المحكمة الجنائية
الدولية: أمر توقيف البشير بمثابة إنذار للزعماء المُسيئين
التحرك لطلب توقيف رئيس
السودان انتصارٌ لضحايا دارفور
توسيع الرئيس السوداني
عمر حسن البشير يتحدث أثناء مؤتمر للأمم المتحدة عن تمويل التنمية في الدوحة، 29
نوفمبر/تشرين الثاني 2008. © 2008 Reuters
(نيويورك)
- قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن إصدار المحكمة الجنائية الدولية أمر توقيف ضد
رئيس السودان عمر البشير يُرسل بإنذار قوي مفاده أن حتى من يتبوأ أعلى المناصب
يُمكن أن يُحاسب على أعمال القتل والاغتصاب والتعذيب الجماعي. وقد أصدر قضاة
المحكمة الجنائية الدولية الأمر ضد البشير، وهو أول أمر من نوعه تصدره المحكمة
الجنائية الدولية الدائمة بحق رئيس دولة ما زال في سدة الحُكم باتهامات الجرائم ضد
الإنسانية وجرائم الحرب جراء دوره في تزعم الحملة السودانية لقمع التمرد في دارفور.
وقال ريتشارد ديكر،
مدير برنامج العدل الدولي في هيومن رايتس ووتش: "إن المحكمة الجنائية الدولية
بإصدارها مذكرة التوقيف قد جعلت عمر البشير مطلوباً للعدالة" وتابع قائلاً:
"فحتى الرؤساء ليسوا مُحصنين ضد المحاسبة جراء اقتراف الجرائم المروعة".
وبالحكم بأن هناك قضية قائمة ضد الرئيس البشير لكي يتحمل جريرة الأعمال الوحشية
التي وقعت في دارفور، فإن هذا القرار يكسر إنكار الخرطوم المتكرر لمسؤوليته".
ولم تؤكد المحكمة على
الثلاث وقائع بالإبادة الجماعية التي طلب مدعي المحكمة الجنائية الدولية إقرارها.
والإبادة الجماعية تحتاج إلى أدلة على ارتكاب الجرائم "بقصد تدمير، كلياً أو
جزئياً" جماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية، فقط بناء على هويتها تلك.
وقال ريتشارد ديكر:
"إثبات اتهامات الإبادة الجماعية أمر صعب للغاية... لكن الرئيس البشير ليس
بمعزل عن المحاسبة، إذ أنه مطلوب للعدالة في تورطه في جرائم ضد الإنسانية وجرائم
حرب، تشمل الاغتصاب على نطاق موسع، والقتل، والتعذيب، ضمن مخطط الحكومة.".
وبموجب النظام المنشئ
للمحكمة الجنائية الدولية، فإن المُدعي يمكنه طلب تعديل أمر التوقيف لكي يشمل
جرائم الإبادة الجماعية إذا ما توصل إلى أدلة وقرائن جديدة تدعم إطلاق هذا الاتهام.
وقد طلب مدعي المحكمة
الجنائية الدولية إصدار أمر توقيف ضد البشير في 14 يوليو/تموز 2008 .وإثر إعلان
المدعي، أطلق المسؤولون بالحكومة السودانية تهديدات صريحة وضمنية بالانتقام من
عناصر حفظ السلام الدوليين والقائمين على المساعدات الإنسانية. وفي 25 يوليو/تموز
ذكر مستشار الرئيس السوداني بونا ملوال فيما يتعلق بقوات حفظ السلام: "إننا
نقول للعالم إنه مع إدانة رئيسنا البشير، فنحن لسنا مسؤولين عن سلامة القوات
الأجنبية في دارفور". كما هدد الرئيس البشير بطرد قوات حفظ السلام إذا ما صدر
أمر التوقيف.
ولمجلس الأمن والدول
الأعضاء فيه وأمانة الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والاتحاد الأفريقي دور هام في
الرد الفوري على أية أعمال انتقامية بدعم من الحكومة في دارفور إثر إعلان نبأ أمر
التوقيف.
وقال ريتشارد ديكر:
"تلتزم الحكومة السودانية بالحفاظ على الأمن في السودان وعلى مجلس الأمن أن
يتحرك بحسم لتحميل الحكومة هذه المسؤولية". وتابع: "ويجب ألا تسمح
الخرطوم باستخدام أمر التوقيف ذريعة لتصعيد سياساتها المُعرقلة لعناصر حفظ السلام
والجهود الإنسانية في دارفور".
ومطلوب من حكومة السودان
بموجب قرار لمجلس الأمن أن تيسر نشر عناصر بعثة الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة
المختلطة في دارفور، وأن تتعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وبموجب القانون
الدولي فإن السودان ما زال مُلزماً بحماية رعاياه المدنيين وتوفير الإتاحة الكاملة
والآمنة وبلا إعاقة للعاملين بالإغاثة، لكي يصلوا إلى من يحتاجون المساعدات في
دارفور. ولا يُغير أمر التوقيف من هذه الالتزامات، ولا يعود بأي أثر يُذكر على
التزامات الخرطوم بتنفيذ اتفاق السلام الشامل المبرم مع حكومة جنوب السودان.
وقال ريتشارد ديكر:
"على مجلس الأمن والحكومات المعنية أن تفرض عقوبات محددة بحق المسؤولين
السودانيين المسؤولين عن ارتكاب أية أعمال انتقامية، وأن تنظر في أمر فرض إجراءات
من قبيل تجميد الحسابات البنكية أو توسيع مجال حظر الأسلحة".
والمحكمة الجنائية
الدولية مؤسسة قضائية مستقلة. والسودان - رغم أنه ليس دولة طرف في نظام روما
المنشئ للمحكمة - يخضع للاختصاص القضائي للمحكمة بموجب قرار مجلس الأمن. وصفة
البشير كرئيس للدولة لا تمنحه الحصانة من المسؤولية الجنائية أمام المحكمة
الجنائية الدولية.
وإلى جانب أمر التوقيف
الصادر ضد الرئيس البشير، فقد أصدرت المحكمة الجنائية الدولية أمري توقيف ضمن ملف
دارفور. ففي 27 أبريل/نيسان 2007 أصدرت المحكمة أمريّ توقيف بحق وزير الدولة
للشؤون الإنسانية أحمد هارون، وزعيم ميليشيا الجنجويد علي كوشيب. كما طلب المدعي
إصدار أوامر توقيف بحق ثلاثة من زعماء المتمردين على صلة بهجمات على عناصر حفظ السلام
الدولية في هاسكانيتا أكتوبر/تشرين الأول 2007. وهذا الطلب يخضع حالياً لمراجعة
المحكمة.
وقد رفض السودان حتى
الآن التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية. وكل أوامر الاعتقال ما زالت لم تُنفذ.
ويستمر هارون في مزاولة مهام عمله الرسمي كوزير للدولة للشؤون الإنسانية. وفي 24
نوفمبر/تشرين الثاني 2008 اعتقلت الحكومة السودانية وعذبت ثلاثة من المدافعين عن
حقوق الإنسان في الخرطوم، جراء إعطاء معلومات للمحكمة الجنائية الدولية حسب الزعم.
وقال ريتشارد ديكر:
"مطلوب من الخرطوم التعاون مع المحكمة، لأن المحكمة الجنائية الدولية ليس
لديها قوة شرطة خاصة بها، وتحتاج إلى دعم قوي من الحكومات لضمان توقيف كل من تصدر
بحقهم اتهامات بارتكاب جرائم".
خلفية
في قرار بتاريخ 31
مارس/آذار 2005 أحال مجلس الأمن الوضع في دارفور إلى مدعي المحكمة الجنائية
الدولية للتحقيق والملاحقة القضائية. ويستند القرار إلى توصيات لجنة تقصي دولية،
انتهت إلى أن انتهاكات القانون الإنساني الدولي والقانون الدولي لحقوق الإنسان
مستمرة في دارفور وأن نظام العدالة السوداني غير مستعد وغير قادر على التصدي لهذه
الجرائم. وملف دارفور هو أول وضع يُحال من مجلس الأمن إلى المحكمة الجنائية
الدولية.
ليبيا - إبن القذافي
يتحدث من السجن
الساعدي ومسؤولون
سابقون يكشفون انتهاكات جسيمة
لابن السجين للزعيم
الليبي السابق معمر القذافي قال إنه كان محتجزا في الحبس الانفرادي وتعرض
لانتهاكات إجراءات التقاضي السليمة أثناء احتجازه احتياطيا في سجن الهضبة في
طرابلس. زعم الساعدي القذافي هذا بتاريخ 15 سبتمبر/أيلول 2015، في لقاء خاص في
الهضبة مع هيومن رايتس ووتش، أول لقاء معه منذ سلّمته النيجر في مارس/آذار 2014،
وعلى ما يبدو أول لقاء مع منظمة دولية لحقوق الإنسان.
توسيع الساعدي القذافي،
إبن معمر القذافي، داخل سجن الهضبة في طرابلس، ليبيا يوم 10 أغسطس/آب 2015. © 2015
رويترز
نشرت هيومن رايتس ووتش
بتاريخ 3 أغسطس/آب، تقريرا حول فيديو مدته 9 دقائق نشره موقع "كليرنيوز"
يظهر على ما يبدو مسؤولين وحراسا في سجن الهضبة يستجوبون ويسيؤون معاملة عدة
معتقلين من بينهم الساعدي القذافي. وقال القذافي ردا على سؤال حول الفيديو وسوء
المعاملة في الهضبة إنه تعرّض "للترهيب" ولا رغبة له في الخوض
بالتفاصيل. كما نشر الموقع نفسه عدة تسجيلات فيديو في أغسطس/آب تظهر الاستجوابات
المسيئة للساعدي في سجن الهضبة.
كما التقى الباحثون 3
معتقلين آخرين، منهم رئيس الاستخبارات العسكرية السابق عبد الله السنوسي، ورئيسيّ
الوزراء السابقَين، أبو زيد دوردة والبغدادي المحمودي، خلال زيارة للهضبة في 15
سبتمبر/أيلول. حكمت محكمة جنايات طرابلس بتاريخ 28 يوليو/تموزعلى الثلاثة بالإعدام
لدورهم المزعوم في محاولة لقمع الانتفاضة عام 2011 في ليبيا. محاكمة القذافي لا
زالت جارية. قابلت هيومن رايتس ووتش كل معتقل على إنفراد دون حراس لمدة 30 إلى 45 دقيقة.
قالت سارة ليا ويتسن،
المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "على المحكمة العليا
الرد على مزاعم المتهمين ومحاميهم بانتهاكات الإجراءات القضائية عندما تنظر في
الطعون في الأحكام الصادرة ضد المسؤولين السابقين. على محكمة الجنايات ضمان كامل
حقوق الساعدي القذافي
على المحكمة العليا
الرد على مزاعم المتهمين ومحاميهم بانتهاكات الإجراءات القضائية عندما تنظر في
الطعون في الأحكام الصادرة ضد المسؤولين السابقين. على محكمة الجنايات ضمان كامل
حقوق الساعدي القذافي.
سارة ليا ويتسن
المديرة التنفيذية لقسم
الشرق الأوسط وشمال أفريقيا
."زعم المسؤولون
الثلاثة السابقون حدوث انتهاكات خطيرة كتلك التي زعمها القذافي، بما فيها عدم
مقابلة المحامين على إنفراد، وعدم القدرة على استدعاءالشهود واستجوابهم، ورفض
سلطات المحكمة السماح للمتهمين بالكلام أثناء إجراءات المحاكمة، وترهيب الجماعات
المسلحة للمحامين. كما زعم أحدهم سوء المعاملة أثناء الاستجواب.
حكمت المحكمة في
يوليو/تموز، على 6 مسؤولين سابقين آخرين بالإعدام وسجن 23 آخرين لمدد تتراوح بين 5
سنوات والمؤبد والحرمان الدائم من الحقوق المدنية، في محاكمة شابتها انتهاكات
خطيرة للإجراءات القانونية. الصِدّيق الصّور، رئيس قسم التحقيقات في مكتب المدعي
العام، قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان يفترض أن يقدم المتهمون الطعون بحلول 28
سبتمبر/أيلول. تُراجع المحكمة العليا جميع أحكام الإعدام تلقائيا بموجب القانون
الليبي.
قالت هيومن رايتس ووتش
إن على مكتب المدعي العام متابعة التحقيق في شُبهة إساءة معاملة الساعدي القذافي
وغيره من المعتقلين في الهضبة، ونشر النتائج علنا ومحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات.
أخبر القذافي هيومن
رايتس ووتش أنه متهم بقتل أحد أصدقائه، رغم نفيه الاتهامات. ذكر كذلك تأخُر بدء
جلسات المحاكمة بسبب صعوبات الحصول على شهادة وفاة للمتهم الآخر في القضية. وقال
القذافي إنه رغم استجواب الادعاء له حول قضية القتل فقط في الوقت الحاضر، إلا أن
آخرين غير معروفين إستجوبونه حول القضايا
السياسية والأمنية. وقال الصور لـ هيومن رايتس ووتش إن مكتب المدعي العام اتهم
القذافي حتى الآن بالقتل العمد، واستهلاك الكحول بصورة غير مشروعة والحرمان غير القانوني
من الحرية. وأضاف أن النيابة ستحقق مع القذافي بتهم أخرى تتعلق بالمسائل المالية
توسيع رئيس الاستخبارات
الليبية السابق عبد الله السنوسي يجلس خلق القضبان مع آخرين مشتبه بهم خلال
محاكمتهم في قاعة محكمة في طرابلس، ليبيا، يوم 16 نوفمبر/تشرين الثاني، 2014. ©
2014 غيتي إمجيز
.أضاف
القذافي أنه تمكّن من توكيل محام لدى بدء محاكمته في مايو/أيار ومحامٍ آخر في
سبتمبر/أيلول، إلا أنه لم يحظَ بتمثيل قانوني مذ سلّمته النيجر يوم 6 مارس/آذار
2014 وطوال فترة الحبس الاحتياطي والتحقيق. وقال مكتب المدعي العام إن 3 جلسات من
محاكمته قد عُقدت وإن الجلسة المقبلة ستُعقد في 1 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل. قال
القذافي أيضا إن السلطات رفضت طلبه لعقد اجتماعات خاصة مع محاميه دون وجود حراس،
بسبب "مخاوف أمنية."
قال إن شهود الدفاع عنه
تعرضوا "لضغوط هائلة" والترهيب حيال تمثيله فخافوا من الانتقام، خاصة في
ظل غياب برنامج لحماية الشهود. وقال إن المحامين لم يحضروا أيا من جلسات الاستجواب
التي زعم أن موظفي النيابة العامة رهّبوه وهددوه خلالها، هو وشهود آخرين. قال
القذافي إنه تقدم بشكوى حول ظروف التحقيق مع المدعي العام.
قال القذافي إنه احتُجز
في الحبس الانفرادي في سجن الهضبة منذ تسلّمه من النيجر وأودع في زنزانة بلا
نوافذ، لكن فيها مروحة، دون تواصل مع المعتقلين الآخرين. وقال إنه لم يحظَ بزيارات
عائلية، لكن سُمحت له مهاتفتهم في مناسبات محدودة وبحضور الحرس. أضاف أنه كان
يعاني من آلام في الظهر بسبب عمليتين جراحيتين سابقتين فضلا عن ضيق في التنفس، وقد
تلقى العلاج الطبي في الهضبة.
أخبر السنوسي ودوردة
والمحمودي هيومن رايتس ووتش أنهم لم يقابلوا محاميهم على إنفراد. زعم المحمودي
تعرضه لسوء المعاملة أثناء الاستجواب. لم يُسمح للثلاثة استدعاء الشهود أوطرح
أسئلة عليهم، ومنعتهم سلطات المحكمة من التحدث بحرية أثناء إجراءات المحاكمة.
وقالوا إن الجماعات المسلحة رهّبت محاميهم.
قال الصور، رئيس قسم
التحقيقات في مكتب المدعي العام، لـ هيومن رايتس ووتش خلال اجتماع يوم 14
سبتمبر/أيلول، إن مكتبه فتح تحقيقا في مزاعم تعرُّض القذافي للتعذيب، وإن القذافي
أخبر المحققين بتعرضه لمعاملة سيئة في بداية اعتقاله في الهضبة. وأظهر للباحثين
أوامر بإلقاء القبض على 3 من المشتبه بهم ممن كانوا موظفين سابقين في الهضبة.
وقال خالد الشريف، مدير
سجن الهضبة، لـ هيومن رايتس ووتش يوم 15 سبتمبر/أيلول، إن مدير سجن الهضبة السابق
أُوقِف عن العمل بسبب ادعاءات التعذيب. أحد المتهمين الثلاثة موجود خارج ليبيا،
حسبما قال، أما الآخران فطليقان داخلها.
قابلت هيومن رايتس ووتش
محامي دفاع يمثل عددا من المتهمين في القضية المرفوعة ضد المسؤولين السابقين، أشار
إلى وجود انتهاكات جسيمة للإجراءات القانونية. شملت الانتهاكات عدم اختلاء
المتهمين بمحاميهم على إنفراد ، وعدم قدرة محامي الدفاع على الاطلاع على جميع
وثائق المحكمة الرئيسية، وقلة الوقت لإعداد الدفاع عنهم. وقال أيضا إنه تلقى
تهديدات من جماعات مسلحة بسبب عمله على القضية.
أيّد قضاة المحكمة
الجنائية الدولية في 24 يوليو/تموز 2014، حُكما سابقا بالموافقة على مقترح ليبيا
لمحاكمة السنوسي محليا. وقد دعت هيومن رايتس ووتش مدعي المحكمة الجنائية الدولية
للنظر في طلب قضاة المحكمة الجنائية الدولية لإعادة النظر في قضية السنوسي استنادا
إلى وقائع جديدة.
سيف الإسلام القذافي،
وهو ابن آخر لمعمر القذافي، مطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكاب جرائم
ضد الإنسانية تتعلق بانتفاضة عام 2011، ولكن ليبيا لم تسلمه إلى لاهاي رغم أمر من
هذه المحكمة. ارتأى محامو ليبيا يوم 20 أغسطس/آب، أن من غير الممكن أن تفي ليبيا
حاليا بالتزامها بتسليم القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية.
الأوضاع الأمنية في
ليبيا
يُقوّض تدهور الأوضاع
الأمنية وانهيار السلطة المركزية قدرة
المحكمة العليا على توفير سبل الإنصاف ويرهق قدرة قضاة المحكمة على الفصل في مثل
هذه القضايا الحساسة للغاية باستقلالية وحياد.
تتنافس حاليا حكومتان
موجودتان كأمر واقع على الشرعية في ليبيا - الحكومة المعترف بها دوليا ومقرها في
طبرق والبيضاء شرقي ليبيا، والسلطة المعلنة المنافسة ومقرها في طرابلس، حيث توجد
المحكمة العليا وسجن الهضبة. أخفقت محاولة الأمم المتحدة طوال سنة في التوصل إلى
اتفاق لتشكيل حكومة وحدة وطنية حتى الآن .ما يزال الأمن في طرابلس، بما في ذلك
المنطقة المحيطة بالهضبة، غير مستقر. فجّر مسلحون مجهولون يوم 9 سبتمبر/أيلول،
سيارة ملغومة خارج جدران السجن. وقال مدير الهضبة إنه لم تنتج إصابات عن الانفجار.
أضاف أن مهاجمين مجهولين ألقوا بعبوة ناسفة بين مباني السجن قبل عدة أشهر. واختطف
مسلحون مجهولون يوم 30 سبتمبر/أيلول المبروك محمد زهمول، المدير السابق لشركة
استثمارات حكومية، إبان الإفراج عنه من الهضبة حيث كان مسجونا لأربع سنوات بتهمة
مساعدة الحكومة السابقة. ما يزال مكانه مجهولا.
القانون الدولي
"العهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية" (العهد الدولي)،
وليبيا دولة طرف فيه، يحد من الظروف التي يمكن لأي بلد أن يفرض خلالها عقوبة
الإعدام. وقالت اللجنة الأممية لحقوق الإنسان، الهيئة التي تفسر العهد الدولي، إن
"احترام ضمانات المحاكمة العادلة له أهمية خاصة" في المحاكمات التي تؤدي
إلى عقوبة الإعدام. تُعارض هيومن رايتس ووتش عقوبة الإعدام في جميع الظروف
باعتبارها عقوبة وحشية وغير إنسانية.
كما يكفل العهد الدولي
حق المتهم في استدعاء الشهود واستجوابهم نيابة عن المتهم تحت الشروط نفسها التي
تنطبق على شهود الإثبات.
تحظر المعايير الدولية
للمحاكمة العادلة، بما فيها اتفاقية مناهضة التعذيب التي وقعت ليبيا عليها،
استخدام الاعترافات أو الأدلة المنتزعة تحت التعذيب في إجراءات المحاكمة الجارية.
تذهب "المبادئ التوجيهية بشأن الحق في المحاكمة العادلة والمساعدة القانونية
في أفريقيا" أبعد من ذلك وتنص على أن "أي اعتراف أو غيره من الأدلة
منتزع بأي من أشكال الإكراه أو القوة لا يُقبل تقديمه كدليل أو إثبات لأي حقيقة
خلال المحاكمة أو إصدار الأحكام. أي اعتراف أو إقرار يُنتزع أثناء الاحتجاز بمعزل
عن العالم الخارجي يُعتبر تحت الإكراه".
الحبس الانفرادي لفترات
طويلة، رغم عدم حظر القانون الدولي لحقوق الإنسان إياه، يمكن أن يتعارض مع احترام
إنسانية السجناء، وينتهك الحظر المفروض على المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو
المهينة. قد يصل في بعض الحالات إلى حد التعذيب.
المقابلات
سمح المدعي العام
الليبي، إبراهيم بيشه، بزيارة هيومن رايتس ووتش. سهل الزيارة كل من الصُّور، رئيس
قسم التحقيقات في مكتب المدعي العام، و الشريف ، مدير سجن الهضبة.
عبد الله السنوسي
قال السنوسي لـ هيومن
رايتس ووتش إنه لم يحظَ بمحام أثناء مرحلتيّ الاستجواب أو الحبس الاحتياطي، عندما
اتُهم بارتكاب جرائم خطيرة تُفضي للإعدام. صرّح السنوسي أنه لم يقرأ بعد الحُكم
الكامل ضده، لعدم إمكانية الوصول إليه، ولكنه قدّم مذكرة من 17 صفحة تحوي استئنافه.
قال إن الشهود
الرئيسيين في قضيته، وسمّى 3 ليبيين بارزين، لم يمثلوا أمام المحكمة وإن المدعي
اعتمد على "شهادات ملفقة". أردف السنوسي أنه أراد مواجهة الشهود، لكنه
لم يستطع. أضاف السنوسي أن أحد شهود الادعاء، منصور ضو، وهو متهم محكوم بالإعدام،
ذكر خلال جلسة المحكمة أن النيابة عرضت عليه صفقة للإفراج إذا شهد ضده.
سُمح للسنوسي لقاء
محاميه أثناء المحاكمة، لكن ليس على انفراد. وقال إن رئيس المحكمة لم يسمح له
بالتحدث خلال جلسات المرافعة لتقديم
الدفاع، رغم طلبات عديدة للقضاة مباشرة، وقال له: "ينوب محاميك عنك".
قال السنوسي إنه حاول الدفاع عن نفسه ضد "التهم الملفقة" لدوره المزعوم
أثناء انتفاضة 2011، إلا أنه "لم يُسمح له" بعرض دفاعه.
قال السنوسي إن اتفاق
الحكومة الليبية مع موريتانيا لتسليمه شمل
دفعة مبالغ مالية كبيرة. كان السنوسي يعيش في موريتانيا مع عائلته عقب انتهاء
الثورة.
قال السنوسي خلال
المقابلة "أُصِر على أن تعيد المحكمة الجنائية الدولية التحقيق في قضيتي. كيف
تسمح (المحكمة) لهم (أي السلطات الليبية) بمحاكمتي في ليبيا؟ فهي تدري بوجود عقوبة
الإعدام (في ليبيا)".
قال السنوسي إنه احتُجز
في الحبس الانفرادي رغم استقباله لبعض الزيارات العائلية والسماح بمهاتفة زوجته في
بعض الأحيان. لم يعلق على ظروف السجن.
البغدادي المحمودي
قال المحمودي إنه لم
يحظَ بمحام أثناء مرحلة الاستجواب بأكملها، وعند السماح له بالاستعانة بمحام،
لم يلتقيه على إنفراد . أضاف أن النيابة
العامة هددته وعذبته أثناء التحقيق. وزعم تعرضه للتعذيب بالكهرباء 4 مرات. أضاف أن
التعامل معه تغيّر مؤخرا، وأن الأمور "أضحت أفضل وأكثر أخوّة".
قال إن المحاكمة
الجماعية التي أُدين خلالها مع الآخرين شملت 26 جلسة، لكن لم يُسمح للمحامين
بتقديم المرافعات إلا في 3 جلسات، والبقية كانت شكلية. وقال المحمودي إن رئيس
المحكمة سمح للدفاع باستدعاء 3 شهود فقط، متذرّعا بضيق الوقت و"ضغط الرأي العام".
قال إن محاميه لم
يتمكنوا من "قول الحقيقة" في المحكمة خوفا من الانتقام، وإنه لم يستطع
مواجهة أي من شهود الادعاء ضده. وقال إنه سُمح له بالتحدث في المحكمة، إلا أن
القاضي قاطعه ولم يحصل على كامل الحق في الدفاع عن نفسه. وقال إنه وقّع على
الوثائق اللازمة ليتمكن محاميه من تقديم استئناف حكم الإعدام نيابة عنه. أضاف أن
الحكم الأخير يعكس لائحة الاتهام الأصلية، مبينا أن الحُكم صادر منذ البداية.
أضاف أنه استقبل بعض
الزيارات العائلية، وسُمح له بمهاتفة أفراد أسرته مرتين. قال إنه يعاني من عدة
أمراض مزمنة منها القلب وضغط الدم، والسكري، والربو، لكنه لم يعلق على ظروف
الاعتقال.
أبو زيد دوردة
قال دوردة إن 3 محامين
على الأقل ممن طلبت عائلته منهم تمثيله انسحبوا بسبب ضغوط الجماعات المسلحة وإنه
لم يقابل أي منهم على انفراد. وقال إنه عيّن محاميه الحالي خلال جلسة للمحكمة قبل
أسبوعين أو 3 من جلسات الدفاع النهائية بعد انسحاب آخر محامٍ.
أضاف أنه طلب من القاضي
السماح له بالاختلاء بمحاميه، لكن القاضي أصر على حضور سلطات السجن للقاء. وقال
إنهم سجلوا كل ما قاله للمحامي وأكد أن السلطات استنسخت شهادة أدلى بها لمحاميه.
قال دوردة إنه تمكن من الحديث
من وقت لآخر خلال المحاكمة، لكن القاضي رفض حديثه خلال جلسات الحكم النهائية
قائلا: "لديك محام". قال دوردة إن أيا من الشهود الرئيسيين في قضيته لم
يمثل أمام المحكمة. وأضاف أن القاضي سمح له بشاهديّ دفاع في جلسة واحدة، ولكنهما
كانا في الجزء الشرقي من البلاد، ولم يحضرا إلى طرابلس للشهادة بسبب مخاوف أمنية.
قال دوردة إنه يعتقد أن
القضاة، قبل النطق بأحكامهم، لم ينعموا بالوقت الكافي لقراءة كل التقارير
والشهادات المقدمة نيابة عن 37 متهما كانوا في الأصل متهمين مشاركين في المحاكمة
نفسها.
قال دوردة، الذي أكّد
حرج حالته الصحية بسبب حادث في بداية اعتقاله، إنه احتُجز في زنزانة انفرادية منذ
اعتقاله قبل 3 سنوات. لم يشتَكِ من أوضاع السجون الحالية وأقر باستقباله بعض
الزيارات العائلية، رغم وجود الحرس.
محامي الدفاع
قابلت هيومن رايتس ووتش
في طرابلس يوم 19 سبتمبر/أيلول أحد محامي الدفاع عن عدد من المتهمين. قال إنه تلقى
تهديدات من الجماعات المسلحة لدفاعه عن المسؤولين السابقين. وقال المحامي إن
السلطات رفضت طلباته المتكررة لمقابلة موكليه على انفراد، رغم أن اللقاءات الخاصة
أساسية لضمان المحاكمة العادلة. أضاف أن سلطات السجن كانت إما تسجل المقابلة
بأكملها أو تبقى في الغرفة أثناء اللقاء.
قال إن المحامين لم
يحظوا بالوقت الكافي لإعداد دفاعهم وإن القضاة كانوا يقولون لمن يتذمر منهم
"إن لم تكن مستعدا للمرافعة فسنعيّن محامين حكوميين في مكانك". قال إنه
حصل على الصفحات الـ 500 التي طلبها للقضية، ولكن لم يحظ بالوقت الكافي لقراءة
جميع الوثائق في الوقت المناسب للمرافعة النهائية. قال أيضا إن النيابة العامة
"أخفت" وثائق المحكمة الحاسمة التي تشمل 36 ألف صفحة من الأدلة. قال إن
بعض المحامين حصلوا على بعض هذه الوثائق عقب طلبات خاصة.
كما قال إن الاستعانة بالمساحات
الموجودة ضمن مباني السجن كقاعة للمحكمة لم يكن مناسبا وإن ثمة نقص في إجراءات
المحاكمة المناسبة. وذكر أن الحرس "أساء معاملة المحامين" وطرد بعضهم
عدة مرات.
قال المحامي أيضا إن
النيابة استخدمت سجلات الاستجواب الأصلية، بدلا من العثور على أدلة ضد المتهمين.
وقال "أجرى الثوار هذه التحقيقات، لكننا لم نعرف هويتهم". عندما شكك
المحامون بالأمر، أرجعت الإدعاء الأمر إلى قانون العدالة الانتقالية، مستندة إلى
أن القانون يسمح باستخدام مواد التحقيق والاحتجاز الاحتياطي المفتوح. قال أيضا إن
عددا من المتهمين تعرض لمعاملة سيئة في السجن، لكن النيابة لم تُجرِ التحقيق الذي
وعدت به.
قال المحامي إن عمل
النيابة العامة في جمع الأدلة لم يرتقِ إلى مستوى خطورة التهم التي تؤدي للإعدام،
مثل القتل. قال إنه، نظرا إلى خطورة التهم، يعتقد أن ضمانات المحاكمة العادلة لم
تتوفر جميعها، وكان ثمة "خلط كبير بين القضايا من جانب النيابة العامة دون
تقديم أي دليل قاطع".
قال المحامي إن المحكمة
حصرت شهود دفاعه باثنين أو 3 لكل قضية. قال إن هذا ينتهك القانون الليبي، إذ لا
يجوز أن ترفض المحكمة الشهود دون إعطاء مبرر معقول. كما أن بعض الشهود الذين أتوا
للمحكمة مُنعوا من الدخول. وأضاف أن الحراس أهانوا شاهدا لشهاد
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق