الثلاثاء، 17 نوفمبر 2015

نكشف: مصر تعرقل الاتفاق النهائى حول آلية مراقبة الفساد الدولية رغم التوافق الدولى.. وترفض قواعد الشفافية التى وضعتها اتفاقية مكافحة الفساد



نكشف: مصر تعرقل الاتفاق النهائى حول آلية مراقبة الفساد الدولية رغم التوافق الدولى.. وترفض قواعد الشفافية التى وضعتها اتفاقية مكافحة الفساد
كشفت مصادر مطلعة بمنظمة الأمم المتحدة عن وجود أزمة «مكتومة» تنذر بالتصعيد بين مصر والمنظمة الدولية بسبب محاولات القاهرة «إحباط وتقويض» الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد، وعرقلة التوصل إلى اتفاق نهائى بشأن آلية نظام المراقبة الذى تنص عليه الاتفاقية التى وقعت عليها مصر عام 2005، وعادت لترفض أنظمة المراقبة وإلإفصاح التى بنت الأمم المتحدة عليها الاتفاقية.
وتوقعت المصادر حدوث مواجهة مباشرة بين القاهرة والمنظمة الدولية فى المؤتمر المزمع عقده فى الدوحة فى الفترة من 9 إلى 13 نوفمبر المقبل، بسبب عزم الأمين العام للأمم المتحدة بان كى مون إعلان الدول الخمس التى تعرقل الوصول إلى اتفاق، وهى مصر والصين وباكستان وإيران وكوبا، إلى جانب كوريا الشمالية التى رفضت التوقيع على أى إطار مبدئى يخص الاتفاقية.
واتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، هى الاتفاقية الوحيدة الشاملة التى تضع إطارا عاما للتشريعات المتعلقة بمكافحة الفساد والرشوة عالميا وحماية المال العام، وتقدم المتطلبات اللازمة لمنع الرشوة والفساد أو التحقيق فى الجرائم المتعلقة بها ومعاقبة مرتكبيها، وكان الأمين العام السابق للأمم المتحدة كوفى عنان يعتبرها «أهم إنجاز قام به خلال فترة عمله بالأمم المتحدة، لأن مكافحة الفساد أمر اتفقت عليه معظم دول العالم، وهو ما لم يحدث فى غيرها من الأمور».
وقالت المصادر إن الاتفاق على آلية فعالة للمراقبة خلال مؤتمر الدوحة، «مهم لمنح اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد فعالية وجعلها قادرة على التأثير وتقليل مستوى الرشوة على الأرض».
وأضافت أن من بين أهم النقاط التى تتضمنها الاتفاقية الصادرة عام 2004، منح الدولة الحق فى مطاردة من يسرق أموالها إذا كان فى إحدى الدول الموقعة على هذه الاتفاقية، حتى إن استطاع الهروب والحصول على جنسية أخرى، ويمكن الدولة من استعادة أموالها ومحاكمة المتهمين بسرقتها، مشيرة إلى أن عنان قال فى إحدى المرات «من يسرق أموال الدولة لن يستطيع النوم فى 141 دولة».
وتابعت أن الاتفاقية تعطى المواطن والهيئات والمنظمات الحق فى الإبلاغ عن جرائم فساد، وتلزم الدول بإنشاء أجهزة رقابية مستقلة، تحقق فى البلاغات مع منح المبلغين حصانة قضائية حتى تنتهى التحقيقات، وتنص كذلك على أهمية حرية وتداول المعلومات، وعلى نشر وإعلان جميع النتائج تحقيقاً لحالة عامة من الردع، وتمنح حماية لتداول المعلومات عن الفساد، وحماية للنشر عن الفساد، وحماية للإبلاغ، وحصانة للصحفيين والمجتمع المدنى والمواطنين وقت الإبلاغ عن الفساد.
وأضافت المصادر أن الأمم المتحدة وضعت آلية لمراقبة تنفيذ بنود الاتفاقية، وإجراءات الدول الموقعة عليها وعددها 141 دولة فى مكافحة الفساد، ويقضى هذا النظام بأن تكون المراقبة متبادلة بين الدول، بمعنى أن تكلف إحدى الدول بإعداد تقرير عن دولة موقعة على الاتفاقية، وتقوم الدولة الأخيرة بمراقبة دولة أخرى وهكذا، على أن تكون الرقابة خاصة بمدى توافر المناخ القانونى والتشريعى والإجراءات الكاملة التى تمكن من مكافحة الفساد وحماية المال العام.
وكشفت المصادر عن أن مصر كانت ترفض أن تراقبها دولة أخرى، واقترحت أن تقدم الحكومة التقارير الخاصة بإجراءات مكافحة الفساد، لكن الأمم المتحدة رفضت ذلك وقالت إن رغبة فى إعطاء مصداقية فى تقارير المراقبة، فإنها يجب أن تصدر عن جهة مستقلة عن الحكومة، مقترحة أن تكون متبادلة بين الدول.
وقالت المصادر إن مصر وافقت بعد ضغوط كبيرة على مراقبة الدول الموقعة على الاتفاقية لإجراءاتها فى مكافحة الفساد، لكنها اشترطت أن تكون التقارير الخاصة بذلك سرية، وأشارت المصادر إلى أن «مصر قدمت فى مارس الماضى مقترحا للمراقبة ينص على تقديم تقارير مراقبة من قبل فريق يمثل دولتين، على أن يعتمد هذا التقرير على المعلومات التى تقدمها له الحكومة، وأن تبقى نتائج هذا التقرير وتوصياته سرية، ويقدم فى مرحلة متأخرة تقرير لمتابعة تنفيذ التوصيات، وهو ما رفضته الأمم المتحدة، مؤكدة أن التقارير والإفصاح عن نتائجها جزء من ثوابت الاتفاقية القائمة على الشفافية الكاملة.
وقالت المصادر إن رئيس الوفد النيجيرى أعرب عن دهشته من موقف مصر وقال: «هناك دول أفريقية سرقت مواردها بالكامل، ولدينا أغنية من التراث تقول إن العين لا ترى عيوب صاحبها»، متسائلا عن السبب الذى يجعل مصر ترفض نشر تقارير المراقبة.
كانت مصر وقعت على اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد عام 2005، «لكنها لم تنشرها فى الجريدة الرسمية إلا عندما مارست منظمات المجتمع المدنى ضغوطا عليها لذلك وحصلت على حكم قضائى ملزم بنشرها»، مشيرة إلى أن القاهرة وقعت على هذه الاتفاقية رغبة منها فى الحصول على دعم من البنك الدولى. وأوضحت المصادر أن البنك الدولى اشترط على الدول الراغبة فى الحصول على قروض أو تمويل منه لمشروعاتها، أن توقع على هذه الاتفاقية، مبررا ذلك بحاجته إلى ضمانات بأن لا تتم سرقة المنح التى يقدمها، وأن تكون هناك ضمانات لمراقبة كيف يتم إنفاقها، بعيدا عن الفساد، وقال إن اكثر الناس حرصا على مال الدولة هم مواطنوها وهذه الاتفاقية تعطى المواطنين الحق فى الابلاغ عن أى واقعة فساد، وتمنحهم الحصانة فى ذلك».
وفسرت المصادر تزايد الإعلان عن بعض القوانين واللجان الخاصة التى نصت عليها الاتفاقية مثل قانون حرية المعلومات، ولجان الشفافية والنزاهة بأنه مرتبط بمحاولات «شكلية» للتوافق مع بنود الاتفاقية، وقالت إنه فى كل مرة كان يطالب فيها البنك الدولى بتجديد الضمانات لقروضه كانت مصر تخرج بتصريح أو قرار حول مكافحة الفساد، رغبة فى استمرار هذه القروض.
وعلمت «المصرى اليوم» أن الاتحادات التجارية حول العالم، وبعض منظمات المجتمع المدنى المشاركة فى تحالف اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تعمل حاليا على جمع التوقيعات للضغط على مصر وعدد من الدول الموقعة على الاتفاقية، وإجبارها على الموافقة على نشر تقارير المراقبة الخاصة بإجراءات هذه الدول فى مكافحة الفساد.
وأرسلت شبكة الاتحادات التجارية الدولية لمكافحة الفساد خطابا إلى شركائها طالبتهم فيه بجمع المزيد من التوقيعات بهدف زيادة الضغط على الدول الموقعة على الاتفاقية من أجل الوصول إلى اتفاق حول آلية المراقبة، خلال مؤتمر الدوحة، لمناقشة الموضوع.
وقالت الشبكة فى خطابها إن «مستقبل فعالية وكفاءة اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد حول العالم فى خطر، بسبب المفاوضات المستمرة للوصول إلى اتفاق حول آلية نظام المراقبة»، مشيرة إلى «وجود معارضة قوية للشفافية ومشاركة المجتمع المدنى من عدد قليل من الدول، لكنها ذات ثقل إقليمى، وهى الصين وكوبا ومصر وإيران وباكستان، مما يهدد بتقويض الحرب العالمية ضد الفساد».
ونقلت الرسالة التى حصلت « المصرى اليوم» على نسخة منها عن الأمين العام لمنظمة الاتحاد التجارى للقطاع العام بالفلبين، والشريك ذى الدور الريادى فى حملة مكافحة الفساد، آنى جيرون قولها «هذه لحظة حرجة، ودون الوصول إلى آلية قوية للمراقبة، فلن يكون لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد أنياب، وهذا سيعطى الحكومات الفاسدة تفويضا للاستمرار فى سلب مواردنا العامة، ودهس حقوقنا».
ودعت الشبكة فى رسالتها الاتحادات التجارية حول العالم، وأعضاء تحالف مكافحة الفساد، لاتخاذ خطوات عاجلة، والتوقيع على بيان الاتحاد وإرساله إلى حكوماتهم، للضغط عليهم قبل اجتماع الدوحة، الذى سيتم فيه إجراء المفاوضات الأخيرة حول آلية المراقبة.
ويضم تحالف مكافحة الفساد عددا من منظمات المجتمع المدنى، من بينها الاتحادات التجارية، ويعمل من أجل تبنى آلية لمراقبة تنفيذ الدول لبنود اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد.
ودعا ائتلاف منظمات المجتمع المدنى لمكافحة الفساد الدول الموقعة على الاتفاقية إلى تبنى آلية مراقبة فعالة فى مؤتمر الدوحة، وقالت فى بيان لها إن الفساد يؤدى إلى تقويض الديمقراطية، وحكم القانون، وحقوق الانسان والحريات المدنية والتنمية المستدامة، والاتفاقية تمثل الأساس للتصدى للفساد فى العالم».
وأضافت أن نجاح الاتفاقية فى الحد من الفساد يعتمد اعتمادا كبيرا على تبنى آلية فعالة لمراقبة تنفيذ أحكامها فى الدول الموقعة عليها، مؤكدا على ضرورة أن تتسم هذه الآلية بالشفافية، وأن تشارك فيها منظمات المجتمع المدنى»
     خبراء ومحللون يختلفون حول «جدية» الحكومة فى مكافحة الفساد ويطالبون بتشريعات لمحاسبة الوزراء
اختلف خبراء ومحللون بشأن محاولة مصر عرقلة التوصل لاتفاق نهائى حول آلية مراقبة الفساد وفق ما كشفت عنه «المصرى اليوم»، أمس، فبينما اعتبر بعضهم أن إحباط التوصل لهذا الاتفاق أمر متوقع من الحكومة لكونها غير جادة فى مكافحة الفساد، مشيرين إلى أن لجنة الشفافية التى تشرف عليها وزارة التنمية الإدارية تتناقض مع الاتفاق الذى يشترط أن تكون على هيئة لجان مستقلة، فإن آخرين رأوا استحالة محاولة مصر عرقلة الاتفاق، موضحين أنه ستجرى مناقشات لضمان «عدم التدخل فى الشؤون الداخلية» حسب تعبيرهم.
قال الإعلامى سعد هجرس عضو «اللجنة التطوعية للشفافية والنزاهة»، إن هناك تحسنا جزئيا بالنسبة لمكافحة الفساد فى مصر، مشيرا إلى أن التحسن يكمن فى أمرين، الأول أن الحكومة بدأت تعترف بوجود فساد وهو ما كانت تنفيه فى السابق، والثانى إنشاء لجنة لمكافحة الفساد تابعة لوزارة التنمية الإدارية، فضلا عن تزايد أعداد منظمات المجتمع المدنى المعنية بمكافحة الفساد.
وأوضح هجرس أنه على الرغم من وجود شخصيات عامة وإعلامية ومعارضة فى لجنة مكافحة الفساد، فإنها تتناقض مع الاتفاقية التى وقعت عليها مصر عام 2005 والتى تشدد على ضرورة أن تكون هذه اللجان مستقلة بعيدا عن الحكومة، مشيرا إلى أن هذه اللجان التى تتبع الحكومة تنظر إلى الفساد الصغير وتتناسى «الفساد الأكبر».
وانتقد هجرس الحكومة فى مكافحة هذا النوع الأخير من الفساد، موضحا أن مثل هذه المكافحة تنحصر فى وجود آليات أساسية مازالت الحكومة «محجمة» عنها، وهى: عدم وجود تشريع لمنع اختلاط العام والخاص بين المسؤولين وتعارض المصالح، بالإضافة إلى عدم وجود قانون لمحاسبة الوزراء.
وتابع: قانون محاسبة الوزراء مسن منذ الوحدة بين مصر وسوريا وهو أمر مضحك لأن أساسية مكافحة الفساد هى ضرورة محاسبة الوزراء، إلى جانب تداول السلطة وهو أمر مازال به «احتباس» شديد حتى الآن، كما أن الحكومة بطيئة فى إصدار قانون تداول المعلومات.
وأكد الكاتب الصحفى سليمان جودة عضو «اللجنة التطوعية للشفافية والنزاهة»، أن محاولة مصر الاعتراض أو عرقلة الاتفاق النهائى حول آلية مراقبة الفساد أمر متوقع من الحكومة نظرا لكونها غير جادة بالشكل الكافى فى هذا الشأن، خاصة أن هذه الاتفاقية سوف ترغمها على مكافحته.
وقال جودة إن «الفساد الكبير» ليس محل مقاومة حقيقية من جانب الحكومة، لأنها تتجاهل الفصل بين الثروة والسلطة، ومازال رجال الأعمال يتولون السلطات، و«هذا الأمر يؤدى إلى خلط كبير بين العام والخاص ويؤدى فى النهاية إلى تشكك الناس فى مكافحة الفساد من جانب الحكومة».
وأوضح أن الأجهزة الرقابية ولجان مكافحة الفساد تعمل وتعد تقارير بهذا الشأن، آخرها الدراسة التى أعدتها وزارة التنمية الإدارية حول الفساد، التى أشرف عليها الدكتور أحمد زايد، عميد آداب القاهرة السابق، وهو أمر يحسب للحكومة وليس ضدها، مستطردا: «لكن فى النهاية تظل هذه التقارير حبيسة الأدراج ولا تخرج لتفعيلها أو تنفيذها على أرض الواقع»، مشيرا إلى أن التحدى الحقيقى أمام الحكومة المصرية هو ضرورة الفصل بين السلطة والثروة.
وشدد جودة على أن الحكومة المصرية فى مأزق حقيقى بسبب هذه الاتفاقية وحول الوصول إلى اتفاق نهائى بشأنها، مشيرا إلى إن الوفد المصرى المسافر إلى مؤتمر الدوحة لن يعجز عن وجود صيغة للتفاهم مع الدول الأخرى، وأن الحكومة المصرية تستطيع التعامل مع الموضوع بطريقة أو بأخرى، و«لا أتوقع أن يكون هناك صدام أو تعرية للحكومة من جانب الأمم المتحدة خلال المؤتمر».
من جانبه رفض الدكتور شوقى السيد، عضو المجلس الأعلى للصحافة ولجنة الشفافية والنزاهة، أن يكون هناك محاولات من مصر لإحباط الاتفاقية الدولية لمكافحة الفساد وعرقلة التوصل إلى اتفاق نهائى بشأن آليات نظام المراقبة التى تنص عليها اتفاقية عام 2005 التى وقعت عليها مصر، قائلا: «هناك مجموعة من الدول لها وجهات نظر اتجاه الاتفاقية من أجل ضمان عدم تدخل الدول فى شؤونها الداخلية وكيفية تداول التمويل لمنظمات المجتمع المدنى».
وأضاف: «مصر من الدول الملتزمة بالاتفاقية، ولكن هناك مناقشات لتعزيز آليات الشفافية ومكافحة الفساد والتعاون الدولى حتى لا تلعب السياسة دورا فى التدخل فى شؤون الدول»، لافتا إلى أن مصر على قناعة كاملة بمحاربة الفساد ولذلك فمن المستحيل أن تسعى لإحباط مثل هذه الاتفاقية.
وأكد السيد أن هناك وفدا مصريا يضم العديد من التيارات المصرية، من بينها النائب العام وشخصيات من منظمات المجتمع المدنى والرقابة الإدارية ووزارة الخارجية سيسافر الأحد المقبل لحضور مؤتمر الدوحة الذى يستمر لمدة أربعة أيام، مشددا على أن الوفد ليس متوجها إلى المؤتمر بوجهة نظر معينة ولا توجه مسبق، وإنما سيدخل فى نقاش للتوصل إلى «وفاق» مع الدول المشاركة حول آليات المراقبة.
فى المقابل شكك عبدالفتاح الجبالى، رئيس وحدة الدراسات الاقتصادية بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، فى صحة التقرير، قائلا: «لا يمكن أن تخرج منظمة الأمم المتحدة مثل هذا التقرير»، واعتبر أن إشارة التقرير إلى محاولة مصر إحباط التوصل لاتفاق نهائى حول آلية مراقبة الفساد «عار تماما من الصحة».




د.سليمان عبدالمنعم يكتب: المغزى والفرص والمخاطر فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد
مغزى السيادة الوطنية
شهدت مدينة الدوحة مؤخراً انعقاد المؤتمر الثالث للدول الأطراف فى اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، والذى كشف عن وجهتى نظر أولاهما تتبناها منظمات المجتمع الأهلى وكيانات أممية مثل منظمة الشفافية الدولية، والأخرى تعبر عن السلطات الحكومية المنوط بها مكافحة الفساد. كان الذى دار فى مؤتمر الدوحة إذاً سجالاً بين رؤيتين رسمية وأهلية ربما سوف نشهد مثله قريباً بعد عدة أشهر، حين يتم عرض تقرير مصر عن حقوق الإنسان أمام المجلس الدولى لحقوق الإنسان فى جنيف.
إنه سجال وربما صراع بين رؤية رسمية ورؤية مجتمع أهلى يتصاعد دوره فى ظل حركة تطور عالمى تكاد تجعل منه عنصراً بل شريكاً فى الشأنين المحلى والدولى على حد سواء. وهو موضوع يستحق بذاته معالجة خاصة.
حين نعود إلى مؤتمر الدول الأطراف الذى انعقد فى الدوحة نكتشف وجهة نظر أهلية تدعو إلى مزيد من إشراك المجتمع الأهلى، وتكريس الحق فى الحصول على المعلومات وتداولها، وتعزيز الشفافية فى مجال سياسات وتدابير مكافحة الفساد. وكل هذه وغيرها أمور تنص عليها المادة 13 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد.
بل وترى وجهة النظر هذه أن تكون التقارير الوطنية بشأن مكافحة الفساد ذات طابع علنى يتم استعراضها أمام المؤتمرات اللاحقة للدول الأطراف، ولا تمانع فى شكل ما من أشكال الرقابة الأممية على الجهود المحلية فى مجال مكافحة الفساد من خلال ما يعرف بآلية متابعة مكافحة الفساد.
وفى المقابل هناك وجهة نظر أخرى رسمية تعبر عنها دول العالم بدرجات متفاوتة تنطلق من ضرورة احترام السيادة الوطنية للدولة، والتى كرست لها الاتفاقية مادة مستقلة هى المادة الرابعة، وكان ذلك بناء على اقتراح الوفد المصرى المشارك فى مفاوضات هذه الاتفاقية.
ولهذه الرؤية الرسمية هواجس مبعثها أن تنطوى آلية المتابعة الأممية على المساس بالسيادة الوطنية للدولة. بداية الجدل إذاً من هنا، من الاختلاف بين ضرورات السيادة الوطنية ومقتضيات القبول بوجود آلية أممية (لكى لا نقول دولية) لمكافحة الفساد.
وفى معرض التعليق على هذا الجدل الدائر فإننا نعتقد أن السؤال الأكثر جدوى يجب أن يدور حول كيفية التوفيق بين حماية السيادة الوطنية من ناحية وعدم التنصل من المشاركة فى ركب الجهود الأممية لمكافحة الفساد من ناحية أخرى. الاعتباران ضروريان معاً.
فالسيادة الوطنية مسألة من الخطورة بمكان التهاون بشأنها ليس فقط لرمزيتها السياسية والمعنوية ولكن أيضاً لاعتبارات واقعية بالغة الأهمية.
ربما يرى البعض أن السيادة الوطنية موضع اهتمام وحرص دول العالم جميعاً، دون أن يمنعها ذلك من القبول بالآلية الدولية لمتابعة مكافحة الفساد وتقديم تقارير علنية فلماذا نحن بالذات الذين نبالغ فى الحرص على السيادة الوطنية؟
والإجابة هى أنه من الطبيعى أن نبدى مثل هذا الاهتمام بمسألة السيادة الوطنية لأن تجربة التاريخ فى العلاقات الدولية والقضايا العالمية تذكرنا أن الدول الكبرى والقوية هى وحدها التى لا تخشى المساس بسيادتها الوطنية لأنها ببساطة دول كبرى وقوية! أما نحن فعلينا التحوط والانتباه لكى لا تكون قضية مكافحة الفساد هى الحق الذى يراد به باطل.
فالفساد مثله مثل الإرهاب أو التسلح النووى يمكن أن يكون يوماً ما «الذريعة النبيلة» التى تخفى وراءها نوايا ومقاصد أخرى.. وفى لعبة الأمم كم تدور من غرائب ومفاجآت. ولنتذكر أن الجماعة الدولية المسيطرة فى هذا العالم لا تدافع عن المبادئ والقيم إلا بقدر ما يتحقق لها من مصالح وأهداف.
الخطورة فى المسألة أنه باستبعاد مبدأ صون السيادة الوطنية يمكن أن نرى ذات يوم جهات تحقيق دولية تمارس على الإقليم المصرى الصلاحيات والوظائف القضائية المنوطة بسلطات الدولة، ويكون لها حق الاطلاع على السجلات المصرفية والأوراق الرسمية الحكومية وكلها أمور يصعب التسليم بها مهما كان نبل مقصدها.
ولا ننسى أن الدول الغربية لا تقبل مهما كانت الدواعى والمبررات أن تمارس آليات دولية أو سلطات دولة أخرى مثل هذه الصلاحيات على إقليمها. وإلا فهل تقبل سويسرا مثلاً وهى التى تحتفظ فى مصارفها عن علم وقصد بجزء هائل من الحسابات السرية والأموال مجهولة ومريبة المصدر أن يمارس على إقليمها تحقيقات دولية فنية أو قضائية بشأن هذه الأموال؟
ليس ما تفعله أو ما لا تفعله سويسرا نموذجاً يصلح للقياس عليه، فالتشبيه بحالة سويسرا هو للتوضيح فقط وليس للقياس. لكن الفكرة الأساسية هى أن السيادة القضائية للدولة مظهر من مظاهر سيادتها الوطنية. ويوم أن تفرط دولة فى هذه السيادة فإنها تفتح باباً قد يصعب إغلاقه لتطبيق العدالة بيد الآخرين على أراضيها، وهو أمر يفوق التصور.
من هنا يبدو مبدأ صون السيادة الوطنية سياجاً مطلوباً للدفاع ليس عن الفساد بل عن أن يتخذ الفساد ذريعة للتدخل فى شؤون وطنية. ولهذا جاءت المادة 4 من الاتفاقية لتنص على أنه «... ليس فى هذه الاتفاقية ما يسمح للدولة الطرف أن تقوم فى إقليم دولة أخرى بممارسة الولاية والوظائف التى يناط أداؤها حصراً بسلطات تلك الدولة الأخرى بمقتضى قانونها الداخلى».
لكن ليس معنى الحرص على عدم المساس بالسيادة الوطنية أن تتنصل الدولة من الجهود الأممية لمكافحة الفساد متى كانت قد انضمت لهذه الاتفاقية وصدقت عليها وفقاً للإجراءات المقررة فى قانونها الداخلى. والواقع أن مشاركة الدولة فى هذه الجهود الأممية تغطى صوراً شتى، منها ما لا يمثل افتئاتاً على سيادتها الوطنية مثل التعاون الدولى المنصوص عليه فى المادة 43 من الاتفاقية، وقبول مبدأ تسليم المتهمين أو المحكوم عليهم بسبب إحدى جرائم الفساد المشمولة بالاتفاقية إلى الدولة صاحبة الولاية القضائية فى محاكمتهم أو تنفيذ حكم الإدانة الصادر ضدهم (المادة 44 من الاتفاقية)،
ونقل الأشخاص المحكوم عليهم إلى الدولة التى ينتمون إليها لتكملة مدة عقوبتهم (المادة 45 من الاتفاقية)، والكثير من صور المساعدة القانونية المتبادلة بين الدول فى التحقيقات والإجراءات المتعلقة بجرائم الفساد (المادة 46 من الاتفافية). فكل هذه «فرص» حقيقية لمصر فى مجال مكافحة الفساد تمكنها من ملاحقة مرتكبى جرائم الفساد الذين يلوذون بالفرار إلى الخارج،
كما تمكنها أيضاً من استعادة الأموال المنهوبة التى تم تهريبها إلى دول أخرى. لكن على العكس من ذلك هناك صور أخرى من الجهود الأممية لمكافحة الفساد يتعين على الدولة الانتباه والتحوط بشأنها مثل القيام بتحريات مشتركة واتباع أساليب التحرى الخاصة كالترصد الإلكترونى وغيره من أشكال الترصد والعمليات السرية واستخدام ما يعرف بأسلوب التسليم المراقب على الصعيد الدولى مثل اعتراض سبل البضائع والأموال وإزالتها (المادتان 49 و50 من الاتفاقية).
فهذه صور للتعاون الدولى قد تمثل فى مواجهة دول صغيرة أو ضعيفة مدخلاً للتحرش بها. فمن السهل فى ظل هذه النصوص الادعاء مثلاً بأن سفينة ما تحمل شحنات من أسلحة أو معدات استراتيجية تمثل نشاطاً من أنشطة الفساد لاسيما أن جرائم الفساد المشمولة بالاتفاقية تغطى صوراً كثيرة ذات فروض شديدة الاتساع.
ملاحقة الفساد الدولى
لعلّ من بين أهم ما تضمنته اتفاقية الأمم المتحدة من فرص لمكافحة الفساد هو ذلك الشق المتعلق بما يمكن تسميته الفساد الناشئ عن آليات العولمة. فقد خلقت حركة العولمة إفساداً من جانب دول ينتج فساداً فى دول أخرى! والممارسة الأشهر لهذا النوع من الإفساد هى الرشاوى تحت مسمى العمولات التى تدفعها شركات دولية للفوز بتعاقدات أو مناقصات فى دول أخرى.
وكان من الغريب أن تشجع العديد من الدول الصناعية مثل هذه الممارسات المفسدة عن طريق خصم ما تدفعه شركاتها من عمولات فى دول أجنبية من الوعاء الضريبى لهذه الشركات. وللحق فقد كانت الولايات المتحدة الأمريكية أول دولة غربية تبادر إلى إلغاء هذه التشريعات الداخلية التى تشجع على إفساد الدول النامية، ثم تبعتها بعض الدول الأخرى.
وأخيراً جاءت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد لتكرس إلغاء هذه الممارسات المفسدة. وفى هذا المعنى تنص المادة 12-4 من الاتفاقية على أنه «على كل دولة ألا تسمح باقتطاع النفقات التى تمثل رشاوى من الوعاء الضريبى لأن الرشاوى هى ركن من أركان الأفعال المجرّمة وفقاً للمادتين 15 و16 من هذه الاتفاقية، وكذلك عند الاقتضاء سائر النفقات المتكبدة فى تعزيز السلوك الفاسد».
كما تتيح اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد ملاحقة صور أخرى من الفساد الناشئ عن آليات العولمة من خلال تطبيق أحكامها ليس فقط على جرائم الفساد التى يرتكبها الموظفون العموميون المحليون بل أيضاً على جرائم الفساد التى تقع من موظفين عموميين أجانب أو من موظفين دوليين (المادة 2 ب من الاتفاقية).
وهذه فرصة حقيقية تسهم ولا شك فى مكافحة ما يمكن تسميته بالفساد الدولى، وهو فساد قائم بالفعل كشفت العديد من القضايا عن خطورته وتغلغله على الرغم من قواعد الشفافية التى تلزم بها نفسها المؤسسات الدولية.
(3)
المتأمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد يكتشف أنها تنطوى على الكثير من الفرص المهمة والتى تكاد تمثل مقومات لاستراتيجية مكافحة الفساد. والملاحظ أن التشريع المصرى لايزال حتى اليوم خلواً من هذه الفرص والمقومات، بما يجعله يبدو متأخراً عن التشريعات الحديثة للدول المتقدمة فى هذا الخصوص.
أولى هذه الفرص المقومات فى أى استراتيجية ناجعة لمكافحة الفساد، هى حظر تضارب المصالح. وهو مبدأ ذو وظيفة وقائية مؤداه أنه لا يجوز لموظف عام أن يمارس عملاً يحقق له مصلحة تتناقض مع موجبات وظيفته العامة أو تنطوى على الأقل على شبهة تعارض محتمل معها. ولتضارب المصالح فروض وصور صارخة شتى يئن من تبعاتها المجتمع المصرى.
وتنص المادة 12-1 من اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على بعض هذه الصور حيث تطالب الدول الأطراف ب«... منع تضارب المصالح بفرض قيود حسب الاقتضاء ولفترة زمنية معقولة على ممارسة الموظفين العموميين السابقين أنشطة مهنية أو على عمل الموظفين العموميين فى القطاع الخاص بعد استقالتهم أو تقاعدهم عندما تكون لتلك الأنشطة أو ذلك العمل صلة مباشرة بالوظائف التى تولاها أولئك الموظفون العموميون أو أشرفوا عليها أثناء مدة خدمتهم...».
ويلاحظ أن التشريع المصرى لا ينظم مسألة تضارب المصالح بوضع ما يلزم من قيود بموجبها يحظر على المسؤولين وكبار الموظفين أن يعملوا لدى شركة خاصة من بين تلك الشركات ذات الصلة بالعمل الوظيفى الذى كانوا يؤدونه، وذلك لفترة زمنية كافية على انقطاع صلة الشخص بوظيفته السابقة.
كما أن المشرع المصرى مدعو إلى حظر قانونى رادع لمن يمارس نشاطاً يتعارض مع موجبات وظيفته لاسيما فى الفروض الذكية التى يتحقق بها هذا التعارض ولو كان محتملاً، وهى فروض تفلت أحياناً من ثقوب النصوص القانونية.
وثانية هذه الفرص المقومات، هى تكريس حق الحصول على المعلومات وتداولها، وهو مقوم مهم يفرضه مبدأ الشفافية فى مجال مكافحة الفساد.
وإذا كان جاروفالو عالم الاجتماع الإيطالى الشهير قد كتب منذ نحو مائتى عام أنه فى شارع يعمه الظلام وينتشر فيه اللصوص ليس المهم هو بناء السجون لهؤلاء اللصوص، بل ربما يكون الأكثر جدوى هو إنارة هذا الشارع المظلم للحد من تواجد اللصوص فيه.
ولعلّ هذه المقولة تصدق إلى حد بعيد فى مجال مكافحة الفساد إذ إن الشفافية تشبه فى العصر الحديث إنارة الشارع المظلم التى دعا اليها جاروفالو للحد من وقوع جرائم الفساد.
وقد دعت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلى تكريس مبدأ حق الحصول على المعلومات وتداولها فى أكثر من موضع. فالمادة 6-1 ب منها تدعو الدول إلى زيادة المعارف المتعلقة بمنع الفساد وتعميمها.
كما تطالب المادة 10 من الاتفاقية الدول الأطراف بنشر معلومات يمكن أن تضم تقارير دورية عن مخاطر الفساد فى إدارتها العمومية. ثم تأتى المادة 13 من الاتفاقية لتؤكد مرة أخرى على حق الحصول على معلومات لإذكاء وعى الناس فيما يتعلق بوجود الفساد وأسبابه وجسامته وما يمثله من خطر، وتوجب ضمان تيسير حصول الناس فعلياً على المعلومات، وكذلك احترام وتعزيز وحماية حرية التماس المعلومات المتعلقة بالفساد وتلقيها ونشرها وتعميمها.
ولايزال التشريع المصرى بعيداً حتى اليوم عن تكريس حق الحصول على المعلومات وتداولها. وكان المجلس القومى لحقوق الإنسان قد طالب فى تقاريره الأخيرة بضرورة تكريس هذا الحق وتنظيمه.
ويقال إن مشروع قانون لتنظيم حق الحصول على المعلومات وتداولها مدرج على الأجندة التشريعية فى هذا الخصوص. ولاشك أن لجنة النزاهة والشفافية التى شكلتها وزارة الدولة للتنمية الإدارية قد اضطلعت فى الآونة الأخيرة بدور إيجابى مهم فيما يتعلق بنشر المعارف والمعلومات حول قضية الفساد.
ولكن لايزال الأمر يحتاج خطوة نوعية أخرى لتكريس حق الحصول على المعلومات وتداولها على الصعيدين التشريعى والمؤسسى، وهو حق ليس ثمة ما يمنع من تنظيمه بما يوفق بين ثلاثة اعتبارات، هى: مكافحة الفساد، واحترام حقوق وحرمات الأفراد، وكفالة المصالح الوطنية والنظام العام، فلا يجوز أن يطغى اعتبار على الاعتبارين الآخرين،
وهو واقع تعرفه كل الدول التى يوجد فيها تشريع ينظم حق الحصول على معلومات وتداولها. ولهذا نصت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد على جواز إخضاع حق الحصول على المعلومات وتداولها لقيود تفرضها مراعاة حقوق الآخرين وسمعتهم، ولحماية الأمن الوطنى أو النظام العام (المادة 13-1 فقرة د من الاتفاقية).
والمقوّم الثالث فى استراتيجية مكافحة الفساد هو ضرورة توفير درجة متقدمة من الحماية للشهود والخبراء والضحايا والموظفين القضائيين الذين يمثلون أحياناً، وبالذات فى مجال جرائم الفساد، فئة معرضة للتهديد أو الابتزاز أو الاعتداء.
ولعل ما تضمنته الاتفاقية فى مادتها 32 من قواعد ونظم حماية الشهود والخبراء والضحايا يدعو إلى إجراء تحديث تشريعى لأجل إضفاء أكبر قدر ممكن من حمايتهم. والحماية المرجوة للشهود والخبراء والضحايا على الصعيد التشريعى يجب أن تكون موضوعية وإجرائية فى آن معاً.
فالحماية الموضوعية تعنى تجريم كل صور التهديد أو الابتزاز أو الإغواء أو الاعتداء التى يمكن أن يتعرض لها هؤلاء فيما يتعلق بما لديهم من معلومات أو ما يقومون به من دور فى مجال مكافحة الفساد. أما الحماية الإجرائية فتعنى تطبيق برنامج متكامل للحماية ابتداء من حمايتهم من التشهير بهم أو ملاحقتهم بتهمة البلاغ الكاذب حتى تغيير أماكن الإقامة وعدم إفشاء هويتهم وأماكن تواجدهم. وهناك نظم وتجارب تأخذ بها بعض الدول يمكن الإفادة منها فى هذا الخصوص.
(4)
ولا تخلو اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد من بعض المخاطر التى يتعين الانتباه إليها، من هذه المخاطر ما سبق عرضه بشأن السيادة الوطنية للدولة وما يرتبط بها من سيادة قضائية، ومن هذه المخاطر أيضاً ما يتعلق بالآثار الناجمة عن جرائم الفساد. وأحد هذه المخاطر هو ما يتعلق بمصادرة الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد. فقد أجازت الاتفاقية أن تتم هذه المصادرة ليس فقط بحكم قضائى صادر من محكمة فى أعقاب محاكمة قانونية بل أجازت أن يتم ذلك بمجرد صدور أمر إدارى من سلطة مختصة.
وهذه مسألة مثيرة للهواجس والتساؤلات. فنحن نعرف أن المصادرة عقوبة، ولا يجوز الحكم بعقوبة إلا من القضاء إعمالاً لأحد المبادئ القانونية بل والدستورية المهمة وهو مبدأ قضائية العقوبة. لكن الاتفاقية فيما تجيزه من مصادرة الأموال المتحصلة عن الفساد بأمر إدارى إنما تفتح الباب مشرعاً للتساؤل حول ما إذا كان معنى ذلك أن تقوم السلطات الأمنية كجهة إدارية فى أوروبا أو أمريكا بمصادرة أموال تبرعات لأسر فلسطينية مثلاً تحت زعم كونها أموالاً ذات مصدر غير مشروع.
للتساؤل ما يبرره حيث تم فى السنوات الأخيرة مصادرة الكثير من الأموال العربية لأسباب واهية غير مقنعة أحياناً، وعلى الرغم من أن الوفد المصرى قد طالب مراراً فى المفاوضات السابقة على إقرار اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد إلغاء النص الذى يجيز المصادرة بقرار ادارى وقصره فقط على المصادرة بحكم قضائى تحسباً لمثل هذه الاحتمالات والفروض إلا أن الدول الغربية قد تمسكت فى إصرار غريب ومريب بالصياغة الحالية على الرغم من أن القوانين الغربية الحديثة لا تجيز المصادرة كعقوبة جنائية لجريمة وقعت إلا بناء على حكم قضائى.
ربما يرى البعض أنه ليس ثمة ما يدعو للتخوف من مثل هذا الحكم الذى يسرى على جميع الدول، لكن علينا أن نتذكر أن الأموال العربية المودعة فى بنوك أجنبية فى الخارج هى أكثر بكثير من الأموال الأجنبية المودعة فى بنوكنا، وبالتالى فإن مصلحتنا الوطنية كانت تقتضى التحوط لمثل هذا الحكم.
ومن هذه المخاطر، وربما أهمها، ما يتعلق باسترداد الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد، وهذه قضية القضايا فى مجال مكافحة الفساد. فمصر شأنها شأن الكثير من دول العالم الثالث ذات مصلحة فى استرداد الأموال المنهوبة المتحصلة عن جرائم الفساد التى يتم تهريبها وأيداعها فى البنوك الأجنبية وأحياناً تدويرها فى أنشطة استثمارية مختلفة خارج مصر.
وكان المتوقع والمأمول أن تصبح هذه الاتفاقية أداة فعالة فى استرداد عوائد الفساد.
ولكن المتأمل لأحكام الاتفاقية ومن تابع المفاوضات السابقة على اقرارها يكتشف أن الدول الغربية التى تودع فى مصارفها فى حسابات سرية الأموال المتحصلة عن الفساد، وعلى رأسها سويسرا ودول أخرى، قد أقرت مبدأ استرداد عوائد الفساد فى ديباجة الاتفاقية وفى المواد 3 و51 و59 لكنها عالجته بمكر وذكاء شديدين وكأنها تكرس المبدأ نظرياً وتجهضه عملياً.
وهناك أكثر من إشارة لهذه المعالجة «الماكرة» فى قضية استرداد عوائد الفساد. فمن ناحية أولى يلاحظ أن الاتفاقية أضعفت مبدأ إعادة الأموال المتحصلة عن جرائم الفساد إلى بلدان الأصل التى نهبت منها هذه الأموال، أى تلك التى ارتكبت فيها هذه الجرائم.
فبعد أن كان المشروع الأصلى للمادة الأولى من الاتفاقية ينص فى وضوح على إعادة الأموال المنهوبة إلى بلدان الأصل تم حذف هذه العبارة! وقد طالب الوفد المصرى بالإبقاء عليها دون جدوى!
ومن ناحية ثانية وحتى حين تضمنت المادة 57 من الاتفاقية الإشارة إلى إرجاع عائدات الفساد فإنها نصت على أن يكون ذلك إحدى طرق التصرف فى هذه العائدات المصادرة. وهو ما يعنى بمفهوم المخالفة أنه يجوز التصرف فى عائدات الفساد المصادرة بطرق أخرى غير إعادتها إلى بلدان الأصل!!!
وبالإضافة إلى ذلك فإن عبارة بلدان الأصل أى البلدان التى نهبت منها هذه الأموال قد تغيرت إلى عبارة أخرى هى «مالكيها الشرعيين». وهى عبارة تحتمل تأويلات عدة ولا تخلو من الغموض!!
ومن ناحية ثالثة فقد تضمنت الفقرة الخامسة من المادة 57 حكماً فى غاية الدهاء مؤداه ان تبرم الدول الأطراف (الدولة التى خرجت منها عوائد الفساد والدولة التى أودعت فى مصارفها هذه العوائد) اتفاقات أو ترتيبات من أجل التصرف نهائياً فى الأموال المصادرة. إن مثل هذا الحكم الذى يبطن أكثر مما يظهر يعنى ببساطة أن تساوم الدولة التى أودعت فيها عوائد الفساد الدولة النى نهبت منها هذه الأموال بحيث تشترط عليها لإعادة أموالها إليها أن تقتسم معها هذه الأموال بنسبة تصل أحياناً إلى 50%!!!
وهو واقع دولى معروف!!!! والطريف أن مناقشة المادة الخاصة باسترداد عوائد الفساد كما يتذكر كاتب هذه السطور قد طرحت للتفاوض فجأة وقت صلاة الجمعة!! على غير الترتيب الذى كان معلناً من قبل، وحيث كانت معظم، إن لم تكن كل الوفود العربية والإسلامية خارج قاعة التفاوض!!!
(5)
على طريق مكافحة الفساد
فى النهاية ربما نختلف حول الموقف الواجب اتخاذه فى التعامل مع اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، لكن الأمر المؤكد أن ثمة أساسيات يتعين الوعى بها بشأن مجمل قضية مكافحة الفساد.
1 السعى ما أمكننا ذلك إلى تعديل أحكام الاتفاقية بما يحقق مصالحنا الوطنية لتفعيل مبدأ استرداد عوائد الفساد لكى يصبح حقاً خالصاً للدول المتضررة لا يساومها عليه أحد، وذلك خلافاً لما تسمح به للأسف الصياغة الحالية للمادة 57 من الاتفاقية. وإمكان تعديل الاتفاقية أمر تتيحه على أى حال المادة 59 من الاتفاقية ذاتها.
2 ألا تكون مكافحة الفساد فى شتى جوانبها الوقائية والقانونية مدخلاً أو ذريعة لانتهاك حقوق وحريات الإنسان، أو المساس بحرمات الأفراد وخصوصياتهم.
3 أن تتم مكافحة الفساد لاسيما على صعيد القطاع الخاص وفى مجال العمل المصرفى، فى مناخ من التوازن الدقيق والذكى حتى لا تشيع جواً من الذعر المصرفى أو الاقتصادى يكون معوقاً للتنمية أو طارداً للاستثمار فى مصر.
4 ضرورة صياغة مدونات سلوك أخلاقية للموظفين العموميين لتمثل بذلك حلقة وقائية وأخلاقية وتوعوية ضرورية وسابقة على حلقة الملاحقة القانونية. ويلاحظ أن بعض الدول العربية مثل الإمارات العربية المتحدة لديها مثل هذه المدونة الأخلاقية لسلوك الموظفين العموميين.
5 أهمية تحديث النظام العقابى المطبق على جرائم الفساد إذ لا يعقل أن تكون هناك تسعيرة عقابية واحدة تطبق على كل جرائم الرشوة أو اختلاس المال العام بصرف النظر عما قد يوجد من تفاوت فى جسامة ومدى الأضرار الناشئة عن هذه الجرائم أو خطورة فاعلها.
6 ضرورة الإسراع باصدار تشريع وطنى ينظم جميع مسائل التعاون القضائى الدولى ويعبر عن المصالح القانونية المصرية لكى لا يكون الأمر رهناً فقط بالاتفاقيات الدولية المنظمة لهذه المسائل. فمصر تكاد تكون من بين الدول القليلة فى العالم حتى على الصعيد العربى التى لا يوجد بها مثل هذا التشريع المنشود للتعاون القضائى الدولى.
  
بسبب عز وأمثاله.. مصر تعيش أزهي عصور فسادها
أي أنها كارثة بكل المقاييس ويتمثل الفساد في الرشاوي والمحسوبية، وغطاؤه نظم حاكمة يتحالف فيها المال مع السياسة لخدمة فئات متسلطة ومسيطرة علي مقدرات الشعوب وقد صدر مؤخرًا تقرير منظمة الشفافية العالمية الذي تضمن أشكال الفساد في دول العالم.
بعد إجراء مسح حقوقي ل180 دولة، جاءت عدة دول عربية علي قائمة أكثر الدول فسادا علي مستوي العالم. واحتلت الصومال رأس هذه القائمة للعام الثاني علي التوالي بسبب الحروب الداخلية التي تخوضها، وغياب الاستقرار فيها. كما جاءت السودان والعراق ضمن التقرير نفسه وللأسباب نفسها. أما بعض الدول العربية والإسلامية الأخري، فقد جاءت ضمن التقرير لأسباب أخري تمثلت في غياب الشفافية وعدم الاستقرار السياسي، وانتشار الرشوة والمحسوبية، ووجود خلل في المنظومة القانونية بها.
وضع التقرير معظم دول الشرق الأوسط في مرتبة متدنية بخصوص مستوي الشفافية، فيما حصلت ثلاث دول هي قطر والإمارات وإسرائيل علي درجات تؤكد ارتفاع نسبة الشفافية فيها. فيما تراجعت مصر وسورية ولبنان في هذه القائمة، لتقترب من مستوي السودان والصومال اللتين تصدرتا القائمة.
وكان هذا التقرير قد تم إعلانه بعد المؤتمر الدولي الثالث لمكافحة الفساد الذي نظمته الأمم المتحدة مؤخرا، وحضره ممثلو عدد من الدول، وكذلك المنظمات الحقوقية. إلا أن البعد الرسمي هو الذي سيطر علي المؤتمر، بعد أن رفضت معظم الدول قيام المنظمات الحقوقية والمؤسسات الأهلية بإعداد تقارير عن الفساد في دولها، ونشرها هذه التقارير بشكل مفصل، وتم الاتفاق علي نشر نتائج التقارير فقط دون التفاصيل.
كان المؤتمر الذي عقد في الدوحة وحضره حوالي 1050 شخصية رسمية من وزراء عدل وقانونيين، وغيرهم ممن ينتمون إلي الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، قد شهد احتجاجات من قبل مؤسسات المجتمع المدني والمنظمات الحقوقية بسبب إلغاء كلمة هذه المؤسسات في المؤتمر. مما يعني تهميشها واستبعادها من فعالياته، وقصر المناقشات والمباحثات والجهود المبذولة في مواجهة ومحاربة الفساد علي الجهات الرسمية المنتمية للحكومات.
علما بأن الانتقادات التي وجهها تقرير منظمة الشفافية الدولية إلي الدول الأكثر فسادا، تنصب علي القطاعات الحكومية، وعلي أداء الأنظمة المحلية. وبالتالي يصبح من المستحيل أن تدين الشخصيات أو المنظمات الحكومية دولَها أمام المجتمع الدولي، بل من المؤكد أنها ستعمل علي تحسين صورتها، مما يطعن في مصداقية المؤتمر، ويجعله معرضا للتزييف والتزوير وفقا لما تراه الحكومات التي تحاول جاهدة أن تحمي سمعتها وتظهر بشكل جيد.
من ضمن أسباب انتشار الفساد في الدول العربية والشرق أوسطية، بخلاف الحروب وعدم الاستقرار السياسي، الفساد الحكومي ممثلا في فساد الإدارة وانتشار الرشوة والمحسوبية، وسرية المصارف. مما يجعلها بعيدة تماما عن تحقيق القدر المطلوب من الشفافية. وإن كانت العراق وأفغانستان والصومال والسودان وقعت ضمن الدول الأكثر فسادا، بسبب الحروب وعدم الاستقرار السياسي، فإن دولا أخري مثل مصر وسورية اقترب تقييمها كثيرا من تلك الدول برغم عدم معاناتها من الحروب. إذ تنتشر في تلك الدول أنواع أخري من الفساد، يتمثل في فساد الإدارة، وتفشي الرشوة خصوصا الرشاوي بالمبالغ الصغيرة، التي تتم بشكل يومي ولا يسعي الناس إلي كشفها أو محاربتها أو الإبلاغ عنها، لعدم ثقتهم بالأنظمة، وسعيهم إلي إنهاء مصالحهم بأية طريقة دون النظر إلي مشروعيتها من عدمها، أو التفكير في البحث عن حقوقهم.
بالطبع قوبل هذا التقرير بنوع من التحفظ والاعتراض من الدول التي أدانها، نظرا لما يمثله من سبة في حقها واتهامات موجهة لها. خصوصا أنه يستند إلي تطبيق اتفاقية الأمم المتحدة بشأن مكافحة الفساد، وربما يتم الاعتماد علي هذا التقرير في توجيه اللوم إلي بعض الدول أو فرض إجراءات معينة عليها تساعدها علي مكافحة الفساد وتحسين معدل الشفافية.
مع العلم بأن نسب الفساد المرصودة متركزة في القطاع العام وداخل الأوساط السياسية. وهو ما يعني أن المنظمة التي أخذت علي عاتقها محاربة الفساد، من المؤكد أنها استعانت بمؤسسات المجتمع المدني، نظرا لما تعانيه معظم الدول العربية من غياب الشفافية في المعاملات العامة، وعدم إتاحة المعلومات، ما يضطر المؤسسات الأهلية إلي العودة للوقائع من خلال وسائل الإعلام المختلفة إلي جانب مصادر أخري قليلة تتيح المعلومات.
ربما يترك التقرير وراءه بعض الأسئلة الملتبسة، حول مدي استعانته بالمنظمات الأهلية التي عادة ما تكون أكثر مصداقية في معالجة هذه التقارير لعدم التزامها بتجميل صورة حكومات بلادها، وإمكانية أن تكون المنظمة اعتمدت علي المصادر الرسمية، مما يعني غياب جزء من الحقيقة. وربما يثير التقرير إشكاليات أخري، حول إمكانية مجاملته لدول بعينها، ووضعها في مرتبة متقدمة من التمتع بالشفافية، مثل قطر التي استضافت عاصمتها الدوحة المؤتمر في دورته الأخيرة منذ عدة أيام قليلة.
لكنه في النهاية تقرير يعطي صورة مبسطة عن حقائق ربما تكون غائبة أو مخفية في بعض الدول العربية والإسلامية، بخصوص تفشي مظاهر الفساد، وربطت بين تفشي هذه المظاهر وتقدم الدول وتحقيقها لمعدلات مرتفعة في التنمية. من جانبه يؤكد د. حمدي عبد العظيم أنه لم تنج دولة عربية من مظاهر هذا الفساد كما أكد التقرير لكن بدرجات متفاوتة وذلك بسبب العوامل المشجعة علي ارتكاب الفساد، منها التساهل من الضوابط والمتابعة والرقابة للأنشطة الاقتصادية والأعمال الإدارية ووجود ثغرات في القوانين ووجود حماية لمن يستغلون نفوذهم خصوصًا في عصر الانفتاح والعولمة والمسئولية السياسية.   
1.6 تريلون دولار حجم الفساد السياسي سنويا
تقول الامم المتحدة ان حجم الاموال العامة المختلسة المهربة عبر الحدود جراء فساد الانظمة السياسية حول العالم تقدر بحوالي 1.6 تريليون دولار، تزامنا مع استضافة العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، لمؤتمر الامم المتحدة حول مكافحة الفساد..وتشارك وفود اكثر من 120 دولة في اعمال الدورة الثالثة لمؤتمر اعضاء اتفاقية الامم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد بالدوحة لمدة خمسة ايام.. وقال انطونيو ماريا كوستا المدير التنفيذي لمكتب الامم المتحدة لمكافحة الجريمة ان المناقشات ستركز علي آليات متابعة تطبيق المعاهدة.. واضاف عما يأمل ان تسفر عنه الاجتماعات: "أتمني ان تستمع الحكومات لمناشدة الامين العام للامم المتحدة بالمشاركة في وضع آلية رادعة لمراقبة تطبيق الاتفاقية اذ لا يوجد اتفاق نهائي بشأن تلك الآلية رغم التوافق الدولي حولها، فهناك بعض الدول المعاندة التي لم تبد التزاما كاملا بجميع ابعاد تلك الآلية" وتقدر الامم المتحدة حجم الاموال العامة التي تتعرض للنهب والاختلاس بسبب فساد الانظمة السياسية في العالم بحوالي 1.6 تريليون دولار سنويا، وفق تقرير المنظمة الاممية في موقعها الالكتروني ويتم تحويل هذه الاموال الي حسابات شخصية او ودائع سرية في الخارج واشارت دراسة سابقة اجرتها لجنة الامم المتحدة الاقتصادية الي ان القارة الافريقية مازالت تشكل اكثر المناطق فسادا في العالم كما اشارت دراسات اخري اجريت من قبل البنك الدولي وبرنامج الامم المتحدة الانمائي ومنظمة الشفافية الدولية الي اخفاق دول القارة في التعامل مع الفساد ومواجهته خاصة علي مستوي الحكومات. واصبحت معاهدة مكافحة الفساد لعام 2003 المعيار القياسي لجهود مكافحة الفساد في العالم، وتدعو الدول الي اتخاذ اجراءات تهدف الي منع وتجريم والتحقيق في ومحاكمة مرتكبي الفساد في جميع انحاء العالم.. كما تسعي الاتفاقية الي تطوير التعاون بين الدول بشأن استعادة الاصول والممتلكات التي سرقها المسئولون الفاسدون.. وقال جون براندولينو الرئيس المناوب للوفد الامريكي الي المؤتمر الثالث للدول الاعضاء في اتفاقية مكافحة الفساد الذي يعقد بالدوحة: "لقد قطعنا شوطا طويلا منذ انعقاد المؤتمر الاول للدول المشاركة في الاتفاقية في عام 2006" واضاف براندولينو ان اساليب المراجعة التي اتبعها الزملاء تم قبولها كملامح رئيسية لعملية المراجعة، ولكن مازالت هناك ملامح اساسية اخري لم يتم الاتفاق عليها فيما بعد، فهناك اغلبية كبيرة من الاطراف الموقعة تؤيد زيارات للدول يقوم بها خبراء من دول اخري كأساس لآلية المراجعة ووجود طائفة عريضة من مصادر المعلومات "تتضمن مصادر من القطاع الخاص ومن المجتمع المدني" اثناء عملية المراجعة ونشر التقارير عن الدول، حسبما قال براندولينو لكنه اشار الي ان مجموعة صغيرة من الدول تعارض هذه الملامح وهو ما يمنعنا من التقدم نحو الامام وفي رسالة الي امين عام الامم المتحدة بان كي مون بعث بها المدراء التنفيذيون ل 24 شركة دولية كبري مثل شركة جنرال الكتريك ومجموعة شركات شل الهولندية الملكية وشركة تاتا موتورز التي تقع مقارها الرئيسية في الدول المتقدمة ودول الاسواق الناشئة وجاء في الرسالة ان "أي تأخير اخر قد يقوض مصداقية الاتفاقية وقدرتها علي حشد الزخم من اجل التغلب علي الفساد، كما ذكرت الرسالة ان الازمة الاقتصادية ستؤدي الي تآكل المعايير الاخلاقية "للمشروعات التجارية" التي سيكون من الصعب المحافظة عليها ما لم يتم وضع آلية فعالة للمراجعة علي وجه السرعة وحذر بيان وقعت عليه اكثر من 100 منظمة غير حكومية من ان الاتفاقية ستصبح "رسالة ميتة" بدون وجود تقارير "دقيقة وصارمة" عن التقدم الذي تحرزه كل دولة وطبقا لما قاله مسئولون في الحكومة الامريكية وشركات تجارية ومنظمات غير حكومية فإن عدم اتفاق الموقعين علي اتفاقية مكافحة الفساد وعلي آلية للمراجعة تكون فعالة في التطبيق قد يقوض مصداقية الاتفاقية وفق الخارجية الامريكية وكانت الدول التي صدقت علي اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد تعمل من اجل الاتفاق علي آلية الاتفاقية تلك منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2005 ويذكر ان اجراءات المراجعة المشابهة في اتفاقيات اخري لمكافحة الفساد كانت العامل الرئيسي لمساعدة الدول علي تبادل المعلومات عن الممارسات الجيدة، والتعرف علي الفجوات في التطبيق وتحديد احتياجاتها من المساعدة التقنية.
  1.6 تريلون دولار حجم الفساد السياسي سنويا
 تقول الامم المتحدة ان حجم الاموال العامة المختلسة المهربة عبر الحدود جراء فساد الانظمة السياسية حول العالم تقدر بحوالي 1.6 تريليون دولار، تزامنا مع استضافة العاصمة القطرية، الدوحة، الثلاثاء، لمؤتمر الامم المتحدة حول مكافحة الفساد..وتشارك وفود اكثر من 120 دولة في اعمال الدورة الثالثة لمؤتمر اعضاء اتفاقية الامم المتحدة الخاصة بمكافحة الفساد بالدوحة لمدة خمسة ايام.. وقال انطونيو ماريا كوستا المدير التنفيذي لمكتب الامم المتحدة لمكافحة الجريمة ان المناقشات ستركز علي آليات متابعة تطبيق المعاهدة.. واضاف عما يأمل ان تسفر عنه الاجتماعات: "أتمني ان تستمع الحكومات لمناشدة الامين العام للامم المتحدة بالمشاركة في وضع آلية رادعة لمراقبة تطبيق الاتفاقية اذ لا يوجد اتفاق نهائي بشأن تلك الآلية رغم التوافق الدولي حولها، فهناك بعض الدول المعاندة التي لم تبد التزاما كاملا بجميع ابعاد تلك الآلية" وتقدر الامم المتحدة حجم الاموال العامة التي تتعرض للنهب والاختلاس بسبب فساد الانظمة السياسية في العالم بحوالي 1.6 تريليون دولار سنويا، وفق تقرير المنظمة الاممية في موقعها الالكتروني ويتم تحويل هذه الاموال الي حسابات شخصية او ودائع سرية في الخارج واشارت دراسة سابقة اجرتها لجنة الامم المتحدة الاقتصادية الي ان القارة الافريقية مازالت تشكل اكثر المناطق فسادا في العالم كما اشارت دراسات اخري اجريت من قبل البنك الدولي وبرنامج الامم المتحدة الانمائي ومنظمة الشفافية الدولية الي اخفاق دول القارة في التعامل مع الفساد ومواجهته خاصة علي مستوي الحكومات. واصبحت معاهدة مكافحة الفساد لعام 2003 المعيار القياسي لجهود مكافحة الفساد في العالم، وتدعو الدول الي اتخاذ اجراءات تهدف الي منع وتجريم والتحقيق في ومحاكمة مرتكبي الفساد في جميع انحاء العالم.. كما تسعي الاتفاقية الي تطوير التعاون بين الدول بشأن استعادة الاصول والممتلكات التي سرقها المسئولون الفاسدون.. وقال جون براندولينو الرئيس المناوب للوفد الامريكي الي المؤتمر الثالث للدول الاعضاء في اتفاقية مكافحة الفساد الذي يعقد بالدوحة: "لقد قطعنا شوطا طويلا منذ انعقاد المؤتمر الاول للدول المشاركة في الاتفاقية في عام 2006" واضاف براندولينو ان اساليب المراجعة التي اتبعها الزملاء تم قبولها كملامح رئيسية لعملية المراجعة، ولكن مازالت هناك ملامح اساسية اخري لم يتم الاتفاق عليها فيما بعد، فهناك اغلبية كبيرة من الاطراف الموقعة تؤيد زيارات للدول يقوم بها خبراء من دول اخري كأساس لآلية المراجعة ووجود طائفة عريضة من مصادر المعلومات "تتضمن مصادر من القطاع الخاص ومن المجتمع المدني" اثناء عملية المراجعة ونشر التقارير عن الدول، حسبما قال براندولينو لكنه اشار الي ان مجموعة صغيرة من الدول تعارض هذه الملامح وهو ما يمنعنا من التقدم نحو الامام وفي رسالة الي امين عام الامم المتحدة بان كي مون بعث بها المدراء التنفيذيون ل 24 شركة دولية كبري مثل شركة جنرال الكتريك ومجموعة شركات شل الهولندية الملكية وشركة تاتا موتورز التي تقع مقارها الرئيسية في الدول المتقدمة ودول الاسواق الناشئة وجاء في الرسالة ان "أي تأخير اخر قد يقوض مصداقية الاتفاقية وقدرتها علي حشد الزخم من اجل التغلب علي الفساد، كما ذكرت الرسالة ان الازمة الاقتصادية ستؤدي الي تآكل المعايير الاخلاقية "للمشروعات التجارية" التي سيكون من الصعب المحافظة عليها ما لم يتم وضع آلية فعالة للمراجعة علي وجه السرعة وحذر بيان وقعت عليه اكثر من 100 منظمة غير حكومية من ان الاتفاقية ستصبح "رسالة ميتة" بدون وجود تقارير "دقيقة وصارمة" عن التقدم الذي تحرزه كل دولة وطبقا لما قاله مسئولون في الحكومة الامريكية وشركات تجارية ومنظمات غير حكومية فإن عدم اتفاق الموقعين علي اتفاقية مكافحة الفساد وعلي آلية للمراجعة تكون فعالة في التطبيق قد يقوض مصداقية الاتفاقية وفق الخارجية الامريكية وكانت الدول التي صدقت علي اتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد تعمل من اجل الاتفاق علي آلية الاتفاقية تلك منذ دخول الاتفاقية حيز التنفيذ في عام 2005 ويذكر ان اجراءات المراجعة المشابهة في اتفاقيات اخري لمكافحة الفساد كانت العامل الرئيسي لمساعدة الدول علي تبادل المعلومات عن الممارسات الجيدة، والتعرف علي الفجوات في التطبيق وتحديد احتياجاتها من المساعدة التقنية.
  التنمية بأموالنا المهربة فى الخارج
يقول آدم سميث، أبو النظرية الاقتصادية الرأسمالية، إن «المرشحين للثروة كثيرا ما يتخلون عن طرق الفضيلة، لأن الطريق الذى يؤدى للثروة والآخر الذى يؤدى للفضيلة، وذلك من دواعى التعاسة، يقعان أحيانا فى اتجاهات متضادة تماما».
ما قاله سميث عام 1759، فى كتابه نظرية المشاعر الأخلاقية، مازال يصدق حتى الآن فى رأسمالية القرن الحادى والعشرين. وهاهى مبادرة استعادة الأصول المنهوبة، التابعة للأمم المتحدة والبنك الدولى، تخبرنا فى تقرير لها الخميس الماضى، إن حجم الأموال المهربة للخارج، التى تخسرها الدول النامية، يصل سنويا إلى ما بين 20 إلى 40 مليار دولار، بسبب الرشاوى والاختلاس، وصور الفساد الأخرى.
ولا يوجد تقدير رسمى مصرى معلن (فى حدود علمي) لحجم الأموال الهاربة من مصر فى إطار الفساد. لكن تقديرا لمنظمة النزاهة المالية العالمية الأمريكية غير الحكومية فى مارس الماضى يؤكد أن شمال أفريقيا (يضم الجزائر ومصر وليبيا والمغرب وتونس) خسر 1.767 تريليون دولار من التدفقات المالية غير الشرعية خلال 40 عاما تنتهى فى 2008.
وهو رقم يساوى حوالى 56% من الناتج المحلى الإجمالى لها فى 2008. ولا تشمل هذه الأموال الفاسدة المهربة التهريب ولا تجارة المخدرات والا الاتجار فى البشر، بحسب «النزاهة المالية العالمية».
أما نصيب مصر من هذه الأموال فهو يرقى للمركز الثانى أفريقيا، بعد الجزائر، بحوالى 73 مليار دولار ما بين 1970 و2004. وبينما يربط دعاة فتح الأسواق بين سيطرة الدولة على الاقتصاد وبين الفساد وتهريب الأموال نجد أنه، وفقا لتقديرات المنظمة، فإن المعدلات السنوية للتدفقات غير الشرعية زادت ابتداءا من عام 2004، وقت تولى حكومة نظيف النيوليبرالية، لتصل إلى إجمالى 32 مليار دولار، فى خمس سنوات فقط من 2004 إلى 2008، وهو ما يقرب من نصف التدفقات الهاربة فى أربع عقود. يذكر هنا أن تحرير التدفقات الرأسمالية كان أحد أهم أعمدة السياسة الاقتصادية لهذه الحكومة، وهو ما صار صندوق النقد الدولى يدعو لعكسه مؤخرا داعيا الدول النامية لفرض بعض القيود عليها لتأمين اقتصاداتها من عدم الاستقرار.
ويرفع تقدير آخر للباحثين الرائدين فى المجال جيمس بويس وليونس نديكومانا إجمالى الرقم خلال نفس ال 4 عقود إلى 105 مليارات دولار، منها 42.5 مليار دولار فى الخمس سنوات الذهبية للرأسمالية المصرية الحرة فى البلاد.
ويتجاوز هذا التقدير حجم صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التى جلبتها مصر ما بين عامى 2005-2006 و2008-2009 الماليين، الذى يتوقف عند 38 مليار دولار.
إن التكلفة الاجتماعية للفساد تتجاوز بمراحل قيمة الأصول المسروقة من قبل المسئولين الحكوميين وغيرهم. الفساد يضعف الثقة فى مؤسسات الدولة ويفسد توصيل العوائد الاقتصادية للشريحة الأوسع لمقاومة الفقر وتحسين التعليم والصحة.
تعالوا معى نتخيل ما الذى كان يمكن أن يحدث لو أن 80% أو 70% أو حتى 50% من هذه الأموال قد أعيد استثمارها فى أوجهها السليمة فى الاقتصاد المحلى. ما حجم الوظائف التى كانت لتخلقها؟ أو كان من الممكن انفاقها على التعليم والصحة، وهو استثمار فى قدرة المصريين على الانتاج والابداع.
ويعتبر ريموند بيكر، الذى يرأس حاليا منظمة النزاهة المالية العالمية، وهو سلطة فى الموضوع منذ أصدر فى 2005 كتابه «كعب آخيل: الأموال القذرة وكيف نجدد نظام السوق الحرة»، أن هذه الظاهرة تهديد بالغ للرأسمالية العالمية.
ليس هذا فقط بل إن بيكر يؤكد أن الدول المتقدمة تستفيد من هذه الوضعية على حساب الدول النامية. «الدول الأغنى هى أكبر مروج لهذا الوضع غير القانونى فى التجارة والتمويل العالميين. فتريليونات الدولارات تتدفق بلا مجهود إليها»، بل إن دول أوروبا وأمريكا الشمالية تترك متعمدة ثغرات قانونية فى أنظمتها المالية لتفتح الأبواب لهذه التدفقات، كما يقول الباحث الأمريكى.
وفى الوقت الذى يجب على الدول النامية، ومنها مصر، فيه أن تغلق «محبس» الفساد عندها، بالمزيد من الديمقراطية والرقابة الشعبية والقانونية على موظفيها العموميين وقطاعها الخاص، وأن تعيد النظر فى سياسات التحرير الكامل للتدفقات الرأسمالية، بحسب نصائح صندوق النقد، فإن ما راح لم يذهب بلا رجعة.
تدعونا الأمم المتحدة ومعها البنك الدولى إلى العمل على استرداد هذه الأموال مرة أخرى. وتقول لنا مبادرة استعادة الأصول المنهوبة فى «دليل عمل»، أصدرته يوم الخميس الماضى، إنها عملية معقدة لكنها ممكنة، إذا توافرت الكفاءات القانونية المطلوبة والتكتيكات المناسبة، وقبلهما الإرادة السياسية بالطبع.
يستخدم ريموند بيكر، فى مجال التدليل على خطورة الأموال المهربة على الرأسمالية، الأسطورة حول آخيل، الذى قاد معركة طروادة لمدة 10 سنوات وانتصر على الطرواديين وهزمهم هزيمة نكراء انتقاما لصديقة باتروكلس، قبل أن يقتل فى عز نصره بعد أن وجه له أحدهم سهما أصابه فى وتر كعبه.
ويدافع بيكر عن ضرورة إيقاف هذه التدفقات غير الشرعية لإنقاذ نظام السوق الحرة. غير أن مصداقية ما قاله آدم سميث قبل 250 عاما تؤكد بما لا يدع مجالا للشك ضرورة فرض طرق الفضيلة على أولئك الساعين للثروة على حسابنا.

   مصر تخسر 26 مليار دولار سنوياً بسبب تهريب الأموال للخارج
ناجي هيكل-----------
وضع تقرير أمريكي صدر مؤخرا مصر في المرتبة الثانية ضمن أكثر خمس دول أفريقية في تهريب الأموال للخارج، حيث أكد التقرير أن مصر خسرت بسبب تهريب الأموال للخارج نحو 5.70 مليار دولار في الفترة من 1970 إلي2008م.
وأرجع خبراء نتائج التقرير التي وصفوها بالحقيقية إلي غياب الدور الرقابي للحكومة علي تحويلات أموال المصريين للخارج، فضلا عن عدم استقرار المناخ الاقتصادي السياسي في مصر وهو ما لا يشجع رجال الأعمال والمستثمرين علي الاستثمار داخل وهو ما يدفعهم لتهريب الأموال للخارج، مما يؤدي إلي استمرار تدني الوضع الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة.
وأكد د. صلاح جودة مدير مركز الدراسات الاقتصادية، أنه خلال فترة السبعينيات حدث هناك نوع من النزوح المالي أثناء وجود البنوك الأجنبية والتي كانت بدايتها سنة 1975 مثل بنك فيصل الإسلامي والمصرف العربي الدولي وكان في هذا الوقت لا يوجد هناك نوع من الرقابة علي هذه البنوك من قبل البنك المركزي المصري مما أدي لزيادة حوادث تهريب الأموال للخارج، مضيفاً أنه من 1988 تم ضبط العديد من القضايا الخاصة بتهريب الأموال للخارج كان من أشهرها قضية الريان.
وأضاف جودة: في الفترة الأخيرة من 1990 حتي الآن التي يطلق عليها فترة الإصلاح الاقتصادي والمالي قام مجموعة من رجال الأعمال بتهريب أموالهم للخارج، كان علي رأسها قضية هشام النشرتي وكان ما يمكن ما يمكن أن يطلق عليه بطل العالم في تهريب الأموال محمد أنور ربيع الجارحي رجل أعمال "الحديد" . وأضاف أن من أبرز الطرق في تهريب الأموال للخارج صندوق دعم الصادرات الذي يتبع وزارة التجارة والصناعة حيث يوجد هناك أعداد من مصلحة الجمارك والضرائب ورجال الأعمال يقومون بتصدير أشياء وهمية، وفي المقابل يحصل صندوق دعم الصادرات علي 5.2 مليار جنيه دعم، وتساءل جودة: إذا كان الدعم يصل إلي 5.2 مليار ونسبة الدعم تكون 2% من الصادرات فكم يكون حجم هذه الأموال التي يتم تهريبها؟.
وحول الأسباب التي أدت لتزايد تهريب الأموال للخارج قال مدير مركز الدراسات الاقتصادية: إن رجال الأعمال دائما يبحثون عن الأماكن الأكثر أمانا وبالنسبة لمصر رجال الأعمال ينظرون عليها علي أنها ليست منة ففي فترة عاطف عبيد تم تحويل أكثر من 170 رجل أعمال للمحاكمة ومنهم من دخل السجن ومنهم من هرب لذلك كانت فترة عاطف عبيد أسوأ فترة في تاريخ الاقتصاد منذ الثورة حتي الآن.
وأضاف: إنه من ضمن الأسباب كذلك عدم الاستقرار في مجال الاستثمار بالإضافة إلي أن القوانين المصرية للاستثمار متضاربة ومتلاحقة، فمن الممكن أن يتم عمل دراسةجدوي لمدة خمس سنوات وأثناء هذه الفترة يتم تغيير القانون مما يوثر في دراسة الجدوي، وبالتالي يؤثر في الاستثمار، وأن الوضع السياسي غير المستقر في مصر أدي لزيادة تهريب الأموال لأن الناس لا تعرف ملامح الفترة المقبلة مما يسبب عائقاً كبيراً أمام استقرار الوضع في مصر، وتوقع جودة أن الأمور ستستقر بعد إجراء انتخابات الرئاسة في 2011.
وقال جودة: إنه خلال العقدين الماضيين من 1990 وحتي الآن خسر الاقتصاد المصري ما لا يقل عن 20 مليار دولار سنويا بسبب تهريب الأموال للخارج، وقال إنه لو تم استثمار هذه الأوال داخل البلاد كانت ستسهم بشكل كبير في حل العديد من مشاكل البطالة وتدني الوضع الاقتصادي في مصر.
ومن جانبه يقول د. شيرين أحمد فؤاد، عضو باللجنة الاقتصادية بمجلس الشعب ( البرلمان): إن الاقتصاد أصبح حراً لذلك لا توجد هناك قيود علي دخول أو خروج بعض الأموال، لكن من المفترض أن تكون هناك ضوابط لعدم خروج مثل هذه الأموال خارج مصر وأنه يتم استثمارها داخليا، مؤكداً ضرورة الرقابة المالية من قبل البنك المركزي المصري علي جميع التحويلات التي تدخل وتخرج من مصر.
ونفي شيرين أن يكون السبب في زيادة الفاقد من خروج الأموال من مصر إلي الخارج يرجع بسبب عدم استقرار الأوضاع السياسية والاقتصادية، مؤكدا أن زيادة الاستثمارات الأجنبية في مصر عاما بعد عام يدل علي استقرار الوضع والإقبال علي الاستثمار داخل مصر، مضيفاً أن الأموال التي تخرج من مصر أو تم استثمارها داخليا ستساعد علي حل العديد من مشاكل تدني الاقتصاد وزيادة معدلات البطالة.
ويقول د. حمدي عبد العظيم، الخبير الاقتصادي: إن السبب الرئيسي في تهريب الأموال خارج مصر هو الفساد الإداري في بعض الأجهزة الحكومية وعدم اهتمامها بمحاسبة المسئولين وتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات ومجلس الشعب، مؤكدا غياب الشفافية والوضوح تكاد تكون منعدمة، وأن كل مسئول يقوم بإهدار المال العام يجب أن يقدم للعدالة.
ويضيف عبد العظيم أن ما تم تهريبه منذ 1970 إلي 2008 من أموال والذي قدره التقرير بحوالي 5.70 مليار دولار رقم موضوعي وقريب إلي الحقيقة نظرا لما حدث في الفترة الأخيرة من حالات تهريب الأموال والحصول علي المليارات من البنوك دون أي ضمانات، موضحا أنه أثر بشكل سلبي في أداء ميزان المدفوعات وتسبب في وجود عجز به، بالإضافة إلي تأثير التهريب في قيمة الجنيه المصري مما يجعلنا نقترب من مشكلة تراكم الديون.
وحذر عبد العظيم من تأثر مناخ الاستثمار الأجنبي والخروج في مصر بسبب حالات تهريب الأموال، وأنه سيعكس صورة سيئة عن الفساد الاقتصادي في مصر مما سيجعل المستثمرين يحجمون عن وضع أي استثمارات في مصر وهذا سيؤثر بالسلب في السوق المصري ويجعله غير مستقر، لافتا إلي أن التهاون مع هؤلاء الأشخاص يعتبر تستراً عليهم وإهداراً لأموال الدولة لأن الحكومة هي من فتح الباب أمامهم للحصول علي الأوال.
ومن جانبه شكك د. علي السلمي، وزير التنمية الإدارية الأسبق، في مصداقية التقرير بسبب عدم موضوعية من وضعوا هذه الأرقام والبيانات وأنه يمكن التلاعب فيها، قائلا: لابد أن نري التقرير في البداية ونعرف مصدره الحقيقي حتي يمكن التعليق عليه وتفسيره، موضحا أنه لا يوجد تهريب أموال في مصر كما كشف التقرير ولكنها حالات فردية، علي حد قوله، ولم تصل إلي درجة تهريب الأموال، مضيفاً بأن الحالات التي حدثت في هذا المجال معروفة بالاسم وليست كثيرة وأن أي شخص استطاع أن يسوي مشاكله مع الحكومة والبنوك فعل هذا وعاد إلي مصر .. أما من لم يسو فلا يمكنه العودة•• مؤكدا أنه لا يمكن أن تصدر أشياء هكذا ونصدقها.. مطالبا بضرورة التأني والبحث عن حقيقة ما يصدر من تقارير خارجية قبل الحديث عنها والتعامل معها.
 حجمها وصل إلي 2.18 مليار جنيه
أرباح المخدرات تعادل 79% من إيراد قناة السويس
من يصدق أن حجم تجارة المخدرات في مصر يصل إلي 79.5% من دخل قناة السويس.. و109% من عوائد الاستثمار و32.8% من عائد التصدير و41.3% من عائد السياحة و46.9% من تحويلات المصريين في الخارج و32.7% من عائد البترول..!
ليس هذا كلاما مرسلا ولكنها الحقيقة التي حملتها الاحصائية الرسمية التي أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة العامة والاحصاء عام 2007 والتي جاء فيها أن حجم تجارة المخدرات في مصر وصل إلي 18.2 مليار جنيه.. والسؤال الذي يفرض نفسه هو: كيف نوقف نزيف هذه المليارات التي تلتهمها تجارة المخدرات والتي تؤثر علي الاقتصاد المصري تأثيرا سلبيا؟
يوضح الدكتور محمد النجار أستاذ الاقتصاد بجامعة بنها قائلا: إن تجارة المخدرات تندرج تحت مسمي تجارة الممنوعات، أو الاقتصاد السري الذي يندرج تحت ما يسمي بالأرقام المظلمة، لأننا لا نستطيع أن نتعرف عليها من خلال الاحصاءات الرسمية، ومن ثم فكل ما يقال مجرد تقديرات ليس إلا.
ويوضح د. النجار: رغم أن اقتصادات تجارة المخدرات لا يتم تصنيفها في الحسابات القومية لأنها نشاطا اقتصاديا غير مشروع، فإنها تسهم في زيادة الطلب علي النقد الأجنبي ومن هنا تؤثر علي انخفاض سعر الجنيه الذي تتبعه زيادة في تكلفة الاستيراد وينتج عنها ارتفاع في الأسعار.. كما أن خفض العملة الوطنية له تأثير سلبي خاصة في ظل ضعف مرونة الطلب الخارجي علي صادرات الدول المختلفة وضعف مرونة العرض بها من جراء قصور جهاز الإنتاج بها وتخلفه وعدم مرونته.
ويضيف د. النجار: الأمر لا يقتصر علي ذلك، فتجار المخدرات يستطيعون تدبير النقد الأجنبي اللازم لصفقاتهم الدنيئة فهم يدفعون ثمنا أعلي للعملة لأنهم واثقون من تعويض ذلك من الأرباح الوفيرة التي يجنونها من هذه التجارة.. مشيرا إلي أن الاتجار غير المشروع في المواد المخدرة وما ينتج عنها من أرباح كبيرة وضخمة والتي يدفعها المتعاطون والمدمنون يجعل تجار المخدرات يلجأون إلي غسل أموالهم من خلال الاستثمار في الخارج حيث المواقع الشهيرة لغسل الأموال، ومن هنا يتم تبديد الموارد المتاحة للبلدان النامية في إنفاق غير منتج وغير نافع لعملية التنمية بها، إلي جانب إهدار الإمكانيات المتاحة لاستخدام موارد الاقتصاد في استثمارات منتجة يكون الاقتصاد في أمس الحاجة إليها.
ويري أستاذ الاقتصاد أن الاتجار في المخدرات يحمل اقتصادات البلدان النامية أعباء كثيرة تتمثل في النفقات التي تتحملها الدولة في مكافحة هذه الجريمة والوقاية منها والعمل علي علاجها.
ويحذر النجار من خطورة استمرار ظاهرة الاتجار في المخدرات وكذلك تعاطيها وإدمانها خاصة في المجتمع المصري الذي أصبح مقسما إلي شعبين: أولئك الذين يملكون والذين لا يملكون في ظل تآكل الطبقة الوسطي.
آثار سلبية
يقول الدكتور نبيل حشاد الخبير الاقتصادي إن تجارة المخدرات لها آثار سلبية علي الاقتصاد علي المستوي العالمي وهي تصنف علي انها جزء أساسي من الاقتصاد الخفي وهي مشهورة في دول أمريكا اللاتينية خاصة كولومبيا، وأيضا في الولايات المتحدة وإيطاليا، حيث يمثل الاقتصاد الخفي في هذه الدول نسبة 30% من اجمالي الناتج المحلي لها وتحتل تجارة المخدرات نصيب الأسد من هذه النسبة.. أما في مصر فلا توجد دراسات متعمقة خاصة بالاقتصاد الخفي لكن توجد بعض التقديرات ليست مبنية علي أسس علمية تقول إن الاقتصاد الخفي في مصر يقدر بحوالي 22% من إجمالي الناتج المحلي.. ويري د. حشاد أن تجارة المخدرات لا تمثل ظاهرة تهدد المجتمع المصري لكنها موجودة وبدأت تنتشر بين الشباب والعاطلين عن العمل.. وهنا تكمن الخطورة، حيث إن الشباب هم عماد المستقبل وتورطهم في التجارة أو التعاطي والإدمان يعني اننا سنجد شبابا مدمرا نفسيا وضعيفا جسمانيا وعقليا.
وتتفق معه في الرأي الدكتورة هبة نصار مدير مركز البحوث والدراسات الاقتصادية بجامعة القاهرة في أن الاقتصاد يتأثر سلبا بانتشار المخدرات وتجارتها وتعاطيها.. وتوضح أن أضرار هذه التجارة عديدة ومتفاوتة في خطورتها علي اقتصاد البلد حيث تؤثر سلبا علي القدرة الإنتاجية كما تضعف الصحة وتسحب الأموال من الاقتصاد القومي فيصرف المتعاطون أموالهم ومدخراتهم علي المخدرات.. هذا غير السلوكيات الخطيرة التي يكتسبونها التي تسيء للمجتمع ككل وإلي الاقتصاد أيضا حيث تتجه القوي الشرائية من الاستهلاك الحميد إلي الاستهلاك السلبي الخبيث مما يؤثر بالسلب علي الاستثمار.
وتضيف د. هبة أن عمليات غسل الأموال نتاج طبيعي للاتجار غير المشروع والذي تحتل تجارة المخدرات فيه النصيب الأكبر حيث يشمل تجارة السلاح والأعضاء والرقيق، وكلها تؤثر علي الاقتصاد وتؤدي إلي تبديد جزء كبير من موارد المجتمع، حيث يقدر المنفق علي المواد المخدرة بنسبة 2.5% من عوائد الدخل القومي.. محذرة من اتساع سوق الاتجار غير المشروع في المواد المخدرة بمصر حيث بلغ حجم تجارة المخدرات عام 2007 نحو 18.2 مليار جنيه منها 15.7 مليار جنيه قيمة الزراعات و900 مليون جنيه قيمة المواد المصنعة.
وتقول الدكتورة سهير لطفي رئيس المركز المصري لمكافحة الإدمان والتعاطي إن مصر سباقة بين دول العالم في مواجهة هذه الآفة وإنشاء المراكز المتخصصة في مكافحة المخدرات فكانت مصر سباقة بإنشاء المجلس القومي لمكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي.. مشيرة إلي أن مصر تنفق سنويا حوالي نصف مليار دولار في علاج المدمنين.. وتعتبر د. سهير أن مقاومة تجارة المخدرات في مصر قضية أمن قومي لأنه من معطف هذه التجارة تخرج اقتصادات أخري تحت مظلة غسل الأموال مثل تجارة السلاح.. وتقول إن مواجهة هذه الظاهرة تتطلب جهدا تقوم به كل من الجهات الحكومية ومنظمات المجتمع المدني التي من الممكن أن تلعب دورا رئيسيا في مواجهة هذه المشكلة المعقدة التي تستنزف اقتصادات الدول وطاقات الشعوب.

التعبئة والإحصاء:المصريون ينفقون 27 ملياراً على المخدرات!
حنان الجوهرينشر في الدستور الأصلي يوم 18 - 04 - 2010
أكد تقرير حكومي صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء أن الإنفاق علي المخدرات في مصر حتي منتصف عام 2009 بلغ 27 مليار جنيه.
وقارن التقرير بين ما ينفقه المصريون علي المخدرات وما يتم إنفاقه علي بعض الاستثمارات مثل إنفاق الدولة علي الكهرباء والذي لا يتجاوز 17 ملياراً وعلي التعليم 8 مليارات والصرف الصحي 9 مليارات.
أما عن العائد فقد تجاوزت المخدرات عائدات قناة السويس والتي وصلت إلي 26 مليار جنيه وكذلك عائدات الاستثمار 10 مليارات أما باقي العائدات فيصل عائد البترول إلي 60 ملياراً والتصدير 140 ملياراً والسياحة 58 ملياراً وتحويلات المصريين بالخارج 45 ملياراً.
وعن حجم صناعة المخدرات في العالم يذكر التقرير أنها تبلغ 320 مليار دولار سنوياً، تختص مصر منها ب28 مليار جنيه منها 20 ملياراً للزراعات المخدرة و8 مليارات للمواد المخدرة الطبيعية ومليار للمواد الكيميائية وأفغانستان هي الأولي في إنتاج الأفيون بما يمثل 93% من إنتاج العالم، وكولومبيا الأولي في إنتاج أوراق الكوكا.
أما عن تطور كميات المواد المخدرة الطبيعية المضبوطة منذ عام 2000 وحتي نهاية 2008 في السوق فقد سجل البانجو أعلي معدل لارتفاع الكميات المضبوطة حيث ارتفع من 30 طناً في عام 2000 إلي 82 طناً في نهاية 2008، والحشيش ارتفع من 500 كيلو إلي 13 طناً ككمية مضبوطة فقط، أما الأفيون قد تراجع إلي 53 كيلو بعد أن كان 75 كيلو في 2000 و114 كيلو في 2004 والهيروين تزايد من 37 كيلو إلي 212 كيلو.
وأكبر دولتين من مضبوطات الحشيش هما المكسيك «30%» وأمريكا «20%» وإيران هي من كبري الدول في مضبوطات الهيروين والأفيون، ويذكر التقرير أن المضبوطات في مصر لا تتجاوز 1.0% من إجمالي المواد المخدرة.
 اقسم بالله--اقسم بالله اقسم بالله لن تطهر مصر من اللصوص والفاسدين والمخربين طالما ان هناك حكومات تتستر علي الخمورجية وقطاع الطرق ومن تعاونوا علي خراب مصر من زبانية اخطر لصوص العالم مبارك --والحساب علي الله ثم من جيب الفقراء في مصر المهدومة والمخطوفة  والمغتصبة من عصابة يعلم بحالها رب العرش العظيم--============================
 تابع الفضائح --ناجي هيكل يا مصر ليس فيكي شريف --: الذين يحاربون الرئيس فى حربه ضد الفساد.. تستطيع مصر أن توفر مليارات الجنيهات لو نجحت فى حربها ضد الفساد وبناء عليه لن تنتظر مساعدات من أى طرف
فرق كبير جدا وشاسع جدا بين أن يعترف الجميع بحقيقة تقول إن إرث الدولة المصرية من فساد وخلل فى مختلف المجالات، صحة واقتصادا وتعليما وبنية تحتية، يشكل عبئًا على الدولة الجديدة وخططها للتنمية، ويعطل ويؤجل شعور الناس بالإنجازات الحقيقية والمهمة التى تحدث على الأرض، وبين أن يقوم بعض المسؤولين فى الدولة بتحويل هذه الحقيقة إلى نغمة يتحججون بها للتغطية على أخطائهم.
نحن مع الأولى ونرفض إساءة استخدام الثانية..
مع الأولى التى تعترف بأن السنوات الأخيرة من حكم مبارك شهدت فسادا لم تشهده مصر من قبل، وانهارت فيها أعمدة الدولة المصرية بشكل لا يستقيم معه السرعة التى نتمنى أن نخرج بها من نفق الروتين والخلل والارتباك إلى نور التقدم والنهضة وبناء دولة قوية، الاعتراف بأن إرث السنوات الثلاثين الأخيرة ثقيل حقيقة لا عيب فى تكرارها وتذكير الناس بها، حتى تكون الأمور على بينة وواضحة أمام الجميع، فلا مصر سويسرا ولا الرئيس الحالى تسلمها وهى كاملة المرافق، جيدة البنية التحتية، ولا جهازها الإدارى بالقوة التى تساعده على تحقيق أحلامه ومشروعاته، وبناء عليه يعلم الجميع أن كل بناء تريد أن تبدأ به مصر لأجهزتها ومؤسساتها وكل إنجاز يريد المصريون تنفيذه على الأرض سيحتاج فى البداية إلى تطهير الأرض المصرية من بقايا إرث السنوات الفاسدة الماضية، وهذا الإرث الفاسد مازال له حراس داخل أجهزة الدولة يدافعون عنه، ويسعون للإبقاء عليه، ويقاتلون كل من يقترب منه بشراسة، وفى هذا الإطار يمكنك أن تفهم دعوة الرئيس السيسى للناس بالصبر، فهو لا يطالبهم بالصبر لأنه تأخر أو أبطأ فى تحقيق ما وعد به بقدر ما يطالبهم بالصبر والمشاركة فى معركة تطهير الوطن من إرث الماضى الفاسد، الصبر لكى تتم عملية التطهير حتى يتم البناء على نظافة دون أخطاء، وبعيدا عن فكرة المسكنات التى ترضى الجمهور وترفع شعبية الرئيس ولكنها لا تفيد الوطن أبدا، الحلول المؤقتة لا تفيد الوطن أبدا، وهذه رسالة الرئيس السيسى التى تحتاج دعما وتشجيعا، شجعوا الرئيس على أن يمضى قدما فى بناء المشروعات الضخمة والعملاقة والمستدامة، حتى ولو كان مردودها لن يظهر إلى بعد سنوات، أفضل من أن تضغطوا عليه ليقدم لمصر مسكنات تفرح شعبها لأيام ثم يشعر الناس بآثارها الجانبية الكارثية بعد السنوات.
تشجيع الدولة على البناء ومحاربة الفساد والصبر عليها لتنفيذ تلك المهمة الصعبة، أفضل بكثير من الضغط على الدولة لكى ترضى هذا أو تصدر قرارا سريعا يفرح ذاك، أو تعيد تجميل ميدان أو اثنين ومستشفى أو ثلاثة أو منح العمال منحة أو علاوة وتصوير ذلك على أنه هو الإنجاز.
الإنجاز الحقيقى فى رأيى هو الخروج من معركة الفساد بأكبر المكاسب، مصر كنز كبير يأكله الفاسدون من أهله سواء كانوا مسؤولين كبارا أو مسؤولين صغارا أو مواطنين يشاركون فى منظومة الفساد تحت مظلة اللامبالاة أو الرغبة فى تخليص المصالح.
الرئيس ومعه حكومة المهندس محلب تكلموا كثيرا عن حربهم ضد الفساد، والأجهزة الرقابية وصلتها الرسالة، والفترة الماضية شهدت الكشف عن العديد من قضايا الفساد الكبرى، وهذه خطوة تستحق الدعم والمشاركة والتشجيع، فالحرب على الفساد فى مصر أقوى وأشرس من الحرب على الإرهاب، خسائر وتحركات الإرهاب معروفة ووجهه القبيح واضح للعيان، أما وجوه الفساد فغالبا متغيرة ومتلونة وقادرة على إيهام الناس بغير الحقيقة.
مصر تخسر بسبب الفساد أكثر مما تخسره من كوارث أخرى، فعلى حسب ما ذكر عاصم عبد المعطى، رئيس المركز المصرى للشفافية ومكافحة الفساد والوكيل السابق للجهاز المركزى للمحاسبات، فإن «الفساد فى مصر يهدر 800 مليار جنيه سنويا».
بينما المستشار هشام جنينة، رئيس الجهاز المركزى للمحاسبات، أشار إلى أن حجم الفساد المالى والإدارى فى مصر يصل إلى 200 مليار جنيه سنويا.
باختصار تستطيع مصر أن توفر مليارات الجنيهات لو نجحت فى حربها ضد الفساد، وبناء عليه لن تنتظر مساعدات من أى طرف سواء كان عربيا أو أجنبيا، ولن تتأخر مشاريعها الكبرى، ولن يتأخر إحساس المواطن المصرى بالإنجاز لأن توفير المليارات التى يبتلعها وحش الفساد، سيصب بكل تأكيد فى مصلحة البناء
  ناجي هيكل -يكشف-الفساد «سوس» ينخرفي الجسد المصري والفاتورة 100 مليار جنيه سنويا--عيب يادولة مفضوحة ابشركم بالخراب وحرقكم في بيوتكم ياشويه صيع ماجورين لهدم مصر؟؟!!
البيروقراطية وتعقيد الإجراءات منفذ للرشوة والمحسوبية
600 مليار جنيه لم تحصلها الأجهزة بسبب الفساد الإداري
الرشوة المدفوعة بالمحليات مليار جنيه سنوياً
الإسراف وعدم الشفافية وضعف الرقابة من أسباب الفساد
مصر ثالث دول العالم في تجارة الأعضاء البشرية
المنظمات الدولية تحذر المستثمرين من الفساد في مصر
الدولة المصرية منذ رحيل جماعة الإخوان عن الحكم وهي ترفع لواء محاربة الإرهاب، ولكن على ما يبدو أن هناك خطرا كبيرا أشد فتكا من الإرهاب أو الجماعات الإرهابية، وهو الفساد الذي يمثل سرطان يأبى أن يخرج من الجسد المصري منذ عشرات السنين.
ومر الفساد في مصر بعدة مراحل بداية من فساد القصر الملكي، والأحزاب قبل ثورة 1952وفساد ما بعد 1952، واتخذ الفساد في حقبة عبدالناصر طابعاً مختلفاً عن الفترات السابقة له اقتصر على فساد بعض رجال الحكم، خصوصا العسكريين الذين تولوا مناصب مدنية، وقضايا مثل سرقة مجوهرات أسرة محمد على ولجان تصفية الإقطاع، وفساد إدارات بعض شركات القطاع العام.
وجاءت فترة السادات والانفتاح، وكانت أبرز مظاهر الفساد فيها الرشوة والعمولات واستغلال الوظيفة في الإثراء غير المشروع واستغلال النفوذ والمحسوبية وانتشار الوساطة في كافة المجالات.
قبل ثورة يناير
وقبل ثورة 25 يناير 2011، وإبان فترة حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أشارت عدة تقارير محلية ودولية وحكومية على انتشار الفساد في عدة هيئات ومصالح حكومية في مصر، كما ظهر ترتيب مصر متأخرا على مؤشر الفساد الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية.
ففي 26 سبتمبر 2009 جاء ترتيب مصر 115 على مستوى 180 دولة في العالم متراجعا عن عام 2007، والذي كان 105 وعام 2006 والذي كان 70.
كما تورط وزراء في عمليات فساد كبيرة مثل وزير الإسكان الأسبق محمد إبراهيم سليمان وغيره من المسئولين في الحكومة.
في أعقاب 30 يونيو
الجهاز المركزي للمحاسبات أعلن سبتمبر الجاري، أنه قدم ما لا يقل عن 60 تقريرا إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، عن تقويم أداء الوزارات والهيئات الحكومية.
وأضاف الجهاز في تقريره أن هناك مشكلة تكمن في محاربة الفساد في مصر وهي التركيز على الصغار، وترك الحيتان الكبيرة.

ومن بين ما قدمه الجاهز المركزي تقريرا يوضح إجمالي مستحقات للدولة، بلغت ما يزيد عن 600 مليار جنيه لم تحصل بسبب الفساد، ووجود قصور في قانون الحجز الإداري، وغياب اللوائح والقوانين المالية في الرقابة.
الفساد الاقتصادي
ويعتبر الفساد الاقتصادي في مصر هو الأكثر شيوعا والأمثلة على ذلك متعددة مثل “عبارة السلام 98” وملف “جزيرة آمون” و “أرض مدينتي” وتقدر قيمة الأرض المقام عليها المشروع ومساحتها 11 ألف فدان بـ 300 مليار جنيه بالمخالفة للقانون، بحسب حكم لمحكمة القضاء الإداري.
الفساد الإداري
قبل ثورة 25 يناير، لم تكن سيادة القانون تحترم بشكل كبير، فقد تم إصدار قوانين تخدم صالح فئات معينة على حساب الصالح العام، كما أن تنفيذ القانون والأحكام القضائية كان يحكمه في كثير من الأحيان النفوذ السياسي، والقدرة المالية للشخص.
وهناك العديد من العيوب في نظم الإدارة العامة في مصر، والتي كان لها دوراً كبيراً في انتشار الفساد قبل الثورة، والبيروقراطية الحكومية، وتعقد الإجراءات دفع الكثيرين إلى اللجوء إلى الرشوة لتسهيل أعمالهم.
الفساد التشريعي
ويتمثل في سعي الهيئات التشريعية إلي تجاوز وقائع الفساد،أو محاباة المفسدين علي حساب جموع الشعب، ومصلحة الخزانة العامة ،كما هو الحال بالنسبة للمرسوم 4 لسنة 2012 الخاص بالتصالح مع رجال الأعمال الذين حصلوا علي أراضي أو أصول مملوكة للدولة بالمخالفة لقيمتها الحقيقية.
أسبابه
هوس الخصخصة في مصر وعدم الاعتداد بتقارير الأجهزة الرقابية، وضعف الشفافية، وعدم وجود المساءلة الحقيقية للمسئولين المنحرفين، والانخفاض النسبي للأجور وعدم وجود قوانين رادعة للفساد، وتهميش دور المعارضة والمشاركة السياسية للشعب والتحالف بين السلطة والثروة.
الصناديق الخاصة العديدة الموجودة خارج الموازنة العامة أدت إلى إضعاف الرقابة على أموالها وهي أموال عامة.
ونفس النقد يوجه إلى موازنات البند الواحد، كما أن الإنفاق الحكومي يشوبه الإسراف.
مصر تكافح
على الرغم من انضمام مصر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد بقرار رئيس الجمهورية - رقم 307 لسنة 2004 الموقعة بتاريخ 9/12/2003 والذي تقرر العمل به من تاريخ 14-12- 2005، إلا أن ذلك لم يفلح في وقف نزيف الدم والأموال المصرية بسبب وقائع الفساد وهو ما جعل مصر تحتل المرتبة 115 في مؤشر مدركات الفساد عام 2014 الصادر عن منظمة الشفافية الدولية مقارنة بالمرتبة 98 بين 178 دولة عام 2010.
وقد ارتفع التصنيف في نهاية ديسمبر 2014 إلى رقم 117 من 176 دولة فقد حصلت مصر علي 53 نقطة من مائة بما يعني إن مصر في زيادة في الفساد المؤسسي، ولم يتم تخليصه مما أدي إلى ارتفاع مكانة مصر في الفساد.
مرتبة الشفافية
معدل الشفافية في مصر في العام 2011-2012 طبقا لـ “مؤشر الموازنات المفتوحة” الصادر من الشراكة الدولية للموازنات هو 13 بالمائة لتكون في المرتبة 83 بين مئة دولة أخري.
ويعد ذلك مؤشرا خطيرا على المستوي الذي يمكن أن يطاله الفساد في مصر، وعلي مستقبل العلاقات والتعاون بين مصر عدد كبير من المؤسسات الدولية.
فاتورة الفساد في مصر
الفساد يكبد الاقتصاد المصري خسائر تصل إلى 50 مليار جنيه سنويا، حيث كشفت دراسة حديثة أن تفاقم الفساد قبل ثورة يناير تسبب في إلحاق خسائر بالاقتصاد تصل إلى 50 مليار جنيه، كما تراجع ترتيب مصر بسبب الفساد، في تقرير التنافسية لعام 2011 للمركز 81 فضلاً عن هروب رءوس الأموال الأجنبية.
وفي تقرير سابق للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، ذكر أن مليون نسمة يعيشون بلا مأوى وكشف التقرير عن وجود 1032 منطقة عشوائية في جميع المحافظات المصرية، كما أشار إلى أن معظم هؤلاء مصابون بأمراض الصدر والحساسية والأنيميا والأمراض الجلدية ، ونجد أن 45% من سكان مصر تحت خط الفقر.
وأكد تقرير منظمة الصحة العالمية أن مصر ثالث دولة في العالم كأكبر سوق لتجارة الأعضاء البشرية، ويوجد 12 مليون مريض كبد و4 ملايين مريض سكر و5 ملايين مريض فشل كلوي و300 ألف مريض سرطان ونسب مرتفعة من أمراض الدرن والعيون والقلب وأمراض الجهاز التنفسي.
مركز “الأرض” لحقوق الإنسان في تقرير تابع له أفاد أن أكثر من 39 مليار جنيه تم إهدارها في الآونة الأخيرة على خزانة الدولة بسبب الفساد المالي والإداري في الحكومة المصرية.
وعند التعرض لحجم الأموال المهربة في عهد مبارك والتي قدرها الخبراء بـ132 مليار دولار أي 847 مليار جنيه، تلك الأموال المهربة منها 70 مليار دولار ناتجة عن اختلال ميزان المدفوعات والذي عادة ما يقيس الفساد والرشوة والعمولات غير الشرعية.
وصف تقرير منظمة الشفافية الدولية الوضع الصحي في مصر بـ “تحت الصفر”، بسبب ضعف الاعتمادات المخصصة للأجهزة الطبية.
أما في قطاع الإعلام فبلغت ديون التلفزيون المصري 18 مليار جنيه فضلاً عن إهدار واختلاس 348 مليون جنيه في ماسبيرو وحالات استيلاء وسرقة في قطاع الإعلام بلغت 82 مليون جنيه وقيمة المبالغ المهدرة بلغت 266 مليون جنيه.
وبلغت نسبة الأمية في مصر 35% من السكان، منها 10 مليارات جنيه قيمة المبالغ التي تصرفها الأسر المصرية على الدروس الخصوصية نتيجة سوء المنظومة التعليمية.
فساد المحليات
بلغ حجم الفساد في المحليات طبقا لتقارير الجهاز المركزي للمحاسبات 390 مليون جنيه في عام واحد، وبحسب الجهاز حصل الفاسدون في المحليات على مليار جنيه.
حجم الأموال التي يتم إهدارها في قطاع الوحدات المحلية بلغ 431 مليون جنيه و419 ألفا موزعة بين القطاعات المختلفة.
ويقدر حجم الرشوة المدفوعة بالمحليات بمليار جنيه سنوياً بمعدل 3 ملايين جنيه يومياً ، وتشير التقارير إلى أن رخصة البناء تبدأ “تسعيرتها” بخمسة آلاف جنيه وتصل إلى 60 ألف جنيه، فيما أصبح هناك ما يسمى “عمولات الكبار” وهى أكثر من 500 مليون جنيه سنوياً.
كشفت دراسة حديثة صدرت عن جامعة القاهرة مؤخرا، عن ارتفاع نسبة مخالفات البناء في السنوات الأخيرة بشكل غير مسبوق، حيث توصلت الدراسة إلى أن 90% من مباني مصر مخالفة بسبب فساد المحليات ويتركز معظمها في القاهرة.
تبعية الأجهزة الرقابية
الأجهزة الرقابية في مصر غير مستقلة حيث تتبع جميع الأجهزة التنفيذية مما يؤثر على استقلاليتها باعتبار أن السلطة التنفيذية سوف تكون هي المراقب ومُراقبه في نفس الوقت ،مما يخالف المبادئ الرقابية السليمة.
فالجهاز المركزي للمحاسبات يتبع رئاسة الجمهورية، والجهاز المركزي للتنظيم والإدارة يتبع رئاسة مجلس الوزراء، وهيئة الرقابة الإدارية تتبع رئاسة الوزراء.
وهيئة النيابة الإدارية، وإدارة الكسب غير المشروع تتبعان وزارة العدل، وجهاز حماية المنافسة ومنع الاحتكارات يتبع وزارة التجارة والصناعة، وجهاز حماية المستهلك يتبع وزارة التموين، وهيئة الرقابة المالية الموحدة تتبع رئاسة الوزراء.

تحصين الفساد
فوجئ المصريون منذ بضعة أيام بصدور قانون ينتزع منهم الحق فى الطعن على أية عقود تبرمها الحكومة أو مؤسساتها المختلفة. حق الطعن على تلك العقود أصبح يقتصر على طرفى التعاقد أى الحكومة والشخص أو الجهة التى تعاقدت معها. فى كلمة واحدة لم يعد لنا أن نطعن على العقود المبرمة لتصدير الغاز لإسرائيل وأسبانيا بخمس ثمنه فى السوق العالمى بينما السوق المحلى فى حاجة إليه، أو على العقد المبرم مع شركات القمامة الأجنبية الذى أجبرنا صاغرين على دفع رسوم إضافية للنظافة فوق فاتورة الكهرباء وترك القاهرة والجيزة والإسكندرية تغرق فى أكوام القمامة، و لا يحق لنا الطعن على عقد استغلال منجم السكرى للذهب، ناهيك عن عقود بيع الأراضى وخصخصة الشركات العامة .
وفقا للقانون الجديد لا يحق لنا الطعن على العقود التى تبرمها الحكومة إلا لو كنا من أصحاب الحقوق الشخصية أو العينية على الأموال محل التعاقد. فلو عاد الزمن إلى الوراء لما أمكن الطعن على عقد بيع عمر أفندي، أو على عقد تخصيص أراضى مدينتى أو بالم هيلز، ولا أمكن الطعن على عقود خصخصة الشركات الخمسة التى قضت المحكمة بفسادها وبطلانها وأصدرت حكما نهائيا بإعادتها للدولة. ففى كل تلك الحالات كانت الطعون تأتى من مواطنين مصريين يمارسون حقهم الطبيعى فى حماية المال العام، أو من عمال الشركات التى تم بيعها بعقود فاسدة لرأس المال الخاص الأجنبى والمحلي. كل هؤلاء لم يعد لهم صفة. لكى تدافع عن المال العام فى القانون الجديد يجب أن يكون لك أسهم فى الشركة محل الخصخصة أو مالكا للأرض التى قامت الدولة ببيعها، ولكى تشكو من فساد الصفقة يجب أن تكون قد دخلت فى المناقصة أو المزايدة ثم أرست الحكومة العطاء دون وجه حق على شخص آخر!
المتحدثون باسم رئاسة الجمهورية والحكومة يعلنون أن هذا القانون قد تم إصداره لتعزيز مناخ الاستثمار وضمان استقرار تعاقدات الدولة وتحقيق الحماية للمتعاقدين، بعد أن تعددت شكوى المستثمرين العرب والأجانب من البيروقراطية وصعوبة استخراج التراخيص وعدم استقرار الأوضاع التعاقدية. وتحدثت التصريحات الحكومية عن انخفاض معدلات الادخار فى مصر والحاجة الشديدة للاستثمارات الأجنبية وكيف أن تلك الاستثمارات، وخاصة العربية، تربط دخولها مصر بوجود إطار قانونى يحمى مصالحها.
أما المتحدثون عن جمعيات المستثمرين ورجال الأعمال فقد كانوا أكثر صراحة وأعلنوا بوضوح أنه “إما ننتج فى ظل وجود نسبة فساد بسيطة أو البلد تقف”، ولم تتوان بعض تلك التصريحات عن تقريع الشعب الذى تجرأ وطعن على عقود فاسدة للخصخصة “ ارجع500 مليون للعمال وأدفع 3 مليارات جنيه فى التحكيم الدولي؟” فى إشارة للقضايا التى يرفعها المستثمرون الأجانب على مصر بشأن العقود التى حكم القضاء بفسادها وبطلانها.
وهنا لابد من التأكيد على أن تحسين مناخ الاستثمار والقضاء على البيروقراطية وضمان حماية حقوق المتعاقدين هو مطلب للمستثمر المصرى قبل الأجنبي، وقد بحت أصوات كل مهتم بالشأن العام فى مصر للمطالبة بحلول عاجلة للمصانع المتوقفة عن العمل فى المدن الصناعية المختلفة، وحل مشكلات تلك المصانع مع المحليات بشأن التراخيص وتجديد التراخيص ومد المرافق والتبرعات الإجبارية، وغيرها من المشكلات. ولكن ما علاقة كل ذلك بحماية وتحصين الفساد؟ ما علاقة ذلك بقانون يحصن تعاقدات المحليات التى قيل ذات يوم أن فسادها وصل للركب، ويحصن تعاقدات الصناديق الخاصة التى لا تزال تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات بشأنها ماثلة فى الأذهان؟
المسألة هنا ليست تحسين مناخ الاستثمار وتشجيع المستثمرين، المسألة هى حماية رموز النظام السابق الهاربين فى الخارج والمهددين بأحكام قضائية صدرت أو ستصدر بشأن العقود الفاسدة التى أبرموها . النظام الذى لم يسقط يدافع باستماتة عن بقائه واستمراره بنفس رموزه وسياساته وممارساته ويهددنا إما الفساد أو التوقف عن الانتاج، إما التغاضى عن كل ما نهب وعفا الله عما سلف وإما دفع تعويضات بالمليارات للمستثمرين الأجانب الذين يرفعون الأمر للتحكيم الدولي.
المطلوب إذن هو ضمان استمرار النظام السابق فى ظل حصانة قانونية تسرى على كل العقود السابقة واللاحقة. فالمدهش أنه وفقا للمادة الثانية من ذلك القانون يتعين أن تقضى المحكمة من تلقاء نفسها بعدم قبول الدعاوى أو الطعون المتعلقة بالعقود التى تكون الدولة ومؤسساتها المختلفة طرفا فيها، بما فى ذلك الدعاوى والطعون المقامة قبل تاريخ العمل بالقانون. فهل يعنى ذلك رفض الدعاوى المنظورة حاليا أمام القضاء بشأن شركتى نوباسيد وأسمنت أسيوط؟
وطالما أن الحكومة مهمومة بحماية حقوق المتعاقدين فلابد وأن نذكرها بأن جماهير الشعب المصرى وقفت بالساعات فى طوابير طويلة لتقول نعم فى استفتاء على دستور جديد تشكل بنوده العقد الذى يحكم علاقة الشعب بكل رئيس قادم وكل حكومة قادمة. هذا العقد ينص على أن موارد الدولة الطبيعية ملك للشعب ويكفل حق التقاضى لجميع المواطنين، ويؤكد على حظر تحصين أى عمل أو قرار إدارى من رقابة القضاء. وحيث أن العقد شريعة المتعاقدين، فإننا نتمسك بما تعاقدنا عليه، كما يحق لنا ونحن مقبلون على انتخابات رئاسية أن نعرف بوضوح موقف كل من المرشحين المتنافسين من ذلك القانون الجديد لكى نكون على بينة بما نحن مقدمون عليه

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق