السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

امبارح وصلنا ان سيدنا يوسف دخل السجن ...طب يا تري هيخرج و لا لا ؟؟و ايه اللي هيحصل معه بعد كده ؟؟

ده اللي هنعرفه النهاردة باذن الله >>>

رؤيا الملك وخروج يوسف من السجن وظهور براءته
يقول الله تبارك وتعالى:  
رأي الله ملك مصر في منامه سبع بقرات سمان خرجن من البحر وخرجت في ءاثارهن سبع يقرات هُزال ضعاف فأقبلت على البقرات السمان فأكلتهن، فاستيقظ الملك من نومه مذعورًا، ثم نام ثانية فرأى سبع سنبلات خضر وقد أقبل عليهن سبع يابسات فأكلتهن حتى أتين عليهن، فدعا أشراف قومه فقصها عليهم وطلب منهم أن يفتوه في رؤياه هذه، ولما لم يكن فيهم من يُحسن تعبيرها قالوا له:

أي أخلاط أحلام من الليل وما نحن بتأويل الأحلام التي هذا وصفها بعالمين أي أنهم لا خبرة لهم بذلك، ولما سمع الناجي من السجن وهو ساقي الملك برؤيا الملك ورأى عجز الناس عن تعبيرها تذكر أمر يوسف عليه السلام وما اوصاه به، قال تعالى:

أي تذكر بعد مدة من الزمان وهي بضع سنين التي قضاها يوسف في السجن ، فأرسلوه إلى يوسف عليه السلام فلما جاءه وقص عليه رؤيا الملك أجابه يوسف عليه السلام إلى طلبه فعبر منام الملك بوقوع سبع سنسن في الخصب والرخاء ثم سبع سنسن جدب وذلك تأويله قوله تعالى:

يعني يأتيهم الخصب والعيش والرفاهية وأن ما كانوا يعصرون من الأعناب والزيتون والسمسم وغيرها.

فعبر يوسف عليه السلام لهم رؤيا الملك ودلهم على الخير وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم، وما يفعلونه من ادخار الحبوب في السنين السبع الأولى التي يكون فيها الخصب في سنبله إلا ما يُرصد بسبب الأكل، لأن ادخار الحب في سنابله أبقى له وأبعد من الفساد، ثم يأتي بعدها سبع سنسن مجدبه يحصل فيها الجدب والقحط فتأتي على المخزون من السنسن السبع التي تقدمتها أي نصحهم عليه السلام أن يدخروا الحبوب في سنابله إلا ما يرصد للأكل حتى إذا حل الجدب والقحط وجدوا في مخازنهم ما يسد الرمق ويمسك عنهم الضيق، حتى يأتي الله بالخصب والغيث، ففسر عليه السلام البقرات السمان بالسنسن التي يكون فيها خصب، والبقرات العجاف بالسنسن التي يكون فيها قحط وجدب، وكذلك السنبلات الخضر والسنبلات اليابسات، يقول الله تبارك وتعالى حكاية عن يوسف عليه السلام:

وبعد تأويل يوسف رؤيا الملك قال الملك: ائتوني بالذي عبر رؤياي، وأمر بأحضاره إليه ليكون من جملة خاصته ومن المقربين إليه، فلما جاء رسول الملك إلى يوسف أبى يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن حتى يتبين لكل واحد أنه حُبس ظامًا وعدوانًا وأنه برىء الساحة مما نسبوه إليه في شأن امرأة العزيز قال تعالى: .
أي ارجع إلى سيدك وهو الملك فاسأله أن يتعرف ما شأن تلك النسوة الاتي قطعن أيديهن فإن الله عليم بكيدهن ليعلم صحة براءتي، وإنما أشفق يوسف أن يراه الملك بعين الشاك في أمره أو متهم بفاحشة وأحب أن يراه بعد استقرار براءته عنده، فرجع رسول الملك إلى الملم وأخبره بما قاله يوسف، فدعا الملك النسوة الاتي قطعن أيديهن ومعهن امرأة العزيز وقال لهن: 
أي ما شأنكن وقصتكن إذ راودتن يوسف عن نفسه؟ فأجبنه بأنه حاش لله ما علمنا عليه من سوء وأنكرن أن يكن علمن عليه سوءا، وأعلم النسوة الملك ببراءة يوسف من السوء الذي نسب إليه كذبًا وبهتانًا.
ولما رأت امرأة العزيز أن يوسف عليه السلام الذي زجت به في السجن ظلمًا وعدوانًا قد أكرمه الله تعالى لعصمته وطهارته حتى صار من اهتمام الملك به أنه يستدعيه ليستخلصه لنفسه اعترفت بما اقترفته وقالت الأن حصص الق أي ظهر الحق وصار واضحًا جليًا واعترفت بأنها هي التي راودته عن نفسه وطلبت منه فعل الفاحشة.
قال تعالى:

.

طلب يوسف عليه السلام من الملك أن يوليه النظر فيما يتعلق بخزائن الأرض، وقيل: هي خزائن الطعام لما يعلم من عدله ولما يتوقع من حصول الخلل في خزائن الطعام بعد مضي السنين التي يكون فيها الخصب لينظر فيها ويحتاط فيها للأمر، وأخبر ملك البلاد أنه قوي على حفظ ما لديه وأمين على خزائن الأرض وما يخرج منها من الفلات والخيرات عليم بوجوه تصريفها وضبطها، يقول تعالى:

ولما سمع الملك ما يريد يوسف عليه السلام وما يطلب، استجاب طلبه واستعمله وولاه على خزائن الأرض في مصر، وقيل: رد إليه عمل وزيره السابق العزيز ((قطفير)) بعدما مات وهلك.
يقول الله تبارك وتعالى:.

هذا وإن يوسف عليه السلام بعدما مكنه الله في الأرض وفوضه الملك أمر مصر وخزائن الأرض كان يدعو أهل مصر إلى دين الإسلام وعبادة الله وحده وأن لا يشرك به شىء بالحكمة والرفق، فآمن به من ءامن من أهل مصر وأحبوه لما وجدوا في دعوته من خير وسعادة ولما وجدوا فيه من تلطف معهم في المعاملة وحسن الخلق.

قدوم إخوة يوسف لمصر

مرت السنين السبع المخصبه وأعد يوسف عليه السلام عدته فيها، واتخذ الخزائن وخزن الغلات في غلفها، ثم جاءت السبع سنين المجدبة واشتد الجدب والقحط في أنحاء الأرض، فأما أهل مصر فصار يوسف عليه السلام يبيعهم من الطعام ما يكفيهم، وأحس أهل فلسطين في بلاد الشام بالجوع والبلاء الذي عم في كثير من البلاد وعلموا أن الطعام بمصر، وذاع أمر نبي الله يوسف عليه السلام الموكل على خزائن الطعام في الآفاق، وانتشر عدله ورحمته ورأفته، فقال يعقوب عليه السلام لأولاده: يا بني إنه بلغني أن بمصر ملكًا صالحًا فانطقوا إليه وأقرئوه مني السلام وانتسبوا إليه لعله يعرفكم، فانطلق أولاده ومعهم الجمال والحمير لحمل الطعام ومعهم الثمن إلى مصر لشراء قوت أهلهم، وقدموا مصر ودخلوا على يوسف عليه السلام فرءاهم فعرفهم وهم لم يعرفوه، لأنهم شاهدوا من لباسه وزيه ما لم يعرفوه في أخيهم من قبل، وأما أخوته فهم على حالهم في ملبسهم ولغتهم ومنظرهم وحالهم، فجهز يوسف عليه السلام إخوته بجهازهم وأعطاهم من الطعام ما جرت به عادته من إعطاء كل إنسان حمل بعير بعد أن أكرمهم وأحسن ضيافتهم وأظهر لهم السماحة والكرم، قال لهم: ائتوني بأخ لكم من ابيكم 

وكان قد سألهم عن حالهم وكم هم؟ وذلك أنه رأى اخوته جميعًا إلا شقيقه بنيامين وهو أصغر منه، فأخذ عليه السلام في استدراجهم حتى يعلم منهم حياته وأنه عند أبيه لم يسمح بمفارقته لشدة تعلق قلبه بمحبته فقالوا له: كنا اثني عشر رجلا فذهب منا واحد وبقي شقيقه عند أبينا، فقال لهم عليه السلام: إذا قدمتم العام المقبل فأتوني به معكم وقد أحسنت نزلكم وضيافتكم ورغبهم ليأتوه به ثم رهبهم وأخبرهم أنهم إن لم يأتوه به فلن يعطيهم الطعام، فأخبروه بأنهم سيطلبونه من ابيه ويجهدون في طلبه.

وخشي عليه السلام ألا يكون عند اخوته البضاعة التي يُبادلون بها الطعام لما يرجعون به مرو ثانية، فأمر فتيانه ان يضعوا بضاعتهم التي جاءوا بها ليبادلوا بها الطعام وغيره في أمتعتهم من حيث لا يشعرون لعلهم يرجعون إليه مرة ثانية، وقد جعل يوسف عليه السلام ذلك ليكون وسيلة ليعود إخوته إليه، قال الله تبارك وتعالى:


عاد إخوة يوسف عليه السلام إلى أبيهم يعقوب عليه السلام وجمالهم محملة بالطعام وقالوا له: يا أبانا إن عزيز مصر قد أكرمنا إكرامًا زائدًا وإنه ارتهن احد اخوتهم وقال: ائتوني بأخيكم الصغير من أبيكم، فإن لم تأتوني به فلا كيل عندي ولا تقربوا بلادي، فأرسل معنا أخانا بنيامين يكتل لنفسه كيل بعير ءاخر 


ولما قالوا أخوة يوسف لأبيهم مقالتهم هذه ليحثوه على إرسال أخيهم الصغير معهم قال لهم يعقوب


ففتح إخوة يوسف عليه السلام متاعهم لاستخراج الطعام
الذي أتوا به من مصر فوجدوا بضاعتهم(فضتهم) التي كانوا دفعوها ليوسف عليه السلام في مقابل ما اخذوه من الطعام بحالهم لم تمس ، فكان ذلك مما قوى عزائمهم في الكلام مع ابيهم فقالوا له: يا أبانا ما نبغي! معناه أي شىء تريد بعد هذا وهذه بضاعتنا رُدت إلينا! فإذا سمحت بأخينا ليذهب معنا فإننا نجلبُ لأهلنا طعامًا ونحفظ أخانا ونزدادُ بسببه على أحمالنا من الطعام حمل بعير من الطعام يكال لنا وهذا شىء يسير عند الملك الذي طلب منا أخانا



وكان نبي الله يعقوب عليه السلام شديد التعلق بولده بنيامين لانه كان يشم فيه رائحة أخيه يوسف عليه السلام، ولكن يعقوب عليه السلام لم يوافق على أرسال بنيامين مع أخوته حتى يعطوه عهدًا وميثاقًا من الله أي يحلفوا بالله بأنكم يأتونني باخيكم وترجعون به إلا أن تغلبوا جميعكم عن الإتيان به،

قال الله تبارك وتعالى:


ولما أعطى أولاد يعقوب عليه السلام أباهم عهدهم وميثاقهم على الفوفاء بما اشترطه عليهم قال: الله على ما نقول وكيل أي شهيد، وقيل رحيلهم ومعهم أخوهم بنيامين أوصاهم يعقوب عليه السلام وقال لهم: (( يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة)) حيث كان لمصر كما قيل: أربعة أبواب، حيث خاف عليهم أن يصيبهم أحد بالعين والحسد ذلك أنهم كانوا ذوي جمال وأشكال حسنة جميلة، ثم بين لهم أنه لا يستطيع أن يدفع عنهم شيئًا مما قدره الله عليهم وشاءه لهم، لأنه لا رادّ لما قضى ولا مانع لما حكم، فمشيئته تعالى نافذة في كل شىء، يفعل ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء


رجع إخوة يوسف عليه السلام إلى مصر ودخلوا من أبوابها المتفرقة كما أمرهم أبوهم يعقوب عليه السلام ثم دخلوا على يوسف الصديق عليه السلام فأنزلهم منزلا رحبًا وأكرمهم وأحسن ضيافتهم وقدم لهم الطعام والشراب وأجلس كل اثنين من إخوته على مائدة واحدة، فبقي بنيامين وحيدًا وقال بحزن ورأفة: لو كان أخي حيًا لأجلسني معه، فسمع يوسف كلام أخيه من أبيه وأمه فضمه إليه وقال لإخوته الحاضرين: إني أرى هذا وحيدًا فأجلسه معه على مائدته، فلما جاء الليل جاءهم بالفراش فنام كل اثنين من إخوته على فراش فبقي بنيامين وحيدًا، فقال يوسف الصديق: هذا ينام معي.

فلما خلا وانفرد به قال له: هل لك أخ من أمك؟ فقال بنيامين: كان لي أخ من أمي فمات، فقال له: أني أنا أخوك يوسف فلا تبتئس أي لا تحزن ولا تبأس بما كانوا يعملون فيما مضى من حسدنا وما حرصوا على صرف وجه أبينا عنا ولا تعلمهم بما أعلمتك، قال الله تبارك وتعالى:

أكرم يوسف عليه الصلاة والسلام إخوته وأحسن ضيافتهم، ثم أوفى لهم الكيل من الطعام وحمل بنيامين بعيرًا باسمه كما حمل لهم،ثم لما وفاهم كيلهم وقضى حاجتهم جعل السقاية - وهو الإناء الذي كان يشرب فيه الملك ويكيل به الطعام وقيل: كان مرصعا بالجواهر ثمينًا - في رحل أخيه ومتاعه وإخوته لا يشعرون، فلما ارتحلوا مسافة قصيرة أرسل الطلب في أثرهم فأدركوهم ثم نادى مناد فيهم قائلا: أيتها العير - أي القافلة التي فيها الأحمال - إنكم لسارقون قفوا، قيل: ثم وصل إليهم رسول يوسف ووكيله وأخذ يوبخهم ويقول لهم: ألم نكرم ضيافتكم ونوفكم كيلكم ونحسن منزلتكم ونفعل ما لم نفعل بغيركم وأدخلناكم علينا في بيوتنا وأنتم تسرقون؟

ولما أقبل المنادي ومن معه على إخوة يوسف يتهمهم بالسرقة قال إخوة يوسف ماذا تفقدون؟ أي ما الذي ضل عنكم وضاع؟ فقالوا لهم :نفقد صواع الملك ولمن جاء به ودل عليه فله حمل بعير من الطعام وأخبرهم المنادي أنه الكفيل بالوفاء بالحمل لمن رده.

ولما سمع إخوة يوسف ما قاله المنادي ومن معه من حاشية الملك قالوا لهم: ما جئنا لنفسد ولسنا سارقين فحلفوا بالله وقالوا: أنتم تعلمونأننا ما جئنا للفساد والسرقة، ونفوا أن يكونوا سارقين، وهنا رد عليهم منادي الملك وأصحابه: فما جزاء من توجد في متاعه سقاية الملك إن كنتم كاذبين في قولكم وما كنا سارقين، فأجابهم إخوة يوسف: إن جزاء من توجد في متاعه ورحله سقاية الملك أن يستبعد بذلك وقيل: إن هذه كانت سنة ءال يعقوب وهذه كانت من شريعتهم وهي شريعة يعقوب وهي أن السارق يدفع ويسلم إلى المسروق منه.

ولما قال إخوة يوسف عليه السلام مقالتهم فتش رسول الملك الأوعية وبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيهم بنيامين مبتدئًا بالكبير ومنهيًا بالصغير لإزالة التهمة وليكون أبلغ في الحيلة، فوجد سقاية الملك في وعاء أخيهم بنيامين فاستخرجها منه، فأخذ بنيامين وانصرف به إلى يوسف عليه الصلاة والسلام.

ولما شاهد إخوة يوسف عليه السلام رسول الملك ومناديه يستخرج سقاية الملك وصواعه من متاع بنيامين مُلئوا غيظًا على بنيامين لما وقعوا فيه من الورطه والغم والهم وقالوا ان سرق فقد سرق أخ له من قبل ويقصدون أخاهم يوسف، قيل: إنهم يقصدون بذلك السرقة التي نسبوها ليوسف وهي أنه رأى مرة صنمًا في بيت بعض أقاربه من جهة أمه، فأخذه وكسره وأتلفه فاعتبروا ذلك سرقة جهلا بحقيقتها، وقيل: قصدوا بالسرقة أنه كان يأخذ الطعام من البيت فيطعمه الفقراء والمساكين، فأخفى يوسف عليه السلام هذه التهمة في نفسه ولم يجاهرهم بها.

ولما أراد يوسف أن يحبس أخوهم بنيامين عنده ووجد إخوته أنه لا سبيل لهم إلى تخليصه منه، سألوه أن يطلقه ويعطوه واحدًا منهم بديلا عنه وقالوا ليوسف: ياأيها العزيز إن له أبا شيخًا كبيرًا متعلق به مُغرم بحبه فخذ أحدًا منا بدلا من بنيامين وأخل سبيله إنا نراك من المحسنسن، لكن يوسف الصديق رفض إخلاء سبيل أخيه بنيامين وقال لإخوته معاذ الله أن أخذ أحدصا غير الذي وجدت المتاع عنده أني إذًا من الظالمون، ولما استيأس إخوة يوسف عليه السلام من أخذ أخيهم من يوسف بطريق البادلة وأن يجيبهم إلى ما سألوه، خلا بعضهم ببعض واعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم وصاروا يتناجون ويتناظرون ويتشاورون ثنن قال كبيرهم وهو روبيل: لقد أخذ أبوكم عليكم ميثاقًا وعهدًا في حفظ أخيكم بنيامين ورده إليه إلا أن تغلبوا كلكم عن الإتيان به، وها أنتم تفرطون فيه كما فرطتم في أخيه يوسف من قبله، فلن أزال مقيمًا ههنا في بلاد مصر لا أفارقها حتى يأذن لي أبي في القدوم أو يقدرني الله على رد أخي إلى أبي، ثم أشار إليهم وطلب منهم الرجوع إلى أبيهم يعقوب وإخباره بما كان من سرقة أخيهم بنيامين لصواع الملك، وأنهم ما شهدوا عليه بالسرقة إلا بما علموا من مشاهدة إذ وجدوا الصواع في أمتعته، ثم طلب منهم إخوهم الكبير روبيل أن يقولوا لأبيهم: إن كنت مُتهمًا لنا ولا تصدقنا على ما نقول من أن ابنك سرق فاطلبوا منه أن يسأل أهل القرية التي كنا فيها وهي مصر وأهل العير وهي القافلة التي أقبلنا فيها عن خبر ابنك بنيامين لأن أمر بنيامين اشتهر بمصر وعلمته القافلة التي كنا فيها وإنا لصادقوك فيما أخبرناك، يقول الله عزوجل :

رجع إخوة يوسف عليه السلام إلى بلدهم فلسطين وهم مهمومون في ضيق وغم حيث أخوهم الصغير بنيامين الذي ائتمنهم عليه أبوهم محبوس عند عزيز مصر، وأخوهم الكبير روبيل متخلف هناك في بلاد مصر لأجل أخيه بنيامين. 

ودخلوا على ابيهم يعقوب عليه السلام فأخبروه خبر أخيهم الصغير بنيامين وأخيهم روبيل كما طلب منهم أخوهم الكبير، فلم يدخل عليه هذا القول ولم يصدقهم وقال لهم والحزن يملأ قلبه: بل زينت لكم انفسكم أمرًا هممتم به وأردتموه، فصبري على ما نالني من فقد ولديّ صبر جميل لا جزع فيه ولا شكاية، عسى الله أن يأتيني بأولادي جميعًا فيردهم إلي إنه هو العليم الذي لا يخفى عليه شىء الحكيم في أفعاله، وتولى وأعرض نبي الله يعقوب عليه السلام حزينًا على أولاده وهيج حزنه الجديد على بنيامين وأخيه روبيل حزنه القديم على فلذة كبده يوسف عليه السلام وحرك ما كان كامنًا، وقال ياحزني على يوسف ويا أسفي الشديد عليه وأخذ يبكي بكاًء شديدًا على يوسف حتى ابيضت عيناه من شدة الحزن والبكاء وذهب بصره وصار كاصمًا لغيضه مُمسكًا على حزنه لا يظهر لأحد من اهله من شدة الأسف والشوق إلى يوسف عليه السلام الذي فارقه ما يقارب الأربعين عام.

ولما رأى ذلك أولاده قالوا له حزنًا عليهك لا تزال تذكر يوسف ولا تفتر ولا تنقطع عن حبه حتى تكون حرضا - أي تكون مريضًا في جسمك مُشرفًا على الهلاك ويذيبك الحب والحزن عليه - أو تكون من الموتى الهالكين.

ولما رأى يعقوب عليه السلام الغلظة من أولاده في مخاطبتهم له قال لهم: إنما أشكو بثي وحزني غلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، ثم طلب من أولاده ان يذهبوا إلى المكان الذي جاءوا منه في مصر وخلفوا فيه أخويهم ويتحسسوا ويلتمسوا أخبار يوسف وأخيه بنيامين ولا يقنطوا من رحمة الله وفرجه، قال الله تعالى:


رجع إخوة يوسف عليه السلام إلى مصر كما امرهم أبوهم يعقوب عليه السلاموقصدوا يوسف عليه السلام في مصر في مُلكه، فلما دخلوا عليه قالوا له متعطفين مترحمين: يا أيها العيزيز لقد مسنا وأهلنا الحاجة والفقر وضيق الحال من الجدب والقحط وجئنا لجلب الطعام ببضاعة ضعيفة قليلة رديئة نبادلها بالطعام وهي لا يُقبل مثلها إلا أن تتجاوز عنا وتقبلها منا، وطلبوا منه أن يوفي لهم الكيل ويتصدق عليهم برد أخيهم بنياميم عليهم، ولما سمع يوسف عليه السلام هذا الكلام من إخوته ورأى ما وصلوا إليه من سوء الحال ورق قلبه وحن عليهم ورحمهم وبكى وباح لهم بما كان يكتمهم من شأنه، كاشفًا عن سره حاسرًا عن جبينه الشريف قائلا لهم:


المعنى: ما أعظم ما ارتكبتم من قطيعة الرحم وتضييع الحق إذ فرقتم بين يوسف وأخيه وسببتم بذلك الأذى والمكروه وانتم جاهلون بعاقبة ما تفعلون بيوسف وما يؤول إليه أمره، وعندما واجه يوسف عليه السلام إخوته بهذه الحقيقة تعجبوا وذهبت سكرتهم وتيقظوا وعرفوا الحقيقة وعرفوا أنه هو يوسف


فما أكبر وأعظم ما قاله نبي الله يوسف عليه السلام لإخوته تحدثًا بنعمة الله، وما أعظم نصحه لهم حيث بين لهم علقبة من يتقي الله ويصبر فيطيع الله مولاه، فيؤدي ما فرض الله ويجتنب ما حرم ونهى عنه، ويصبر على المصائب والشدائد ابتغاء الثواب من الله، وبين لهم أن الله لا يضيع أجر هؤلاء المتقين المحسنين، وان الله تبارك وتعالى قد منّ عليه وعلى اخيه بما أسلفا من طاعة الله وتقواه وصبرهما على الاذى من جانب إخوتهما.

وعندما سمع إخوة يوسف عليه السلام كلام أخيهم وعظيم موعظته اعترفوا له بالفضل وعظيم القدر والمنزلة، وان الله تعالى قد اختاره وفضله عليهم بالعلم والحلم والفضل والمنزلة وما اعطاه وحباه من سائر الفضائل والمواهب، واعترفوا له بأنهم كانوا ءاثمين خاطئين بما ارتكبوا من تلك الافاعيل الخسيسة.
يقول الله تبارك وتعالى:


وعندما اعترف اخوة يوسف عليه السلام بإثمهم وخطئهم ووقفوا بين يدي أخيهم يوسف عليه السلام ملك مصر والحاكم النافذ الكلمة على بلاد مصر وخزائنها، وهم ينتظرون حكم أخيهم عليهم قال لست أعاتبكم ولا أعيركم بعد هذا اليوم ابدا بما صنعتم.



ولما عرفهم يوسف عليه السلام بنفسه سألهم عن حال أبيه الذي طال الفراق بينهما واشتد به الشوق والحنين للقائه قالوا له: قد هزل جسمه ولان عظمه وذهب بصره من شدة لبكاء والحزن فأخذت يوسف عليه السلام الشفقة والرحمة على أبيه يعقوب، ثم أعطاهم قميصه وهو الذي يلي جسده الشريف، وأمرهم أن يذهبوا به فيضعوه علىعيني أبيه فإنه يرجع إليه بصره ويعود بصيرًا كما كان سابقًا وهذا من خوارق العادات ودلائل النبوة، ثم أمرهم أن يأتوا بأهلهم أجمعين إلى ديار مصر الخيرة.

قال الله تبارك وتعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: .

وكان يوسف عليه السلام لما اعطاهم قميصه ليذهبوا به إلى أبيه، قال له أخوه يهوذاك أنا أذهب به إليه لأني ذهبت إليه بالقميص مُلطخًا بالدم واخبرته أن يوسف أكله الذئب، فأنا أخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته، وكان هو البشير، وقيل: خرج حافيًا يعدو ليبشر أباه يعقوب، قيل: ولما خرجت القافلة التي فيها إخوة يوسف عليه السلام وانفصلت عن أرض مصر متوجهة إلى أرض كنعان في فلسطين، وكان يعقوب عليه السلام يتوقع الفرج بلقاء ابنه يوسف الصديق بعد طول بعاده وطول حزنه عليه، وهبت ريحُ الصبا التي يستروح بها كل محزون ومكروب، فذهبت بريح يوسف الصديق بمشيئة الله وقدرته إلى يعقوب عليه السلام، وبين يوسف ويعقوب مسافات طويلة، قال يعقوب لأبنائه: إني لأجد وأشم ريح يوسف لولا خوفي من أن تسفهوني وتنسبوا إلى ضعف العقل.

يقول الله تبارك وتعالى:

فقالوا له : تلله غنك فب حب يوسف وذكره لفي ضلالك القديم، في اعتقادك أن يوسف باق إلى اليوم يقول الله تبارك وتعالى:


يطل الانتظار حتى جاء البشير يعقوب عليه السلام فبشره بلقاء يوسف عليه السلام، ثم ألقى هذا البشيرقميص يوسف على وجهه فعاد مُبصرًا بعينيه كما كان سابقًا بعدما كان ضريرًا، وقيل: إنه لما جاء البشير يعقوب قال له: على أي دين تركت يوسف؟ قال : على الإسلام، قال: الىن تمت النعمة، ثم قال لأولادهك ألم أقل لكم إني أعلم من سلامة يوسف ملا تعلمون وأن الله سيجمع شملي بيوسف.
يقول الله تبارك وتعالى: 
فائدة: قيل: إن يعقوب عليه السلام أزجأ الاستغفار لأولاده عندما سألوه أن يستغفر الله لهم لانتظار الوقت الذي هو مظنة الإجابة، وقيل: أرجأهم إلى وقت السحر

روى أنه بعث يوسف عليه السلام مع البشير إلى يعقوب جهازًا ومائتي راحلة وسأله أن ياتيه بأهله وأولاده، فلما ارتحل يعقوب عليه السلام هو واولاده وجميع أهله من بلاد الشام في فلسطين ودنا من بلاد مصر للقاء يوسف الصديق ملك مصر، استأذن يوسف عليه السلام الملك الذي فوقه في تلقي يعقوب عليه السلام واستقباله، فأذن له وامر الملأ من اصحابه بالركوب معه، فخرج عليه السلام في أربعة ءالاف من الجند وخرج معهم أهل مصر، وقيل إن الملك العام خرج معهم أيضًا، وعندما جاء يعقوب عليه السلام مع أهله وأولاده غلى مصر دخلوا على يوسف عليه السلام فىوى إليه أبويه واجتمع بهما خصوصًا وحدهما دون إخوته، ورحب بأهله جميعًا وقال لهم: ادخلوا مصر واستوطونها ءامنين مطمئنين، ثم خر له أبوه وأمه وإخوته الأحد عشر وسجدوا له سجود تحية لا سجود عبادة ليوسف عليه السلام وكان هذا جائزًا لهم في شريعتهم، ثم قال يوسف عليه السلام لابيه: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل.
قال الله تبارك وتعالى:


و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته