السبت، 21 ديسمبر 2013

قضية الآثار الكبرى أصدرت محكمة جنايات القاهرة (29-04-2004) حكمها في “قضيّة الآثار الكبرى” المتّهم فيها 31 شخصاً بتهريب الآثار. وقضى الحكم بسجن المتّهم الرئيسيّ في القضيّة أمين الحزب الوطني الحاكم في محافظة الجيزة طارق السويسي مدّة 35 عاماً، وتغريمه مبلغ 30 مليون جنيه مصري و47 مليون دولار أمريكي و330 ألف يورو، وسجن كبير مفتّشي الآثار في منطقة القرنة غربي الأقصر مدّة 20 عاماً، وسجن رئيس الإدارة المركزيّة في هيئة الاستثمار مدّة 7 أعوام. كما قضى الحكم بالسجن 3 سنوات بحقّ ضابطين برتبة عقيد، وبالسجن 18 متّهماً لمدّة 15 عاماً. أما المتّهمون الأجانب – جميعهم فارّون – وهم ثلاثة سويسريين، وثلاثة ألمان، ولبنانيّ، وكنديّ، وكيني فقد صدرت أحكام غيابيّة تقضي بالسجن 15 عاماً وغرامة بمبلغ 50 ألف جنيه بحقّ كلّ منهم. وفي هذا السّياق نفسه قام فريق من نيابة الأموال العامّة بمداهمة قصور في منطقة الهرم في محافظة الجيزة وضبط آلاف القطع الأثريّة تعود إلى العصر الفرعونيّ والبطلميّ والبيزنطيّ والعثمانيّ معظمها مصنوع من الذهب الخالص مخبّأة في أماكن سرّية في تلك القصور العائدة إلى ثلاثة أشقّاء هم: محمود ومحمد وفاروق الشاعر الذين تربطهم علاقة مصاهرة مع المتّهم الأوّل في “قضية الآثار الكبرى”. الفساد في وزارة الزراعة شهدت محكمة جنايات القاهرة فصلاً جديداً في “قضية الفساد الكبرى” التي وقعت أحداثها بوزارة الزراعة والبورصة الزراعيّة. فبعد تغيّبه على مدى ثلاث جلسات وتأكيده على أنّ “حضوره للشهادة لن يفيد سير القضية”، وبعد طلب رئيس المحكمة من النائب العامّ اتّخاذ الإجراءات اللازمة لرفع الحصانة البرلمانيّة عنه، مَثَلَ نائب رئيس الوزراء وزير الزراعة يوسف والي أمام محكمة جنايات القاهرة في جلستها التي عقدت في 01-03-2004 للإدلاء بشهادته ومناقشته في قضيّة “الفساد الكبرى في وزارة الزراعة” والمتّهم فيها 21 متّهماً على رأسهم الرجل الثاني في الوزارة يوسف عبد الرحمن ومستشارة البورصة الزراعية راندا الشامي وآخرون من المسؤولين في وزارة الزراعة والبورصة الزراعيّة وبنك الائتمان الزراعيّ. وكان النائب العامّ قد وجّه إلى المتّهمين 32 تهمة منها الرشوة، واستغلال النّفوذ والتربّح، والإضرار العمديّ بالمال العامّ، والتزوير، والاستيلاء على المال العامّ، إضافة إلى استيراد مبيدات لمكافحة الآفات الزراعيّة مسرطنة ومحظور تداولها دوليّاً، وذلك خلال الفترة الممتدّة من العام 1997 وحتى آب/أغسطس 2002 تاريخ إحالتهم إلى التحقيق. وركّز وزير الزراعة في شهادته أمام المحكمة على عدم وجود مبيدات في مجال الزراعة تؤدّي إلى الإصابة بالسرطان أو الفشل الكلويّ. وأنّ تقارير اللجان الفنيّة أكّدت سلامة المحاصيل الزراعية، وأنّ وزارته لم تستورد أيّ مبيدات من الخارج منذ بدء التحقيقات في هذه القضية. مؤكّداً على أنّ مصر لم تستخدم أيّ مبيدات ضارّة منذ عام 1982 وحتّى يومنا هذا. وفي سياق آخر، وبعيداً عن “قضيّة الفساد الكبرى”، تمكّنت هيئة الرقابة الإداريّة في 15-03-2004 من ضبط المستشار أحمد فتحي متلبّساً بتقاضي رشوة مقدارها مليون جنيه كدفعة أولى من مبلغ الرشوة الكامل الذي اتّفق عليه مع صاحب “قرية الريف الأوروبيّ” – طريق مصر الإسكندريّة الصحراويّ – نظير تخصيص أراض زراعيّة أخرى للقرية. وقد وجّهت إليه اتّهامات بطلب وتقاضي رشوة مقابل الإخلال بواجبات الوظيفة . ” 54 الفساد في وزارة الثقافة المؤسسة الثقافية حتى الثقافة لم تنج ! سنوات من الإهمال والحريق المتراكم في العام 1969 أصدر الدكتور الوزير ثروت عكاشه وزير الثقافة حينئذ بيانه وكتابه ” السياسة الثقافية في مصر ” ولكن منذ بداية الثمانينيات الثمانينيات ومع ومن نصفها الثاني مع مجئ الوزير الفنان فاروق حسني الذي حاول أن يستعيد هذا المفهوم ” السياسة الثفافية ” بوعود رعاية الإبداع وتنشيط الحركة الثقافية ، ورغم أن الرجل جاء على مضض لازال قائما رغم أنف كبار المثقفين 55 إلا أن مع الوقت نكتشف أنه لا سياسة للثقافة في مصر ، التي وصفها كاتب مغربي تعلم بها ويكن لها كل تقدير في زيارة له بداية عام 2006 بأنها قد صارت سيركا ثقافيا ومن المؤكد أنه ليس في السيرك سوى سياسة الترويض الذي يأباه البعض ووقع البعض الآخر في أسره . من هنا نفهم ما كتبه أحمد عبد المعطي حجازي من أن ” الثقافة ليست بخير ” 56ربما يكون هذا هو ما دفع الروائي الكبير صنع الله إبراهيم إلى رفض جائز مؤتمر الرواية عام 2003 قائلا أمام الضيوف والحشد المجتمع بمن فيهم وزير الثقافة ومثقفي العالم العربي : قدر الكاتب العربي انه ليس بوسعه أن يتجاهل ما يجري من حوله وأن يغض الطرف عن المهانة التي تتعرض لها الأمة من المحيط للخليج وعن القهر والفساد وعن العربدة الإسرائيلية والاحتلال الأمريكي والتواطؤ المزري للأنظمة والحكومات العربية في كل ما يحدث ( …) لم يعد لدينا مسرح أو سينما أو بحث علمي أو تعليم لدينا فقط مهرجانات ومؤتمرات وصندوق أكاذيب لم تعد لدينا صناعة أو زراعة أو صحة أو تعليم أو عدل . تفشى الفساد والنهب ومن يعترض يتعرض للامتهان وللضرب والتعذيب . انتزعت القلة المستغلة منا الروح في الواقع المرعب وفى ظل هذا الواقع لا يستطيع الكاتب أن يغمض عينيه أو يصمت لا يستطيع أن يتخلى عن مسؤوليته. لن أطالبكم بإصدار بيان يستنكر ويشجب فلم يعد هذا يجدي لن أطالبكم بشيء فأنتم أدرى مني بما يجب عمله. كل ما أستطيعه هو أن أشكر مرة أخرى أساتذتي الأجلاء الذين شرفوني باختياري للجائزة وأعلن اعتذاري عن عدم قبولها لأنها صادرة عن حكومة لا تملك في نظري مصداقية منحها . ربما حاول صنع الله إبراهيم تحريك الركود والسكون المحيط بنا ، أو على الأقل التنبيه إلى خطر نعيشه ، ونحاول أن نوهم أنفسنا بعدم الاكتراث له ، ألا وهو خطر الفساد . لقد قال صنع الله كلمته ومشى ، وعلى الآخرين أن يقولوا هم أيضا كلماتهم . ستركز هذه الدراسة في جزء كبير منها على قطاع الآثار سواء الفرعوني أو الإسلامي لعدة اعتبارات منها : أن هذا القطاع ومنذ عشرات السنين وهو يتعرض دوما للسرقة والنهب والذي يكاد في أحيان كثيرة يصل إلى درجة النهب المنظم كما انه هو الشيء الحقيقي لانجازات هذا الشعب على مدى تاريخه . كما أن السرقة ليست هى العدوان الوحيد الذي يتم على هذا التاريخ هناك أيضا الإهمال ( تراكم القمامة حول بعض الآثار الإسلامية ) والحرائق ( حريق المسافرخانة كنموذج صارخ على ذلك ) وطغيان الربح التجاري في استغلال الأثر على حساب القيمة التاريخية له ( مشروع باب العزب الذي توقف بأمر القضاء ) . الآثار المصرية تعتبر الآثار المصرية عماد صناعة السياحة والتي بدورها تعد مع قناة السويس من أهم موارد الدخل للدولة ورغم ذلك فهي من أكثر القطاعات التي تتعرض للسرقة والنهب وعلى مدى عشرات السنين خرج من مصر ما لا يحصى ويعد من القطع الأثرية سواء عن طرق مشروعة أو غير مشروعة ويقدر البعض الآثار المصرية الموجودة بالخارج بحوالي ثلاثة ملايين قطعة أثرية57 . وما تعرض له المتحف المصري في عامي 2004 ، 2005 طرح العديد من الجدل والتعليقات حول مدى حماية الآثار المصرية فقد تم اكتشاف سرقة 38 قطعة من المتحف المصري بينما أعلن المسئولون أن القطع لم تسرق إنما هي مختفية وسيتم العثور عليها بعد جرد البدروم . المتحف المصري : في عام 2004 تعرض المتحف المصري لسرقة بعض محتوياته قدرت وقتها بـ 38 قطعة . وحسب ما أوردته صحيفة العربي : أن اللجنة المعنية بجرد فاترينات العرض ومخازن القسم الذي اختفت منه القطع إلـ 38 قد انتهت من أعمالها ورفعت تقريرها إلى النيابة العامة والذي أكدت فيه عدم العثور على القطع الذهبية وأشار التقرير إلى أن سجلات القسم ودفاتر شرطة الآثار التي تسجل فيها حركة انتقال القطع الأثرية لم يرد فيها أي ذكر لتحركات تلك القطع . وأوضح المصدر أن هذا التقرير يعد مؤشرا مبدئيا بأن القطع الأثرية قد سرقت من المتحف ولكنه أكد أيضا على أن الجرم لم يتحقق كاملا والسرقة لا تكون نهائية إلا بعد جرد بدروم المتحف. وفى المقابل أكد كل من الدكتور زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار والدكتور محمود مبروك رئيس قطاع المتاحف لـ العربي إصرارهما على أن القطع الذهبية موجودة داخل المتحف58 . بدروم المتحف المصري عبارة عن مساحة واسعة تحوى ممرات وحجرات جميعها تحت الأرض ويضم ما لا يقل عن 65 ألف قطعة أثرية من بينها ألف تابوت وبعض الآثار موضوعة في صناديق لم يتم فتحها منذ 70 عاما 59. وتعد تلك الكميات الضخمة من القطع الأثرية والتي يحتويها بدروم المتحف المصري مشكلة كبيرة لأن بعضها غير مسجل تماما في الدفاتر . ربما يكون ذلك هو السبب الذي يدعو المسئولين إلى استخدام كلمة اختفاء بدلا من سرقة . وتنتمي هذه القطع إلى معظم العصور التاريخية ومنها كنوز أثرية لم تر النور من قبل تتكدس هذه القطع في إهمال ودون ترتيب أو نظام خاصة وان بعض القطع ونتيجة للتكدس وسوء التهوية تلفت تماما . وكان بدروم المتحف المصري مقرا لكل الاكتشافات الأثرية الجديدة ، ثم بدأت هيئة الآثار بإنشاء مخازن للآثار المكتشفة ، في جميع محافظات مصر ، وأصبحت هذه المخازن بدورها معرضة للسرقة والنهب ، وربما تكون القضية الأشهر سرقة مخزن آثار سقارة في بداية التسعينات وتورط في عملية السرقة مفتش آثار المنطقة وتبين من خلال التحقيقات أن مخزن الآثار كان بدون سقف . 60 من جانبه أعلن الدكتور زاهي حواس في تصريح له : أن جرد بدروم المتحف المصري عملية شاقة وقد يستغرق أربعة شهور سيتم بعدها الإعلان عن اكتشاف أو ضياع القطع الأثرية المختفية وعددها 38 قطعة وان مشروع تطوير بدروم المتحف يستغرق عاما كاملا . من ناحية أخرى فقد ذكر القائمون على مشروع تطوير بدروم المتحف المصري أنهم اكتشفوا أن 70 % من الآثار الموجودة بالبدروم غير مسجلة61 . يكشف لنا هذا التصريح مدى سهولة تعرض القطع الأثرية للاختفاء أو السرقة لان الإهمال أو القصور في عمليات التسجيل أو الجرد الدوري هي السبب الرئيسي وراء اختفاء أي أثر . وتظل قضية الجرد والتسجيل والتوثيق وراء معظم حالات اختفاء القطع الأثرية . ويلقى بعض المسئولين السبب في هذا القصور إلى قلة عدد أمناء العهدة حيث تتراوح عهدة الأمين الواحد في المتحف المصري بين عشرة آلاف إلى ثلاثين ألف قطعة أثرية . ويبين لنا ذلك فداحة الأمر . خاصة انه حسب تصريحات الدكتور زاهي حواس لم يتم جرد الآثار المصرية منذ خمسين عاما وربما أكثر‏.. لان‏ الجميع خائف ويخشي المسئولية حيث أن المخازن ناقصة والآثار غير مسجله‏ , موضحا : أن الآثار المصرية كانت تباع رسميا حتى عام ‏1983 من خلال مزادات وتخرج من المطارات ولم يتوقف ذلك إلا بعد صدور القانون‏117‏ لعام ‏1983‏ والذي أوقف بيع الآثار62 . و على الرغم من وجود مشروع طموح تبناه د. عبد الحليم نور الدين إبان توليه منصب أمين المجلس الأعلى للآثار ويقضى بجرد المواقع الأثرية والمخازن والمتاحف و قد صدر بخصوصه قرار وزاري عام 1994 م إلا أن المشروع توقف بعد خروجه من المنصب . وأعلن د عبد الحليم نور الدين انه تم جرد حوالي 80 % من أثار مصر وانه وضع خطة لجرد المتاحف الصغيرة والمواقع الأثرية مرة كل عام . والمتاحف الكبيرة مرة كل أربعة أعوام . لكن د . زاهي حواس أعلن أن ما تم جرده من آثار مصر حتى الآن يتراوح ما بين 10 إلى 15 % فقط 63 . أي أن حوالي 85 % من آثار مصر لم يتم جردها أو إثباتها في الدفاتر وإنها معرضة للاختفاء في أي وقت . لم تكن هذه هي المرة الوحيدة التي يتم فيها سرقة المتحف المصري فعلى الرغم من كل الإجراءات الأمنية إلا انه في عام 1987 تعرض تمثال الملك سيتي وعشر قطع أثرية أخرى للسرقة بواسطة شاب تم القبض عليه بعدها . وفى عام 1993 قام لص بنشر إحدى فاترينات العرض الزجاجية واستولى على مجموعة من التماثيل الصغيرة . وفى عام 1995 تم القبض على لص آخر أثناء خروجه من المتحف بعد أن قضى ليلة كاملة بداخله دون أن يشعر به احد وسرق 18 أسورة وخاتمين من الذهب64 . مرة أخرى تعرض المتحف المصري للسرقة في سبتمبر 2005 ولم تحل الإجراءات الأمنية المشددة ، والتي تم اتخاذها بعد اختفاء الـ 38 قطعة دون سرقة ثلاث قطع أثرية أخرى من بدروم المتحف تعود للدولة القديمة ن وكانت هذه القطع قد وصلت من مخازن الجيزة للمشاركة في معرض أثرى أقيم في ابريل 2005 . تصريحات المسئولين رجحت أن القطع لم تسرق إنما هي مختفية وسط آلاف القطع الأثرية المكدسة في البدروم وقد نفى الدكتور محمود مبروك رئيس قطاع المتاحف التابع للمجلس الأعلى للآثار نفى احتمال سرقة القطع الأثرية من بدروم المتحف المصري بسبب تأمين المكان تماما وانه لا تدخل أو تخرج قطعة من بدروم المتحف إلا بمحضر شرطة والعناصر الأمنية القائمة على حراسة المكان مدربة جيدا مرجحا وجود القطع الأثرية المطلوبة داخل المتحف في مكان لم يتم تحديده بعد . وأضاف أن القيمة الأثرية والتاريخية للقطع المذكورة متواضعة65 . اكتشاف الواقعة بدا من خلال البلاغ الذي تقدم به الدكتور زاهي حواس رئيس المجلس الأعلى للآثار إلي النائب العام المستشار ماهر عبد الواحد ‏,‏ والذي أشار فيه إلي أن القطع الثلاث الأثرية من حفائر الجيزة تم إرسالها من مخازن الجيزة مع ‏11 ‏قطعه أثرية أخري للمشاركة في الاحتفال بيوم التراث العالمي في ‏18 ‏ ابريل الماضي تحت اسم الجيزة علي مر العصور‏ ( … )‏ وكانت مديرة المتحف الدكتورة وفاء صديق تسلمت القطع الأثرية بموجب محضر رسمي‏ .‏ وقبل موعد المعرض بيوم واحد ، شكلت لجنه برئاسة رئيس قطاع المتاحف ‏,‏ وتم استبعاد ‏3‏ قطع أثريه لعدم صلاحيتها للعرض‏ ,‏ وهي عبارة عن ‏:‏ تمثالين من الحجر الجيري ‏,‏ أولهما لرجل جالس بارتفاع ‏23,5‏ سنتيمترا ‏,‏ والثاني لزوج وزوجته بارتفاع ‏35‏ سنتيمترا ‏,‏ أما القطعة الثالثة ، فهي صندوق خشبي بدون غطاء ‏,‏ وبداخله تمثال أوزيري عرضه‏ 40‏ سنتيمترا‏ ,‏ ووزن كل قطعه يزيد علي ‏15‏ كيلو جراما‏.. ‏وتم وضعها في بدروم المتحف بالرواق رقم ‏35 .‏ وفي يوم‏7‏ سبتمبر الحالي كلف د‏.‏ زاهي حواس لجنة من منطقة أثار الهرم بتسلم القطع التي شاركت في المعرض والأخرى التي حفظت‏ ,‏ واكتشفت اللجنة اختفاء ثلاث قطع أثرية‏ 66.‏ بعد أيام استطاعت شرطة السياحة والآثار القبض على اللص الذي سرق الثلاث قطع الأثرية من المتحف حيث كان المسئولون يصرون على أنها مختفية فقط في البدروم وقد تبين أن اللص يعمل في إحدى شركات المقاولات التي تعمل في البدروم وقام بسرقة القطع وإخراجها في شكائر الاسمنت أثناء إخراج الرديم دون أن يستوقفه احد أو يفتشه . الغريب أن اللص اعترف في التحقيقات ، بسرقة قطعة أثرية رابعة ، لا يعرف احد عنها شيئا ولم يرد ذكرها في البلاغ المقدم . وقد انتقل وكيل النيابة إلى بدروم المتحف بصحبة المتهم ، وتم العثور على قطعة حجرية صغيرة بحجم 12 سم ، وهى جزء من لوحة من الحجر الجيري ،عليها بقايا نقوش ، مخبأة تحت أكوام من الرديم 67. لم يتوقف الأمر عند سرقة القطع الأثرية أو اختفائها ففي نفس العام 2005 وبعد قليل من موضوع القطع الثلاثة المسروقة. أثير موضوع آخر وهو تحطم تمثال من الدولة القديمة إثناء الإعداد لاحتفالية هضبة الجيزة عبر العصور وقد نفى الدكتور زاهي حواس أمين عام المجلس الأعلى للآثار نفيا تماما مسالة تحطم التمثال وقال بالحرف الواحد انه لم يحدث إطلاقا أن تحطم التمثال الصغير وانه‏ إذا حدث مثل هذا التدمير فسوف اقطع رقبة الفاعل.‏ وأكد أن التمثال كان مكسورا منذ اكتشافه وتم ترميمه ولكنه رفض أن يتم تصويره لإثبات انه لم يتحطم وأضاف ليس معني وجود خطا إداري ‏(‏ ويقصد بذلك اختفاء القطع الثلاثة‏ )‏ أن يتم وقف مشروع متكامل للوعي الأثري أو موضوع المعارض المؤقتة المعمول به في كل المتاحف العالمية والتي تساهم في تنميه الوعي الأثري ولذا فانا متمسك بهذه المعارض وأضاف‏:‏ أن موضوع اختفاء القطع مازال أمام النيابة العامة ولكنه أكد أن المسئولية تنحصر في الأثريين من قطاع المتاحف والمتحف المصري ونفي تماما أن يكون الخطأ من جانب أي إداري وأكد أن تحرك القطع الأثرية يتم من خلال لجان من قطاع المتاحف وبمعاونه الشرطة68 . وفى نفس الوقت أيضا صرح الدكتور محمود مبروك أن مسألة تحطم التمثال هي شائعة مغرضة هدفها النيل من الأثريين وانه لم يحدث شيء مثل هذا ولكنه في النهاية لم يسمح بتصوير القطعة وقال إن هذا ليس من سلطاته بل من سلطه الأمين العام‏69 .‏ ورغم نفى المسئول تحطم التمثال وذكره أن التمثال كان مكسورا منذ اكتشافه إلا أن مسئولا آخر نفى ذلك حسبما ورد في الأهرام : يقول مصدر مسئول بالمجلس الأعلى للآثار رفض الإفصاح عن اسمه أن السبب في كل هذه المشاكل هو المعارض المؤقتة والاحتفاليات التي كانت ومازالت تقام في أروقه المتحف المصري بين ليله وضحاها بدون أي تخطيط مسبق مثل‏’‏ شامبليون‏’‏ و‏’‏ هضبة الجيزة‏’‏ و غيرها مما دعا الدكتورة وفاء الصديق مديرة المتحف إلي الاعتراض علي هذه المعارض التيك اواي‏Takeaway ‏ وأطلقت عليها اسم‏’‏ المعارض العشوائية‏’‏ أو التسرع العشوائي في أقامه المعارض وذلك في مذكرة رسمية ولكن أحدا لم يلتفت لهذه المذكرة واستمرت هذه المعارض إلي أن كانت الطامة ألكبري ليله معرض الجيزة عبر العصور فقد تشكلت لجنة لاختيار القطع برئاسة الدكتور محمود مبروك رئيس قطاع المتاحف ليله أقامه المعرض وهو ما لا يتفق مع القواعد المعمول بها في المعارض سواء الداخلية أو الخارجية لأن كل قطعة لها أهميتها وندرتها أيا كان حجمها ومصدرها وبالتالي كان لابد من إعداد سيناريو واضح للقطع وأماكن عرضها يوافق عليه ويعتمده الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار وهو ما لم يحدث‏ …!‏ وتم وضع القطع أمام اللجنة واستبعدت القطع المختفية لسبب غير معلوم وفي هذه الإثناء وبينما كان الاختيار يتم سقطت قطعة أثرية من احدهم علي الأرض‏ ..‏ وساد صمت رهيب ليتبين الجميع بعد ذلك أن القطعة الصغيرة التي تهشمت أمام الجميع هي لأحد ملوك الدولة القديمة وبالتحديد الأسرة الرابعة وهي من الحجر الجيري مما ساعد علي تهشمها وقد اتفق الجميع علي أهمية هذه القطعة باعتبار انه لا يوجد تماثيل بهذا الحجم من الأسرة الرابعة سوي تمثال من العاج للملك خوفو عثر عليه الأثري الانجليزي فلندرز بتري في ابيدوس عام ‏1903 ويعتبر من أشهر القطع بالمتحف ‏. ‏وعلي الفور تم نقل حطام التمثال الصغير إلي المعمل وتبين بعد ذلك صعوبة ترميمه وبالتالي ترك علي حاله حتى عادت مديرة المتحف من الخارج لتكتشف ما حدث وتقع في حيرة من أمرها‏ والمثير للحزن كما يؤكد المصدر أن هذه القطع الأربع سواء المختفية ( يقصد الثلاث قطع التي تمت سرقتها ) أو التي تحطمت تعد من القطع الهامة بدليل اختيارها لتعرض ضمن مجموعة الآثار الفرعونية في متحف الحضارة الذي يجري العمل به علي قدم وساق والقطع كلها من نتاج حفائر الجيزة وهي من الحجر الجيري 70.‏ ‏ بعدها بأيام اعترف د زاهي حواس بأن التمثال الذي تعرض للكسر هو تمثال بيبى الأول احد ملوك الدولة القديمة71 . وان احد العاملين بالمتحف امسك بذراع التمثال مما أدى إلى سقوطه وتفكك بعض المسامير التي تربط ذراع وكتف التمثال وتم على الفور نقله إلى معمل الترميم لإجراء الصيانة اللازمة وعاد التمثال لصورته الأولى 72 . كانت تصريحات المسئولين في البداية جازمة بعدم تحطم أي تمثال لكن بعد تسرب خبر للصحافة أن التمثال هو لخفرع عاد المسئولون واعترفوا بتحطم احد التماثيل لكنه لا يمت لخفرع بصلة بل هو تمثال للملك بيبي الأول والسبب أن احد العمال وليس الأثريين امسكه بطريقة خاطئة فانكسر زراعه ومهما كان الوضع فما حدث يعد جريمة حتى لو تم ترميم التمثال وإرجاعه إلى صورته الأولى فما حدث يقدم برهانا واضحا على مدى انتشار اللامبالاة والإهمال في التعامل مع القطع الأثرية ذات القيمة الفنية العالية لدرجة ترك غير المتخصصين في التعامل معها . والملك بيبى الأول هو ثاني واهم ملوك الأسرة السادسة حكم لمدة 20 عاما وتميز عهده بلا مركزية الحكم وله هرم في سقارة اسمه من ـ نفر ـ بيبى ومنه اشتق اسم مدينة منف أما التمثال الذي كسر ذراعه فهو مصنوع من النحاس المطروق يبلغ طوله 78 سم وعثر عليه بداخل تمثال آخر من نفس المعدن ولنفس الملك والأخير كان طوله 178 سم والتمثالين يعدان من روائع الفن المشكل من النحاس ولا يوجد مثيل له فى الحضارة المصرية لان استخدام النحاس بهذا الشكل يعد تقدما فنيا راقيا مما يضفى عليهما قيمة أثرية عالية ويرجع تاريخهما إلى 2200 قبل الميلاد وفى عام 1996 قام المتحف المركزي الروماني الجرماني بألمانيا بترميم التمثالين وانتهى العمل فيهما عام 2002 وقد تم عرض التمثالين في الاحتفال بمئوية المتحف المصري في ديسمبر 2002 . من ذلك التاريخ المختصر للتمثال المكسور نرى انه قد تم كسره ولم يمر على ترميمه سوى ثلاث سنوات فقط ، وان عملية التحطم تمت بعد سرقة القطع الثلاث من بدروم المتحف وتلك بدورها تمت بعد عام واحد فقط من قضية اختفاء الـ 38 قطعة أثرية من المتحف المصري . إذن سرقة الآثار لم تتوقف والتحايل على القوانين لم يتوقف أيضا. ففي ابريل من عام 2004 تم حبس كل من عبد الكريم إمام أبو شنب مدير إدارة استرداد الآثار المنهوبة ومدير عام الحيازة بالهيئة العامة للآثار وخالد أبو العلا المفتش بالهيئة خمسة عشر يوما على ذمة التحقيقات لتواطئهم مع مجموعة من تجار خان الخليلي في تهريب آثار إلى اسبانيا ومنعهما من التصرف في أموالهما. الأمر إذن لم يعد مقصورا على خفراء أميين وجهلة يسهلوا أو يشاركوا في عمليات سرقة الآثار ولم يقتصر على مجرد لصوص عاديين يختبئون في المتحف المصري ليسرقوه بالليل لقد وصل الأمر إلى أشخاص يحملون لقب مدير عام لإدارة تعد مهمة والمفارقة المثيرة للسخرية هنا أنها إدارة استرداد الآثار المنهوبة . وكانت التحقيقات التي باشرها وديع حنا رئيس النيابة قد أسفرت عن قيام المتهمين بتزوير محاضر معاينه‏ ,‏ اثبتا فيها علي خلاف الحقيقة أن الشحنة المصدرة إلي اسبانيا تحتوي علي مقلدات من منتجات خان الخليلي وإنها لا تحتوي علي أي قطع أثريه خاضعة لقانون الآثار إلا أن اللجنة التي شكلتها النيابة من الهيئة العامة للآثار أثبتت احتواء تلك الشحنة علي ‏58‏ تميمة فرعونية صغيره الحجم‏ ,‏ و‏21‏ تميمة كبيره الحجم‏,‏ و‏143‏ قطعه عمله ترجع إلي العصور الرومانية واليونانية والإسلامية73 ‏.‏ وبعد إجراء التحقيقات ضمت القضية بعض المتهمين الآخرين فتم القبض على فاروق الشاعر احد تجار الذهب الكبار وتبين من التحقيقات انه يحوز قطعا أثرية بدون وجه حق وانه أيضا قد قام بالتواطؤ مع المتهم عبد الكريم أبو شنب بالتصرف في القطع الأثرية التي يحوزها طبقا للقانون والمسجلة بسجلات الهيئة العامة للآثار وان أبو شنب تواطأ أيضا مع متهمين آخرين هاربين هما محمود الشاعر ومحمد الشاعر ( تاجري ذهب ) . وبعرض الوقائع علي المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام الذي أمر بتفتيش قصور ومحل إقامة كل من المتهمين الهاربين محمود ومحمد الشاعر وكذلك فاروق الشاعر وتم تشكيل لجنه لتنفيذ الأمر برئاسة وديع حنا رئيس النيابة‏,‏ وعضويه احمد فاروق‏,‏ وعمرو عبد الله وحسام فريد وكلاء أول النيابة وانتقلت اللجنة إلي مناطق الهرم و‏6‏ أكتوبر وطريق مصر الإسكندرية الصحراوي ومحلات المتهمين الكائنة بشارع الجمهورية‏,‏ وقد تم العثور علي العديد من القطع الأثرية ‏,‏ وعند تفتيش محلات المتهمين بشارع الجمهورية تم العثور علي سجلات الهيئة العامة للآثار‏,‏ وقد أمر المستشار ماهر عبد الواحد النائب العام بالتحفظ علي أموال المتهمين الهاربين محمود ومحمد الشاعر والمتهم المحبوس فاروق الشاعر ومنعهم من التصرف في أموالهم74 ‏.‏ الأمر لم ينته عند ذلك فبعد فترة تردد اسم آل الشاعر مرة أخرى فقد قام احد مواقع الانترنت باستراليا بعرض سبع قطع أثرية للبيع وبالاتصال بالسلطات الاسترالية تم إيقاف عملية البيع واسترداد القطع ، التي تبين أنها لا تقدر بثمن وتعود إلى 2500 عام . في نفس الوقت عثرت السلطات الاسترالية على 32 قطعة أثرية جديدة مسروقة ثبت أن بعضها تم ذكره ضمن الآثار التي قام بتهريبها آل الشاعر 75. ومحلات الذهب الكائنة بشارع الجمهورية ، هي تلك التي عمل فيها طارق السويسي لفترة طويلة من حياته والسويسي هو المتهم الرئيسي في قضية الآثار الكبرى ، وفاروق الشاعر احد المتهمين في القضية أيضا . التمادي في الإهمال وصل إلى حد اختفاء أحراز أثرية من سراي النيابة ففي نفس الشهر ابريل 2004 تبين اختفاء حرز يحتوى على 285 عملة أثرية ترجع للعصر المملوكي من سراي نيابة ببا ببنى سويف . وكان احد الأشخاص واسمه مصطفي محمد سيد المقيم بطما البيشة ببا قد عثر علي زلعة بداخلها عملات فضية في أثناء قيامه بهدم حائط بمنزل وسلمها لقسم الشرطة وتبين من خلال لجنة فنية بالمجلس الأعلى للآثار أن العملات أثرية وترجع إلي عصر السلطان بيبرس ومدون علي احد وجهيها لا إله إلا الله محمد رسول الله أرسله بالهدي. وتم تحريز العملات بمحضر رسمي يوم ‏8‏ ديسمبر 2003 وتم إرساله للنيابة العامة للتصرف‏.‏ وعندما تم الاستفسار عن الحرز اكتشفوا عدم وجوده واختفاء موظف الأحراز بالنيابة كما اختفت أي بيانات قد ينتج عنها الوصول إلي الحقيقة‏76 .‏ ليس الأفراد وحدهم هم الذين يعتدون على الآثار الدولة أيضا تقوم بنفس الدور في التعدي ففي مؤتمر عقده المجلس الأعلى للآثار عام 206 صرح د زاهي حواس في كلمته الافتتاحية إلى أن حجم التعديات على الآثار المصرية بلغ حوالي ستة آلاف حالة تعدى في مختلف المناطق سواء بالبناء في حرم الآثار أو تشويهها أو الزراعة فيها وأشار إلى أن مدينة أسوان الحديثة أقيمت على مدينة أسوان أقيمت فوق مدينة أسوان القديمة بما فيها من آثار مازالت في باطن الأرض، وكذلك هناك مدن أخرى في مصر حدث فيها نفس التعدي ، كإقامة حي عين شمس بالقاهرة فوق العاصمة القديمة هيليوبوليس، ومدينتي إخميم الحديثة والمنيا في الصعيد فوق مناطق أثرية غنية بآثارها الفرعونية وفى كلمته أشار محافظ القاهرة عبد العظيم وزير إلى أن: بعض الجهات الحكومية تقوم بالتعدي على مناطق أثرية وتستخدمها بطريقة تسيء إلى الأثر، مثلما فعلت وزارة التعليم العالي مع قصر طاز في القاهرة القديمة عندما حولته إلى مخازن للكتب ومقاعد الدراسة الهالكة.77 تأمين المتاحف والآثار : تبلغ تكلفة تامين الآثار حوالي 130 مليون جنيه منها 10 مليون جنيه تكلفة تامين المتحف المصري فقط عبر كاميرات مراقبة وأجهزة إنذار تعمل 24 ساعة والحال نفسه في متحف النوبة الذي تكلف 3.5 مليون جنيه، كما تم تأمين منطقة قلعة صلاح الدين بنفس النظام بتكلفة قدرها 7 ملايين جنيه، هذا بخلاف مشاريع أخرى جار تنفيذها مثل تأمين منطقة الهرم بتكلفة إجمالية قدرها 79 مليون جنيه، والمتحف القبطي ب 8 ملايين جنيه، ومعابد إدفو والأقصر ودندرة بتكلفة 1.5 مليون جنيه لكل منهما، بالإضافة إلى الانتهاء من إنشاء 30 مخزنا متحفيا بتكلفة تتراوح بين 2 و 3 ملايين جنيه لكل مخزن على حدة، وذلك في إطار مشروع يضم إنشاء 34 مخزنا متحفيا يتم نقل جميع الآثار المصرية الإسلامية القبطية وغيرها والموجودة داخل المخازن القديمة إليها. وفى حوار مع د‏.‏ زاهي حواس ارجع إلى أن السبب الرئيسي في سرقة الآثار المصرية هو نظام الحراسة وانه يحتاج إلى مراجعة لان الحارس هو الذي يسمح بالسرقة والتنقيب خلسة في الليل وخروج الآثار‏,‏ فلا يمكن أن تحرس آثار مصر بخفير وعسكري أمي وقد أثبتت الظروف الماضية انه يمكن التأثير عليه من خلال الرشوة وتوصلنا إلي حلقات من الإهمال الجسيم‏ ,‏ فقد أكدت القضايا الماضية إهمال الحراسة حيث أن الخفير الجاهل لا يملك المال والوعي‏,‏ والواقع أن لدينا ثلاثة آلاف خفير لن نتمكن من الاستغناء عنهم في يوم وليله ولكننا بدأنا ولأول مرة إنشاء شركة متخصصة لحراسة الآثار تكون تابعة للمجلس الأعلى للآثار قادرة علي جلب عناصر لتدريبهم في الأمن القومي أو الحراسة‏.‏ وأضاف انه تقرر تأسيس شركة قابضة للاستثمارات الثقافية والأثرية تضم مجموعة من شركات القطاع العام فقط من ضمنها مصر للسياحة وشركة للتامين وشركات للمنتجات الثقافية وصيانة المتاحف والآثار ورابعة لتصوير القطع الأثرية وتأجير الصور أو بيعها وشركه للعاديات الثقافية وإنتاج النماذج ولعب الأطفال من الآثار والنشر الورقي والالكتروني بالإضافة إلي محلات لبيع المنتجات تديرها تلك الشركات أو تطرحها78. ورغم وجود هذا العدد الضخم من الخفراء والأثريين إلا أن ذلك لم يمنع من تأمين المواقع الأثرية بشكل كامل ويرجع ذلك إلى أسباب كثيرة منها قلة المرتبات والأجور وعدم وجود ما يمكن أن نسميه بالوعي الأثري لدى المتخصصين في الآثار وقد اعترف د . زاهي حواس بذلك قائلا : انه يوجد في هيئه الآثار أكثر من ستة ألاف اثري ولكن الأثريين علي حق لا يتجاوز عددهم ‏120 فقط 79 . ورغم القضايا العديدة التي تم ضبطها في سرقة الآثار على مدى السنوات الماضية والمعروضة أمام المحاكم سواء تلك التي صدرها بخصوصها أحكام أو تلك التي ما تزال متداولة في المحاكم إلا أن وزير الثقافة قد نفى ازدياد حالات سرقة الآثار في عهده وان العكس هو الصحيح أي انه ازداد ضبط الآثار المسروقة قائلا : ما تقول عليه سرقه هو مضبوطات ‏,‏ وهناك فارق كبير بين المعنيين‏ ,‏ مضبوطات يعني أننا نقبض علي اللصوص‏ ,‏ أما المسروقات فهي التي لا نجدها ‏,‏ وفي هذا الموضوع تحديدا هناك أخطاء لان هناك من يعكس الأمر تماما ‏,‏ وأنا أرجو ألا يقال مسروقات‏,‏ ويقال بالبنط العريض مضبوطات‏,‏ لأننا بالفعل نسترد الآثار من مدن العالم‏,‏ ونحاكم مرتكبي السرقة فيها‏,‏ ودائما أرسل رئيس هيئه الآثار إلي أي مكان تظهر فيه قطع مصريه‏.‏80 وربما يرى البعض أن الحل يكمن في فصل قطاع الآثار عن وزارة الثقافة وإنشاء وزارة خاصة بالآثار لكن فاروق حسنى في إحدى حواراته رفض هذا الاقتراح مشيرا إلى أننا بذلك نحول الآثار إلى قطاع بيروقراطي وروتيني كما أشار في نفس الحوار إلى أن الآثار المضبوطة سرقت قبل أن يتولى هو الوزارة وهذا جزء من الحوار : ـ هناك سرقات كثيرة في الآثار ومع ذلك ترفض فصلها عن الثقافة وجعلها وزارة مستقلة بصلاحيات وإمكانيات ؟ هل تعتقد أن هناك تقصيرا في الآثار؟! فهي لم ترمم ولم يتم الاهتمام بها أساسا إلا بعد أن توليت الوزارة، وكم الاكتشافات والمتاحف والترميمات والإنجازات التي قمت بها لم تحدث في تاريخها كله منذ أقامت مصلحة للآثار، وهذه أشياء معلنة وموجودة للجميع. ويوجد عندنا مجلس أعلى للآثار بصلاحيات كاملة. لماذا تريد حرمان الثقافة من جزء مهم جدا وتحرم الآثار من الانتماء إلى الثقافة ؟ ـ بمعني ؟ التاريخ ثقافة وتريد أن تحوله إلى وزارة وديوان وزارة ووكلاء وبيروقراطية، ونحن لدينا مسئول عن الآثار لديه جميع صلاحيات الوزير. ـ والسرقات الهائلة التي نسمع ونقرأ عنها ؟ هذه ليست سرقات ولكن مضبوطات، أي ناس قامت بعملها كما يجب وضبطت مسروقات. ـ ومعناه أيضا أن هناك سرقات لم يتم ضبطها ؟ الذي تمت سرقته كان قبل أن أتولى الوزارة. ـ اقصد أن المضبوطات معناها وجود سرقات ؟ هذا معناه أننا نعمل بجدية لحماية الآثار من السرقة. ـ السرقات معناها تسيب وإهمال ؟ ليس تسيبا، السرقة تتم من المناطق الأثرية غير المعروفة. ـ تقصد أنها ليست تحت سيطرة الوزارة ؟ ولا نعرف مكانها، وإذا كان هناك من ينقب في مكان ما، فكيف أعرف ؟! ـ بصراحة هناك رأى ما يقال .. أرجو أن تقوله. ـ البعض يقول إن هناك مصلحة ما لك في بقاء الآثار تابعة للوزارة ؟ لا توجد أي مصلحة لي ولو تركت الوزارة وقال احد هذا الرأي فسوف أرد عليه بأنه جاهل. 81 قضية الآثار الكبرى : تعتبر من اكبر قضايا تهريب الآثار التي تم ضبطها ليس فقط من حيث التغطية الإعلامية التي حظيت بها أو الأسماء المتورطة فيها بل أيضا للعدد الضخم من قطع الآثار المضبوطة . الصحافة أطلقت عليها اسم قضية الآثار الكبرى ويعتبر طارق محمد احمد الشهير بطارق السويسي هو المتهم الرئيسي في القضية وقد ضمت 31 متهما من بينهم مفتشي آثار وضابطي شرطة والعديد من الأجانب الغريب أن القضية تم ضبطها عن طريق البوليس السويسري والذي اشتبه في كونتر بالمطار غير موضح عليه بيانات ولم يتقدم احد لاستلامه ليكتشف أن بداخله قطعا أثرية مهربة وذات أهمية تاريخية كبرى وتخضع لقانون حماية الآثار 82. وكشفت التحقيقات التي تم إجراءها في سويسرا إلى قيام طارق السويسي بتهريب مقبرة كاملة تحوى 280 قطعة أثرية نادرة تم تهريبها من مصر في طرود من خلال قرية البضائع وقد تم ضبطها في احد مطارات سويسرا بعد تهريبها من مصر عن طريق احدي شركات التصدير . وقد تم تشكيل وفد رفيع المستوي من نيابة امن الدولة العليا ‏,‏ والرقابة الإدارية ‏,‏ والانتربول‏,‏ وخبراء الآثار إلي سويسرا لإجراء تحقيقات موسعه في قضية تهريب الآثار وتوصلت البعثة إلي مقبرة أثرية كاملة تضم ‏280‏ قطعة من الآثار النادرة ‏,‏ وقامت البعثة بمعاينتها داخل هيئة جمارك مقاطعه جنيف بسويسرا‏,‏ برئاسة اشرف العشماوي رئيس نيابة امن الدولة العليا‏,‏ وحضور منصور بريك كبير مفتشي أثار الهرم‏,‏ والسيدة سهاد صبري سكرتير ثان بالسفارة المصرية بسويسرا‏,‏ وضمت المقبرة الأثرية المهربة قطعا علي درجه عاليه من الأهمية والقيمة الأثرية منها النصف العلوي لتمثال يمثل الإله‏(‏ بتاح‏) ,‏ وبقايا رأس تمثال الإلهة‏(‏ سخمت‏)‏ وتمثال صغير للإله‏(‏ امورو اله الحب‏),‏ وآخر للآلهة‏(‏ افروديت‏),‏ وتمثالان من الخشب الملون يمثلان الإلهة‏(‏ حورس‏)‏ في هيئه صقر‏,‏ بالإضافة إلي نموذج لمركبه خشبية مفككه‏,‏ ومومياوين ضخمتين ‏.‏ وأكدت اللجنة في تقريرها أن جميع المضبوطات أثرية وذات أهمية تاريخية كبري‏,‏ وترجع للعصور المصرية القديمة المختلفة الفرعونية واليونانية والرومانية ‏,‏ وتخضع لقانون حماية الآثار رقم‏117‏ لسنه ‏83‏ وان جميع هذه القطع تمت سرقتها من مصر نتيجة للحفر خلسة في المناطق الأثرية أو الأراضي المتاخمة لها‏,‏ حيث تبين أن جميع القطع لا توجد عليها أرقام تسجيل‏,‏ خاصة بالمجلس الأعلى للآثار سواء أرقام حفائر علميه أو أرقام مخازن أو متاحف‏,‏ كما تبين أن جميع القطع‏,‏ وحني العضوية منها لم تجر لها أي أعمال ترميم دقيق من قبل‏,‏ مما يؤكد سرقتها عن طريق الحفر خلسة‏,‏ وبالإضافة إلي ذلك فقط لوحظ وجود كسور غير منتظمة وغير مستوية الحواف ببعض القطع‏,‏ خاصة اللوحات الحجرية‏,‏ مما يؤكد نزعها من جدران مقابر بطريقه غير علميه‏,‏ ‏ وتوصلت اللجنة إلي أن فترة استخراج هذه الآثار‏,‏ خاصة العضوية منها لا تتعدي العام‏,‏ حيث أن معظمها لا يزال في حاله جيده‏,‏ وإنها قد تم الكشف والتنقيب عنها في مناطق صحراويه جافه‏,‏ وأوصت اللجنة في تقريرها بسرعة نقل القطع الأثرية الـ ‏280‏ فورا إلي البلاد‏,‏ خاصة أن اغلبها من مواد عضويه مثل المومياوات والأخشاب واللفائف الكتانية لان تركها لعوامل الطقس المختلفة دون إجراء أعمال صيانة وترميم دقيق يعرضها للتدمير والتلف مع مالها من قيمه تاريخيه نادرة كثروه قوميه للبلاد‏83 .‏ بالإضافة إلى المقبرة الكاملة التي تم تهريبها كانت هناك آثارا أخرى تم ضبطها في نفس الطرود من أهمها وليس كلها : تابوتين خشبيين ملونين‏:‏ الأول لسيده‏,‏ وهو ذو غطاء ادمي علي هيئه رأس سيده ترتدي الشعر المستعار المسترسل وملونه بألوان زرقاء وبيضاء وأسفل رأس غطاء التابوت‏‏ وحني أسفله شريط من الكتابة الهيروغليفية باللون الأسود ‏,‏ ويحدد الكتابة خطان بلون اسود لصيغه القرابين‏,‏ وبداخل التابوت مومياء صاحبته في حاله جيده ملفوفة بلفائف كتانيه‏,‏ ويقدر طول التابوت بـ ‏183‏ سم وارتفاعه بـ ‏33 سم وعرضه ‏50‏ سم عند الصدر ‏,‏ أما التابوت الثاني فهو خشبي لرجل‏ ,‏ وغطاؤه ادمي برأس رجل وبه كسر في الجانب الأيسر‏,‏ وغطاء التابوت ملون ومزخرف بالكامل بمناظر دينيه وشريط كتابي بالهيروغليفية في الوسط‏‏ وطول التابوت ‏180‏ سم وارتفاعه ‏28 سم وبداخل التابوت مومياء لرجل في حاله جيده ملفوف بلفائف كتانيه ولا يوجد علي رأسه قناع‏,‏ والمومياوين بهما ألوان صفراء حول الوجه يحتمل أن تكون مذهبه‏.‏ وتضم القطع الأثرية المضبوطة رأس تمثال من الحجر الجيري المتكلس وجزء من لوحه من حجر البورفير يمثل سيدة واقفة ترتدي الرداء الحابك ويداها إلي جانبها ويرجع للعصور الفرعونية المتأخرة ويبلغ طوله‏27‏ سم‏,‏ كما عثر علي قاعدة تمثال من البازلت عليها قدمان لتمثال يقدم ساقه اليسرى عن اليمني ويحتمل ان يكون لسيدة‏. ‏والنصف العلوي لتمثال يمثل الإله‏(‏ بتاح‏)‏ يبلغ ارتفاعه ‏14‏ سم وعرضه‏7‏ سم ‏. ‏من بين القطع أيضا جزء من غطاء تابوت من الخشب الملون لرجل يرتدي شعرا مستعارا مسترسلا ملونا باللونين الأسود والأصفر والوجه ملون باللون الأحمر‏,‏ والعديد من الأواني من الفخار الأحمر مختلفة الأشكال والأحجام منها إناء فريد الشكل يمثل حيوان فرس النهر واقفا وله فوهة من اعلي‏,‏ وهو قطعة أثريه نادرة ‏.‏وتمثالان من الخشب الملون يمثلان الآلهة‏(‏ حورس‏)‏ في هيئه صقر‏,‏ ومجموعه من تماثيل التراكوتا مختلفة الأشكال والأحجام ‏,‏ منها تماثيل تمثل الإلهة‏(‏ افروديت‏)‏ و‏(‏حربوقراط‏) ,‏ وتماثيل أخري لسيدات ترجع للعصور الرومانية ‏. ‏كما تم العثور علي مسارج‏ (‏ لمبات زيت‏)‏ من الفخار الأحمر منها واحده صغيره علي هيئه رأس الإلهة‏(‏ بس‏)‏ وأخري عليها منظر للإلهة ‏(‏افروديت‏)‏ ومجموعه أوان من الفاينس الأزرق مختلفة الأشكال والأحجام‏,‏ وترجع للعصور اليونانية ‏,‏ ‏ونموذج لمركبه خشبية مفككه داخل كرتونتين من الورق‏ ,‏ وبها مجموعه كبيره من التماثيل الخشبية تمثل البحارة ورئيس المركب‏ ,‏ وترجع لعصر الدولة الوسطي الفرعونية‏,‏ بالإضافة إلي مجموعه من اللوحات من الحجر الجيري من العصور المختلفة عليها مناظر بالنقش الغائر والبارز لأشخاص وآلهه من العصور الفرعونية القديمة‏,‏ و‏3‏ رءوس تماثيل من الجبس الملون تمثل أجزاء من توابيت وعليها ألوان وتعود للعصر الهلينستي وعصر دخول لاسكندر الأكبر لمصر‏,‏ والنصف السفلي لتمثال ملكي بالحجم الطبيعي مصنوع من البازلت يمثله جالسا علي مقعد والقدمان مفقودتان ويرجع للعصور الفرعونية القديمة‏,‏ وتمثال من الجرانيت الأسود لأبي الهول مفقود منه الرأس‏,‏ ومجموعه كبيره من تماثيل الاوشابتي ذات أحجام مختلفة‏,‏ ومجموعه من الأواني الصغيرة الحجم من الفاينس والفخار مختلفة الأشكال والأحجام احدها ممثل عليه من الخارج تمثال صغير للإله‏(‏ امورو‏)‏ اله الحب في العصور الرومانية يمثله في هيئه طفل ممسك في يده درعا‏,‏ وجزء من الإناء من أسفله مفقود‏,‏ بالإضافة إلي مجموعه كبيره من‏(‏الكارتوناج‏)‏ الملون بألوان وزخارف مختلفة ملفوفة في لفافتين كبيرتين من القطن الأبيض الطبي‏,‏ وهي ترجع للعصور الفرعونية المتأخرة‏84 .‏ يعد طارق السويسي شخصية غامضة تحوم حوله العديد من الأسئلة حول صعوده من عامل في محل آثار بشارع الجمهورية وعلاقاته المتشعبة وثروته التي قدرت بما يزيد على 300 مليون جنيه وكان يمتلك قصرا على مساحة 30 فدانا بمنطقة أبو رواش بالهرم كما انه شغل منصب أمين الحزب الوطني بمنطقة الهرم وقد عثر رجال الرقابة الإدارية في قصره على لوحات إسلامية معلقة على الجدران وأثارا فرعونية كان يزين بها قصره وأسلحة غير مرخصة . وقد بلغ حجم أوراق التحقيقات في هذه القضية قبل إحالتها إلى نيابة امن الدولة العليا إلى أكثر من 3500 ورقة ضمت أقوال المتهمين المقبوض عليهم في القضية كما ضمت بالإضافة إلى تهمة تهريب الآثار الموجهة لطارق السويسي تهما أخرى مثل غسيل الأموال وحيازة مخدرات وأسلحة وأجهزه محظورة امنيا . القضية ضمت بالإضافة إلى السويسي أسماء أخرى كثيرة وتشغل مواقع مهمة منها على سبيل المثال محمد سيد حسن كبير مفتشي الآثار في القرنة بالأقصر والذي عثر بمنزله على نحو 300 قطعة أثرية فمفتش الآثار المذكور مسئول عن مناطق أثرية كاملة وعن العديد من المخازن التي تضم آلاف القطع الأثرية ومسئول عن متابعة أعمال البعثات الأجنبية والتنقيب عن الآثار ومراقبة التعديات وتلقي البلاغات عن السرقات وغيرها من المهام التي تحتاج إلي “كتيبة من رجال الآثار” ورغم هذا تم تركه لمهامه وهو ليس فوق مستوي الشبهات ليكون علي رأس مهربي ومصدري الآثار للخارج مقابل ملايين الدولارات . ووفقا لما قرره المتهم في التحقيقات إنه مختص مكانياً بالمنطقة الجنوبية لآثار القرنة وهي التي تشمل منطقة دير المدينة ووادي الملكات ومعبد مدينة هابو وممتدة حني محاجر الضبعية.. بالإضافة لمسئوليته في الأعمال الكتابية لمكتب تفتيش الآثار كما انه مسئول عن المخزن المتحفي والذي يضمم كل القطع الأثرية المسجلة والمعثور عليها في القرنة من توابيت وأحجار منقوشة وما إلي ذلك وإنه مسئول عن القيد للقطع الأثرية المخصصة للدراسة.. وانه له صفة الضبطية في المخازن وفي المواقع التي يتم فيها الحفر وإنه مختص بتلقي البلاغات عن فقد أو سرقة أي قطعة وإنه مختص بالبلاغات عن أي تلف بالآثار أو الاعتداء علي الأراضي الأثرية وكذلك اختصاصه بترميم وصيانة الآثار والحفائر والتنقيب وتنظيف المعابد بالمنطقة الأثرية والتصدي للبناء علي أراضي الآثار. أما عن مسئولياته تجاه البعثات الأجنبية التي تنقب عن الآثار في منطقة نفوذه فهو مختص بالمرور بصفة مستمرة علي هذه البعثات وانه يتمم إخطاره بأي كشف يقومون به وإنه ضمن أعضاء اللجنة التي تنتقل للمعاينة وتصوير الأثر في الموقع فور الكشف ونقله إلي المخزن وتدوين البيانات في دفتر التسجيل وان آخر أعماله كانت مع البعثتين الفرنسية والأمريكية ورغم ما قرره المتهم في التحقيقات بأن الرد يجب أن يكون بصفة دورية علي فترات متقاربة في ضوء اللوائح والقوانين إلا انه أكد أن آخر جرد للمخازن تم منذ 6 سنوات كاملة وبرر ذلك بأن المسألة تختلف تبعاً لأمين المجلس الأعلى للآثار . أما عن علاقة مفتش الآثار المتهم بالأجانب فتظهر من أجندة التليفونات التي قامت الرقابة الإدارية بضبطها معه وهي تحتوي علي أسماء وعناوين لأجانب كما تم تسجيل محادثات للمذكور وتصوير لقاءات له بالفيديو مع أجانب منذ استقباله لهم بالمطار وحني الجلوس معهم في شقق مفروشة.. وقد أوردت التحقيقات مقابلات له ببعض الأجانب وعرضه عليهم لقطع أثرية والحديث عن مبالغ مالية مستحقة له في ذمة بعض الأجانب 85. وحسب ما أوردته جريدة العربي الناصري فان التحقيقات التي تمت مع مفتش الآثار المذكور والجاري محاكمته في قضية طارق السويسي أمام محكمة جنايات القاهرة برئاسة المستشار عادل عبد السلام جمعة وعضوية المستشارين محمد حماد والدكتور أسامة جامع وبحضور المستشار هشام بدوي رئيس نيابة أمن الدولة وأشرف هلال وأمانة سر سعيد عبد الستار ظهرت عدة مفاجآت أثناء التحقيقات منها الزعم بتناول صديق المتهم العشاء مع مدير مكتب فاروق حسني وزير الثقافة . فقد أوردت التحقيقات مع مفتش الآثار المتهم محمد سيد حسن محادثة اتصل فيها شخص عرفه بنفسه باسم أيمن حسن بادره بعبارات مازحة قال فيها انه سوف يطلب تعويضاً من فاروق حسني وزير الثقافة فعلق مفتش الآثار المتهم بعبارات نابية تهكم فيها علي الوزير . وبسؤال المتهم محمد سيد حسن عن صلته بالمدعو أحمد عبد الراضي أجاب انه لا يعرفه.. رغم أن أحمد عبد الراضي يشغل مدير العلاقات العامة بمنطقة آثار الأقصر والتي يعمل بها مفتش الآثار المذكور وعبد الراضي متهم معه في نفس القضية . المفاجأة الثانية تجيء في اهتمام مفتش الآثار المذكور بمتهمين في قضايا ليست لها علاقة بالآثار ومن ذلك حديث للمتهم مع صديق له يدعي محمد حول ما أسموه صفقة الدولارات وتطرق الحديث بينهما والذي سجلته الرقابة الإدارية تناول الحوار حول قضية حسام أبو الفتوح ورفض الطعن الذي قدم منه، المفاجأة الثالثة تأتي في اعتياد سفر مفتش الآثار المتهم للعديد من الدول الأوروبية بينما يقتصر اهتمام رؤسائه في العمل علي أن يكون للمذكور رصيد إجازات دون الاهتمام بشبهات السفر ومن أين يأتي بالأموال والمصاريف مفتش الآثار المذكور اعترف في التحقيقات بأنه سافر إلي كل من فرنسا وبلجيكا وسويسرا وألمانيا وكرر السفر إلي سويسرا وعندما سئل لماذا هذه الدول تحديدا رغم شبهات العلاقة بتهريب الآثار أجاب إنه سافر بقصد السياحة وزيارة المعالم وعلي نفقته الخاصة وعندما سئل عن مصادر دخله أجاب إن مرتبه الشهري وهو 800 جنيه . أما عن حجم الأموال وقيمة صفقات الآثار المهربة فهي نجدها مما ورد في المحادثات التي سجلتها الرقابة الإدارية ففي محادثة له يقول للطرف الآخر انه يريد قطعة أخري من حائط.. وإنه توجه عن شخص أجنبي إلي أسيوط وكان مع هذا الشخص مبلغ 60 مليون دولار وإن هناك واقعة احتيال في مبلغ بسيط قدره 180 ألف دولار وفي محادثة أخري يتناول الحوار حول موعد لمقابلة المدعو الحاج رأفت لاستلام قطعة ذهبية وتسليمه مبلغ مالي وفي محادثة ثالثة يقول المتهم لمحدثه إن الصورة فشنك وإن المطلوب فيها نص مليون دولار فقط وفي محادثة رابعة يدور الحديث مع آخر يدعي أيمن ويفهم من الحديث انه يعمل في قطع الآثار وذكر المتهم في محادثته وجود ثلاث جرائد مطلوب فيها مليون دولار وإن معه صورا للآثار بالغة الروعة. المفاجأة الرابعة عدم وجود أي رقابة في الطيران الداخلي علي انتقال الآثار المهربة رغم صدمة ضبط مدير مطار الأقصر أثناء نقله لمئات القطع الأثرية المهربة وقد ورد في محادثة تليفونية للمذكور انه مسافر بالطائرة من الأقصر للقاهرة وإن معه حقيبة يريد إطلاع محدثه علي محتواها. هذا وقد أكدت تحريات الرقابة الإدارية أن مفتش الآثار المذكور ليس فوق مستوي الشبهات وانه اعتاد تقاضي مبالغ مالية من تجار الآثار نظير الإخلال بواجباته الوظيفية وعدم الإبلاغ عن حصول هؤلاء علي قطع أثرية يتم اكتشافها داخل نطاق اختصاصه . تمتد الشبهات إلي الرشاوى مقابل عدم التصدي للاعتداء علي الأراضي الأثرية بالبناء حيث أن هناك نحو 2000 تعد بالبناء بمنطقة عملة وهناك شكوى ضده من أجنبية أبلغت الدكتور زاهي حواس بأن مفتش الآثار المذكور يتحرش بها جنسياً.. وهناك صور مضبوطة للمذكور بجانب سيدات أجنبيات وبعضهن علي الفراش متحررات من الثياب وهناك أقوال للمتهم عبد الراضي تشير إلي أن المفتش المذكور يتحدث معه وهو سكران. ولعل من هذا لم يكن غريباً أن يتم ضبط كل هذا الحجم من الآثار المسروقة أو المعدة للتهريب في حيازة المذكور وكذلك صور للآثار الجاري تهريبها ومنها خمس صور لقطع أثرية ورقائق شفافة بكل منها ثمانية شرائح نيجاتيف وهي تشتمل علي صور لقطع أثرية وتماثيل وعلب بها تمائم وقطع لحيوانات ووجوه صغيرة وجعارين وخواتم وخراطيش وحُلي وقد أكدت لجنة الجرد المشكلة بمعرفة النيابة وجود عجز في عهدة المفتش المذكور كما أكدت علي أثرية القطع المضبوطة واختصاص المذكور من واقع توقيعه علي حاضر الاستلام ومنها عهد بمخازن سنفر ومتحف بروكلن والمتروبوليتان والمخزن رقم 33 بمنطقة العسايف وقد رصدت اللجنة العجز في عهدته الفردية بالمخزنين رقم 12، 15 والعجيب أن من بين القطع المضبوطة لدي المتهم قطع مقلدة بدقة متناهية. هذا وقد وجهت النيابة للمتهم اتهامات باختلاس قطع أثرية حيازته بسبب أعمال وظيفته العامة وأخذ مبالغ مالية علي سبيل الرشوة واتهامه بالاشتراك مع آخرين في تهريب قطع أثرية للخارج وتقليده لقطع أثرية بقصد الاحتيال والتدليس ومتهم بسرقة وإخفاء آثار مملوكة للدولة والاتجار بها أما الطريف فإنه عندما واجهت النيابة المتهم بتسجيلات مصورة له بالفيديو أنكر وتعجب قائلاً يخلق من الشبه أربعين86 . ومن الأسماء التى ورد اسمها في القضية المتهم احمد عبد الراضي مدير العلاقات العامة بالأقصر وقد أثبتت التسجيلات الصوتية التي قامت الرقابة الإدارية بتسجيلها قيام المتهم بتفاوضه على بيع ثلاثة أوراق بردى بمبلغ مليون دولار وكذلك رأس تمثال روماني وتابوت فرعوني وعملات بمبلغ 350 ألف دولار وحسب ما ذكرت صحيفة أخبار الأدب فان الأثري احمد عبد الراضي كان يعتبر رجل الوزير الأول في الأقصر وانه قبل عامين منذ اكتشاف القضية تم بذل جهود مكثفة لإيجاد ثغرة تحول دون خروجه إلى المعاش بعد وصوله إلى سن الستين وكانت النتيجة انه تم التعامل مع مدير العلاقات العامة باعتباره عاملا ليستفيد من مادة قانونية تسمح للعمال الذين التحقوا بالعمل بهيئة الآثار قبل عام 1961 م بالاستمرار حتى سن الخامسة والستين 87 . وهناك أسماء أخرى لمسئولين كبار تم تداولها في القضية ، فقد طلب نبيه الوحش المحامي ، ممثل الدفاع عن المتهم مهدي محمد علي ، صاحب أحد المطاعم السياحية بالأقصر ، وهو احد المتهمين في القضية ، فقد طالب الوحش بحضور كل من كمال الشاذلي وزير مجلسي الشعب والشورى والأمين العام المساعد بالحزب الحاكم ، والسيد فاروق حسني وزير الثقافة ، مؤكدا علي أن وجودهما قد يغير اتجاه القضية تماما. واستند المحامى نبيه الوحش في طلبه ، علي قيام كلا الوزيرين وبصفة خاصة كمال الشاذلي ، بلعب دور في استمرار إهدار ثروة مصر الأثرية . مشيرا إلي أن التحقيقات مع المتهمين ، أكدت علي أن دخول وخروج طارق السويسي لصالة كبار الزوار ، ومعه الطرود الخاصة به ، جاءت بتوصية من كمال الشاذلي ، وأن أحد المتهمين اعترف بأن الطرد الذي خرج من مصر ، وتم ضبطه في سويسرا ، كان يحتوي علي آثار مهربة ، بناء علي توصيه الشاذلي . وطالب نبيه الوحش بضرورة مثول كمال الشاذلي ليكشف للمحكمة طبيعة العلاقة مع المتهم الرئيسي طارق السويسي ، ويزيل الألغاز والطلاسم الموجودة في تلك العلاقة . أما عن السبب وراء طلب الوحش استدعاء فاروق حسني وزير الثقافة فقد أكد علي أن شهادته ضرورية لصالح بعض المتهمين . وتساءل الوحش عن السبب الرئيسي وراء استبعاد هالة طلعت حماد ابنة الوزير السابق مشيرا إلي أن المتهم الأول نفي صلته بها ورغم ذلك فإنها اعترفت بأنها تعرف طارق السويسي كما جاء في التحقيقات معها ، ورغم ذلك لم يشملها قرار الاتهام بل شمل أشخاصا آخرين ليس لديهم أية فكرة عن القضية وهذا ما حدث لموكله الذي تلقي تهديدات من مسئولين كبار بضرورة عدم الزج باسم عدد من الوزراء وكبار المسئولين في القضية88 . وقد قضت محكمة جنايات القاهرة ، بمعاقبه المتهم الأول طارق السويسي ، بالسجن المشدد لمدة ‏35‏ عاما، وتغريمه نحو ‏400‏ مليون جنيه ، تشمل ‏48 مليون دولار و‏33‏ مليون جنيه مصري و‏400‏ ألف يورو و‏1.5‏ مليون فرنك فرنسي ، عن تهم سرقه الآثار وتهريبها وإخفائها ، والرشوة ، واستعمال محررات مزورة ، وغسل الأموال .


وكانت بيانات أحكام طارق السويسي كالتالي : السجن المشدد‏7‏ سنوات وغرامة إلفي جنيه ، عن تهمه الرشوة واستعمال محررات مزورة . و‏15‏ عاما سجنا مشددا وغرامه ‏50‏ ألف جنيه عن تهمه سرقه الآثار وإخفائها وتهريبها . و‏3‏ سنوات أخري وغرامه‏10 ‏ ألاف جنيه عن تهمه حيازة المخدر الحشيش . و‏7‏ سنوات وغرامه ‏33‏ مليون جنيه و‏971‏ فرنكا سويسريا و‏111‏ ألف يورو عن تهمه غسيل الأموال . و‏3‏ سنوات أخري عن تهمه حيازة أسلحه وذخائر بدون ترخيص89 ‏.‏ ومن أشهر الأسماء التي صدرت ضدها أحكام في القضية : فاروق الشاعر السجن المشدد ‏15 ‏عاما وغرامه ‏50‏ ألف جنيه عن تهمه تهريب الآثار للخارج ، ومحمد محمد حسانين البهنسي الموظف بالمطار مدير العلاقات بمطار القاهرة بصالة كبار الزوار بالسجن المشدد‏7‏ سنوات وغرامه ألف جنيه والعزل من الوظيفة . وعاطف سليمان علي سراج عقيد شرطة نائب مأمور قسم الهرم بالسجن المشدد ‏3 سنوات وغرامه ألف جنيه . وطارق مدحت السيد القرش عقيد شرطة ورئيس قسم الشكاوي بادراه مرور الجيزة بالسجن المشدد ‏3 سنوات وغرامه ‏50‏ ألف جنيه عن تهمه حيازة المخدرات وبراءته من تهمه أخفاء الآثار . وعاقبت متهمين آخرين من موظفي الجمارك هما ماهر أمين السعيد قاسم واحمد عبد الرحيم بالسجن المشدد ‏15‏ عاما وغرامه ‏50‏ ألف جنيه . وعاقبت المتهم محمد سيد حسن مفتش آثار بالسجن المشدد لمده ‏20‏ عاما منها ‏15 ‏عاما عن تهمه اختلاس آثار و‏5‏ سنوات وغرامه ‏50‏ ألف جنيه عن تهمه أخفاء الآثار وبراءته من تهمه تزييف الآثار ‏.‏ كما قضت ببراءة احمد عبدا لراضي عسيري مدير العلاقات العامة بالأقصر ‏.‏ ومهدي محمد علي صاحب كافيتريا بالأقصر 90. وقد تم قبول نقض المتهمين وإعادة محاكمتهم من جديد أمام دائرة أخرى وما زالت متداولة لم يصدر فيها حكم بعد . البعثات الأثرية : ربما تجرنا قضية الثار الكبرى للحديث عن البعثات الأثرية الموجودة في مصر ودورها في تهريب الآثار آو مدى جديتها في البحث وأيضا مدى كفاءتها العلمية فهناك العديد من المخالفات التي تم رصدها منها : 1 ـ إهمال تسجيل الآثار المكتشفة 2 ـ عدم نشر نتائج أعمال البعثات كما أن هناك العديد من الأسئلة التي تدور حول دور مفتشي الآثار المصريين المرافقين لتلك البعثات وان دورهم في معظم الأحيان دور هامشي ويتخذ صورة شكلية وغير مؤثر ودون استفادة علمية حقيقية . وقد اعترف د . زاهي حواس بوجود قصور في عمل البعثات الأجنبية وارجع ذلك إلى الإهمال وغياب القواعد التنظيمية لعمل البعثات الأجنبية والأثريين المرافقين لها وأضاف أن بعض البعثات ارتكبت فعلا مخالفات تم التغاضي عنها بسبب الجهل واللامبالاة وقد ذكر د زاهي حواس انه تم منع عمل أي حفائر جديدة منذ العام الماضي‏.‏ ويتم التصريح للبعثات الجديدة بالعمل في الدلتا فقط حيث إنها منطقه أثريه معرضه للخطر بفعل المياه الجوفية والزراعة‏.‏ من جانب آخر تم وضع ضوابط للبعثات الأجنبية الجديدة ومراجعه أعمال البعثات القديمة‏.‏ ومن بين هذه الضوابط انه علي كل بعثه أجنبيه أن ترسل مقالا باللغة الأجنبية عن نتائج عملها خلال‏3‏ شهور من انتهاء العمل ويتم نشر هذا التقرير في الدورية التي يصدرها المجلس باللغتين العربية والانجليزية‏.‏ كما ينص القانون علي التزام البعثة بترميم أي اثر تكتشفه وان تكشف لنا مصادر تمويلها وان يتم إيقاف عمل أي بعثه إذا لم تنشر نتائج بحثها خلال‏5‏ سنوات‏.‏ كذلك فقد شكلنا لجنه لمراجعه أعمال الـ ‏300‏ بعثه التي تعمل حاليا‏‏91 . وقد تم اتخاذ هذه الضوابط لمحاولة منع بعض التجاوزات التي تقوم بها البعثات الأثرية خصوصا بعد ضبط استيفان روستو العضو في بعثة الآثار الفرنسية إثناء محاولته تهريب قطع أثرية عن طريق مطار النزهة بالإسكندرية وقد قررت اللجنة المشكلة لفحص القطع المهربة أنها لم تكن مدرجة ضمن سجلات الآثار الغارقة التي عثرت عليها البعثة الفرنسية التي يرأسها جان ايف امبرير92 . وذكر د زاهي انه تم إنشاء ‏24‏ وحده أثرية في المطارات ومراكز مصر لفحص أي عمل في طريقه للخارج وتشتبه جهات الأمن في كونه أصلي ويرأس هذه الوحدات أثريون مصريون متخصصون‏.‏ كذلك فان المجلس يوقف أي باحث يثبت تورطه في سرقه الآثار وبالفعل تم إيقاف الانجليزي نيلكس ريجن وإنهاء عمله في وادي الملوك والأمريكية ليلي فوك واثنين من الألمان . وحول الأثريين المصريين المرافقين للبعثات الأجنبية قال د. زاهي : أن الأثري الذي يحصل علي مائه وعشرين جنيها فقط شهريا كان مضطرا لان يغض الطرف عن كثير من الممارسات أو يقبل أن يكون مجرد شيال أو خيال ظل للحفاظ علي المبلغ الذي تقدمه له البعثة الأجنبية أو طمعا في رحله للخارج واليوم وطبقا للائحة الجديدة أصبحت البعثة ملزمه بان تقدم للمجلس مبلغ ‏2500 ‏جنيه شهريا لصالح الأثري المرافق لها‏.‏ ويقوم المجلس بدفع هذا المبلغ بالإضافة لألف جنيه أخري ‏.‏ كذلك فان البعثة تقدم المنح للمجلس الذي يقوم بتوجيهها بمعرفته للأثريين ‏..‏ هذه الضوابط تضمن للباحث مستوي معيشة طيبه وتحفظ كرامته أمام البعثات الأجنبية ليؤدي عمله كما يجب وتعزز انتماءه للمجلس وحرصه علي آثار مصر‏.‏بالإضافة إلي ذلك فانه تتم مراقبه الأثريين ومن يثبت تورطه في عمل مخالف للقانون يتم وقفه وهذا ما حدث مع احد الأثريين بالأقصر93 . بعثة التنقيب القطرية : وقد أثار توقيع بروتوكول التعاون بين مصر وقطر في مجال الآثار لغطا كبيرا في الصحافة فبينما أبدى البعض دهشته من كون قطر ليست متخصصة في الآثار كما أنها لا تمتلك الخبرة الكافية في عمليات البحث والتنقيب المح البعض إلى علاقة الصداقة التي تربط بين فاروق حسنى والشيخ سعود آل ثاني . وقد رد فاروق حسنى على مقال كتبه د محمد أبو الغار في صحيفة العربي الناصري موضحا : أن ما تم مع قطر ليس اتفاقا بل ورقة تفاهم سيتم من خلالها قيام أثريين مصريين بتدريب طلاب قطريين على التنقيب على الآثار . وحول ملاحظة د أبو الغار انه لا توجد هيئة علمية قطرية متخصصة في الآثار المصرية أوضح فاروق حسنى : أن هذه ملاحظة تؤكد صحة توجهنا ، نحو العمل على تعليم أبناء الدول الشقيقة علوم المصريات ، لأجل أن ينتشر الاهتمام بالآثار المصرية94. وفى حوار آخر أعلن فاروق حسنى أن الشيخ سعود آل ثاني قد تبرع لمصر بـ 80 قطعة أثرية من ممتلكاته لمتحف تل العمارنة قائلا : أن الشيخ سعود آل ثاني‏,‏ لديه اهتمامات أثريه كبيره جدا ‏,‏ ويقتني كما هائلا جدا من الآثار‏,‏ وليس فقط المصرية ‏,‏ لكنها متنوعة ‏,‏ وعنده ولع شديد بالتنقيب عن الآثار‏,‏ كما أسهم بدور فعال في الكثير من عمليات ترميم الآثار التي تم كشفها أخيرا بالمنيا‏ ,‏ بالإضافة إلي انه أعاد لمصر نحو ‏80‏ قطعه من الآثار الاتونية في تل العمارنة ‏,‏ وقت شروعنا في إقامة متحف العمارنة ‏,‏ وهذا يوضح لماذا قطر دون غيرها95 . وعن سبب اختيار تل العمارنة بالذات قال فاروق حسنى : اختيار تل العمارنة لأن صديقي الشيخ سعود آل ثاني وهو صديق عزيز إنسان له حالة خاصة مع مصر والحضارة المصرية ، فهو من عشاق الحضارة المصرية ويحبها بشكل رائع وفريد ، الأمر الذي جعله يقتنى من العالم مئات من القطع الأثرية المصرية التي كانت تباع في المزادات وسوف يعيد إلى مصر 80 قطعة من القطع الأثرية المصرية التي اشتراها من المزادات العالمية في الخارج وهو لديه غرام خاص جدا باخناتون ، وفى يوم من الأيام قلت له أنت تشبه اخناتون لأنه بالفعل يحمل الكثير من ملامح اخناتون ، وبالتالي أصبحت في المسألة خلطة مشاعرية وخلطة علمية ، خلطة مشاعرية تتمثل في غرامه بالحضارة المصرية وباخناتون وتل العمارنة وخلطة علمية بين ما يحب وما يود أن يكتشف أكثر عن هذه الحضارة، وهذا هو سبب اختيار تل العمارنة96 . الاتفاقية التي أثارت جدلا واسعا في الصحافة ودافع عنها كل من د زاهي حواس وفاروق حسنى تم إلغائها بعد ذلك كما تم عزل الشيخ سعود آل ثاني من منصبه كامين عام المجلس الوطني للثقافة والتراث في قطر97 . أيضا لم يقم الشيخ اخناتون ( كما لقبنه الصحافة وقتها ) بإهداء الـ 80 قطعة أثرية والتي أعلن وزير الثقافة أكثر من مرة انه سيهديهم لمتحف تل العمارنة . وحسب ما ورد في أخبار الأدب فان الإلغاء كان بسبب عدم التزام الشيخ سعود آل ثاني بتنفيذ وعوده التي أعلنها ومنها تمويله لمشروع ترجمة وطبع الكتب الأثرية وأيضا لعدم التزام الأمير القطري بإهداء مصر القطع الأثرية التي تنتمي إلى عصر العمارنة98. باب العزب : وننتقل من الآثار الفرعونية إلى الآثار الإسلامية وتحديدا إلى مشروع باب العزب بالقلعة . بدأت فكرة إنشاء مشروع سياحي بالقلعة منذ نهاية الثمانينيات وقد أثار المشروع العديد من الجدل والاعتراضات عليه وحتى وصل الأمر إلى ساحة المحاكم وقد ذكر كل من الصحفي على القماش والمحامى جودة العزب في عريضة الدعوى التي أقاماها لوقف تنفيذ المشروع أن الاتفاق على المشروع تم إثناء فترة عمل وزير الثقافة في ايطاليا وكان المشروع يتضمن إقامة فندق مكون من 100 غرفة مع الملحقات اللازمة له لتطوير مبنى موجود بالفعل . المشروع تم رفضه من قبل العديد من علماء الآثار والمثقفين بل أن بعضهم شارك في بعض مراحل القضية كشهود منهم نعمات احمد فؤاد ود على رضوان سكينة فؤاد فاروق جويدة د احمد الصاوي أستاذ الآثار الإسلامية ود مختار الكسبانى . وقد أكدت لجنة التراث الحضاري بالمجالس القومية المتخصصة في تقرير لها عام 1998 م أن مشروع باب العزب لم يعرض بصورته النهائية على اللجنة الدائمة . وفي سبتمبر 1999 م أكدت محكمة القضاء الإداري صدق مخاوف المعارضين للمشروع حيث قضت بوقف تنفيذ المشروع ووقف إنشاء الفندق وقالت إن المباني تشكل تهديدا خطيرا لهذه المنطقة الأثرية وأشارت المحكمة في حيثياتها: إلى انه من المؤسف أن يأتي العدوان على آثار مصر من هيئة الآثار المؤتمنة على المحافظة عليها . وأوضحت المحكمة انه لا توجد في قانون الآثار كلمة تطوير وإنما رعاية وصيانة وترميم ومنع لتغيير شواهد ومعالم الأثر دون تدخل أو تغيير ليحتفظ بالشواهد التي أقيم من اجلها99 . وقد رفضت المحكمة الإدارية العليا الطعن المقدم من وزارة الثقافة في حكم محكمة القضاء الإداري بوقف إنشاء فندق في باب العزب بالقلعة100 . في نهاية نوفمبر 2002 م شب حريق في باب العزب وقد تم تشكيل لجنة برئاسة آمين المجلس الأعلى للآثار وقد اتخذت إجراءات بنقل الورش والمخازن من القلعة وإنشاء وحدة دائمة للمطافئ بالقلعة 101 . لكن الكلام عاد مرة أخرى عن مشروع باب العزب لكن مع استبعاد إنشاء فندق احتراما لرأي القضاء حسبما قال الوزير102 . محمد فودة : لم يكن الإهمال والفساد منحصرا في قطاع الآثار فقط بل كان موجودا أيضا في المقربين من الوزير والعاملين ضمن طاقم مكتبه وربما كانت قضية محمد فودة نموذجا على ذلك . تعد قضية محمد فودة السكرتير الصحفي لوزير الإعلام من القضايا المثيرة فقد استغرق التحقيق فيها ما يقرب من عام ونصف حاول خلالها دفاع المتهم تبرئته من تهم الكسب غير المشروع وتبرير التضخم الشديد في ثروته بأنه مقابل عمولات إعلانات وعمله كمستشار في بعض الصحف وكان قد تم القبض على محمد فودة يوم 29 ابريل عام 1999 م عقب خروجه من مبنى محافظة الجيزة وبتفتيشه عثر بحوزته علي مبلغ ‏2200‏ جنيه وشيك بمبلغ ‏450‏ ألف جنيه وآخر بـ ‏30‏ ألف جنيه وبتفتيش منزله عثر علي‏465‏ ألف جنيه نقدا و‏80‏ ألف ليره ايطاليه ومشغولات ذهبيه تخص زوجته قيمتها ‏93‏ ألف جنيه أما باقي ثروته فيتمثل في شقه قيمتها ‏100‏ ألف جنيه وسيارة قيمتها ‏100‏ ألف جنيه ودفتر توفير بمبلغ مليونين و‏434‏ ألف جنيه علي الرغم من انه التحق بالعمل بالمكتب الإعلامي لوزير الثقافة في ‏20‏ مارس‏1991‏ باجر يومي قدره ‏5 ‏جنيهات ثم عين في ‏3‏ ابريل ‏1996‏ بمكافأة شهريه قدرها ‏150‏ جنيها ورقي إلي الدرجة الثالثة في أول يناير‏1995‏ وبلغ ما حصل عليه من اجر وظيفته خلال تلك الفترة ‏51‏ ألف جنيه وان ما حصل عليه من جلب إعلانات بلغ ‏215 ألف جنيه103 . محمد محمد محمود رويشد فوده حاصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية عام 1988 م وينتمي لأسرة فقيرة ولم يرث ممتلكات بالطريق الشرعي وقد عمل في بداية حياته كمنظم لحملة انتخابات احد المرشحين في زفتى بمحافظة الغربية ثم عمل في إحدى الصحف الحزبية اليومية بعدها التحق بالعمل في المكتب الإعلامي لوزير الثقافة وخلال سنتين من عمله كسكرتير صحفي لوزير الثقافة اتسع نفوذه بشكل ملحوظ 104 . وكان قرار الإحالة الذي انتهى إليه المستشار مجدي محمد على توفيق رئيس هيئة الفحص والتحقيق وعضو إدارة الكسب غير المشروع قد تضمن انه خلال الفترة من 20 مارس 1991 وحتى 29 ابريل 1999 حصل محمد فودة لنفسه ولزوجته رانيا طلعت السيد ، على كسب غير مشروع بسبب استغلاله لسلطات نفوذ وظيفته ( موظف بالمكتب الإعلامي بوزارة الثقافة والسكرتير الصحفي للسيد وزير الثقافة ) بأن أقام علاقات قوية مع العديد من المسئولين في وزارتي الكهرباء والثقافة ومحافظة الجيزة وبعض كبار المسئولين في الدولة واستطاع من خلال توطيد علاقاته بهم والتوسط لديهم من إنهاء مصالح ذوى الشأن من رجال الأعمال وأصحاب المصالح مقابل حصوله منهم لنفسه على مبالغ ماليه دون وجه حق مما أدى إلى زيادة طارئة في ثروته بلغت قيمتها ( ثلاثة ملايين ومائة وسبعة وستون ألف وخمسمائة وواحد وثلاثون جنيها واثنين مليم ) و 2700 دولار أمريكي و 80 ألف ليرة ايطالية وقد جاءت هذه الزيادة بما لا يتناسب مع موارده المالية المشروعة وقد عجز عن إثبات مصدر مشروع لها كما تضمنت الاتهامات انه بصفته السكرتير الصحفي للسيد وزير الثقافة شرع في الحصول على كسب غير مشروع قيمته ( أربعمائة وثمانون ألف جنيه ) بسبب استغلاله لسلطات ونفوذ وظيفته بان حصل من عمرو أنور توفيق رئيس مجلس إدارة شركة الأهرام للتنمية العقارية والسياحية على شيك بنكي لنفسه وصادر باسمه بمبلغ ( أربعمائة وخمسون ألف جنيه ) ) مسحوبا على بنك التمويل المصري السعودي فرع القاهرة استحقاق 1 أغسطس 1999 م وحصل من اشرف صبري أمين عبد المجيد مدير شركة العزيزية على شيك ينكى لنفسه وصادرا باسمه بمبلغ ( ثلاثين ألف جنيه ) مسحوبا على البنك الأهلي المصري فرع جزيرة العرب استحقاق 20 ابريل 1999 م وذلك مقابل توسطه لدى بعض المسئولين بالدولة لإنهاء بعض المصالح الخاصة يهما105 . وقد اضطر الوزير للرد على استجوابات أعضاء مجلس الشعب والتي أثيرت بهذا الخصوص ففي رده على بيان عاجل من النائب إبراهيم البرديسي حول ما أثير بشأن القبض على السكرتير الصحفي للوزير وما إذا كان الوزير قد صرح له بالعمل في مؤسسات وهيئات أخرى بعد مواعيد العمل الرسمية أجاب الوزير أن المتهم مجرد موظف بسيط في المكتب الصحفي لوزارة الثقافة وان أي عمل يقوم به او نشاط بعد مواعيد العمل الرسمية ليس لنا به علاقة فالوزارة لم تعطه أي تصريح أو موافقات بهذا الشأن106 . وبعد أربعة شهور وخمس جلسات من المحاكمة أصدرت محكمة جنايات الجيزة حكمها في قضية محمد محمد فودة السكرتير الصحفي السابق لوزير الثقافة والمتهم بالكسب غير المشروع مستغلا وظيفته في إنهاء مصالح رجال الأعمال مقابل حصوله منهم على مبالغ مالية دون وجه حق أصدرت حكمها فقضت بمعاقبته بالسجن ‏5 ‏سنوات وتغريمه ‏3‏ ملايين و‏167‏ ألف جنيه‏,‏ وإلزامه وزوجته رانيا طلعت السيد برد مبلغ مماثل إلي خزينة الدولة‏ قالت المحكمة انه استقر في يقينها ثبوت تهمه الكسب غير المشروع في حق المتهم‏,‏ وتحقيقه ثروة طائلة لا تتناسب مع دخله‏,‏ وذلك من خلال الوساطة لإنهاء مصالح ذوي الشأن مقابل حصوله علي مبالغ ماليه‏,‏ كما انه شرع في الكسب غير المشروع من خلال شيكات بنكيه ضبطت بحوزته قبل أن يصرفها مسحوبة علي بنوك القاهرة107 . الجدير بالذكر أن محمد فودة له قضية أخرى في نيابة امن الدولة العليا بتهمة الوساطة في الرشوة وذلك لقيامه بوساطة بين عمر أبو حليقة وماهر الجندي محافظ الجيزة السابق واستغلال نفوذه لدى المحافظ لإنهاء إجراءات تخصيص مساحة 130 فدان بطريق مصر إسكندرية الصحراوي 108

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق