الأحد، 15 نوفمبر 2015

حسن يونس يتستر علي التجسس والفساد في المفاعل الذريناجي هيكل يكشف


حسن يونس يتستر علي التجسس والفساد في المفاعل الذري
فالخراب الذي جرت مشاهده في هيئة الطاقة الذرية، ربما يكون أقله الفساد المالي والإداري، إذا ما علمنا بوجود خراب أكثر خطرًا يتجاوز حدود النهب والسرقة.. وهو القضاء علي الخبرات العلمية المرموقة، و«تطفيش» الكفاءات والعلماء من ذوي السمعة الدولية، في المجال النووي، ليحل مكانهم أهل الثقة ممن يجيدون تنفيذ سياسة «شيلني وأشيلك».. «خد وهات».. دون الأخذ في الاعتبار المهمة الملقاة علي عاتقهم.. وهو النهوض بالمستوي العلمي لهذا البلد والدخول به إلي عصر التكنولوجيا والعلوم النووية.
حالة الفوضي التي تجتاح هيئة الطاقة الذرية، لم تكن خافية علي أحد، فهي معلومة بكل تفاصيلها لحسن يونس وزير الكهرباء، والمسئول عن تلك الهيئة ومعلومة أيضًا للرقابة الإدارية، التي يعرف ضباطها كل كبيرة وصغيرة في الهيئة، أو المفاعل الذري البحثي الأولي، والبحثي الثاني في أنشاص، ولم يحرك أي منهم ساكنًا، والصمت علي ما يجري يشير بوضوع إلي تورط الرقابة والوزير معًا في الجرائم التي تقود البلاد إلي الخراب والتخلف.. وهو ما يدفع للمطالبة بإنشاء جهاز رقابي مهمته مراقبة بعض ضباط الرقابة الإدارية، الذين تركوا الحابل يختلط بالنابل، وكأن أمر تلك الهيئة لا يعنيهم من
قريب أو بعيد.
لكن ما يبعث علي الارتياح، أن تفاصيل ما جري من وقائع وجدت طريقها ممهدًا لمكتب النائب العام المستشار عبدالمجيد محمود، الذي يقوم مع معاونيه حاليا بأكبر عملية تطهير للبلاد من الفاسدين عبر التحقيقات مع رموز النظام الذي عبث في مؤسسات هذه الأمة، ومصير شعبها.
الجرائم التي نتحدث عنها تبدأ في إهدار 150 مليون جنيه بشكل سنوي علي المفاعل البحثي الثاني الذي لم يعمل حتي الآن، تذهب جميعها كمكافآت ولا تخضع لرقابة من الجهات المختصة بالمتابعة، لأن المفاعل البحثي الثاني عبارة عن مشروع، ومهمة القرار فيه لرئيس الهيئة «محمد القللي»، أي أن توزيع المكافآت، وتحديد أوجه الإنفاق المستوي تحت تصرفه.. ولأن الأمر كذلك، دأب بعض المسئولين علي عدم الانتهاء منه، ليظل كمشروع.
ولم تكن هذه الميزانية هي وحدها التي تذهب كمكافآت، فهناك عشرات الملايين الأخري تضمنتها البلاغات المقدمة للنائب العام، ناهيك عن اتهامات أخري، مثل التلاعب بالأمن القومي وتهديده، ورغم علم حسن يونس ومحمد القللي، إلا أن شيئًا لم يحدث، ويبدو أنه لن يحدث.
أما الواقعة المرتبطة بالحديث عن تهديد الأمن القومي، فمفادها أن أحد الباحثين انزوي مع أحد أعضاء الوكالة الدولية الذرية، الذي حضر ضمن وفد رسميا للتفتيش علي المفاعل.. وهو ألماني الجنسية، وقدم له الباحث عددًا من الوثائق الخاصة بالمفاعل، وهذه الوثائق غير مسجلة في الدفاتر الرسمية داخل المفاعل، مقابل وعد قدمه الألماني للباحث، بسفرية تابعة للوكالة، علي أن يرسل إليه الوثائق بعد الإطلاع عليها في مقر الوكالة.. وبعد لمدة أسابيع تقاعس خلالها عضو الوكالة الدولية، اضطر الباحث المصري لإرسال «إيميلات» رسائل عبر البريد الإلكتروني، للخبير الأجنبي، طالبه فيها بإرسال الوثائق عبر البريد السريع الـDHL، وتضمنت رسالته التذكير، بالسفرية التي وعده بها.
المراسلات التي تمت، لم تكن بعيدة عن جهات سيادية مهمتها ورصد ومتابعة
تلك الأمور.. وجري رصدها أيضًا من خلال رئيس المفاعلات الذرية.
ولأن الأمر يمثل خطورة علي الأمن القومي، طلب رئيس المفاعلات اتخاذ الإجراءات اللازمة تجاه هذا العمل الذي تم منفردًا مع جهات أجنبية، دون الرجوع للمستويات المسئولة، لكن لم يحدث شيء.. رغم أن العملية لا تقل في خطورتها عن أعمال التجسس.
وهذا وحده يفضح عدم اكتراث رئيس الهيئة «القللي» بالأمر، فالرجل لا يهتم إلا بصرف المكافآت وإرسال تابعيه لسفريات كثيرة خارج البلاد، لأن هذا التابع يتردد عنه بقوة أنه شريك ابن مسئول كبير في وزارة الكهرباء، في أعمال توريدات وخلافه، وكأن ذلك كافيا للتستر علي عملية أسئلة بتقدم معلومات سرية لجهات أجنبية، دون علم الجهات المختصة.
بالرغم من أن البلاغات احتوت اتهامات بالفساد المالي والإدارة وتوزيع المكافآت علي المحظوظين، دون تحقيق إنجازات ملموسة، ولو علي سبيل الحفاظ علي ماء الوجه! إلا أن البلاغ الأخير، الذي يحمل رقم 5471 بتاريخ 2011/3/28، الذي تقدم به الدكتور عبدالمنعم الحضري بمركز البحوث النووية، طالبًا فيه من المستشار عبدالمجيد محمود النائب العام، تضمن وقائع مستفزة، وتدعو للصراخ في وجه الصامتين المتورطين في الفضائح، وقطعًا سيلحق بنا ليصرخ معنا، كل من سيدرك حجم الكارثة.
الوقائع التي تضمنها البلاغ تحتوي علي مفاجآت مذهلة، في كيفية التلاعب وإهدار المال العام، بطرق مبتكرة، مثل الاستيلاء والاختلاس للأموال المخصصة لمشروع قومي «الهندسة الوراثية» بأن يتم التصرف بالبيع في المواد الكيميائية الخاصة بالمشروع عن طريق توزيع مئات الآلاف من الجنيهات مكافآت لشلة رئيس الهيئة دون تقديم أي أبحاث علمية.
واستطرد مقدم البلاغ في اتهاماته التي تحتاج إلي إجراء تحقيق فوري لبيان حقيقة ما تضمنه من بينها اتهامات بالتلاعب والتزوير وشراء أجهزة علمية بـ100 مليون جنيه، لا يتعدي سعرها حاليا 8 ملايين جنيه فقط، وهو ما يشير
إلي عمليات تلاعب واضحة إن صحت.
إن سرد التفاصيل الكاملة في هذا البلاغ يحتاج إلي صفحات وصفحات، خاصة أن هناك أقوالاً طلب الدكتور عبدالمنصف الإدلاء بها فقط في التحقيقات لأنها تخص الأمن القومي، وهو أمر لن نفشي بتفاصيله علي الأقل حاليا، لكنه وصف الفساد داخل هيئة الطاقة الذرية بأنه ناتج عن فساد نظام كان يفرز نوعيات فاسدة من القيادات ليس لهم هم سوي الاستيلاء علي الأموال، وتحطيم كل الكفاءات والمواهب العلمية.
البلاغ الذي وجد طريقه لمكتب النائب العام، لم يكن الوحيد، فسبقه عدة بلاغات ضد الدكتور محمد القللي رئيس الهيئة وحسن يونس وزير الكهرباء، ويتضمن اتهامات كافية لأن تقيم الدنيا ولا تقعدها، فهي تحتوي علي مصائب الصمت عنها جريمة، من بينها أن رئيس الهيئة «القللي» يتولي منصبه بالمخالفة لجميع الأعراف والأساليب المعمول بها في الهيئات المماثلة، فهو صيدلي وليس متخصصًا في علوم الذرة والمفاعلات ونائبه متخصص في العلوم الزراعية، وإن كان ذلك لا يقلل من شأنهما، إلا أنه يشير إلي أن القائمين علي صناعة القرار ليسوا من ذوي المهارة الفنية، أو الإدارية في هذا المجال التقني، لكنهم يتمتعون بنصيب وافر من دعم حسن يونس وزير الكهرباء الذي يبدو أنه هو أيضًا مدعوم من قوي غامضة غير معلومة.. فالرجل «حسن يونس» كان وزيرًا مقربًا في العهد البائد، وكان ينفذ سياساته التي أفسدت الحياة بكل مناحيها، وظل في موقعه بعد الثورة من حكومة أحمد شفيق إلي حكومة عصام شرف.. وهو يصر علي بقاء رجاله في هيئة الطاقة الذرية «القللي» ونائبه، وكأنه لم تكن هناك ثورة رسخت لمفاهيم التغيير.. جميعها أمور تدعو للعجب.
ما تقدم من حديث حول البلاغ، أو البلاغات المتكررة والمتتابعة كوم، وما تضمنه تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات كوم «تاني»!
فالتقرير الذي تسلمه حسن يونس منذ 3 أسابيع يتضمن حجم العبث، وتوزيع المكافآت دون تحقيق إنجازات، ففي الجزء الخاص بصندوق البحوث العلمية، الذي تضمن الإيرادات والمصروفات عن المدة من يوليو 2009 إلي نهاية يونيور 2010، كشف أساليب مبتكرة في استنزاف الأموال العامة بصورة

غير مسبوقة.. الإيرادات 27.5 مليون جنيه، والمنصرف من نفس الصندوق عن نفس المدة 17.8 مليون جنيه، منها مليون فقط للمستلزمات الضرورية لدعم البحوث العلمية، بينما وصل حجم المكافآت والحوافز التي يتحكم فيها «محمد القللي» 13.5 مليون جنيه.
المثير للاستغراب أن تلك الملاحظات التي وردت في تقرير الجهاز المركزي للمحاسبات، لم يقلق عليها هيئة الطاقة الذرية، لكن حسن يونس وللحقيقة دون سواها، ما إن علم بتفاصيل التقرير، لم يجد أمامه سوي إبلاغ الرقابة الإدارية، طالبًا منها بتاريخ 2011/3/1، إجراء تحقيقات تمهيدًا لعملية تطهير كاملة سيقوم بها.
أما القراءة الدقيقة للواقعة وتصرف وزير الكهرباء تجاهها، فلم يكن سوي محاولة لغسل يديه من الوقائع المخيفة التي ستدفع حتمًا بأصحابها إلي النائب العام.. إضافة إلي أنها عملية انتقام من رئيس الهيئة، الذي قام بتضليله عدة مرات، فعلي خلفية الشكاوي والبلاغات، التي تتضمن فضائح المكافآت، طلب الوزير الكشوف والسجلات من هيئة الطاقة الذرية لمراجعتها، لكنهم أرسلوا إليه كشوفًا مضروبة، الأمر الذي استفزه فقام بإبلاغ الرقابة الإدارية وبعدها أبلغ النائب العام.
أما الأكثر دهشة، فيما يجري، هو أن الرقابة وهيئة الطاقة الذرية، تخشيان إخراج كشوف المكافآت لأنها تتضمن أسماءً مهمة، لو خرجت إلي العلن لكانت كافية بمحاكمة حسن يونس علي صمته في أقل الحالات، ومحمد القللي ونائب لأنهما حولا الهيئة البحثية إلي تكية، أو عزبة خاصة يتصرفان فيها علي هواهما.
أما عن الدخول الأخري لعزب الطاقة الذرية، فحدث عنها ولا حراج، فالهيئة لديها مكاتب في جميع المطارات والموانئ علي مستوي الجمهورية.. وبموجب القانون لا يتم الإفراج عن أي شحنة قادمة من الخارج سواء «مواد غذائية»، أو أخشابًا أو أي واردات أخري.. إلا بموافقة الهيئة فيما يطلق عليه إفراج من
الكشف الإشعاعي، أي أن الشحنة تم الكشف عليها، ولا يتم ذلك إلا بعد الحصول علي عينات للفحص، لاحظ الحصول علي عينات من الواردات، مثل كميات الشيكولاتة المستوردة ــ السيجار الكوبي الفاخر ــ وجميع الواردات غالية الثمن، وليس هذا فقط يتم أيضًا تحصيل نسبة مئوية من قيمة الشحنة كرسوم للإفراج، بالضبط مثل الجمارك.
حصيلة هذه الرسوم التي تصل إلي ما يزيد علي 100 مليون جنيه سنويا، لا تذهب لخزينة الدولة، لكنها تذهب مكافآت والذي منه، والسر قطعًا لدي «محمد القللي» صاحب العزبة، ما يثار حول هيئة الطاقة الذرية صار مادة خصبة طيلة الأشهر الماضية، وفي الصحف والفضائيات، والأحداث المتوالية، تجبر علي تقصي وتتبع الأخبار وما يحيط بها في الكواليس فاكتفاء حسن يونس بإحالة المخالفات إلي الرقابة والنائب العام، أو يثير علامات الاستفهام.. حيث توجد دلائل جدية في التربح والاستيلاء علي المال العام، من خلال مكافآت مستفزة رصدها الجهاز المركزي للمحاسبات، والوزير يقابلها بإجراءات شكلية وغير جدية بالمرة.. فهو يطالب بالكشوف الكاملة عن المكافآت المليونية، وهم يماطلونه.. أو يرسلونه كشوفًا وهمية، يبلغ الرقابة في أول مارس لتمكينه من الحصول علي الكشوف في خطاب رسمي يحمل رقم 1/84 والرقابة لا توافيه بأي شيء فهي تتستر بشكل واضح يدفع للتساؤل هل نحن في حاجة لإبلاغ المباحث الفيدرالية للحصول علي تلك الكشوف؟ أم أن القللي أقوي من حسني مبارك، الذي أزيح من فوق عرشه، ويحاكم الآن، لأن أحدًا لا يجرؤ علي الاقتراب منه؟
علي خلفية فشل الوزير والرقابة الإدارية لم يجد علماء هيئة الطاقة الذرية سبيلاً أمامهم سوي إبلاغ رئيس المجلس العسكري، للتحقيق في فساد الهيئة، والتحقيق مع رئيسها ونائبه، اللذين يتم التجديد لهما وإحباط خيرة العلماء

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق