الخميس، 19 ديسمبر 2013

سيدنا يوسف


ذكر اسم يوسف عليه السلام في القرءان الكريم في ست وعشرين ءاية، منها أربع وعشرون ءاية في سورة يوسف، وءاية في الأنعام، وءاية في سورة (غافر).


وقد ذكرت قصة سيدنا يوسف عليه السلام في سورة يوسف مفصلة، وفيها بيان لحياته ومحنته مع إخوته ومحنته مع امرأة العزيز، ودخوله السجن ودعوته فيه إلى الله تعالى، ثم خروجه من السجن وتفسيره الرؤيا للملك واستلامه لخزائن الارض أي أرض مصر، ثم مجىء إخوته إلى مصر بسبب القحط، وابقاؤه لأخيه بنيامين عنده،ثم اجتماعه بأبيه وأخوته ودخولهم عليه وسجودهم له على وجه التحية والتعظيم وكان ذلك جائزًا في شريعتهم، إلى غير ذلك من إشارات دقيقة وعظات بالغة يُستفاد بها من حياة هذا النبي الكريم.


فهيا بنا نتعرف علي قصة سيدنا يوسف أكثر تفصيلا:

رؤيا يوسف عليه السلامفي المنام

كان يعقوب له من البنين اثنا عشر ولداً ذكراً، وإليهم تنسب أسباط بني إسرائيل كلهم، وكان أشرفهم وأجلهم وأعظمهم يوسف عليه السلام، وقد ذهب طائفة من العلماء إلى أنه لم يكن فيهم نبي غيره، وباقي إخوته لم يوحَ إليهم، وظاهر ما ذكر من فعالهم ومقالهم في هذه القصة يدل على هذا القول. 
عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: 
((الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن إسحق بن إبراهيم)). 


و كان يعقوب عليه السلام يحب يوسف أكثر من إخوته و يُظهر هذا الحب فيغار إخوته منه و في ذات ليلة رأى يوسف عليه السلام في المنام وهو صغير أن أحد عشر كوكب والشمس والقمر تسجد له، قال المفسرون: كانت الكواكب في التأويل إخوته، والشمس أمه، والقمر أباه ، فقص يوسف عليه السلام هذه الرؤيا على أبيه قيل: كان عمره وقتئذ اثنتي عشرة سنة، فأشفق عليه أبوه يعقوب من حسد إخوته له فقد قال الله تعالي 



أي يدبروا حيلة لإهلاكك لأن الشيطان للإنسان عدو مبين.


ولقد علم يعقوب عليه السلام أنه سيكون لابنه يوسف شأن عظيم وسينال رتبة عالية ورفعة سامية في الدنيا والآخرة، لذلك أمره بكتمان ما رأى في المنام وألا يقصها على إخوته خوفًا عليه من كيدهم وحسدهم .


حسد إخوته ومؤامرتهم للتخلص منه



كان بقية أبناء يعقوب عليه السلام يحسدون يوسف وشقيقه بنيامين على هذه المحبة والخصوصية لهما وهم يعتبرون أنفسهم جماعة أقوياء نافعين له وأحق بمحبته قال تعالى:






وازداد كره إخوته وحسدهم ليوسف خاصة لما علموا بأمرالرؤيا، ولذلك تآمروا فيما بينهم على ان يُفرقوا بينه وبين أبيه، وتشاوروا فيما بينهم على قتل يوسف أو ابعاده إلى أرض لا يرجع منها ليخلوا لهم وجه أبيهم أي لتتمحض محبته لهم عن شغله بيوسف، وقالوا سنتوب بعد ذلك لنكون من الصالحين، قال تعالى حكاية عنهم:





ولكن قائلا منهم قال لا تقتلوا يوسف، وأمرهم أن يلقوه في قعر البئر فيلتقطه بعض المارة من المسافرين فيأخذونه وبذلك يتخلصو منه.


قال الله تبارك وتعالى:





واخذ عليهم أخوهم يهوذا العهود أنهم لا يقتلونه، فأجمعوا عند ذلك على أن يدخلوا على يعقوب ويُكلموه في إرسال يوسف معهم إلى البرية ليلعب معهم ويأكل، لذلك دخلوا على أبيهم وطلبوا منه أن يسمح لهم باصطحاب يوسف إلى الصحراء وتعهدوا له أن يحافظوا عليه:





وكان يعقوب عليه السلام قد خطر له ما يضمره بنوه لأخيهم يوسف، وكان يعز عليه أن يذهبوا به لأنه كان يخشى عليه منهم، لذلك أراد أن يثنيهم عن هذا الأمر بقوله:




وهو كان يتخوف على يوسف من عدوانهم أكثر مما يتخوف عليه عدوان الذئب ولكنهم كانوا بارعين في الدهاء لذلك قال تعالي 

اي لئن أكله الذئب ونحن جماعة كثيرون نكون إذًا عاجزين هالكين.





أرسل يعقوب يوسف مع إخوته لئلا يشعروا أن أباهم يخشى عليه منهم فيدبروا له مكيدة في غيابه فأرسله معهم على كره ومضض، وما إن غابوا به عن عينيه انطلقوا به إلى البئر ليطرحوه فيه فخلعوا قميصه، فقال: يا إخوتاه، لم نزعتم قميصي؟ رُدوه علي أستر به عورتي ويكون كفنًا لي في مماتي، فقالوا له: ادع الشمس والقمر والأحد عشر كوكبًا تؤنسك، ثم أدلوه في البئر حتى إذا بلغ نصفها ألقوه إرادة أن يموت، فكان في البئر ماء فسقط فيه ثم أوى إلى صخرة فيها فقام عليها وجعل يبكي، فنادوه فظن أنها رحمة أدركتهم فأجابهم، فأرادوا أن يرجموه بالحجارة فمنعهم أخوهم ، ولما ألقوه في قعر البئر أوحى الله إليه أنه لا بد من فرج ومخرج من هذه الشدة والضيق ولتخبرن إخوتك بصنيعهم هذا في وقت يكون لك فيه العزة والسيادة عليهم وهم لا يعلون أمرك، قال الله تعالى :


.





بعد أن ألقى إخوة يوسف أخاهم في البئر أرادوا أن يخفوا جريمتهم، لذلك عمدوا إلى جدي من الغنم فذبحوه ثم غمسوا قميص يوسف عليه السلام في دمه ورجعوا إلى أبيهم يعقوب في وقت العشاء يبكون، وإنما جاءوا وقت العتمة ليكونوا أجرأ في وقت الظلام على الأعتذار بالكذب، فلما دنوا منه صرخوا صراخ رجل واحد ورفعوا أصواتهم بالبكاء والعويل، فلما سمع يعقوب عليه السلام صوتهم فزع وقال: ما لكم يا بني، هل أصابكم في غنمكم شىء؟ قالوا: لا، قال: فما أصابكم وأين يوسف؟ فقالوا له كاذبين: يا أبانا إنا ذهبنا للسباق والرمي بالسهام وتركنا يوسف عند متاعنا فأكله الذئب وأنت لست بمصدقنا ولو كنا صادقين.


قال تعالى:



وعندما سمع يعقوب عليه السلام كلام أبنائه وما ادعوه بكى وقال لهم: أين القميص؟ فجاءوا بالقميص عليه دم كذب وليس فيه خرق ويُروى أن يعقوب عليه السلام أخذ القميص وأخذ يقلبه وقال لهم متهكمًا: ما أحلم هذا الذئب الذي أكل أبني دون أن يمزق ثوبه!! وقال هذا الكلام تعريضًا بكذبهم وإيذانًا بأن صنيعهم ومكرهم هذا لم يمر عليه، قال تعالى:

أي لقد زينت لكم أنفسكم أمرًا غير ما تصفون فصبر جميل وربي المعين على ما تصفون من الكذب.




أقام يوسف عليه السلام في البئر ثلاثة أيام وكان البئر قليل الماء ومرت قافلة من القوم أمام البئر الذي ألقي فيه يوسف عليه السلام فبعثوا من يستسقي لهم الماء من البئر، فلما أدلى دلوه في البئر الذي فيه يوسف عليه السلام تعلق به، فلما نزع الدلو يحسبها قد امتلأت ماء، إذا بها غلام جميل حسن الوجه مشرق المحيا فاستبشر الرجل به وقال لأصحابه يا بشرى هذا غلام، فأقبل أصحابه يسألونه الشركة فيه واستخرجوه من البئر، فقال بعضهم لبعض: اكتموه عن أصحابكم لئلا يسألونكم الشركة فيه، فإن قالوا: ما هذا؟ فقولوا استبضعناه أهل الماء - أي وضعوه معنا بضاعة - لنبيعه لهم بمصر ولما استشعر إخوة يوسف عليه السلام بأخذ القافلة ليوسف عليه السلام لحقوهم وقالوا: هذا غلامنا(أي عبد لنا) أبق وهرب منا فصدقهم أهل القافلة فاشتروه منهم بثمن بخس وقليل من الدراهم المعدودة، قال الله تعالى: 



بيع يوسف لعزيز مصر ووزيرها


لما ذهبت القافلة ومعها يوسف عليه السلام إلى مصر، وقفوا في سوق مصر يعرضونه للبيع، فأخذ الناس في مصر يتزايدون في ثمنه ختى اشتراه منهم عزيزها وهو الوزير المؤتمن على خزائنها يقال له ((قطفير)) وكان ملك مصر يومئذ ((الريان بن الوليد)) وهو رجل من العمالقة، وذهب الوزير الذي اشترى يوسف عليه السلام به إلى منزله فرحًا مسرورًا بيوسف وقال لامرأته أن تكرمهولما رأى هذا الوزير في يوسف الذكاء والأمانة والعلم والفهم جعله صاحب أمره ونهيه والرئيس على خدمه وهذا إكرام من الله حيث قيض الله تبارك وتعالى ليوسف الصديق عليه السلام العزيز وامرأته يحسنان اليه ويعتنيان به، كما أنقذه من إخوته حين هموا في البداية بقتله إلى أن القوه في البئر ثم أخرجه منه ورفعه إلى هذه الكرامة والمنزلة الرفيعة عند عزيز مصر ووزيرها.


ولما بلغ يوسف عليه السلام شدته وقوته في شبابه وبلغ أربعين سنة ءاتاه الله الحكم والعلم وجعله نبيا وكذلك يجزي الله المحسنين من عباده القائمين بأمره المهتدين إلى طاعته، قال تعالى:

محنة يوسف مع امرأة العزيز



أقام يوسف عليه السلام في بيت عزيز مصر ووزيرها مُنعمًا مُكرمًا وكان فائق الحسن والجمال، فلما شب وكبر أحبته امرأة العزيز حبًا جمًا وعشقته وشغفها حبه لما رأت من حسنه وجماله الفائق.


وذات يوم قيل: كان عمر يوسف سبعة عشر عامًا أرادت امرأة العزيز أن تحمله على مواقعتها وما يريد النساء من الرجال عنوة، وهي غاية في الجمال والمال والمنصب والشباب، وغلقت الأبواب عليها وعليه، وتهيأت له وتصنعت ولبست أحسن ثيابها وأفخرها ودعته صراحة إلى نفسها من غير حياء وطلبت منه ما لا يليق بحاله ومقامه، والمقصود أنها دعته إليها وحرصت على ذلك أشد الحرص، ولكن هيهات هيهات.. وهو النبي العفيف الطاهر المعصوم عن مثل تلك الرذائل والسفاهات والفواحش. لذلك أبى يوسف عليه السلام ما دعته إليه امرأة العزيز، وامتنع أشد الامتناع ولأصر على عصيان أمرها وقال :معاذ الله، أي أعوذ بالله أن أفعل هذا، ثم قال لها: 

يريدُ أن زوجها صاحب المنزل سيدي - أي بحسب الظاهر للناس - أحسن إلي وأكرم مقامي عنده وائتمنني فلا أخونه في أهله، وأن الذي تدعينني إليه لظلم فاحش ولا يفلح الظالمون، يقول الله تعالى:



وأما إباء يوسف عليه السلام عن مطاوعة امرأة العزيز، وأمام عفته وإصراره على عدم الوقوع معها في الحرام،ازدادت هي إصرارًا على الهم بالرذيله فأمسكت به تريد أن تجبره على مواقعتها وارتكاب الفاحشة معها من غير حشمة وحياء، فصار عليه السلام يحاول أن يتخلص منها، فأفلت من يدها فأمسكت ثوبه من خلف فتمزق قميصه، وظلت تلاحقه وهما يستبقان ويتراكضان إلى الباب هو يريد الوصول إليه ليفتحه ليتخلص منها يدفعُه إلى ذلك الخوف من الله مولاه، وهي تريد أن تحول بينه وبين الباب تدفعُها إلى ذلك الشهوة الجامحة والاستجابة لوساوس الشيطان، وفي تلك اللحظات وصل زوجها العزيز فوجدهما في هذه الحالة، فبادرته بالكلام وحرضته عليه وحاولت أن تنسب إلى يوسف عليه السلام محاولة إغوائها والاعتداء عليها مدعية انها امتنعت وهربت فنسبت إلى يوسف الخيانة وبرأت نفسها، لذلك رد النبي يوسف عليه السلام التهمة عن نفسه وقال: هي راودتني عن نفسي، يقول تبارك وتعالى:


وأما قوله تعالى: 

فمعناه أن امرأة العزيز همت بأن تدفعه إلى الأرض لتتمكن من قضاء شهوتها بعد وقوعه على الأرض وهو هم بأن يدفعها عنه ليتمكن من الخروج من الباب لكن لم يفعل هو لأن الله ألهمه أنه لو دفعها لكان ذلك حجة عليه عند أهلها بأن يقولوا إنما دفعها ليفعل بها الفاحشة.


بعد أن اتهمت امرأة العزيز يوسف عليه السلام بأنه حاول الاعتداء عليها بالفاحشة وبرئة نفسها رد يوسف عليه السلام هذه التهمة عنه وقال: هي راودتني عن نفسي، وفي هذا الموقف أنطق الله القادر على كل شىء شاهدًا من أهلها وهو طفل صغير في المهد لتندفع التهمة عن يوسف عليه السلام وتكون الحجة على المرأة التي اتهمته زورًا ولتظهر برائة يوسف عليه السلام واضحة أمام عزيز مصر ووزيرها، فقال هذا الشاهد من أهلها:

أي لأنه يكون قد راودها فدفعته حتى شقت مقدم قميصه فتكون التهمة بذلك على يوسف، ثم قال:

أي لأنه يكون قد تركها وذهب فتبعته وتعلقت به من خلف فانشق قميصه بسبب ذلك وتكون التهمة بذلك على امرأة العزيز، فلما وجد العزيز أن قميص يوسف قد انشق من خلف خاطب زوجته وقال لها:

أي هذا الذي جرى من مكركن، أنت راودته عن نفسه ثم لتدفعي التهمة عن نفسك اتهمته بالباطل والبهتان.


ثم قال زوجها ليوسف عليه السلام بعد أن ظهرت براءته:

أي لا تذكره لأحد لأن كتمان مثل هذه الأمور في ذلك الحين أحسن، ثم أمر زوجته بالاستغفار لذنبها الذي صدر منها والتوبة ألى ربها وقال لها:

يعني من المذنبين الآثمين.





وبذلك ظهرت براءة يوسف عليه السلام ظهور الشمس في وضح النهار، وظهر للعزيز عفة يوسف عليه السلام، وأنه نزيه العرض سليم الناحية، وأنه منزه عن التهمة التي اتهمته بها امرأته زورًا وبُهتانًا.



شاع خبر امرأة العزيز ويوسف عليه السلام في أرجاء المدينة وأخذت ألسنة النساء من نساء الأمراء الكُبراء في الطعن على امرأة العزيز وعيبها، والتشنيع عليها وعلى فعلتها، كيف تعشق سيدة ذات جاه ومنصب فتاها وتراوده عن نفسه فتطلب منه مواقعتها، وبلغ ذلك امرأة العزيز فأرسلت إلى هؤلاء اللائمات من ذوات الثراء والجاه ودبرت لهن مكيدة حتى يعذرنها في حبها وغرامها ليوسف عليه السلام فجمعتهن في منزلها وأعدت لهن ضيافة تليق بحالهن، فقد هيأت لهن مكانًا أنيقًا فيه من النمارق والوسائد ما يتكئن عليه، وقدمت إليهن طعامًا يحتاج إلى القطع بالسكين، وقيل: ناولت كل واحدة منهن أترجة - نوع من الفاكهة - وسكينًا وقالت لهن: لا تقطعن ولا تأكلن حتى أعلمكن، ثم قالت ليوسف عليه السلام: اخرج عليهن، فلما خرج عليه السلام إلى مكان جلوس هؤلاء النسوة ورأينه بهرهن جماله وألهاهُن حُسنه الفائق وتشاغلن عما في أيديهن فصرن يحززن أيديهن ويقطعنها وهن يحسبن أنهن يقطعن الطعام والفاكهة، وهن لا يشعرن بألم الجرح، وأعلن إكبارهن وإعظامهن لذلك الجمال الرائع الذي كان عليه سيدنا يوسف عليه الصلاة والسلام، حيث ماظنن أن يكون مثل هذا الجمال في بني ءادم. ثم قلن: حاش لله ما هذا بشرًا إن هذا إلا ملك كريم،

عند ذلك باحت امرأة العزيز بحبها وشغفها بيوسف عليه السلام الذي بهرها جماله وملك عليها قلبها، وقالت للنسوة معتذرة في عشقها يوسف وحبها إياه: فذلكن الذي لمتني فيه، ثم ومدحت يوسف عليه السلام بالعفة التامة والصيانة، واعترفت وأقرت لهن بأنها هي التي راودته عن نفسه وطلبت منه ما تريد ولكنه استعصم وامتنع، وأخبرتهن أنه إن لم يطاوعها إلى ما تريد من قضاء شهوتها ليُحبسن في السجن ويكون فيه ذليلا صاغرًا.


قال الله تبارك وتعالى:


وقامت النساء يحرضن يوسف عليه السلام على السمع والطاعة لسيدته ولكنه عليه السلام أبى أشد الإباء ودعا ربه مستغيثا به فقال في دعائه: 

يعني إن وكلتني إلى نفسي فليس لي من نفسي إلا العجز والضعف ولا أملك لنفسي نفعًا ولا ضرًا إلا ما شاء الله فأنا ضعيف إلا ما قويتني وعصمتني وحفظتني وأحطتني بحولك وقوتك. فاستجاب الله تعالى دعوة نبيه يوسف عليه السلام وصرف عنه كيدهن ونجاه من ارتكاب المعصية معهن قال الله تعالى: 



قال الله تبارك وتعالى:

يذكر الله تعالى عن العزيز وامرأته وغيرهما أنهم بدا لهم وظهر لهم من الرأي سجن يوسف مع علمهم ببراءته إلى وقت، ليكون ذلك تخفيفًا لكلام الناس في تلك القضية، وليظن الناس بحبس يوسف عليه السلام أنه هو الذي راودها عن نفسها ودعاها إلى ذلك، ولذلك سجنوا يوسف الصديق ظلما وعدوانًا من غير جريمة اقترفها وارتكبها

ودخل السجن مع يوسف عليه السلام فتيان أحدهما رئيس سقاة الملك، والثاني رئيس الخبازين عنده، وكان الملك قد اتهمهما في دس السم له لاغتياله والتخلص منه، فسجنهما ورأى كل من ساقي الملك وخبازه في ليلة واحدة رؤيا شغلت فكرهما، أما الساقي فقد رأى كأن ثلاثة قضبان من الكرم والعنب قد أورقت وأينعت فيها عناقيد العنب فأخذها واعتصرها في كأس الملك وسقاه منها

ورأى الخباز على رأسه ثلاث سلال من خبز وضواري الطيور تأكل من السلة العليا، فقص كل من الساقي والخباز رؤيتهما على يوسف عليه السلام وطلبا منه أن يفسر لكل واحد منهما رؤياه ويعبرها لهما بعدما أعلمهما يوسف عليه السلام وأعلم أهل السجن بأنه يعبرُ الأحلام ويفسرها

وبعدما رأيا من يوسف الصديق في السجن من حسن السيرة وعظيم الأخلاق وكثرة عبادته لربه ما أعجبهما أشد الاعجاب، يقول تبارك وتعالى:

.


فلما استمع يوسف عليه السلام إلى الرجلين وسمع ما رأيا في منامهما من رؤيا قال لهما: 

أي مهما رأيتما من حلم ومنام فإني أعبره وأفسره لكما قبل وقوعه فيكون كما أول، ثم أخذ النبي يوسف عليه السلام وهو في السجن يدعو إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام، فدعا الرجلين اللذين طلبا منه أن يفسر لهما رؤييهما إلى عبادة الله وحده وترك عبادة الأصنام وأخذ يُصغر لهما أمر الأصنام ويحقرها لأنها لا تضر ولا تنفع وبين لهما أم ما هما عليه وءاباؤهم من عبادة أحجار هي عبادة باطلة لأن الله تبارك وتعالى هو وحده الذي يستحق العبادة لأنه هو المتصرف في خلقه وهو الفعال لما يريد الخالق لكل شىء، الذي يهدي من يشاء ويضل من يشاء

لقد أراد يوسف عليه السلام بحكمته أن يتحدث معهما في الأهم والأولى، وكانت دعوته لهما إلى عبادة الله وحده في هذه الحال في غاية الكمال لأن نفوسهما كانت مُعظمة ليوسف عليه السلام سهلة الانقياد على تلقي ما يقول بالقبول، فناسب من نبي الله يوسف عليه السلام أن يدعوما إلى ما هو الأنفع لهما مما سألا عنه وطلبا منه، يقول الله تبارك وتعالى إخبارًا عن يوسف عليه السلام وما قاله لصاحبيه في السجن:


ثم قال لهما:

.


أخبرهما بعد ذلك بتأويل رؤيهما فقال للأول وهو الساقي: أما الأغصان الثلاثة فثلاثة أيام يبعث إليك الملك بعد انقضائها فيردك إلى عملك ساقيًا.


ثم قال للخباز: السلال الثلاث ثلاثة أيام ثم يبعث إليك الملك عند انقضائهن فيقتلك ويصلبك ويأكل الطير من رأسك، قال الله تبارك وتعالى إخبارًا عن يوسف عليه السلام:



يقال: إن الرجلين لما سمعا تأويل رؤييهما وتعبيرهما من يوسف عليه السلام قالا: ما رأينا شيئًا فقال لهما: قضي الأمر الذي فيه تستفتيان.


وبعد أن عبر وفسر نبي الله يوسف عليه السلام رؤييهما طلب من الذي ظنه ناجيا من هذين الرجلين وهو الساقي: 

يعني اذكر أمري وما أنا فيه عند سيدك وهو الملك وأخبره أني محبوس ظلما، فأنسى الناجي منهما الشيطان أن يذكر ما وصاه به يوسف عليه السلام، فلبث يوسف عليه السلام في السجن سبع سنوات، وكل هذا بمشيئة الله وإرادته




هنا يكون الجزء بتاع النهاردة خلص و بكرة ان شاء الله هنعرف ازاي هيخرج سيدنا يوسف من السجن و ازاي هتظهر برأته؟؟ و ازاي هيقابل اخواته من تاني و ازاي هيرجع لابيه ؟؟

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق