تهديداته
للرنتيسى
كثرت
التصريحات الصادرة عن دحلان والتى تهدد الرنتيسى بشكل مباشر أو غير مباشر، فبالإضافة
إلى ما ذكرناه، كان يحرض رئيس سلطة الحكم الذاتى على الشهيد عبر رسائل متوالية
استطاع أحد المقربين من حركة حماس تسريب إحدى هذه الرسائل الممهورة بتوقيع دحلان
مرفقة بتقرير مفصّل، وهذا هو نصّها:
الأخ
الرئيس القائد العام.. تحية الوطن
وبعد.. نرفق لسيادتكم مقابلة خاصة للدكتور الرنتيسي، وهى مقابلة حديثة، وسواء أنكر
الرنتيسى ما جاء فيها أم لا، كما جاء فى بيان حماس الذى ينفى المقابلة، فهى لم تأتِ من فراغ..) إلى آخر
الرسالة.
عدا عن
الرسائل والمناشير السرية والنشرات التى تهدف إلى شقّ صفّ حماس، والتى كانت تتلقى
دعماً مباشراً من الأمن الوقائى، وادعاء الأسماء العديدة مثل (تلاميذ المهندس) و(كوادر
حماس)، والتى كانت تهاجم الدكتور الرنتيسى زاعمة أنه يريد الاستحواذ والسيطرة على
قاعدة حماس، وأنه يسمى نفسه
(أسد غزة)، وأنه يسعى إلى تحييد الشيخ أحمد ياسين عن قيادة الحركة ببطء
وتدرج تلقائى.
عدا عن كل
ذلك فإن دحلان لم يُخفِ عداءه للرنتيسى، حيث هاجمه أكثر من مرة فى تصريحاته، وقال
عنه فى الاجتماع الشهير لرجال الأعمال فى غزة: الرنتيسى
هذا الفتنة المتحركة، شخص جاهل وأمى يظنّ نفسه الملا عمر (أمير حركة طالبان) –وهنا
الإشارة الواضحة أيضاً فى حقده بسبب أمور يتميز فيها الدكتور (العلم والقيادة.
ومما قاله
أيضاً فى محادثة هاتفية مع الصحافى جهاد الخازن نشرها فى الصفحة الأخيرة (عيون
وآذان) فى أكتوبر2002، أنه مستعد لإرسال عشرة رجال لقتل الدكتور عبد العزيز
الرنتيسى ومن ثم يقوم باعتقالهم.
وقد أكد
الخازن فى رد آخر فى الصفحة نفسها فى يوليو2004 هذه المحادثة، وأن دحلان هدّد فعلاً
بقتل الرنتيسي، وأنه رآه فى القاهرة بعد النشر وعاتبه على ما نشر، فردّ يومها
الخازن عليه مذكراً إياه أنه نشر نصف ما قاله ذلك
اليوم.
تهديده الدائم
لحماس
يركن
العقيد دحلان ويطمئن إلى القواعد التى انتهجتها حركة حماس فى الشئون الفلسطينية
الداخلية، وهى حرمة الدم الفلسطينى والحرب الأهلية خط أحمر، والرصاص الفلسطينى لا
يوَجّه إلا إلى العدو.. غير أنه فوجئ بما اعتبره تهديداً مباشراً، واعتبرته مصادر
فى حماس تأكيداً على القواعد المذكورة.
فقد رشح عن
إحدى جلسات الحوار الخاصة فى القاهرة، حيث أثار الغبار ورفع الصوت بعد أزمة مقتل
العقيد راجح أبو لحية، واتهم حماس بأنها بدأت بنهج اغتيالات وتصفيات، محرضاً
الجانب المصرى ضد ممثلى الحركة فى الاجتماع، فشرح الصورة ممثل حركة حماس مؤكداً
على الثوابت المذكورة، غير أنه أصرّ بصوت عالٍ وعدم التزام بأخلاق الاجتماعات
الرسمية، فما كان من أحد مندوبى حركة حماس إلا أن عاد وأكد على الثوابت، وأردف
يقول: يوم تتخلى حماس عن هذه الثوابت، فسيكون أول رأس يُطاح به هو رأسك، فاطمئن!
فبُهت
دحلان وسكت، وسط بسمات مكتومة على وجوه الحضور فى ذلك الاجتماع.
نبذة
عن ممارسات السجّان دحلان!
مع وصول
دحلان إلى قيادة جهاز الأمن الوقائى تمّ اقتحام ومداهمة مئات المنازل الفلسطينية،
من قبل عناصر الأمن الوقائى واعتقال الشباب الذين يشتبه بانتمائهم إلى حماس،
المشهد أسوأ مما كان يقوم به جيش الاحتلال الصهيونى.
ولم يتوقف
المشهد الدحلانى عند هذا الأمر بل تمّ إطلاق النار على الكثير من المقاومين، وأصيب
العشرات منهم بجراح، ولاقى من فى السجون الأمرّين من التعذيب، فكل ما مارسه زبانية
العدو الصهيونى طبّقه عناصر دحلان على أبناء حماس، وتمّ تعليق الشباب لساعات طويلة
ووضع الأكياس العفنة فى رؤوسهم وتوجيه الألفاظ البذيئة لهم، والاعتداء عليهم
بالضرب المبرح، وتقييدهم من اليدين والرجلين، والضرب فى مناطق حساسة من الجسم،
ونتفت لحاهم، وأصيب عدد من الشباب بحالة صمّ مؤقتة نتيجة وضعه فى زنزانة مع فتح
مسجل يبث أغانى أجنبية بصوت عال جداً، ولوحق كبار القادة وتعرّضوا للإهانة أمثال
د. محمود الزهار والشيخ أحمد بحر، ولقى الدكتور الشهيد إبراهيم المقادمة العذاب
الشديد بأساليب حقيرة.
أما
المؤسسات الإسلامية فكان لها نصيب كبير من الملاحقة، حيث تم اقتحام عشرات
المؤسسات وفتشت مقراتها بدقة وصودرت وثائقها وملفاتها واعتقل قادتها وموظفوها وأغلقت
بقرار السلطة.
ومنع
الخطباء والعلماء والدعاة المسلمين الذين يشتبه أنهم مقربون من حركة حماس من
الخطابة وإلقاء الدروس فى المساجد، وعينت وزارة الأوقاف بالتنسيق مع أجهزة الأمن
خاصة الأمن الوقائى عناصر موالين لها سواء فى الخطابة أو الإمامة أو رعاية
المساجد، وجدد رجال دحلان التدقيق فى الموظفين الحكوميين ومعرفة ميولهم السياسية
وتمّ فصل العديد منهم الذين اشتبه أن فكرهم قريب من حماس، وشدد فى التوظيف ألا
يكون المتقدم لأى وظيفة
من حماس!
لم يخف
دحلان علاقاته مع الإسرائيليين فهذا ما تقتضيه (المصلحة الوطنية)، وبرز واضحاً مدى
ثقة الإسرائيليين به، وتحت التعذيب الشديد لأعضاء فى كتائب القسام أبطل دحلان
عملية كبيرة داخل الكيان الصهيونى وتحديداً فى شركة (سيلكوم) اللاسلكية وأخبر جهاز
المخابرات الصهيونى عن مكان حقيبة للمتفجرات، وفى مرحلة أخرى اعتقل عدداً من
المجاهدين خلال توجههم لتنفيذ عمليات استشهادية، وبفعل التعذيب الشديد أيضاً تمكن
من الحصول على معلومات حول مكان رفات الجنديين الصهيونيين إيلان سعدون وآفى سبورتس
الذين خطفتهما وقتلتهما حماس نهاية الثمانينات.
وأكد كثير
من معتقلى حماس
لدى المخابرات الصهيونية على أنهم وجدوا كثيراً من المعلومات التى حصل عليها محققو
دحلان بين أيدى الصهاينة،
الأمر الذى يعكس طبيعة العلاقة بين دحلان والإسرائيليين، ولم يكن دحلان ينفيها بل
كان تعليقه أن الناس لا تدرك الفرق بين التنسيق الأمنى والتعاون الأمنى.
وشكل دحلان
فرقة للقتل ضمت عناصر شابة لا تدرك حقيقة ما ترتكبه بحق شعبها، بدأت بقتل هشام مكى
رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينى جهاراً فى وضح النهار لأسباب
متعددة، وكانت يده المسلطة على رقاب الناس فى الردع والإرهاب، وأصبح اسم فرقة
الموت يتردد فى كل شارع من غزة فى محاولة لتخويف الناس.
ومع أواخر
التسعينات بدأ دحلان خطوات متقدمة للاتجاه إلى العمل السياسى وأوعز إلى زوجته لتصبح سيدة مجتمع
بإنشاء جمعية أطلق عليها اسم (المركز الفلسطينى للتواصل الإنسانى)، وأنشأ مع
مجموعته نفسها مركزاً للدراسات (ناشد) ترأّسه خالد اليازجى الذى عيّنه فيما بعد
مسئول العلاقات الخارجية فى وزارة الداخلية.
ويتصرف
دحلان حالياً على أنه الرئيس القادم حتى ولو على قطاع غزة، ومن مشاهد ذلك السيارة
الفارهة المضادة للرصاص، والفيلا المقابلة لفيلا أبو مازن قرب شاطىء
البحر التى استأجرها له الأمريكان، ويرسلون له الدولارات عبر شحنات بريدية مباشرة
دون وسيط بنكى حتى لا تظهر فى حساباته ويغدق بها محاسيبه وأعوانه، وحوّل الفيلا
إلى أكثر من وزارة بل مركزاً رئيسياً لتحركاته ونشاطاته وتحظى الفيلا بحراسة أمنية
مشددة، وبدأ يسوق نفسه بين العشائر والعائلات ويزورها فى المناسبات المختلفة،
ويعقد لقاءات شعبية، وينادى بالإصلاح.
تصاريح
محمد دحلان ضدّ الانتفاضة والمقاومة لم تتوقف يوماً، فهذه المقاومة كانت تمثّل
تهديداً مباشراً لطموحه وخططه بالسيطرة على السلطة الفلسطينية وتنفيذ مشروعه
السياسى الذى ليس له حدود من التنازلات، ويظهر مدى استعداده للتنازلات من
انتقاداته المستمرّة للسلطة الفلسطينية لعدم قبولها بمقترحات (كامب ديفيد 2)، مع
أن إيهودا باراك اعترف بنفسه أخيراً بأنه لم يعرض شيئاً، لكن دحلان يسعى جاهداً
لنيل اللاشيء الذى حرمته منه الانتفاضة والمقاومة فشنّ الحملة الشعواء على
قيادتها.
الانتفاضة
جلبت الاحتلال
لم يتورّع
دحلان عن توجيه انتقاد حاد للانتفاضة خلال لقاء جمعه مع جمعية رجال الأعمال فى غزة
فى شهر أكتوبر2002 وممّا جاء على لسانه فى هذا اللقاء العاصف (يجب أن تكون
الانتفاضة سلمية وأخطأنا باستفزاز المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ردود الفعل
الفلسطينية على أشكال العدوان الصهيونى يجب أن تدرس فى كل مرة، أنا أريد أن أساوم
سياسة وأنا أول من قلت إن هدف الانتفاضة تحسين شروط التفاوض، وعندها حماس
هاجمتنى فى
بيان وأذكر أن الجميع كان يقول هدف الانتفاضة دحر الاحتلال فإذا بالاحتلال يحضر
إلينا، يجب وقف قصف الهاون بالقوة، نريد انتفاضة بـ (الريموت كونترول) ومن يدعى
أننا لا نستطيع استمرار الانتفاضة بالريموت كنترول)، ورغم هذا التصريح الذى يحاول
تبديد إنجازات الانتفاضة، فقد حاول دحلان قطف منجزاتها- وهو الذى طعنها فى ظهرها
وصدرها- حين صرّح فى 3مارس 2004 تعليقاً على خطة شارون للانسحاب من غزة (إن
الانسحاب يعتبر أكبر إنجاز حققته الانتفاضة).
فهل يستطيع
الآن أن يعترف بصدق رؤية حماس للواقع؟
وفى لقائه
مع رؤساء تحرير الصحف فى الأردن حاول دحلان إثارة الإحباط بالنفوس من الانتفاضة من
خلال تعداد المآسى فقال (المقولات المتداولة على مستوى القيادة الفلسطينية فى
وصفها للشعب الفلسطينى بأنه
غير قابل للانحناء بأنه كلام ما يجيب رأسماله). وطالب القيادة بالنزول إلى رفح
لترى كيف هدمت إسرائيل ثلاثة آلاف منزل، وإلى بقايا جنين، وأشار إلى وجود سبعة
آلاف وخمسمائة أسير فلسطينى فى السجون الإسرائيلية، وسقوط ثلاثة آلاف قتيل خلال
سنوات الانتفاضة الثلاثة، وقال إن ألفين منهم كان بالإمكان إنقاذهم من الموت
–وطبعاً هو يقصد من خلال وقف الانتفاضة-.
صحيفة
(يديعوت أحرونوت) العبرية نشرت نص لقاء جرى بين دحلان، يوم كان وزير الأمن الداخلى
فى حكومة أبى مازن، وعاموس جلعاد، منسق شئون الاحتلال، الصحيفة نقلت عن دحلان
تعهده بأن يستتب الهدوء التام قريباً: (قد نشهد فى الأسابيع الأولى (بعد وقف
النار) حادثة هنا أو هناك. لكن خلال شهر كل شيء سينتهي.. إنها نهاية الانتفاضة.
خلص، انتهت
وانتهت معها العمليات (المسلحة والاستشهادية)، تبقى خلايا لا تتلقى أوامر بإطلاق
النار من أحد ولا من الرئيس الفلسطيني.
خلال عشرة
أيام ستنضم هذه الخلايا إلى اتفاق الهدنة). ويتعهد دحلان أيضاً بمعالجة (التحريض)
الفلسطينى على (إسرائيل) (لن يحصل تحريض بعد اليوم).
نقلت الصحف
فى27/7/2003 لقاء جرى بين محمد دحلان ووزير الخارجية الأمريكى كولن باول ومستشارة
الأمن القومى كونداليزا رايس. وقد طلبا منه معرفة كيف يتم الحفاظ على وقف النار.
فردّ دحلان (إنى تحدثت
مع 200 مطلوب، أنا شخصياً. كان هناك من أقنعتهم بوقف العمليات، وكان هناك من لم
أقنعهم، ولكنى حذرتهم).
كيف فعلت ذلك سألت رايس، أجاب دحلان (مع معظمهم هاتفياً، ومع 20سجيناً موجودين
داخل السجون فى (إسرائيل)
تحدثت بشكل غير مباشر).
وفى
26يوليو2003 نشرت صحيفة الحياة اللندنية أن محمد دحلان ناقش مع كوندوليزا رايس فى
واشنطن خطته التى تركز على شراء الأسلحة التى فى حوزة المجموعات الفلسطينية
المسلحة، وتقضى الخطة بأن يُدفع 6000 دولار لقاء كل بندقية يتم شراؤها من
(المجموعات الفلسطينية المسلحة، ويدفع هذا المبلغ الحكومتان الأميركية والبريطانية
والاتحاد الأوروبي. كتائب الأقصى هاجمت فى بيان لها محمد دحلان على هذه الأخبار
المؤكدة ووصفته بأنه (مشروع أمريكى/إسرائيلى)، وأنه شخص تم فرضه على السلطة
الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطينى، وأكدت الكتائب عدم الثقة بمحمد دحلان عندما
يتحدث عن أو باسم كتائب شهداء الأقصى.
وفى8/8/2003
نشرت صحيفة معاريف العبرية أن محمد دحلان تعهد لكوندوليزا رايس بأن يعمل على تأميم
مؤسسات حماس ومصادرة سلاح منظمات (الإرهاب.
ولكن لا
يبدو أن طريق دحلان سهل، ولا سيما حين يفعل عرفات كل شيء كى يضع له العصى فى العجلات. وهذه الحقيقة أدت بـ
دحلان المحبط إلى استخدام تعابير لا سابق له ضد زعيمه، وحسب تقارير عن جهات
أمريكية وإسرائيلية قال دحلان (هذا الكلب –يقصد عرفات-، هذا الكذاب، يهدم كل شيء،
يفجر كل شيء، لا يسمح لنا بعمل أى شيء.
لم يتوان
محمد دحلان فى لقاء عام جرى فى غزة ونشرته صحيفة نيويورك تايمز بأن سمّى المقاومة
الفلسطينية بالإرهاب، وانتقد قادة فتح وقال:
إنهم ضد
الانتفاضة، وفى الوقت ذاته هم مع الانتفاضة هم ضدّ الإرهاب وفى الوقت نفسه مع
الإرهاب.
ونقلت
الصحيفة عنه أيضاً أن الوقت حان لاتخاذ قرار لأننا عند مفترق طرق، إما أن نحصل على
استقلال فلسطينى، أو نذهب إلى وضع مماثل لوضع الصومال.
فى محاضر
قمة العقبة التى نشرتها الصحف الإسرائيلية، ولم ينفها دحلان، قال الأخير لـ أرييل
شارون (نحن بدأنا العمل بكثافة، ووضعنا أخطر الأشخاص من حماس والجهاد وكتائب
الأقصى تحت المراقبة. بحيث لو طلبتم الآن منى أخطر خمسة أشخاص فإنى أستطيع أن أحدد
لكم أماكنهم بدقة، وهذا يمهد لردكم السريع على أي عمل يقومون به ضدكم. ونعمل الآن
على اختراق صفوف التنظيمات الفلسطينية بقوة حتى نتمكن فى المراحل القادمة من
تفكيكهم وتصفيتهم). ويضيف دحلان (أما بالنسبة لكتائب الأقصى فقريباً ستصبح الكتاب
المفتوح أمامنا بعد تصفية أهم القيادات فيها).
وفى تجاهله
لتأثير صواريخ القسام على (إسرائيل) والتقارير التى تحدّثت عن الانهيارات النفسية
التى تحدث فى صفوف الإسرائيليين من جراء سقوطه على المستوطنات، وصف دحلان إطلاق
صواريخ القسام بـ(الاستهبال)، بل ووصل به الأمر إلى اتهام حماس بأنها كانت السبب
وراء فرض الحصار الإسرائيلى على عرفات من جراء عملياتها. لمّا اشتدّ نقد محمد
دحلان لجبريل الرجوب أصدر الأمن الوقائى فى الضفة الغربية تعميماً يفضح تعاون
دحلان فى تسليم المجاهدين فى بيتونيا، ومما جاء فى التعميم (كان محمد دحلان يعلم
ويشارك فى اجتماع القيادة الفلسطينية يوم الخميس28/3/2002 والذى أفضى
عن قرارات من أهمها اعتقال المزيد من المعتقلين السياسيين وبالأخص أهم عشرة
مطلوبين فى منطقة رام الله. وتم الاتفاق على إصدار بيان من قبل الرئيس عبر وسائل
الإعلام يعلن فيه الرئيس وقف إطلاق النار وإجراء اعتقالات فورية).
فرّق
تسد
طالما حاول
دحلان ضرب المقاومة من خلال إثارة النعرات الحزبية والمناطقية الضيقة وإيقاع فتح
بصدام مع الفصائل الأخرى ليسهل الاستفراد بالمقاومة، وأحياناً إثارة العصبيات
المقيتة داخل فتح نفسها حين يُطلِق الإشاعات
عن استئثار القيادات الغزاوية (زكريا الآغا، أحمد حلس وغيرهم) بقيادة فتح مع أن
اللاجئين هم أولى بحمل هذه المسئولية، حسب تصاريحه العدائية.
يقول دحلان
إن النشاط الإصلاحى داخل حركة فتح أغاظ كثيرين وأربكهم، وخاصة حركة حماس، لأن
إصلاح فتح والسلطة لا يُبقى لها
شيئاً لجهة مقاتلة ومكافحة فساد السلطة، وأضاف دحلان إن تياره لا يراهن على وقوف
أحد إلى جواره غير حركة فتح وجمهورها، ولذلك يقول أن فتح هى التى تحركت. وزعم دحلان أن حماس
تريد بقاء فساد السلطة وفتح كى تظهر فى مظهر الأصلح لقيادة الشعب
الفلسطيني، وتعامى عن أن حماس كانت أكثر المتضرّرين من فساد السلطة الذى تسبب فى
اعتقال الآلاف من مجاهديها واستشهاد بعضهم تحت التعذيب فى سجون السلطة، إضافة لما
لحق بالشعب الفلسطينى من أذى جراء هذا الفساد. ولم يكتف دحلان بانتقاد حماس بل
أعلن معارضته العلنية لأي تحالف مع الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين/القيادة العامة أحمد جبريل، وقال (جبريل أوغل فى دمائنا فى طرابلس).
إن محمد
دحلان يفتقر بتصاريحه العدائية ضد الفصائل الفلسطينية وصراعاته داخل حركة فتح
وتاريخه المريب الكثير من الصفات التى يجب أن يتّصف بها كل من يطرح لنفسه دوراً فى
قيادة هذا الشعب. فالفصائل الفلسطينية لا تكنّ له أي ودّ، ولا يملك أي نفوذ داخل
حركة فتح فى الضفة الغربية والشتات الفلسطيني، وهناك من يواجه مشروعه من قيادات
فتح فى غزة، إذاً هو ليس أكثر من زعيم (لشلة) فى غزة.
فى البداية
التزمت إسرائيل -الرسمية-
الصمت حيال ما جرى من صراع على مقاليد الأمور فى حركة فتح وفى السلطة بين دحلان من
جهة وبين ياسر عرفات من جهة أخرى، تمهيداً للسيطرة على قطاع غزة مستقبلاً بعد
تنفيذ خطة فك الارتباط. لكن منذ البداية كان موقف (إسرائيل) معروفاً مما جرى من
أحداث. فقد قال وزير الحرب الصهيونى شاؤول موفاز تعليقاً على ما جرى موقف إسرائيل
معروف، فنحن مع كل قيادة فلسطينية تكون بديلاً عن عرفات وتكون قادرة على التوصل
معنا إلى ضبط الأمن على حدودنا مع قطاع غزة بعد تنفيذ خطة فك الارتباط.
اكتفاء
(إسرائيل) الصمت أو بالتصريحات الفضفاضة إزاء ما جرى كان نابعاً من حرص إسرائيلى
على عدم التخريب على دحلان كما قال وزير القضاء الإسرائيلى يوسيف لبيد، الذى قال (نحن نتطلع
إلى أن يتولى شخص مثل دحلان قيادة السلطة فى قطاع غزة ويكون قادراً على ضرب حماس
والجهاد، لكن يتوجب علينا ألا نقوم بمعانقة دحلان عناق الدببة، حتى لا تظهر حركته
كما لو أنها كانت فيلماً إسرائيلياً)، على حد قول لبيد. رئيس الوزراء الصهيونى
أرييل شارون علّق بشكل عام على ما يجرى أمام وزرائه منوهاً إلى ما يعتبره (إنجازاً
كبيراً) حيث
قال (هناك البعض حتى من بين الوزراء الذين يجلسون حول هذه الطاولة من شكك فى
صوابية الخطوة التى أقدمت عليها عندما أعلنت أنه يتوجب تغيير قيادة السلطة
الفلسطينية وباستبدالها بقيادة تكون قادرة ومستعدة للتجاوب مع مصالحنا الأمنية،
وهاهم بعض الفلسطينيين يتوصلون إلى نفس القناعة التى حاولت القوة الإسرائيلية
تجسيدها على أرض الواقع).
لكن بخلاف
ما كان يتمناه فلم يصمت الإسرائيليون طويلاً كعادتهم، وفاجأوه بالحديث عن حقيقة
الاتصالات التى ربطته بهم عندما كان يشرع فى تنفيذ خطته الهادفة للسيطرة على حركة
فتح، ومن ثم على السلطة الفلسطينية بشكل كلى، فقد كشف مدير مكتب رئيس الوزراء
الإسرائيلى دوف
فايس جلاس أن اتصالات حثيثة جرت بين دحلان واثنين من أكثر قادة
الأجهزة الأمنية الصهيونية تطرفاً فى قمع الفلسطينيين، ومن ناحية ثانية يُعتبران
من أكثر المراهنين على دور دحلان لتحقيق الأهداف الإسرائيلية. فقد تبين أن دحلان
يجرى اتصالات مع كل من آفى ديختر، رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية
(الشاباك)، وهو الجهاز الذى يتولى بشكل عملى مهمة قمع الشعب الفلسطيني،
والتصدى لمقاومته
الباسلة، فضلاً عن أن ديختر –وبخلاف بقية قادة الأجهزة الأمنية- مازال يدعى أن
القوة العارية وحدها القادرة على وقف المقاومة، أما الثانى فهو الجنرال عاموس جلعاد، مسئول قسم
التخطيط السياسى فى وزارة الحرب الصهيونية، وهو من كشف زميل سابق له بأنه قام
بـ(فبركة) تقييمات استخبارية من أجل إقناع الحكومة الإسرائيلية بأن رئيس السلطة
الفلسطينية ليس أهلاً لأن يكون شريكاً للدولة العبرية فى أي تسوية سياسية، إلى
دعوة جلعاد إلى قتل عرفات. فهل كانت مجرد مصادفة أن يختار دحلان الاتصال
بهذين المتطرفين من بين قادة الأجهزة الأمنية؟
رهانات
إسرائيلية علنية على ما جرى
الذى كان
بادياً للعيان منذ أن انطلقت حركة التمرد التى أعلن دحلان تأييدها لها، هو استغلال
(إسرائيل) لها فى كل المجالات، على الشكل التالى.
حرص
الناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية على استغلال عمليات حرق المؤسسات العامة
واختطاف المسئولين، وهى عمليات قام بها من يتسترون بدعوات الإصلاح فى الساحة
الفلسطينية فى شن حملة إعلامية دعائية، بالقول أن مثل هذه التصرفات تثبت أن
الفلسطينيين لا يستحقون الحصول على دولة، وكيان سيادي، كما قال ذلك صراحة وزير
الدولة الإسرائيلى عوزى لانداو.
تشتيت جهد
المقاومة: التقييمات التى أعدتها المؤسسات الاستخبارية الإسرائيلية فى مطلع
الأحداث أكدت أن هذه الأحداث ستفيد الدولة العبرية، إذ إنها ستعمل على تشتيت جهود
الفلسطينيين وبالذات حركات المقاومة، حيث إن هذه الأحداث ستشد الأذرع العسكرية فى
هذه المرحلة أو تلك للانخراط فيها، وترك المواجهة مع (إسرائيل). وسائل الإعلام
الإسرائيلية حرصت على ترديد البيانات التى يطلقها الفرقاء فى فتح من أجل تشجيع
مواصلة الاحتكاك. وتطوعت وسائل الإعلام الإسرائيلية لإجراء عشرات المقابلات مع ممثلى
الفريقين لتحقيق نفس الغرض دون أن يعى أي منهم خطورة ما يقدمون عليه، فى
الوقت نفسه فإن انخراط عناصر الأجهزة العسكرية
فى الأحداث يسهّل عمليات رصدهم وإلقاء القبض عليهم والمسّ بهم، بسبب ميلهم للتحرك
بشكل أكبر وعلنى فيتم رصد تحركاتهم من قبل العملاء والمنظومة الاستخبارية
الإسرائيلية التى تعمل على مدار الساعة.
المسّ
بصدقية حركات المقاومة: أكد عدد من المعلقين الأمنيين والمختصين بالشئون
الفلسطينية من الصحافيين الإسرائيليين أن الأحداث عملت على المسّ بصدقية الحركات
الفلسطينية فى أوساط الرأي العام الفلسطيني. وأشار رونى دانئيل مراسل القناة الثانية فى
التلفزيون الإسرائيلى إلى
أن القيادات العسكرية الإسرائيلية تبدى ارتياحها لأن انشغال جهات تدعى انتسابها
إلى أذرع عسكرية يؤدى فى النهاية إلى المسّ بصدقية هذه الأذرع، وبالذات (كتائب
شهداء الأقصى)، حيث نشط معسكر دحلان وكذلك موسى عرفات فى تجنيد الكثير من
منتسبى الأجهزة
الأمنية الذين ادعوا أنهم أعضاء فى (كتائب شهداء الأقصى).
فرض جدول
أولويات جديد للشعب الفلسطيني: وهناك نقطة أبدى الإسرائيليون ارتياحهم لها،
وهى حقيقة
أن الأحداث الأخيرة فرضت جدول أولويات مغايراً للشعب الفلسطيني. فبدلاً من التركيز
على مقاومة الاحتلال والتجند لمواجهته تمّ إلهاء الناس بالحديث عن (الإصلاح) المزعوم.
هناك بعض
المراقبين من قال إن التدخل الإسرائيلى فى الصراع داخل فتح تعدى مرحلة الرهان إلى
مرحلة التدخل العملى والتنسيق مع معسكر دحلان. ومنهم من قال أن تعمد (إسرائيل)
تشديد الخناق على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة بالذات أثناء بدء عملية
التمرد، كان الهدف منه منح
المناخ المناسب لحركة دحلان بالنجاح.
لكن على كل
الأحوال فقد أقرت إسرائيل بفشل مخطط دحلان وانهياره بشكل كبير، وقد ادعى رئيس شعبة
الاستخبارات العسكرية الإسرائيلى أهارون زئيفى فركش، أمام لجنة
الخارجية والأمن التابعة للكنيست أن حركة دحلان فشلت، لأنها بدات مبكرة ولأنه لم
يستخدم كل قوته فى المواجهة. لكن ما لم يقله فركش هو أن الشعب الفلسطينى هو الذى
أحبط هذه الحركة، لأنه يعى أن الذين يطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد ليسوا أقل
فساداً من خصومهم.
من غزة إلى
تونس مسافة قريبة قطعها محمد دحلان بسرعة. من عنصر صغير فى فتح إلى قائد لجهاز
الأمن الوقائى إلى وزير فى حكومة السلطة. مواقع تنقّل فيها محمد دحلان بسرعة.
من
الموالاة الشديدة دفاعاً عن الرمز والسيد الرئيس ويابا والختيار، إلى معارض
وانقلابى ومهدِّد بمهلة (عشرة أيام) لإسقاط عرفات.
من عضو فى
(عصابة الأربعة) وعرابفى مافيا الفساد ومختلس للأموال، إلى (مصلح) سياسى واجتماعى،
من قائد لجهاز الأمنى قمع كل من يرفض أوسلو أو يقاوم الاحتلال أو يعارض السلطة،
إلى متظاهر يحتل مراكز السلطة ويخرّب مقرّاتها
ويعبث بالأمن الداخلى.
محمد دحلان
له طموحاته وأهدافه، لكنه هو (ابن مشروع) و(أداة) و(صاحب مخطط) يتوافق كلياً مع
البرنامج الصهيونى–الأمريكى حارب المقاومة والمقاومين حين دعى لذلك، والآن جاء ليحارب فتح
والسلطة، وغداً سوف يحارب فلسطين والفلسطينيين.
هل هو مصلح
فعلاً ومحارب للفساد.. أم أنه يحمل أجندة ضدّ غزّة لما بعد خطة شارون،
الإسرائيليون شجعوا دحلان قبل فترة على (تحمل مسئولية) فى قطاع غزة لقطع الطريق
على حماس، فاستغلّ العقيد الإشارة وأطلق رصاصاته باتجاه الجميع.
هنا
القصة الكاملة عن حياة وصعود محمد دحلان :
لم يكن
ليصل رئيس أكبر دولة فى العالم إلى هذا الإعجاب الشخصى لو لم يقدّم العقيد محمد
دحلان خدمات جليلة للإدارة الأمريكية، ولملم يطلع الرئيس الأمريكى شخصياً على
تاريخ طويل من قصة الصعود (الأكروباتية) لهذا الشاب المدعوّ محمد دحلان.
هذا الكلام
صدر عن الرئيس الأمريكى السابق بوش فى ذروة التدخل الأمريكى فى القضية الفلسطينية
إبان انتفاضة الأقصى، حيث حضر الرئيس الأمريكى السابق بوش يومها إلى قمّة العقبة
فى يونيو2003، فرحاً بالنصر الذى حقّقه قبل شهرين فى بغداد، عاقداً العزم على خلق
أنظمة جديدة فى المنطقة تتساوق مع الفك الصهيونى وتتعاون معه، وإخماد ما تبقّى من
حركات أو دول تقاوم المشروع الأمريكى فى المنطقة.
كما أن هذا
الكلام جاء بعد تقديم دحلان تقريراً مفصلاً عن الوضع الأمنى فى الضفة وغزة، عرضه أمام بوش
وشارون وعقّب عليه قائلاً: إن هناك أشياء نستطيع القيام بها)، طالباً المساعدة
الأمنية الأمريكية لأجهزته.
فى الطريق
إلى هذه (القمّة) قطع
دحلان مسافات وحرق مراحل وقفز مراتب ورُتَب فى الهرم السياسى الفلسطيني، ولكن
الهرم لم يكن فلسطينياً أو عربياً فقط، بل إن كثيراً من مراحله يكتنفها الغموض، أو
قل وضوح العوامل الخارجية المعادية.
فما
قصّة هذا الصعود؟!
كل مرحلة
من مراحل عمره بناها دحلان على كذبةٍ وادعاء، رغم أن تاريخه معروف وأصدقاءه أحياء
ومعاصريه من ذوى الذاكرة الحية الطرية.. ادعى النضال منذ نعومة أظفاره وادعى
الاعتقال عشر سنين وادعى تأسيس الشبيبة الفتحاوية وادعى مساعدة أبو جهاد خليل
الوزير فى توجيه الانتفاضة.. فى حين أن كل فترة من هذه الفترات اكتنفها غموض
فوضّحتها وقائع سردها أكثر من طرف. جيران طفولته وزملاء دراسته ورفاق تنظيمه وأصدقاء
(تَوْنَسَتِهِ) ومنافسو
زعامته و... و..
منذ أن ولد
محمد دحلان لزمته صفة (الشراسة والنزق)، كان من أطفال الحي الذين لا يُنهون يومهم
من دون معركة مع أقرانه، الأمر الذى ترك الكثير من علامات شقاوة الفتيان على أنحاء
جسده. كان متوسط المراتب فى المدرسة، غير منتبه لتحصيله العلمي، يميل إلى الإهمال
فى علاقاته الاجتماعية، ولم يكن لبقاً أو متحدثاً، بل كان عصبى المزاج سريع الغضب
كثير السباب والشتم.. ولم يكن متميزاً بين أقرانه، شاب عادى غير ظاهر النشاط. وهو
لم ينتمِ لأي تنظيم
حتى دخوله الجامعة.
درس محمد
دحلان فى الجامعة الإسلامية بغزة، وكثيراً ما اصطدم مع الطلاب الإسلاميين هناك،
وذكر بعضهم أنه تعرّض للضرب أكثر من مرة فيها.
وفى
الجامعة الإسلامية، التحق بحركة فتح وشبيبتها هناك، وسجّل لاحقاً كذبته الأولى
التى كان مسرحها هناك. وادعى أنه كان مؤسس الشبيبة الفتحاوية أثناء دراسته
الجامعية. وقد فنّد أحد مؤسسى الشبيبة الفتحاوية هذا الادعاء، بأن الشبيبة تأسست
فى الضفة الغربية وليس فى قطاع غزة، وذكر تفاصيل ذلك بالتواريخ والأسماء والأرقام،
وعلى افتراض أنه كان مؤسسها فى غزة فإن هذا الكلام –حسب المسئول الفتحاوي- مردود
عليه، لأن نشوء الشبيبة فى غزة كان عبارة عن انتقال ولم يكن تأسيساً.
فبعد
إرهاصات التحركات الطلابية الفتحاوية عام79/80، وردت تعليمات أبو جهاد الوزير
بتشكيل نسيج طلابي، بدأ فى الضفة الغربية، وسجّل صعوده فى العامين التاليين..
وباختصار فقد كان مؤسسو الشبيبة من الضفة الغربية، ولم يكن منهم
أحد من غزة.
للعقيد
دحلان قصة طويلة مع الاعتقال ساهمت فى تنصيبه وترفيعه السريع داخل فتح، ولكنه كان
اعتقالاً إيجابياً بالنسبة له.
وكانت هذه
الفترة هى الفترة الذهبية فى بناء (الكاريزما) الشخصية لمحمد دحلان عبر كل وسائل
التلميع المتاحة، ولا يألو دحلان جهداً ولا يجد غضاضة فى استخدام (محنة) السجن لمواجهة الآخرين..
وقد ذكر فى
مؤتمره الصحفى الأخير فى الأردن (إثر أحداث غزة)، أنه سبق أن اصطدم أكثر من مرة مع
عرفات، منها حين اعترض على تعيين د. زكريا أغا
عضواً فى اللجنة المركزية، وأن عرفات سأله: باسم من تتكلم؟ فرد عليه:
باسم عشر
سنوات أمضيتها فى السجن الإسرائيلى، فى حقيقة الأمر لم يعرف دحلان السجن سوى بين
الأعوام 1981 و1986، حيث اعتُقل عدة مرات لفترات متقطعة وقصيرة خلال تلك السنوات
الخمس، لم يُمض إلا القليل منها فى السجون. ولم يحدث أن اعتُقل دحلان كما ادعى
(عشر سنوات).. قال جبريل الرجوب مؤخراً إن دحلان لم يُعتقل أكثر من ثلاث سنوات.
غير أن هذا
الاعتقال على ما يبدو –كما يقول جيرانه السابقون- يأتى فى سياق تلميعى متقن، يهدف إلى نقل
الفتى (الصايع) إلى صورة الفتى( المناضل)،
ليتخرج لاحقاً بصفة (الشاب القيادي)، الذى لم يعُدْ ينقصه سوى (التَوْنَسَة) لاستكمال المواصفات ومتابعة الطريق
إلى أعلى الهرم.
ويتذكر
جيران دحلان القدامى حفلات التلميع التيكان يقوم بها (أبو رامي))؟ مسئول المخابرات
الصهيونية فى منطقة خان يونس. ومن قرأ سيرة الشهيد الدكتور عبد العزيز الرنتيسى،
سيتذكر بالتأكيد اسم (أبو رامى) ومعاركه وصداماته مع الدكتور الشهيد، وسوف يتذكر
أيضاً كيف أن (أبو رامى) نزل فى شوارع خان يونس يصرخ فى الناس كالمجنون نافياً أن
يكون الدكتور الرنتيسى قد
ضربه أثناء محاولة اعتقاله.
ويومها
–كما يذكر الشهيد القائد فى مذكراته- لم يضربه، بل ضرب أحد الجنود معه، لكن
الإشاعة بين الناس أثارت غضبه فخرج كالمجنون، يقول للناس: انظروا فى وجهى، هل ترون
آثار ضرب أو معركة!!
المهم..
قام (أبو رامى) هذا بدور بارز فى تلميع دحلان، فكان يأتى مع مجموعاته ليلاً فى
الأعوام 1984– 1985، إلى الحارة ويصرخ بمكبّر الصوت منادياً على دحلان، موقظاً
جيرانه ليستمعوا إليه يشتمه ويسبّه ويناديه بألفاظ بذيئة ويقول: محمد.. إذا
كنتراجل أخرج لنا.
ولم تكن
بعض حفلات التلميع تنتهى بالصراخ
فقط.. فكانوا أحياناً يدخلون بيته، ويعلو الصراخ من الداخل بينهم بما يقنع الجيران
أنهم يضربونه.. بالإضافة
إلى اعتقاله فى بعض المرات لفترات بسيطة يخرج إثرها (مناضلاً.
ولعلّ أخطر
ما قام به (أبو رامى) كأداة تنفيذية لدى المخابرات الصهيونية،هو الاعتقالات التى
كانت تطال مسئولى فتح الذين كانوا أعلى من دحلان مرتبة فى التنظيم، مما أدى إلى
عدة فراغات تنظيمية كان (يتصادف) أن يملأها دحلان، فيتولى المسئولية
تلو الأخرى، حتى حان وقت الإبعاد عام 1988.
انتقل
دحلان من غزة إلى ليبيا حيث أقام فترة بسيطة، ما لبث بعدها أن انتقل إلى تونس..
ووصلها مع جبريل الرجوب فاستقبلهما عرفات هناك وتبناهما.. والتقطا معه صوراً
فوتوغرافية تمّ توزيعها على الصحافة.. وكانوا ينادون عرفات يابا.
غير أنهما
لم يظهرا فى الفترة التالية.. حيث انتهت صلاحياتهما الإعلامية "عرفاتياً".. وهذه الفترة هى الأكثر حسماً فى مسيرة هذين
الرجلين.
يقول أحد
مسئولى الاستخبارات المركزية الأمريكيةCIA السابقين
(ويتلى برونر) إنه تم تجنيد دحلان فى تونس فى الثمانينات، وتمّت تزكيته وتسميته مع
الرجوب ليكوّنا سوياً القوة الضاربة المستقبلية بعد اتفاقات أوسلو، مع ملاحظة أنه
لم يتم نفى هذه المعلومات رغم انتشارها فى الصحف على نطاق واسع.
فى تلك
الفترة –يقول أحد أصدقائه- كان يقضى الأيام مع الأصدقاء، من غير عمل سوى أنهم
(مبعدون)، كانوا يتنقلون أحياناً كما قال صديقه (خمسة أشخاص بسيارة واحدة) (لدى
دحلان الآن 11سيارة تتنقل معه كمرافقة أمنية، عدا عن ما يمتلك من سيارات لغير
المهمات الرسمية.
وقد ولّدت
صفة (المبعدون) حقداً فى نفوس العاملين فى المنظمة فى تونس، نظراً للدلال
والارتياح الذى كان يتمتع به هؤلاء.
ولم يطل
الأمر حتى استشهد أبو جهاد (وادعى دحلان أنه كان يساعد أبو جهاد فى توجيه
الانتفاضة).. يذكر المساعد الرئيسى لـ أبو جهاد وهو نابلسى يحمل الجنسية الأردنية،
أن محمد دحلان جاءه أكثر من مرة ليتوسط له من أجل العمل لدى أبو عمار. فهو لم يكن
يسعى للعمل فى مكتب أبو جهاد، ولم يعمل أصلاً فى (القطاع الغربى) على الإطلاق.
والقطاع
الغربى الذى أسّسه أبو جهاد لإدارة شئون الداخل كان معروفاً باستقلاليته الإدارية
والتنظيمية، ساهمت الاغتيالات التى شهدتها تونس (أبو جهاد–أبريل 1988) وأبو إياد
وأبو الهول( يناير
1991، إلى صعود نجم عدد من قادة الصف الثانى( أبو مازن
أبو العلاء، وحدوث فراغات فى القيادات الشابة، وحدثت حركة ترقيات مفاجئة وغزيرة،
نال المبعدون وقتها حصتهم منها.. وبات فى دائرة الضوء (العقيد) دحلان، وعدد كبير
من العقداء الذين أغدق عليهم عرفات
يومها الرتب بسخاء.
ليس بعيداً
عن ذهن القارئ ما فعله دحلان بعد أوسلو حين تسلّم مهمة قيادة جهاز الأمن الوقائى،
وكيف كان وفياً بطريقة خرافية للاتفاقات الأمنية، وكيف تعاون
مع الصهاينة من أجل الفتك بالمقاومة عبر التنسيق المذهل مع الأجهزة الأمنية
الصهيونية.
هذا
التنسيق دفعه، عبر الرسائل والتقارير واللقاءات والمصالح الأمنية والاقتصادية، إلى
أعلى المراتب فى سلطة الحكم الذاتى، من قائد لجهاز الأمن الوقائي، إلى مستشار
عرفات للشئون الأمنية إلى وزير للداخلية.
يتميز
دحلان بعدة عوامل دفعت به إلى القيادة بالسرعة الصاروخية، وهذه العوامل هى:
المغامرة
والمجازفة.
الدهاء
والاستشعار.
التخلص من الخصوم.
الوفاء
لمبادئه (المصالح.
ارتكازه
واستناده على ظهر متين.
فى المعركة
الأخيرة رأى دحلان أن الرأس قد أينع واستوى وحان قطافه، حيث استشعر ذلك من تصريحات
ومشاريع الانسحاب وانتخابات فتح فى غزة..
غير أنه
لاحظ فيما بعد، وبعد أن دفع بجزء كبير من رصيده، أن الكفة لا تميل لصالحه وأن
الظهر الذى يستند إليه مشغول عنه، فتراجع خطوة إلى الوراء سوف يتبعها لاحقاً
وحتماً خطوة نهائية، والأرجح أن تكون الضربة القاضية لأحد الطرفين المتصارعين على
مطيّة فتح للاستيلاء على السلطة.
صحيح أن
دحلان ليس له الآن أي صفة
رسمية فى فتح أو السلطة، ولكنه بدون شك الرجل الأقوى (فتحاوياً وسلطوياً) فى غزة.
حيث لا زالت قوة الدفع الصاروخية فى جيبه وخدمته.
فما الذى
ينتظر الفلسطينيين فى عالم الغيب السياسى والأمني.. لا أحد يعرف تحديداً، ولكن
الكل بالتأكيد يعرف أن دحلان أحد أهم لاعبى المستقبل الفلسطيني.. على الأقل
المنظور.. وإن غداً لناظره لقريب..!
محمد دحلان
من يموّله وكيف جمع ثروتـه؟!
ما بين
ولادة محمد يوسف دحلان فى العام1961 لأسرة فقيرة فى مخيم خان يونس ونشأتـه فى مناخ
العوز (حتى أن أهل غزة يذْكرونه جيداً بـ(البنطلون والقميص الكحلى) الذين كان
يرتديهما لمدة شهر كامل دون تغيير) وما بين تملّكه لفندق فخم فى غزة، تعيش حكايات
وقصص كثيرة يعرفها الصغير والكبير فى غزة عن ذلك الفقير الذى تحوّل إلى واحد من
أثرى أثرياء غزة فى بضع سنين قليلة، ولنبدأ الحكاية منذ وصوله إلى غزة مع دخول
السلطة الفلسطينية فى العام1994 كقائد لقوات الأمن الوقائى فى القطاع بعد أن أخذ يتقرّب من
ياسر عرفات، والناس تشير إلى ذلك الشاب
الفقير (الصايع) فى (زواريب) مخيم خان يونس.
بدأت رائحة
دحلان المالية تفوح بعد أن أصبح مالكاً لفندق الواحة على شاطئ غزة، وهو الفندق
المصنف كواحد من أفخم مجموعة فنادق الخمس نجوم فى الشرق الأوسط. فاستغرب أهل غزة
مِن ذاك الذى كان فقيراً بالأمس القريب يتملّك فندقاً تكلفته عدة ملايين من
الدولارات، ولكن جهاز الأمن الوقائى كان كفيلاً بإسكات وتعذيب كل من يهمس
بكلمة عن هذا (الإصلاحي) الجديد.
لم تنته
الحكاية عند هذا الحدّ بل تفجّرت بشكل كبير عندما كشفت صحيفة هآرتس
العبرية فى العام 1997 النقاب عن الحسابات السرية لرجال السلطة الفلسطينية فى بنوك إسرائيلية
ودولية، وكانت ثروة دحلان فى البنوك الإسرائيلية
فقط 53 مليون دولار.
المعابر
الحدودية هى المثال الأبرز للفساد، حيث تجبى إسرائيل لصالحها ولصالح السلطة
الفلسطينية رسوم العبور فى المداخل والمخارج من السلطة ومصر والأردن إلى
(إسرائيل)، وهى ملزمة حسب الاتفاقيات تسليم السلطة الفلسطينية60% من العمولات، فى
عام1997 طلب الفلسطينيون تحويل حصتهم من رسوم معبر (كارني)، نحو 250ألف دولار فى
الشهر، على حساب جديد. واتضح فيما بعدأن
صاحب هذا الحساب هو محمد دحلان قائد الأمن
الوقائى فى
غزة فى ذلك الوقت.
هذا
بالإضافة إلى ملايين الشواقل التى تجبى من أنواع مختلفة من الضرائب و(الخاوات)
الأخرى، وفى مناطق مثل الشحن والتفريغ من الجانب الفلسطينى لمعبر (كارنى)، ويتضح
أن تمويل جهاز الأمن الوقائى يتم بواسطة ضرائب مختلفة تُنقل إلى
صناديق خاصة ولا تخضع لنظام مالى مركزى، وفى سلطة المطارات الإسرائيلية، والكلام
لصحيفة (هآرتس)، تقرّر تحويل النقود إلى الحساب المركزى لوزارة المالية الفلسطينية
فى غزة، مما أغضب دحلان. كما يوفر دحلان من خلال رجال أمنه الحماية الأمنية
لشاحنات شركة دور للطاقة الإسرائيلية التى تدخل إلى قطاع غزة.
وتعمّدت
إسرائيل نشر هذه المعلومات عن دحلان لحثه على تدابير أشدّ صرامة ضد حركات
المقاومة، متغافلة عن أن أعوام انتفاضة الأقصى تختلف عن الأعوام التى سبقتها.
لم تقف
الفضائح المالية لدحلان عند هذا الحدّ، بل تفجّرت مرة جديدة حين اشترى بيت أحد
وجهاء غزة البارزين المرحوم رشاد الشوا، بمبلغ600 ألف دولار، لكن دحلان نفى هذه
التهمة (المغرضة) وقال أنه دفع ثمنه فقط 400 ألف دولار!!! ثم ذكر
لصحيفة (يديعوت أحرونوت) أنه لا يحق لأحد أن يسأله عن ثمن البيت سوى شعبه. ونحن
نسأل كجزء من هذا الشعب مِن أين أتيت بثمن بيت قيمته600 ألف دولار بعدما كنت تسكن
بيتاً فى مخيم وبالإيجار.
وتمضى الأيام ويذهب القائد السابق لجهاز
الأمن الوقائي، محمد دحلان، والذى لا يتولّى
الآن أي مسئولية رسمية، إلى جامعة كامبردج ليتعلّم اللغة الإنكليزية على أيدى
ثلاثة من المختصين فى إحدى أكبر وأغلى الجامعات فى العالم وتحت الحراسة الأمنية. وأقام فى
فندق كارلتون تاور بكامبردج ذى الإقامة المرتفعة الثمن. فمن دفع له الفاتورة؟ يتضح
مما سبق أن تمويل محمد دحلان يعتمد على المصادر التالية: تحصيل الضرائب
الفلسطينية، احتكاره لبعض السلع الأساسية التى تدخل لقطاع غزة، مساعدات أمريكية
وأوروبية هائلة، استيلاؤه على أموال وأراض فلسطينية،وفرض خوات على رجال الأعمال والتجار.
العلاقة
بين دحلان وعرفات من التزلف واضطهاد الخصوم إلى الانقلاب
الإنذار
الذى وجّهه محمد دحلان لعرفات بضرورة (الإصلاح) قبل العاشر من شهر أغسطس الماضى
و(إلا فإن تيار الإصلاح الديمقراطى فى حركة فتح سيستأنف الاحتجاجات المطالبة بـ
الإصلاح) ومكافحة
الفساد، هذا الإنذار فاجأ الكثير من المطلعين على العلاقة التى كانت تجمع عرفات
بدحلان، وتحرّك الأخير ضدّ كل من كان ينتقد (الرمز) عرفات، وتعذيبهم بحجّة أن
الهدف من نقدهم هو نزع الشرعية عن القيادة التاريخية للشعب الفلسطيني.
من المعروف والشائع لدى الفلسطينيين
الذين كانوا فى تونس أن محمد دحلان كان من أكثر المتزلّفين لياسر عرفات بين كل من
خدم فى مكاتب منظمة التحرير بتونس، حتى أصبح دحلان حديث الفلسطينيين هناك لما
أثاره من اشمئزاز لدى العديد منهم لكثرة تزلّفه لعرفات. وتشير بعض القيادات
الفلسطينية بأنه لو لم يكن دحلان بهذا التزلّف لما وصل إلى ما هو عليه، خاصة وأنه
تسلّم الأمن الوقائى فى
غزة وهو فى الثالثة والثلاثين من عمره، ولا يملك أي خبرة سياسية أو عسكرية تؤهله
لهذا المنصب.
فى الثامن
من شهر نوفمبر2001 فاجأ
محمد دحلان الجميع بشدّة دفاعه عن عرفات، يوم كان يتعرّض لنقدٍ من الإصلاحيين فى
الشعب الفلسطيني، وقال دحلان إن المحاولات الإسرائيلية–لاحظ الإسرائيلية- لنزع
الشرعية عن الرئيس الفلسطينى ياسر عرفات هي محاولات يائسة وستبوء بالفشل.
وأشار
دحلان فى نفس المؤتمر الصحفى أن (الرئيس عرفات هو أقدر من يدير دفة العمل
الفلسطينى، وعندما فشلت (إسرائيل فى تركيع الشعب الفلسطينى بدأت بث سمومها وأحلامها، وإن الشعب
الفلسطينى بكل توجهاته السياسية يقف خلف الرئيس
عرفات).
وأكّد دحلان أن (الفلسطينيين لا يتحرّكون إلا بقرار الرئيس عرفات، وإذا اعتقدت (إسرائيل) أن هناك أحداً فى الشعب الفلسطينى يمكنه الالتفاف على قرار الرئيس عرفات فهى واهمة).
ولم يكتف
دحلان بهذا القدر من الابتذال بل استمرّ فى نفس التصاريح المتزلّفة التى كان
يطلقها منذ أن كان فى تونس فقال (إن الرئيس عرفات هو أكثر المتمسكين بالحقوق
الفلسطينية،وإذا كان لدى (إسرائيل) أوهام بأن تجد قادة فلسطينيين تتلاءم أفكارهم
مع أفكارها، فمصير تلك الأفكار وأولئك الأشخاص إلى مزبلة التاريخ)، وأضاف دحلان
(إن الرئيس عرفات قادر على صنع السلام لكن ليس السلام الإسرائيلى، إنما السلام
القائم على تنفيذ الشرعية الدولية، لكن أن يطلبوا من الرئيس عرفات أن ينفذ
الالتزامات فى الوقت الذى تستمر فيه (إسرائيل) بالقتل والعدوان ودخول المناطق،
فهذا غير عادل وغير مقبول).
وختم دحلان
(الإسرائيليون إن أرادوا التوصل إلى سلام حقيقى مع الشعب الفلسطينى فعليهم بالتفاوض مع ياسر عرفات، أما
بحثهم عن بدائل أخرى فهذه أوهام).
تمادى
دحلان فى تزلفه لعرفات حتى وصل به الأمر إلى تحريمه انتقاد عرفات وذلك فى مقال له
فى صحيفة (الجارديان) البريطانية
بتاريخ 2/7/2002، حين قال: (سيكون من
الخطأ انتقاد عرفات أو استبداله فى وقت هو محاصر فى الضفة الغربية)، ويضيف دحلان
لا مجال للحديث عن تغيير القيادة فى ظل هذه الظروف.. سأقف فى صف عرفات طالما يقف
ضده الإسرائيليون.. مهما كانت تحفظاتى على القرارات التى اتخذت.
لم يطل
المقام بـ دحلان حتى انتقل بمواقفه من عرفات مائة وثمانين درجة، متغافلاً عن
التصاريح السابقة فى تمجيد (الرمز)، مستشعراً أن الانتقادات الإسرائيلية
والأميركية ضد عرفات فرصة لا تُعوّض للانقلاب الذى طالما حلم به وخطّط له فى
لقاءاته الأمنية المتكرّرة مع القادة الإسرائيليين، والرسالة التالية تشير لماذا انقلب
دحلان على عرفات.
فى
13/7/2003 وجّه محمد دحلان رسالة إلى شاؤول موفاز يقول فيها (إن السيد عرفات أصبح
يَعد أيامه الأخيرة، ولكن دعونا نذيبه على طريقتنا وليس على طريقتكم، وتأكدوا
أيضاً أن ما قطعته على نفسى أمام الرئيس الأمريكى السابق بوش من وعود فإننى مستعد
لأدفع حياتى ثمناً
لها)، ويضيف دحلان (الخوف الآن أن يقدم ياسر عرفات على جمع المجلس التشريعى ليسحب
الثقة من الحكومة، وحتى لا يقدم على هذه الخطوة بكل الأحوال لابد من التنسيق بين
الجميع لتعريضه لكل أنواع الضغوط حتى لا يُقدم على مثل هذه الخطوة).
فى اجتماع
عقده محمد دحلان مع نخبة من رؤساء التحرير والكتاب فى الأردن بتاريخ 29/7/2004 شنّ
هجوماً لا هوادة فيه على عرفات،فقال: (لقد طعننى فى وطنيتى بعد أن رتبْت له
استقبالاً جماهيرياً لدى وصوله إلى غزة.. صارت لدى
رغبة فى التحدى ما بطلع له لا هو ولا غيره أن يخونني)، إضافة إلى سيل من
الانتقادات وجّهها دحلان ضدّ عرفات فى عدد من المجالس الخاصة والعامة.
لم تكن
الأحداث الأخيرة فى الأراضى الفلسطينية وتحديداً فى قطاع غزة سوى حلقة من حلقات
الصراع المحتدم منذ فترة بين تيارين فى السلطة الفلسطينية والتى بلا شك لا تتنازع
سوى على المناصب وتقاسم الصلاحيات فى فلسطين.
تيارات فتح
المتناحرة والتى يدعى كل منها لنفسه الصواب والحرص على المصلحة الوطنية العليا
للشعب الفلسطينى ظهرت، واضحة وجلية فى الأزمة الداخلية الأخيرة، فهناك تيار يعارض
سياسة رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات ويعتقد أنها باتت غير فعالة ووقف على رأس
هذا التيار محمد دحلان ومحمود عباس ونبيل عمرو وقيادات بارزة فى فتح مثل سمير
المشهراوى ورشيد أبو شباك. وهناك تيار ظل على ولائه لعرفات ودافع عنه ويتزعمه عدد
من الوزراء وأعضاء اللجنة التنفيذية والمجلس المركزى للمنظمة والمجلس الثورى لحركة
فتح، الذين يمسكون بالقرار السلطوي ويهيمنون على مفاصل الحياة السياسية
الفلسطينية، بل ويكافح هؤلاء لإبقاء الأمور على حالها دون أي تغيير أو تنازل عن
مواقعهم ومناصبهم، ومن أبرزهم هانى الحسن وصخر حبش وجبريل الرجوب، وفى غزة أحمد
حلس أمين سر الحركة فى القطاع وموسى عرفات الذى فجرتعيينه مديراً للأمن الأزمة الأخيرة.
محمد دحلان
وزير الأمن الداخلى الأسبق يعتبر وفى رأى كثير من المحللين القائد الفعلى
والمنظر الأساسى للتيار الأول فى قطاع غزة وإن كان (من خلف الستارة)، إلى جوار عدد
من الشخصيات مثل العقيد رشيد أبو شباك والعقيد سمير المشهراوى وسفيان أبو زايدة
وغيرهم.
دحلان وفى
سبيل حشد أكبر قدر ممكن من الدعم الجماهيرى والفتحاوى لما يدعيه بمحاولة الإصلاح ومحاربة
الفساد أحاط نفسه بعدد من القيادات الفتحاوية ومسئولى السلطة والأجهزة الأمنية،
على رأس هؤلاء وقف العقيد سمير المشهراوى عضو اللجنة الحركية العليا لحركة فتح
ومستشار وزارة الداخلية فى غزة.
هناك من
يرى فى العقيد المشهراوى أنه يمثل واجهة محمد دحلان المقبولة لدى تنظيم فتح
والجمهور الفلسطيني، كونه من (القيادات النظيفة) إلى حد ما -حسبما يرى بعض
المراقبين- وقد أمضى عدة سنوات فى السجون الصهيونية وتقلد العديد من المناصب
والمسئوليات فى حركة فتح، وعمل مراقباً على جهاز الأمن الوقائى واعتبر مؤخراً المنظر الرئيسى لما يسمى بتيار الإصلاح فى السلطة.
أما العقيد
رشيد أبو شباك والذى قدّم استقالته احتجاجاً على تعيين موسى عرفات فور صدور قرار
التعيين، فهو من يقف وبقوة مع دحلان، كيف لا ودحلان هو من عيّنه لخلافته فى رئاسة
جهاز الأمن الوقائى عقب استقالته عام2002، بعد أن شغل منصب نائب رئيس جهاز الأمن
الوقائى لدحلان لسنوات.
أبو شباك
من مواليد عام1954وتنحدر أصوله من قرية "الخصاص" قضاء المجدل وحاصل على درجة
الماجستير فى العلوم السياسية، انتمى لحركة فتح عام1971 واعتقل عدة مرات فى سجون
الاحتلال الصهيونى من
عام1972 وحتى عام1990 إلى أن أصبح مطارداً لقوات الاحتلال عام1990 على خلفية
تشكيله الذراع العسكرية لحركة فتح (الفهد الأسود)، وفى عام1991 غادر إلى تونس وعمل
هناك فى لجنة الإشراف على قطاع غزة إلى أن عاد للقطاع عام1994 وأصبح عضواً فى
اللجنة الحركية العليا لفتح، وعمل نائباً لدحلان فى إدارة الأمن الوقائى إلى أنتولى مسئولية الجهاز عقب
استقالة الدحلان، وفى فترة حكومة أبو مازن أصبح مديراً عاماً للأمن الوقائى فى الضفة وغزة .
إلى ذلك
فإن هناك عدداً من قيادات فتح وأجهزة السلطة يعتبرون من (مجموعة دحلان) منهم عبد العزيز شاهين وزير التموين
فيالسلطة الفلسطينية والذى تدور
حوله أحاديث عن تورطه فى الفساد ونهب المال العام وعلاقته بالطحين الفاسد الذى وزع
فى غزة، والغريب أن شاهين كان وإلى فترة قريبة أحد القيادات المخلصة والتى تدين
بالولاء التام والمطلق لعرفات، إلاَّ أنه وفى الأزمة الأخيرة كانت له عدة تصريحات
ومقابلات انتقد فيها عرفات ونهجه فى القيادة.
ومن
القيادات الموالية لدحلان ولكنه يفتقد لأي شعبية جماهيرية سفيان أبو زايدة وهو عضو
لجنة حركية عليا لحركة فتح، ويعمل الآن وكيل وزارة الشئون المدنية فى السلطة، وقد
أمضى عدة سنوات فى سجون الاحتلال وشغل أكثر من منصب فى السلطة، وهناك أيضاً العقيد
ماجد أبو شمالة عضو اللجنة الحركية العليا لفتح والذى استقال مؤخراً من رئاسة جهاز
المباحث الجنائية التابع للشرطة الفلسطينية وقد استطاع دحلان مؤخراً وعلى ما يبدو
استمالة أوساط واسعة من مؤيدى وقادة الشبيبة الفتحاوية فى غزة من خلال إغداق
الأموال والمناصب عليهم، وبات معروفاً أن عبد الحكيم عوض مثلاً وهو مسئول الشبيبة
فى غزة ومعظم قادة الشبيبة ومؤيديها من رجالات دحلان، بل إنهم سخّروا الإذاعة
المحلية فى غزة (صوت الشباب) الناطقة باسم الشبيبة، لدحلان وما
يسمى بالإصلاحيين. وفى موازاة
تيار الإصلاح هناك تيار ما يسمى بالشرعية
التاريخية فى فتح:
والذى يرى
فى نفسه الجهة الرسمية ولديه ما لديه من الرمزية والشخصانية فى آن واحد.
على رأس
هؤلاء يقف فى قطاع غزة أحمد حلس أمين سر اللجنة الحركية العليا لحركة فتح فى قطاع
غزة وهو من المدافعين عن عرفات بقوة،والذى كشفت الانتخابات الداخلية فى فتح عن
تراجع شعبيته، وإلى جانبه يقف عدد منقادة فتح التاريخيين
أمثال الدكتور زكريا الأغا ودياب اللوح مسئول الإعلام فى فتح وهانى الحسن مسئول
التنظيم فى الداخل وعباس زكى واللواء عبد الرزاق المجايدة، والذى
يعد من الشخصيات العسكرية المقربة من عرفات على مدى عشرات السنين من تاريخ الثورة
الفلسطينية. ويرى مقربون من المجايدة أنه رجل مخضرم ويحظى بثقة تامة من عرفات، أما
موسى عرفات والذى يعد عموماً من الشخصيات المثيرة للجدل فى الساحة الفلسطينية، حيث
لم يلق تعيينه مديراً لجهاز الأمن العام ارتياحاً خاصة من (كتائب شهداء الأقصى)
التى وصفته بأنه (رمز الفساد)، فهو من رجالات عرفات القليلين المتبقين، ويوصف أنه
ورقة عرفات الأخيرة فى غزة.
كيف
يحارب دحلان حماس ولماذا؟
وما
هى علاقته باغتيال الرنتيسى؟
قبل وصول
(العقيد) محمد دحلان إلى منزل آل الرنتيسى، بعد أيام من استشهاد الدكتور عبد
العزيز، ازدحم الشارع بعشرات رجال المرافقة والأمن مع سياراتهم، حيث انتشروا على
طول الشارع تمهيداً لوصول القائد المنتظر.. لكن محمد دحلان لم يأتِ لتقديم واجب
العزاء لعائلة الشهيد، بل أخذ يتحدث بعنجهية عن حركة حماس بعد استشهاد الشيخ
والقائد ليقول:
إن حماس
أصبحت ضعيفة بعد اغتيالهما ويمكن القول أنها انتهت، مشيراً إلى تأخّر
الرد القسامى على استشهادهما.
لم يصدر
هذا التحليل عن (العقيد) لأول مرة فى هذا المكان، بل كثيراً ما صرّح به وتمنّاه ونصح
به العدو الصهيونى.
حقد
على حماس
يرى محمد
دحلان أن حركة حماس سوف تقف حجر عثرة فى وجه مشاريعه وطموحاته إلى السلطة، وكان
يتحضر دائماً للانقضاض على الحركة. وكثيراً ما
حاول تفكيك هياكلها وأطرها التنظيمية والاعتداء على أعضائها وتعذيب وسجن عناصرها
وقادتها، حتى تجرأ على وضع الشيخ الشهيد أحمد ياسين فى الإقامة الجبرية، بعد
مصادرة الحواسيب والبرامج والملفات من مكتبه.
هذا عدا عن
منع العمل الخيرى فى
غزة وإقفال المؤسسات الخيرية، ضمن سياسة (تجفيف الينابيع) الأمريكية ضد الحركة.
فى الأحداث
الأخيرة، والفوضى التى اجتاحت غزة، وجد دحلان نفسه أمام خيار انسحاب إسرائيلى
وفراغ سلطة كما قال، والتقف تصريح شارون الذى أبدى استعداده لتسليم غزة إلى أمثال
دحلان.. وكان
واضحاً من تصريحات الأخير أنه لن يقبل بمشاركة حماس فى إدارة شئون غزة، علماً أن
حماس أعلنت أكثر من مرة رفضها المشاركة فى السلطة وطرحت برنامج المشاركة فى
الإدارة، وكان هذا الموقف واضحاً فى الاجتماع الأخير بين د. الرنتيسى ودحلان بخصوص الانسحاب الصهيونى من
غزة.
وقد صرّح
دحلان لجريدة (نيويورك تايمز) محذراًمن أن تصبح غزة مرتعاً للمتطرفين، وأعلن لمجلة
نيوزويك (العدد الصادر فى 3أغسطس 2004): (إن غزة
يمكن أن تكون مثل كابول ويمكن أن تكون مثل دبي. إن علينا أن نغير
كل شيء؟
محاضرة
(رجال الأعمال)
مقتل
العقيد راجح أبو لحية فى غزة أكتوبر2002 تبعه توتّر أمنى ملحوظ ساهم فيه الأمن
الوقائى، وأراد دحلان منه تحويل الاغتيال من عملية ثأر عائلية إلى معركة يجرّ حماس
إلى أتونها؛ بل إلى حرب أهلية.
وقد عبّر
عن موقفه فى محاضرة داخلية لرجال الأعمال فى غزة، تم تسريبها إلى الصحافة، حيث
هدّد بالحرب الأهلية إذا لم ترضخ حماس لمطالبه، وهدّد بحرق كل مراكز حماس إذا تم
تحرق أي مركز للشرطة (وذلك إثر المظاهرات الشعبية المنددة بتجاوزات الشرطة وكان
مما قاله:
إذا لم
تستجب حماس وتسلّم عماد عقل المتهم بقتل أبو لحية فليكن ما يكن)، أضاف أي حرق
لمركز شرطة، سنقوم بحرق كل مراكز حماس، لدينا بلطجية كما لديهم، وأتوقع مزيداً من
التوتّر، وإذا لمن شعر أن حماس جدية،
سنبدأ حملة الاعتقالات فى صفوف القتلة.
وفى إشارة معبّرة تستبق ما جرى مؤخراً فى غزة.. صرّح دحلان فى اجتماع رجال الأعمال نفسه (إذا لم تستجب السلطة وتسير خلفنا فى حركة فتح سيكون إجراء جدى من الحركة (فتح) غصباً عن السلطة..).. كما تم توزيع تعميم داخلى يومها فى حركة فتح على كوادرها يزعم أن (الكثير لهم ثأر عند حماس، فلا يتمارون فى الثأر)، وأشار التعميم نفسه إلى أن اغتيال النقراشى رئيس وزراء مصر عام 1948 كان سبباً فى اغتيال الإمام الشهيد حسن البنا، وهذه تعتبر تهديدات مبطّنة لقيادات حركة حماس.
علاقته
بالشهيد الرنتيسى
لم يتلكأ
الدكتور عبد العزيز الرنتيسى بعد نجاته من محاولة الاغتيال
الأولى فى يونيو 2003 من توجيه أصابع الاتهام إلى أولئك الذين شاركوا فى الاجتماع
الأمنى مع العدو الصهيونى.
ذلك
الاجتماع الشهير الذى عُقد قبل عشرة أيام من قمّة العقبة، والذى ضمّ عن الجانب
الصهيونى شاؤول موفاز وأرييل شارون وعن جانب السلطة أبو مازن ودحلان، دار فيه حوار
طويل أشبه بسيناريوهات المافيا والاغتيالات. يومها طرح شارون قتل القادة السياسيين
لفصائل المقاومة الفلسطينية وسمّى: عبد العزيز الرنتيسى وعبد الله الشامى ومحمود الزهار
وإسماعيل هنية ومحمد الهندى ونافذ عزام وجميل المجدلاوي.
واعترض أبو
مازن على ذلك، إلا أن دحلان طلب مساعدة الإسرائيليين له عبر اغتيال القادة. وقال:
إذا كان لا بد لكم من مساعدتنا ميدانياً، فأنا أؤيد قتل الرنتيسى والشامي، لأن
هؤلاء إن قُتلوا فسنُحدث إرباكاً وفراغاً كبيراً فى صفوف حماس والجهاد الإسلامي،
لأن هؤلاء هم القادة الفعليين.
فى تحليل
نفسى سريع لشخصية دحلان، يتأكد للمُعاين أن خلاف دحلان مع د. الرنتيسى ليس فقط
نتيجة لاختلاف المواقف السياسية والمناهج الفكرية. بلإن حقد دحلان على الشهيد
الدكتور يعود لعوامل نفسية تأصلت وتجذرت وشكلت عقداً فى
حياة دحلان.
ولمن لا
يعرف، فإن دحلان وُلد فى بيت ملاصق لبيت آل الرنتيسى فى مخيم خان يونس- جورة
القاد، وذلك فى29/9/1961، وكانت العائلتان مترابطتين جداً.. (وهذا ما دفع والدة
دحلان إلى تأنيبه بعد اقتحامها السجن لإخراج صلاح الرنتيسى منه صارخة فى وجه السجانين: هذا
ابنى.
وقد ذكر
الكاتب إبراهيم الأمين فى صحيفة السفير اللبنانية غداة استشهاد د. الرنتيسى أن
الأخير ضرب الفتى محمد دحلان بسبب ملاحقته الفتيات فى الحارة (وتلطيشهنّ)، وعندما
اشتكى لوالده، قائلاً: إذا كان عبد العزيز قد ضربك فلا بد أنك
قد فعلت ما تستحقه منه.
ومما يذكره
المقربون من د. الرنتيسى أن دحلان كان يسعى وينتظر بالساعات الرد على موعد يطلبه
مع الدكتور الرنتيسى ثم يخرج فى الفضائيات ليقول (جاءنى الرنتيسى، وهاتفنى
الرنتيسى). !!
ويذكر الأمين (جريدة السفير) أن زيارة الرنتيسى الأخيرة لمحمد دحلان قد تكون سبباً مباشراً فى تسهيل عملية مراقبة الدكتور من قبل العدو الصهيوني،حيث كان الشهيد قد أجرى عملية جراحية لعينيه تخلى بعدها عن نظارته، وخفف لحيته كثيراً بقصد التمويه، بشكل ساهم فى تغيير معالم وجهه.. ولم تمضِ أيام حتى اغتيل الدكتور الرنتيسى.
ويذكر الأمين (جريدة السفير) أن زيارة الرنتيسى الأخيرة لمحمد دحلان قد تكون سبباً مباشراً فى تسهيل عملية مراقبة الدكتور من قبل العدو الصهيوني،حيث كان الشهيد قد أجرى عملية جراحية لعينيه تخلى بعدها عن نظارته، وخفف لحيته كثيراً بقصد التمويه، بشكل ساهم فى تغيير معالم وجهه.. ولم تمضِ أيام حتى اغتيل الدكتور الرنتيسى.
تهديداته
لـ الرنتيسى
كثرت
التصريحات الصادرة عن دحلان والتى تهدد الرنتيسى بشكل مباشر أو غير مباشر،
فبالإضافة إلى ما ذكرناه، كان يحرض رئيس سلطة الحكم الذاتى على الشهيد عبر رسائل
متوالية استطاع أحد المقربين من حركة حماس تسريب إحدى هذه الرسائل الممهورة بتوقيع
دحلان مرفقة بتقرير مفصّل، وهذا هو نصّها:
الأخ
الرئيس القائد العام.. تحية الوطن وبعد.. نرفق لسيادتكم مقابلة خاصة للدكتور
الرنتيسى، وهى مقابلة حديثة، وسواء أنكر الرنتيسى ما جاء فيها أم لا، كما جاء فى بيان
حماس الذى ينفى المقابلة، فهى لم تأتِ من فراغ) إلى آخر
الرسالة.
عدا عن
الرسائل والمناشير السرية والنشرات التى تهدف إلى شقّ صفّ حماس، والتى كانت تتلقى
دعماً مباشراً من الأمن الوقائى، وادعاء الأسماء العديدة مثل تلاميذ المهندس
وكوادر حماس، والتى كانت تهاجم الدكتور الرنتيسى زاعمة أنه يريد الاستحواذ
والسيطرة على قاعدة حماس، وأنه يسمى نفسه (أسد غزة)، وأنه يسعى إلى
تحييد الشيخ أحمد ياسين عن قيادة الحركة ببطء وتدرج تلقائى.
عدا عن كل
ذلك فإن دحلان لم يُخفِ عداءه للرنتيسى، حيث هاجمه أكثر من مرة فى تصريحاته،وقال
عنه فى الاجتماع الشهير لرجال الأعمال فى غزة: الرنتيسى هذا الفتنة المتحركة،شخص
جاهل وأمي يظنّ نفسه الملا عمر (أمير حركة طالبان) – وهنا الإشارة الواضحة أيضاً
فى حقده بسبب أمور يتميز فيها الدكتور (العلم
والقيادة.
ومما قاله
أيضاً فى محادثة هاتفية مع الصحفى جهاد الخازن نشرها فى الصفحة الأخيرة (عيون
وآذان) فى أكتوبر 2002، أنه مستعد لإرسال عشرة رجال لقتل الدكتور
عبد العزيز الرنتيسى ومن
ثم يقوم باعتقالهم.
وقد أكد
الخازن فى رد آخر فى الصفحة نفسها فى يوليو 2004 هذه المحادثة، وأن دحلان هدّد
فعلاً بقتل الرنتيسى، وأنه رآه فى القاهرة بعد النشر وعاتبه على ما نشر، فردّ
يومها الخازن عليه مذكراً إياه أنه نشر نصف ما قاله ذلك اليوم.
تهديده
الدائم لحماس
يركن
العقيد دحلان ويطمئن إلى القواعد التى انتهجتها حركة حماس فى الشئون الفلسطينية
الداخلية، وهى حرمة الدم الفلسطينى والحرب الأهلية خط أحمر، والرصاص الفلسطينى لا
يوَجّه إلا إلى العدو.. غير أنه فوجئ بما اعتبره تهديداً مباشراً،واعتبرته مصادر
فى حماس تأكيداً على القواعد المذكورة.
فقد رشح عن
إحدى جلسات الحوار الخاصة فى القاهرة، حيث أثار الغبار ورفع الصوت بعد أزمة مقتل
العقيد راجح أبو لحية، واتهم حماس بأنها بدأت بنهج اغتيالات وتصفيات، محرضاً
الجانب المصرى ضد ممثلى الحركة
فى الاجتماع، فشرح الصورة ممثل حركة حماس مؤكداً على الثوابت المذكورة، غير أنه
أصرّ بصوت عالٍ وعدم التزام بأخلاق الاجتماعات الرسمية، فما كان من أحد مندوبى
حركة حماس إلا أن عاد وأكد على الثوابت، وأردف يقول: يوم تتخلى حماس عن هذه
الثوابت، فسيكون أول رأس يُطاح به هو رأسك..
فاطمئن!!.
فبُهت دحلان
وسكت، وسط بسمات مكتومة على وجوه الحضور فى ذلك الاجتماع.
نبذة
عن ممارسات السجّان دحلان!
مع وصول
دحلان إلى قيادة جهاز الأمن الوقائى تمّ اقتحام ومداهمة مئات المنازل الفلسطينية،
من قبل عناصر الأمن الوقائى واعتقال الشباب الذين يشتبه بانتمائهم إلى حماس، المشهد
أسوأ مما كان يقوم به جيش الاحتلال الصهيونى.
ولم يتوقف
المشهد الدحلانى عند هذا الأمر بل تمّ إطلاق النار على الكثير من المقاومين، وأصيب
العشرات منهم بجراح، ولاقى من فى السجون الأمرّين من التعذيب، فكلما مارسه زبانية
العدو الصهيونى طبّقه
عناصر دحلان على أبناء حماس، وتمّ تعليق الشباب لساعات طويلة ووضع الأكياس العفنة
فى رؤوسهم وتوجيه الألفاظ البذيئة لهم،والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، وتقييدهم من
اليدين والرجلين، والضرب فى مناطق حساسة من الجسم، ونتفت لحاهم، وأصيب عدد من
الشباب بحالة صمّ مؤقتة نتيجة وضعه فى زنزانة مع فتح مسجل يبث أغانى أجنبية بصوت
عال جداً، ولوحق كبار القادة وتعرّضوا للإهانة أمثال الدكتور محمود الزهار والشيخ
أحمد بحر، ولقى الدكتور الشهيد إبراهيم المقادمة العذاب الشديد بأساليب حقيرة.
أما
المؤسسات الإسلامية فكان لها نصيب كبير من الملاحقة، حيث تم اقتحام عشرات المؤسسات
وفتشت مقراتها بدقة وصودرت وثائقها وملفاتها واعتقل قادتها وموظفوها وأغلقت بقرار السلطة.
ومنع
الخطباء والعلماء والدعاة المسلمين الذين يشتبه أنهم مقربون من حركة حماس من
الخطابة وإلقاء الدروس فى المساجد، وعينت وزارة الأوقاف بالتنسيق مع أجهزة الأمن
خاصة الأمن الوقائى عناصر موالين لها سواء فى الخطابة أو الإمامة أو رعاية
المساجد،وجدد رجال دحلان التدقيق فى الموظفين الحكوميين ومعرفة ميولهم السياسية
وتمّ فصل العديد منهم الذين اشتبه أن فكرهم قريب من حماس، وشدد فى التوظيف ألا
يكون المتقدم لأي وظيفة
من حماس.
لم يخف
دحلان علاقاته مع الإسرائيليين فهذا ما تقتضيه (المصلحة الوطنية)، وبرز واضحاً مدى
ثقة الإسرائيليين به، وتحت التعذيب الشديد لأعضاء فى كتائب القسام أبطل دحلان
عملية كبيرة داخل الكيان الصهيونى وتحديداً فى شركة (سيلكوم) اللاسلكية وأخبر جهاز
المخابرات الصهيونى عن
مكان حقيبة للمتفجرات،وفى مرحلة أخرى اعتقل عدداً من المجاهدين خلال توجههم لتنفيذ
عمليات استشهادية،وبفعل التعذيب الشديد أيضاً تمكن من الحصول على معلومات حول مكان
رفات الجنديين الصهيونيين إيلان سعدون وآفى سبورتس الذين خطفتهما وقتلتهما حماس
نهاية الثمانينات.
وأكد كثير
من معتقلى حماس لدى المخابرات الصهيونية على أنهم وجدوا كثيراً من المعلومات التى
حصل عليها محققو دحلان بين أيدى الصهاينة، الأمر الذى يعكس طبيعة العلاقة بين
دحلان والإسرائيليين، ولم يكن دحلان ينفيها بل كان تعليقه أن الناس لا تدرك الفرق
بين التنسيق الأمنى والتعاون
الأمنى.
وشكل دحلان
فرقة للقتل ضمت عناصر شابة لا تدرك حقيقة ما ترتكبه بحق شعبها، بدأت بقتل هشام مكى
رئيس هيئة الإذاعة والتلفزيون الفلسطينى جهاراً فى وضح النهار لأسباب
متعددة، وكانت يده المسلطة على رقاب الناس فى الردع والإرهاب، وأصبح اسم فرقة
الموت يتردد فى كل شارع من غزة فى محاولة لتخويف الناس.
ومع أواخر
التسعينات بدأ دحلان خطوات متقدمة للاتجاه إلى العمل السياسى وأوعز إلى زوجته لتصبح سيدة مجتمع
بإنشاء جمعية أطلق عليها اسم (المركز الفلسطينى للتواصل الإنساني)، وأنشأ مع مجموعته
نفسها مركزاً للدراسات (ناشد) ترأّسه خالد اليازجى الذى عيّنه فيما بعد مسئول
العلاقات الخارجية فى وزارة الداخلية.
ويتصرف
دحلان حالياً على أنه الرئيس القادم حتى ولو على قطاع غزة، ومن مشاهد ذلك السيارة
الفارهة المضادة للرصاص، والفيلا المقابلة لفيلا أبو مازن قرب شاطىء البحر التى
استأجرها له الأمريكان، ويرسلون له الدولارات عبر شحنات بريدية مباشرة دون وسيط
بنكى حتى لا تظهر فى حساباته ويغدق بها محاسيبه وأعوانه، وحوّل الفيلا إلى أكثر من
وزارة بل مركزاً رئيسياً لتحركاته ونشاطاته وتحظى الفيللا بحراسة أمنية مشددة،
وبدأ يسوق نفسه بين العشائر والعائلات ويزورها فى المناسبات المختلفة، ويعقد
لقاءات شعبية، وينادى بالإصلاح.
معارض
شديد للانتفاضة.. ومعادٍ بقوة للمقاومة
تصاريح
محمد دحلان ضدّ الانتفاضة والمقاومة
لم تتوقف يوماً، فهذه المقاومة كانت تمثّل تهديداً مباشراً لطموحه وخططه بالسيطرة
على السلطة الفلسطينية وتنفيذ مشروعه السياسى الذى ليس له حدود من التنازلات،
ويظهر مدى استعداده للتنازلات من انتقاداته المستمرّة للسلطة الفلسطينية لعدم
قبولها بمقترحات (كامب ديفيد 2)، مع أن إيهودا باراك اعترف بنفسه أخيراً بأنه لم
يعرض شيئاً، لكن دحلان يسعى جاهداً لنيل اللاشيء الذى حرمته منه الانتفاضة
والمقاومة فشنّ الحملة الشعواء على قيادتها.
الانتفاضة
جلبت الاحتلال
لم يتورّع
دحلان عن توجيه انتقاد حاد للانتفاضة خلال لقاء جمعه مع جمعية رجال الأعمال فى غزة فى شهر
أكتوبر2002 وممّا جاء على لسانه فى هذا اللقاء العاصف (يجب أن تكون الانتفاضة
سلمية وأخطأنا باستفزاز المؤسسة العسكرية الإسرائيلية، ردود الفعل الفلسطينية على
أشكال العدوان الصهيونى يجب أن تدرس فى كل مرة، أنا أريد أن أساوم سياسة وأنا أول
من قلت إن هدف الانتفاضة تحسين شروط التفاوض، وعندها حماس هاجمتنى فى بيان وأذكر
أن الجميع كان يقول هدف الانتفاضة دحر الاحتلال فإذا بالاحتلال يحضر إلينا، يجب
وقف قصف الهاون بالقوة، نريد انتفاضة بـ(الريموت كنترول) ومن يدعى أننا لا نستطيع استمرار
الانتفاضة بالريموت كنترول)، ورغم هذا التصريح الذى يحاول تبديد إنجازات
الانتفاضة، فقد حاول دحلان قطف منجزاتها- وهو الذى طعنها فى ظهرها وصدرها- حين
صرّح فى 3مارس 2004تعليقاً
على خطة شارون للانسحاب من غزة (إن الانسحاب يعتبر أكبر إنجاز حققته الانتفاضة،
فهل يستطيع الآن أن يعترف بصدق رؤية حماس للواقع؟
وفى لقائه
مع رؤساء تحرير الصحف فى الأردن حاول دحلان إثارة الإحباط بالنفوس من الانتفاضة من
خلال تعداد المآسى فقال: المقولات المتداولة على مستوى القيادة الفلسطينية فيوصفها
للشعب الفلسطينى بأنه
غير قابل للانحناء بأنه كلام ما يجيب رأسماله)، وطالب القيادة بالنزول إلى رفح
لترى كيف هدمت إسرائيل) ثلاثة آلاف منزل، وإلى بقايا جنين، وأشار إلى وجود سبعة
آلاف وخمسمائة أسير فلسطينى فى السجون الإسرائيلية،وسقوط ثلاثة آلاف قتيل خلال
سنوات الانتفاضة الثلاثة، وقال إن ألفين منهم كان بالإمكان إنقاذهم من الموت
–وطبعاً هو يقصد من خلال وقف الانتفاضة.
صحيفة
(يديعوت أحرونوت) نشرت نص لقاء جرى بين دحلان، يوم كان وزير الأمن الداخلى فى حكومة أبى مازن، وعاموس جلعاد،
منسق شئون الاحتلال، الصحيفة نقلت عن دحلان تعهده بأن يستتب الهدوء التام قريباً:
قد نشهد فى الأسابيع الأولى بعد وقف النار حادثة هنا أو هناك. لكن خلال شهر كل شيء
سينتهى.. إنها نهاية الانتفاضة.
خلص، انتهت
وانتهت معها العمليات المسلحة والاستشهادية، تبقى خلايا لا تتلقى أوامر بإطلاق
النار من أحد ولا من الرئيس الفلسطيني.
خلال عشرة
أيام ستنضم هذه الخلايا إلى اتفاق الهدنة، ويتعهد دحلان أيضاً بمعالجة التحريض الفلسطينى
على إسرائيل) (لن يحصل تحريض بعد اليوم).
بدأنا
العمل ضد المقاومة
نقلت الصحف
فى27/7/2003 لقاء جرى بين محمد دحلان ووزير الخارجية الأمريكى كولن باول ومستشارة
الأمن القومى كونداليزا رايس.
قد طلبا
منه معرفة كيف يتم الحفاظ على وقف النار، فردّ دحلان (إنى تحدثت مع 200مطلوب، أنا شخصياً، كان
هنا كمن أقنعتهم بوقف العمليات، وكان هناك من لم أقنعهم، ولكنى حذرتهم)، كيف فعلت
ذلك سألت رايس، أجاب دحلان (مع معظمهم هاتفياً، ومع 20سجيناً موجودين داخل السجون
فى إسرائيل) تحدثت بشكل غير مباشر.
وفى
26يوليو2003 نشرت صحيفة الحياة اللندنية أن محمد دحلان ناقش مع كونداليزا رايس فى
واشنطن خطته التى تركز على شراء الأسلحة التى فى حوزة المجموعات الفلسطينية
المسلحة، وتقضى الخطة بأن يُدفع 6000 دولار لقاء كل بندقية يتم شراؤها من
المجموعات الفلسطينية المسلحة)،ويدفع هذا المبلغ الحكومتان الأمريكية والبريطانية والاتحاد
الأوروبي، كتائب الأقصى هاجمت فى بيان لها محمد دحلان على هذه الأخبار المؤكدة
ووصفته بأنه (مشروع أمريكى-إسرائيلي)، وأنه (شخص تم فرضه على السلطة الفلسطينية
وعلى الشعب الفلسطينى)، وأكدت الكتائب عدم الثقة بمحمد دحلان عندما يتحدث عن أو
باسم كتائب شهداء الأقصى.
وفى
8/8/2003 نشرت صحيفة معاريف العبرية أن محمد دحلان تعهد لـ كونداليزا رايس بأن
يعمل على تأميم مؤسسات حماس ومصادرة سلاح منظمات الإرهاب، ولكن لا يبدو أن طريق
دحلان سهل، ولاسيما حين يفعل عرفات كل شيء كي يضع له العصيفى العجلات. وهذه
الحقيقة أدت بـ دحلان المحبط إلى استخدام تعابير لا سابق له ضد زعيمه، وحسب تقارير
عن جهات أمريكية وإسرائيلية قال دحلان: هذا الكلب -قصد عرفات-، هذا الكذاب، يهدم
كل شيء، يفجر كل شيء، لا يسمح لنا بعمل أي شيء.
لم يتوان
محمد دحلان فى لقاء عام جرى فى غزة فى شهر يوليو الماضى ونشرته صحيفة نيويورك
تايمز بأن
سمّى المقاومة الفلسطينية بـ(الإرهاب، وانتقد قادة فتح وقال: إنهم ضد الانتفاضة،
وفى الوقت ذاته هم مع الانتفاضة هم ضدّ الإرهاب وفى الوقت نفسه مع الإرهاب، ونقلت
الصحيفة عنه أيضاً أن الوقت حان لاتخاذ قرار (نحن عند مفترق طرق إما أن نحصل على
استقلال فلسطيني، أو نذهب إلى وضع مماثل لوضع الصومال).
فى محاضر
قمة العقبة التى نشرتها الصحف الإسرائيلية، ولم ينفها دحلان، قال الأخير لـ أرييل
شارون (نحن بدأنا العمل بكثافة،ووضعنا أخطر الأشخاص من حماس والجهاد وكتائب الأقصى
تحت المراقبة. بحيث لو طلبتم الآن منى أخطر خمسة أشخاص فإنى أستطيع أن أحدد لكم
أماكنهم بدقة، وهذا يمهد لردكم السريع على أي عمل يقومون به ضدكم. ونعمل الآن على
اختراق صفوف التنظيمات الفلسطينية بقوة حتى نتمكن فى المراحل القادمة من تفكيكهم
وتصفيتهم). ويضيف دحلان (أما بالنسبة لكتائب الأقصى فقريباً ستصبح الكتاب المفتوح
أمامنا بعد تصفية أهم القيادات فيها).
وفى تجاهله
لتأثير صواريخ القسام على إسرائيل والتقارير التى تحدّثت عن الانهيارات النفسية
التى تحدث فى صفوف الإسرائيليين من جراء سقوطه على المستوطنات، وصف دحلان إطلاق
صواريخ القسام بـ(الاستهبال)، بل ووصل به الأمر إلى اتهام حماس بأنها كانت السبب
وراء فرض الحصار الإسرائيلى على عرفات من جراء
عملياتها.
لمّا اشتدّ
نقد محمد دحلان لجبريل الرجوب أصدر الأمن الوقائى فى الضفة الغربية تعميماً يفضح
تعاون دحلان فى تسليم المجاهدين فى بيتونيا، ومما جاء فى التعميم (كان محمد دحلان
يعلم ويشارك فى اجتماع القيادة الفلسطينية يوم الخميس28/3/2002 والذى أفضى
عن قرارات من أهمها اعتقال المزيد من المعتقلين السياسيين وبالأخص أهم عشرة
مطلوبين فى منطقة رام الله، وتم الاتفاق على إصدار بيان من قبل الرئيس عبر وسائل
الإعلام يعلن فيه الرئيس وقف إطلاق النار وإجراء اعتقالات فورية).
فرّق
تسد
طالما حاول
دحلان ضرب المقاومة من خلال إثارة النعرات الحزبية والمناطقية الضيقة وإيقاع فتح
بصدام مع الفصائل الأخرى ليسهل الاستفراد بالمقاومة، وأحياناً إثارة العصبيات
المقيتة داخل فتح نفسها حين يُطلِق الإشاعات عن استئثار القيادات الغزاوية (زكريا
الآغا، أحمد حلس وغيرهم) بقيادة فتجمع أن اللاجئين هم أولى بحمل هذه المسئولية،
حسب تصاريحه العدائية.
يقول دحلان إن النشاط الإصلاحى داخل حركة
فتح أغاظ كثيرين وأربكهم، وخاصة حركة حماس، لأن إصلاح فتح والسلطة لا يُبقى لها شيئاً لجهة مقاتلة ومكافحة فساد
السلطة.
وأضاف
دحلان إن تياره لا يراهن على وقوف أحد إلى جواره غير حركة فتح وجمهورها، ولذلك
يقولإن فتح هى التى تحركت، وزعم دحلان أن حماس تريد بقاء فساد السلطة وفتح كي تظهر
فى مظهر الأصلح لقيادة الشعب الفلسطينى، وتعامى عن أن حماس كانت أكثر المتضرّرين
من فساد السلطة الذى تسبب فى اعتقال الآلاف من مجاهديها واستشهاد بعضهم تحت
التعذيب فى سجون السلطة، إضافة لما لحق بالشعب الفلسطينى من أذى جراء هذا الفساد.
ولم يكتف دحلان بانتقاد حماس بل أعلن معارضته العلنية لأي تحالف مع الأمين العام
للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين/القيادة العامة أحمد جبريل، وقال (جبريل أوغل فى
دمائنا فى طرابلس).
إن محمد
دحلان يفتقر بتصاريحه العدائية ضد الفصائل الفلسطينية وصراعاته داخل حركة فتح
وتاريخه المريب الكثير من الصفات التى يجب أن يتّصف بها كلمن يطرح لنفسه دوراً فى
قيادة هذا الشعب.
فالفصائل
الفلسطينية لا تكنّ له أي ودّ،ولا يملك أي نفوذ داخل حركة فتح فى الضفة الغربية
والشتات الفلسطينى، وهناك من يواجه مشروعه من قيادات فتح فى غزة، إذاً هو ليس أكثر
من زعيم (لشلة) فى غزة.
دحلان وشراكة
إسرائيلية
فى البداية
التزمت (إسرائيل الرسمية) الصمت حيال ما جرى من صراع على مقاليد الأمور فى حركة
فتح وفى السلطة بين دحلان من جهة وبين ياسر عرفات من جهة أخرى، تمهيداً للسيطرة
على قطاع غزة مستقبلاً بعد تنفيذ خطة فك الارتباط. لكن منذ البداية كان موقف
(إسرائيل) معروفاً مما جرى من أحداث. فقد قال وزير الحرب الصهيونى شاؤول موفاز
تعليقاً على ما جرى (موقف إسرائيل) معروف، فنحن مع كل قيادة فلسطينية تكون بديلاً
عن عرفات وتكون قادرة على التوصل معنا إلى ضبط الأمن على حدودنا مع
قطاع غزة بعد تنفيذ خطة فك الارتباط).
اكتفاء
(إسرائيل) بالصمت أو بالتصريحات الفضفاضة إزاء ما جرى كان نابعاً من حرص إسرائيلى
على عدم التخريب على دحلان كما قال وزير القضاء الإسرائيلى يوسيف لبيد، الذى قال
(نحن نتطلع إلى أنيتولى شخص مثل دحلان قيادة السلطة فى قطاع غزة ويكون قادراً على
ضرب حماس والجهاد،لكن يتوجب علينا ألا نقوم بمعانقة دحلان عناق الدببة، حتى لا
تظهر حركته كما لوأنها كانت فيلماً إسرائيلياً)، على حد قول لبيد.
رئيس
الوزراء الصهيونى أرييل شارون علّق بشكل عام على ما يجرى أمام وزرائه منوهاً إلى
ما يعتبره (إنجازاً كبيراً) حيث قال (هناك البعض حتى من بين الوزراء الذين يجلسون
حول هذه الطاولة من شكك فى صوابية الخطوة التى أقدمت عليها عندما أعلنت أنه يتوجب
تغيير قيادة السلطة الفلسطينية وباستبدالها بقيادة تكون قادرة ومستعدة للتجاوب مع
مصالحنا الأمنية،وهاهم بعض الفلسطينيين يتوصلون إلى نفس القناعة التى حاولت القوة
الإسرائيلية تجسيدها على أرض
الواقع).
لكن بخلاف
ما كان يتمناه فلم يصمت الإسرائيليون طويلاً كعادتهم، وفاجأوه بالحديث عن حقيقة
الاتصالات التى ربطته بهم عندما كان يشرع فى تنفيذ خطته الهادفة للسيطرة على حركة
(فتح)، ومن ثم على السلطة الفلسطينية بشكل كلى فقد كشف مدير مكتب رئيس الوزراء
الإسرائيلى دوف فايس جلاس أن اتصالات حثيثة جرت بين دحلان واثنين من أكثر قادة
الأجهزة الأمنية الصهيونية تطرفاً فى قمع الفلسطينيين، ومن ناحية ثانية يُعتبران
من أكثر المراهنين على دور دحلان لتحقيق الأهداف الإسرائيلية. فقد تبين أن دحلان
يجرى اتصالات
مع كل من آفى ديختر، رئيس جهاز المخابرات الداخلية الإسرائيلية (الشاباك)، وهو
الجهاز الذى يتولى بشكل عملى مهمة قمع الشعب الفلسطيني، والتصدى لمقاومته الباسلة، فضلاً عن أن
ديختر –وبخلاف بقية قادة الأجهزة الأمنية- مازال يدعى أن القوة العارية وحدها القادرة على
وقف المقاومة، أما الثانى فهو
الجنرال عاموس جلعاد، مسئول قسم التخطيط السياسى فى وزارة الحرب الصهيونية، وهو من
كشف زميل سابق له بأنه قام بـ(فبركة) تقييمات استخبارية من أجل إقناع
الحكومة الإسرائيلية بأن رئيس السلطة الفلسطينية ليس أهلاً لأن يكون شريكاً للدولة
العبرية فى أي تسوية سياسية، إلى دعوة جلعاد إلى قتل عرفات، فهل كانت مجرد مصادفة
أن يختار دحلان الاتصال بهذين المتطرفين من بين قادة الأجهزة الأمنية؟
رهانات إسرائيلية علنية على ما جرى الذى كان بادياً للعيان منذ أن انطلقت حركة التمرد التى أعلن دحلان تأييدها لها، هو استغلال (إسرائيل) لها فى كل المجالات، على الشكل التالى:
رهانات إسرائيلية علنية على ما جرى الذى كان بادياً للعيان منذ أن انطلقت حركة التمرد التى أعلن دحلان تأييدها لها، هو استغلال (إسرائيل) لها فى كل المجالات، على الشكل التالى:
حرص
الناطقون باسم الحكومة الإسرائيلية على استغلال عمليات حرق المؤسسات العامة
واختطاف المسئولين، وهى عمليات قام بها من يتسترون بدعوات الإصلاح فى الساحة
الفلسطينية فى شن حملة إعلامية دعائية، بالقول أن مثل هذه التصرفات تثبت أن
الفلسطينيين لا يستحقون الحصول على دولة، وكيان سيادي،كما قال ذلك صراحة وزير
الدولة الإسرائيلى عوزى لانداو.
تشتيت جهد
المقاومة: التقييمات التى أعدتها المؤسسات الاستخبارية الإسرائيلية فى مطلع
الأحداث أكدت أن هذه الأحداث ستفيد الدولة العبرية، إذ إنها ستعمل على تشتيت جهود
الفلسطينيين وبالذات حركات المقاومة، حيث إن هذه الأحداث ستشد الأذرع العسكرية فى
هذه المرحلة أو تلك للانخراط فيها، وترك المواجهة مع (إسرائيل)، وسائل الإعلام
الإسرائيلية حرصت على ترديد البيانات التى يطلقها الفرقاء فى فتح من أجل تشجيع
مواصلة الاحتكاك، وتطوعت وسائل الإعلام الإسرائيلية لإجراء عشرات المقابلات مع
ممثلى الفريقين لتحقيق نفس الغرض دون أن يعى أي منهم خطورة ما يقدمون عليه. فيالوقت
نفسه فإن انخراط عناصر الأجهزة العسكرية فى الأحداث يسهّل عمليات رصدهم وإلقاء
القبض عليهم والمسّ بهم، بسبب ميلهم للتحرك بشكل أكبر وعلنى فيتم رصدت حركاتهم من قبل العملاء
والمنظومة الاستخبارية الإسرائيلية التى تعمل على مدار الساعة.
أكد عدد من
المعلقين الأمنيين والمختصين بالشئون الفلسطينية من الصحافيين الإسرائيليين أن
الأحداث عملت على المسّب صدقية الحركات الفلسطينية فى أوساط الرأي العام
الفلسطيني. وأشار رونى دانئي
لمراسل القناة الثانية فى التلفزيون الإسرائيلى إلى أن القيادات العسكرية
الإسرائيلية تبدى ارتياحها لأن انشغال جهات تدعى انتسابها إلى أذرع عسكرية
يؤدى فى
النهاية إلى المسّ بصدقية هذه الأذرع، وبالذات (كتائب شهداء الأقصى)، حيث نشط
معسكر دحلان وكذلك موسى عرفات فى تجنيد الكثير من منتسبى الأجهزة الأمنية الذين
ادعوا أنهم أعضاء فى (كتائب شهداء الأقصى).
فرض جدول أولويات جديد للشعب
الفلسطيني: وهناك نقطة أبدى الإسرائيليون ارتياحهم لها، وهى حقيقة أن الأحداث الأخيرة فرضت جدول
أولويات مغايراً للشعب الفلسطينى، فبدلاً من التركيز على مقاومة الاحتلال والتجند
لمواجهته تمّ إلهاء الناس بالحديث عن (الإصلاح) المزعوم.
هناك بعض
المراقبين من قال إن التدخل الإسرائيلى فى الصراع داخل فتح تعد بمرحلة
الرهان إلى مرحلة التدخل العملى والتنسيق مع معسكر دحلان.
ومنهم من
قال إن تعمد (إسرائيل) تشديد الخناق على الشعب الفلسطينى فى قطاع غزة بالذات أثناء بدء عملية
التمرد، كان الهدف منه منح المناخ المناسب لحركة دحلان بالنجاح.
لكن على كل
الأحوال فقد أقرت (إسرائيل) بفشل مخطط دحلان وانهياره بشكل كبير، وقد ادعى رئيس
شعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلى أهارون زئيفى فركش، أمام لجنة
الخارجية والأمن التابعة للكنيست أن حركة دحلان فشلت، لأنها بدأت مبكرة ولأنه لم
يستخدم كل قوته فى المواجهة. لكن ما لم يقله فركش هو أن الشعب الفلسطينى هو الذى
أحبط هذه الحركة، لأنه يعى أن الذين يطالبون بالإصلاح ومحاربة الفساد ليسوا أقل
فساداً من خصومهم.
اتهم عضو
المجلس التشريعى والثورى لحركة فتح، حركة حماس بالوقوف وراء “حملة التشويه” التى
مارستها ضده وارتبطت به طوال الفترة الماضية.
وقال فى
حوار موسع مع “الحقيقة الدولية”: إن عداء حماس لى يعود إلى أننى افهمها أكثر مما تفهم حماس نفسها..
وأعرف كيف تفكر وما هى مخططاتها
وأهدافها الحقيقية.
وأضاف
دحلان "أن حماس جزء من محور سورى/إيرانى يضم حزب الله للعمل على عرقلة عملية
السلام" متهما إياها بأنها تتلقى أموالاً من إيران وقال: هى لا تنكر ذلك فقد
اعترف إسماعيل هنية بأن حماس تلقت من إيران مبلغ 800
مليون دولار.
ورأى دحلان
أن أخطر ما يواجه القضية الفلسطينية اليوم هو استهتار حماس بالحدود المصرية، وهو
الاستهتار الذى سيدفع بإسرائيل إلى الاستهتار بحدودنا وإنهاء
ما تبقى منها.
وأشار إلى
أن إسرائيل قامت بالفعل بتسجيل ما حدث بالصوت والصورة لاستخدامه فى أية مفاوضات
قادمة، موضحاً أن حماس أخطأت التقدير عندما توهمت أنها باقتحامها المعبر سوف تجبر
مصر وإسرائيل وأمريكا على التعامل معها لكسر عزلتها، الأمر الذى لم يتحقق، وفيما
يلى نص
الحوار:
أولا وقبل
كل شيء نريد أن نعرف ظروف انسحابك من السلطة وهل جرت إقالتك أم انك استقلت بنفسك؟
لا لم
يجبرنى أحد على الاستقالة فقد غادرت فلسطين يوم 28/3 قبل وقوع الانقلاب بثلاثة
أشهر عندما دخلت المستشفى للعلاج وقدمت استقالتى بعد أن رأيت أن منصب مستشار الأمن
القومى والذى كنت أشغله والمخول بمهمة إعادة بناء المؤسسة الأمنية لم يعد له وجود.
ولكن
التقرير الذى أصدرته لجنة التحقيق فى فتح حملك مسئولية ما حدث؟
التقرير
أثار حفيظة اللجنة المركزية الذى حملها مسئولية عدم الانصياع لقرارات أبو مازن.
وأعتقد أن التقرير أنصفنى، ويكفى أننى الوحيد الذى قبلت تكليف أبو مازن بالعودة
إلى غزة أثناء الأحداث بينما رفض الآخرون ذلك.
هناك من
يقول إنك كنت تخطط للانقلاب على حماس بمساعدة أمريكية فما حقيقة ذلك؟
هذا ليس
صحيحا، فقبل الانقلاب الذى قامت به حماس بثلاثة أشهر كنت موجودا فى المستشفى لتلقى
العلاج فكيف أقوم بالانقلاب.
والواقع أن الأكاذيب التى
تروج ضدى مبعثها حركة حماس نفسها.
قالوا بأنك
تعهدت لإسرائيل باغتيال الرئيس ياسر عرفات
فما حقيقة ذلك؟
هذا ليس
صحيحا فقد كنت واحدا من أقرب المقربين من الرئيس الراحل ياسر عرفات وترعرعت على
تعاليمه ومبادئه وإن كان هذا لا ينفى الاختلاف فى وجهات النظر فى بعض الأحيان.
ورغم أنه كان يدير الأمور بشكل فردى، إلاَّ أنه كان يستمع للرأي الآخر وحماس نفسها
لا تعترف بأي زعيم
فتحاوى فقد سبق أن قالت عن أبو مازن بأنه زعيم شريف ثم اتهمته بعد ذلك بالخيانة.
ولكن البعض
يعتبرك رجل إسرائيل فى السلطة الفلسطينية؟
هذا ليس
صحيحاً، ولكننى أستفيد من الثغرات الموجودة فى طبيعة السلطة داخل إسرائيل بما يحقق
صالح الشعب الفلسطينى، وللأسف فإننا لا نجيد الاستفادة من تلك الثغرات فعلى سبيل
المثال استطاع ثرى يهودى بما حصل عليه من أموال القمار من شراء بنايات فى القدس
بينما العرب الذين يتباكون على القدس لا يفعلون شيئاً بالإضافة إلى هذا فإن لعرب
48 حقوقاً داخل إسرائيل لا نستفيد
منها.
رغم
ابتعادك عن السلطة فإن البعض لا يزال يقول بأنك تدير أموال الرئيس
الراحل ياسر عرفات فى مصر؟
هذا أيضا
جزء من أكاذيب حماس فعرفات لم يكن يملك أموالا فى مصر حتى أديرها فقد عاش فقيرا
ومات فقيرا. وكان كل ما يملكه 5ملايين دولار منحة من السلطان قابوس ووضعها فى حساب
ببنك مصرى، ولا يوجد لدى أبراج
فى دبي كما
يزعمون ولقد أطلقوا شائعة فى البداية أننى أملك فندقا فى غزة ثم ثبت أن هذا
الفندق مملوك للسلطة الفلسطينية والمستندات تثبت ذلك.
ما
هى أسباب
هذا العداء الشديد بينك وبين حركة حماس؟
لا يوجد
عداء شخصى بينى وبين حركة حماس فقد أشاعت حركة حماس من قبل أن عداءها لحركة فتح
يرجع إلى عدائها لمحمد دحلان وثبت بعد ذلك كذب هذا الإدعاء فاستمرت حملة الهجوم
على فتح رغم أننى تركت
السلطة والواقع أن عداء حماس لى يرجع إلى أننى أفهم حركة حماس أكثر مما تفهم حماس
نفسها وأعرف كيف يفكرون وما هى مخططاتهم وأهدافهم الحقيقية.
فى ظل حالة
الانقسام الحالية بين حماس وفتح قيل إن لك مبادرة لتحقيق المصالحة بين الطرفين فما
هى تفاصيل
تلك المبادرة؟
ليست
مبادرة بالمعنى المعروف ولكننى رأيت فى ظل الانسداد السياسى الحالى بين الطرفين بسبب تعنت حماس
وتمسك كل طرف بشروطه مع استمرار استغلال إسرائيل لتلك الحالة لتنفيذ مخططاتها
التوسعية وممارسة مزيد من القتل للشعب الفلسطينى أن تقوم حماس بتسليم مقرات
الرئاسة والمقرات الأمنية إلى هيئة عمل وطنى مكونة من مختلف الفصائل والقوى
السياسية فى قطاع غزة وبعد ذلك ينطلق حوار بين الطرفين، ورغم أن هذا الحوار قد
يستغرق وقتا طويلاً إلاَّ أن حماس لن تستمر إلى ما لا نهاية فى سرقة الشعب
الفلسطينى وسرقة السلطة الفلسطينية فى غزة ورغم عدم قبول حماس لتلك الفكرة إلا أن
من واجبى كعضو للمجلس التشريعى الفلسطينى وأنتمى لحركة فتح أن
أتقدم بتلك المبادرات لإنقاذ الشعب الفلسطينى.
وأنا أعتبر
المبادرة اليمنية التى طرحها الرئيس اليمنى على عبد الله صالح مبادرة جيدة وشاملة،
ومن يرفضها يعنى أنه يرفض الحوار الوطنى ويعطى لإسرائيل الفرصة لمزيد من سفك
الدماء.
هناك
تهديدات من حماس بإعادة اقتحام معبر رفح، فما هو تقييمكم لهذا الاقتحام فى ضوء
المخططات الإسرائيلية لتوطين الفلسطينيين
فى سيناء؟
هذا الاقتحام
يعد أخطر ما واجه القضية الفلسطينية فالاستهتار بالحدود المصرية يمكن أن يؤدى
بإسرائيل إلى الاستهتار بحدودنا وإنهاء ما تبقى من حدودنا، ولقد قامت إسرائيل
بالفعل بتسجيل ما حدث بالصوت والصورة لاستخدامه فى أية مفاوضات قادمة وفى الواقع
أن حماس أخطأت التقدير عندما توهمت أنها باقتحامها المعبر سوف تجبر مصر وإسرائيل
وأمريكا على التعامل معها لكسر عزلتها فهذا لم يتحقق بل أن الدعم الأوروبى لحماس ضعف.
وأعتقد أن
تصريحات خليل الحية «عضو المجلس التشريعى عن حركة حماس» تضر بالقضية
الفلسطينية لأن هدف إسرائيل إزالة الحدود مع مصر لكي تتحمل مصر المسئولية
القانونية عن إدارتها وتتخلى هى عن تلك المسئولية رغم أنها دولة
احتلال مسئولة قانونيا عن إدارة القطاع.
ولكن حركة
حماس اعتبرت أن المآسى التى يعانى منها الشعب الفلسطينى حالياً ناتجة
من اتفاقية المعابر التى وقعتها السلطة مع إسرائيل عام2005 ودعت أن يكون معبر رفح
معبرا فلسطينياً مصرياً خالصا فما هو تقييمك لهذا الاقتراح؟
اتفاقية
المعابر تعد إنجازاً فلسطينياً فلأول مرة يسيطر الفلسطينيون على معبر حدودى بصورة
نسبية كما أنه يعطى الحق
للفلسطينيين فى مراجعة الاتفاق كل عام وأتاح معبر رفح خلال فترة عمله قبل سيطرة
حماس عليه عبور الفلسطينيين منه دون منع أحد بل أن بعض الشخصيات الذين لم يكن لهم
حق العودة إلى قطاع غزة مثل شقيق محمود الزهار عادوا لغزة عبر معبر رفح ولا يتم
إغلاق المعبر إلاَّ يومين فقط فى الأسبوع ورغم أن هذا الاتفاق ليس الاتفاق الأمثل
إلا أنه أفضل ما يمكن الخروج به فى ظل تلك الظروف.
وإذا
استطاعت حماس الحصول على أفضل من هذا الاتفاق فلتفعل ذلك إلاَّ أن المعبر تم
إغلاقه بشكل دائم بعد اختطاف حماس للجندى الإسرائيلى شاليط أي أن حماس هى
المسئولة عن إغلاق هذا المعبر.
هناك
اتهامات توجه إلى إيران وسوريا بأنهما تدعمان حركة حماس لإفساد أية تسوية سلمية،
فكيف تنظرون لهذا الأمر؟
هذه حقيقة،
فحماس جزء من محور سورى/إيرانى يضم حزب الله ويعمل على عرقلة عملية السلام، فحركة
حماس تتلقى أموالاً من إيران وتعترف بذلك فقد اعترف إسماعيل هنية بأن حماس تلقت من
إيران مبلغ800 مليون دولار.
وهل إيران
برأيك مسئولة عن عرقلة أي اتفاق بين مصر وحماس فيما يتعلق بالجندى الأسير شاليط؟
لا أعتقد
هذا، فما أقدمت عليه حماس بخطف الجندى الإسرائيلى شاليط يعد غباءً سياسياً ودفعنا
ثمنه1000 شهيد وبعد أن كانت حماس تطالب بالإفراج عن1200 سجين أصبحت تطالب الآن بـ
450سجيناً فقط.
أشارت
العديد من التقارير إلى وجود فساد واسع فى قيادات السلطة ومن ضمنها أنت فما حقيقة
ذلك؟
يوجد
بالفعل فساد فى السلطة ولكن مبالغ فيه وليس بالشكل الذى تنشره الصحف والذى عادة
يكون نقلا عن مصادر إسرائيلية.
وقد أدعت
قناة الجزيرة وكاتب بريطانى بأننى أملك شققاً وأبراجاً فاخرة بالملايين وهذا غير
حقيقى وكل ما أملكه بيت اشتريته من عائلة الشوا بمبلغ 38 ألف دينار وقد قمت برفع
دعوى قضائية ضد القناة.
طرح الرئيس
أبو مازن فكرة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية مبكرة فما هى فرص فوز فتح بتلك الانتخابات لو تم
الاتفاق على إجرائها؟
لا يمكن
إجراء تلك الانتخابات فى ظل انفراد حماس بالسيطرة على قطاع غزة ولكن لو فرض وأجريت
تلك الانتخابات فأعتقد أن الشعب الفلسطينى سوف يراجع مواقفه من حماس
بعد أن شاهد أفعالها.
وأعتقد أن
المخرج لهذا المأزق الذى نعيشه هو إجراء مصالحة بين فتح وحماس ومعالجة جراح
المرحلة الماضية.
طرح الرئيس
الأمريكى السابق بوش فكرة إقامة دولتين فلسطينية وإسرائيلية قبل نهاية هذا العام
فما هى فرص إقامة تلك الدولة؟
الدولة
الفلسطينية لن تعلن ولو بعد سبع سنوات، فخلال السنوات القادمة سوف تجرى الانتخابات
فى فلسطين وإسرائيل وأمريكا وسوف ينشغل كل طرف بأموره الداخلية وإسرائيل تريد
الإبقاء على هذا الوضع لأنه أفضل وضع بالنسبة لها.
وما هو
السيناريو الذى تتوقعه على الساحة الفلسطينية؟
أرى أن
الأوضاع سوف تجبر حماس وفتح على العمل معا بشرط عدم الاحتكام إلى العنف، فلابد من
طريق النضال والكفاح المشترك على أساس برنامج واقعى ينقذ شعبنا من حالة النكبة
الحالية للتاريخ: محمد دحلان:::حماس واستهتارها هو أخطر ما يواجه قضيتنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق