ممدوح حمزة:
ثورة ثالثة قادمة
الخميس, 29 أكتوير 2015 19:44 ثائر25 يناير / 30
يونيو في حواره لـ «المصريون» الشعب رفض أن يكون «صباع روج» في البرلمان ـ بعد
عامين من ثورة 30 يونيو.. حالنا في مصر: «للخلف دُر» ـ أتوقع أن يفوز «النور»
بحوالي 10 مقاعد في البرلمان و«هحاول أشنكلهم» لأمنعهم من دخوله ـ إجراء
الانتخابات لمدة يومين يفتح الباب للتزوير في بعض الأماكن ليلا ـ قائمة في حب مصر
مشكلة بطريقة «على كل لون يا باتستا» ـ الشعب يشعر بخيبة أمل كبيرة وعلى الرئيس
السيسي أن ينفرد بنفسه لمدة أسبوع لإعادة التقييم الداخلي ـ مشروع المليون فدان :
حفر 640 بئرًا تحول إلى «بيزنس» فساد وأملك الدلائل والتفاصيل ـ مصر يتم «حلبها»
في مشروع أنفاق بورسعيد .. ومشروعات الكباري والطرق جيدة ـ رجال الأعمال هم حزب
«المنتفعين» من مصّ دماء مصر ولن ينقلبوا على السيسي ـ «نجيب ساويرس» صعيدي و«مخه
ناشف» ومن حقه المنافسة على تشكيل الحكومة والترشح للرئاسة إذا رغب ـ لا أشاهد
البرامج والقنوات الفضائية منذ يناير الماضي.. ومقتل شيماء الصباغ صدمني بشدة لأن
القاتل من الشرطة ـ يجب تعديل المادة 146 في استفتاء شعبي وليس في البرلمان لأنها
تخلط بين سلطتين و تناقض الدستور كله ـ التقيت الفريق «مميش» في مؤتمر اقتصادي بعد
نشر دراستي عن قناة السويس وقال لي : نقدر رأيك ونحترمه ـ النظام الحالي يضعني على
قوائم «البلاك ليست» و«المغضوب عليهم» و«المرفوضين سياسيًا» وأنا «دعوتي مستجابة
وهادعي عليه زي ما عملت مع نظام مبارك وجاب نتيجة» ـ العاصمة الجديدة مشروع لـ
«خراب» مصر.. ولا يدعمه إلا العند والتكابر وليس العلم ـ حكم الرئيس عبد الناصر
مصر 18 سنة سافر خلالها إلى الخارج 15 مرة .. والسيسي حكم 18 شهرا سافر خلالها
حوالي 40 مرة ـ أطالب بالعفو عن شباب يناير والإخوان المعتقلين بدون تهم وعودتهم
كمواطنين صالحين بعد "التسوية" ـ إذا أراد الإخوان غير المتهمين بجرائم
العمل بالسياسة عليهم الانتشار في الأحزاب القائمة ـ جماعة الإخوان المسلمين انتهت
تمامًا وتعاطف الشارع معهم "وهم" كبير ـ مصر تخضع في الأساس لحكم مدني
لا يخلو من العسكرية في بعض الوظائف العليا .. وأخشى خلق "قطاع عام عسكري"
ـ لا مجال لـ "جبهة إنقاذ جديدة".. وهناك فارق كبير بين انتخاب مرسي
والسيسي "أنا قد لا أكون من الأغلبية الكادحة ولكني مؤمن بأن أمن الوطن
والمواطن والتنمية المستدامة مرتبط بالانحياز للأغلبية الكادحة" تصدرت هذه
الكلمات ورقة ضخمة أهداها لـ"المصريون" المهندس الاستشاري والناشط السياسي
الذي يعتبره الكثيرون الراعي الأول لثورة 25 يناير المهندس "ممدوح
حمزة"، والتي دون فيها ما أسماه بـ"أسس الحكم المنحاز للأغلبية
الكادحة"، معتبرًا إياها بمثابة "مانيفستو" للمرحلة المقبلة التي
لو شاء النظام الحالي لأخذ به وطبقه لينجو من ثورة ثالثة تنبأ بأن الكادحين
والعمال والفلاحين وصغار الكسبة سيشعلونها لا ريب إذا لم تتحقق العدالة الاجتماعية
التي طالب بها الشعب المصري في ميدان التحرير يومًا ومازال .. عشرات التصريحات
ومقاطع الفيديو والدراسات الخاصة بـ"ممدوح حمزة" يتداولها رواد الإنترنت
والمهمومون بالسياسة ويتحدثون عنها من وقت لآخر، فهو يمتلك من الطاقة والجرأة وعدم
التردد في الحديث عن حق يراه ما يجعله دائمًا لافتًا للانتباه ومصدرًا لقلق
الأنظمة الحاكمة بدءًا من الزعيم الراحل وملهمه الذي حفلت جدران مكتبه بصور
"جمال عبدالناصر" وقت أن كان رئيسًا لاتحاد طلبة كلية الهندسة وقائدًا
لاعتصاماتهم، ومرورًا بـ"السادات".. ثم "مبارك"
و"مرسي" وحتى الرئيس الحالي "السيسي" الذي قال إنه "خيّب
أمله".. في هذا الحوار المطول تحدث "حمزة" كثيرًا في أمور شتى
اختتمها بحديثه عن ثورة ثالثة قال إنها قادمة قادمة لغياب العدالة وتهميش الكادحين
.. الانتخابات البرلمانية هي الحدث الأبرز على الساحة السياسية المصرية وحتى
الخارجية الآن.. كيف ترى المشهد السياسي ككل في ضوئها؟ أرى أن للانتخابات جوانب
إيجابية وأخرى سلبية، تتمثل الإيجابية في أن الشعب لم يعد يصدق
"المتأسلمين" فلم نر الإخوان على الأقل ظاهريًا، أما السلفيون المتمثلون
في حزب النور فهم بلا أي ظهير جماهيري، ولذلك تلقوا "لطمة" قوية وإذا
حصلوا على عشرة مقاعد فقط لهم داخل البرلمان فإنها ستكون المرة الأخيرة التي نراهم
فيها تحت القبة وأتمنى أن اقف بنفسي عند الباب في أولى جلساته و"أشنكلهم"
لأمنعهم من الدخول، كذلك تم تحطيم أسطورة "الحزب الوطني" وتحقق ما كان
معلومًا من أنهم ينجحون فقط بـ"التزوير" ومساندة الدولة لهم فلم ينجحوا
في هذه الانتخابات، وهنا يجب أن نقول "شكرًا" لثورة 25 يناير لأن
التزوير أصبح بفضلها صعبًا للغاية، ولكن ما يقلقني ولا أطمئن له هو مد التصويت
ليومين تظل خلالهما الصناديق في يد الشرطة وآخرين على الأقل لمدة 12 ساعة وهو ما
قد يسمح بالتزوير في بعض الأماكن. والجوانب السلبية؟ الإشارة السلبية نجدها في عدم
مشاركة الشعب بالطبع، وهي تتطلب تفسيرًا من خبراء علم النفس والاجتماع والسياسة
لشرح أسبابه، فكل ما سيقال من "الهواة" دونهم يظل في إطار الاجتهاد، أما
وجهة نظري أنا فألخصها في جملة واحدة وهي أن الشعب رفض أن يأكل "وجبة
فاسدة"، وهي فاسدة لعدة أسباب أهمها أننا لا نعرف مثلاً مَن هم المرشحون في
قائمة "في حب مصر" وما هي هويتهم ؟ ما هي هذه المجموعة؟ هل هي حزب؟ هل
يجمعهم اتجاه سياسي واحد؟ الإجابة لا، فهي قائمة "على كل لون يا
باتيستا"، كذلك لا نعرف مَن يصرف عليهم أو قام باختيارهم وتشكيل القائمة
منهم، ولذلك استقر في نفس الناس أنها "قائمة الدولة" وأن النتيجة معروفة
مسبقًا ولا داعي للمشاركة كديكور أو "صباع روج" ماكياج ، سبب آخر للعزوف
عن المشاركة من وجهة نظري يتمثل في عدم اقتناع الشعب بأن البرلمان سيكون
ديمقراطيًا، وهو يجد صعوبة في تصديق الدعوة إلى المشاركة من أجل تحقيق الديمقراطية
في وقت يرى فيه أن كل شيء يدار بديكتاتورية، فهو يسمع عن قوانين ولا يعرف سبب
صدورها ويسمع عن قرارات بتعيينات ولا نعرف حيثياتها، وكأنه يقول في نفسه:
"اشمعنى البرلمان ده اللي هيبقى ديمقراطي؟!"، بالإضافة إلى مشكلات كثيرة
يعاني منها مثل أزمات المخطوفين قسريًا والمعتقلين في السجون والمقهورين
والمظلومين ومشكلات المعاشات والعدالة الاجتماعية والاقتصاد والفساد، وكل هذا يقول
إن حالنا في مصر هو "للخلف در" بعد عامين من التخلص من حكم الإخوان
وبهجة الشعب المصري بالتخلص من حكم طائفي كان يتطلع بعده للأفضل. تعني أن الشعب
المصري يشعر الآن بخيبة أمل وأنه لم يعد يتطلع للأفضل .. ما أهم المواقف التي أثرت
فيه إلى هذا الحد في رأيك؟ الشعب يشعر بخيبة أمل كبيرة، فإلى جانب هذه المشكلات
هناك العديد من المشروعات القومية المعلن عنها والتي عقدوا عليها آمالاً ثم خاب
أملهم فيها مثل مشروع المليون وحدة سكنية التي أعلنت عنها الحكومة ثم تراجعت وقالت
إنها مائة ألف فقط ونحن حتى لا نرى منها شيئًا، كذلك مشروع الأربعة مليون فدان
التي أصبحت مليونًا ونصف ثم مليونًا واحدًا ثم 500 ألف فدان مرحلة أولى ، ونقول
هنا إن المراجعة أثناء البحث والعمل ليست عيبًا بل هي شيء جميل ولكن العيب هو عدم
زراعة فدان واحد حتى الآن، كذلك هناك مشروع حفر 640 بئرًا والذي تحول إلى
"بيزنس" حفر آبار مليئة بالفساد وأنا أملك كل الدلائل والتفاصيل عن ذلك
لمن سيسأل أو يهتم، بالإضافة إلى مشروع قناة السويس الذي لن نحصل منه على
"مليم" كما نشرت في دراستي عنه، فنحن أخذنا من الشعب أمواله ونزيد أعباء
ميزانية الدولة 12% تخصم من التعليم والصحة والمعاشات وغيرها وليست من عائد
المشروع، أما بالنسبة لمشروع "الأنفاق" فمصر"بتتحلب" فيه
بمعنى الكلمة بعد اختيار استشاريين من ألمانيا والنمسا وفرنسا وإسبانيا وشركتي
المقاولات المصريتين "أوراسكوم" و"المقاولون العرب" وهما
شركتان لم تقوما بحفر متر واحد من الأنفاق من قبل ولذلك تتفق كل منهما مع شركات
أجنبية من الباطن لتظل المسرحية مستمرة بأنها تدار بخبرة وطنية، والشيء الوحيد
الذي أعتبره ناجحًا في هذه الناحية هو جزء كبير من مشروعات الطرق والكباري ونحن في
أمس الحاجة إليها، لكن عدا ذلك أرى أننا منذ ثورة 30 يونيو "مجبناش
جون"، وهذا التقدم في الطرق أعتبره "نص جون" وكذلك "نص
جون" في العلاقات الخارجية، وعلى الرغم من أنني لا أستطيع أن أتحدث عن تسليح
الجيش ولكنني أرى أنه مطمئن وأنا مع أي خطوة لتقوية القوات المسلحة . وماذا عن مناقشة
ميزانية الجيش في مجلس الشعب؟ أنا أؤيد مناقشة ميزانية الجيش خارج إطار النواحي
العسكرية والتسليح ، وأرى أنه يجب مناقشة ميزانيات المشروعات الأخرى التي يملكها
الجيش مثل المصانع والمزارع والشركات، فمن حق الشعب أن يعرف عن سير عمليات
الاستيراد والصفقات مثلاً. جاءت التغطية التليفزيونية للانتخابات البرلمانية صادمة
بالنسبة للبعض، إذ اعتبروها بمثابة بداية لـ"انقلاب ناعم" من رجال
الأعمال أصحاب هذه القنوات على الرئيس السيسي.. كيف رأيت ذلك؟ رغم أنني قاطعت
التليفزيون والقنوات الفضائية منذ فترة ولم أعد أتابع أي برامج، ولكن إذا صح ذلك
وكانت التغطيات مفاجئة وصادمة فأنا أرى أن كلمة "انقلاب" هنا غير صحيحة،
ورجال الأعمال لا يستطيعون أن ينقلبوا على السلطة أو أي سلطة ، فهم حزب المنتفعين
من مصّ دماء مصر وطنًا وشعبًا والنظام يعمل حسابًا لمصالحهم والتراجع عن ضريبة
البورصة بسبب رفضهم لها أوضح مثال لذلك، لكن يمكننا القول إنها "ردة"،
وهم في هذه الواقعة تحديدًا شأنهم شأن عامة الشعب من حيث عدم الرضا عن الوضع كله.
إذا كيف ترى منافسة رجل الأعمال نجيب ساويرس من خلال حزبه في الانتخابات
البرلمانية وتصريحه السابق بأنه سينافس على تشكيل الحكومة؟ ليست هناك أي غرابة في
الأمر طالما أنه ليس هناك أي تمويل خارجي، فالأحزاب تنشأ في الأصل للمنافسة على
تشكيل الحكومة وحتى الرئاسة ونجيب رجل صعيدي ومخه "ناشف" ولن يهدأ حتى
يحقق هدفه وهذا حقه، فمن جد وجد، وهو وضع خطة كلفته الكثير من المال ويبدو أنها
ستنجح بالفعل لأن حزبه مكتسح بحسب النتائج المعلنة حتى الآن، ولا يجب أن نستبعد
إعلانه عن ترشحه للرئاسة في الدورة القادمة. ومتى تحديدًا قررت مقاطعة القنوات
الفضائية والبرامج ولماذا؟ منذ ديسمبر 2014 عندما بدأت أشعر بفقدان الأمل وتحديدًا
يمكن القول إنه بعد واقعة مقتل شيماء الصباغ، حيث حزنت جدًا مما حدث معها على يد
ضابط شرطة كان واضحًا أنه قتلها مع سبق الإصرار والترصد ولكن الحكومة كان لها موقف
مشين جدًا بخصوص ذلك والإعلام كذلك تواطأ معه وقتها، وفي يناير 2015 فقدت الأمل
تمامًا في أن يسير النظام مع الثورة وكان قد مر على انتخاب الرئيس وقت طويل لم
يظهر فيه أي إشارة للعدالة الاجتماعية أو أي نية حقيقية لبناء مصنع واحد بل على
العكس كان يتم توريط مصر في ديون ولم ينزل الجيش إلى سيناء بالقوة والجدارة كما
يحدث الآن وأنا لا أعرف لماذا تأخر في ذلك حقيقة. ما التشريعات التي تتوقع أو تطلب
إصدارها من البرلمان القادم؟ كنت أعلنت عن رفضي لـ12 مادة من مواد الدستور الحالي،
لكن تظل المادة 146 هي الأخطر والتي يجب أن تعدل باستفتاء شعبي وحوار وطني كما تم
وضعها كذلك، لأنها تناقض باقي مواد الدستور حيث تنص على أنه يمكن أن يجبر رئيس
الجمهورية على اختيار رئيس وزراء من الأغلبية وهي السلطة التشريعية، ما يعني أنه
أصبحت السلطة التنفيذية نابعة من رحم السلطة التشريعية وهو قمة الخلط بين السلطات،
فكيف يمكن لأحد النواب أن يراقب الحكومة وهو الذي عينها؟ وكيف لرئيس الجمهورية أن
يمارس سلطته التنفيذية بمجموعة من الوزراء مفروضة عليه؟ وهي المادة الوحيدة التي
تحتاج لتعديل ولا يمكن أن تعدل في مجلس الشعب بل بحوار وطني ثم استفتاء شعبي. هل
تلقيت أي رد أو تعليق من الحكومة أو المسئولين بشأن دراستك الأخيرة عن قناة
السويس؟ التقيت بالفريق مهاب مميش، رئيس هيئة قناة السويس، في المؤتمر الاقتصادي
الأخير لمؤسسة أخبار اليوم وقال لي: "احنا بنحترم رأيك ونقدره". ما ردك
على القول بأن المشروع تم التفكير فيه وطرحه من قبل حكومة الرئيس المعزول محمد
مرسي وأن السيسي استولى عليه كغيره؟ هذا المشروع كان ضمن مخطط كبير لتوسعات كبرى
بقناة السويس قدمته اليابان منذ ما يقرب من 30 عاما ويشمل عدة تفريعات ، ولا علاقة
لمرسي ونظامه بها من قريب أو بعيد ، فهو لا يعرف المشاريع، و لا يستطيع أحد يقول
إنه أو حكومته فكروا أو طرحوا مشروعات واستولى غيرهم عليها، فالإخوان لا تجيد سوى
التجارة وتسع أعشار رزقهم فيها فقط ، هذه هي أدبيات الإخوان : التجارة وليست
الصناعة أو المشروعات التنموية . ولكنك أشدت في أحد تصريحاتك بنزاهة النظام وقتها
في اختيار الشركات والاستشاريين المكلفين بتنفيذ المشروع في حين لم يحدث ذلك الآن
في عهد الرئيس السيسي.. لم يحدث، وكل ما قلته إنه تم تأهيلي في عهد مرسي لهذا
المشروع وأن ذلك لم يكن ليحدث في عهد السيسي، وأنا أكرر ذلك وأضع تحته عشرات
الخطوط. وما أسباب هذه الأزمة القائمة مع النظام الحالي؟ يُسأل المسئولون عن ذلك،
فأنا تفاجأت بمعلومات من شركات أجنبية تعمل داخل مصر طلبت اعتمادي كاستشاري لهم
وجاءهم الرد بأنه يجب استبعادي لأنني على الـ"بلاك ليست" ومغضوب عليّ
وغير مرغوب بي سياسيًا وهذا حدث ثلاث مرات، لا أحتاج منهم أي مشاريع أو أعمال ولكن
لا يصح أن تطلب شركة أجنبية الاستعانة بخبرتي في مجال الأنفاق أو التكريك ويكون
الرد كذلك. قلت إن هناك ضغوطُا تمارس عليك من قبل النظام والمؤسسة العسكرية.. ما
هذه الضغوط؟ هذا صحيح، وأنا حتى الآن مثلاً لا أصدق كيف يمكن الاستيلاء على الطريق
الصحراوي بعد إنجاز 90% منه على أعلى مستوى وأفضل حال، هم أحرار بالطبع في ذلك فهو
مشروع ملك للدولة ولكن لماذا يتم استبعادنا بالذات كمكتب هندسي دون المكاتب
الاستشارية والمقاولين الآخرين التي استمرت في عملها؟ كذلك كنا نعمل مع مركز
استشارات في قطاع النقل البحري في ميناء بدمياط وفوجئنا بهم يبلغوننا أنهم تلقوا
تعليمات باستبعادنا والعثور على مكتب استشاري آخر، فمن أين أتت التعليمات؟
بالتأكيد من الهيئة الهندسية مثلا أو غيرها داخل المؤسسة أو النظام. هل قررت شيئًا
حيال هذا الأمر؟ أبدًا، لن أفعل أي شيء وسأكتفي بالدعاء عليهم كما دعوت على نظام
مبارك وأنا دعائي مستجاب ولا يخيب أو يُرَد حتى بدأت أقتنع بأنني "مكشوف عني
الحجاب" . هل تعد دراسة حاليًا بشأن مشروع العاصمة الجديدة ؟ وما مآخذك عليه
؟ لا يستحق دراسة لأن الفكرة في حد ذاتها فاشلة وليس لها أي أساس من العلم، فهي
ضمن الأفكار الصبيانية العشوائية المدمرة للاقتصاد والحضارة والتاريخ، ولا أبالغ
حين أقول إنه مشروع لخراب مصر وأقل ما يوصف به صاحب فكرته والذي أشار على الرئيس
به أنه شخص بعيد كل البعد عن المعرفة بالتاريخ والجغرافيا والتخطيط العمراني، فبغض
النظر عن أن تكلفته باهظة جدًا ولا يمكن تحملها حاليًا.. كما أن تكلفة السكن فيها
ستكون عالية للغاية ولن تكون في صالح المواطن المصري لأنه لن يتحملها لأن تكلفة
المتر المربع الواحد فيها لن يقل عن 17 ألف جنيه، كما أن هناك مشاريع مجاورة
لموقعها وقائمة بالفعل لكنهم لم يتمكنوا من استكمالها حتى الآن مثل
"مدينتي" التي يبيع السكان فيها وحداتهم بسبب ذلك و"مدينة
المستقبل" بدون مشترين، وكيف يعقل أن تكون عاصمة مصر بعيدة عن النيل والبحر
المتوسط؟! وكيف يمكن التخلي عن عراقة وتاريخ القاهرة ولماذا؟. برأيك.. هل يتحمل
المعاونون للرئيس السيسي قدرًا من المسئولية عن هذه الإخفاقات أو التعثرات
واستمرار وتفاقم الأزمات؟ هذا كلام مستفز جدًا ولا يمكن قبوله، فالرئيس هو مَن
يختار معاونيه وكل مَن يتعامل معهم ولذلك فهو مسئول مسئولية كاملة عن كل ذلك ولا
يجب الإلقاء بالمسئولية على من حوله كما كان يشاع في العهود السابقة وأبرزها عهد
مبارك، وأنا لو كنت رئيسًا للجمهورية الآن لطلبت ممن حولي تركي بمفردي في غرفة
لمدة أسبوع أبحث خلالها أسباب الأزمات واستدعي فقط المتخصصين الذين يتمتعون
بالغيرة الوطنية لمشاورتهم بشأن حلها وإحداث تغيير جذري في أسلوب إدارة هذه
الدولة، فعلى الرئيس السيسي أن يتخلى قليلاً عن المشاريع الضخمة والسفر إلى الخارج
للاهتمام بأزمات مصر الداخلية، وبالمناسبة فإن عبدالناصر طوال مدة توليه الحكم
والتي لم تتجاوز الثمانية عشر عامًا لم يسافر إلى الخارج سوى 15 مرة فقط، بينما
الرئيس السيسي يسافر مرتين شهريًا بعد تسليم المشروعات جميعها للجيش وترك الأزمات
كلها لحكومة ضعيفة وغير قادرة على تحمل المسئولية. طلبت العفو للرئيس المعزول محمد
مرسي من عقوبة الإعدام.. ماذا عن شباب الإخوان وغيرهم من شباب ثورة يناير
المعتقلين حاليًا؟ أنا ضد عقوبة الإعدام بشكل عام، ولذلك طلبت عدم إعدام مرسي
والمحكومين من جماعته بالعقوبة نفسها وأرى أنه يمكن العفو عمن لم يرتكب فيهم جرائم
خطيرة، بالإضافة إلى عمل عهد جديد يلتزمون به كمواطنين صالحين، أما بالنسبة
للمعتقلين من الشباب فأنا كذلك ضد اعتقال أي شخص باسم قانون التظاهر الجائر أو
لمجرد انتمائه السياسي ودون أن يرتكب جريمة يستحق عليها العقاب .. أرى ذلك جريمة
ضد الإنسانية، وأرفض اعتقال شباب الإخوان لمجرد انتمائهم للجماعة وهم لم يرتكبوا
جرائم أو جنح . هل تقصد مصالحة؟ لا، أقصد تسوية من طرف واحد يقوم بها النظام وهو
الطرف القوي، يعلن خلالها العفو عن أكبر عدد ممكن من الإخوان المعتقلين الذين لم
يرتكبوا أي جرائم، ويتم إصدار بيان من الرئاسة يعلن أنه سيغلق ملف الإخوان وأنه
على أعضائها الانخراط في المجتمع كمواطنين صالحين، كما يعلن حل جمعية الإخوان
المسلمين تمامًا والسماح بالانتشار في الأحزاب القائمة وقطع علاقتهم تماما بهذا
التنظيم المتطرف مع تجريم التعامل مع التنظيم الدولي لها ومحاسبة كل مَن يتم
التثبت بتأسيس حزب من تعامله معه بالعقوبة المقررة. وهل يمكن بهذه الطريقة القضاء
على جماعة الإخوان المسلمين تمامًا ولا يتبقى منها حتى الأفكار؟ نعم، فالجماعة
انتهت تمامًا في مصر ولن تقوم لها قائمة، ولا يجرؤ أحد من أنصارها أو أعضائها أن
يجهر بأفكارها التي اعتنقها في الشارع المصري لأن المواطنين لن يتركوه يفلت بها
وهذه حقيقة نراها وليست مبالغة، فالشعب يحملهم مسئولية ما وصلنا إليه ولم يدفعه
سوء الأوضاع إلى التعاطف معهم كما يتخيلون، بل إن "نار السيسي" بالنسبة
إليه أفضل من جنتهم بحسب تعبير البعض. هل تخضع مصر لحكم عسكري أم مدني؟ رسميًا هو
حكم مدني، وفعليًا 80% منه مدني و20% عسكري لظروف الإرهاب وتدخل المؤسسات العسكرية
في الحياة المدنية فيما يخص ما تقوم به الهيئة الهندسية والخدمة الوطنية في القطاع
المدني وهو ما يخشى منه أن يخلق قطاعًا عامًا عسكريًا لن يكون في صالح الدولة
المدنية أو التنمية المستدامة أو التنافسية المطلوبة لجذب الاستثمارات الخارجية
وبالذات في مجال الصناعات التصديرية . استدعى تصريح حمدين صباحي عن تأسيس تحالف
معارض جديد، تجربة جبهة "الإنقاذ" إلى الأذهان.. فهل يمكن أن تتكرر
التجربة ونرى جبهة إنقاذ جديدة؟ لا أعتقد، فالتصريح حتى لم يحدث صدى واسعًا وسط
السياسيين المعارضين من دون الإخوان ومؤيديهم، وجبهة الإنقاذ انتهى دورها ونحن
الآن لدينا رئيس منتخب وله شعبية ولا يجب أن ننسى هذه أبدًا، صحيح أنه له أخطاء
كثيرة وعيوب ولكنها أخطاء يمكن تعديلها والتعامل معها وهناك مجلس شعب قادم ربما
نستطيع رغم أنه يشبه "الطبخة المسمومة" أن ندفع به لإحداث تغيير إيجابي،
ففي وجود رئيس جمهورية ومجلس شعب منتخبين ودون وجود "إخوان" أو ممثلين
لثورة 25 يناير في البرلمان لن يكون هناك معارضة داخل البرلمان ، وإن حدثت من
السياسيين الآخرين فلن يكون لها صدى شعبي ولكن المعارضة الحقيقية والفعالية ستأتي
من الطبقات الكادحة مثل العمال والفلاحين وصغار الكسبة والكادحين وصغار الموظفين،
لأن معارضة النخب وشاشات التليفزيون ليس لها أي ظهير شعبي الآن. سيرد البعض هنا
بأن الرئيس المعزول محمد مرسي كان كذلك منتخبًا وله مؤيدوه، وكان يمكن معالجة
عيوبه وأخطائه مثلما تقول.. فلماذا في رأيك أفلحت المعارضة وقتها ولن تفلح الآن؟
مرسي كان منتخبًا طبعًا ولكنه حول نفسه إلى ديكتاتور بالإعلان الدستوري الذي حصن
فيه قراراته وبالتالي سقط العقد بيننا وبينه حتى فقد شرعيته بخروج الناس ضده
وإعلانها رفضها له رئيسًا للجمهورية، فهو أفسد كل العلاقة الديمقراطية بينه وبين
الناخبين ومن ثم لم تعد له شرعية، والدولة وقتها لم تكن معه وهي ممثلة في المؤسسة
العسكرية والشرطة والقضاء، فهي كانت تنبذه لأنها ترى ولاءه لغير مصر وبالتالي كانت
تدعم المعارضة مما سهل عليها تحقيق هدفها، وكذلك كان الشعب بدأ يشعر
بـ"أخونة" الدولة ويضيق بهم ذرعًا، أما الآن ونحن نرى كل هذه الأخطاء
والعيوب في الرئيس الحالي ونتحدث ونعارض إلا أننا لن نصل إلى مستوى المعارضة
الشاملة كما كان الوضع في عهد مرسي، والخطورة على النظام الحالي لن تأتي من النخب
وشاشات التليفزيون وإنما من الطبقات الكادحة. ما أخطر سلبيات ثورة 30 يونيو في
رأيك؟ وهل تعتبر تدخل الجيش وقتها بداية للاستيلاء على السلطة؟ أولاً هي بالطبع
ثورة وليست انقلابًا، تمرد فيها الشعب بـ"شياكة" و"أدب"على
رئيس نقض عهده وطالبه بانتخابات رئاسية مبكرة ولكنه رفض، ولذلك كان تدخل الجيش
ضروريًا لعدم نشوب حرب أهلية بين الحشود المشاركة وأنصار مرسي وجماعته وهو كان
موقفًا عظيمًا، ولكنني كنت أتمنى ألا يرشح السيسي نفسه حتى لا يتحقق ما قاله
اللواء أحمد وصفي في مقطع الفيديو الشهير الذي يقول فيه إنه إذا تقدم أحد قيادات
الجيش للترشح في الرئاسة فيمكن وقتها القول بأنه انقلاب. على صعيد الحريات
والتعبير عن الرأي.. كيف ترى سياسة النظام في التعامل مع منتقديه وأصحاب الملاحظات
على أدائه ووجهات النظر المخالفة له وخصوصًا مع مَن يطلق عليهم "الطابور
الخامس" الذين لا ينتمون لجماعة الإخوان وعارضوها سابقًا وكذلك لا يؤيدونه؟
الطابور الخامس في رأيي هم المستفيدون من المعونة الأمريكية وتغلغل البنك الدولي
وصندوق النقد الدولي في سياسات مصر، ومن يقولون بأن 99% من أوراق اللعبة بيد
أمريكا أو أنه يجب أن يكون لها رأي فيما يجري داخل مصر، أما بالنسبة لاعتقال
الشباب فأنا أرى أنه لا يتم حبسهم بسبب رأيهم وإنما بسبب الخوف منهم ومن قدرتهم
على الحشد ضد النظام والتجمع وعمل ثورة. هل تتوقع ثورة ثالثة؟ نعم، ولكن لن يقوم
بها النخب ولا أبطال شاشات التليفزيون وإنما الكادحون والعمال والفلاحون وصغار
الكسبة في حالة عدم تحقيق العدالة الاجتماعية أو وصول ثمرات النضال الشعبي لهم،
وأنا أرى أننا لا نسير في اتجاه تحقيق ذلك ولذلك أقول إن الثورة قادمة لا محالة ما
لم تتحقق العدالة الاجتماعية. وما تصورك لنتائج هذه الثورة وموقف المؤسسة العسكرية
وجماعة الإخوان وقتها؟ ليس من الضروري أن تكون ثورة بنفس الشكل الذي قامت عليه
الثورتان السابقتان، ولكن في جميع الأحوال الجيش سيقف بجانب الشعب دائما وأنا أثق
في ذلك، وهذا الدور يمكن أن يكون وقتها بطريقة أفضل لخصتها في قائمة وضعتها بأسس
الحكم المنحاز للأغلبية الكادحة والتي أعتبرها "مانيفيستو" التحرك
القادم، أما الإخوان فأنا أرى أنهم لن يكونوا في المشهد لأن الجماعة انتهت وعليهم
الاندماج مع المجتمع والانضمام لأحزاب مدنية أخرى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق