الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

الشرطة تحرق خيام «عرب النهضة» وتمثل بجثة أحد ذويهم 


الشرطة تحرق خيام «عرب النهضة» وتمثل بجثة أحد ذويهم 
 17 أكتوير 2015 16:02 الشيخ محمد حسان تدخل لحل الأزمة.. فأصدر محلب قرارًا بإنشاء قرية بدوية لهم كـ تعويض المسئولون امتنعوا عن تنفيذ قرار مجلس الوزراء.. ويحاولون تشريد 2000 مواطن الأهالي يستغيثون من بطش رئيس الحي ومأمور القسم: «فين القانون يا سيسي.. الباشا هددنا بالإخلاء أو الإزالة بالقوة» ورئيس الحي: «قرار مجلس الوزراء مينفعش.. إزاى يكون في قرية داخل عاصمة الجمهورية»!! يبدو أن الحكومات المتعاقبة على مر العقود بات شغلها الشاغل إلغاء تنفيذ قرارات الحكومات السابقة، دون النظر إلى صلاحية هذا القرار أو الفائدة من ورائه، وبدل أن يكون هدف الحكومة التخفيف عن المواطن البسيط والمساهمة في إزالة همومه، بات هدفها زيادة همومه وممارسة ضغوط عليه باستخدام السلطة المخولة لها وفقًا للقانون وفي الوقت ذاته بعيدًا عن الالتزام بالقانون فيما يخص حقوق المواطنين. "رضينا بالهم والهم مش راضي بينا" بهذه العبارات قابلنا أهالي عرب النهضة بحي السلام ثان بعد أن قررت محافظة القاهرة ورئاسة الحي إزالة خيامهم التي يقيمون عليها قبل 40 عامًا وقبل افتتاح الرئيس الراحل محمد أنو السادات للمدينة التي تم تخصيصها للموظفين وأصحاب العشوائيات بالقاهرة، حيث تم تخصيص الأراضي لهم بعد أن قامت قوات الشرطة بحرق خيامهم وماشيتهم قبل عامين. وعلى الرغم من صدور قرار من مجلس الوزراء حمل رقم 345 بتاريخ 17 فبراير لسنة 2015 ونشر بالجريدة الرسمية بتاريخ 26 من الشهر نفسه، موقع من المهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء السابق بتخصيص قطعة الأرض المقام عليها خيام الأهالي والبالغ مساحتها 18 فدانًا لإنشاء "قرية بدوية نموذجية" وبعد صدور قرار محافظ القاهرة الدكتور جلال مصطفى السعيد رقم 6092 بتنفيذ قرار مجلس الوزراء، فوجئ الأهالي برئيس حي السلام ثان اللواء محمد حماد ومأمور قسم السلام ثان، بطردهما من المنطقة المخصصة وإعطائهما مهلة عدة أيام لمغادرة المنطقة بالمخالفة لقرار مجلس الوزراء ومحافظة القاهرة. البداية في السبعينيات "المصريون" رصدت معاناة الأهالي والتي بدأت في سبعينيات القرن الماضي وعمدت الحكومات على ترحيل المشكلة دون إيجاد حلول، حيث استوطن الأهالي منطقة السلام، وقت أن كانت صحراء وبحسب طبيعتهم البدوية عمد الأهالي من العرب على رعي الغنم ونصبوا الخيام وحفروا الآبار ليتمكنوا من ممارسة حياتهم بعيدًا عن زحام العاصمة. وبعد أن قام الرئيس الراحل محمد أنور السادات بإنشاء مدينة السلام وافتتاحها بطائرة هليكوبتر بعد توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عقب حرب أكتوبر المجيدة، قامت محافظة القاهرة بترحيل الأهالي إلى المنطقة المجاورة للعمارات السكنية التي أقيمت عليها المدينة، وظل الترحيل مستمرًا مع توسع مدينة السلام وإنشاء قسم ثان ومدينة النهضة دون إيجاد أية حلول لمشكلة استيطانهم وتقنين أوضاعهم رغم تقدم الأهالي بشكاوى للأحياء ومحافظي القاهرة المتعاقبين. المأساة أعواد خشبية تحمل قطعًا من القماش المهلهل، تملؤها أسراب الذباب وتحيطها أكوام القمامة، تشكل خيامًا يتخذها هؤلاء البدو مأوى لهم في العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، حيث تلال القمامة التي يعيش عليها هؤلاء ولا تحمل خيامهم أية مظاهر للتحضر بخلاف عدة تليفزيونات تزين هذه الخيام للتسلية والإحساس أنهم يعايشون الحاضر، فليس هناك دورات مياه ووصلات الكهرباء عشوائية لإضاءة الخيام ليلًا إلى جانب عدم توفر خطوط للمياه، حيث يضطر الأهالي إلى قضاء حاجاتهم من المياه من العقارات المجاورة لهم من المساكن الاجتماعية، حيث لا يصف تعبير حالهم أكثر من كونهم يعيشون مأساة التشرد والطرد والجوع. كانت بداية جولتنا بعد الظهر حيث كان موعد قدوم أبناء هؤلاء الأهالي من المدارس ليدخلوا إلى خيامهم لتبديل ملابسهم والجلوس خارج الخيام لأداء الواجب المدرسي وكأننا عدنا من جديد إلى عصر الدولة الحديثة في القرن الثامن عشر، لتواجهنا إحدى الفتيات في الصف الخامس الابتدائي تدعي "وعد" قائلًة: "أنا زهقت وعاوزة أسيب المنطقة دي وأمشي من هنا" وكأنها رسالة مئات الأطفال من جيرانها بالمنطقة للحكومة بالنظر إلى حالهم وعيشتهم التي افتقدت أبسط المقومات للحياة الآدمية وتحذر من خروج جيل جديد من شباب المستقبل ساخط على البلاد وقلت لديهم نسبة الانتماء. واصطحبتنا إحدى السيدات تدعى"أم وعد" ووصفت حالهم قائلة: "دورات المياه لدينا لا تنفع للاستخدام الحيواني وليس الإنساني، كلها عبارة عن فتحات في الأرض ومحاط بها فرعان خشب عليهما ملاءات أو أقمشة ممزقة لتساعدنا فى الستر أثناء قضاء حاجتنا، ولدينا بعض الصنابير التي يملؤها الصدأ نستخدمها في الاستحمام بجانب أننا نملأ المياه من الجيران في جراكن كبيرة ونخصصها للشرب، والكهرباء أخذنا فرعًا من العمارات التي تحيط بالعشش ولكن لا يستطيع أن يغذى عدد العشش الكبير، بين كل 10 عشش توجد ثلاجة ولكن أكلتها البارومة فلا تبرد وتعمل على فترات لضعف الكهرباء الشديد غير أنها خالية من الأطعمة أغلبنا يحتاجها فقط أثنا تبريد المياه، وتتجدد الحرائق من وقت لآخر بجانب عشش الأغنام بسبب القمامة المنتشرة بالمكان والتي تؤدي إلى نفوق الخرفان يوميا". وقالت سيدة تدعى أم هشام: "صوروا حالنا واعرضوه على كل الناس حتى تحركوا قلوبهم الساكنة وتحن علينا الدولة بس تسيبنا على أرضنا نعمل فيها اللى عاوزينه وياخده اللى عاوزينه من ضمانات"، ثم دعت حفيدتها حنين تبلغ من العمر 10سنوات والتي كانت تقترب منا خطوة خطوة تستند على محركها المعدني لأنها لا تستطيع التحرك حاولت الإسراع مبتسمة وعيونها تنظر لنا بالأمل وكأنها تقول "لنا رب لا نلجأ إلا إليه". الأزمات وواجهنا الحاج سليمان محمد سالم، بكالوريوس خدمة اجتماعية، وأحد أهالي "عرب النهضة"، قائلًا: "إحنا موجودين في المنطقة منذ أكثر من50 عامًا وتم ترحيلنا من عدة مناطق بعد زحف العمران ومشروعات المحافظة السكنية فوصلنا من منطقة أبو صير بمؤسسة الزكاة إلى منطقة المزرعة والهلال وشركة الأمل حتى وصلنا إلى منطقة النهضة خلف استاد السلام وبعد شكاوى عدة سنوات فتحت المحافظة باب الحجز في وحدات "الحالات القاسية" وقدمنا للحصول على وحدات حينها عام 2005 ولم نحصل على شيء". وتابع سليمان: "في عام 2010 قمنا بالسكن في وحدات المحافظة التي تم بناؤها ولم يتم تسليمها لأحد، حتى عام 2011 وأصدر المهندس عصام شرف قرارًا بتسكين أهالي الحالات الحرجة المعتصمين أمام مجلس الوزراء في الوحدات بدلًا منا، وقام اللواء محمود الميهي، نائب محافظ القاهرة للمنطقة الشمالية، باستدعائنا للتفاوض معنا على ترك الوحدات السكنية على وعد أن يتم تخصيص "قرية بدوية نموذجية" لنا كبديل عن الوحدات السكنية إلى جانب إنشاء مصنع لتدوير القمامة لنا لرعاية الأغنام عليه، حيث أكد أنه لن يتركنا، خاصًة أننا نقوم بزيادة الثروة الحيوانية للبلد ووافقنا على ذلك". وأكمل: "تم حصر 193 أسرة بعدد نحو 2000 فرد لإنشاء القرية لنا على مساحة 18 فدانًا التي نقوم برعاية الغنم والمواشي عليها خلف استاد السلام وتمت أعمال الرفع المساحي للمنطقة ورفعه للمحافظ إلا أنه لم يتم إقرار الطلب أو إيجاد أية حلول لنا". وتابعت لنا "أم محمد"، المأساة التي تعرضوا لها عام 2013، قائلًة: "في حكم الرئيس المعزول محمد مرسي قامت الشرطة بمطاردة تجار مخدرات بالمنطقة الصحراوية بجوار المنطقة التي نسكن بها وقام أحد المجرمين بإطلاق النار على أحد الضباط فقتله، قامت بعد ذلك الشرطة بحرق الخيام الخاصة بنا والتي نسكن بها وحرقوا لنا المواشي التي نرعاها أكثر من 10 آلاف رأس وتركونا في العراء وحسبنا الله ونعم الوكيل". وأردفت: "لم تكتف الشرطة بذلك فقامت بقتل أحد أقاربنا الحاج سويلم عودة سليمان، على أنه قاتل ضابط الشرطة حيث اقتحموا خيمته وقاموا بإخراجه أمام الجميع وأمام أولاده وقتلوه بكمية رصاص كبيرة جدًا وحملوه على سيارة ميكروباص وقاموا بالتمثيل بجثته في منطقة السلام والنهضة". قطع الطريق.. والشيخ محمد حسان وأضاف الحاج سليمان: "قمنا بتحرير محاضر في نيابة التجمع الخمس، بحرق الشرطة لخيامنا ومواشينا وقتل الرجل المسن بدعوى أنه قتل ضابط الشرطة في مطاردة رغم أنه يبلغ من العمر 65 عامًا ولم يتم تحريك القضايا لاتهامنا الشرطة وتم منع المحامين من تصوير أوراق القضية". وتابع: "قمنا بعمل مظاهرات على الطريق الدائري والطريق الزراعي للمطالبة بتعويضنا عن حرق المواشي وصادفنا مرور الشيخ محمد حسان والذي أمرنا بفتح الطريق على أن يتواصل مع المحافظ لحل مشكلتنا وقمنا بفتح الطريق والعودة إلى محل إقامتنا". قرار مجلس الوزراء وأردف: "بعد تدخل الشيخ حسان قام محافظ القاهرة برفع طلب تخصيص القرية البدوية لنا لمجلس الوزراء وتم إرسال لجنة للرفع المساحي للقرية واختيار شكل للمنازل البدوية لتنفيذها لنا، وتم إرسال القرار لمجلس الوزراء حينها ولكن تم عزل الرئيس مرسي والحكومة وظل القرار حبيس الأدراج حتى قيام المهندس إبراهيم محلب بإصدار القرار رقم 345 لسنة 2015 في 17 فبراير من العام الجاري، ونشر في الجريدة الرسمية بتاريخ 26 فبراير 2015 بتخصيص قطعة أرض بمساحة 18 فدانًا بحي السلام ثان لإقامة قرية بدوية نموذجية لاستيعاب أهالي المنطقة البدوية الذين احترقت خيامهم وحيواناتهم، وتم اعتماد الرسم الكروكي للقرية". مواجهة رئيس الحي والأهالي وأكمل سليمان: "توجهنا للمحافظة والتي أصدرت قرارًا برقم 6092 بتاريخ 9 يونيو 2015 بتنفيذ قرار رئيس مجلس الوزراء الصادر في فبراير من العام نفسه لإنشاء القرية البدوية، وخلال جولة المحافظ في سبتمبر الماضي بالمنطقة لوضع حجر أساس إنشاء مساكن شعبية على مساحة 33 فدانًا بجوار المنطقة المخصصة لنا فوجئنا بضم الـ 18 فدانًا المخصصة لإنشاء القرية البدوية لنا عليها للمشروع لإنشاء 5 آلاف وحدة سكنية، فتوجهنا للواء محمد حماد، رئيس حي السلام ثان للسؤال عن الأرض المخصصة لنا بقرار المهندس إبراهيم محلب، رئيس الوزراء السابق، فواجهنا قائلًا: "هذا القرار كان سياسيًا ولن ينفذ وتم ضم الأرض لمشروع إسكان المحافظة". وتابع: "قبل عيد الأضحى أخطرنا اللواء محمد حماد، رئيس حي السلام ثان، بعد استدعاء عدد منا بقسم السلام ثان، بضرورة إخلاء المنطقة التي نقيم عليها لتسليمها للمحافظة لإنشاء مشروع الإسكان، وهددنا بالإخلاء السلمي أو الإزالة بالقوة، وطالبنا بالانتقال إلى منطقة صغيرة جدًا بجوار مقلب قمامة بلبيس السلام، وهى منطقة لا تكفي لعدد الأسر الحالية ولا يوجد بها أية خدمات من مياه وكهرباء ومرافق أساسية، فطلبنا منه رقم القرار الذي يلغي قرار مجلس الوزراء بتخصيص الأرض لنا فلم يرد علينا". وقال سليمان: "قمنا بتحرير دعوى بمجلس الدولة على الطعن رقم 79708 بتاريخ 22 سبتمبر 2015 ضد وزير الداخلية بصفته ومحافظ القاهرة بصفته ورئيس حي السلام ثان بصفته ومأمور قسم السلام ثان بصفته، لإلزامهم بتنفيذ القرار رقم 6092 لسنة 2015 محافظة القاهرة بتنفيذ قرار مجلس الوزراء رقم 345 الصادر في 17 فبراير لسنة 2015 بتخصيص قطعة الأرض من أملاك المحافظة لصالح إنشاء القرية البدوية النموذجية لاستيعاب الأهالي التي احترقت خيامهم وحيواناتهم لعدم تشريد 2000 شخص وتمكيننا من الأرض وعدم إزالة خيامنا وحصلنا على شهادة من مجلس الدولة لإثبات الدعوى، وقامت المحكمة بإعلان وزير الداخلية ومحافظ القاهرة ورئيس حي السلام ثان ومأمور قسم السلام ثان بالدعوى من هيئة قضايا الدولة". استغاثة للرئيس وناشد سليمان وأهالى المنطقة، الرئيس السيسي، التدخل لحمايتهم مما وصفوه ببطش رئيس الحي ومأمور قسم ثان السلام، قائلًين: "نرجو أن يسمعنا الرئيس السيسي وينظر لنا بعين العطف الباشا عاوز يشردنا وبيقول قرار رئيس مجلس الوزراء مسيس، فين تطبيق القانون ياريس ونروح لمين عشان يغيثنا". توجهنا لرئيس حي السلام ثان، اللواء محمد حماد، لطرح المشكلة ومعرفة آخر التطورات، فكان رده: "مفيش قرية داخل العاصمة وتم ضم الأرض المخصصة بالقرار رقم 345 مجلس الوزراء بمساحة 18 فدانًا إلى الأرض المخصصة للإسكان الاجتماعي بمحافظة القاهرة بمساحة 33 فدانًا وسنقوم بمنح الأهالى وحدات سكنية بالعقارات الجديدة". وبسؤاله عن رفض الأهالي الوحدات السكنية نظرًا لطبيعة عملهم في رعاية الغنم والحيوانات، قال: "مينفعش يكون في قرية داخل العاصمة ولا أعرف كيفية حل مشكلة رعاية الغنم للأهالي من البدو ونسعى لتخصيص قطعة أرض لهم بمنطقة الشباب كبديل عن المنطقة التي يسكنون بها الآن". 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق