانظر ـ يا سمو الامير ـ إلى اسناني: انها كاسنان بقية الجنود التي تساقطت من حصار الجوع والعطش الذي فرضته البوارج الحربية الانكليزية على الحجاز لصالح والدكم، فمنعت قوات الانكليز عنا وعن المواطنين الطعام الوارد من البحر ومنعوا الماء في الوقت الذي نرى جنود والدكم في مخيم الرغامة وغيره يكّدسون فضلات الطعام ويسكبون المياه في الصحراء ونحن بحاجة إلى ما يسد الرمق، أما الاسلحة التي تفرغها البوارج الانكليزية للجند السعودي فاننا نراها مكدسة كالتلال، ونحن لا سلاح يذكر لدينا… ولا ذخيرة من الانكليز… هذه هي السيوف الحقيقية التي أخذتم بها الحجاز وغيره ـ يا طويل العمر ـ ولا تحرجني أن أقول أكثر من هذا!!.
لا تحرجني أن أقول أنكم لم تجرأوا على مزايدة الحسين بالدين، في الوقت الذي أطلقتم على ابن الرشيد أنه كافر بالدين واتهمتم أهل نجد وعسير واليمن والاحساء والجوف بالكفر؟)…
فعض الامير مشعل على شفته… وحيث لم يجد الجواب، قال: (ظنيناك كردي و”آثاريك”
عربي وظنيناك صديق لنا وآثاريك ـ عدو ـ قديم ـ يا رئيس استخباراتنا)!..
فقال الكردي: (الإسلام جمع الناس على حق)!…
وكان فيصل وآل فهد قد نسقوا خططهم للتخلص من الخصوم… الذين يقفون إلى جانب الملك سعود وغيره، ولان سعيد الكردي كان رئيس المخابرات في عهد سعود وكانوا يعملون للتخلص من سعود نفسه فقد تخلصوا من اعوان سعود ومنهم سعيد الكردي بان دسوا له السم الذي اشتهر ال سعود باتقان وضعه للخصوم…
ومما يُشهد به لسعيد الكردي أنه كان يتستر على العناصر الوطنية بل كان يذهب لمن ترد بحقه معلومات تقول: انّه يتكلم أو يعمل ضد الاحتلال السعودي.
فيحذّره من مغبة أعماله وينصحه!… وحينما يجد سعيد الكردي من يلتقي بهم كان يتكلم ضد الوضع السعودي… وكان يقول: (لقد قاومنا الحصار السعودي لجدة لاحبا في الشريف حسين وأولاده ولكن لأن أمالنا بالشريف حسين وطموحاته كانت كبيرة ولقد شارك معنا مجموعات من اهل حائل واهل الرس في نجد وكذلك مجموعات من الفلسطينيين والسوريين امثال زيد الاضرس وغيره، على أساس أن الحسين هو قائد الثورة العربية الوحدوية الموعودة وأثناء الحصار أخذ الانكليز يتصلون بجدة من الداخل لتقوية “العملاء السعوديين في جدة” ممن أصبح يطلق عليهم أبناء الحجاز “عملاء الوهابية”…. وأخذ عبد العزيز يقيم في بيوتهم كلما جاء إلى الحجاز إلى ما قبل موته…
ومن ضمنهم “محمد نصيف” وبهذه الطريقة وغيرها تم الاستيلاء على “جدة” في يوم السبت 3 جمادي الثانية 1344 هـ 20 ديسمبر 1925 ويقول:
(وبعد مجزرة الطائف، خلع الانكليز على “عبد العزيز” لقب “امام المسلمين” نكاية بالملك حسين الذي لقب نفسه “ملك المسلمين”: وكان عبد العزيز إلى ما قبل احتلاله للحجاز يحارب الملك حسين “لأنه كافر”: وان من أسباب كفره “أنه أطلق على نفسه لقب…
الملك… وملك المسلمين أيضا.. وليس للمسلمين ملوكا)… وهكذا يحرم ـ ابن السعود ـ على غيره ما يبيحه لنفسه… وقد نكث عبد العزيز كافة عهوده التي قطعها على نفسه لحجاج المسلمين الذين وفدوا للحج أثناء محاصرته وأسياده الانكليز لمدينة جدة وزعم “أنه ما جاء إلا ليحارب الملكية الباطلة في القرآن وأنه سيدعو كافة المسلمين لعقد مؤتمر في مكة ينتخب فيه المسلمون حكومة للحجاز ينتخبون من يريدون حاكما لهم”…. ولكنه كذب… واعلن نفسه ملكا بمجرد أن ولاه الانكليز على جدة والمدينة… مما أثار الرأي العام العالمي وأغضب المسلمين عامة). الخ.
وهذا ما توضحه رسالة بعث بها المستشار السعودي الخاص حافظ وهبه (عضو مجلس الربع) واكبر مستشاري عبد العزيز بن جون فيلبي، بعد أن ذهب حافظ وهبة إلى مصر محاولا خداع الشعب العربي في مصر بعد أن عجز عن خداعه فيلبي وأمين الريحاني وزعموا “ان عبد العزيز ـ يرفض الملكية وانه ـ امام الصالحين فقط”، وكان الرأي العام في مصر قد أغضبته تصرفات عبد العزيز وجرائمه واعلانه نفسه ملكا على الحجاز…
وهذا هو نص رسالة حافظ وهبة التي لم يخف فيها شدة غضب الرأي العام على الملك الدجال عبد العزيز الذي استاء حتّى حافظ وهبة من اعلان عبد العزيز نفسه ملكا وأوضح ذلك في الرسالة التي بعثها له من القاهرة وفسرها حافظ وهبة: ـ ولم يلقبه ـ بالملك ـ فيها:
المستشار السعودي الخاص يؤنب عبد العزيز آل سعود لاعلانه لنفسه ملكا على الحجاز
(من حافظ وهبة إلى صاحب الشوكة والعظمة الامام عبد العزيز بن عبد الرحمن: أفيدكم بأن روتر قد نشر اليوم تلغرافا بأنكم ناديتم بأنفسكم ملكا على الحجاز فان كان هذا الامر صحيحا فقد غشكم من أشار عليكم بذلك لان هذه المسألة أثارت الرأي العام في الخارج ضدكم، هذا من جهة، ومن جهة أخرى أنه لا ينطبق مع العهود التي قطعتموها على أنفسكم امام العالم الإسلامي في تشكيل حكومة الحجاز ولو تريثتم لحين انعقاد المؤتمر الإسلامي وتقرير مصير البلاد لكان خيرا وأبقى، والنتيجة كانت لكم في النهاية، ويظهر أن هنالك يدا أثيمة حسنت في نظركم هذا الامر حتّى تقضي على فكرة المؤتمر الإسلامي وتقضي في الوقت نفسه على سمعتكم… 21 يناير 1926) .
مذابح الاحتلال السعودي في الحجاز يرويها عبد العزيز آل سعود
ورد في الجزء الثاني من كتاب (صقر الجزيرة “عبد العزيز آل سعود”) الذي أنفق عبد العزيز المال لطبعه بعد إملاء “الصقر نفسه” ـ عبد العزيز ـ المستوي على عرشه ـ ذلك على العميل السعودي الذي أخذ كل ما يمليه عليه ـ لمدة سنة كاملة حتّى سجل العطار فيها من فم الطاغية الجزار كل هذه الجرائم التي كان الطاغية يفاخر بها فيصوغها العطار بأسلوبه بالحروف التالية:
قال “العطار” عن “عبد العزيز”: ـ (اهل هلال المحرم من سنة 1343 وأخذ حجاج بيت الله الحرام يغادرون الحجاز إلى اوطانهم وفي العاشر منه خلا الحجاز من الوافدين جميعا فحان الوقت الموعود للغزو السعودي واجتمعت الجيوش بالرياض واستعدت له أكمل استعداد، كما أن جيشا آخر سعوديا تجمع “بتربة” تحفزا للوثوب وقبيل أن ينتصف محرم تلقى خالد بن لؤي
ـ وكان بتربة ـ امر الغزو وخطته من الرياض، فبارحها ومعه ستة عشر لواء على كل لواء أمير.
وهذه هي الالوية الستة عشر مع أسماء أمرائها:
1 ـ لواء الغطغط وعدده (5000) مع أميرهم سلطان بن بجاد “وجعله ابن سعود القائد العام للقوات الزاحفة لاحتلال الحجاز”.
2 ـ لواء أهل تربة والخرمة وعدده (4000) وأميرهم خالد بن منصور ابن لؤي، وعينه ابن سعود اميرا على الحملة كلها ووكل إليه النظر في المصالح العامة في البلاد التي يحتلها الجيش السعودي” فانخدع ابن لؤي بهذا المنصب الوهمي الذي ما لبث أن سحبه منه ابن السعود أيضاً”…
3 ـ لواء أهل ساجر وعدده (1000) بيد اميرهم عقاب بن يحيى.
4 ـ لواء أهل عرو وعدده (3500) ومع رئيسهم جهجاه بن حميد.
5 ـ لواء أهل عسيلة وعدده (1000) وأميرهم نافل بن طويق.
6 ـ لواء أهل هجرة الارطاوية وعدده (3000) مع زعيمها قعدان بن درويش.
7 ـ لواء أهل العمار وعدده (1500) مع عبد المحسن بن حسين.
8 ـ لواء سكان رنية وعدده (1000) مع قائدهم وشيخهم فيحان بن صامل.
9 ـ لواء أهل المدينة وعدده (1000) وأميرهم عبد الله بن معمر.
10 ـ لواء أهل عرجا وعدده (1000) وأميرهم ذعار بن الزميع.
11 ـ لواء الرين العليا وعدده (1500) بيد حزام بن عمر.
12 ـ لواء الرين السفلى وعدده (1500) بيد هذال بن سعيدان.
13 ـ لواء أهل النصيف وعدده (1000) وأميرهم معيض بن عبود.
14 ـ لواء أهل صبحا وعدده (1000) وأميرهم حزام الحميداني.
15 ـ لواء أهل حلبان وعدده (1000) وأميرهم ماجد بن حميد.
16 ـ لواء أهل الروضة وعدده (2000) وأميرهم هذال بن فهد .
ويتابع أحمد العطار روايته عن “عبد العزيز آل سعود”، فيقول:
(واجتاز هذا الجيش حدود الحجاز واحتل أول ما احتل قلعة كلاخ ثم احتل الاخيضر، فانضم إليه بعض “الشرفاء” من بني الحارث ورجال من ثقيف، وأخذوا يحتلون القرى ويقاتلون القبائل التي تمتشق الحسام للدفاع حتّى أشرفت على الحوية صباح السبت الموافق غرة صفر سنة 1343 هـ ـ 1 سبتمبر سنة 1924م).
ويتابع “العطار السعودي” فيقول:
(وما كان أحد بمكة أو بالطائف يعلم بأمر هذا الغزو المباغت بل لم تعلم به الحكومة الهاشمية الا حينما دخل الجيش السعودي الحوية فأصدر صبري باشا وزير حربية الشريف حسين أمره بالدفاع، فخرج من حامية الطائف أربعمائة جندي نظامي كامل العدة ومعهم المدافع الجبلية الضخمة والمدافع الرشاشة واتجهوا إلى الحوية لرد الـ “40.000″ الغزاة الذين اشتهروا باسم “الاخوان” وكان بين الفريقين معركة حامية الوطيس أمطر فيها الجيش الهاشمي خصمه قنابلاً ورصاصا كالمطر سبع ساعات ـ ولكن ماذا يفعل الرصاص بآلاف الاخوان ـ الذين شدوا عزائمهم ووحدوا صفوفهم وانقضوا انقضاض الوحوش على الجيش الهاشمي البالغ 400 جندي فقط فقابلهم بهجوم مضاد عنيف وضغطت المدفعية السريعة على جناحيهم ضغطا شديدا وزحزحتهم عن الاماكن التي تقدموا إليها وأعطت افرصة الكافية للجنود للتقهقر إلى الوراء تدريجيا والانسحاب من ميدان الحوية بانتظام في موضع أحسن ملاءمة من الموضع الحالي “وكان الخبراء الانكليز بقيادة جون فيلبي وراء هذه الخطط العسكرية النظامية التي لا يعرفها البدو”…
ومرة ثانية، زحف ابن بجاد وخالد بن لؤي بجيشهما فأصلتهم المدافع نارا حامية، وارهقهم البدو المنتسب للحسين الهاشمي فلم يستطيعوا التقدم ودامت المعركة ثلاثة أيام بلياليها ابتداء من يوم الاثنين 3 صفر حتّى عصر الاربعاء 5 صفر وكان النصر يحالف الجيش الهاشمي لولا أن البدو الذين كانوا معه في الصفوف الامامية خانوا وانضموا إلى “الاخوان” حتّى اضطر الجيش النظامي للحسين المدافع إلى التقهقر بالتدريج.
في حين أن الاخوان أخذوا يتقدمون قليلا قليلا ويحتلون الهضاب والتلول التي يخليها العدو الهاشمي المتقهقر الذي وقف عند أسوار الطائف يدافع باستبسال وحماسة واستماتة.
وسمع الملك الحسين بخيانة البدو ـ التابعين له ـ وتراجع جيشه ـ المكون من 400 ـ أمام 40000 ـ فأرسل ابنه عليا بجيش من الخيالة والهجانة قوامه ـ 200 ـ وأمره أن يسلك طريق كرا، وبعث جيشا آخراً ولكن قوامه ـ 200 ـ من طريق السيل ليلتقي طرفا الكماشة ويستطيع الهاشميون تطويق أعدائهم، والملتقى بعد الطائف.
ودوى أزيز الرصاص والقنابل في ضواحي المصيف الوديع الهادي.
وأثار الفضاء فانتشر الذعر والهلع بين السكان المدنيين ففر من استطاع تاركا كل ما معه ناجيا بروحه، وبقي من بقي يفتك فيه الخوف والقلق فتكا، وخبأ الاغنياء الذهب والاحجار الكريمة وأغلقوا الابواب وحصنوها من الداخل بأحجار كبيرة ليستعصى فتحها إذا ما احتل الغزاة المدينة.
غير أن دخول الامير علي الطائف ليلة الجمعة 7 صفر هدأ القلوب بعض التهدئة الا أن مغادرته اياها فجرا ليعسكر في الهدى أيأسها وملأها رعبا.
أما الجيش الذي غادر مكة وسلك طريق السيل فلم يصل بعد.
فتقهقر الجيش النظامي من أمكنته حتّى دخل البلدة صباح الجمعة بعد أن كبد الاخوان خسائر، وحوصرت الطائف من ثلاث جهات ولم يستطع الاخوان احكام نطاق الحصار من الجهة الرابعة لوجود مدفعية قوية تذود من يأتي منها، بل ركزوا كل المدافع من ناحية الغرب ليكون الجيش على اتصال بالهدى فمكة وليكون له منفذ واحد على الاقل ان أراد النجاة.
وتوافدت الاعراب إلى جيش “الشريف” خالد بن لؤي (السعودي) والتحقوا حتّى امتلأت البطاح، بطاح الطائف وسهوله وضواحيه ـ وبذلك وصل الجيش السعودي إلى أكثر من /50000/ وروع البلد الجميل بالقذائف المتفجرة فتداعت البيوت القديمة وتطاير فوق جوه الحالم البديع الرصاص كشرر جهنم.
وعلا صراخ الاطفال وعويل النساء وبكاء الرجال خوفا على أفلاذ الاكباد وعلى الارواح، فهم لم يشهدوا الحرب من قبل وهم الآن سيشهدونها بل بدأوا يشهدون فصولها المتوحشة البدائية وأيد ما يرون ما سمعوا من قبل من أن الحرب عمياء جارمة جائرة تساوي برئ الذيل بالمجرم فيا ويل المدنيين منها ومن لظاها!…
انهم ينظرون من الثقوب فيرون الاخوان الوحوش والاعراب يملؤون البطاح ويطوفون بالسور والسيوف تتدلى كأنها تهتز من طرب بما تحتسي من دماء هي رحيقها الذي فنيت في طلابه.
وفي أيديهم البنادق يجثم الموت على أفواهها وكأنه من سبغه جاث على ركبه فاغر فاه ينتظر الطعام… وما طعامه الا أجساد أبناء آدم الاشقياء!. التعساء!. الابرياء!.
لهم الله!. لهم الله!.
قد تخلى عنهم النصير ولكن لم يتخل الله عنهم! فهو ناصرهم ومجيرهم!.
فهذا أمير الطائف الشريف شرف بن راجح، وهذا وزير الحربية صبري باشا، وهؤلاء الجنود وهؤلاء “الشرفاء” والموظفون وأسرهم يغادرون الطائف قبيل مغرب يوم الجمعة تحت حماية المدفعية التي أخلت لهم السبيل وأبعدت عنهم الاعداء ويسلكون الطريق إلى الهدى زاعمين أنهم يريدون الانضمام إلى الامير علي هناك وتعزيز مراكزهم الدفاعية.
ولكن لماذا اصطحبوا أسرهم ان كان القصد الدفاع وحده والانضمام إلى جيش الهدى!.
لقد أخلوا البلدة وتركوا الاهلين بها بحجة “أنهم لا يريدون تعريضها للدمار فبعدوا عنها حتّى يكروا عليها وينقذوها من يد الغزاة” ولكنهم جهلوا أو تجاهلوا أنهم عرضوا الناس للنوى والقتل.
خلت المدينة فلا تسمع الا همسا وتدفق الغزاة إلى الداخل كما تدفق الاعراب الطفيليون معهم وهم يهتفون هتافات عالية قوية يشقها أزيز الرصاص المنطلق من البنادق والرشاشات في الفضاء.
وزرعوا الشوارع والاسواق وقتلوا كل من وجدوه بها واحتلوا المراكز الحكومية والابراج والقلعة ونهبوا ما بها.
وكان في البلدة كثير من قبائل الطويرق وعتيبة والبقوم والنمور المتخلفون عن الجيش الهاشمي قد انضموا إلى المهاجمين المحتلين واختلط القاتل بالفاجر، وانتهز الذؤبان الادميون الضراة فرصة فقدان السلطة من البلدة وانتشار الاضطراب فيها فراحوا يقضون الليل في السلب والنهب والقتل وهتك الاعراض بلا رادع من دين أو ضمير أو سلطان وهاجموا البيوت وحطموا الابواب ودخلوا على الابرياء ومزقوهم بالسيوف وأطلقوا عليهم الرصاص، واستلبوا كل ما وجدوا من غال ورخيص)…
ويتابع ـ العطار السعودي ـ صياغته لاعترافات عبد العزيز آل سعود، فيقول: (وقد وجد البدو ممن لهم ثارات عند الاهلين فرصة نادرة للانتقام فزحفوا إلى بيوتهم واقتحموها عليهم وقتلوهم شر قتلة تشفيا منهم، وهتكوا أعراضهم، وبعد أن ذبحوهم وضعوا رقابهم في حنفيات الماء والصهاريج فشربوا من دمهم وتوضأوا بالماء الملوث بالدماء البريئة وصلوا!…
ولم يكلفوا أنفسهم عناء استلام الاساور الذهبية من أيدي النساء الممدة بل قطعوا أيديهن وأرجلهن ولبس “الاخوان” الحلي وهذه الاساور بأيديهم ووضعوا القلائد ـ الخرزية والذهبية ـ في رقابهم كي لا تعيقهم عن بقية النهب والقتل… وهكذا “دخل سلطان الدين السعودي ” ـ أي سلطان بن بجاد ـ البلدة وأخلاها من السكان المدنيين وحشدهم كلهم في حدائق شبرا وقصرها العتيد، وكان النساء سافرات لاول مرة في هذه البلاد وكن مع الرجال ومكثوا أياما بلا طعام ولا ماء!).
ويقوللي عبد العزيز آل سعود: (لقد وصلني وأنا في الرياض خبر المذبحة في الطائف فبكيت حتّى تبللت لحيتي!… واعترتني الكآبة وغامت على وجهي سحابة من الحزن البالغ العميق وتمنيت لو لم ينتصر سلطان بن بجاد بهذا الثمن، وتمنيت أنني حاضر، ولكنني بعثت رسولي إلى سلطان بن بجاد وخالد مهددا وطلبت اليهم الكف عن القتال، ولما قدمت مكة عزمت أولياء القتلى وأهليهم على وليمة ورتبت لهم وألفت لجنة للتعويضات على منكوبي الطائف وأعطيت كل واحد عشرة ريالات فرنسية وصاع من القمح)!!.
يا سلام!.. صاع من القمح؟! والصاع عبارة عن 3 كيلو قمح، والعشرة ريالات عن جنيه استرليني!.. يا بلاش!..
ويتابع العطار قوله: “وأنا كمؤرخ أبرئ ابن سعود من مسؤولية مذبحة الطائف فهو من تعاليمه ونصائحه لجنده ألا يتبعوا مدبرا وألا يجهزوا على جريح وألا يهاجموا بيتا وألا يقتلوا شيخا ولا طفلا!.
وألا يعترضوا امرأة ولو قاتلت!، وألا يؤذوا المدنيين من السكان)
ويتابع العميل السعودي العطار صياغته لكلام سيده عبد العزيز فيقول: (ودخل “بريدة” التي خانته وخرجت عليه مع أميرها أبي الخيل وكبدته الخسائر وأتعبته وأرهقته وأخلفت في الوعود ونكثت بالعهود، ثم امتشقت الحسام في وجهه لكنه دخلها دخول الصديق بلد صديقه لا دخول المنتصر الغلاب الموتور بلد عدو خائن مقهور.
وعفا عن أهلها جميعا ووزع عليهم الكسوة والزاد، وبدل خوفهم أمنا وشقاءهم سعادة، وجوعهم شبعا، كما عفا عن أبي الخيل ومنحه حريته فسلك طريقه إلى العراق)…
ولنترك هذا العطار السعودي يتابع دفاعه عن أسياده لنستفيد من كذبه!.
حينما يقول: (بل ليس عفو عبد العزيز آل سعود: عن أهل بريدة الأول من نوعه والاخير بل هنالك حوادث جمة تثبت نبل ابن سعود ومروءته وزهده وتقواه وديانته، فطالما ظفر بأعداء ألداء لو ظفروا به لقطعوه اربا اربا فصفح عنهم وأكرم مثواهم كآل رشيد وآل عائض وآل الادريسي والاشراف وغيرهم).
كذا… يزعم العطار.. فيتابع أكاذيبه التي يكشف بها الجريمة فيقول: (وتاريخ ابن سعود شاهد عدله على صدق ما نذهب إليه! ـ والتاريخ السعودي لا يحمل ابن سعود “مسؤولية” المذبحة التي لا يرضى بها رجل أقل مزايا من ابن سعود فكيف بهذا الذي ضرب خير الامثلة الفاضلة في أكرم الصفات ولكن يحملها سلطان بن بجاد فهو الذي صنع ما صنع وهو رأس البلاء في محنة الطائف وفاجعته حتّى أن ابن سعود لم تطمئن عينه بالنظر إلى هذا “السفاك” الاثيم الذي كان فائدا عاما فلم يراقب الحالة مراقبة دقيقة ومنح البدو بسوء ادارته فرصة الاعمال الاجرامية والضراوة والوحشة)…
هكذا يزعم العطار على لسان عبد العزيز، فيتابع العطار مدافعا عن الجزار بقوله: (بل طبعت نفس قائد الجيش السعودي ابن بجاد الجارمة على الشر، فقد خرج هذا القائد بعد سنوات على ولي نعمته ابن سعود فانتقم منه الله وقضى عليه وعلى جماعته من أهل الغطغط في وقعة السبلة سنة 1347 هـ وأراح الله المسلمين من شره)!!.
ولنا ملاحظة بسيطة نرد بها على مزاعم المؤلف العطار.. التي أراد بها ابعاد ابن السعود وأسياده وقادته الانكليز عن مسؤولية هذه المذابح التي راح ضحيتها في “تربة والحيوة والطائف وجدة فقط” أكثر من /150000 / إنسان من الذكور والاناث والاطفال… ان هؤلاء القتلة ما تحركوا الا بأمر عبد العزيز وقيادة الانكليز من أمثال جون فيلبي الذي رافق كافة حملات المذابح وخطط لها..
وحينما أراد عبد العزيز الصاق هذه الجرائم بقائد جيشه ابن بجاد رد عليه ابن بجاد في مجلسه في مكة أمام الحاضرين من أهل الحجاز بقوله: (أنت الذي أوصيتني يا عبد العزيز أن أقتل البرئ ليرضخ العاصي وان أفتك بلا رحمة حتّى تكل السيوف من رقاب أهل الحجاز الكفار)!.. فخرس عبد العزيز لهذا الرد.
المجازر السعودية في الهدى
ويتابع العطار صياغة أقوال عبد العزيز آل سعود بأسلوبه “العطاري” عن المذابح السعودية، فيصف طبيعة “الهدى” أولا ـ ثم يتابع: (عندما يغادر المرء الطائف تعترض طريقه عقبات جبلية كأداء قبل أن يصل ـ الهدى ـ التي ترتفع عن سطح البحر 1800 قدم، والهدي جنة بخضرتها وبثمارها وبمياهها العذبة وبجوها الحالم البديع، ولكنه ما أن مر بها الجند السعودي مرور الجراد حتّى أفناها)!..
ويتابع العطار فيقول: (وأشرنا في الفصل السابق إلى أن الامير علي بن الحسين قد نزل بجيشه الذي قدم من مكة في الهدي وانضم إليه وزير الحربية صبري باشا بجيشه البالغ عدده ستمائة جندي نظامي ومعهم الشريف شرف بن راجح والموظفون ولكنهم لم يعسكروا في الهدي بل بارحوه إلى عرفات.
الا أن الحسين كان متتبعا ما يجري من المجازر: من مجزرة الحوية حتّى مجزة الطائف واستسلامها للاخوان، وكان يدأب على جمع قوة تستطيع استرداده من أيدي الغزاة المعتدين وبذل الاموال وأخرج السلاح الباقي لديه، لكنه لم يوافق الا إلى جمع مائتين من أهل مكة المتحضرين وستمائة رجل من قبائل هذيل وبني سفيان وضمهم إلى خمسمائة من جنود النظام وزودوهم بالمدافع والاسلحة والذخائر وأمرهم أن يذهبوا إلى “علي” بعرفات، وبعث ابنه الامير علي أن يذهب بهذا “الجيش” وبمن معه” ليقاتل الـ 50000 جندي سعودي” ويسترد الطائف وألا ينثني أو يرجع بل ليحارب حتّى الموت!.
فالمسألة اما فناء أو بقاء فالطائف مفتاح مكة، ومكة مفتاح الحجاز كله، فإذا استطاع “الاخوان” السعوديون” التقدم عن الطائف فان الدماء ستسفك في الجيش المتردد، ولا يغني حينئذ الدفاع شيئا.
وأطاع علي الامر فمشى “بجيشه” ونزل في الهدي، واحتل المراكز الحصينة بجبل كرا وبالهدي وبالنقب الاحمر وركزوا المدافع بقمم جبلي الهندي والكمل واليفوع ونزل ـ هو ـ قصرا بالهدي فيه جهاز تليفوني يصله بالكر، وبأبيه، في مكة… ولكن:
وفي لحظات هجم ألفان من جيش الاخوان على مراكز الجيش الهاشمي ثم ارتدوا على أعقابهم حتّى إذا انتصف الليل أعادوا الكرة وأطلقوا وابلا من الرصاص عليه وتقدموا وصعدوا النقب الاحمر كما تسلق كثير منهم الطرق الجبلية حتّى كانوا على قمة النقب وكانت معركة دامية ثم فتر “الاخوان” عن القتال أو ـ على الاصح ـ أخذوا يستجمعون الراحة لمواصلة الحرب.
وبعد فترة هدوء لم تستغرق من ثلاثين دقيقة هجم القائد السعودي سلطان ابن بجاد بجيش الغطغط على فرسان قلب الجيش الهاشمي هجمة قوية لم يستطيعوا معه الثبات فتقهقروا.
الا أن بدو هذيل وبني سفيان ظنوا أن الدبرة حلت بالهاشميين “أي الهزيمة” فولوا الادبار منهزمين لا يلوون على شئ فتبعهم من بقي من الجيش ما عدا جنود النظام فقد ثبتوا يصاولون ابن بجاد ورجاله ولولا عماية الليل لكان للمعركة شأن آخر، ولكن الليل كان خير معوان فتدسس كثير منهم إلى جيش الهاشمي وراح يطعنه ويلقي عليه الرصاص حتّى تبلج نور الفجر فكان القتلى من الاخوان قليل أما أعداؤهم فقتلاهم كثير فتضعضعت روح الهاشميين المعنوية كما قويت روح أعدائهم السعوديين.
ولم “سلطان” جيشه وأخذ يهاجم جيوش الهاشميين مهاجمة قاسية وينقض على المنهزمين منه حتّى اضطر الامير علي إلى الرجوع والانسحاب تحت ستار من القذائف حتّى انتهى إلى شعفة “رأس” كرا صباح اليوم السادس والعشرين من صفر وثبت في الدفاع حتّى الساعة السادسة ـ أي من الصباح إلى الظهر ـ ولكن الاخوان تكاثروا عليه فاجتاز كرا ووصل الكر في الساعة الثامنة نهارا واتصل بأبيه تليفونيا وأخبره بالهزيمة وأن “الجيش المكون من 400 لا طاقة له الان بالحرب والقتال أمام 50000 ” وان الاخوان في رعان كرا وهم متفوقون.
فغضب الحسين على ابنه وأمره أن يرجع ويدافع وقال له مت في سبيل الوطن وحذره من الرجوع فأطاع الامر وانثنى بمن معه من “الجيش” ومشى في مقدمته يتسلق كرا حتّى قطع نصفه وإذا رصاص الاخوان كالمطر ينهمر عليه فركز مدافعه الرشاشة في الحيود واخذ يدافع ويمهد للهجوم والارتقاء.
وتحمس الاخوان لاستقبال الجيش الهاشمي وكره فاندفعوا في كرا يريدون ان يصلوا إلى الحيود التي يركز فيها مدافعه السرية الرشاشة، ولكن قادة الجيش السعودي من الانكليز لم يسمحوا لهم وأمروا القائد التنفيذي سلطان ابن بجاد بعدم السماح لجنده الا بالدفاع عن شعفة كرا.
ومضى ابن بجاد إلى الهدى يتفقد منازل المنهزمين فوجد في القصر الذي كان فيه الامير علي قبل يوم التليفون فحطمه وهو لا يدري عن حقيقته وعمله واستولى على كل ما به وقتلوا كل من وجدوهم من الابرياء).
ولنا ملاحظة على زعم العطار ـ عن مزاعم عبد العزيز آل سعود ـ الذي يحاول اظهار قائد جيشه سلطان بن بجاد بمظهر الجاهل حتّى بجهاز التليفون!.
ليتبرأ ابن السعود مما ارتكبه جنده وقائده من مجازر، وليثبت أن ابن بجاد الذي انقلب ضد ابن السعود أخيرا حالما أعلن نفسه ملكا “انّما هو جاهل” أيضاً!..
والآن: فليتابع العطار اعترافات سيده فيقول: (ثم قاد ابن بجاد المعركة بنفسه وأخذ يلقي الرصاص على الجيش الهاشمي ولكنه لم يستطع أن يرده ويدحره كما أن الهاشميين لم يستطيعوا التقدم، وهنا وصل إلى “علي” رسول من ضابط الاتصال بالكر يخبره أن أسلاك التليفون بينه وبين الهدى قد قطعت فرجع الامير إلى “الكر” وبات ليلته به وفي 27 صفر توجه بالجيش إلى مكة).
هنا.. ينفضح التضليل السعودي عن جهل ابن بجاد المزعوم حينما قطع وحطم التلفون… ويتضح ان ما فعله القائد التنفيذي للجيش السعودي ابن بجاد ناتج عن خطة عسكرية قصد بها قطع الاتصال بين قادة الجيش الهاشمي والملك حسين…
الحزب الذي قال للحسين: اعتزل
لقد أرجف بالناس في مكة لفظاظة الجند السعودي وسفكهم للدماء وبدأ الطابور الخامس السعودي الانكليزي ينشط في الحجاز ويرجف بالناس ويفتك كالمكروبات.. ويقول العطار:
(
سافر الامير علي بعد معركة الهدى إلى جدة وانتقل إليها أقطاب الحكومة الهاشمية وبقي الحسين بمكة ثابت الجنان قوي الرجاء في قهر القوات السعودية ودحرها وردها على أعقابها مكلومة مدحورة وكان هذا الامل الباسم يوسوس في قلبه فيقوي عزمه ويزيد في ضرام حماسته وحميته وشجاعته رغم ادراك الحسين لضخامة الدعم الاكليزي الذي يلقاه خصمه ابن السعود… الذي يعرف المقاتل ويجيد الحيلة ويستدرج الخصم ويحبب الناس فيه ثم يضرب العدو ويرثي لحاله ويبكي عليه ويبرر عمله بالمنطق الخلاب، فيظنه الناس شفيقا رحيما مسالما في حين أن خصمه وحده هو الذي أدرك اللعبة)… الخ..
ولقد ظن العطار أنه بهذه الصفات الملبسة بالقذارة انّما كان يمتدح ابن السعود، ولكنه كان يذمه بابرازه لبعض صفاته الخبيثة الآنفة.
ويتابع العطار قوله: (وبينما الحسين مستغرق في أمانيه وأحلامه يفكر في الوسيلة التي يدفع بها طغيان القوات السعودية اجتمع في جدة بأقطاب حكومته وهم: الشيخ محمد الطويل والسيد محمد الدباغ والسيد الطيب الساسي والشيخ عبد الرؤوف الصبان والشيخ سليمان قابل والشيخ محمد نصيف وغيرهم وأخذوا يفكرون فيما بينهم في الوسيلة التي يخلصون بها البلاد من الحرب!…
وبعد أن تداولوا الفكرة وتكلم كل منهم بما عن له قرروا “أن يتنازل الملك الحسين عن عرشه ويتخلى عنه لابنه علي لان ابن سعود يبرر غزوه الحجاز بمعاملة الحسين العدائية له وللنجديين ومنعه اياهم عن الحج فهو لا يقبل الصلح معه وللعله إذا خلا الميدان منه رضي ابن سعود بالصلح”!…
ولأول مرة يجرؤ رعايا الحين على عقد اجتماع كهذا يتداول فيه المجتمعون بكل حرية وصراحة ما يجب عمله من أجل البلاد والامة حتّى أنني كنت أشك في أن الهيئة استطاعت أن تصارح الحسين بأمر التنازل فسألت السيد الدباغ عما إذا كان هذا التنازل بطلب من الحسين وبتواطؤ من ابنه الامير علي مناورة منه لكسب الموقف ضد ابن سعود حتّى إذا جلت قواته رجع إلى الحكم مرة أخرى فأجابني بأن الحسين لم يدر باجتماعنا ولا بما قررنا من ناحية تنازله بل فوجئ به)…
أن هذه الطريقة التي يخلع بها الناس حكامهم لا يستطيع على فعلها الان أي مواطن ضد أي عبد من عبيد آل سعود… حينما فاتحوا الملك حسين بخلفه.
(واتفق أولئك المجتمعون مع الامير علي على ما قرروا وبعثوا إلى الحسين بعد صلاة ظهر اليوم من ربيع الأول سنة 1343 هـ (3 أكتوبر سنة 1924 م) البرقية التالية:


صاحب الجلالة الملك المعظم بمكة:
“بما أن الشعب الحجازي بأجمعه الواقع الان في الفوضى العامة بعد فناء الجيش المدافع وعجز الحكومة عن صون الارواح والاموال، وبما أن الحرمين الشريفين خاصة وعموم البلاد مستهدفة لكارثة قريبة ساحقة وبما أن الحجاز بلد مقدس يعني أمره جميع المسلمين.
لذلك قررت الامة نهائيا طلب تنازل الشريف حسين وتنصيب ابنه الشريف علي ملكا على الحجاز فقط مقيدا بدستور ومجلسين وطنيين”.. الخ..
والله الموفق لما فيه الصلاح!… آح!.
ووقع البرقية مائة وأربعون من كبار الحجازيين وفيهم أكثر أولئك المجتمعين كالدباغ وغيره وتسلموا الجواب بعد العصر وها هو نصه:
ادارة برقيات الحكومة الهاشمية
في 4 ربيع الأول سنة 1343 هـ بواسطة قائمقام جدة
إلى الهيئة الموقرة
مع الممنونية والشكر، وهذا أساس رغبتنا التي أصرح بها منذ النهضة والى تاريخه، وقد صرحت قبله ببضع دقائق أني مستعد لذلك بكل ارتياح إذا عينتم غير علي واني منتظرهذا بكل دعة وارتياح.
الامضاء (الحسين)
وتسمت هذه الهيئة “الحزب الوطني الحجازي” وكان رئيسه الشيخ محمد الطويل وكاتم سره “سكرتيره” السيد محمد طاهر الدباغ وأعضاؤه كثر، وقد اجتمع الحزب أو كان مجتمعا لم يغب منه عضو من صباح هذا اليوم حتّى اللحظة التي تسلموا فيها جواب الملك حسين وبحثوه ولم يرضهم ورأوا من خلاله أنه لا يريد أن ينزل عن عرشه بهذه السهولة لانه لم يصعد إليه إلا بتضحيات وتعب، فهل من المنطق أن ينزل عنه لرقية تطير إليه من شبان متحمسين؟.
فليداورهم، فلعل حماستهم تبرد بعد لحظات، ولهذا تظاهر بابداء الارتياح ولكن طلب اليهم تعيين غير علي، وبهذا يستطيع أن يضمن لنفسه البقاء على العرش إلى… أيام أو شهور… أو سنوات.
إلا أن أعضاء الحزب الوطني لم يرقهم جواب الحسين وكانوا يودون من صميم قلوبهم أن يتنازل بسرعة “ليتفرغوا لعمل جديد” ينقذون به الموقف الحاضر” كما يزعمون” فقرروا أن يتصلوا به ـ أولا ـ بالتليفون ثم يطلبون إليه أن يوقع وثيقة التنازل التي سيكتبونها متى وافق ورضي به.
وتناول الشيخ سليمان قابل (وكان رئيس بلدية جدة) التليفون وطلب الملك الحسين فأعطى الطريق إليه.
ـ ألو ـ مولاي! مولا.. مولاي!
… يرد الحسين: ماذا؟!
ـ ماذا تريد؟
ـ الأمّة!..
ـ مالها.؟
ـ تريد منكم التنازلّ…
ـ لا تكلمني انت لأنك من رجال حكومتي وليكلمني غيرك في هذا الامر؟.
فوضع السماعة يائسا غير أن “الشيخ محمد أفندي” نصيف دق الجرس ورفع السماعة وقال:
ـ مولاي … مولاي… مولاي
ـ من أنت؟
ـ محمد نصيف (وكان عبد العزيز آل سعود وجون فيلبي في بيت محمد نصيف أثناء هذا الكلام) فقال الحسين:
ـ لا تكلمني في موضوع التنازل لأنك أنت أيضاً من رجال حكومتي ومشبوه…
فجشأت يده ثم وضع السماعة ورجع إلى مكانه، وهدأ من بالمجلس لحظات يفكرون دون أن يحدث احدهم الآخر.
ثم بدأوا في الحديث متحمسين: “يجب أن يتنازل الحسين” وطلبوا إلى محمد الطويل أن يتكلم مع الحسين لأنه رئيس الحزب، فاعتذر إذ لا يطيق أن يكلم “سيدنا” في هذا الامر ويفجعه في أعز أمانيه وهو صديقه ومليكه عن التنازل وطلب إلى سكرتير الحزب (الدباغ) أن يكلمه وكان هذا من رجال حكومة الحسين فتناول السماعة وقال:
ـ مولاي ان لك عندنا لمقاما كريما، غير أن المركز الحرج الذي وصلت إليه البلاد يدعوني إلى أن ابلغكم أن “الامة!” قد قررت طلب تنازلكم لسمو الامير علي، و”الامة” اياهم ـ طبعا … فقاطعه الحسين:
ـ أنا وابني واحد، وإذا كنت قد صرت عندكم بطّال (بمعنى ردئ) فلا بأس، ولكن لا أفهم ما القصد من هذا، لا يهمني أمر المُلك في أي شخص كان ولكني لا أتنازل لولدي علي أبدا لأني ان كنت أنا “بطّال ” فولدي علي “بطال”.
ـ لا يا مولاي نحن ـ البطّالين ولا أنت ـ ونحن لا ننسب إلى جلالتكم شيئا من ذلك وانما نريد أن نسلك سياسة غير التي سرتم عليها لعلنا نتمكن من تخليص البلاد من مأزقها الحرج و”الامة” أجمعت على طلب ذلك من جلالتكم وانا لنرجوا إجابة رغبتها: اجابة رغبة “الامة” التي حرصتم على مصالحها دائما.
فرد عليه الملك الحسين قائلا في لهجة غير لهجته الاولى:
ـ يا بني، لكم أن تفعلوا ما تشاؤون، أما أنا فلا أتنازل لولدي على أبدا، عندكم الشريف علي أمير مكة السابق، وأخي ناصر، وعندكم خديوي مصر عباس، وعندكم “الاشراف” وهم كثيرون، اختاروا، أي واحد تشاؤون من الناس وأنا مستعد بالتنازل له.
أما ولدي فلا يمكن لأني أنا وهو شئ واحد، خيره وشره عائدان لي .
فقال الدباغ متوسلا:
ـ مولاي ، ان الامة “!” التي سهرتم على مصالحها وحرصتهم على رضاها هي التي اختارت الامير عليا، فترجو من جلالتكم الموافقة…
(ان هذه الاقوال مبالغة كبرى، لأنه لا “الامة” ولا الشعب اختار “عليا” وابن السعود” بل الحزب الذي لا يزيد عن 140 فرداً من كبار الموظفين والتجار ولذلك اتت عقلياتهم أقل مستوى من عقلية الملك الحسين…)
ـ يا طاهر، لا يمكن هذا، انظروا غير ابني وأنا مستعد.
فقال الدباغ: مولاي.
فقاطعه الحسين محتدا: أقول لا يمكن قطعيا أن أتنازل لأبني لأنني وهو شئ واحد…
فاجاب الدباغ: ساعلم الهيئة ثم نعلم جلالتكم.
اخفق هؤلاء في حديثهم مع الحسين، وأخذوا يبحثون من جديد في الطريقة التي يستطيعون بها اقناعه حتّى يتنازل عن العرش تخليصا للبلاد من هذه الكارثة كما يرون وأصروا على قرارهم غير أنهم رأوه مصرا على عدم التنازل ما دام من سيخلفه هو ابنه الامير علي، فكتبوا إليه برقية اغفلوا فيها اسم من يخلفه بل طلبوا إليه التنازل لتتمكن “الامة” من تشكيل حكومة مؤقتة وهذا نص البرقية:
“صاحب الجلالة الملك المعظم بمكة”
الحالة حرجة جدا، وليس الوقت وقت مفاوضات، فإذا كنتم لا تتنازلون للامير علي فنسترحم بلسان الإنسانية ان تتنازلوا جلالتكم لتتمكن الامة من تشكيل حكومة مؤقتة وإذا تأخرتم عن اجابة هذا الطلب فدماء المسلمين ملقاة على عاتقكم”!
فلم يجد الملك حسين بداً من التنازل، وكتب اليهم البرقية الاتية:
“مكة في 4 ربيع الأول الساعة الثالثة ليلا”
لا بأس قد قبلنا التنازل بكل ارتياح، إذ ليس لنا رغبة إلا في سكينة البلاد وراحتها وسعادتها فالان عينوا لنا مأمورين من هنا يستلمون البلاد بكل سرعة ونحن نتوجه في الحال، إذا تأخرتم ووقع حادث فأنتم المسؤولون والاشراف عندكم كثيرون، ارسلوا واحدا منهم أو من سواهم، وعلاوة على هذا إذا قبل منكم الابن على الامر عينوه رأسا”.
الامضاء (حسين)
وكسبت السياسة الانكليزية السعودية الجولة الاولى فالامير علي كان يختلف عن والده.
وكتب كبار الموظفين إلى علي وثيقة “البيعة بالمُلك” وهي ما يلي:
“بناء على طلب الامة “!” قد تنازل جلالة والدكم بموجب برقيته رقم 19 المؤرخة في 4 ربيع الأول وقررت نهائياً البيعة لجلالتكم ملكا دستوريا على الحجاز فقط وأن يكون للبلاد مجلس نيابي وطني، وقانون أساسي تضعه جمعية تأسيسية كما هو جار في الامم المتمدنة وبما أن الوقت ضيق يضيق الان دون تأسيس المجلس النيابي الوطني فقد قررت الامة أن تشكل هيئة مؤقتة لمراقبة أعمال الحكومة وانا نبايعكم على ذلك وعلى كتاب الله وسنة رسوله”…
وبايعه عن “الامة” كبارها واغنياؤها…
(وقد أدى تنازل الحسين وتولية “علي” الملك إلى اضطراب عام في مكة وغيرها، فالحسين كان مهيبا عند رجاله وامته، وكان منطقيا عنيدا قويا طموحا صلب القناة مستبداً لا يستطيع أحد أن يشاركه الامر.
أما علي فكان هينا لينا مسالماً فاتر العزم وكانت صفات علي صفات زاهد ورع لا صفات حاكم يريد مجداً ويسوس جندا ويبغي السيادة والخلود، فالبون بينه وبين ابيه شاسع فالحسين أكفأ من علي وأزكى كثيراً، فلما تنازل الحسين وصعد “علي” اضطرب الناس واضطربت مكة على الاخص وذهل الناس فما كانوا يصدقون أن الحسين يبارح مكة فردا من أفراد الامة أو يعتزل الملك الذي سعى إليه سعيا، وبذل من أجله كل شئ وساد التشاؤم كل بلدان الحجاز، فمكة متشائمه إلى حد بعيد)..
“وحمل الناس قادة هذا الحزب مساهمتهم في الجريمة واتهم بعضهم بعمالتهم مع السعودية والانكليز مقابل الوعود الكاذبة”…
ويقول العطار:
وأرى أن الحزب الوطني كان مخطئا في طلب تنازل الحسين فها هو الاضطراب والقلق والمخاوف تستبد بالبلدان وبالعاصمة وبالناس وبالسبل.
ولقد غضب الحسين غضبة شديدة حينما انتهى أمر البلاد إلى هذه “الفوضى” وكتب إلى من طلبوا إليه التنازل برقية يقول لهم فيها:
“ان الفوضى التي ذكرتموها وقعت على أيديكم بداعي اشهاركم رغبة تنازلي، وانا لا أقبل أية مسؤولية تقع إذا لم تسرعوا اليوم في تعيين من يتولى الامر لأتوجه في الحال إلى الجهة التي يختارها الباري عن طريق جدة وهذا ليس هربا من أي شئ تتصورونه بل دفعا للظنون والشبهات”.
وكان الحسين يدرك أن الانكليز وراء كل هذا…
فاجاب الحزب الوطني الحجازي بهذه البرقية:
في 5 ربيع الأول
صاحب الشرف الاسمى الشريف حسين المعظم.
جواب برقيتكم رقم 17 بحمد الله ومساعي مولاي قد تمت البيعة لجلالة نجلكم المعظم وقد فاوض جلالته من يلزم في استلام البلاد وادارة شؤونها فالمنتظر من مولاي مبارحتها بكل احترام تهدئة للاحوال!…
التوقيع عن رئيس الحزب الوطني الحجازي
محمد طاهر الدباغ
ومن وحي ما أملاه “عبد العزيز آل سعود” يتساءل أحمد العطار فيجيب نفسه فيقول: (ويجب أن نقول كلمة للتاريخ: هل أخطأ الحزب الوطني أو أصاب في طلب تنازل الحسين؟…
أما أنا فأرى أنه أخطأ في ذلك فقد أثّر تنازله في نفسية الجيش الهاشمي فانتحر آخر أمل يهجس في قلبه.
كما قضى على روحه المعنوية وعجل بسقوط “الشرفاء” فهم كانوا أعون بعملهم هذا لخصومهم السعوديين لا لأنصارهم، وقد خدم “أعضاء الحزب الوطني” ابن سعود بعملهم خدمة مرموقة، فقد تنازل الحسين قبل أن يقوم ابن سعود من مقامه بالرياض باجبار الحزب اياه، وهذا نصر مؤزر يحرزه ابن السعود ولكن على يد خصومه فهم ينزلون خصمه العنيد القوي “حسين” ليرفعوا بدله خصما صغيرا وديعا مسالما ضعيفا هو “علي” حتّى يتسنى لابن سعود أن يقضي عليه سريعا بارهاقه بالمفاجآت ويضنيه بالحصار ويجبره على التنازل!.
بل كان للحسين نفوذ وكلمة مسموعة عند الدول “أكثر من ابن السعود بكثير”، وكان له من “عظماء” الانكليز أصدقاء فلو بقي في الملك واتصل بغير القناصل الموجودين كالمندوب السامي في مصر مثلا لاستطاع مساجلة الخصوم والانتصار ، ولكن عليا لا دالة له على دولة إلا بأبيه كما أنه لا خصومة بينه وبين أحد إلا بأبيه، وهو في كلا الامرين غير موفق لا دالة له كما لا خصم له والمهم أن الدول كانت معترفة باستقلال الحسين وملكيته وحكومته في حين لم تعترف حكومة ما بالملك علي، بل أن كثيرا من الملكيين لم يعترفوا بأن عليا ملكهم!)…
وهكذا نجح أعضاء المكتب الهندي جناح المخابرات الانكليزية الذي يسيطر عليه اليهود، نجحوا في ابراز صديقهم عبد العزيز آل سعود…
وقد برر الحزب الوطني جريمته بما زعمه جون فيلبي وابن السعود أن ابن سعود برر غزوة الحجاز بأن الحسين ضد النجديين وان الحسين منع النجديين عن الحج، كما أوحى لهم فيلبي: “ان ابن السعود الذي شق الطريق إلى الحجاز بالسيف لن يقبل صلحا مع الحسين” فهو قد يقبل إذا كان حاكم الحجاز غيره!
فليطلبوا إليه التنازل ـ أولا ـ وليجبروه عليه، حتّى يتساهل ابن سعود في الصلح ويغادر مكة والحجاز إلى نجد فتخلص بلادهم لحاكمهم الجديد ولكن الحزب بالاضافة إلى كونه قصير النظر كانت له مطامع نفعية وعده بها ابن السعود وجون فيلبي وما وعدهم الشيطان الا غرورا…
ويقول العطار : (وكأن الحزب تناسى أو تجاهل النزاع القديم بين “الشرفاء” وآل سعود من بدء الدعوة الوهابية حتّى يوم ذلك، فالاسرتان في تنافس وخصومه وحرب، ما تنطفئ نارها إلا ويشعلها آل سعود ولا يمكن تسوية الخلاف، ثم ما النفع الذي حصلت عليه الحجاز بالتنازل؟ لا شئ… لاشئ ولكن قادة الحزب هداهم تفكيرهم في تلك الظروف القاهرة إلى أن اسلم الطرق هو ابعاد الحسين عن الحجاز ليتم الوفاق مع الغزاة)…
ما بعد تنازل الحسين
تنازل الحسين يوم 4 ربيع الأول وطلب في الخامس منه أن يأتي من يقبض زمام الامر في مكة ليتوجه إلى حيث “يختار الله له المقام” ـ على حد قوله ـ وسافر علي إلى مكة في 6 ربيع الأول وبقي الحسين إلى يوم 9 ثم سافر إلى جدة واعتزل الناس، وفي يوم 16 ربيع الأول أبحر وودعه رئيس ديوانه السيد أحمد السقاف وصديقه الشيخ محمد الطويل ولم يشأ أن يودعه ابنه علي، فأقله يخته “الرقمتين” إلى العقبة…
وقد سعى رشدي “باشا” لدى الملك فؤاد ولدى رئيس الوزارة المصرية سعد “باشا” بأن يسمحا لملك الحجاز بأن يسكن مصر فأبيا خشية من حدوث مالا تحمد عقباه من الانكليز، وهذا ما يكشف زيف زعماء الاغنياء والمرتبطين بالاستعمار حتّى وان تظاهروا بالوطنية…
لقد شاوروا الانكليز فرفضوا فرضخوا للاوامر الانكليزية، بل رفض الانكليز أن ينزل الشريف حسين لدى ابنه عبد الله في الاردن حينما مر بالعقبة إلى منفاه ورفضوا أن يذهب إلى سوريا أو العراق، وهكذا حدد الانكليز اقامته في العقبة قبل نفيه إلى قبرص، كل ذلك ارضاء لعبيدهم الاذلاء آل سعود.
ولم يكتفوا بذلك، بل ضايقوه في قبرص بعد نفيه مضايقة شديدة، من ذلك أن الانكليز حرضوا طباخ الحسين أن يقيم الدعوة في المحكمة ضد الحسين وزوجته، وما دري الحسين وزوجته إلا حينما أبلغه الشرطي دعوة لحضور المحكمة قبل ساعتين من المحاكمة، فساقوه وزوجته بتهمة مزعومة تقول: ان زوجة الحسين اقتطعت من راتب الطباخ ربع جنيه استرليني!… ورغم كذب هذا الادعاء إلى أن الحسين قال للطباخ: (لو أخبرتني بهذا الامر “الخطير” لدفعت لك الربع جنيه قبل أن تطع كلام الانكليزي الذي حرضّك ضدي اكراما لأبن السعود ولكوني رفضت التوقيع باعطاء فلسطين لليهود، وهاهو لك مني جنيه مقابل الربع جنيه)…
وخرج من المحكمة وزوجته يلعن الانكليز وعميلهم ابن السعود… وبعد ذلك اغتالوه بالسم عن طريق هذا الطباخ اليوناني الذي اجبره الانكليز على احتوائه بالرغم من رفض الحسين له بعد تلك الشكوى، وبالرغم من قول الحسين: “انني لا أحتاج إلى خدم فساخدم نفسي بنفسي”، لكنهم رفضوا…
واجتاح “التتار” السعودي مكّة المكرّمة!!
وأي “تكريم” حصل لمكة المكرمة؟… يقول العطار السعودي في أقل وصف وصفه كاتب لاجتياح جيش اليهود السعودي: (هرع الناس من الطائف إلى مكة، وانتشرت قبلهم أخبار راعبة مقلقة أن “الاخوان السعوديين” أو المديّنة قسات غلاظ، بل نشرتها الحكومة الهاشمية في الجرائد باحرف بارزة مذبح الطائف حتّى خافت مكة كلها وزادها هلعا القادمون من الطائف فقد كانوا يروون اخبارا وحشية غريبة مخيفة مريعة، وبدت العاصمة المقدسة كمأتم تشترك فيه الامة كلها ففي كل حي بكاء وقراءة على أرواح الشهداء، وفي كل دار استعداد للسفر، بل جلا عن مكة الاغنياء واسرهم وأخذوا معهم أموالهم وكان أول الجالين ـ بقايا ـ المصطافين في الطائف لأنهم جزموا أن الاخوان والبدو السعوديين سيفعلون بمكة ما فعلوه بالطائف من مجازر رهيبة فهربوا إلى جدة.
وكنا نحن أيضا من الجالين الى جدة، إلا أبي رحمه الله، فقد أقام بمكة لأنها أقدس بقعة وآمنها على ظهر الأرض على الاطلاق… وقد ودعنا ونحن راحلون إلى جدة بالرغم عنه فراراً بالروح والمال، قائلا: انّه سيعتكف في المسجد الحرام فان قتل فما يكره الموت في رحاب طاهرة يستقبل وجه ربه الكريم بالشهادة:
وكان خالي الذي تلظى بفاجعة الطائف هو الذي حملنا على الرحيل فاكترينا الحمير ومشى الشبان، أما نحن الاطفال فقد ركبنا من حسن حظنا ورحلنا في الصباح، وكان طريق جدة كالمحشر، أطفال ونساء ورجال وصبيان يحملون الطعام والنقود وما غلا ثمناً وخف وزناً، وكلهم يحث السير إلى جدة “هربا من وحوش آل سعود”.
وصلنا الشميس فسمعنا أن الاخوان دخلوا مكة ـ وكان ذلك في 9 ربيع الأول سنة 1343 ـ ونهبوها وهاهم يتعقبون الفارين فشددنا الرحيل إلى بحره فسمعنا الاشاعات بأن الوحوش المديّنة نهبوا الشميس وهاهم الينا فنهضنا إلى أم السّلم ووجدنا جوها “مكهربا” بالاشاعات المرعبة أيضاً فلم ننزل بها وواصلنا السير حتّى بلغنا جدة في منتصف الليل، غير أن الاشاعات كالبرق في السرعة سبقتنا إليها فسمعنا بفظائع الاخوان، وقضينا أياما في قلق واضطراب حتّى جاءنا كتاب من أبي يبشرنا بأن الاخوان لم يدخلوا مكة!، فرجعت أنا واحد اخوتي إلى أبي لأنه رغب أن نكون معه في وحشته، ووجدنا مكة كالمقبرة في الصمت الرهيب والسكون الشامل والدكاكين المغلقة، والمناحات والمآتم.
ونقصد من هذا أن نقول: أن مكة لم تطمئن بعد مجازر الحوية والطائف والهدي بل كانت قلقة تطحنها الآلام فهي تنتظر البلاء والفاجعة بين الفينة والفينة مستسلمة لقضاء والقدر:
ومضت أيام ومكة حزينة مرجفة خائفة وازداد خوفها عندما تنازل الملك الحسين وبارحها إلى جدة ومنها إلى العقبة إلا أن قدوم الملك علي إليها في يوم الاربعاء 9 ربيع الأول هدأ مخاوفها الفاتكة قليلاً واستعد للدفاع عن مكة ولبث اسبوعاً واحداً فيها ثم أتته الاخبار في يوم الثلاثاء 15 ربيع الأول (14 اكتوبر 1924 م) بأن الاخوان قد وصلوا اليوم إلى الزيما وتبعد عن مكة 44 كيلو مترا فرأى أن ما معه من الجيش وهو لا يبلغ الخمسمائة لا يستطيع حرب الاخوان “الـ 50000″ وليس من الحزامة أن يقاتلهم وهو معتقد أن الهزيمة تصيبه إذا ما اشتبك بهم فرحل باربعمائة من جيشه إلى جده وقال أنه سيحاربهم منها حتّى يخرجهم من الحجاز وترك بعض الجنود لحفظ الامن الداخلي، غير أن من بقي بمكة من الاهلين صمموا على الدفاع ان صنع بهم الجند السعودي المتوحش ما صنع بأهل الطائف.
ولقد تسللت مجموعات كبيرة من الاخوان بطرق خفية… وساد القلق والاضطراب والاشاعات المركزة التي يلهبها الاتباع السعوديين… ومضى على مكة بعد مغادرة الملك علي يومان كانت في خلالها فريسة لقلب عاصف شديد ووجد الفرصة كل طامع ومجرم واثيم من الاخوان واتباعهم ونهبوا بعض مراكز الحكومة وقام بدور من”اخوان مكة” بالنهب والسلب.
ولكن لم يقربوا الاهلين بسوء كما في الطائف.
بل كانوا ينهبون دور الحكومة فقط، وشاركهم بعض فقراء مكة العتاة وأخذوا نصيبهم حتّى إذا بدأ القمر في ليلة السابع عشر من ربيع الأول 16 اكتوبر سنة 1924 م بدت معه طلائع الاخوان “الرسميين” ووصلت المعابدة ـ أول مكة للقادم من الطائف ـ وفي الصباح دخل ابن لؤي وابن بجاد ببقية الجيش مشاة وركبانا عراة ومحرمين “!” وطافوا وسعوا “!” ثم ارتدوا ملابسهم وجاسوا خلال مكة وفي شوارعها الرئيسية وتدفقوا الى مراكز الحكومة يحتلونها “!” ونزل القائدان قصر الشريف واستقبلا كبار أهل مكة وأخذ منهم الطاعة لابن سعود “طاعة بالاكراه”)…
ويتابع العطار قوله: (وكان بعض الاعراب من الغطغط “الاخوان السعوديين” في الاسواق يسألون أهل مكة: أين بيت خيشة؟ ولكن المكيين لا يعرفون أحدا يكنى هذه الكنية!، فكانوا يجيبون: لا نعرف، وأخيرا عرفوا صاحب هذه الكنية، عرفوا أن هؤلاء سموا الحسين “أبا خيشة” ولكنهم أجلاف وكفى!.
ونهبوا ما وجدوا في بيت الشريف الحسين من “علب المربيات” والساعات والمفروشات وكل غال ورخيص وباعوها بثمن بخس وقد رأى المكّيون البدو يعرضون ما نهبوا للبيع فاضربوا عن شراء شئ منه، ولكن رخص الثمن أغرى بعضهم ـ أخيرا ـ فالبدو يبيعون “العلبة” من عصير المانجة “الامبة” بما يوافق مليمين، ويبيعون بهذا علبة الكريز والخوخ والاناناس كما يبيعون الساعة الجديدة بعشرة قروش ويبيعون البساط العجمي الكبير بعشرين ريالا وهكذا… “وقد فتكوا بكل من رفض شراء أي شئ من هذه السلع…
كل ذلك حدث بعد الاحرام والطواف والسعي!… ليتأكد من ذلك أنه لا ايمان لهؤلاء الجنود بدين أو مثل”… بل رأوا المرايا الكبيرة فظنوها لاول مرة ما يشبه البيت أو الغرفة بها اناس حينما راوا صورهم بها فحطموها ثم ظنوها سحرا كما خيل اليهم أن في الساعة شيطانا يهمس وذلك حينما يسمعون دقاتها.
لقد أطلقوا الرصاص على صورهم المنعكسة في المرايا حينما رأوا البنادق التي يحملونها اليهم)!… وهذا ما يثبت همجية موجههم ابن السعود وهمجيتهم من بعده”!…
ومن جدة، تحرك اعضاء الحزب الوطني، وقام وفد منهم قوامه عشرة افراد منهم عبد الرؤوف الصبان لمقابلة القائدين السعوديين “للاخوان” وذلك في 3 ربيع الثاني للمفاوضة معهما في الصلح!.
ولم يكونوا مندوبين من قبل علي، بل كان فيهم من اشتهر بمناوأته لآل الحسين ومصادقته لآل سعود ومنهم محمد نصيف، وزعموا أنهم جاءوا تطوعاً بحجة انقاذ البلاد من كارثة تجر إليها جرا، واجيبوا من القائدين “ان الصلح لا يمكن أن يكون إلا بخلع الملك علي!”، فغادر الوفد مكة مخفقا، وما فعله هؤلاء يعتبر في عرف الشرائع الدينية والقوانين الوطنية خيانة عظمى لاتصالهم بالعدو واظهار ضعف المقاومة والبلاد، ولقد لعب هؤلاء الاغنياء وكبار الموظفين دور السماسرة لدخول الاحتلال السعودي، بعضهم عن قصد وبعضهم عن جبن وبعضهم عن ضعف تصور…
ويقول العطار: (وقد أفاد القائدان من بعض رجال الوفد فوائد جمة فقد وقفا بدهائهما ـ أو على الدقة بدهاء خالد لأن سلطانا لم يكن فيه شئ من الدهاء ـ على حالة علي وحكومته الجديدة وعلى الحياة في جدة وعرفا الموالين للحسين وأبنائه كما عرفا المناوئين:
واسرع القائدان وبعثا إلى قناصل الدول الاجنبية بجدة خطابا يسألانهم عن موقفهم حيال الحرب الحجازية النجدية فأجابوهما بكتاب في 6 ربيع الثاني هذا نصه:
“جدة في 4 نوفمبر 1924 م”
إلى خالد بن لؤي وسلطان بن بجاد
” بعد الاحترام، وصلنا كتابكما ولا يخفاكما أن حكوماتنا ملتزمة الحياد التام في الحرب القائمة بين نجد والحجاز وعلى ذلك فنحن محايدون ولا يمكنا التدخل بأي وجه كان فيه الخصام، ولقد أخذنا علما بتصريحكما بأن ليس لكما نظر في رعايانا ونؤيد مضمون كتابنا الأول المختص بهم والسلام”.
ووقعه معتمد قنصل “جلالة ملك بريطانيا العظمى” والقنصل العام “لجلالة” ملك ايطاليا ووكيل قنصل الجمهورية الفرنسية ونائب قنصل “جلالة” ملكة هولندا، ووكيل قنصل “جلالة” شاه ايران .
وشكل “علي” حكومة النهاية
انتهت حكومة الشريف الحسين بتنازله وابحاره إلى العقبة وتولى ابنه “علي” عرش الحجاز برأي الحزب الوطني وسعيه. وارشادات جون فيلبي، الذي زعم “أنه اختصم مع ابن السعود وانه جاء لمساعدة الشريف علي” بينما كان يعمل لصالح ابن السعود بكل نفوذه في المكتب الهندي الانكليزي، وقد فوضت بريطانيا مندوبها السامي فيلبي لاعطاء ابن السعود كل ما يريد….
وتشكلت حكومة جديدة من:
الشيخ عبد الله سراج رئيسا لمجلس الوزراء…. (حزب وطني)
وتحسين باشا الفقير وزيرا للحربية
والسيد محمد طاهر الدباغ وزيرا للمالية… (سكرتير الحزب الوطني)
والدكتور خالد الخطيب وزيرا للصحة.. (حزب وطني)
والشيخ محمد الطويل وزيرا للرسوم…(حزب وطني)
وعبد القادر غزاوي وزيرا للمواصلات.. (حزب وطني)
وعارف باشا الادلبي وزيرا للبحرية
والشريف محسن بن منصور وزيرا للداخلية
والشريف فؤاد الخطيب وزيرا للخارجية.. (حزب وطني)
ومع ذلك فقد بقي الملك حسين في جهة، والحزب الوطني من جهة أخرى.
وواصل الحزب الوطني اتصالاته التآمرية مع ابن السعود مبرراً ذلك للناس “أنه لا يريد اراقة الدماء، وان السبب الذي دعا الحزب الوطني إلى طلب تنازل الحسين هو اخلاء الحسين وبمبارحته البلاد يمكن التفاهم مع ابن سعود”….
لكن هذه مبررات استسلامية من البعض وعميلة من البعض الآخر… وكتب البعض إلى المجلس الإسلامي الاعلى بفلسطين للوساطة بين ابن السعود علي، فكتب رئيسه الحاج أمين الحسيني إلى ابن سعود برقيا فأجابه عبد العزيز بالاكاذيب التالية:
امين الحسيني رئيس المجلس الإسلامي الاعلى بالقدس
(يحزننا أن تكون وساطتكم في وقت متأخر!، فانا منذ سبع سنوات نتوسل بجميع الوسائل لاحلال الصلح والوفاق محل الجفاء والشقاق فلم تثمر مساعينا، وكنا كلما لنّا للحسين تجافى، فتصريحاته المتكررة في شرقي الاردن التي تبرهن عن نواياه الاكيدة في بلادنا، ومنعه رعايانا ست سنين من أداء فريضة الحج من عسير وغيرها ومعاملته كافة حجاج بيت الله الحرام وعجزه عن تقرير الامن في الحجاز مما أجبرنا أن نتخذ التدابير الفعالة لتستقر الحالة في بلاد الحرمين وليأمن مستقبل بلادنا، وانا نرغب في وجود ادارة في الحجاز تكفل حقوق جميع المسلمين بوجه المساواة، وتضمن راحة الحجاج، وتزيل عنهم المظالم كلها وتجعل الحكم خلافة يختارها أهل الحجاز لاملك) الخ…
ويقول العطار: “كما أن الملك عليا بعد توليته أبرق إلى ابن سعود عن طريق البحرين يقول له:
“ان رغبتنا في السلم يسود الجزيرة كلها، وان امنيتنا تسوية الخلاف بين نجد والحجاز بمؤتمر ينتهي فيه مبادئ في مؤتمر الكويت، ونطلب اليكم أن تلبّي هذا النداء حقنا لدماء المسلمين وصونا لارواحهم، وإذا أردت ذلك فلتأمر قواتك المحتلة بالانسحاب إلى الحدود النجدية، فأجاب ابن سعود: “بأن الصلح مستحيل ما دام أبناء الحسين يتوارثون ملك الحجاز، وبأن الحجاز للعالم الإسلامي فهو يقرر مصيره”!…
وبالرغم من الحصار الانكليزي، فقد رفض علي ورجال حكومته هذا الجواب الذي يفيد أن الصلح لا يتم الا إذا بارح علي الحجاز!، وهذا طلب غير مقبول بالطبع عند قوم لم يحكموه إلا لبقاء الحجاز، بعيدا عن سلطان ابن سعود، واخذوا جميعهم يفكرون في الوسيلة التي تخلص البلاد من هذا الجيش السعودي المتوحش الزاحف المحتل القابض على زمام مكة والطائف وما بينهما من قرى وبوادي والذي يدعمه الانكليز بكل الامكانيات…
وبينما كان هؤلاء غارقين في التفكير كان ـ ناجي الاصيل ـ في لندن يبذل كل جهوده لحمل الحكومة البريطانية على حماية الحجاز من ابن السعود بما لها من نفوذ قوي على ابن سعود!!.
ولكن بريطانيا اعتذرت وواصلت دعمها لابن السعود وقالت “بأن المعاهدة التي سبق أن قدمتها بريطانيا للحسين سبق أن عدلها الحسين “تعديلات” لم توافقها، والان وقد تخلى الحسين عن الملك فلا يمكن أن يفاوضنا فيها أحد”!! بكل صراحة!!.
ولكن بريطانيا اعتذرت وواصلت دعمها لابن السعود وقالت” بأن وصل من بريطانيا توقيع المعاهدة الاولى التي كانت في صالح الحجاز، وما دام الحسين قد اعتزل الملك وبارح البلاد فان الحجاز ما يزال في مكانه!! وملكه الحاضر (علي) لم يشترك في التعديلات التي قام بها أبوه، وهو موافق على تلك المعاهدة ـ قبل تعديل الحسين الذي لم يوافقها ـ وفي وسع بريطانيا الموافقة عليها لتعتبر نافذة…!!.
ومع كل هذه التنازلات اجابت بريطانيا، بأنها لا تستطيع عمل أي شئ مع حكومة علي قبل أن ينجلي الموقف الحاضر.. وانجلاء الموقف هو دعم ابن السعود ليحتل الحجاز.
بل طلبت حكومة علي من بريطانيا أن تتدخل في الصلح بين الملك علي وعبد العزيز آل سعود فأبت… وتغيرت الوزارة البريطانية التي لم توافق على توقيع المعاهدة التي حاول معها ناجي الاصيل على توقيعها وقامت مكانها وزارة المحافظين برئاسة المستر بلدوين، فسئل عن موقف حكومته من النزاع القائم بين ابن سعود و”علي” فأجاب في صراحة تامة” “ان الحكومة البريطانية لا تنوي التدخل في النزاع القائم من أجل الاراضي المقدسة الإسلامية وانها ستبقى على الحياد.
وليس في نيتها الوساطة بين المتنازعين بحال من الاحوال”!… وهل تجد بريطانيا عمالة تساعدها في خلق الكيان الصهيوني في فلسطين كالعمالة السعودية؟!… ولهذا.
أخفقت “حكومة علي” الهاشمية من يومها الأول اخفاقا مرا، فلم يصادفها الحظ السعيد في خطوة من خطواتها ولا في عمل من أعمالها ولا في مناورة من مناورتها الكثيرة، ولم يجدها اجبار الحسين على التنازل، بل أضرها تنازله ضرراً بليغاً فقد عجل بمصيرها المحتوم لها، فها هي عاجزة عن تكوين جيش قوي، ولكن من حسن حظها ـ أو من سوء حظها لا أدري ـ أتت إليها نجدات من الامير عبد الله ـ أمير الاردن ـ قوت عزيمتها وأحيت الامل فيها، فرأت أن تكتب إلى ابن سعود خطابا غير الخطاب الأول تختمه بالتهديد والوعيد، وتلوح له بالنار والحديد، فلعله يستخذي ويقبل الصلح ان لم يقبل بالاغراء واللين والكلام الطيب، ووجه الكتاب باسم الملك علي وقد جاء فيه:
“من علي بن الحسين إلى صاحب العظمة السلطان عبد العزيز عبد الرحمن الفيصل آل سعود
أما بعد، فاني لعلى يقين من أن التسافك في الجزيرة يقطع الارحام ويذهب بالاحلام ويغري عدو العرب على الاستفادة من الخصام، وانت تعلم أنه عدو شديد عنيد لا يستنيم إلى رعاية العهود ولا يطمئن إلى السكينة، فماذا أنت فاعل وقد بسطت لك الحالة كما هي من غير تشويه في حقيقتها أو لبس في مظاهرها؟
ان أقصى رغبتي هي أن يسود السلام في الجزيرة ، وان تعود السكينة ما بين نجد والحجاز واني لباسط لك رأيي في السلم ومقترح عليك عقد مؤتمر لازالة بواعث الخلاف، وينبغي أن تعلم عظمتك أن تدخّل الاجانب الاعداء بين الامم المسلمة ـ وخاصة الانكليز ـ ضار بنا وبمصلحة بلادنا العربية وهذا التدخل لا يبعد أن يجر إلى تشاحن عظيم، وهذا أمر لا أرغب فيه ولا أوافقك عليه”.!!.
ثم قال: “فما شأن الاعاجم في بلادنا؟ وانت تعلم أن لهم من مشاغلهم في بلادهم ما يضطرهم إلى التنحي عن الاهتمام بمصير الحجاز فإذا هزم جدوا في استقلال بلادهم كان ذلك اجدى من كل أمر” وقال: “لقد عرفنا الانكليز قبلك، ولو وجدنا فيهم مثقال ذرة حب للعرب لاطعناهم فيما عرضوه علينا ولو أطعناهم في خيانة العرب لاعطونا ما نريد ولكننا رفضنا”.
ثم قال:”واقترح عليك عقد مؤتمر يحضره مندوب الطرفين للصلح والرجوع إلى اتمام المفاوضات التي دارت في مؤتمر الكويت”.
ثم طلب إلى ابن سعود “جلاء الجنود السعوديين من الاراضي الحجازية المحتلة وإلا فسنستردها بالسيف”
ثم ختم الكتاب بهذا التهديد:
“فإذا لم يبلغك صوتي ويصلك نذيري فاني مضطر إلى الاصطلاء بنار الحرب بلا شفقة ولا رحمة، وللتاريخ بعد ذلك حكمه الذي لا يرد في الباغي منا فإذا كنت باغيا فلا يذكرني التاريخ بخير، وان كنت أنت الباغي حقت عليك كلمة الله وليس الله بغافل عما يعمل الظالمون”!.
تلقى ابن سعود هذا الخطاب فاستبد به الغضب وعرضه على جون فيلبي فابتسم وقال لعبد العزيز: “اننا سنستفيد من هذا الخطاب ونستشير به بريطانيا ضد الشريف علي ومن هذا الكتاب يتضح ان ما به من اغراء أو تخويف ليس إلا محاولة ياءس استبد به القلق وانتحر في نفسه وفر من قلبه الثبات، واعرف أن ذلك “بداية النهاية” فلا ترد عليه ردا قاسيا”…
وكتب في 18 ربيع الثاني إلى “علي” برقية صاغها جون فيلبي باسم عبد العزيز آل سعود “صافية القول سهلة العبارة” وهذه برقية “ابن سعود”:
البحرين في 16 نوفمبر سنة 1924 م .
“الشريف علي ابن الشريف حسين
اني احترم شخصكم احتراما عظيما، ولكن معاملة والدكم لأهل نجد وسائر المسلمين هي التي جعلتنا نقف هذا الموقف، فإذا كنتم تحبون السلام، وحقن الدماء أخلوا الحجاز، وانتظروا حكم العالم الإسلامي فان اختاركم أو اختار غيركم فنحن نقبل حكمه بكل ارتياح، أما إذا بقيتم في أرض الحجاز فان مسؤولية ما يقع من الحوادث يقع على عاتق غيرنا”!!!
كان ابن سعود جازما ـ بحول الانكليز وقوتهم ـ بأن أجل حكومة “علي” قصير، ولكن الملك علي كان يأمل البقاء بالحجاز ان سلماً وان حرباً، وقد مهد له خيط الرجاء خط الدفاع الذي أنشأه حول جدة على شكل هلال ينتهي طرفاه إلى البحر وطوله ستة أميال، ووجود فريق من المسلمين والمسيحيين أتوا جدة للوساطة بين العاهلين، وكلهم ينتظر مجئ ابن سعود إلى الحجاز لأن فيه مقطع القول.. وقد كان!!!
مكر اليهود
بعد أن تعالت الاحتجاجات في العالم الإسلامي والعربي ضد المجازر السعودية وجرائم النهب وهتك الاعراض في الحجاز، حاول الاحتلال السعودي والخبراء الانكليز تضليل الناس والقاء جرائم الدماء على “الاخوان” الذين تتكون أكثريتهم من قبائل عتيبه ومطير، وزعموا أن هؤلاء هم الذين ارتكبوا هذه المذابح دون معرفة ابن سعود بدليل أن رجال الدين الوهابيين المؤتمرين بأمره قد أصدروا الفتوى بعدم دخول مكة بالسلاح وقالوا:
“ان دخول الحرم الشريف بقصد القتال حرام وان ابن سعود أعجب بصراحة علمائه وتقواهم فأمر جيش ـ خالد بن لؤي ـ ألا يدخل مكة بقصد القتال فيها،أما إذا وجدها خالية فلا بأس من دخولها، فإذا ظهر له أن دخولها سيحدث قتالا فيها فليرجع”!! “فليرجع”… كذا؟!.
وبعد هذه الفتوى المقصود بها الاستهلاك الخارجي… طلب ابن السعود من “عملائه” أو علمائه أن يجتمعوا باستمرار لاصدار الفتاوى ضد الاخوان!!.
أي .. ضد الجيش السعودي المتوحش المؤتمر بأمرهم!..
“وبينما هم كذلك ورد ابن سعود خبر دخول خالد بجيشه مكة بدون قتال فرأى أن الوقت قد حان لتحقيق أمانيه الإسلامية وأماني المسلمين المخلصين في الاراضي المقدسة، فصمم العزم على أن يبعث أحد أبنائه إلى مكة للاجتماع بوفود المسلمين والتشاور معهم في العمل النافع الذي يضمن لها سعادتها ويرد إليها مجدها المسلوب وعزتها الضائعة، ثم رأى أن حرمة بيت الله تقضي عليه أن يذهب بنفسه إلى مكة ليتولى شؤونها ويجتمع بأهلها وبالمسلمين لتقرير مصيرها وعزم على السفر”* يا سلام!!.
وكتب عبد العزيز إلى الامام يحي امام اليمن:
“أما بعد، فقد استقبلت الطريق إلى مكة غير باغ ولا آثم “!” فليتفضل الاخ العظيم بارسال من يمثله في مؤتمر مكة حبا بنشر السلام بين أمم الإسلام”!.
كما بعث هذه الكلمة نفسها إلى ملوك المسلمين وامرائهم المستقلين!.
مستقلين جدا!… ثم جمع من كان لديه من “العلماء” والامراء والقادة والقى عليهم كلمة ابان لهم فيها غرضه من السفر إلى مكة فقال بعد أن حمد الله وأثنى عليه.
وشكرا الانكليز!…
“اني مسافر إلى مكة لا للتسلط عليها “!” بل لرفع المظالم والمغارم التي ارهقت كاهل عباد الله”!… الله… الله! يا بدوي جاب اليسرى!…
أية مظالم ومغارم وتسلّط غير ما فعلته السعودية من مظالم ومغارم وتسلط؟؟!.
وقال: “اني مسافر إلى حرم الله لبسط أحكام الشريعة وتأييدها “!” فلن يكون بعد اليوم سلطان إلا للشرع “!” ويجب أن تطأطئ جميع الرؤوس له”!! ياله من هراء سعود!!.
ويتابع قوله: “ان مكة للمسلمين كافة فيجب أن يكون أمر ادارتها وتنظيمها طبق رغائب العالم الإسلامي”!!.
فهل أصبحت للمسلمين حقا؟!!.
ويتابع أكاذيبه: “اننا سنجتمع بوفود العالم الإسلامي هناك، وانا سنتبادل معهم الرأي في كل الوسائل التي تجعل بيت الله بعيدا عن الشهوات السياسية “!” وتحفظ راحة قاصدي حرم الله”.!!! كذا…
وزعم عبد العزيز حرفيا: “أن الحجاز مفتوحا لكل من يريد فعل الخير من الافراد والجماعات”!.
فهل أصبح الحجاز كذلك يا فجّار القول والعمل؟؟.
انّه مغلق، في وجوه العرب والاصدقاء ومفتوح للامريكان.. ولكنه كما قال للعطار: “لقد أردت بهذا الخطاب أن اقطع الطريق على خصومي حتّى لا يستغلون قدومي إلى الحجاز ويؤولوه تأويلا سيئا، واقطع به كل مظنة المغرضون!”.
هنالك صدق الطاغية…
وسافر المستشار السعودي حافظ وهبة إلى مصر ليكتب بعض الهراء ويرد به على أقوال الصحف المصرية حينما كتب في جريدة “البلاغ” التي تصدر في الاسكندرية تعليقه على كلمة ابن سعود تلك فقال:
“بهذا المنهج يذهب سلطان نجد إلى أم القرى مشهداً الله والناس على أنه لا يتردد في تنفيذ ما صحت نيته على تنفيذه وما انتوى عمله، فما أسمى الغاية التي ينشدها؟؟
وما أحراه بتأييد العالم الإسلامي قاطبة له في تلك المهمة الشاقة التي عهدت الظروف إليه اداءها، وان لهجة السلطان لتذكرنا بلهجة السلف الصالح! كما أن سيرته واستقامته وقوة إيمانه تبعث الاطمئنان والارتياح في نفوس المسلمين فالرجل لا يسعى وراء الجاه والحطام الفاني “!” وانما يريد جعل أم القرى كما كانت في العهد السالف منبع الحكمة وموطن الشريعة، انّه يريد تطهيرها من الارجاس والخبائث التي انتشرت فيها منذ أن انصرف اشرافها عن شؤون الدين وأوغلوا في التعلق بالدنيا والتفاني في زخرفتها وزينتها فلم يرعوا حرمة المكان ولم يبالوا سعدت البلاد أم شقيت!! ارتفعت كلمة الدين أم انحطت؟؟ ما دام نصيبهم من الحطام الفاني مضمونا يستولون عليه لسد شهواتهم، وقد علمتنا الحوادث ان السلطان ابن سعود ما وعد إلا وفى، ولا صمم على شئ إلا نفذه بقدر ما استطاع فإذا قال: انّه ذاهب إلى أم القرى بالمنهج الذي ذكرناه فاننا نثق بأقواله ونؤمن باخلاصه وصدق طويته”!!!…
وما اكذب كاتب المقال العميل…
موكب الوحوش المرعبة يدخل مكة
واستنفر عبد العزيز كافة أهل نجد ـ بالاكراه ـ ليواكبوا ركبه إلى مكة، فيرعبهم بهذا الموكب الذي بلغ افراده قرابة الـ /15000/ مرافق مسلح.. ودخل مكة… واعتلى الدكة… وحشروا أهلها في “السكة” ليلقي فيهم خطابه الارتجافي السمج، فتقدم مستشاره حافظ وهبة ليقدمه بخطاب قال فيه: (أولا ـ ان عبد العزيز لا يريدها الارتقاء الذي تدعون إليه ولا نريد إلا الارتقاء الذي نمشي عليه بموجب الدين، والامر الثالث هو أن عبد العزيز ـ كما ستسمعون منه ـ لا يريد أن يكون هذا البيت ملكا لأحد بل مشاعا (!) بين المسلمين ، ولكل شعب من الشعوب الإسلامية ولكل فرد من أفراد العالم الإسلامي حقه فيه..
والامر الرابع هو أن التجارب السابقة دلت على أن الحسين وآله غير صالحين لادارة هذه البلاد وأن عبد العزيز بن سعود أصلح)… ابن سعود أصلح!.
ووقف عبد العزيز آل سعود يرغي، وقد ورد في الصفحة 464 من كتاب “صقر الجزيرة” للعطار هذا النص الحرفي من خطابه:
“أنا عبد العزيز بن سعود .. والله وبالله وتالله ورب هذا البيت ومالحرم ـ والمقدر كائن ـ وهذا هو المقسوم، وكان من أحب الأمور الّي أن يقيم الحسين شرع الله (!) في هذا البيت فأفد عليه مع الوافدين أقّبل يده (!) ولكن هكذا شاءت ارادة الله (!) أن أقضي عليه (!) ولو لم يلحق الامر الاديان والنفوس لما أقدمنا على ما أقدمنا عليه فقد قرر الحسين اذابة وتقسيم بلادنا (!) وتوزيعها
وأصر الحسين وأخذ يعمل وهذه جريدة القبلة تشهد على دعوته لاضاعة بلادنا باسم الوحدة العربية واعطاء بلادنا لرعاع العرب، وان كان الحسين قد أمّروه الاتراك فنحن لم تؤمّرنا غير سيوفنا، والانكليز وأهملوه لانهم عرفوا أن ما فيه خير، وان كان هذا يعجبكم فينا فتعالوا بايعونا!!”… الخ..
فأجاب الحاضرون: “كلنا نبايع!… كلنا نبايع!..”.
فقال عبد العزيز: “قولوا لنا بصريح القول ما عندكم؟!.
فقال الحاضرون: “ما عندنا غير هذا”!!… ص 465 “صقر الجزيرة”.
وفي الصفحة 477 من كتاب “صقر الجزيرة” للعطار ورد النص التالي:
واجتمع عبد العزيز بن سعود برجال مجلس “الشورى” الاهلي المنتخب برئاسة عبد القادر الشيبي واتفقوا على ان تقوم البلدية (!) بتنبيه الناس عند وقت كلّ صلاة فينادي منادي البلدية!:
“يا معشر المسلمين! على كل واحد منكم إذا سمع المؤذن ان يبادر للصلاة في الحرم مع أحد الائمة الاربعة!، ومن كان بعيدا عنه فليصلّ في أقرب مسجدا!، وقد جعلنا من رجال البلدية وغيرها من يناظر المتأخر عن الصلاة لتقرير الجزاء الشرعي عليه بالجلد والحبس!” ص 465 من “صقر الجزيرة”.
وهكذا شغل الاحتلال السعودي “رجال التنظيمات” وأعضاء مجلس الشورى بملاحقة الناس!.
لاشغالهم عن ملاحقة جرائم الاحتلال السعودي.
وبدأت باسم الدين المزيف ملاحقة الوطنيين وسجنهم وجلدهم في الشوارع وقتلهم وتقطيع أيديهم وأرجلهم… وبعدها:
قامت البواخر الحربية الانكليزية بمحاصرة جدة ومنعت دخول أي نوع من الطعام والسلاح والوقود والكساء، بل منعوا دخول الحطب والفحم من مكة إلى جدة!.. وأعلن الاحتلال السعودي في مكة أن الشريف علي وحكومته هم الذين منعوا الطعام عن مكة ليثير الشعب ضده فكتب المستشار السعودي حافظ وهبة بتوجيهات من جون فيلبي رسالة نيابة عن أهل مكة ليوقعها عدد من المواطنين لكن زمرة عميلة وقعتها فقط، وهذا نصها:
“إلى صاحب السمو حضرة الامير علي وفقه الله
لا يخفاكم أننا جيران بيت الله الحرام الذي قال الله في حقه “أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف”! و”أولم نمكن لهم حرما آمنا يجبى إليه ثمرات كل شئ رزقا من لدّنا” فأين عملكم من توصية الله بنا؟؟!!
وما السبب في اقدامكم على منع القوت عنا وايصال الاضرار الينا؟ ألأن قوات نجد وجيوشها دخلت مكة؟؟ لسنا المسؤولين عن ذلك بل أنتم المسؤولين عنه عند الله وعند خلقه!:
أولا ـ لأنكم لم تعملوا على اصلاح ذات بينكم لإزالة أسباب الخلاف بينكم وبين نجد وإمامها وغيرهم حتّى يكون حرم الله آمنا!.
ثانيا ـ عند دخول جيوش حكومة نجد الطائف طلبنا منكم تخليص “عائلاتنا” ومحارمنا وأموالنا من الطائف فأبيتم ذلك وأعطيتمونا العهد بالمحافظة ثم شردتم وتركتمونا، فلا أنتم حافظتم علينا ولا سمحتم لنا بالخروج حتّى كان ما كان، ثم لما قدمتم مكة راجعناكم أنت ووالدك مرارا فوعدتمونا بالدفاع عنا برقابكم ثم شردتم وتركتمونا فوضى، واننا نخشى عليكم عقوبة ما جرى على بيت الله الحرام من الخوف والهلع، وبعد ذلك أعلنتم أنكم ما خرجتم من مكة إلا حقنا للدماء، فسموكم تورعتم عن قتل أهل نجد وأبحتم المصيبة لجيران بيت الله بمنعكم الارزاق وحجزكم معايشهم.
والان نسأل سموكم ان كان جيران بيت الله مجرمين فأنبئونا نستغفر الله، وان كنا فقراء ضعفاء لاجئين إلى بيته فما السبب في التضييق علينا في ارزاقنا وانفسنا، فان كنا مجرمين من جهة الحكومة النجدية فليس لنا يد في دخولهم ولا طاقة لنا على اخراجهم، ولكننا نرجو الله ثم سموكم أن تفعلوا أحد أمرين:
اما أن تقدموا بجيوشكم وتخرجوا الحكومة النجدية حتّى تتفتح لنا طرق أرزاقنا
واما أن تتركونا وتتركوا جدة محل معايشنا!”… وهنا بيت القصيد السعودي!…
والكتاب مؤرخ في 18 جمادى الاولى وموقع من الشيخ عبد القادر الشيبي وبعض “العلماء” وبعض “وجهاء” مكة، وقد أرسلوه إليه ولبثوا ينتظرون الجواب “علماً أن هذه الزمرة المترفة وأمثالها لم يقاتلوا العدو السعودي!…
يتضح هذا في عدد الجند الهاشمي البالغ 500 جندي فقط!…”…
غير أن الملك علي أجابهم جوابا حماسيا في المنشور الذي ألقاه على مكة باحدى طائراته في 19 جمادى الاولى ونقتطف منه ما يلي:
” لم نمنع الارزاق عنكم إلا مكرهين فالبواخر الحربية الانكليزية تجوب البحر وتمنع أي باخرة متجهة إلى الحجاز، كل ذلك خدمة للمجرم السعودي الذي يدعي الإسلام وهو يعبد الانكليز، ونحن على يقين أن كتابكم الذي وصلنا لم تحرروه إلا مرغمين، بل لم تحرروا منه كلمة واحدة وانما حرره العدو السعودي نفسه عميل الانكليز، وعلمنا من مآله أن العدو لم يضطركم إلى هذا إلا لضعفه وعجزه، انني لم أترك مكة إلا لأمرين: أولهما عدم القتال فيها حرمة لها “!” والثاني حفظكم من مثل ما حصل في الطائف، واني عاهدت الله على الموت في سبيلكم وانقاذكم بعون الله، فاصبروا صبر الكرام، وقريبا ان شاء الله يكون الاجتماع بكم في حرم الله على أسر حال!”…
ثم يقول هذا المنشور الملكي: “ان كان هو “أي ابن سعود” وأذنابه يحترمون حرم الله وجيرانه ويعملون مثل عملي ويخرجون خارج الحرم ـ ويتركونه حرماً آمنا للناس أجمعين ـ فهناك تظهر حقائقهم ان شاء الله ويرون كيف الذود عن الحياض والدفاع عن الحوزة، وان لم يخرجوا ولبثوا في مكانهم جامدين فاننا سنوافيهم من بين أيديهم ومن خلفهم ومن فوقهم حتّى تكون كلمة الله هي العليا”!…
هنالك بلغت خدمة المخابرات البريطانية أقصاها لآل سعود حينما تحول جون فيلبي وأمين الريحاني وطالب النقيب إلى جدة بحجة خدمة الاشراف!
أجل .. في هذا الوقت بالذات، انتقل إلى جدة جون فيلبي وزعم أنه تحول من خدمة آل سعود لخدمة الشريف علي بن الحسين!! وان ابن السعود لم يسمح له بالبقاء في مكة لانه مسيحي كافر!! (كذا) وتبعه أمين الريحاني الكاتب اللبناني المعروف، وطالب النقيب الزعيم العراقي الذي عمل وزير داخلية للعراق في عهد حكم السير برسي كوكس وجون فيلبي في العراق…
وجاء الريحاني والنقيب بحجة جاسوسية أخرى هي: حجة “حقن الدماء” ربما حقنها في بطن عبد العزيز، وارفقوا لحقن الدماء حجة أخرى هي التوسط والصلح بين الشريف علي وعبد العزيز آل سعود، واستخدموا حسين العويني اللبناني الذي فتحوا له تجارة في جدة وكان يحمل صفة “التاجر اللبناني”، وفيما بعد الجنسية السعودية وأولاده، وأصبح رئيس وزراء للبنان رغم كونه سعودي الجنسية وما زال أولاده سعوديين ـ لبنانيين ـ ومحلاتهم في جدة … هؤلاء الجواسيس الانكليز الريحاني والنقيب والعويني وغيرهم من مفارز جون فيلبي لعبوا أقذر الادوار الانكليزية لصالح آل سعود، وكانوا يكتبون رسائل المعلومات ويبعثون بالتقارير من جدة إلى مكة حيث يقيم ابن السعود ينتظر معلوماتهم التي يحملها حسين العويني وغيره.
ويقول العطار في الصفحة /484/ من كتاب “صقر الجزيرة”: انّه بدأ تعريف حسين العويني لعبد العزيز آل سعود من قبل أمين الريحاني في التقرير الذي بعثه مع العويني بقوله: “ان للصديق حسين العويني التاجر السوري
علاقات تجارية في مكة وجدة وهو يحمل لكم بعض خبرتي ومعلوماتي وانني أثق بحسين أفندي كل الثقة وفي المعلومات اليسيرة التي سينوب عني بها ما يغني عن البيان فابعثوا بمن يلاقيه دائما في منتصف الطريق ـ بين مكة وجدة ـ محافظة عليه”!!..
وقد أرسل فيلبي والريحاني والنقيب رسائل ـ بمعرفة الملك علي ـ إلى عبد العزيز بحجة “الصلح بين علي وابن سعود” والمضحك أنهم حملوها لرسول من قبلك الملك علي!..
فعاد الرسول بالرد السعودي عن طريق الملك علي!… وفيه اشارات من ابن السعود لكل من فيلبي والريحاني والنقيب يبلغهم فيها “ان المعلومات ممتازة وان على: فيلبي والنقيب السفر إلى القاهرة لاننا قررنا الهجوم على ضوء المعلومات وعلى أمين الريحاني البقاء في جدة ليوافينا ببقية المعلومات لان دوره لم ينته بعد” وقد لعب هؤلاء الثلاثة فيلبي والنقيب والريحاني أدواراً مزدوجة، تتلخص في التجسس لحساب الانكليز وابن السعود عميل الانكليز الاكبر، وايهام “علي” أنهم معه!…
مع بث التفرقة بين “علي” وأعضاء حكومته!.. واثارة “الوجهاء” ضد علي.. واغراء “الوجهاء” بالمنافع التي سيقدمها آل سعود وتخويفهم من المضار التي سيجنيها هؤلاء من سكوتهم على “علي” الذي يعمل مع والده لتوحيد البلاد العربية كلها وإضاعة اسم الحجاز والاسلام، كما قال فيلبي.. كما قام فيلبي بتخريب الطائرات وافساد مفعول قنابل الطائرات والمدافع التابعة للشريف علي…
وقام الريحاني والنقيب بتثبيط عزم “علي” وبذر الشكوك لديه في أقرب المخلصين اليه، وتثبيط عزمه عن مقاومة ابن السعود… ومن ذلك هذه المعلومات التالية التي بعثها أمين الريحاني ـ لعبد العزيز مع حسين العويني ننقلها كما هي وكما وردت في الصفحات 587 و588 من كتاب “صقر الجزيرة” عن الطائرة الهاشمية التي ضربت القوات السعودية في ضواحي مكة:
(الطيارة الهاشمية: التي أشرفت على مكة للاستكشاف يوم السبت الماضي تجاوزت الاوامر وعوقب طيارها بالحبس.. وكنا السبب في حبسه.
الحكومة والجند اصبحا في قلق وارتياب مما شاع هذا المساء بخصوص تقدمكم إلى جدة ولقد جعلتهم يأبون التربص، والامتناع عن الحركات العسكرية الحربية وتمكنت من توقيفهم يومين آخرين إلى مساء الاحد، فأرجوكم أن تخابروني حالما يصلكم كتابي هذا ليصلني جوابكم مساء الاحد…
لكسب ثقتهم لصالحكم! وإذا كان النّجاب لا يرجع في اليوم الثاني ارسلوا الجواب مع نجّاب آخر من عندكم في كل حال انتظر جوابكم مساء الاحد في 9 الجاري فلا تخيبوا أملي)…
وجاء الرد السعودي لأمين الريحاني.. وأبلغه “النجاب” السعودي بموعد الهجوم وان دوره انتهى وانه “كي لا يكتشف أمرك: عليك أن تسافر إلى القاهرة”…
وقد سبقه صاحباه فيلبي والنقيب إلى القاهرة.. فلحق بهما وسافر من جدة في 9 رجب 1343 هـ ـ 3 فبراير 1925 ، بعد أن تمكن من الايقاع بين الشريف علي ووزير حربيته تحسين الفقير، إلى حد أن عليا وبخه باثارة من الريحاني..
وباثارة من الجاسوس الريحاني أمر علي بحبس ضابط المراقبة عبد الفتاح اللاذقي عشرة أيام جزاء له بحجة أنه عصا أمر الريحاني “الكاتب الكبير” وأرسل طائرة الاستكشاف إلى مكة لكشف تحركات الجيش السعودي!…
وحصلت مشادة عنيفة بين الريحاني ووزير الحربية تحسين الفقير ووزير البحرية عارف الادلبي… ثم أثار الجواسيس الثلاثة ـ فيلبي والريحاني والنقيب ـ الذين يزعمون أنهم جاؤوا ـ لخدمة علي ـ أثاروا جميع وزراء “علي” ضده!، ولما تم كل شئ لصالح الرجعية السعودية، أرسل جون فيلبي رسالة إلى عبد العزيز يحدد له أن يتقدم لغزو جدة في نهار السبت 8/6/ 1343 هـ ويحدد له المواقع التي يجب الاستيلاء عليها أولا ومنها: “النزلة” و”الرويس” في جدة “وقصر ابن منصور” الذي يشرف على جدة “وموارد المياه” خارج سور جدة.
الدور الوطني لتحسين الفقير، وموقف الاتحاد السوفييتي
وقد عمل فيلبي على تخريب اثنا عشر مدفعا صغيرا وكبيرا وعشرة مدافع رشاشة وكانت كلها صالحة للعمل، كما عطل خمس طائرات حربية ايطالية لم يصلح منها غير واحدة… ولما وصلت مكانها خمس طائرات ألمانية جديدة تستطيع الطيران ست ساعات إذا أخذت كفايتها من الوقود ثقب فيلبي وجواسيسه براميل الوقود، وتعطلت، وقد اتصل تحسين الفقير ـ وزير حربية علي بن الحسين ـ بالقنصل السوفييتي في جدة عبد الكريم حكيموف وشرح له موقف الانكليز مع ابن السعود وطلب منه ارسال بعض الاسلحة والطعام والبواخر الحربية التي يمكن لها أن تفك حصار البواخر الانكليزية وكذلك ارسال بعض الطيارين الروس الخ.. فوافق عبد الكريم حكيموف وكتب لحكومته، وبالرغم من ضعف روسيا آنذاك وعدم اقرارها تقديم المساعدات لبلد غير شيوعي فقد أرسلت ثلاث طائرات وخمسة مهندسين لها وثلاثة طيارين، أحدهم كان من الصنف الملكي الروسي الردئ فاغري بالهرب إلى إيران واعطاء تصريحات ضد الملك علي لصالح السلطان عبد العزيز آل سعود…
أما الطيار الثاني فقد وضع له مهندس الطائرات ـ الانكليزي ـ الذي يعمل لدى وزارة الحربية الهاشمية، قنبلة في طائرته فانفجرت في منطقة الرغامة بينما كان يضرب الحشود السعودية واحترقت الطائرة في يوم السب 23/6/1343 هـ 17/1/1925 م وكان اسم الطيار تشيراكوف، وكان معه في الطائرة كل من العربيين عمر شاكر وعبد الفتاح اللاذقي… وكانا من المناضلين ضد الاحتلال السعودي…
وتابع المهندس الانكليزي وضع القنابل في الطائرات، فاحترقت الطائرتين الروسيتين وسقطت احداها في الطائف ولم يمت طيارها الروسي ومن معه لكن “الاخوان السعوديين” أجهزوا عليهم بالسيوف… وقد بذلت القوى العربية والوطنية في الحجاز جميع المساعي للحصول على قنابل جوية أو أسلحة من انكلترا وفرنسا ومصر وايطاليا فذهبت المساعي كلها أدراج الرياح لان الانكليز يطوقون كل هذه المساعي بافشالها لصالح عميلهم الاكبر ابن السعود…
ومقابل افشال مساعي شراء السلاح لصالح الحجازيين والثورة العربية، نجد الانكليز يدعمون ابن السعود بالعديد من الضباط الانكليز الذين نظموا قواته حتّى وصلت إلى /40.000 / مقاتل يمارسون أحدث الخطط الحربية على أيدي الانكليز كما ورد في الصفحة 498 من كتاب العطار “صقر الجزيرة”..
وقال” ان لدى ابن السعود العديد من الضباط الانكليز والعديد من المدفعية وبعد أن كانت الذخائر والمعدات الحربية قليلة زادت وأصبح لدى السعوديين من المدافع الرشاشة في ميدان جدة وحدها أكثر من خمسين، غير المدافع الجبلية والصحراوية والسيارات المصفحة والدبابات الانكليزية الجديدة ومع كل هذه الاسلحة كميات وافرة متزايدة من القنابل والرصاص”..
وكان فيلبي ـ يسك ت الفتاوى لرجال الدين السعوديين فيفتون للبدو ـ الذين ارتابوا بوجود هذه الاسلحة الضخمة وقادتها من “الكفار الانقريز” أي الانكليز ـ فيزعم رجال الدين: “ان هذه الاسلحة أخذها المسلمون غنائم مع قادتها الانكليز الكفار الذين كانوا يقاتلون لدى الشريف حسين وأولاده، وهذا دليل على كفر الشريف حسين وذريته، وان هؤلاء الكفار الضباط الانكليز يعملون الان معنا كخدم سخرهم الله للمسلمين وأنهم من ضمن الغنائم وانه لا يجوز قتلهم من قبل المسلمين لانهم أصبحوا يخدمون الإسلام”… الخ…
السعوديون “يطهّرون” الانكليز
ولقد ثار “الاخوان المسلمين” السعوديين ثانية لاكتشافهم أن هذا العدد الضخم من الضباط الانكليز جميعهم غير “مطهرين”!.
فحاولوا قتلهم مما اضطر عبد العزيز لحشد الضباط الانكليز أمام “الاخوان” في حفل حاشد وأمر بقطع ـ أغلفة ذكورهم ـ أي تطهيرهم!!!، وفرض على كل انكليزي “يطهّر” أن ينطق: بالشهادتين: “أشهد أن لا اله الا الله وأن محمداً رسول الله”…
وقد تم ذلك بحضور مشايخ الدين الوهابي: عبد الله بن حسن، عبد الرحمن بن عبد اللطيف من سلالة محمد بن عبد الوهاب، عبد الرحمن بن داود، محمد بن عثمان الشاوي، عبد الله بن زاحم، مبارك بن بار…
الذين أفتوا بدخول الانكليز الإسلام بعد أن أصبحوا غنائم للمسلمين ضمن أسلحة الشريف حسين وضمن الحجاز كله…
لكن كل هذه المناورات لم تنطلق على قادة الاخوان بل كشفت “اسلام” آل سعود الزائف، ومزاعم عبد العزيز لقادة الاخوان التي زعم فيها: “أن أهل الحجاز كفار مشركين” و”أنه جاء ليحارب الشريف حسين لانه أعلن نفسه ملكا، والاسلام ضد الملوك والملكية” لكن ما أن دخل الاخوان الحجاز واستسلمت جدة حتّى أعلن ابن السعود نفسه ملكا!…
فثار الاخوان بقيادة أكبر القادة السعوديين المتوحشين فيصل الدويش وسلطان بن بجاد..
أما عن العميلين أمين الريحاني وطالب النقيب فقد لعبا مع ـ رب الجواسيس السعوديين ـ جون فيلبي ـ في القاهرة أدوارهم لصالح ابن السعود بقطع الطريق على الحسين بن علي بعد أن انتقل من جدة إلى العقبة فاتصلوا “بالمكتب العربي” مكتب المخابرات الانكليزية الذي كان يتبع له الحجاز ولورنس قبل ابعاده عن الحجاز، وهذا المكتب لا يتعاطف بعض أفراده مع ابن السعود، لانه لا سيطرة مباشرة لليهود فيه، فاستطاع فيليب والريحاني والنقيب التأثير على المكتب فرفض الانكليز نزول الحسين لدى ابنه عبد الله في الاردن كما رفضوا أن يذهب لسوريا أو القاهرة أو العراق، فبقي الحسين بالعقبة يمد ابنه بالآراء ويبعث بالرسل إلى المانيا وروسيا وايطاليا يطلب السلاح ويمد ابنه علي بالرجال من أنصار الثورة العربية الاوائل من فلسطين وسوريا…
وراح الريحاني والنقيب يتصلان بوجوه مصر ـ الذين رفضوا استيلاء آل سعود على الحجاز ومنهم إمام الازهر آنذاك.
لاقناعهم بصلاحية عبد العزيز آل سعود على الحرمين وينشرون في بعض الصحف المصرية المديح لابن السعود وذم الحسين وأولاده.
ومع ذلك فقد تولت بعض الاقلام النزيهة في مصر كشف العمالة السعودية للانكليز وأدوارهم القذرة في مذابح الآمنين في الجزيرة العربية، فحاول الانكليز تغطية أدوارهم فأعلن الانكليز في بعض الصحف في مصر في 10 سبتمبر 1925 م “انهم عرضوا وساطتهم على ابن السعود لكنه أجاب، بأنني أعطي للعالم الإسلامي عهدا بأن يكون الحجاز ومكة ملكا مشاعا للمسلمين وانه لن يعلن نفسه مليكا عليها” وانتهى!!!..
وقد قصد الانكليز بهذا التصريح اعطاء ابن السعود المجال لرفض الوساطات العربية والاسلامية ما دام قد رفض وساطة الانكليز!…
وفي 3 ربيع الأول 1344 هـ ـ 21 سبتمبر 1925 وصل إلى الحجاز وفد مصر يتكون من الشيخ الاكبر محمد مصطفى المراغي ـ رئيس المحكمة العليا ـ وعبد الوهاب طلعت سكرتير الملك فؤاد وعرضوا الوساطة، وسلموه رسالة من الملك فؤاد يعرض عليه التوسط.
فأرسل ابن السعود حافظ وهبة ليقول للوفد المصري بكل صراحة “انّه ليس من اللياقة واللباقة أن يرفض عبد العزيز وساطة الانكليز أولياء نعمته وأصحابه وقادة جيوشه ويقبل وساطتكم”!!! كذا… وبكل صراحة وقلة حياء قالها للوفد.
وخرج الوفد غاضبا رغم نوعية ذلك الوفد الملكي.. وانزعج عبد العزيز لتحركات الحسين بن علي في العقبة.. فطلب من بريطانيا “ابعاده إلى مستعمرة انكليزية بعيدة غير عربية وغير إسلامية “ولما قال له الانكليز سنبعده إلى قبرص!!.. تساءل عبد العزيز “وهل في قبرص أحد من العرب والمسلمين”.
قالوا له: “لقد سبق أن مروا فيها قبل ألف سنة!!”.. قال لهم: “إذا إلى هناك أبعدوه”..!!
بريطانيا ترغم الحسين على السفر إلى منفاه الاخير في قبرص خدمة لعبد العزيز
وينقل العطار في كتابه “صقر الجزيرة” آراء عبد العزيز بخصمه “علي ابن الحسين” فيقول: (تولى الملك علي الامر وهو مدبر مشرف على الهاوية، ولو كان في مكانه أشجع الشجعان وأمهر السياسيين وأعظم الحكام عبقرية ودهاء وكفاءة لما كانت له الا هذا السبيل التي سلكها علي بن الحسين، فقد تضافرت بريطانيا التي رمت بكل ثقلها وأفكارها إلى جانب ابن السعود ولم يستطع الحسين وقيادته العسكرية أن يعملوا أكثر مما عملوا لتبييض الوجه حتّى النفي الاخير ولو كان خصمه غير بريطانيا المتفانية في دعم ابن السعود لتغلب عليها وعليه).
ويقول العطار نقلا عن عبد العزبز آل سعود:
(ومن الأمور العجيبة عندي أن يستطيع “علي” أن يقف أكثر من سنة والناس في الحجاز لا يقاتلون معه وخزينته لا تجود عليه بما يريد ورجاله ـ وليسوا كلهم ـ لم يكونوا أمناء مخلصين، والبواخر الحربية الانكليزية تحاصر الحجاز وتمنع الارزاق، وجنوده ـ الا بعضهم ـ كانوا مرتزقة يحاربون لحطام دنيا يصيبهم، ومعداته الحربية ضئيلة، والحوادث تترى ولا تمهله وهو محاصر من كل مكان وكل ما مر يوم زادت الكوارث عليه وضعفت موارده، وأهم مورد كان له أبوه، وها هو قد أجبر على الرحيل من العقبة ـ من الاراضي الحجازية ـ إلى قبرص الجزيرة النائية الموحشة الهادئة فمن أين يستمر في الحرب)؟!.
بل لم يستطع على أن يقاوم الا بضعة شهور بعد أن فارق أبوه العقبة، ولكي نوفي التاريخ حقه يجب أن نذكر قصة رحيله فهي مأساة من المآسي التاريخية وعظة من العظات البالغة لا تنسى.
كان الحسين في العقبة يجند الجيوش لابنه الملك علي ويمنحهم المال والزاد، ورأى ابن سعود أن وجوده قريبا نمه خطر عليه، أو بقاءه على الاقل في العقبة يضر به حربيا، ويؤخر احتلاله للحجاز.
فرأت انكلترا أن تخرجه منها.
وفي يوم الخميس 5 ذي القعدة 1443 هـ (28 مايو 1925 م) تلقى الملك الحسين بلاغا مصدره البارجة الانكليزية “كورن فلاور” الراسية بالعقبة ـ لتوجيه وتعزيز وسائل دفاعها عن ابن السعود ـ وهذا موجزه:
“إلى جلالة الملك الحسين.
من وكيل خارجية بريطانيا العظمى: ـ
“تبلغت حكومة جلالة ملك بريطانيا أن سلطان نجد هيأ قوة لمهاجمة العقبة وذلك لان حكومة جلالتكم بها، ولان حكومة الحجاز جعلت معان والعقبة بحالة عسكرية ضد ابن سعود فهي تدعوكم إلى مغادرة العقبة لكي لا تكونوا سببا لحصول مشاكل جديدة بين بريطانيا وسلطان نجد، وتصر بالحاج على وجوب مغادرتكم العقبة إذ لا يمكنها أن تسمح لكم بالبقاء أكثر من ثلاثة أسابيع”!..
كان هذا هو قرار النفي البريطاني للملك حسين وقد أوضحت به بريطانيا صراحة انحيازها وحمايتها لابن السعود…
وكان هذا الانذار شديد الوقع على نفس الحسين، فثار ثورة المهزوم الذي لا مفر منها، فما معنى هذه الملاحقة أينما ذهب؟..
وما معنى هذه الخدمات غير المحدودة التي تقدمها بريطانيا لابن سعود؟…
قالها الحسين وتساءل:” هل بريطانيا مهتمة باليهود إلى هذا الحد الذي جعلها تلاحقني وتبعدني من مكان إلى مكان خدمة لابن السعود لانني رفضت طلب بريطانيا في منحهم فلسطين بينما وافق عبد العزيز آل سعود على اعطاء فلسطين لليهود؟…
ومن أجل ذلك أخذت بريطانيا الحليفة تحسب لابن سعود حسابا، ومن أجله تطلب الي أن أغادر أرضا حجازية”.
ويقول العطار في كتاب “صقر الجزيرة” وأجاب الحسين جوابا شديد اللهجة ـ على برقية النفي البريطانية ـ كما يقول وهذا ملخصه الحرفي الذي أورده العطار:
(انني منذ ابتداء النهضة العربية حتّى هذه الساعة وأنا مخلص في ولائي لحكومة جلالة ملك بريطانيا ثابت على مبدئي اعتمادا على “شرفها” وعهودها ومواثيقها الرسمية التي قطعتها على نفسها بشأن محافظتها على حقوق العرب وتأمين الوحدة العربية والتصديق على استقلال العب ومنحها الحرية للشعب العربي الذي اشترك مع حليفته جنبا إلى جنب، وسفك دماء زهرة الشبيبة من أبنائه، وفادى بالنفس في سبيل الحصول على تلك الحرية الشريفة.
اني وأقوامي العرب حريصون أشد الحرص على تنفيذ أحكام تلك العهود والمواثيق التي كانت أساس النهضة العربية، واني فاديت بكل شئ وتخليت عن الملك وغادرت وطني حبا في السلم، وحقن الدماء وأتيت العقبة لا برهن للعالم أجمع بألا مطمح لي سوى سعادة أقوامي وبلادي، فلن أقف عن مساعدة الحكومة الحجازية بمالي الخاص الذي ادخرته لمستقبلي المجهول، لان من لا خير فيه لوطنه لا يرجى منه خير لحلفائه وأصدقائه.
ثبت على مبدئي، وأخلصت في عملي وقمت بواجبي، فما عليّ من غيري إذا لم يف بوعده ولم يقم بانجاز عهده، ونفذ مطامعه بقوة مدرعاته ورؤوس حرابه!!!.
… ولا أغادر العقبة الا إذا بلغت رفع الانتداب البريطاني والا فلن أبرحها ولو أدى الامر إلى هلاكي، وإذا شاءت بريطانيا فلتبعث بي إلى عالم المريخ”… الخ..
وقد حاول أصدقاؤه وابنه الامير عبد الله على أن يقبل الانذار البريطاني، ولكنه ظل حتّى الدقيقة الاخيرة متمسكا برأيه يرفض التسليم ولا يرغب عن المقاومة، فهمس في أذنه ابنه عبد الله انّه يجدر به ألا يكون سببا في ابعادنا من شرق الاردن ونفينا معه كما كان سببا في ابعادنا منا لحجاز لان مقاومته ستؤدي إلى ذلك حتما، فأذعن وهو يقول: “حتّى أنت يا عبد الله تقف مع الانكليز وابن سعود لتحافظ على مصلحتك الخاصة”.
وفي يوم الثلاثاء 24 ذي القعدة 1343 هـ (16 يونيو 1925 م) أبلغه قائد المدرعة البريطانية أن يستعد للسفر إلى الجهة التي اختيرت له في يوم غد.
وقال له مشافهة: انّه إذا أبى وقاوم فيستخذ تدابير أخرى، فطلب الحسين أن يقيم في حيفا أو يافا، فأبرق القائد إلى لندن فجاءه الجواب بالرفض وأبلغ أن عليه أن يسافر إلى قبرص!.
فقال الحسين: “انني مستعد للسفر إلى “المريخ” إذا أرادت بريطانيا ورأت أن في ذلك منفعة لعبدها عبد العزيز ابن السعود!.
وما دامت تريد ارسالي إلى قبرص فلا أعارض لان المسألة مسألة قوة!! وانما أطلب امهالي يومين أعد فيهما عدة السفر”!! فلم يمكنه القائد البريطاني حتّى قضاء اليومين.
وأجبره على السفر يوم الخميس فطلب الحسين أن يركب باخرته “الرقمتين” لنقله إلى الحجاز فأبى القائد البريطاني وقال “انّه لا عدول عن السفر بالبارجة ـ دلهي ـ المخصصة لركوبك”!!…
وفي الوقت الذي حدده الانكليز استقبل الحسين استقبالا رسميا حافلا، وخصص لحاشيته جناح خاص أفرد لهم.
أما من معه في هذه الرحلة فهم: زوجته، “والاميرات” بناته، واللواء جميل “باشا” الراوي وسكرتيره الخاص، وطاهيه، وخدمه، وحاشيته، ومؤذنه!!.
ولم يرض أن يتناول ما تقدمه البارجة الانكليزية من الطعام بل كان لا يأكل الا مما يقدمه طاهيه لادراكه أن بريطانيا سوف تغتاله فالمهم خدمة لعبد العزيز.
(وبالرغم من هذه النكبات المترادفة عليه فلم يفقد الحسين رجولته وقوته وثباته، بل كان مثال الصبر والجلد بعد الازمة النفسية التي مرت به قبل أيام.
ولفظة “المريخ” تكفي للدلالة على الهياج والسخط والتبرم بالانكليز لانه فجع في أحلامه كلها يحطمها الانكليز ويفقده الانكليز حقوقه كرجل لا لسبب الا لكونه أراد الوحدة العربية ورفض ما وافق عليه آل سعود ـ وعبد العزيز ـ خاصة ـ باعطاء فلسطين لليهود).
واستسلم مرغما لقضاء الانكليز وقدرهم وبدأ يعلل نفسه ومن معه بترديده لقول الامام الشافعي:
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها!!!
ورست الباخرة على ميناء السويس يوم الجمعة وأبلغ قائدها الحسين انّه تلقى تلغرافا من دار المندوب السامي بأن ـ مندوب الحسين ـ السيد عبد الملك الخطيب قادم لمقابلته فسر كثيرا، وأخذ ينتظره من قبيل المغرب حتّى الساعة السادسة ـ أي إلى منتصف الليل ـ ثم مضى إلى غرفة نومه وأوصى حاشيته باكرام الضيوف.
وفي الساعة السادسة والنصف ليلا وصل عبد الملك الخطيب، والامير حبيب لطف الله، واسكندر بك طراد، وعبد الحميد الخطيب، فاستقبلهم رجال البارجة وحاشية الملك استقبالا طيبا وباتوا ليلتهم فيها.
(وقبيل الفجر أقلعت البارجة إلى القتال، ونهض الملك للصلاة فقيل له أن زائريه في بهو البارجة، فلما دخل عليهم اغرورقت أعين بعضهم بالدموع، فقال الملك وبدا في لحظته هذه كالبحر اتساعا وكالطود رسوخا: “هذا مقدر لا تيأسوا:
مشيناها خطى كتبت علينا ومن كتبت عليه خطى مشاها!)
وبينما كانت البارجة تجتاز قنال السويس جلس الملك وزواره يتحدثون فقال الحسين اني معترف بأني كنت مخطئا أجهل حقيقة الاوربيين وخاصة الانكليز انهم لا صاحب لهم الا من يخضع لهم على الدوام وينفذ طلباتهم الخسيسة في كل زمان ومكان وقد سبقني لهذه المعرفة الدنيئة هذا الجلف عبد العزيز آل سعود…
وبالرغم من نفي الحسين إلى قبرص تنفيذا لمطالب عبد العزيز، فان عبد العزيز آل سعود لم يترك الحسين حتّى في منفاه في قبرص بل عمل ما بوسعه لدى بريطانيا وعن طريق جون فيلبي للتخلص من الشريف حسين بحجة “أنه قد يعود للتخريب ضده في الحجاز أو في أي بلد عربي آخر لانه ما زال يدعو للوحدة العربية وان مجموعات من الحركات القومية العربية الوحدوية بدأت تتصل به في منفاه لتجعل منه رمزا لها ضد اليهود والانكليز في فلسطين والمستعمرين الفرنسيين في بلاد الشام”…
فاقتنعت المخابرات الانكليزية بمبررات التحريض السعودي… فعملت على تحطيم الحسين أدبيا ومعنويا… ومن ذلك أنها حرضت “السفرجي” على مضايقة الملك حسين وهو يوناني باقامة دعوى ضد زوجة الحسين في محكمة انكليزية في قبرص زاعما أن زوجة الملك حسين قد خصمت ربع جنيه من راتبه، وكانت الدعوى مستعجلة، وما علم الحسين إلا بالشرطي يبلغ زوجته الحضور، واضطر للحضور إلى المحكمة الانكليزية مع زوجته، وقالت زوجته ان هذا الادعاء غير صحيح، وقال الحسين للسفرجي ومع ذلك لو أخبرتني فسأدفع لك أكثر مما تزعمه من دين تافه علينا!..
وبعد صدور حكم المحكمة الانكليزية ضد الملك حسين ـ بربع جنيه ـ للمضايفي… حاول الحسين فصل هذا “السفرجي” الذي ثبت أنه يعمل في المخابرات البريطانية لمراقبة الحسين، لكن بريطانيا “العظمى!” رفضت فصله وفرضته عليه!!!
وبعد فترة وجيزة وضعت المخابرات الانكليزية السم في طعام الحسين بواسطة هذا “السفرجي”… وتخلصت بريطانيا والسعودية واليهود من الحسين ودعوة الوحدة العربية!!!.
الدعوة التي كانت تغيظ الاستعمار والصهاينة وعبيدهم آل سعود، حتّى وان كانت “وحدة ملكية” لا تحمل أي مضمون تحرري اقتصادي، كالاشتراكية مثلا… ونقل جثمان الحسين إلى الاردن ليدفن بالقرب من ابنه عبد الله الذي سار في ركب الانكليز…
رأينا في الحسين
الحسين: ملكا… والملوك بطبيعتهم يختلفون عن سائر البشر… في التملك، والاستبداد… حتّى وان اختلفت مواصفات الملوك حسب قوة الشعوب وضعفها.. ومع ذلك فنحن ضد كافة الملوك، وضد الملكية بكل مواصفاتها وصفاتها الدستورية “والجمهورية” والهمجية السعودية… لكننا مع صفتين من صفات الحسين حتّى وان أضيفت عليهما الصفات الملكية ـ إلى حين…
الاولى: هي دعوته للوحدة العربية، اننا معها وان توجت بالتاج الملكي ـ آنذاك ـ لا ـ الان… لانها لو طبقت ـ آنذاك ـ لكان بامكانها ـ في حال اعتمادها على الشعب والديمقراطية أن تتحول إلى وحدة جمهورية، وكان بامكانها أن تلغي هذه الحدود القائمة ـ على العبودية ـ والتي ما كانت قائمة حتى أيام حكم الاحتلال العثماني للبلاد العربية…
ثانيا: نحن مع رفض الحسين للتوقيع باعطاء فلسطين لليهود مهما كانت دوافع الحسين… في الوقت الذي قبل عبد العزيز آل سعود ذلك فأخرجه الاستعمار الانكليزي كمنبوذ من منفاه ـ بل من منبذه ـ في الكويت لضرب الوحدة العربية واقتطاع هذا الجزء الذي أطلق الانكليز عليه اسم عائلته السعودية عام 1932 ـ فأصبح لا يعرف الا باسم المملكة السعودية، وشعبه لا يُعرف الا باسم الشعب السعودي، فمسخ بذلك اسم هذا الجزء الهام من أرض العرب.. وكانت للسعودية أدوارها الاولى في تسليم فلسطين لليهود…
وفي مؤتمر العقير المعقود بين السير برسي كوكس وجون فيلبي وعبد العزيز كرر عبد العزيز قبوله باعطاء فلسطين لليهود ووقع على ذلك.
كما هو مذكور في وثيقة في مكان آخر من هذا الكتاب…
حينما هتفوا في جدة “يعيش الاحتلال السعودي”… يا.. يا.. يا
حشدت زمرة محمد نصيف شباب المدرسة للهتاف بحياة عبد العزيز.. فلقبوه بألقاب “مولانا الملك” و”صاحب الجلالة” قبل أن يلقب نفسه بها!..
وسمع (عبد العزيز لاول مرة في حياته مثل هذا الهتاف من شباب المدارس الحجازية في جدة بتوجيه من المستوطنين في الحجاز وبعض التجار والمتاجرين بالدين إلى حد أن عبد العزيز قد استغرب الهتاف نفسه حينما هتف المعلم أمام عبد العزيز بقوله: “يعيش الاحتلال السعودي”!.. وردد التلاميذ من خلف معلمهم “يا. يا. يا.” فقال المعلم: “تسقط الملكية الهاشمية”… فردد التلاميذ: “تا. تا. تا.” فتعال الهتاف في مجلس نصيف “يعيش جلالة الملك سيدنا ومولانا عبد العزيز آل سعود”.. “يا. يا. يا.” مما جعل الامر يشتبه على عبد العزيز، خاصة، “تا. تا” و”يا.يا.” فتساءل بازدراء وغضب “هل هؤلاء البزازين يضحكون عليّ؟.. الاوّلة فهمناها… لكن: ـ ويش: ـ معنى. تاتا. و.يا. يا؟.” فأبلغوه: “ان هذا يا مولانا هو: اختصار ـ حضاري ـ لتكرار .. كلمات التسقيط للملك علي، والتعييش لجلالة سيدنا ومولانا الملك عبد العزيز المعظم”.
فقال عبد العزيز: “أنا ما صرت ملكا حتّى الان!… وإذا كنتم عودتم الاشراف اسماعهم مثل هذا الكلام الفارغ فأنا لم أتعود مثل هذا في نجد وهذا مما يثير أهل نجد ضدي”… لكن المنافقين في الحجاز ـ ولا أقول الشعب في الحجاز ـ بل هؤلاء المنافقين ـ الذين يبرأ منهم شعب الحجاز والذين سنورد بعض أسماءهم ـ أصروا على تلقيبه “بجلالة الملك”… و”جلالة مولانا” وتلقيب كل واحد من الامراء بألقاب “صاحب السمو” و”سيدنا” و”سمو سيدنا الامير” و”سمو الامير” …
وهي ألقاب كانت مرفوضة بتاتا في نجد بل مثيرة للغاية وداعية للاشمئزاز والاستفزاز والقرف.. وفعلا: وما أن بدأ جيش الاخوان النجدي “الفاتح” يسمع مثل هذه الالقاب “الالهية” التي يلقب بها عبد العزيز آل سعود في الحجاز ـ في بداية احتلاله للحجاز ـ حتّى بدأت ثورة الاخوان… وشهر فيصل الدويش وسلطان بن بجاد وأتباعهم سيوفهم بوجه عبد العزيز في مجلسه في مكة وامام الناس ومن بعض ما قالوه له: “نحن يا عبد العزيز لم نقبل بتلقيبك من قبل الانكليز بلقب سلطان نجد فكيف نقبل بتلقيبك من هؤلاء المنافقين بلقب “الملك” وتقبل أنت؟…
وتطرب لهذا ولما ينادونك به من أمثال “مولانا!.. إلى جلالة مولانا”.. وتسكت وأنت تسمعهم ينادون كل واحد من أولادك بلقب “سيدنا!. وسمو سيدنا”!.. بينما كنت قبل شهرين تحرضنا ضد الشريف حسين وأولاده… لانه سمى نفسه “ملك المسلمين”!.
وقلت لنا: ان الشريف قد رضي أن يلقب بلقب صاحب الجلالة ويلقب كل واحد من أولاده بلقب “مولانا!. وسيدنا!..” ومن أجل هذا أفتى لك قبل شهرين يا عبد العزيز رجال دينك هؤلاء الذين هم أمامك في مجلسك بأن من يقول: يا محمد، ويا علي، ويا سيدنا يا محمد، فهو مشرك، فكيف بهم يقولون لك “يا صاحب الجلالة يا مولانا ويا سيدنا يا عبد العزيز وترضى”؟!… لقد أفتى رجال دينك بأن الاشراف من الكفار وان أهل الحجاز كفار، لانهم رضوا بهذه الالقاب الكافرة التي أشركوا بها فردا من البشر بوحدانية الله سبحانه وتعالى!.
والان يا عبد العزيز نراك تسلك أكثر مما سلكه الاشراف في الكفر… وتشارك الله في أسماءه وتترك هؤلاء المنافقين المشركين في جدة ومكة يبتدعون لك من أسماء الله الحسنى ما ليس لك وما لا تستحقه أو يستحقه أي بشر”… الخ..
وكان الاخوان قبل ذلك قد أنذروا عبد العزيز مرتين في مجلسه… فكتم عبد العزيز غيظه وحاول أن يسفه آراءهم بطريقة خبيثة ليخرجهم أمام الناس “متأخرين” وجهلة”.. حينما قال: “هذه الآراء فهمناها ـ يالاخوان …
لكن ما موقفكم من تحريم التلفون… والسلكي… ـ البرقية ـ نريد منكم اطلاع رجال الدين عنه”؟! وتابع العزيز قوله “أما أهل الحجاز ـ فكما تعرفونهم: ـ “ما عندهم غير الكلام.. انهم دجاج مناقيرها من حديد”.. “انهم يطاطون ولا يلاقون”.. فقال القائد ابن بجاد: “أما عن التلفون والتيّل، لقد حرمتها أنت ورجال الدين الذين هم بجانبك الان واتهمت الشريف بالكفر لانه يستعمل هذه الالات!..
والان وحينما أنهينا لك الشريف وأولاده بسيوفنا وسلمناك الحجاز باردة.. أردت تحليل هذه الآلات لنفسك لان هذه الآلات أصبحت تفيدك في سرعة اتصالك مع الانكليز الذين هم أكثر الناس كفرا… ولهذا نرفضها… فأنت الذي حرمت الحلال وحللت الحرام، أما لماذا نعتبر التلفون…
والتيل “السلكي” حرام فلانك تستخدمها في سبيل التخابر مع الانكليز… و”الدجاج التي منافيرها من حديد” في الحجاز، لم توصلك إلى هذه الاماكن المقدسة التي تمنحك الدجاج فيها الان ألقاب رب العالمين!..
بل نحن الذين وصلناك، ولكن، كما وصلتك هذه السيوف ـ سيوفنا ـ إلى هذه الاماكن التي بلغت بها رتبة الآلهة فسوف تشرب سيوفنا من دمك، إذا لم تتراجع عن غيك”..
وانصرف الاخوان خارجين من “بلاد الكفر!.” الحجاز!. إلى نجد وبدأت ثورتهم المضادة ضد ابن السعود… وقد ازداد كفر أهل الحجاز في رأيهم لانهم لقبوا ابن السعود بلقب “الملك وصاحب الجلالة” وهي من صفات الله وحده.
أما عبد العزيز آل سعود فقد شجعته زمر المنافقين في الحجاز على تماديه.. لكنه ـ بعد ثورة الاخوان ـ تراجع عن لقب “ملك نجد والحجاز وملحاقاتها” إلى لقب “ملك الحجاز وسلطان نجد وملحقاتها”… واستمر في هذا اللقب، حتّى عام 1934 م حينما تمادى المنافقون في تشجيعه مرة أخرى وأغواه الدعم الانكليزي فأطلق اسمه واسم عائلته على جزيرة العرب فسماها “المملكة السعودية” وسمى شعبنا باسم: “الرعية السعودية”!..
نعود الآن لتسجيل مقتطفات مما حدث في الحجاز عام 1925 م وما بعد هذا التاريخ في الفترة المباشرة للاحتلال السعودي للطائف، ومكة، وجدة، والمدينة، وبقية الحجاز..
شباب الحجاز يقاوم الاحتلال السعودي
خرج عدد من شباب الحجاز إلى القاهرة والاردن وسوريا، وبدأ وبالاتصال بالهيئات الدينية العالمية، وبدأت هذه الهيئات بممارسة ضغوطها على ابن السعود معتبرين “الحجاز لكل المسلمين ولا يحق لدولة مستبدة ملكية حكم الحجاز منفردة…
ومن هذه الآراء، بدأ الاحتلال السعودي والخبراء الانكليز باظهار مخاوفهم من “خطورة هذه الفكرة” وقالوا ـ كما ورد في الصفحة من 559 من كتاب “صقر الجزيرة”: ـ “اننا نخشى إلى حد بعيد أن يقرر المسلمون أجمع على أن تحكمهم جماعة تنتخب منهم وفي هذا ضياع للسلطة السعودية في الحجاز التي تخشى أن تحكم البلاد حكما جمهوريا ديمقراطيا”!…
وزعم المؤلف الباكستاني السعودي أحمد عبد الغفور عطار: (ان أهل الحجاز كرروا مخاوفهم لابن السعود… لكن ابن السعود كان يستمهلهم…
لكنهم سئموا وأخيرا طالبوه بأن يمنحهم “الحرية” بانتخابه ملكا للحجاز)!.. الخ..
ويحاول هذا الباكستاني الاستخفاف بعقول الناس حينما يتحدث عن “الحرية التي منحهم اياها عبد العزيز لانتخابه ملكا”!.
وكأن الملوك ينتخبون!… علما أن عبد العزيز قد احتل كل الجزيرة العربية احتلالا بقوة الاستعمار الانكليزي السعودي الدموي المتوحش…
المهم: أن المحتل السعودي عبد العزيز قد منحهم “الحرية لاختياره ملكا”!.
فاتصل جون فيلبي وأتباعه بذيول المستوطنين في مكة ليتصلوا بذيول المستوطنين في جدة فيطلبون “أن يسرع اليهم وفد من جدة يمثلهم لاختيار الملك قبل أن تبدأ ضغوط الوفود الإسلامية في المؤتمر الإسلامي الذي تقرر عقده في مكة”..
وهكذا، انتدب الاعوان السعوديون في جدة كل من: محمد نصيف، ومحمد علي زينل، وقاسم زينل، وعبد الله رضا…
ويزعم المؤلف العطار نقلا عن عبد العزيز آل سعود في الصفحة 560 قائلا: (وبعد أن تحدثوا طويلا فيمن يحكمهم اتفقوا ـ بدون أن يخالف أحد ـ على اختيار ابن سعود نفسه ملكا عليهم وهو خير من “يرشح” لحكم البلاد المقدسة فليس فيه أي عيب “!” وهو كامل الاوصاف، فقدموا إليه في مساء يوم الخميس 22 جمادي الثانية 1344 هـ “مبايعتهم” )!..
والمبايعة هذه التي يتحدث عنها العطار هي التي اعتبرها العطار انتخابا!..
والمعروف أن هذه “المبايعة” قد صاغها جون فيلبي وأقرها عبد العزيز المحتل لمجرد المناورة تجاه المؤتمر الإسلامي العالمي، وجاء فيها:
“ان الحجاز للحجازيين وان أهله هم الذين يقومون بادارة شؤونه ومكة عاصمة الحجاز، والحجاز جميعه تحت رعاية الله ثم رعايتكم يا عبد العزيز آل سعود”!..
كل ذلك تهربا من أن يصبح الحجاز “جمهورية ديمقراطية” تحت حكم نخبة من العالم الإسلامي..
حسبما ورد في مقررات المؤتمر الإسلامي العالمي.. وفيما يلي نص “بيعة أهل الحجاز” المزعومة المسجوعة:
بسم الله الرحمن الرحيم
(الحمد لله وحده، الذي نصر عبده وهزم الكفار وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، نبايعك يا عظمة السلطان عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود على أن تكون ملكا على الحجاز على كتاب الله وسنة رسوله وما عليه الصحابة والسلف والائمة الأربعة وأن يكون الحجاز للحجازيين، وأن أهله هم الذين يقومون بادارة شؤونه، وأن تكون مكة المكرمة عاصمة الحجاز والحجاز تحت رعاية الله ورعايتكم”)..
كذا.. جميع الحجاز تحت، رعاية، الله، ورعايتكم، يا آل سعود!..
أليس في هذا منتهى “الشرك” يا آل سعود أن تدعوا الله ليشارك، آل سعود، في حكم الحجاز!…
ولم يكتف هؤلاء “المناشف” المماسح، السعودية، بالتوقيع على مثل هذه “البيعة” التي وضعها فيلبي، باسمهم، بل زعموا أن الشعب الحجازي أو على حد تعبيرهم: (ان الاهلين قد زاد بشرهم وساروا إلى عقد تقرير البيعة على المنوال المسطور أعلاه راجين منكم الرحمة بهم يا عبد العزيز حينما ينزل ذلك من عظمتكم منزلة قبول البيعة وأن تتفضلوا يا عبد العزيز بتتويجه بالاشارة السلطانية بالقبول ليكمل لهم مقصدهم الوحيد بحصول رضاكم العظيم مسترحمين الانعام على “الاهلين” بتعيين وقت عقد البيعة عند البيت المعظم الحرام والله يديم بالتوفيق دولتكم)!..
في 19 جمادي الثانية 1344 هـ
وكان هذا الكتاب موقّع من زمرة المتزلفين ومنهم: صالح شطا، وعبد القادر شيبي الذي يطلق عليه “أمين مفتاح بيت الله” أي سكرتير بيت الله.
وعباس عبد العزيز مالكي، ومحمد علي خوقير، ومحمد شرف رضا… وجميعهم “مجاورين” عدا “الشيبي”!…
ولقد أراد الانكليز بهذه الشكليات “تبهير” وتلطيف جو المذابح السعودية المريعة الفظيعة والهاء الناس “بمبايعة” المحتل لينسى الحجاز والعالم الإسلامي ما فعله الاحتلال السعودي من مجاز لم يمر على إرتكابها شهر واحد!..
ولتكتمل فصول المسرحية الانكليزية… علن عبد العزيز ما يلي قال:
“بسم الله الرحمن الرحيم
من عبد العزيز بن عبد الرحمن آل فيصل آل سعود إلى رعيتنا واخواننا الموقعين أسماءهم سلام عليكم، فقد أجبناكم إلى ما طلبتم من جعلنا ملكا على الحجاز”!..
في 22 جمادى الثانية 1344 هـ
الملك
عبد العزيز
وبهذا الكتاب بدأ الفصل الثاني من فصول مسرحية تتويج “ملك الحجاز” ومثّل فصولها بعض الذيول المتلبسين بزعامة الحجاز ليجعلوا من سلطان الموت عبد العزيز “ملكا” للحجاز”فقط” دون نجد..
بالرغم من أن أداة القتال السعودية كانت أهل نجد بل جهلة من نجد، تحولوا إلى وحوش كاسرة خدمة لآل سعود اليهود، ومع ذلك…
ورغم كل ما أبداه بعض أهل نجد من وحشية قتالية لصالح آل سعود فقد رفضوا ـ إياهم ـ هؤلاء الوحوش الذين قاتلوا مع آل سعود أنفسهم ورفضوا الملكية ورفضوا الرضوخ للملكية وحاربوها وثاروا ضدها وقاتلوا عبد العزيز بنفس السلاح الذي قاتلوا به أهلهم في الحجاز ونجد وغيرها بمجرد أن أعلن الانكليز اسم عبد العزيز ملكا على الحجاز… فكانوا بذلك أشرف من أولئك الذين تكلموا باسم الحجاز، والحجاز منهم براء…
وفي الحرم المكّي اشيد المسرح الملكي
وبدأ تمثيل الفصل الثالث لمهرجان التتويج!
وفوجئ الناس بعد أن أدوا في الحرم صلاة الجمعة يوم 23 جمادى الثانية 1344 هـ ـ 8 يناير 1926 ـ يمنعون من الخروج من أي باب من أبواب مسجد الحرم الا من باب الصفا حيث تقام “حفلة تخريج وتهريج البيعة”… وأعد بلصق الحرم: مجلس “السلطان” المنوي ترفيعه ـ انكليزيا ـ إلى رتبة ملك!…
ووضع إلى جانبه منبر للشيخ الخطيب المنافق… وفي الساعة السابعة والنصف أقبل موكب الطاغية عبد العزيز فضج “المحشورون” بالهتاف، والويل لمن لا يردد مع الهتّاف من سيف السيّاف…
فاختلط هتاف الحابل بالنابل، بعضهم يقول: “يعيش السلطان”، وبعضهم يقول “يعيش الملك”…
إلى حد أن البعض أخذ من شدة الرعب: يعيّش ويهتف بحياة “سلطان بن بجاد” قائد الجيش السعودي الذي أوقع الرعب في صدور الحجازيين….
وما أن أخذ “السلطان … الملك” عبد العزيز ـ مكانه بين الجموع المحشورة في يوم الحشر لاستماع الفشر، حتّى أذن المؤذن التافه ـ في هذا المهرجان الكريه ـ بصوت جهوري في مسرح الخيانة وقال: “ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما”!…
فرد بعض المحشوريون المرعوبين بقولهم: “سلمنا… سلمنا”..
فردد المؤذن قوله: ـ “صلوا عليه”!… مما جعل بعض السذج المرجف بهم يتسأل قائلا: “ايه الحكاية ـ يا بويا؟… هم، قالوا لنا انهم سيرفعون السلطان إلى رتبه ملك فيكف غلطوا ورفعوه إلى رتبة نبي يُصلى عليه؟!”…
وصعد الشيخ عبد الملك مرداد إلى المنبر وألقى خطابا جاء فيه:
“أحمد رب هذا البيت المعظم، وأشكر الله على ما أنعم به وتكرم بوجود هذا الملك المعظم، منّ علينا بنعم لا تحصى، ومنن لا تستقصى، أبدل رعبنا بالامن… أحمده حمد عبد يعرف مقدار نعمته وأشكره شكر من تداركه بازالة نقمته… على تفضل عظمة السلطان المحبوب بقبول البيعة الملكية المشروعة بعد طلبنا اياه منه!”…
فالتفت عبد العزيز إلى يوسف يس وقال له: “تشوف يا يوسف… ظنينا أن مشايخ أهل نجد أجود من أهل الحجاز بالفتاوى فأصبح أهل الحجاز أجود من مشايخ نجد بالنفاق” فقال يوسف يس: “ان للحجازيين السنة حداد يا طويل العمر!”…
وما أن انتهى المستوطن الشيخ عبد الملك مرداد ـ من ترداد ـ كلمات النفاق المسجوعة في مسرحية البيعة والترفيع، ترفيع “سلطان نجد” إلى ملك للحجاز، وما أن تلي النص المسرحي للبيعة، حتّى أخذت مدفعية قلعة أجياد تطلق قنابل “الخيش والبارود” مختتمة مهرجان المسرحية بالرماية… فأغمي على خطيب البيعة ظنا منه أن الاخوان المتوحشين لم تعجبهم البيعة فهجموا ليدشنوا هذا المهرجان بمذبحة الطائف، فهرب البعض لكن الخدم أعادوهم لتقبيل يد الملك الملطخة بالدم الحجازي ومصافحته على القسم، وقسموا “المبايعين” إلى زمر متتالية…
وأول هذه الزمر، كانت زمرة” الشرفاء” الذين انحصرت فيهم امارة وملكية الحجاز سنينا، وتبعتهم زمرة “شيخ السادة”…
فزمرة “الوجهاء” وزمرة “المجلس الاهلي” وزمرة “المحكمة الشرعية” وزمرة “أئمة المساجد” ، وزمرة “خطباء المساجد” وزمرة “المجلس البلدي” وزمرة من “أهل المدينة” وزمرة من “أهل جدة”.
وزمرة من “أهل ينبع” وزمرة من أهل “الطائف” البلد الذي ما جفّت الدماء المراقة على أرضه.
وزمرة من عامة الناس الذين لا صنف لهم…
والملاحظ أن كل هذه الزمر وكل الذين ساهموا في هذه المسرحية اما مرغمين أو مستوطنين، وليسوا من أصل حجازي، أو عربي أو قبلي، فالدين لهم أصول ضاربة


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق