الخميس، 19 ديسمبر 2013

السلام عليكم و رحمة الله و بركاته

امبارح وصلنا ان سيدنا يوسف دخل السجن ...طب يا تري هيخرج و لا لا ؟؟و ايه اللي هيحصل معه بعد كده ؟؟

ده اللي هنعرفه النهاردة باذن الله >>>

رؤيا الملك وخروج يوسف من السجن وظهور براءته
يقول الله تبارك وتعالى:  
رأي الله ملك مصر في منامه سبع بقرات سمان خرجن من البحر وخرجت في ءاثارهن سبع يقرات هُزال ضعاف فأقبلت على البقرات السمان فأكلتهن، فاستيقظ الملك من نومه مذعورًا، ثم نام ثانية فرأى سبع سنبلات خضر وقد أقبل عليهن سبع يابسات فأكلتهن حتى أتين عليهن، فدعا أشراف قومه فقصها عليهم وطلب منهم أن يفتوه في رؤياه هذه، ولما لم يكن فيهم من يُحسن تعبيرها قالوا له:

أي أخلاط أحلام من الليل وما نحن بتأويل الأحلام التي هذا وصفها بعالمين أي أنهم لا خبرة لهم بذلك، ولما سمع الناجي من السجن وهو ساقي الملك برؤيا الملك ورأى عجز الناس عن تعبيرها تذكر أمر يوسف عليه السلام وما اوصاه به، قال تعالى:

أي تذكر بعد مدة من الزمان وهي بضع سنين التي قضاها يوسف في السجن ، فأرسلوه إلى يوسف عليه السلام فلما جاءه وقص عليه رؤيا الملك أجابه يوسف عليه السلام إلى طلبه فعبر منام الملك بوقوع سبع سنسن في الخصب والرخاء ثم سبع سنسن جدب وذلك تأويله قوله تعالى:

يعني يأتيهم الخصب والعيش والرفاهية وأن ما كانوا يعصرون من الأعناب والزيتون والسمسم وغيرها. 

فعبر يوسف عليه السلام لهم رؤيا الملك ودلهم على الخير وأرشدهم إلى ما يعتمدونه في حالتي خصبهم وجدبهم، وما يفعلونه من ادخار الحبوب في السنين السبع الأولى التي يكون فيها الخصب في سنبله إلا ما يُرصد بسبب الأكل، لأن ادخار الحب في سنابله أبقى له وأبعد من الفساد، ثم يأتي بعدها سبع سنسن مجدبه يحصل فيها الجدب والقحط فتأتي على المخزون من السنسن السبع التي تقدمتها أي نصحهم عليه السلام أن يدخروا الحبوب في سنابله إلا ما يرصد للأكل حتى إذا حل الجدب والقحط وجدوا في مخازنهم ما يسد الرمق ويمسك عنهم الضيق، حتى يأتي الله بالخصب والغيث، ففسر عليه السلام البقرات السمان بالسنسن التي يكون فيها خصب، والبقرات العجاف بالسنسن التي يكون فيها قحط وجدب، وكذلك السنبلات الخضر والسنبلات اليابسات، يقول الله تبارك وتعالى حكاية عن يوسف عليه السلام:

وبعد تأويل يوسف رؤيا الملك قال الملك: ائتوني بالذي عبر رؤياي، وأمر بأحضاره إليه ليكون من جملة خاصته ومن المقربين إليه، فلما جاء رسول الملك إلى يوسف أبى يوسف عليه السلام أن يخرج من السجن حتى يتبين لكل واحد أنه حُبس ظامًا وعدوانًا وأنه برىء الساحة مما نسبوه إليه في شأن امرأة العزيز قال تعالى: .
أي ارجع إلى سيدك وهو الملك فاسأله أن يتعرف ما شأن تلك النسوة الاتي قطعن أيديهن فإن الله عليم بكيدهن ليعلم صحة براءتي، وإنما أشفق يوسف أن يراه الملك بعين الشاك في أمره أو متهم بفاحشة وأحب أن يراه بعد استقرار براءته عنده، فرجع رسول الملك إلى الملم وأخبره بما قاله يوسف، فدعا الملك النسوة الاتي قطعن أيديهن ومعهن امرأة العزيز وقال لهن: 
أي ما شأنكن وقصتكن إذ راودتن يوسف عن نفسه؟ فأجبنه بأنه حاش لله ما علمنا عليه من سوء وأنكرن أن يكن علمن عليه سوءا، وأعلم النسوة الملك ببراءة يوسف من السوء الذي نسب إليه كذبًا وبهتانًا.
ولما رأت امرأة العزيز أن يوسف عليه السلام الذي زجت به في السجن ظلمًا وعدوانًا قد أكرمه الله تعالى لعصمته وطهارته حتى صار من اهتمام الملك به أنه يستدعيه ليستخلصه لنفسه اعترفت بما اقترفته وقالت الأن حصص الق أي ظهر الحق وصار واضحًا جليًا واعترفت بأنها هي التي راودته عن نفسه وطلبت منه فعل الفاحشة.
قال تعالى: 
.طلب يوسف عليه السلام من الملك أن يوليه النظر فيما يتعلق بخزائن الأرض، وقيل: هي خزائن الطعام لما يعلم من عدله ولما يتوقع من حصول الخلل في خزائن الطعام بعد مضي السنين التي يكون فيها الخصب لينظر فيها ويحتاط فيها للأمر، وأخبر ملك البلاد أنه قوي على حفظ ما لديه وأمين على خزائن الأرض وما يخرج منها من الفلات والخيرات عليم بوجوه تصريفها وضبطها، يقول تعالى: 
ولما سمع الملك ما يريد يوسف عليه السلام وما يطلب، استجاب طلبه واستعمله وولاه على خزائن الأرض في مصر، وقيل: رد إليه عمل وزيره السابق العزيز ((قطفير)) بعدما مات وهلك.
يقول الله تبارك وتعالى:.
هذا وإن يوسف عليه السلام بعدما مكنه الله في الأرض وفوضه الملك أمر مصر وخزائن الأرض كان يدعو أهل مصر إلى دين الإسلام وعبادة الله وحده وأن لا يشرك به شىء بالحكمة والرفق، فآمن به من ءامن من أهل مصر وأحبوه لما وجدوا في دعوته من خير وسعادة ولما وجدوا فيه من تلطف معهم في المعاملة وحسن الخلق.
قدوم إخوة يوسف لمصر
مرت السنين السبع المخصبه وأعد يوسف عليه السلام عدته فيها، واتخذ الخزائن وخزن الغلات في غلفها، ثم جاءت السبع سنين المجدبة واشتد الجدب والقحط في أنحاء الأرض، فأما أهل مصر فصار يوسف عليه السلام يبيعهم من الطعام ما يكفيهم، وأحس أهل فلسطين في بلاد الشام بالجوع والبلاء الذي عم في كثير من البلاد وعلموا أن الطعام بمصر، وذاع أمر نبي الله يوسف عليه السلام الموكل على خزائن الطعام في الآفاق، وانتشر عدله ورحمته ورأفته، فقال يعقوب عليه السلام لأولاده: يا بني إنه بلغني أن بمصر ملكًا صالحًا فانطقوا إليه وأقرئوه مني السلام وانتسبوا إليه لعله يعرفكم، فانطلق أولاده ومعهم الجمال والحمير لحمل الطعام ومعهم الثمن إلى مصر لشراء قوت أهلهم، وقدموا مصر ودخلوا على يوسف عليه السلام فرءاهم فعرفهم وهم لم يعرفوه، لأنهم شاهدوا من لباسه وزيه ما لم يعرفوه في أخيهم من قبل، وأما أخوته فهم على حالهم في ملبسهم ولغتهم ومنظرهم وحالهم، فجهز يوسف عليه السلام إخوته بجهازهم وأعطاهم من الطعام ما جرت به عادته من إعطاء كل إنسان حمل بعير بعد أن أكرمهم وأحسن ضيافتهم وأظهر لهم السماحة والكرم، قال لهم: ائتوني بأخ لكم من ابيكم 
وكان قد سألهم عن حالهم وكم هم؟ وذلك أنه رأى اخوته جميعًا إلا شقيقه بنيامين وهو أصغر منه، فأخذ عليه السلام في استدراجهم حتى يعلم منهم حياته وأنه عند أبيه لم يسمح بمفارقته لشدة تعلق قلبه بمحبته فقالوا له: كنا اثني عشر رجلا فذهب منا واحد وبقي شقيقه عند أبينا، فقال لهم عليه السلام: إذا قدمتم العام المقبل فأتوني به معكم وقد أحسنت نزلكم وضيافتكم ورغبهم ليأتوه به ثم رهبهم وأخبرهم أنهم إن لم يأتوه به فلن يعطيهم الطعام، فأخبروه بأنهم سيطلبونه من ابيه ويجهدون في طلبه.
وخشي عليه السلام ألا يكون عند اخوته البضاعة التي يُبادلون بها الطعام لما يرجعون به مرو ثانية، فأمر فتيانه ان يضعوا بضاعتهم التي جاءوا بها ليبادلوا بها الطعام وغيره في أمتعتهم من حيث لا يشعرون لعلهم يرجعون إليه مرة ثانية، وقد جعل يوسف عليه السلام ذلك ليكون وسيلة ليعود إخوته إليه، قال الله تبارك وتعالى:

عاد إخوة يوسف عليه السلام إلى أبيهم يعقوب عليه السلام وجمالهم محملة بالطعام وقالوا له: يا أبانا إن عزيز مصر قد أكرمنا إكرامًا زائدًا وإنه ارتهن احد اخوتهم وقال: ائتوني بأخيكم الصغير من أبيكم، فإن لم تأتوني به فلا كيل عندي ولا تقربوا بلادي، فأرسل معنا أخانا بنيامين يكتل لنفسه كيل بعير ءاخر 

ولما قالوا أخوة يوسف لأبيهم مقالتهم هذه ليحثوه على إرسال أخيهم الصغير معهم قال لهم يعقوب

ففتح إخوة يوسف عليه السلام متاعهم لاستخراج الطعام
الذي أتوا به من مصر فوجدوا بضاعتهم(فضتهم) التي كانوا دفعوها ليوسف عليه السلام في مقابل ما اخذوه من الطعام بحالهم لم تمس ، فكان ذلك مما قوى عزائمهم في الكلام مع ابيهم فقالوا له: يا أبانا ما نبغي! معناه أي شىء تريد بعد هذا وهذه بضاعتنا رُدت إلينا! فإذا سمحت بأخينا ليذهب معنا فإننا نجلبُ لأهلنا طعامًا ونحفظ أخانا ونزدادُ بسببه على أحمالنا من الطعام حمل بعير من الطعام يكال لنا وهذا شىء يسير عند الملك الذي طلب منا أخانا

وكان نبي الله يعقوب عليه السلام شديد التعلق بولده بنيامين لانه كان يشم فيه رائحة أخيه يوسف عليه السلام، ولكن يعقوب عليه السلام لم يوافق على أرسال بنيامين مع أخوته حتى يعطوه عهدًا وميثاقًا من الله أي يحلفوا بالله بأنكم يأتونني باخيكم وترجعون به إلا أن تغلبوا جميعكم عن الإتيان به، 
قال الله تبارك وتعالى:
ولما أعطى أولاد يعقوب عليه السلام أباهم عهدهم وميثاقهم على الفوفاء بما اشترطه عليهم قال: الله على ما نقول وكيل أي شهيد، وقيل رحيلهم ومعهم أخوهم بنيامين أوصاهم يعقوب عليه السلام وقال لهم: (( يا بني لا تدخلوا من باب واحد وادخلوا من أبواب متفرقة)) حيث كان لمصر كما قيل: أربعة أبواب، حيث خاف عليهم أن يصيبهم أحد بالعين والحسد ذلك أنهم كانوا ذوي جمال وأشكال حسنة جميلة، ثم بين لهم أنه لا يستطيع أن يدفع عنهم شيئًا مما قدره الله عليهم وشاءه لهم، لأنه لا رادّ لما قضى ولا مانع لما حكم، فمشيئته تعالى نافذة في كل شىء، يفعل ما يريد ويحكم في خلقه بما يشاء
رجع إخوة يوسف عليه السلام إلى مصر ودخلوا من أبوابها المتفرقة كما أمرهم أبوهم يعقوب عليه السلام ثم دخلوا على يوسف الصديق عليه السلام فأنزلهم منزلا رحبًا وأكرمهم وأحسن ضيافتهم وقدم لهم الطعام والشراب وأجلس كل اثنين من إخوته على مائدة واحدة، فبقي بنيامين وحيدًا وقال بحزن ورأفة: لو كان أخي حيًا لأجلسني معه، فسمع يوسف كلام أخيه من أبيه وأمه فضمه إليه وقال لإخوته الحاضرين: إني أرى هذا وحيدًا فأجلسه معه على مائدته، فلما جاء الليل جاءهم بالفراش فنام كل اثنين من إخوته على فراش فبقي بنيامين وحيدًا، فقال يوسف الصديق: هذا ينام معي.
فلما خلا وانفرد به قال له: هل لك أخ من أمك؟ فقال بنيامين: كان لي أخ من أمي فمات، فقال له: أني أنا أخوك يوسف فلا تبتئس أي لا تحزن ولا تبأس بما كانوا يعملون فيما مضى من حسدنا وما حرصوا على صرف وجه أبينا عنا ولا تعلمهم بما أعلمتك، قال الله تبارك وتعالى:
أكرم يوسف عليه الصلاة والسلام إخوته وأحسن ضيافتهم، ثم أوفى لهم الكيل من الطعام وحمل بنيامين بعيرًا باسمه كما حمل لهم،ثم لما وفاهم كيلهم وقضى حاجتهم جعل السقاية - وهو الإناء الذي كان يشرب فيه الملك ويكيل به الطعام وقيل: كان مرصعا بالجواهر ثمينًا - في رحل أخيه ومتاعه وإخوته لا يشعرون، فلما ارتحلوا مسافة قصيرة أرسل الطلب في أثرهم فأدركوهم ثم نادى مناد فيهم قائلا: أيتها العير - أي القافلة التي فيها الأحمال - إنكم لسارقون قفوا، قيل: ثم وصل إليهم رسول يوسف ووكيله وأخذ يوبخهم ويقول لهم: ألم نكرم ضيافتكم ونوفكم كيلكم ونحسن منزلتكم ونفعل ما لم نفعل بغيركم وأدخلناكم علينا في بيوتنا وأنتم تسرقون؟
ولما أقبل المنادي ومن معه على إخوة يوسف يتهمهم بالسرقة قال إخوة يوسف ماذا تفقدون؟ أي ما الذي ضل عنكم وضاع؟ فقالوا لهم :نفقد صواع الملك ولمن جاء به ودل عليه فله حمل بعير من الطعام وأخبرهم المنادي أنه الكفيل بالوفاء بالحمل لمن رده.
ولما سمع إخوة يوسف ما قاله المنادي ومن معه من حاشية الملك قالوا لهم: ما جئنا لنفسد ولسنا سارقين فحلفوا بالله وقالوا: أنتم تعلمونأننا ما جئنا للفساد والسرقة، ونفوا أن يكونوا سارقين، وهنا رد عليهم منادي الملك وأصحابه: فما جزاء من توجد في متاعه سقاية الملك إن كنتم كاذبين في قولكم وما كنا سارقين، فأجابهم إخوة يوسف: إن جزاء من توجد في متاعه ورحله سقاية الملك أن يستبعد بذلك وقيل: إن هذه كانت سنة ءال يعقوب وهذه كانت من شريعتهم وهي شريعة يعقوب وهي أن السارق يدفع ويسلم إلى المسروق منه.
ولما قال إخوة يوسف عليه السلام مقالتهم فتش رسول الملك الأوعية وبدأ بأوعيتهم قبل وعاء أخيهم بنيامين مبتدئًا بالكبير ومنهيًا بالصغير لإزالة التهمة وليكون أبلغ في الحيلة، فوجد سقاية الملك في وعاء أخيهم بنيامين فاستخرجها منه، فأخذ بنيامين وانصرف به إلى يوسف عليه الصلاة والسلام.
ولما شاهد إخوة يوسف عليه السلام رسول الملك ومناديه يستخرج سقاية الملك وصواعه من متاع بنيامين مُلئوا غيظًا على بنيامين لما وقعوا فيه من الورطه والغم والهم وقالوا ان سرق فقد سرق أخ له من قبل ويقصدون أخاهم يوسف، قيل: إنهم يقصدون بذلك السرقة التي نسبوها ليوسف وهي أنه رأى مرة صنمًا في بيت بعض أقاربه من جهة أمه، فأخذه وكسره وأتلفه فاعتبروا ذلك سرقة جهلا بحقيقتها، وقيل: قصدوا بالسرقة أنه كان يأخذ الطعام من البيت فيطعمه الفقراء والمساكين، فأخفى يوسف عليه السلام هذه التهمة في نفسه ولم يجاهرهم بها.
ولما أراد يوسف أن يحبس أخوهم بنيامين عنده ووجد إخوته أنه لا سبيل لهم إلى تخليصه منه، سألوه أن يطلقه ويعطوه واحدًا منهم بديلا عنه وقالوا ليوسف: ياأيها العزيز إن له أبا شيخًا كبيرًا متعلق به مُغرم بحبه فخذ أحدًا منا بدلا من بنيامين وأخل سبيله إنا نراك من المحسنسن، لكن يوسف الصديق رفض إخلاء سبيل أخيه بنيامين وقال لإخوته معاذ الله أن أخذ أحدصا غير الذي وجدت المتاع عنده أني إذًا من الظالمون، ولما استيأس إخوة يوسف عليه السلام من أخذ أخيهم من يوسف بطريق البادلة وأن يجيبهم إلى ما سألوه، خلا بعضهم ببعض واعتزلوا الناس ليس معهم غيرهم وصاروا يتناجون ويتناظرون ويتشاورون ثنن قال كبيرهم وهو روبيل: لقد أخذ أبوكم عليكم ميثاقًا وعهدًا في حفظ أخيكم بنيامين ورده إليه إلا أن تغلبوا كلكم عن الإتيان به، وها أنتم تفرطون فيه كما فرطتم في أخيه يوسف من قبله، فلن أزال مقيمًا ههنا في بلاد مصر لا أفارقها حتى يأذن لي أبي في القدوم أو يقدرني الله على رد أخي إلى أبي، ثم أشار إليهم وطلب منهم الرجوع إلى أبيهم يعقوب وإخباره بما كان من سرقة أخيهم بنيامين لصواع الملك، وأنهم ما شهدوا عليه بالسرقة إلا بما علموا من مشاهدة إذ وجدوا الصواع في أمتعته، ثم طلب منهم إخوهم الكبير روبيل أن يقولوا لأبيهم: إن كنت مُتهمًا لنا ولا تصدقنا على ما نقول من أن ابنك سرق فاطلبوا منه أن يسأل أهل القرية التي كنا فيها وهي مصر وأهل العير وهي القافلة التي أقبلنا فيها عن خبر ابنك بنيامين لأن أمر بنيامين اشتهر بمصر وعلمته القافلة التي كنا فيها وإنا لصادقوك فيما أخبرناك، يقول الله عزوجل :
رجع إخوة يوسف عليه السلام إلى بلدهم فلسطين وهم مهمومون في ضيق وغم حيث أخوهم الصغير بنيامين الذي ائتمنهم عليه أبوهم محبوس عند عزيز مصر، وأخوهم الكبير روبيل متخلف هناك في بلاد مصر لأجل أخيه بنيامين. 
ودخلوا على ابيهم يعقوب عليه السلام فأخبروه خبر أخيهم الصغير بنيامين وأخيهم روبيل كما طلب منهم أخوهم الكبير، فلم يدخل عليه هذا القول ولم يصدقهم وقال لهم والحزن يملأ قلبه: بل زينت لكم انفسكم أمرًا هممتم به وأردتموه، فصبري على ما نالني من فقد ولديّ صبر جميل لا جزع فيه ولا شكاية، عسى الله أن يأتيني بأولادي جميعًا فيردهم إلي إنه هو العليم الذي لا يخفى عليه شىء الحكيم في أفعاله، وتولى وأعرض نبي الله يعقوب عليه السلام حزينًا على أولاده وهيج حزنه الجديد على بنيامين وأخيه روبيل حزنه القديم على فلذة كبده يوسف عليه السلام وحرك ما كان كامنًا، وقال ياحزني على يوسف ويا أسفي الشديد عليه وأخذ يبكي بكاًء شديدًا على يوسف حتى ابيضت عيناه من شدة الحزن والبكاء وذهب بصره وصار كاصمًا لغيضه مُمسكًا على حزنه لا يظهر لأحد من اهله من شدة الأسف والشوق إلى يوسف عليه السلام الذي فارقه ما يقارب الأربعين عام.
ولما رأى ذلك أولاده قالوا له حزنًا عليهك لا تزال تذكر يوسف ولا تفتر ولا تنقطع عن حبه حتى تكون حرضا - أي تكون مريضًا في جسمك مُشرفًا على الهلاك ويذيبك الحب والحزن عليه - أو تكون من الموتى الهالكين.
ولما رأى يعقوب عليه السلام الغلظة من أولاده في مخاطبتهم له قال لهم: إنما أشكو بثي وحزني غلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون، ثم طلب من أولاده ان يذهبوا إلى المكان الذي جاءوا منه في مصر وخلفوا فيه أخويهم ويتحسسوا ويلتمسوا أخبار يوسف وأخيه بنيامين ولا يقنطوا من رحمة الله وفرجه، قال الله تعالى:
رجع إخوة يوسف عليه السلام إلى مصر كما امرهم أبوهم يعقوب عليه السلاموقصدوا يوسف عليه السلام في مصر في مُلكه، فلما دخلوا عليه قالوا له متعطفين مترحمين: يا أيها العيزيز لقد مسنا وأهلنا الحاجة والفقر وضيق الحال من الجدب والقحط وجئنا لجلب الطعام ببضاعة ضعيفة قليلة رديئة نبادلها بالطعام وهي لا يُقبل مثلها إلا أن تتجاوز عنا وتقبلها منا، وطلبوا منه أن يوفي لهم الكيل ويتصدق عليهم برد أخيهم بنياميم عليهم، ولما سمع يوسف عليه السلام هذا الكلام من إخوته ورأى ما وصلوا إليه من سوء الحال ورق قلبه وحن عليهم ورحمهم وبكى وباح لهم بما كان يكتمهم من شأنه، كاشفًا عن سره حاسرًا عن جبينه الشريف قائلا لهم:
المعنى: ما أعظم ما ارتكبتم من قطيعة الرحم وتضييع الحق إذ فرقتم بين يوسف وأخيه وسببتم بذلك الأذى والمكروه وانتم جاهلون بعاقبة ما تفعلون بيوسف وما يؤول إليه أمره، وعندما واجه يوسف عليه السلام إخوته بهذه الحقيقة تعجبوا وذهبت سكرتهم وتيقظوا وعرفوا الحقيقة وعرفوا أنه هو يوسف 
فما أكبر وأعظم ما قاله نبي الله يوسف عليه السلام لإخوته تحدثًا بنعمة الله، وما أعظم نصحه لهم حيث بين لهم علقبة من يتقي الله ويصبر فيطيع الله مولاه، فيؤدي ما فرض الله ويجتنب ما حرم ونهى عنه، ويصبر على المصائب والشدائد ابتغاء الثواب من الله، وبين لهم أن الله لا يضيع أجر هؤلاء المتقين المحسنين، وان الله تبارك وتعالى قد منّ عليه وعلى اخيه بما أسلفا من طاعة الله وتقواه وصبرهما على الاذى من جانب إخوتهما.
وعندما سمع إخوة يوسف عليه السلام كلام أخيهم وعظيم موعظته اعترفوا له بالفضل وعظيم القدر والمنزلة، وان الله تعالى قد اختاره وفضله عليهم بالعلم والحلم والفضل والمنزلة وما اعطاه وحباه من سائر الفضائل والمواهب، واعترفوا له بأنهم كانوا ءاثمين خاطئين بما ارتكبوا من تلك الافاعيل الخسيسة.
يقول الله تبارك وتعالى:
وعندما اعترف اخوة يوسف عليه السلام بإثمهم وخطئهم ووقفوا بين يدي أخيهم يوسف عليه السلام ملك مصر والحاكم النافذ الكلمة على بلاد مصر وخزائنها، وهم ينتظرون حكم أخيهم عليهم قال لست أعاتبكم ولا أعيركم بعد هذا اليوم ابدا بما صنعتم.
ولما عرفهم يوسف عليه السلام بنفسه سألهم عن حال أبيه الذي طال الفراق بينهما واشتد به الشوق والحنين للقائه قالوا له: قد هزل جسمه ولان عظمه وذهب بصره من شدة لبكاء والحزن فأخذت يوسف عليه السلام الشفقة والرحمة على أبيه يعقوب، ثم أعطاهم قميصه وهو الذي يلي جسده الشريف، وأمرهم أن يذهبوا به فيضعوه علىعيني أبيه فإنه يرجع إليه بصره ويعود بصيرًا كما كان سابقًا وهذا من خوارق العادات ودلائل النبوة، ثم أمرهم أن يأتوا بأهلهم أجمعين إلى ديار مصر الخيرة.
قال الله تبارك وتعالى حكاية عن يوسف عليه السلام: .
وكان يوسف عليه السلام لما اعطاهم قميصه ليذهبوا به إلى أبيه، قال له أخوه يهوذاك أنا أذهب به إليه لأني ذهبت إليه بالقميص مُلطخًا بالدم واخبرته أن يوسف أكله الذئب، فأنا أخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته، وكان هو البشير، وقيل: خرج حافيًا يعدو ليبشر أباه يعقوب، قيل: ولما خرجت القافلة التي فيها إخوة يوسف عليه السلام وانفصلت عن أرض مصر متوجهة إلى أرض كنعان في فلسطين، وكان يعقوب عليه السلام يتوقع الفرج بلقاء ابنه يوسف الصديق بعد طول بعاده وطول حزنه عليه، وهبت ريحُ الصبا التي يستروح بها كل محزون ومكروب، فذهبت بريح يوسف الصديق بمشيئة الله وقدرته إلى يعقوب عليه السلام، وبين يوسف ويعقوب مسافات طويلة، قال يعقوب لأبنائه: إني لأجد وأشم ريح يوسف لولا خوفي من أن تسفهوني وتنسبوا إلى ضعف العقل.
يقول الله تبارك وتعالى:
فقالوا له : تلله غنك فب حب يوسف وذكره لفي ضلالك القديم، في اعتقادك أن يوسف باق إلى اليوم يقول الله تبارك وتعالى:
يطل الانتظار حتى جاء البشير يعقوب عليه السلام فبشره بلقاء يوسف عليه السلام، ثم ألقى هذا البشيرقميص يوسف على وجهه فعاد مُبصرًا بعينيه كما كان سابقًا بعدما كان ضريرًا، وقيل: إنه لما جاء البشير يعقوب قال له: على أي دين تركت يوسف؟ قال : على الإسلام، قال: الىن تمت النعمة، ثم قال لأولادهك ألم أقل لكم إني أعلم من سلامة يوسف ملا تعلمون وأن الله سيجمع شملي بيوسف.
يقول الله تبارك وتعالى: 
فائدة: قيل: إن يعقوب عليه السلام أزجأ الاستغفار لأولاده عندما سألوه أن يستغفر الله لهم لانتظار الوقت الذي هو مظنة الإجابة، وقيل: أرجأهم إلى وقت السحر
روى أنه بعث يوسف عليه السلام مع البشير إلى يعقوب جهازًا ومائتي راحلة وسأله أن ياتيه بأهله وأولاده، فلما ارتحل يعقوب عليه السلام هو واولاده وجميع أهله من بلاد الشام في فلسطين ودنا من بلاد مصر للقاء يوسف الصديق ملك مصر، استأذن يوسف عليه السلام الملك الذي فوقه في تلقي يعقوب عليه السلام واستقباله، فأذن له وامر الملأ من اصحابه بالركوب معه، فخرج عليه السلام في أربعة ءالاف من الجند وخرج معهم أهل مصر، وقيل إن الملك العام خرج معهم أيضًا، وعندما جاء يعقوب عليه السلام مع أهله وأولاده غلى مصر دخلوا على يوسف عليه السلام فىوى إليه أبويه واجتمع بهما خصوصًا وحدهما دون إخوته، ورحب بأهله جميعًا وقال لهم: ادخلوا مصر واستوطونها ءامنين مطمئنين، ثم خر له أبوه وأمه وإخوته الأحد عشر وسجدوا له سجود تحية لا سجود عبادة ليوسف عليه السلام وكان هذا جائزًا لهم في شريعتهم، ثم قال يوسف عليه السلام لابيه: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل.
قال الله تبارك وتعالى:
و السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
 افتراضي قصة سيدنا أيوب
قصة سيدنا أيوب
{و َوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الآخِرَةِ لَمِنِ الصَّالِحِينَ} [العنكبوت:27]

تتحدث الآية الكريمة عن خليل الرحمن أبا الأنبياء إبراهيم عليه الصلاة و السلام كرم الله نبيه إبراهيم بأن جعل النبوة و الرسالة في ذريته فالعالم قد تشعب،و تفرقت ذرية نوح في الأرض، فالدنيا فيها روم وصين وهند، وأجناس أخرى غير ذلك، ومع ذلك فإن النبوة باقية في ذرية إبراهيم عليه السلام
وهذه أعظم ميزة، فليس هناك بيت يشارك هذا البيت العظيم الشريف في النبوة والكتاب، والنبوة والكتاب هما أشرف ما يكرم الله به أحداً من البشر، أو بيتاً من بيوت البشر.
و كما علمنا كان لنبي الله إبراهيم اثنان من البنين (إسماعيل و إسحاق) و هما فرعا شجرة النبوة المباركة و لكن فرع إسماعيل عليه السلام أدخر ثمرة الطيب ليخرج لنا أفضل و أكرم البشر و الأنبياء سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم خاتم المرسلين 
و استمر فرع إسحاق عليه السلام في إنتاج الثمر الأزهر الطيب من الأنبياء الكرام ليعلموا البشرية كلها النور 

و قد ذكر أن لإسحاق عليه السلام ولدان هما يعقوب (إسرائيل) و العيص 
و من نسل العيص بن إسحاق موعدنا مع من علم البشرية الصبر
انه نبي الله أيوب عليه السلام 
قيل في نسبه انه أيوب بن موص بن زراح بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل 
وقال غيره: هو أيوب بن موص بن رعويل بن العيص بن إسحاق بن إبراهيم الخليل
و الثابت انه من نسل إبراهيم عليه السلام لقول الله عز و جل

{وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا وَنُوحًا هَدَيْنَا مِنْ قَبْلُ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُدَ وَسُلَيْمَانَ وَأَيُّوبَ وَيُوسُفَ وَمُوسَى وَهَارُونَ وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى وَعِيسَى وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ}
[الأنعام:84-85]

و من أن الصحيح أن الضمير عائد على إبراهيم دون نوح عليهما السلام.
و قد كان نبيا من أنبياء الروم فمن رحمة الله تعالى انه ما ترك امة من الروم أو العرب أو سائر الأجناس إلا و بعث فيها نبيا منهم ليهديهم و يمشي فيهم بتعاليم الله عز و جل

و ايوب عليه السلام من الأنبياء المنصوص على الإيحاء إليهم في سورة النساء، في قوله تعالى
{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ}

أنعم الله على عبده أيوب بالخير الكثير فقال علماء التفسير والتاريخ وغيرهم انه كان رجلاً كثير المال، من سائر صنوفه وأنواعه من الأنعام و العبيد و المواشي و الأراضي المتسعة بأرض الثنية من أرض حوران (هي الآن في جنوب سوريا و الله أعلم) وحكى ابن عساكر أنها كلها كانت له، وكان له أولاد وأهلون كثير.
و قد عرف حق الله في ماله فذكر انه لم يبت ليلة شبعانا و هو يعلم مكان جائع و لم يكن له قميصان قط و هو يعلم مكان عار

و لكن الله تعالى أراد أن يختبر نبيه أيوب فكان الابتلاء شديدا -على قدر دينه- فكما علمنا رسولنا محمد صلى الله عليه و سلم « أشد الناس بلاء الأنبياء، ثم الصالحون، ثم الأمثل فالأمثل، يبتلى الرجل على حسب دينه، فإن كان في دينه صلابة زيد في بلائه ».

و هذا ليعظم الله لهم الاجر و الثواب 
و لم يقتصر بلاء أيوب على جانب واحد من حياته بل شملها كلها ففقد ماله و أولاده وابتلي في جسده بأنواع من البلاء، ولم يبق منه عضو سليم سوى قلبه ولسانه. يذكر الله عز وجل
كثرت الروايات والأساطير التي نسجت حول مرض أيوب، ودخلت الإسرائيليات في كثير من هذه الروايات وعن مجاهد أنه قال: كان أيوب عليه السلام أول من أصابه الجدري و الله أعلم بما أصاب به نبيه أيوب فقد سكت القرءان عن وصف مرضه وهو في ذلك كله صابر محتسب ذاكر لله عز وجل في ليله ونهاره وصباحه ومسائه لم يتذمر أو يتضجر
و كانت مدة بلواه ثمانية عشرة سنة
و مع طول مرضه عافه الجليس، وأوحش منه الأنيس وانقطع عنه الناس، ولم يبق أحد يحنو عليه سوى رجلين من إخوانه كانا يترددان عليه بين الحين و الآخر و زوجته و قيل إن اسمها "ليا" بنت منسا بن يوسف بن يعقوب. وهذا أشهر الأقوال 
فكانت ترعى له حقه، وتعرف قديم إحسانه إليها، وشفقته عليها، فكانت تتردد إليه، فتصلح من شأنه، وتعينه على قضاء حاجته، وتقوم بمصلحته.
وضُعف حالها، وقل ما لها، حتى كانت تخدم الناس بالأجر، لتطعمه وتقود بأوده رضي الله عنها وأرضاها، وهي صابرة معه على ما حل بهما من فراق المال والولد، وما يختص بها من المصيبة بالزوج، وضيق ذات اليد، وخدمة الناس بعد السعادة، والنعمة، والخدمة، والحرمة، فإنا لله وإنا إليه راجعون.
و من صبر ايوب عليه السلام ما روي من أن زوجته لما طال عليها مدة مرضه قالت: يا أيوب لو دعوت ربك لفرج عنك، فقال: قد عشت سبعين سنة صحيحًا، فهو قليل لله أن أصبر له سبعين سنة، فجزعت من هذا الكلام
سبحان الله على هذا الثبات و التحمل من الزوجين الكريمين زوج نبي مبتلى يستحي من الله أن يدعوه بالفرج لان مدة بلواه اقل من المدة التي عاشها صحيحا 
و زوجة لم تطلب من زوجها المريض إلا أن يدعوا الله أن يفرج عنه ما طلبت أن تهجره أو تتركه بل سعت بكل الطرق لتوفير الطعام لزوجها المريض حتى بعد أن ترك الناس طلبها لخدمتهم لعلمهم أنها امرأة أيوب، خوفًا أن ينالهم من بلائه، أو تعديهم بمخالطته، فلما لم تجد أحدًا يستخدمها عمدت فباعت لبعض بنات الأشراف إحدى ضفيرتيها، بطعام طيب كثير، فأتت به أيوب، فقال: من أين لك هذا؟ وأنكره. فقالت: خدمت به أناسًا فلما كان الغد لم تجد أحدًا، فباعت الضفيرة الأخرى بطعام فأتته به فأنكره أيضًا، وحلف لا يأكله حتى تخبره من أين لها هذا الطعام، فكشفت عن رأسها خمارها، فلما رأى رأسها محلوقًا قال في دعائه إني مسني الضر و أنت ارحم الراحمين

وحلف أن يضربها مئة سوط إذا شفى.وقيل أن سبب قسمه أن امرأته أخبرته أنها لقيت طبيبا في الطريق عرض أن يداوي أيوب إذا رضي أن يقول أنت شفيتي بعد علاجه، فعرف أيوب أن هذا الطبيب هو إبليس، فغضب وحلف أن يضربها مئة ضربة.

و مع استمرا ضعفه و مرضه ظن الرجلان اللذان كانا من اخص إخوانه و يترددان عليه ظنا أن ما به هو بسبب ذنبا أذنبه أيوب عليه السلام ففي الحديث عن انس بن مالك 
« إن نبي الله أيوب لبث به بلاؤه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد إلا رجلين من إخوانه كانا من أخص إخوانه له، كانا يغدوان إليه ويروحان، فقال أحدهما لصاحبه: يعلم الله لقد أذنب أيوب ذنبًا ما أذنبه أحد من العالمين.
قال له صاحبه: وما ذاك؟
قال: منذ ثماني عشر سنة لم يرحمه ربه فكشف ما به، فلما راحا إليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك له.
فقال أيوب: لا أدري ما تقول غير أن الله عز وجل يعلم أني كنت أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما، كراهية أن يذكر الله إلا في حق ».

و بعدما ظن الناس بمرضه الظنون دعا ربه بدعاء عظيم بعد صبر و احتمال فاق احتمال البشر

قال الله تعالى: { وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ }
[الأنبياء: 83-84] .

دعاء جميل رائع لم يقل يا رب اشفني لم يطلب شيء بصيغه مباشرة و كأنه يستحي من الله أن يطلب منه رفع البلاء لأنه عاش في نعيم سنيين طوال قبل المرض 
نادى ربه أني قد وقع بي البلاء و أنت اعلم بحالي و أنت ارحم الراحمين فلم يحدد أيوب طلبا من الله و لكنه يعلم أن الله ارحم بالبشر من أنفسهم فترك نفسه لمشيئة ارحم الراحمين فكانت الإجابة و الأجر و الثواب 

{ وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ * ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ * وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرَى لِأُولِي الْأَلْبَابِ * وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِبْ بِهِ وَلَا تَحْنَثْ إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ }
[ص41-44] .

ويجدر التنبيه بأن دعاء أيوب ربه {أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ} أن تحمل الباء على معنى السببية بجعل النُّصْب والعذاب مسببين لمسّ الشيطان إياه ، أي مسنّي بوسواس سببه نُصْب وعذاب ، فجعل الشيطان يوسوس إلى أيوب بتعظيم النُّصْب والعذاب عنده ويلقي إليه أنه لم يكن مستحقاً لذلك العذاب ليلقي في نفس أيوب سوء الظن بالله أو السخط من ذلك . أو تحمل البَاء على المصاحبة ، أي مسّني بوسوسة مصاحبة لضرّ وعذاب ، ففي قول أيوب { أني مسَّني الشيطانُ بنُصببٍ وعذابٍ } كناية لطيفة عن طلب لطف الله به ورفع النُّصب والعذاب عنه بأنهما صارا مدخلاً للشيطان إلى نفسه فطلب العصمة

و يروي لنا الحديث الشريف قصة شفاء ايوب عليه السلام فعن انس بن مالك ( قال : و كان يخرج إلى حاجته فإذا قضى حاجته أمسكته امرأته بيده حتى يبلغ ، فلما كان ذات يوم أبطأ عليها و أوحى إلى أيوب أن أركض برجلك هذا مغتسل بارد و شراب ) فاستبطأته ، فتلقته تنظر و قد أقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء و هو أحسن ما كان ، فلما رأته قالت : أي بارك الله فيك ، هل رأيت نبي الله هذا المبتلى ، و الله على ذلك ما رأيت أشبه منك إذ كان صحيحا ، فقال : فإني أنا هو : و كان له إندران (والأندر: الخزانة فيها الحبوب والتمر وغيره) : أندر للقمح و أندر للشعير ، فبعث الله سحابتين ، فلما كانت إحداهما على أندر القمح أفرغت فيه الذهب حتى فاض ، و أفرغت الأخرى في أندر الشعير الورق حتى فاض)

وقوله {ارْكُضْ بِرِجْلِكَ} أي: اضرب الأرض برجلك. فامتثل ما أمر به، فأنبع الله له عيناً باردة الماء، وأمر أن يغتسل فيها، ويشرب منها. فأذهب الله عنه ما كان يجده من الألم والأذى والسقم والمرض، الذي كان في جسده ظاهراً وباطنا ًوأبدله الله بعد ذلك كله صحة ظاهرة وباطنة، وجمالاً تاماً ومالاً كثيراً، حتى صب له من المال صبّاً مطراً عظيماً جراداً من ذهب
و عن ابي هريرة قال قال رسول الله :
« بينما أيوب يغتسل عريانًا خرّ عليه جراد من ذهب، فجعل أيوب يحثي في ثوبه فناداه ربه عز وجل: يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما ترى.
قال: بلى يا رب، ولكن لا غنى لي عن بركتك ». رواه البخاري


وعن ابن عباس قال: وألبسه الله حلة من الجنة فتنحى أيوب وجلس في ناحية، وجاءت امرأته فلم تعرفه.
فقالت: يا عبد الله هذا المبتلى الذي كان ههنا لعل الكلاب ذهبت به أو الذئاب، وجعلت تكلمه ساعة.
قال: ولعل أنا أيوب.
قالت: أتسخر مني يا عبد الله؟
فقال: ويحك أنا أيوب، قد رد الله عليّ جسدي.


فلما عوفي أمره الله أن يأخذ عرجونا فيه مائة شمراخ (عود دقيق) فيضرب بها زوجته ضربة واحدة لكي لا يحنث في قسمه وبذلك يكون قد بر في قسمه وهذا من الفَرَجِ والمخرج لمن اتقى الله وأطاعه، ولا سيما في حق امرأته الصابرة المحتسبة المكابدة الصديقة البارة الراشدة رضي الله عنها.
ولهذا عقب الله الرخصة وعللها بقوله {إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِراً نِعْمَ الْعَبْدُ إِنَّهُ أَوَّابٌ}
. ثم جزى الله -عز وجل- أيوب -عليه السلام- على صبره بأن آتاه أهله (فقيل: أحيى الله أبناءه. وقيل: آجره فيمن سلف وعوضه عنهم في الدنيا بدلهم، وجمع له شمله بكلهم في الدار الآخرة) وذكر بعض العلماء أن الله رد على امرأته شبابها حتى ولدت له ستة وعشرين ولدا ذكرا.
قال ابن عباس: ورد الله عليه ماله وولده بأعيانهم ومثلهم معهم.

كانت تلك هي مكافاة الله عز و جل لأيوب على صبره الكبير 
فقد صبر على الطاعة، و صبر عن المعصية، و صبر على المرض، و صبر على فقد الأولاد 
وصبر على الفقر، و صبر على أذى الناس و بعدهم عنه فاستحق ثناء الله عليه بأن قال عنه نعم العبد 
وعاش أيوب بعد ذلك سبعين سنة بأرض الروم على دين الحنيفية، ثم غيروا بعده دين إبراهيم

و كانت تلك هي حياة النبي أيوب الذي علم البشر الصبر 
روى ليث عن مجاهد ما معناه: أن الله يحتج يوم القيامة بسليمان عليه السلام على الأغنياء، وبيوسف عليه السلام على الأرقاء، وبأيوب عليه السلام على أهل البلاء، رواه ابن عساكر بمعناه

"ذو الكفل عليه السلام"

وقد ذكره الله في عداد مجموعة الرسل عليهم السلام، فقال تعالى: { وَاذْكُرْ إِسْمَاعِيلَ وَالْيَسَعَ وَذَا الْكِفْلِ وَكُلٌّ مِنْ الأَخْيَارِ} [ص: 48]

قال أهل التاريخ: وهو ابن أيوب عليه السلام، واسمه في الأصل بشر. وقد بعثه الله بعد أيوب، وسماه ذا الكفل، وكان مقامه في الشام، وأهل دمشق يتناقلون أن له قبراً في جبل قاسيون. والله أعلم.
والقرآن الكريم لم يَزِدْ على ذكر اسمه في عداد الأنبياء.

الى هنا و ينتهى ذكر ذا الكفل فى الكتاب و السنة ..
و قد راعيت الا تكون المصادر من غير القرآن و السنة و راعت البعد عن الاسرائيليات التى قد تكون غير ذات ثقة فى بعض الاوجه ..
______________________________________
افتراضي رد: قصص الانبياء
بسم الله الرحمن الرحيم
يونس عليه السلام (الحكاية) 

على ضفاف نهر دجلة عاش الآشوريون في مدن كبرى ، وكانت نينوى أكبر مدنهم فهي عاصمة البلاد .

وفي نينوى كان يعيش مئة الف انسان أو اكثر بقليل .

كانوا يعيشون حياتهم ، يزرعون حقولهم الواسعة ويرعون ماشيتهم الكثيرة في تلك الأرض الخصبة .

وفي تلك المدينة الكبيرة وُلد سيدنا يونس وعاش ، حتى اذا ادرك ، رأى قومه يعبدون الأوثان والاصنام ، ينحتون التماثيل المرمرية ويعبدونها .

الله سبحانه اصطفى عبده يونس ( عليه السلام ) نبياً ، كان يونس انساناً مؤمناً بالله الواحد القادر ، وكان يدرك أن هذه التماثيل والاصنام مجرّد حجارة لا تضرّ ولا تنفع .

الله سبحانه أرسل يونس إلى أهل نينوى يدعوهم إلى عبادة الله سبحانه ونبذ الاصنام والأوثان .

الناس في تلك البلاد كانوا طيبين ولكنهم كانوا يشركون بالله منذ زمن بعيد وهم يعبدون التماثيل .


وجاء سيدنا يونس و وعظهم و نصحهم و قال لهم : اعبدوا الله وحده و لا تشركوا به أحداً .

و لكن أهل نينوى و قد اعتادوا على عبادة التماثيل رفضوا دعوة يونس ، و وقفوا في وجهه .

كل الانبياء كانوا يُعلِّمون الناس عبادة الله الواحد كل الرسل كانوا يبشّرون بالتوحيد .

الناس كانوا ضالّين ، يعبدون الحجارة . . يظنّون ان لها تأثيراً في حياتهم .

جاء سيدنا يونس وأرشدهم إلى عبادة الله الواحد الأحد .

ولكن ذلك لم ينفع معهم .

وحذّرهم النبي من عاقبة عنادهم . . ان الله سبحانه سيعذّبهم إذا ظلّوا على عنادهم وعبادة الاصنام .

و غضب سيدنا يونس من أهل نينوى فحذّرهم من نزول الغضب الالهي .

غادر سيدنا يونس نينوى ومضى .

ذهب باتجاه البحر الابيض . كان يترقّب نزول العذاب بأهل نينوى .

و مضت أيامٌ و أيام ، و لكن سيدنا يونس لم يسمع شيئاً .

سأل كثيراً من المسافرين عن أخبارهم نينوى وأهلها ، وكانوا كلّهم يقولون : ان المدينة بخير .

و تعجّب سيدنا يونس ! لقد صرف الله عن أهل نينوى العذاب .

من أجل هذا واصل طريقه باتجاه البحر الابيض .

التوبة :

لنترك سيدنا يونس وهو في طريقه إلى البحر لنعود إلى نينوى تلك المدينة الكبرى . .


ماذا جرى هناك لماذا صرف الله عن أهل نينوى العذاب ؟

عندما غادر سيدنا يونس غاصباً و مضت عدّة أيام شاهد أهل نينوى علامات مخيفة . .

السماء تمتلئ بغيوم سوداء كالحة ، وهناك مايشبه الدخان في أعالي السماء .

و رأى بعض الصلحاء تلك العلامات فأدرك ان العذاب الالهي على وشك أن ينزل فيدمرّ مدينة نينوى بأسرها .

ستتحول المدينة الى أنقاضٍ وخرائب ، من أجل ذلك أسرع و حذّر أهالي نينوى من نزول العذاب قال لهم :

ـ ارحموا انفسكم ! ارحموا ابناءكم وبناتكم . لماذا تعاندون ؟! إنّ يونس لا يكذّب أبداً ، و أنَّ العذاب سيحلّ بكم .

أهل نينوى رأوا علامات العذاب . .

لهذا راحوا يفكرون بمصيرهم بمصير ابنائهم ، بمصير مدينتهم .

أدركوا ان هذه التماثيل لا تنفعهم . . إنها مجرّد حجارة نحتها الآباء بأيديهم فلماذا يعبدونها من دون الله .

شعر أهل نينوى بالندم ، كانوا غافلين فانتبهوا ، وكانوا نائمين فاستيقظوا .

من أجل ذلك راحوا يبحثون عن سيدنا يونس . . جاءوا يعلنون إيمانهم بالله سبحانه .

و لكنّ سيدنا يونس كان قد غادر نينوى الى مكان بعيد . . الى مكان لا يعرفه أحد !

من أجل هذا اجتمعوا في أحد الميادين ، و قال لهم الرجل الصالح اعلنوا ايمانكم يا أهل نينوى ، و قال لهم : ان الله رحيم بالعباد فاظهروا الندم ، و خذوا الاطفال الرضع من أمهاتهم حتى يعمّ البكاء ، و ابعدوا الحيوانات عن المراعي حتى تجوع و تعلوا أصواتها .

هكذا فعل أهل نينوى فصَلوا بين الاطفال والامهات ، وبكى الاطفال ، وبكت الامهات ، الحيوانات كانت تضجّ من الجوع و تعطّلت الحياة في مدينة نينوى . .

الجميع يبكون ، الجميع آمنوا بالله الواحد القادر على كل شي .

وشيئاً فشيئاً كانت السماء الزرقاء الصافية تظهر ، و الغيوم السوداء تبتعد .

اشرقت الشمس من جديد ، و فرح الناس برحمة الله الواسعة و بنعمة الايمان و الحياة .

كان أهل نينوى ينتظرون عودة نبيهم ، و لكن دون جدوى لقد ذهب سيدنا يونس غاضباً و لم يعد ، ترى اين ذهب يونس ؟






في البحر :


وصل سيدنا يونس البحر الابيض ، و وقف في المرفأ ينتظر سفينة تبحر إلى إحدى الجزر .

و جاءت سفينة شراعية . . السفينة كانت مشحونة بالمسافرين .


توقّفت في المرفأ لينزل بعض المسافرين ، و يركب البعض الآخر . كان سيدنا يونس من الذين ركبوا السفينة .

انطلقت في عرض البحر بعد أن رفعت اشرعتها عالياً .

و عندما صارت في وسط البحر ، هبت العواصف ، و ارتفعت الأمواج .

و فيما كانت السفينة تمخر المياه المتلاطمة حدث شيء عجيب ، ظهر حوت كبير ! حوت العنبر الهائل . . كان الحوت يرتفع وسط الامواج ثم يهوي بذيله ليضرب المياه ضربة هائلة ، فيصدر صوتاً يشبه الانفجار ، اصاب الاسماك بالذعر فولّت هاربة .

توقف قليلاً فانبثقت نافورة المياه كشلال يتدفق نحو السماء .

اندفع الحوت باتجاه السفينة ، ثم انعطف فجأة وحرّك ذيله ليدفع موجة هائلة نحو السفينة ، و ارتجّت السفينة بعنف !

أدرك ملاحو السفينة ان الحوت يريد تحطيم السفينة و اغرافها كان حوتاً هائلاً و كانت السفينة صغيرة .

لم يكن أمام قبطان السفينة غير طريق واحد هو التضحية بأحد ركاب السفينة ليكون طعاماً للحوت .

لهذا اجتمع ركاب السفينة وأجروا القرعة فمن خرجت عليه القرعه فهو الضحية . وخرجت القرعة على أحد المسافرين وهو رسول الله يونس .

وتقدّم يونس ليواجه مصيره بشجاعة .

عرف سيدنا يونس أن ما حدث كان بمشيئة الله ، لهذا لم يخف وهو يهوي باتجاه الأعماق .

رأى المسافرون و ركاب السفينة حوت العنبر يتجه نحو الضحية و بعدها لم يروا شيئاً .

اختفى يونس واختفى حوت العنبر و نجت السفينة من الخطر و لكن ماذا حصل بعد ذلك في تلك الأعماق السحيقة ؟

في الأعماق :

ابتعلت الأمواج سيدنا يونس ( عليه السلام ) ، و فيما هو يحاول السباحة و النجاة اذا به يرى الحوت قادماً نحوه و قد فتح فمه الهائل المخيف .

و مرّت لحظات فاذا يونس في فم الحوت ثم في بطنه الكبير المظلم !

و في تلك اللحظة أدرك سيدنا يونس انه كان عليه أن يعود الى نينوى ، لا أن يسافر إلى الجزيرة .

و في اعماق الحوت هتف يونس :

لا إله إلاّ أنت سبحنك إنّي كنت من الظالمين .

كان نداء يونس نداء الايمان بالله القادر على كل شيء . . .
ششعر سيدنا يونس انه كان عليه أن يعود إلى نينوى مرّة أخرى لا أن يسافر إلى تلك الجزيرة البعيدة .
ان الله سبحانه هو مالك البر والبحر و خالق الحيتان في غمرات البحار .
من أجل هذا راح سيدنا يونس يسبح لله الخالق البارئ المصوّر له الاسماء الحسنى .
و تمرّ الساعات ، و يونس في بطن الحوت ، و تمرّ الساعات و الحوت يطوف في اعماق المياه . . .
سيدنا يونس ما يزال يسبّح لله ، كان يهتف : لا إله إلاّ أنت : سبحانك إنّي كنت من الظالمين و هكذا تمرّ الأيام والليالي .
ساحل النجاة :
و يشاء الله سبحانه أن يتجه الحوت إلى شواطئ إحدى الجزر . . الحوت يقترب من الشاطئ تتقلص معدته وتتدفق من داخلها المياه وكان يونس فوق الأمواج ثم يستقرّ على شطآن الرمال الناعمة .
كان من رحمة الله ان الشاطئ خال من الصخور و إلاّ لتمزق بدن يونس .
يونس الآن في غاية الضعف ، جسمه مشبع بالمياه . كان سيدنا يونس منهك القوى ظامئاً . كان يموت من العطش . .
إنّه لا يستطيع الحركة يحتاج إلى استراحة مطلقة في الظل ولكن ماذا يفعل و هو وحيد على الرمال ؟!
الله سبحانه أنبت عليه شجرة يقطين ، استظلّ سيدنا يونس بأوراق اليقطين العريضة ، و راح يأكل على مهل ثمارها . . .
ان من خواص اليقطين احتواؤه على مواد تفيد في ترميم الجلد وتقوية البدن .
و من خواصّه أنه يمنع عنه الذباب الذي لا يقرب هذه الشجرة .
و هكذا شاء الله سبحانه أن ينجو يونس من بطن الحوت ، و أن يدرك سيدنا يونس أن الله هو القادر على كل شيء هو الرحمن الرحيم .
استعاد سيدنا يونس صحته و عاد إلى مدينته نينوى .
و فرح سيدنا يونس عندما رأى أهل نينوى يستقبلونه و هم فرحين برحمة الله . . لقد آمن الجميع ، فكشف الله عنهم العذاب . . الاطفال يلعبون ، والرجال يعملون و المواشي ترعى في المروج بسلام . . .
انها نعمة الايمان بالله الذي وهب الانسان الحياة 
يونس عليه السلام في القرأن:
الله تعالى في سورة يونس: {فَلَوْلَا كَانَتْ قَرْيَةٌ آمَنَتْ فَنَفَعَهَا إِيمَانُهَا إِلَّا قَوْمَ يُونُسَ لَمَّا آمَنُوا كَشَفْنَا عَنْهُمْ عَذَابَ الْخِزْيِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} 
وقال تعالى في سورة الأنبياء: {وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِباً فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} 
وقال تعالى في سورة الصافات: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ * فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ * فَنَبَذْنَاهُ بِالْعَرَاءِ وَهُوَ سَقِيمٌ * وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ * وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} 
وقال تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ * فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ}
قال الله تعالى: {وَإِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ * فَسَاهَمَ فَكَانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ * فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ}.
يونس عليه السلام في السنة:
عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قالت: سمعت أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
((لما أراد الله حبس يونس في بطن الحوت، أوحى الله إلى الحوت أن خذه ولا تخدش لحماً ولا تكسر عظماً، فأخذه ثم هوى به إلى مسكنه من البحر، فلما انتهى به إلى أسفل البحر سمع يونس حساً فقال في نفسه: ما هذا؟ 
فأوحى الله إليه وهو في بطن الحوت إن هذا تسبيح دواب البحر. 
قال فسبح وهو في بطن الحوت، فسمعت الملائكة تسبيحه. 
فقالوا:يا ربنا إنا نسمع صوتاً ضعيفاً بأرض غريبة.
قال: ذلك عبدي يونس عصاني فحبسته في بطن الحوت في البحر. 
قالوا: العبد الصالح الذي كان يصعد إليك منه في كل يوم وليلة عمل صالح! 
[]: نعم.
قال: فشفعوا له عند ذلك فأمر الحوت فقذفه في الساحل)). 
و روى عن أبى هريرة يقول: طرح بالعراء وانبت الله عليه اليقطينة. 
قلنا: يا أبا هريرة وما اليقطينة؟ 
قال: شجرة الدباء. 
قال أبو هريرة: وهيأ الله له أروية وحشية تأكل من خشاش الأرض، أو قال: هشاش الأرض. 
قال فتنفشخ عليه فترويه من لبنها كل عشية وبكرة، حتى نبت. 
وقد قال الله تعالى: {فَنَبَذْنَاهُ} أي: ألقيناه 
{بِالْعَرَاءِ} وهو المكان القفر الذي ليس فيه شيء من الأشجار بل هو عار منها. 
{وَهُوَ سَقِيْمٌ} أي: ضعيف البدن. 
قال ابن مسعود: كهيئة الفرخ ليس عليه ريش. 
وقال ابن عباس، والسدي، وابن زيد: كهيئة الضبي حين يولد، وهو المنفرش ليس عليه شيء. 
{وَأَنْبَتْنَا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ} 
قال ابن مسعود، وابن عباس، وعكرمة، ومجاهد وغير واحد: هو القرع. 

قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حكم جمة؛ منها: أن ورقه في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره، نياً ومطبوخاً وبقشره وببزره أيضاً. وفيه نفع كثير، وتقوية للدماغ، وغير ذلك. 

وقد ذكرنا كلام أبي هريرة في تسخير الله تعالى له تلك الأروية التي كانت ترضعه لبنها، وترعى في البرية وتأتيه بكرة وعشية، وهذا من رحمة الله به ونعمته عليه وإحسانه إليه ولهذا قال تعالى: {فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ} أي: الكرب والضيق الذي كان فيه. 
{وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}أي: وهذا صنيعنا بكل من دعانا واستجار بنا. 
سمعت سعد بن مالك - وهو ابن أبي وقاص - يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: 
((اسم الله الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى: دعوة يونس بن متى)). 
قال: فقلت يا رسول الله: هي ليونس خاصة أم لجماعة المسلمين؟ 
قال:
((هي ليونس خاصة وللمؤمنين عامة إذا دعوا بها. ألم تسمع قول الله تعالى: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ}
فهو شرط من الله لمن دعاه به)). 
عن ابن أبي وقاص قال: مررت بعثمان بن عفان في المسجد فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يردد عليّ السلام، فأتيت عمر بن الخطاب، 
فقلت: يا أمير المؤمنين هل حدث في السلام شيء؟ 
قال: لا، وما ذاك؟ 
قلت: لا، إلا أني مررت بعثمان آنفاً في المسجد فسلمت عليه، فملأ عينيه مني ثم لم يردد علي السلام. 
قال فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه فقال: ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام؟ 
قال: ما فعلت. 
قال سعد: قلت: بلى حتى حلف وحلفت. 
قال ثم إن عثمان ذكر فقال: بلى، وأستغفر الله وأتوب إليه، إنك مررت بي آنفاً وأنا أحدث نفسي بكلمة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا والله ما ذكرتها قط إلا تغشى بصري وقلبي غشاوة. 
قال سعد: فأنا أنبئك بها، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة، ثم جاء أعرابي فشغله حتى قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتبعته، فلما أشفقت أن يسبقني إلى منزله ضربت بقدمي الأرض، فالتفت إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ((من هذا أبو إسحاق؟)) 
قال: قلت: نعم يا رسول الله. 
قال: ((فمه؟)) 
قلت: لا والله إلا أنك ذكرت لنا أول دعوة، ثم جاء هذا الأعرابي فشغلك. 
قال: ((نعم دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له)).‏ 
فضل يونس عليه السلام:
قال الله تعالى: {وإن يونس لمن المرسلين} وذكره تعالى في جملة الأنبياء الكرام في سورتي النساء والأنعام، عليهم من الله أفضل الصلاة والسلام. 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: 
((لا ينبغي لعبد أن يقول: أنا خير من يونس بن متى)). 
ورواه البخاري من حديث سفيان ال
ثوري به. 
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق