الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

ن مهددة بأنفلونزا الطيور (تحقيق) 22 ألف مزرعة دواجن مهددة بأنفلونزا الطيور (تحقيق)



ن مهددة بأنفلونزا الطيور (تحقيق) 22 ألف مزرعة دواجن مهددة بأنفلونزا الطيور (تحقيق)

- 60% من الكتاكيت تموت سنويًا بسبب الأوبئة.. وأغلب الأمصال والتحصينات فى الأسواق مغشوشة - أصحاب المزارع: الزراعة والصحة ليس لهما أى دور رقابى علينا.. و30% من مزارعنا غير مرخصة - محال الدواجن: شركات الاحتكار رفعت أسعار "الكتكوت".. ومتعهد الأعلاف ساهم فى زيادة أسعار اللحوم البيضاء - د. حسين على: 250 مليون طائر منزلي بعيد عن رقابة الصحة والزراعة.. والطيور المهاجرة خطر يهدد 32 موقعًا في مصر - د. إجبرت مندت: درست جميع الخصائص الاجتماعية المصرية قبل العمل على اللقاح.. وبالهندسة الوراثية يمكننا القضاء عليه تحقيق- تهانى عبد السلام: "الشتا جاى بقسوته والفراخ اللى حليتنا هتموت".. عبارة كثيرًا ما ستسمعها داخل جدران مزارع الدواجن فى مصر، فقد أضحى فصل الشتاء بما يحمله من عوامل مساعدة لانتشار أنفلونزا الطيور هاجس أصحاب مزارع الدواجن، الذين شكوا من نفوق أكثر من 60% من إنتاجهم السنوي في فصل الشتاء نتيجة للأوبئة المختلفة. "الزراعة والصحة ملهومش أى دور رقابي علينا.. وعشان كده هتلاقى 30% من مزارعنا غير مرخصة".. تلك هى الكارثة التى كشف عنها أصحاب مزارع الدواجن، فرغم أن مصر بها ٢٢ ألف مزرعة للدواجن، يعمل منها نحو ١٨ ألف مزرعة، بعد أن اضطرت 20% من تلك المزارع للإغلاق نتيجة للخسائر، هناك أيضًا أكثر من 5 آلاف مزرعة غير مرخصة بنسبة تتخطى 30%، مبينين أنهم لا يجدون أي وسائل علاجية مساعدة تساهم فى حل الإشكالية الصحية للدواجن، وأن أغلب الأمصال والتحصينات فى الأسواق مغشوشة. "أنفلونزا طيور.. وأوبئة بيئية.. وأمصال مغشوشة.. وشركات احتكارية.. وبورصة غائبة".. كلها عوامل رئيسية جعلتنا نخرج فى جولة ميدانية إلى محافظة القليوبية وتحديدًا قرية "قلما" إحدى قرى مركز مدينة قليوب بمحافظة القليوبية باعتبارها إحدى أهم القرى المنتجة للدواجن بانتشار المزارع وتجار اللحوم البيضاء بها، للتعرف على حجم الإشكالية التي يتعرض لها قطاع اقتصادى يتجاوز 25 مليار جنيه سنويًا. قرية "قلما" لمن لا يعرفها مجرد قرية صغيرة تقع على طريق القاهرة الإسكندرية الزراعي، وصلنا إلى منتصف القرية على بُعد نصف كيلو متر من الطريق الزراعي، ومن هناك استقلت عدسات "المصريون" أحد التكاتك المتراصة انتظارًا لزبون، تحرك "التوك توك" لأكثر من خمس دقائق داخل القرية حتى وصل إلى المنطقة الزراعية، وهناك وقفت أكثر من ثلاثين مزرعة بعيدًا عن القرية بحوالى 100 متر فقط. "الشتا إللى فات أكثر من 50% من إنتاجي راح في الوبا.. عشان كده أسعار اللحوم البيضا زادت كتير".. بتلك العبارة استقبلنا محمد جمعة، صاحب إحدى المزارع، مبينًا أن الكثير من التحصينات واللقاحات المستوردة الموجودة في الأسواق "مغشوشة" وغير صالحة للاستخدام، وأن الكثير من الدواجن ظهرت فيها أعراض الفيروسات وعلى رأسها فيروس الأنفلونزا رغم التحصينات. وأوضح جمعة، أن كل شتاء تهاجم مزارع الدواجن العديد من الفيروسات، وعلى الأخص في منتصف شهر نوفمبر يزداد معدل الإصابة، وأن السبب الرئيسي يعود إلى التحصينات المضروبة، مشيرًا إلى أن تلك الأوبئة قضت على نصف الإنتاجية، وبشكل جعل أكثر من 70% من العاملين في المزارع يتركون العمل فيها. الكارثة التي أكد عليها محمد جمعة أن كل الأمراض التى تسببت في نفوق هذه النسبة الضخمة من الدواجن كلها أمراض فيروسية، وعلى رأسها فيروسات "نيوكاسل" و"أى بي" و"أنفلونزا الطيور"، مؤكدًا فى الوقت نفسه غياب أي دور رقابي لوزارتي الزراعة والصحة على التحصينات المغشوشة، أو حتى عن الأعلاف المصابة. الأكثر من ذلك وفقًا لجمعة، صاحب المزرعة، أن غياب رقابة الزراعة والصحة لم يطل فقط التحصينات المغشوشة، ولكنها طالت أيضًا ما ترتب عليه من إصابة نتيجة الاستخدام الخاطئ لتلك التحصينات، موضحًا أن الرقابة اختفت تمامًا على سماسرة البورصة التى خالفت الأسعار الرسمية التى تطلقها البورصة، سواء للعلف أو لأسعار الكتكوت، مما أدى إلى رفع أسعار اللحوم البيضاء بشكل كبير. وقال جمعة، إن سماسرة البورصة رفعوا أسعار الأعلاف بشكل مبالغ فيه، ففي شهر واحد زاد سعر طن العلف من 1900 جنيه إلى 4700 جنيه، وأن متعهد الأعلاف الوحيد فى محافظة القليوبية يقوم باستيراد خامات الأعلاف، ويعد أحد المتهمين مع وزير الزراعة فى قضية الفساد، مبينًا أن غلاء الأسعار للحوم البيضاء مفتعلة بفعل محتكري الأعلاف، وأن شركات احتكار "الكتكوت"، لا تلتزم بسعر البورصة، والتى تحدد أربعة جنيهات فقط لسعر الكتكوت، فى حين تضيف الشركات جنيه ونصف على كل كتكوت. انتقلت كاميرا"المصريون" إلى مزرعة محمد جمال الدهان، والذي اهتم كثيرًا قبل دخولنا أن نرتدي أحذية خاصة بالمزرعة خوفًا من انتقال أي عدوى لمزرعته قائلاً: "المزرعة فيها كتاكيت عمرها ساعتين ممكن تلقط أى مرض.. والطريق كله مزارع دواجن وممكن يكون على الطريق أى مرض ينتقل لهم"، امتثلنا لخط الحماية والأمان الذى يتبعه فى مزرعته، وهو عبارة عن "بوط" خاص بالمزرعة، وإناء صغير به مياه ببعض المطهرات البسيطة التى يجب على كل من يدخل المزرعة أن يغمس أقدامه فيها قبل دخوله. المزرعة كانت عبارة عن عنبر طويل مقسم إلى ثلاثة أقسام بواسطة مشمع سميك، لحجز الهواء الرطب عن الكتاكيت لأنهم يحتاجون إلى حرارة مرتفعة، وأن عمال المزرعة سيقومون برفع أحد المشمعات عندما تكبر الكتاكيت لتوسيع المكان لهم، وكان العنبر مجهز بشكل كبير لتوفير حرارة مناسبة للكتاكيت، والأرضية مغطاة بنشارة الخشب. الغريبة، أن صاحب المزرعة والعاملين فيها اهتموا بارتداء الأحذية الخاصة خوفا على صحة "الكتاكيت"، ولم يرتدوا كمامات خوفا على صحتهم، وحينما سألت محمد الدهان عن ذلك قال: "مفيش أنفلونزا طيور.. أحنا طول النهار والليل مع الكتاكيت والفراخ ومفيش أى مشاكل.. وأنا محصن الكتاكيت"، مبينًا لى أن نشارة الخشب المفروشة على الأرض تباع للمزارعين فى الأراضى الصحراوية بعد كل دورة كسباخ بلدى يسمى "سبلة" لتخصيب الأراضى الصحراوية، وأنه بعد كل دورة يقوم برش الأرضيات بالفنيك والفورمالين للتطهير، ثم رش الجير الحى حتى يقتل أى ميكروب بعد كل دورة. "موظفو الصحة لا يهمهم أى رقابة.. كفاية عليهم الجباية والأموال التى يحصلونها كل فترة".. هكذا عبر محمد الدهان عن دور وزارة الصحة الرقابى فى متابعة مزارع الدواجن، مبينًا أن موظفى وزارة الصحة يأتون إلى مزارعهم بعد نهاية كل دورة لإجراء بعض التحاليل السريعة، وفى النهاية يحصلون على 600 جنيه دون أن يكتبوا أى تقرير، موضحًا فى الوقت نفسه أنه لا يهتم بموظفى الصحة لأنه يتعامل مع طبيب بيطرى يعمل بالمركز القومى للبحوث، ولا توجد لديه مشاكل صحية، فوزارة الصحة غرامة ليس لها معنى. والحقيقة، أن "أنفلونزا الطيور"والأوبئة الداجنة لا يعانى منها فقط أصحاب المزارع، ولكن باعة الطيور "الفرارجية" هم أيضا يعانون الأمرين من غياب الرقابة الصحية والبيطرية، فرغم انتشار محلات بيع الدواجن فى كل شارع وكل حارة، إلا أن أغلبها يعانى غياب الرقابة هو الآخر، وطبقًا لأغلب الباعة "مفيش حد من الصحة بيشوفنا". "أنا مش مقتنع أصلاً أن فى أنفلونزا طيور فى الفراخ بتموت العاملين.. أنا شغال بقالى 15 سنة مع الفراخ وعمرى ما أصبت بمرض"، هكذا دافع حسين جاد الحق الذى يبلغ من العمر 27 عامًا ويعمل فى أحد محلات الدواجن، فهو يرى أن مرض أنفلونزا الطيور مجرد شائعة أطلقتها الدولة فى عهد حسنى مبارك لحماية رجال الأعمال الكبار الذين يستوردون الدجاج المجمد من الخارج، واستطرد قائلاً وهو يهش عن الذباب الذى يقف على الدجاج المقطع أمامه "وربنا أنفلونزا الطيور دى نعمة، أول الشائعة ما ظهرت الناس أكلت فراخ كتير". وقال البائع، إنه قبل أنفلونزا الطيور كان يستعين بشهادة صحية، وانه كان يقون بتصوير الشهادة ويقوم بتعليقها على الحائط، وأن رجال التموين والصحة كانوا يمرون على المحلات، مبينا أن وزارة الصحة لا تعلم أى شيء عن محلة، لأن هذا المحل بدون ترخيص مثله مثل آلاف المحلات الأخري، كما أنه لا يمتلك شهادة صحية، وهذا حال كل محلات الدواجن الموجودة فى المنطقة، قائلاً: "بشترى الفراخ من المزارع ولو الفرخة شكلها تعبان لا اشتريها، عمرى ما شوفت أنفلونزا الطيور، لكن لو شوفتها هبلغ عن المزرعة". أما إسلام جمال، الذى يعمل عاملاً فى أحد محلات الدواجن فيشكوا أنه ليس لديه شهادة صحية، قائلا "حاولت أعمل شهادة صحية معرفتش، المحل له شهادة بس أنا معنديش، مع أنى شغال فى المهنة من 12 سنة"، توقف عن الكلام لينفث دخان سيجارته ثم استطرد قائلاً: "مفيش أنفلونزا طيور دى شائعات، لكن لو صادفتها لن أبلغ عن صاحب المزرعة طبعا، لأن لو مزرعة بالملايين أعدمتها الحكومة صاحبها مش هيمسى عليا أكيد هيموتنى". فى حين قال أحمد المنصورى صاحب محل دواجن بالقليوبية، إنه كان يملك محلا فى منطقة عبود، وأن الشرطة كانت تنزل تعدم الدواجن الموجودة فى المحل وفى المحلات الموجودة فى المنطقة وهذا ما جعلهم يلجأون إلى رشوة أحد أمناء شرطة قسم عبود، فكل محل كان يدفع له 200 جنيه شهريًا ليبلغهم بأى حملة، قائلاً "أنا نقلت هنا عشان مش عاوز مشاكل أنا صاحب عيال وعاوز أربيهم". طيور المنازل وطيلة عشرة سنوات مضت وتحديدًا منذ نوفمبر 2006 تمكن فيروس أنفلونزا الطيور من التوطن فى البيئة المصرية، وقد ساعدته الثقافة والبيئة المجتمعية المصرية التى ترتبط بالطيور منذ عهد الفراعنة الأوائل، وفى ظل غياب الإحصاء الدقيق عن الطيور الداجنة التى يتم تربيتها فى المنازل والتى قدرها البعض بأكثر من 250 مليون طائر، تمكن الفيروس من التحور أكثر من مرة بشكل جعله يصيب الإنسان أيضا. "مصر أضحت الدولة الأولى عالميًا فى الإصابة البشرية من فيروس أنفلونزا الطيور".. بتلك العبارة بدأ الدكتور حسين على حسين رئيس قسم الفيروسات بطب بيطرى جامعة القاهرة حديثة، قائلاً إن نسبة الإصابة منذ بداية العام وحتى منتصفه بلغت 265 إصابة بالإضافة إلى 28 حالة وفاة. وقال الدكتور حسين إن النشرة الأخيرة لوزارة الصحة أكدت ازدياد حالات الإصابة فى مصر منذ مطلع عام 2014 إلى 65 حالة وفاة، رغم استخدام المضادات والتحصينات، مما يدل على ظهور عترات وأشكال جديدة للفيروس h5n1، مطالبًا بسرعة إيجاد استراتيجية قومية للتحكم فى انتشار الفيروس، سواء من خلال معالجة مشاكل صناعة الدواجن فى المزراع، أو من خلال تغيير السلوك الاجتماعى للبيئة المصرية التى تعتمد على التربية المنزلية بشكل كبير. وأوضح الدكتور حسين، أن الإشكالية الأخطر بالنسبة للدواجن المنزلية ممثلة فى عدم الرقابة وعدم توفير الحماية بعدم الاحتكاك بالطيور الغريبة التى قد تكون مصابة، مبينًا أن أهم مسببات نقل فيروس أنفلونزا الطيور تأتى من الطيور المهاجرة، وأن تلك الطيور تنزل فى 32 موقعًا بالمحافظات المصرية بدء من شهر ديسمبر من كل عام، وأنها تختلط ببعض النوعيات من الطيور المنزلية كالبط والأوز وغيرها، مما يساهم فى نقل الفيروس. الدكتور إجبرت مندت رئيس قسم البحث والتطوير الخاص بالدواجن مركز "بوهرنجر إنجلهايم" العالمى للبحوث البيطرية، والذى قام بتطوير لقاحاً فعالاً لمعالجة مرض أنفلونزا الطيور H5N1 والذى أطلق علية اسم "Volvac® B.E.S.T. AI+ND " خصيصا من أجل مصر لمساعدتها فى الحد من انتشار الفيروس، فيؤكد أنه قام بدراسة جميع الخصائص المصرية والبعد الاجتماعى للثقافة المصرية للخروج بلقاح يعمل على الحفاظ على الثروة الداجنة، من خلال تكنولوجيا جديدة قادة على استخلاص البروتينات من الفيروسات نفسها. وأوضح إجبرت، أن اللقاح الذى انتجه للمزارع المصرية يعد الأول من نوعه لاعتماده على تكنولوجيا الهندسة الوراثية التى استخدمها فى تحوير الفيروس نفسه، وأن هذا اللقاح آمن بشكل كبير على الصحة العامة، مشيرًا إلى إمكانية تحصين جميع الطيور السليمة بالـ"الفاكسين" حتي لا تصاب بالفيروس بإنتاج مضادات للفيروس بالفيروس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق