الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015


هل باع «السيسي» الوهم للمصريين؟

للى بيسأل عن العاصمة الجديدة يروحلها ازاي؟ انت تركب عربيات الخضار اللى توزعت على الشباب، من موقف المليون وحدة سكنية، وتنزل عند مستشفى الكفتة، هتنزل أول يمين عند يفطة الفرخة أم 75 قرش، واركب أى قطر سريع من هناك، كان ذلك سيناريو ملخصا بسيطا تداوله مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعى لإنجازات وهمية ساقها النظام للشعب طوال عامين من وجود عبدالفتاح السيسى على رأس السلطة. ضجيج بلا طحين، وحكومة ورئيس يتحدثان كثيرا ولا ينجزان حتى القليل، فمنذ الانقلاب على الرئيس محمد مرسى  فى الثالث من يوليو من العام 2013، كثير من المشروعات التى تم الإعلان عنها لكنها ومع مرور الوقت أضحت فنكوشا لا وجود ولا واقع له إلا فى أدمغة مروجيه ومدمنيه. عامان تقريبا، مؤسسات الدولة وأجهزة سيادية تملأ الدنيا ضجيجا، عن جهاز لعلاج فيروس سى الذى استعصى على كبرى شركات الأدوية فى العالم، ليأتى اللواء إبراهيم عبدالعاطي، مدعوما من عبدالفتاح السيسى يزف البشرى بتحويل الفيروس القاتل إلى “صباع كفتة” يتغذى عليه المريض، لينتهى الفنكوش الذى دعمته الحكومة إلى ملف فى أدراج المحاكم دون محاسبة لأحد بتهمة الاحتيال والنصب والتضليل، مرورا بمشروعات المليون وحدة سكنية، والمليون فدان والعاصمة الإدارية الجديدة وقناة السويس والمفاعلات النووية، مشاريع كان القاسم المشترك بينها بجانب كونها أوهاما لم يتحقق منها شيء على أرض الواقع، أن شركات إماراتية من تطوع بتنفيذها والترويج لها عبر منصاتها الإعلامية المختلفة. وفى هذا الملف نرصد أبرز 5 أوهام ساقها السيسى للشعب منذ أن بزغ نجمه منذ الانقلال على د.مرسي.
العاصمة الجديدة.. ميزانية الدولة لا تتحمل!
الأولوية للارتقاء بمعيشة المواطن، ميزانية الدولة لا تتحمل إنشاء العاصمة الجديدة”.. كلمات جاءت على لسان السيسي، لتوئد حلما فى مهد طفولته، فبعد أن عشَّمت الحكومة المصرية، المواطنين بعاصمة عالمية على غرار دبى وأبو ظبي، والخروج من أزقة وحوارى عاصمة المعز، تحول كل ذلك لهباء منثور. السيسى يؤكد أن ميزانية الدولة غير قادرة على تحمل إنشاء مشروع العاصمة الإدارية الجديدة والذى قيل إنه سيتم تنفيذه باستثمارات يتم ضخها من الخارج، وعد آخر للرئيس. وكان قد قيل إن العاصمة الجديدة مساحتها 3 أضعاف واشنطن، وإنها ستستوعب 7 ملايين نسمة وتضم 100 حى و21 منطقة سكنية، وتوفر 1.5 مليون فرصة عمل، وإنجازها فى 5 سنوات بتكلفة 45 مليار دولار. وعلى غرار عادته، وبالعودة للوراء قليلا، حيث المؤتمر الاقتصادى الذى عقد بشرم الشيخ، رفض السيسى تنفيذ المشروع فى مدة أقصاها 10 أعوام ولا حتى 7 أعوام، آمرا: “المشروع يجب أن ينتهى فى أسرع وقت، احنا جاهزين بكل حاجة”. ومع المؤتمر الاقتصادى الذى أقيم فى منتصف مارس الماضي، تصدر التهليل للعاصمة الجديدة عبر أبواق النظام الإعلامية التى صالت وجالت عبر شاشاتها تمدح فى المشروع الذى لم ير النور، حيث تحدثت عن مقار حكومية وأخرى للبعثات الدبلوماسية ووحدات سكنية وفنادق، وموقعة المتميز بين القاهرة ومدينة السويس والعين السخنة، وإنشاء مطار و90 كيلومترا مربعا من حقول الطاقة الشمسية، ويستهدف إنجاز ذلك فى غضون 5 إلى 7 سنوات بتكلفة 45 مليار دولار. ولم يفت النظام الاستخفاف بعقول المصريين، عندما قال مصطفى مدبولى وزير الإسكان فى حكومة إبراهيم محلب، إن مشروع العاصمة الجديدة هو “نتاج تخطيط علمي”. لم يتعلم ممن سبقوه ودخل فخ الوعود الكاذبة للمشاريع الضخمة والتى ستؤدى إلى كارثة، فمدينة السادات، والقرية الذكية، ومدينة نصر، كانت طموحات لعاصمة إدارية لأنظمة رحلت، لكنها وئدت فى مهدها وماتت بموت صاحب الفكرة، وكذلك عاصمة السيسى الإدارية ماتت فى مهدها، لكن الرجل مازال باقيا فى السلطة. المهندس ممدوح حمزة، الخبير الاستشارى المعروف هاجم مشروع العاصمة الجديدة منذ الإعلان عنه، قائلاً: “لا يحق للرئيس أو البرلمان أو الحكومة تغيير عاصمة البلاد ونقل مكانها فى الوقت الذى يتخطى فيه عمر القاهرة أكثر من 1000 عام”. وأضاف حمزة لـ”المصريون”: “لم أحزن على شيء فى حياتى مثلما أنا حزين الآن، ولم أر فكرة أسوأ من فكرة نقل العاصمة أو تغييرها من قبل”. وأشار حمزة إلى أن 6 دول فقط غيرت عاصمتها، وكلها دول ذات تاريخ محدود، ولم تكن تجاربها ناجحة، وتساءل: “أين رأى نقابة المهندسين، وجمعية المهندسين، ومنتدى الهندسة الاستشارية فى العاصمة الجديدة”؟
مشروع المليون وحدة سكنية

قبل عشرة أيام فقط من الموعد المقرر لبدء تسليم أولى وحدات مشروع المليون وحدة سكنية للمواطنين، أقر الجيش المصرى بفشل مشروعه لإنشاء مليون وحدة سكنية، بالتعاون مع شركةأرابتك” الإماراتية، وهو المشروع الذى قدمه السيسى إلى الشعب المصري، عندما كان وزيرا للدفاع، ووعد فيه بإنشاء مليون وحدة سكنية، خلال خمس سنوات، وتعهد بتوزيعها على الشباب ومحدودى الدخل بتيسيرات كبيرة. قبل عام فى أوائل عام 2014، كشف السيسي، أثناء خوضه غمار الانتخابات الرئاسية، عن مشروع المليون وحدة سكنية، بتكلفة 40 مليار دولار بالتعاون مع شركةأرابتك” الإماراتية، سرعان ما أصبح المشروع سرابا وضربا من الشعوذة على غرار مشروع اللواء عبدالعاطي، الخاص بعلاج مرضى الإيدز والذى بات يعرف بـ”جهاز الكفتة”، حيث تراجعت شركة “أرابتك” عن التنفيذ فى شهر سبتمبر، كما كان مقررا، وتم تأجيل التنفيذ عدة مرات. وفى أكتوبر 2014 أعلنت حكومة إبراهيم محلب وشركة “أرابتك” الإماراتية عن تراجعهما عن تنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية للمواطنين محدودى الدخل، ليتحول لمشروع للإسكان المتوسط والاستثماري. وخلال زيارة السيسى لدولة الإمارات منتصف يناير 2015، جددت شركة “أرابتك” وعودها بتنفيذ مشروع المليون وحدة سكنية، ليتجدد الأمل مرة أخرى لدى عدد من المواطنين الحالمين بسترة 4 حيطان. وزعم وزير الدولة الإماراتى سلطان الجابر خلال لقائه بالسيسي، أن شركة أرابتك الإماراتية ستبدأ الشهر المقبل، أى شهر فبراير2015، فى تنفيذ 120 ألف وحدة من مشروع المليون وحدة، بالتعاون مع القوات المسلحة المصرية. جاء ذلك فى الوقت الذى خيم فيه الضباب على مصادر تمويل المشروع الذى كانت شركة “أرابتك” أعلنت أن مصر لن تتحمل من تكلفته شيئا، وأن التمويل سيكون من الخارج، ومع ذلك لم تعلن الشركة عن مصير تمويل مشروع المقدرة تكلفته 40 مليار دولار. وفى مطلع يناير نشرت وسائل الإعلام عن عزم وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية طرح الإعلان الرابع ضمن مشروع الإسكان الاجتماعى “المليون وحدة سكنية”، لـ20 ألف وحدة سكنية فى 18 محافظة جديدة. ودفع هذا الخبر ملايين الشباب والطامحين للتساؤل: هل هناك مشروعان لمليون وحدة سكنية؟ وهل الحكومة تستعد لطرح مليوني وحدة سكنية، أم أنه مشروع واحد؟ وإن صح الطرح الأخير إذن فهو نصب رسمي.. فمتى تم تنفيذ المشروع وطرحه؟ ولمن تتبع تلك الوحدات السكنية التى سيتم طرحها؟ وبعد مرور قرابة العام على الإعلان عن المشروع، فجَّر اللواء كامل الوزير، رئيس أركان الهيئة الهندسية للقوات المسلحة، مفاجأة أكد فيها أن المشروع توقف بعد الاختلاف مع شركة “أرابتكالإماراتية، زاعما أن أسلوب الشركة فى الاستثمار لم يتماش مع شروط الدولة، رغم أن المشروع يبدأ أصلا، ليسدل الستار عن فنكوش آخر لنظام السيسي.
السيسى يدعم “طبيب الكفتة
أزف إليكم البشرى.. لن يكون هناك مريض بـ”فيروس سي” فى مصر بعد الآن بهذا الجهاز، سآخذ الفيروس من المريض وأعطيه له صباع كفتة يتغذى عليه، وهذا قمة الإعجاز العلمي”، بهذه الكلمات زف اللواء طبيب إبراهيم عبدالعاطي، البشرى إلى ملايين المصريين المصابين بفيروس “سي”. وتلقفت وسائل الإعلام المحلية والدولية نبأ تحويل الفيروس إلىكفتة”، فى مشهد لخص لأول مرة تذوق الأمل فى العلاج من مرض استعصى على كبرى المراكز البحثية فى الدول الغربية المتقدمة، ليولد “عبدالعاطي” بعدها أمل الشفاء فى قلوب ما يقرب من 18 مليون مواطن مصرى مرضى بفيروس “سي”. لكن الدكتور عصام حجي، المستشار السابق لرئيس الجمهورية، كان له رأى آخر فى ذلك التوقيت، إذ قال إن الجهاز “فضيحة علمية لمصر، وليس له أساس علمى واضح، إضافة إلى أن البحث الخاص بالابتكار لم ينشر فى أى دوريات علمية مرموقة”. تصريحات لم تعجب صاحب الاختراع ليعود، قائلا: “اختراعى له سر مثل بناء الأهرامات، وعُرض على 2 مليار دولار من إحدى الجهات خارج مصر حتى أنسى الجهاز، ولكنى رفضت بعد أن طلبت بتسجيله باسم عالم عربى مسلم، لتخطفنى المخابرات المصرية وتعود بى إلى أرض مصر بعدها”. وكان مقررا أن يتم بدء العلاج باستخدام جهاز علاج فيروس “سي” والإيدز للمواطنين المصريين فى 30 يونيو الماضي، إلا أن اللواء جمال الصيرفي، مدير الإدارة الطبية فى القوات المسلحة، أعلن تأجيل تطبيقه لمدة 6 شهور ـ تنتهى بنهاية الشهر الجارى ـ حتى الانتهاء من التجارب، وضمان عدم تعرض المواطنين لأى مخاطر فى حال علاجهم بالجهاز. وجاء ذلك بعد أن صاحب الإعلان عن “الاختراع”، وبعد شهر واحد من إعلان جهاز علاج “فيروس سي”، أعلنت وزارة الصحة عن اتفاق لتوفير علاج أمريكى لفيروس سى بمبلغ 300 دولار، فى واقعة لم تكن الوحيدة التى شككت الكثيرين فى جدية اختراع “عبدالعاطي”. إلى أن دفع المشير عبدالفتاح السيسي، وزير الدفاع فى ذلك التوقيت، إلى اتخاذ قرار بتشكيل لجنة طبية تضم كبار أساتذة الطب لإجراء دراسة بحثية علمية على هذا الاختراع جاءت لتزيد من علامات الاستفهام. وبدأت قصة ذلك الجهاز فى 22 نوفمبر 2013، حينما عرض التليفزيون المصرى تقريرا مصورا عن نجاح الهيئة الهندسية للقوات المسلحة فى ابتكار علاج جديد للمصابين بفيروسى “سي والإيدز”. لكن فى النهاية ثبت أن الاختراع لن يرى النور، ليكون بحق أكبر “فنكوش” خُدع به المصريون، لينتهى الفنكوش من صيدليات المستشفيات الكبير لملف محفوظ فى ساحات المحاكم.
ما زال “الحفر على الناشف” مستمرًا
أصبحت مقولة “الحفر على الناشفهى الأكثر انتشارا فى التعليقات الساخرة لمشروع تطوير قناة السويس، الذى ترتبط به دعاية نظام الرئيس عبد الفتاح السيسي، إلا أنه بجانب السخرية من الجملة التى تحمل إيحاءات جنسية، حاول معارضون للسيسى إجراء مقارنة بين مشروعه ومشروع الرئيس المعزول محمد مرسى بالنسبة لقناة السويس. المشروع الحالى لقناة السويس اختلف من محور تنمية متكامل بعرض 7 إلى 10 كيلومترات بطول القناة بالكامل والمقدر بـ193 كم، الذى تبناه الرئيس محمد مرسى فى وقت سابق، إلى مجرد مجرى ملاحى بطول 72 كم وتأسيس محطات الإمدادات والتموين اللازمة لذلك، وهو ما يجرى العمل به طبقا لتصريحات لمسؤولين فى النظام الحالي. وجمعت الحكومة عن طريق شهادات الاستثمار ما يزيد عن 60 مليار جنيه فى أسبوع ونصف لمشروع قناة السويس الجديد، وهو مشروع كان من المفترض أن يأخذ 5 سنوات من العمل فتم ضغطهم لثلاث سنوات، إلا أنه بعد تعقيب السيسى خلال كلمة للفريق مميش بـ”سنة واحدة كفاية”، أصبح من الممكن تنفيذه فى سنة واحدة. أثارت الدعاية الإعلامية المصاحبة للإعلان عن المشروع صخبا هائلا فى ظل غياب كامل للتفاصيل، وظهور كثير من المعلومات المغلوطة التى يصاحبها شعارات رنانة لتغييب الوعى عن الحقيقة، منها الدعاية بأن المشروع سيدفع بمضاعفة عدد السفن المارة، لكن ذلك العدد معتمد على حجم التجارة العالمية، وبالتالى تلك المكاسب المتوقعة أغلبها سيكون صعب التحقيق. والغريب فى الأمر أن المشروع يستهدف حفر قناة موازية بطول 72 كيلو خلال عام، فالقناة الموازية موجودة بالفعل منذ عام 1988 وبطول 68 كيلو مترا، عبارة عن تفريعة البلاح المعروفة بقناة فاروق والتى افتتحتها الشركة المؤممة يوم 23 يوليو 1951، بطول 10 كيلو مترات، وتفريعة بورسعيد التى افتتُحت يوم 19 مارس 1980 بطول 37.5 كيلو متر، وكذلك هناك أجزاء من صنع الطبيعة تدخل ضمن البحيرات المرة والتمساح، فهل يحتاج حفر 4 كيلو إضافية إلى كل هذه الأموال الطائلة والضجة الإعلامية الهائلة؟



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق